كيف تُصْبِح مُحَدِّثا في اربعين يوماً)او(شرح القوافي لالفية زين الدين العراقي

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : حياة الروح الجميله
-
كيف تُصْبِح مُحَدِّثا في اربعين يوماً)او(شرح القوافي لالفية زين الدين العراقي


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه الى يوم الدين....

فحرصا منا على نشر ما هومعلوم من الدين بالضرورة في وقت عزّ فيه مثل هذه العلوم فاصبحنا جسدا عديم الروح او روحا مقطوعة الاوصال....

و ما هذا و لا ذاك الا باستبدالنا الذي هو ادنى بالذي هو خير و ما كان لله فهو خير خالص يتفاوت قربه و بعده...

و اعلموا ان العلم لا يكون الا لله تعالى و هذا سرّ بقائه و ثباته و الاّ لهو اشد تفلتا من البعير عند ذبحه...و ما كان لله و حال عليه الحول و قبل ذلك بلغ النصاب ففيه الزكاة وجوبا"و نصابه(بلغوا عني و لو آية) ....

ثم علوم هذا الدين متنوعة بحيث سدّت الابواب و قالت هيت لك فاختر ايسرها او اقربها و مرّ على البقية مرور الحاج بين الصفا و المروة او مكثه عند جبل عرفة و الحج عرفة...

و عليك بجمع تقديم فهو سنة المرسلين فاجمع بين علم الحدث و علم النحو و الصرف و غيرها....

و اخترتُ لك من العلوم انفعها و ايسرها و من السبل اقصرها و افضلها فلا تمرّعليك اربعين الا و انت محدثا كالذهبي و العسقلاني و زين الدين...(و المحدث يقاس بزمانه فتنبه)...

و اعلم ان بداية الاربعين يوما مقداره سنة و غيره شهرا ثم اسبوعا و البقية كسائر ايامنا فاقدر لها قدرها....

و لا تدع يأجوج و مأجوج و افراخهما (العجب)و(الكبر)منك يقتربان فلا ماء" ابقوا و لا زرعا احيوا و متى كان العجب رداءك و الكبر قميصك فعلى الدنيا سلام فكبر على نفسك اربعا او تسعا و لا تقترب من البقيع فهي مرتع للعبيد حيث فيها رياض البساتين....

ثم احذر فتنة الدجال او رمزه(الطعن في العلماء) و اياك من سيف الحجاج و لسان ابن حزم رحمه الله و عليك بمكة و المدينة فعلى ابوابها ملائكة الجبار....

فان رأيته يتجوّل في قريتك فاخرج منها و لا تنس القيود و الاغلال لزوجك و اختك ممن هم ضعفاء الايمان فلا تقترب منه فانه يحيي الاموات و يميت الاحياء وينجب الارض و يبكي السماء و يعمي البصير و يشغل الدّهماء فعليك بناره(ان تواضع للعلماء) و لا تخف بعد ذلك فتنة....

و اعلم انّ السخاوي و ابن معين و شعبة و احمد و ابو حاتم و الترمذي و النسائي.....و الالباني اسلافك و ائمتك فلا تتقدم عليهم بقول او تستدرك بفعل الا و انت مغمور بالادب فترحم عليهم اولا و اعتذر لهم ثانيا و اذكر محاسنهم ثالثا....

فالذي فاتهم قليل بالنسبة للذي لم تدركه و لا تشغل نفسك بعيوبهم فعيبهم منقبة لهم و ذكرها سلّم للهاوية و سلبها في اسفل سافلين فعيبهم يقارن مع كمهم و انت لا كمّ لك ما زلتَ عنبا لم يخلل او عصفورا لم يريّش....

ثم حذاري من تقريب لك و هذا متساهل و آخر شديد فتقريب ابن حجر ميزان سليم مضى فيه سنين تلو سنين...

فلا تقتحم ميدان فيه مبارزة الكبار فتموت تحت الارجل و الغبار و يموت ذكرك في الاولين و يسبّك الاخرين......

فان نجوت من هذا كله فانت على المحجة البيضاء فسر على بركة الله و لا تخف فوتا فان ربك لا يظلم احدا..

و اخيرا و ليس آخرا فاحفظ هذه المقدمة و تزين بها فاجعلها قلادة في عنقك او خاتما في اصبعك و تذكر انك واحدا لست تملك قلوب الخلق و جلبهم اليك فبصلتك بالله يُعرف شخصك و ينشر فضلك....

مدخل:
علم الحديث من العلوم التي يفتقر اليها المفسر و الفقيه....فلا يسع هذا و لا ذاك الا بالعودة الى حكم اهل الاختصاص و الاّ ما بني على ضعيف او موضوع فهو صرح من ماء....

و لذا امسكتُ على الجرح و لا يصح في المسح على الجبيرة حديث...

و قمتُ بسرد ابيات لترطيب المقام وترتيب المقال فبالحفظ مشروط الفلاح و النجاح و ان الله تعالى يحب العمل الدؤم و ان قلّ....

اعتمدتُ في الشرح ما استقر من العلوم في فؤادي فلم استعن بكتاب و حيث كان ذكرتُ الكاتب و الكتاب...

فالف بيت من الشعر الموزون يتناول فيه المؤلف مختلف العلوم و الفنون ففيه الدرر المكنون و الجوهر المصون..

خطوة و خطوة و المذاكرة سدّ للفجوة و المجادلة كبوة او هفوة....
هذا و قال المؤلف رحمه الله تعالى...

