معنى ( الخبيثات للخبيثين ) وهل يمكن العثور على زوجة صالحة ظاهراً وباطناً ؟!

مجتمع رجيم / القرآن الكريم وعلومه
كتبت : * أم أحمد *
-
  • الخبيثات للخبيثين 584.gif
معنى ( الخبيثات للخبيثين ) وهل يمكن العثور على زوجة صالحة ظاهراً وباطناً ؟!


كتبت هذه الرسالة بعد قراءتي لمقال وفي آخر المقال ذكر الموقف التالي:
ساق اللالكائي بسنده أن الحسن بن زيد لما ذَكَرَ رجل بحضرته عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ،

فأمر بضرب عنقه ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال :
معاذ الله ، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله عزّ وجلّ :
( الخبيثاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيِّباتُ للطّيِّبين والطَّيِّبون للطَّيِّبات أولئك مُبرَّئون ممّا يقولون لهم مَّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ ) ،
فإن كانت عائشة رضي الله تعالى عنها خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث ،
فهو كافر ، فاضربوا عنقه ، فضربوا عنقه . فما هو تفسير آية
( الخبيثاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطّيِّباتُ للطّيِّبين والطَّيِّبون للطَّيِّبات أولئك مُبرَّئون ممّا يقولون لهم مَّغفرةٌ ورزقٌ كريمٌ ) ؟!
وقد حدثت لي تجربة شخصية من عهد قريب ، حيث تزوجت من فتاة كنت أعتقد فيها الصلاح ،
وكان هدفي هو إقامة بيت مسلم أحاول فيه بكل جهدي أن أسير على نهج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ،
ومن بعده صحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين ،
وبدون الكثير من التفاصيل فقد قصَّرت في حق نفسي ،
ولم أُحسن السؤال عنها وعن أخلاقها ، ووجدتها - غفر الله لي ولها - على جانب عظيم من الخبث ،
وأكثر حديثها كذب وخداع ،
ولم أشعر أن عندها أي حب للدين أو للالتزام ،
وقد طلقتها بعد أن أنجبتُ منها مرة واحدة بعدما يئستُ تماماً من الإصلاح ،
وأنا في قلبي حب شديد للدِّين ، ولمن أراه من الصالحين ،
وفي المقابل عندي بغض شديد لمن أراه غير ملتزم ،
وبالذات إن كان يصر على المعصية أو يجاهر بها ،
المهم كانت تجربة زواجي وطلاقي أقسى وأمرّ ما مررت به في حياتي ،
وأنا الآن خائف من تكرار التجربة ، وهل سأجد من تعينني على الصلاح ،
وكيف أطمئن طالما تعوَّد الناس على إظهار غير حقيقتهم وبالذات عند هذه الأمور ؟
لأني قبل أن أتزوج تلك الفتاة كنت قد استخرت الله كثيراً ، و
كنت أحيانا أبكي أثناء الصلاة ليرشدني الله ، وبالذات لما كنت أرى علامات منها ،
أو من أسرتها لا تدل على الالتزام الحقيقي ، أنا لا أبرئ نفسي من الخطأ والتقصير ،
ولا أزكى نفسي ، ولكني - والله - أحب دينه ، وأغار عليه بشدة ،
وأبغض الكذب بغضاً شديداً ، باختصار :
فإني لست أظن مهما سألت أو جمعت المعلومات أو حاولت دراسة شخصية الفتاة قبل الارتباط بها -
مع الضوابط الشرعية بالطبع - أني سأحسن الاختيار ، إلا برحمة وفضل من الله ،
كما أن الزواج أصبح شديد الصعوبة هذه الأيام ، وأصعب وأشد ما فيه هو كيف
أجد هذه الزوجة الصالحة ، فوالله إني لأظنه الآن من أصعب الأمور ،
وأكاد أظنه من المستحيلات إلا بقدر الله وتوفيقه عز وجل ،
وعندما أسمع أو أقرأ هذه الآية فإني بدون إرادتي أشعر بالحزن الشديد ، فهل تعني هذه الآية
أنني ما تزوجت هذه الفتاة إلا لأني أستحقها ؟
أعلم أنه بلاء من الله ، ولكني أبغي سماع رأي واضح في تفسير الآية ، وإن أمكن الرد على باقي ما ذكرته من الاستفسارات .

