رضية الدين السلطانة الدمويه التي لا يعرفها أحد ؟!

مجتمع رجيم / تاريخ الامم والاحداث التاريخية
كتبت : زهره الاسلام
-
السلطانة الدمويه رضيَّةُ الدين بنـــتُ السلطان شمس الدين لَلْمِـــش (634-637)هـ

هي السلطانة رضيَّةُ الدين بنـــتُ السلطان شمس الدين لَلْمِـــش ، سلطانة الهند في منتصف القرن السابع الهجري ،


والدها

كان شمس الدين أحد مماليك السلطان قطب الدين أيبك وقائدا لجيوشه ونائبا عنه. وقد كان شمس الدين شديد الاخلاص والحماسة لسيده، حتى أن قطب الدين أيبك أعتقه وزوجه بابنته مكافأة على اخلاصه. وبعد وفاة السلطان قطب الدين أستقل شمس الدين للمش بحكم دلهي سنة 614 هجرية ، وكان مواليا للخليفة العباسي المستنصر بالله الذي قلده حكم البلاد سنة 626هجرية. اشتهر السلطان شمس الدين للمش بالكفاءة العسكرية، وكان ملكا عادلا، منصفا للضعفاء والمظلومين.
ويُحْكى عنه في الصدد حكايات ونوادر !

منها : أنه كان قد أصدر مرسومًا :بأن يلبس كل مظلوم في مملكته ثيابًا مُلَوَّنة [وكان أهل مملكته الهندية جميعًا يرتدونالثياب البيضاء]، وكان يخرج بنفسه ليتفقد أحوال رعيته, فإذا رأى أحدًا يرتدي ثوبًاملونًا, نظر في قضيته فورًا ! وأنصفه ممن ظَلَمه, وكذلك كان يفعل إذا عقد مجلسه للحكم.

ومنها : أن ابن بطوطة قد حكى في « رحلته » أن السلطان لَلْمِـــش بلغ من عدله أنه قال ذات مرة : إن بعض الناس تجري عليهم المظالم بالليل، وأريد تعجيل إنصافهم؛ فجعل على باب قصره : أسدين مُصَوَّرين من الرخام ،موضوعيْن على بُرْجَيْن هنالك[ كأنه لم يبلغه النهي عن التصوير والتماثيل!]، وفي أعناقهما : سلسلتان من الحديد فيهما جرس كبير، فكان المظلوم يأتي ليلاً فيُحرِّك الجرس،؛ فيسمعه السلطان وينظر في أمره للحين ، ويقوم بإنصافه من فوره .

كان لدى السلطان شمس الدين أربعة من الأولاد، ثلاثة ذكور، وهم ركن الدين ، ومعز الدين ، وناصر الدين ، وابنة وحيدة هي رضية الدين.


سيرتها

نشات رضية الدين مدللة في حجر أبيها الذي كان يحبها حبا شديدا دون إخوتها لما رآه فيها من رجاحة العقل والحكمة والدهاء والصلاح. وعهد إلى الفقهاء بتعليمها حتى حفظت القرآن الكريم وألمت بالفقة الإسلامي. وعهد إلى آخرين بتدريبها على فنون الحرب والقتال وحمل السلاح والمبارزة وركوب الخيل، حتى غدت لا تقل شأنا عن إخوتها في العلم والسياسة. وكان أبوها يسمح لها بالتدخل في بعض أمور السياسة لدهائها وحكمتها. ويقال أنه فكر أن يجعلها ولية للعهد عوضا عن ابنه البكر ركن الدين الذي كان منشغلا باللهو والملذات عن شؤون السلطنة ويشتهر بالقسوة والغلظة.
أما عن جمالها فحدث ولا حرج، فقد حباها المولى عز وجل بجمال منظر يسحر الالباب وببهاء طلعة تخطف الأبصار. فرغب بها الأمراء والوجهاء وخطبوا ودها وتقربوا إليها بالهدايا النفيسة. إلا أنها كانت تأبى وتمتنع عنهم جميعا ولا ترى لها كفؤا من بينهم. لقد كان كبرياؤها واعتزازها الفائق بنفسها ما يمنعها من قبول أحدهم زوجا لها.

شامخة بأنْفِ كِبْريائها إلى السحاب ! لا تدري أحدا لها كُفْؤًا ، ولا تعلم لمثيلها نِدَّاً !
وكيف لا : وهي لا ترى امرأة تجري معها في ميدان الجمال ! ولا تعرف فتاةً من بنات جنْسها قد سَجَدَتْ لها – دونها - قلوبُ مغاوير الرجال !

ومع تفَرُّدِها بتلك المحاسن والشمائل : فقد كانت أعجوبة في حصافة الرأي والذكاء ، وفريدةً في معرفة صنوف المكر والدهاء !


