اذا ضاقت بك الدنيا
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت :
* أم أحمد *
-
أذا ضاقت بك الدنيا
وإذا داهمك الهم وضاقت عليك الدنيا فلا تنسَ موعد هذه الزيارة..
إن سألت عن يوم المزيد وزيارة العزيز الحميد و رؤية وجهه المنزه عن التمثيل
و التشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة و القمر ليلة البدر ،
كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه و ذلك موجود في الصحاح و السنن
و المسانيد من رواية جرير و صهيب و أنس و أبي هريرة وأبي موسى و أبي سعيد ،
فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن ربكم - تبارك و تعالى - يستزيركم ،
فحيَّ على زيارته ، فيقولون : سمعًا و طاعة .
و ينهضون إلى الزيارة مبادرين ، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين ،
حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعدًا وجمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدًا,
أمر الرب - تبارك وتعالى - بكرسيه فنصب هناك ،
ثم نصبت لهم منابر من نور و منابر من لؤلؤ و منابر من زبرجد و منابر من ذهب و منابر من فضة ،
وجلس أدناهم - وحاشاهم أن يكون فيهم دنيء - على كثبان المسك ،
وما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا ،
حتى إذا استقرت بهم مجالسهم ، واطمأنت بهم أماكنهم ،
نادى المنادي : ( يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه ) .
فيقولون : ( ما هو ؟ ألم يبيض وجوهنا و يثقل موازيننا و يدخلنا الجنة و يزحزحنا عن النار ؟ )
فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة ،
فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار - جل جلاله وتقدست أسماؤه -
قد أشرف عليهم من فوقهم ،
وقال : ( يا أهل الجنة سلام عليكم ) .
فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم :
( اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام )
. فيتجلى لهم الرب - تبارك و تعالى - يضحك إليهم ، ويقول
: ( يا أهل الجنة ) ، فيكون أول ما يسمعونه منه - تعالى - :
( أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب و لم يروني ؟ فهذا يوم المزيد ) ،
فيجتمعون على كلمة واحدة أن ( قد رضينا فارض عنا ) ، فيقول :
( يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي ، هذا يوم المزيد فاسألوني ) ،
فيجتمعون على كلمة واحدة : ( أرنا وجهك ننظر إليه ) ،
فيكشف لهم الرب - جل جلاله - الحجب ،
ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله - تعالى - قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا ،
ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه - تعالى - محاضرة ، حتى أنه ليقول :
( يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا و كذا )
يذكره ببعض غدراته في الدنيا ، فيقول :
( يا رب ألم تغفر لي ؟ ) فيقول :
( بلى ، بمغفرتي بلغت منزلتك هذه ) ،
فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة ،
و يا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة ،
و يا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة ، :
( وجوه يوم ناضرة إلى ربها ناظرة و وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة)
فحي على جنات عدن فـإنها ... منازلك الأولى و فيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعــود إلى أوطــاننـا و نسـلم
حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح
---------------------------------------[/FONT]
صفحة (228 / 229) من كتاب
المفاتيح الذهبية للسعادة الأبدية
من درر ونفائس إبن قيم الجوزية
المجموعة الأولى
الطبعة الثانية
وأخيراً
وقال بعض العلماء :
انظر : فالذي تحب أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم ،
وانظر الذي تكره أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم واخرج عنه ،
وكل عمل كرهت الموت
من أجله فاتركه ، ثم لا يضرك متى مت