الحمد لله
أولاً:
اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى
( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) النور/ 26 ،
فقال بعضهم : هو الخبث والطِّيب في الأقوال ، فيكون معنى الآية :
الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول ،
وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول .
وقال آخرون : هو الخبث والطيب من الأفعال ، فيكون معنى الآية : الأفعال الخبيثات للخبيثين من الرجال ،
وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من الأفعال ، وكذا الأفعال الطيبات للطيبين من الناس ،
والطيبون من الناس للطيبات من الأفعال .
والقول الثالث في الآية : أن الخبث والطيب هو من الأشخاص في النكاح ،
فيكون معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ،
وكذا الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ،
والطيبون من الرجال للطيبات من النساء .
ولا مانع من حمل الآية على المعاني جميعها ،
وإن كان أظهر الأقوال هو القول الأول ، وعليه الجمهور من المفسرين ،
ويليه : القول الثاني .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ )
أي : كل خبيث من الرجال والنساء ، والكلمات ،
والأفعال مناسب للخبيث ، وموافق له ،
ومقترن به ، ومُشاكِل له ، وكل طيِّب من الرجال والنساء ،
والكلمات والأفعال مناسب للطيب ، وموافِق له ، ومقترن به ،
ومشاكِل له ، فهذه كلمة عامة وحصر ، لا يخرج منه شيء ،
من أعظم مفرداته : أن الأنبياء - خصوصا أولي العزم منهم ،
خصوصا سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي هو أفضل الطيبين من الخلق على الإطلاق - لا يناسبهم إلا كل طيب من النساء ،

فالقدح في عائشة رضي الله عنها بهذا الأمر قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهو المقصود بهذا الإفك من قصد المنافقين ، فمجرد كونها زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم يُعلم
أنها لا تكون إلا طيبة طاهرة من هذا الأمر القبيح .
فكيف وهي هي ؟ صدِّيقة النساء ، وأفضلهن ، وأعلمهن ،
وأطيبهن ، حبيبة رسول رب العالمين ، التي لم ينزل الوحي عليه وهو في لحاف زوجة من زوجاته غيرها ،
ثم صرح بذلك بحيث لا يُبقي لمُبطل مقالاً ، ولا لشك وشبهة مجالاً فقال :

( أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ )
والإشارة إلى عائشة رضي الله عنها أصلا ، وللمؤمنات المحصنات الغافلات تبعا .
( لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ) تستغرق الذنوب .
( وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) في الجنة صادر من الرب الكريم .


ثانياً:

ما نقلتَه بشأن قتل من قذف عائشة رضي الله عنها صحيح ، وهذا هو الذي ينبغي على الحكام المسلمين أن يفعلوه ، وهو قتل كل من قذف عائشة رضي الله عنها ؛ لأن الطعن في عرض عائشة تكذيب للقرآن ، وطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل واحدٍ من هذين يوجب الكفر المخرج من الملة ، ويستحق فاعله القتل على الردة .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 185 ) :
اتّفق الفقهاء على أنّ من قذف عائشة رضي الله عنها :
فقد كذّب صريح القرآن الّذي نزل بحقّها ، وهو بذلك كافر ،
قال تعالى - في حديث الإفك بعد أن برّأها اللّه منه - :
( يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ، فمن عاد لذلك : فليس بمؤمنٍ .
وهل تعتبر مثلها سائر زوجات النّبيّ صلى الله عليه وسلم ورضي اللّه عنهنّ ؟ .

قال الحنفيّة والحنابلة في الصّحيح واختاره ابن تيميّة :
إنّهنّ مثلها في ذلك ، واستدلّ لذلك بقوله تعالى :
( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) .
والطّعن بهنّ يلزم منه الطّعن بالرّسول والعار عليه ، وذلك ممنوع .
والقول الآخر وهو مذهب الشّافعيّة والرّواية الأخرى للحنابلة : أنّهنّ - سوى عائشة - كسائر الصّحابة ، وسابّهنّ يجلد ، لأنّه قاذف .
انتهى

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قذْف عائشة بما برأها الله منه : كفر ؛ لأنه تكذيب للقرآن ،
وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم ، أصحهما :
أنه كفر ؛ لأنه قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن ( الخبيثات للخبيثين ) .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 5 / ص 86 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 954 ) .
ثالثاً:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ ) .
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .

ليس من المستحيل أن يجد الرجل امرأة صالحة تعينه على طاعة الله ، وتقوم بخدمته ،
وتربي أولاده ، وتحفظ ماله وبيته ، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح ذات الدِّين ،
ولولا أنه بمقدور الرجل واستطاعته أن يجد تلك المرأة المتدينة لما أوصاه نبيه صلى الله عليه وسلم بتزوجها ،
وهو الذي أخبر في الحديث نفسه أن من الرجال من ينكح المرأة لجمالها ،
ومنهم من ينكحها لحسبها ، ومالها ، فالرجال يختارون من النساء كلٌّ حسب رغبته ،
وعادته ، وعرفه ، والوصية لجميع المسلمين بأن يكون البحث عن ذات الدين ،
والاقتران بها ؛ لأن في التزوج منها خيراً يراه الرجل في نفسه ، وفي بيته ، وعلى أولاده .
ولا ينبغي لك أخي السائل قطع الأمل من وجود امرأة صاحبة دين وخلق ،
فما تزال أمة الإسلام بخير ، وما تزال بيوت المسلمين تربي أجيالاً من النساء يحملن أخلاق الإسلام ، ويتربين عليه .
ولا يعني فشل تجربة في الزواج أن الحكم سينساق ليشمل كل زواج بعده ،
فلا يخرج ما حصل معك أولاً عن كونه عقوبة لك بسبب تقصيرك في السؤال والاستفصال عن المرأة التي تزوجتها .
والناس يعرف بعضهم بعضاً ، ويختلط بعضهم ببعض ، فلا يخفى حال الأسرة وأفرادها عن أقربائهم ،
وجيرانهم ، كما أن أفراد الأسرة يختلطون في المسجد ، والمدرسة ،
والزيارات ، فتُعرف المرأة الصالحة من عكسها ، ويُعرف الرجل المتدين من عكسه ؛
وذلك بمحافظتهما على الصلاة ، والالتزام بالشرائع الظاهرة ، والأخلاق في التعامل مع الآخرين ،
وما يخفيه أحدهم في باطنه : فهذا مما لا يمكن لأحد معرفته ، ولا يلام من اغتر بصلاح الظاهر وخفي عليه فساد الباطن ؛
إذ لم يكلفنا ربنا بشق بواطن الناس والاطلاع عليها .
ثم إن ما يجري على النساء اللاتي تبحث بينهن عن شريكةٍ لحياتك يجري عليك أيضاً !
فما الذي يُدري الناس بحقيقة أمرك ، وعلم باطنك ؟!
وقد أوصي الأولياء بأن يزوجوا أهل الدين والخلُق من الرجال ،
وذلك بحسب ما يظهر منهم ، مع السؤال والاستفصال من المقربين لهذا الخاطب ،
وما قد يقع من الإيهام والخديعة من قبَل المرأة فإنه قد يقع مثله – بل وأضعافه – من الرجال ،
فلا ينبغي لك أخي السائل أن تقلق وأن تغتم بسبب زواجك الأول ،
وكل ما عليك الآن هو البحث بأناة ، وسؤال أهل الخير عن الأسر الفاضلة الكريمة التي ربَّت بناتها على طاعة الله تعالى ،
وعلى الأخلاق الفاضلة ، ومن ثمَّ تخصص سؤالك عمن ترغب نكاحها من تلك الأسرة بسؤال
صديقاتها وزميلاتها عن التزامها واستقامتها وعن أخلاقها وتعاملها ،
وبذلك تكون حققت وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، والمرجو أن لا يخيب ظنك بها ،
وأن لا تخيِّب أنت ظنهم بك .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لحسن الاختيار ، وأن يرزقك زوجة صالحة ،
تعفُّك ، وتعفها ، وتُحسن إليها وتُحسن إليك ، وأن يرزقكم ذرية طيبة .
ولمعرفة مواصفات الزوجة انظر جوابي السؤالين : ( 26744 ) و ( 10376 ) .
والله الموفق

الإسلام سؤال وجواب
كتبت : Hayat Rjeem
-
جزاكِ الله خير جعله فى ميزان حسناتك ونفع بكِ
كتبت : * أم أحمد *
-
كتبت : اخلاص لله
-
حقيقة لم أكن اعرف المعاني الاخرى للآية الكريمة ،اللهم علمها كما علمتني ،واجعله في ميزان حسناتها يوم القيامة،آمين
كتبت : صفاء العمر
-
جزاك الله خير
وسلمت يمينك
ولا حرمك الله الاجر
كتبت : ام ناصر**
-
الصفحات 1 2 

التالي

بطاقات وهمسات قرآنيه

السابق

أنواع القلوب فى القرآن

كلمات ذات علاقة
للخبيثين , معنى , الحبيبات , العثور , يمكن , شامية , صنية , على , ظاهراً , وباطناً , وهم