ثورتها على ظلم اخيها للناس

عندما توفي أبوها شمس الدين للمش ، تولى بعده ابنه الأكبر ركن الدين فيروز شاة. فظلم الرعية وتعدى على الحقوق وانفق أموال الدولة على ملذاته، ولم يتبع نهج أبيه في العدل والاصلاح. فقام أخوه معز الدين بهرام بمؤامرة لتنحيته عن الحكم. ولكن ركن الدين تنبه لها وقضى عليها في مهدها وعمد إلى أخيه معز الدين.. فقتله. هنا.. لم تسكت رضية الدين عن هذه الفعلة الشنيعة، ووقفت في وجه أخيها وأخذت في وعظه ونصحه بالكف عن غيه ولكنه لم يصغ إليها، بل إنه انتوى أن يتخلص منها ويلحقها بأخيها. ولكنها كانت أكثر دهاءا منه.
وعَمَدتْ إلى مفاجأة أخيها الظالم بتقاليد تلك العدالة

التي كان أرساها أبوهما في حياته ؟ فمكثتْ حتى حان وقت صلاة الجمعة في أحد الأيام, وقد أجمعتِ العزم على أن تُذيق أخاها القاتل مِنْ تلك الكأس التي شرب منها أخوهما المقتول! فصعدتْ إلى سطح القصر القديم المجاور للجامع الأعظم في مدينة دهلي [دلهي]، وهي تَرْتدي ثيابًا ملونة؛ لكي يعرف الناس أنهامظلومة مقهورة, واستوقفتِ الناس وخاطبتْهم من مكانها أعلى السطح وهي ترفع عقيرتها وتقول : « إن أخي قتل أخاه, وهو يريد قتلي معه !! » وجعلتْ تُذكِّر الناس بأيام أبيها, ومآثره, وما فعله من أجلرعاياه من الإحسان إليهم ، والرفق بهم، وكأنها تنادي : وا أبَتَاه ! وا أبتاه ! أخي قتل أخاه ! فأين أنت يا أبتاه ؟!فحرَّكتْ كلماتُ الأميرة المظلومة الخائفة : جماهيرَ المصلين،وأقْلَقتْ ما بين جنوبهم ، وكأنها طعنتْ برماح صراخها في أكبادهم ! فثاروا من فورهم
وهجموا على ركن الدين وقبضوا عليه وساقوه إلى أخته لتنظر في أمره. فأجابتهم بعبارة واحدة : ( القاتل يقتل ). فقتل ركن الدين قصاصا.
ثم نظروا فيمن يتولى زمام الحكم بعده، فوجدوا ناصر الدين صبيا صغيرا لا يقوى على تحمل هذه المسؤلية الكبيرة. فاتفقوا على مبايعة رضية الدين سلطانة عليهم.\


توليها الحكم والسلطة


ارتفعت رضية الدين على عرش البلاد سنة 634هجرية. واستمرت في حكمها حتى عام 637هجرية.[اربع سنوات ]واعلنت ولاءها للخليفة العباسي المستنصر بالله. وحملت إحدى عملاتها نقشا نصه: " عمدة النساء....ملكة الزمان...السلطانة رضية الدين بنت شمس الدين للمش" وقد بذلت ما في وسعها لتنهض بالبلاد، وسارت على خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة. ولكنها اصتدمت بمماليك سلطنتها الذين انفوا أن تحكمهم امرأة. فأرادت أن تثبت لهم أنها لا تقل عنهم في شيء، فتخلت عن لباس أنوثتها وسرعان ما أنساها الحكم أنها لا تزال امرأة ! فحدَّثتْها نفسها بعزائم الرجال ! ورَاودَها الشيطانُ بالانسلاخ من جِلْدِ أنوثتها والتَحَلِّي بشكيمة الأبطال !حتى تستطيع أن ترْدَعَ كلَّ من يحاول تهديد أنْظمة حكمها ؛ ظانًا أن مَلِيْكَته : أنثى ضعيفةَ الركن كأكثر النساء ! وحتى يعلم الرائح والغادي : أن السلطانة لا تقل قوة وصلابة عن سائر الملوك من حيث الحزم والبأس بين الرعية .( وكان هذا خطؤها الفادح )

، فخلعت الحجاب، وارتدت ملابس الرجال، وتسلحت في مجلسها بالقوس والسهام، ووضعت القلنسوة على رأسها. وقيل أنها عمدت إلى شعرها الطويل فقصته تشبها بالرجال.


قال العلامة الأديب علي الطنطاوي : « وحَسِبَتْ – يقصد رضية الدين – أنها بهذا التبديل: تستطيع أن تُبَدِّلَ خِلْقةَ الله فيها ! وأن تجعل من نفسها رجلًا ! » .

