قصة هود عليه السلام .. وقالوا من اشد منا قوة
مجتمع رجيم / قسم التاريخ الاسلامى
كتبت :
سوسن .
-
بعث الله هودا عليه الصلاة والسلام إلى قومه عادا الأولى المقيمين بالأحقاف - من رمال - لما كثر شرهم ، وتجبروا على عباد الله وقالوا : { من أشد منا قوة } [فصلت : 15] .
مع شركهم بالله وتكذيبهم لرسل الله ، فأرسله الله إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وينهاهم عن الشرك والتجبر على العباد ، ويدعوهم بكل وسيلة ، ويذكرهم ما أنعم الله عليهم به من خير الدنيا والبسطة في الرزق والقوة ، فردوا دعوته وتكبروا عن إجابته وقالوا :
{ ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين } [الشعراء : 154] .
وهم كاذبون في هذا الزعم ، فإنه ما من نبي إلا أعطاه الله من الآيات ما على مثله يؤمن البشر ، ولو لم يكن من آيات الرسل إلا أن نفس الدين الذي جاءوا به أكبر دليل أنه من عند الله لإحكامه وانتظامه للمصالح في كل زمان بحسبه وصدق أخباره ، وأمره بكل خير ونهيه عن كل شر ، وأن كل رسول يصدق من قبله ويشهد له ، ويصدقه من بعده ويشهد له .
ومن آيات هود الخاصة
أنه متفرد وحده في دعوته وتسفيه أحلامهم وتضليلهم والقدح في آلهتهم ، وهم أهل البطش والقوة والجبروت ، وقد خوفوه بآلهتهم إن لم ينته أن تمسه بجنون أو سوء فتحداهم علنا ، وقال لهم جهارا :
{ إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون }{ من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظروني }{ إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم }[هود : 54 - 56] .
فلم يصلوا إليه بسوء
فأي آية أعظم من هذا التحدي لهؤلاء الحريصين على إبطال دعوته بكل طريق ؟ فلما انتهى طغيانهم تولى عنهم وحذرهم نزول العذاب ، فجاءهم العذاب معترضا في الأفق ، وكان الوقت وقت شدة عظيمة وحاجة شديدة إلى المطر ، فلما استبشروا وقالوا : { هذا عارض ممطرنا } [الأحقاف : 24] .
قال الله : { بل هو ما استعجلتم به } [الأحقاف : 24] .
بقولكم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين : { ريح فيها عذاب أليم }{ تدمر كل شيء } [الأحقاف : 24 و 25] .
تمر عليه : { سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية } [الحاقة : 7] .
{ فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين } [الأحقاف : 25] .
فبعدما كانت الدنيا لهم ضاحكة ، والعز بليغ ، ومطالب الحياة متوفرة ، وقد خضع لهم من حولهم من الأقطار والقبائل ، إذ أرسل الله إليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات ؛ لنذيقهم عذاب الخزي في الدنيا ، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون :{ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود } [هود : 60] .
ونجى الله هودا ومن معه من المؤمنين ، إن في ذلك لآية على كمال قدرة الله وإكرامه الرسل وأتباعهم ، ونصرهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وآية على إبطال الشرك ، وأن عواقبه شر العواقب وأشنعها ، وآية على البعث والنشور .
تم بحمد الله