لكن الشعب ثار و لم يرض عن هذا ، وهب الفقهاء والعلماء ضدها. وبدأت حملات الغضب والتمرد، واجتمع الأمراء والوزراء على خلعها وتولية أخيها ناصر الدين شؤون الحكم والبلاد. وهذا فعلا ما حدث ، وسيقت رضية الدين إلى السجن.
ولكنها لم تستسلم لما آلت إليه من حال، فارسلت إلى حاكم مدينة ( أود) تستنجده لنصرتها واطمعته في ضم دلهي إلى ملكه ، ووعدته أيضا بالزواج. فلم يتردد حاكم (أود)، وهب من فوره لنجدتها، وأعد العدة وجيش الجيوش وسار بها. فعلم السلطان ناصر الدين بذلك وتأهب لملاقاته. فالتقا الجيشان في معركة شرسة انتهت بهزيمة حاكم أود ومقتله.
لما علمت رضية بما حدث، لم تضعف عزيمتها بل ازدادت إصرارا على استرداد العرش


واستعلمت السلاح المميت


هو سلاح الحُسْن و الجمال ، وسيفُ الغُنْجِ والدَّلاَل ! فجعلتْ تطْعنُ بِسهْم أنُوثتها في قلوب الأمراء ! وظلتْ تحِزُّ بسكين محاسنها رقابَ القُوَّاد والكُبَرَاء ! حتى أجَّجَتْ بينهم نيرانَ العداوة والغضب ! وكلما هدأ لهيب الجحيم أسْرَعتْ إليه بحمل الحَطَب ! حتى قضى أكثرهم على بعض ! وقصفتْ رياح الفتن أغصان أعمارهم بالطول والعرض !
وهنا : قامت السلطانة مِنْ رقدتها ، وأسفرتْ عن بطشها وقوتها ! وأقامتْ المذابح لمن تبقَّى من هؤلاء الذين تآمروا عليها ! ونصبتْ حبائلَ الموت لكل من ساقتْه أقدار جرائمه إليها !

إلا أنها تركت أخاها الصغير ناصر الدين دون أن تصُبَّ عليه سوط عذابها ، لمعرفتها بكونه كان دُمْيةً في في أيدي رجال الدولة. واستتب لها الأمن في ربوع البلاد


ولكن...حدث ما لم يكن في الحسبان ، وارتكبت السلطانة ما هيج شعبها عليها عندما بدا لهم أنها قد خانت تقاليدهم الأخلاقية وداست على أعرافهم عندما سمحت للحب ، تلك العاطفة التي كانت محرمة عليها ، أن يتدخل في شؤون الحكم.
لم تكن السلطانة متزوجة ، وكان هذا من أسباب تهمتها. فقد كان لديها عبد حبشي يدعى جمال الدين ياقوت. وكان مسؤلا عن اصطبلات الخيول وكان يلقب بأمير الخيل. كانت السلطانة كثيرة الأنس بجمال الدين وكان يلازمها في كل نزهاتها ، وقيل أنها كانت متساهلة في تعاملها معه حيث أنه كان يرفعها بنفسه على فرسها وينزلها بين ذراعيه. لقد كانت السلطانة شديدة التعلق به. وقد بلغ من شغفها به أنها منحته لقبا ورتبة. فجعلته أمير الأمراء، مما أثار حفيظة أمراء الدولة جميعا.
وبدأت الشائعات تسري في القصور وبين عامة الشعب عن العلاقة المريبة التي تربط السلطانة بخادمها ياقوت. وصارت اخبارهما حديث العامة والخاصة. وتناقل الناس أنها قد سمحت لعبدها أن يمسها. فثار عليها الشعب ونهض الأمراء وحكام الأقاليم وعزموا على خلعها . وتم لهم ذلك.
وانقلب جيش السلطانة عليها ! وصوَّبوا نِبَال حقدهم الدفين إليها ! وأطبقوا على عبدها ياقوت وهو شاهر سيفه يدرأ به عن ملكته : فضربوه ضربة رجل واحد ! حتى جعل دمُه يفور أمام رضية الدين وهي صامتة لا تتكلم ،وواجمة تبكي وهي تتألَّم !
وقتلوا جمال الدين ياقوت أمام ناظريها.
فانتزعوها من عرشها وصعد أخوها ناصر الدين إلى عرش السلطنة.

ثم أخذوها أسيرة ذليلة ! وسلَّموها إلى حاكم : « بتهندا » الذي أخذها معه إلى بلاده ، وأودعها سجن قلعته الحصينة ، وتركها تبكي ذِكْرَاها ، وتبكي على ليْلاَهَا ! وتتجرع كئوس الأحزان ، وتغرق في بحار الأشجان !

لكن السلطانة الداهية ! استطاعت أن تُميل قلب حاكم : « بتهندا » إليها ، ونجحتْ في أنْ ْتجعله رهْن إشارتها وطَوْعَ يديْها ! فأعلن الزواج منها في سائر أقطار ، وجرى ذلك مجرى الريح في سائر الأمصار .

ومكثتْ رضية الدين مع زوجها : ما شاء الله ، ثم راودتها شهوة الملك والحكم – مرة أخرى – وحلمتْ باسترداد عرشها ! وبعودة سلطانها ! فعادت إلى استخدام سلاح جمالها – مرة ثالثة – مع زوجها ! وظلت تَتَعَصَّىَ عليه وتَرْضَى ! وتُوعِدُه جميلَ الوصال ثم تَأْبَى ! وتُغْريه بحكم مملكة : «دهلي» [دلهي] ، وتقول: ليس أحدٌ من العالمين يجعلك تحكمها : غيري !
حتى رضخ زوجها لمطلبها ، وخارتْ عزيمته أمام رغبتها ، فقام من فوره

وحاولت رضية الدين هي وزوجها استعادة العرش بالقوة. وقد تمكنا من تجنيد عدد كبير من المماليك والأتباع. وساروا بجيشهم إلى دلهي. فخرج السلطان ناصر الدين لملاقاتهم, والتحم الجيشان ودارت رحى المعركة بين الفريقين. وكانت الهزيمة من نصيب السلطانة المخلوعة رضية الدين، التي حرمت من عرشها ومن حبها معا.


نهايتها المأساوية

حينما ايقنت رضية الدين بالهزيمة، لجأت إلى الفرار من أرض المعركة. فانطلقت بها فرسها في الغابات والحقول إلى أبعد مكان تستطيع الوصول إليه. وهامت على وجهها إلى أن وصلت إلى إحدى القرى النائية وقد بلغ بها الإعياء والجوع والعطش مبلغهم. فأبصرت فلاحا عاكفا على حراثة أرضه، فسألته القليل من الماء والزاد، فأسرع إليها بكسرة خبز وماء وهو يظنها فارس فقير الحال مثله. فأكلت وغلبها النعاس فنامت وهي في لباس الحرب. فنظرإليها الرجل ليكتشف أنها امرأة وليس رجلا لما انكشف قباؤها النسائي المرصع بالذهب من تحت درعها. هنا استبد الطمع بالفلاح الفقير، واراد أن يستحوذ على هذا القباء النفيس، فاستل خنجرة وطعنها وهو لا يدري من تكون، وأخذ القباء ومن ثم دفنها في الأرض التي كان يحرثها وترك فرسها تهرب بعيدا. وانطلق من فوره إلى السوق ليبيع القباء. عندما رأى التجار ما لديه ثارت شكوكهم حوله. كيف لهذا الفلاح رث الثياب بمثل هذا القباء المطرزبالذهب والذي لا يكون إلا من لباس الأميرات والملكات. فقادوه إلى الشرطة فاعترف بجريمته ودلهم على الموضع الذي دفنها فيه. فأخرجوها من حفرتها وعرفوا أنها رضية الدين السلطانة الهاربة. فغسلوها وكفنوها وصلوا عليها ثم أعادوا دفنها في ذات المكان. وكان ذلك في الخامس والعشرين من ربيع الأول عام 637هجريه.وقام أخوها ناصر الدين بعمل ضريح مهيب لها وبنا فوقه قبه. وصار هذا الضريح مزارا يتبرك به الناس وهو على شاطئ ال المعروف ب الجون.

السلطانة attachment.php?attac

كتبت : Hayat Rjeem
-
اول مره بسمع عنها
تسلمى يا قلبى على الموضوع المميز والقيم
تقبلى مرورى وتقييمى
كتبت : اخلاص لله
-
حقيقة ،لم أكن اعرفها
علمك الله كما علمتني ،ونفعنا بخير العلوم
جزاك الله كل الخير
كتبت : أمواج رجيم
-
موضوع رائع وقيم ياقلبي
احلى تقييم لعيونك
كتبت : || (أفنان) l|
-

عزيزتي
كل الشكر لك ولجهودك الطيبة ..
يعطيك العافية ع المجهود
قصتها غريبة وعجيبة
تسلم الأيادي لا هنتي وبارك الله فيك
بانتظار جديدك بكل شوق
دمتي بحفظ الرحمن ،،
كتبت : زهره الاسلام
-
ردودكم اسعدتنى حبيباتى


التالي

قصه حياة والت ديزنى Walt Disney

السابق

ماهى قصة بورما التفصيلية ؟ ولماذا يحرق المسلمين هناك ؟ أسرار تاريخية وراء بورما

كلمات ذات علاقة
لدى , التي , الدين , الدَّمَوِيَّةُ , السلطانة , يعرفها , رضية