يقولُ راجي ربّهِ المُقتَدرِ
عبدُ الرّحيمِ بنُ الحسينِ الأثري

بداية شرع المؤلف بذكر افتقاره الى الله تعالى و اختار ياء المضارعة لعلمه و اعلامه انه لم و لن ينفكّ عن هذا الافتقار ما دام عبد لله تعالى...

ثم اختار الرجا على الخوف عملا باحسان الظن بالله تعالى كما صح من حديث قدسي قوله تعالى(انا عند ظنّ عبدي بي.....) و فيه دلالة ان عمله هذا خالصا لوجه خالقه فلم يرتج سواه حيث الشرك...

ثم تحدث عن رجائه و اخلاصه و ما يدور في نفسه من شروعه في الفيته و ليس هذا رياء لمن جاهده فانما الاعمال بالنيات....

و الرجا و الخوف من المنازل الدقيقة فايهما طغى هلك صاحبه و لربما يحتاج المرء ان يقوي جانبا على جانب بحسب ما يقتضيه المقام وكنا ذكرنا بعضا منها في رسالتنا(وصية عمرو رضي لله عنه)
ثم عدّ صفة من صفات هذا الخالق الكريم و اختار القدرة على غيرها مما يتناسب مع صدر بيته...

فالله وحده قادر على ان يسلب نعمتا الرجا و الخوف او ان يمنحهما لمن يشاء من عبيده فجميع القلوب بين اصبعين من اصابعه يقلبها كيف يشاء...

و هنا اعمل جانب تفصيل الاثبات فقال(المقتدر) عملا بقوله تعالى(ليس كمثله شيء و هو السميع البصير)
فالاثبات يكون مفصلا كالسميع و البصير و غيرهما و النفي يكون مجملا(ليس كمثله شيء)...

(عبد الرحيم) فشرع في ذكر اسمه فهو ابو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الحافظ العراقي
و معروف لغة ان الف(ابن) تحذف بين اسمين علميين....

(الاثري) نسبة الى الاثر و هو الحديث على اختلاف في تعريفه نذكره في موضعه ان شاء الله تعالى....
يتبع ان شاء الله تعالى مع البيت الثاني....

(ان غابت عنا بعض المفاهيم فنحن على استعداد لتفصيلها و تقريبها فالمهم ان نفهم المراد فمن اسلوب الى آخر حتى يتقن هذا العلم جميع القرّاء....ثم يلزمنا حفظ الابيات خطوة بخطوة....ثم تكون اسئلتي وفقا لها...و بناء عليها نختم بتمارين....)
بعد تلك الحقبة من الزمن و انقراض بعضا من تلك الصوارف نكمل مشروعنا الكبير بعون الله تعالى تمهيدا لابراز مدافعين عن سنة سيد المرسلين حيث العمل بها الفيصل في حبّه....
و للننتقل الى صلب الموضوع و الى قول العرقي رحمه الله تعالى فقال:

وَ أهْلُ هَذا الشَأنِ قَسَّموا السُّننْ
الى صَحيحٍ وَ ضَعيفِ و حَسَنٍ

و لكل فن اهله و القول قولهم فلا عبرة بقول غيرهم فللتفسير اهله و للغة اهلها و للفقه اهله و كذلك للحديث اهله...
و عند الخلاف يرجع الى اهل الاختصاص بداهة و يمكن الجمع بين عدة فنون في آن واحد و عندها هو اهل لتلك الفنون...
فاهل هذا الشأن هم اهل الحديث كالامام احمد و ابو داود و النسائي و الترمذي و البخاري مسلم و العسقلاني و السخاوي و غيرهم....
فاهل الحديث قسّموا السنن من اقول و افعال النبي صلى الله عليه و سلم و اضف الى ذلك تقريره و صفاته الخُلقية و الخَلْقية الى اقسام....
الى صحيح و ضعيف و حسن و هذا تقسيم اكثرهم و العبرة بقولهم بيد ان الامام احمد و غيره جعلوها اثنان لا ثالث لها و لذا كان الحسن عنده يشمل الضعيف قتنبه.
و الصحة و الضعف من حيث النسبة و هو عمل ظنّي الا ما تواتر فيرتقي...و الظن انواع فاعلاه ما قام مقام اليقين كقوله تعالى(الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم...) فهو بمعنى اليقين و غير هذا بمعن الشك و الفيصل فيه تقدم ان المشددة و المخففة فالاولى بمعنى اليقين و الاخرى بمعنى الشك....
اذا اعلى الظن ما كان بمعنى اليقين و يليه ما كان بمعنى الظن الراجح و عليه تبنى الاحكام فلا يعمل فيها الا ما وافق الظن الراحج....و تقسيم علماؤنا للحديث تصحيحا و تضعيفا من هذا المضمار و الله تعالى اعلم و احكم
ثمَّ صلاةٍ و سلامٍ دائمِ

على نبيّ الخيرِ ذي المراحمِ

فذكر المؤلف شكر الخالق بداية و اعقبها بالشكر على افضل الخلق...

فكما انه لا يصح(اشهد ان لا اله الا الله) الا و هي مقرونة ايمانا و عملا ب(اشهد ان محمدا رسول الله) فكذلك شكر الباري ثم عبده صلى الله عليه و سلم.

فبذكره تدخل الاسلام و يصح الصيام و القيام و الا فمثلك مثل الدواب و الهوام...

و كيفية الصلاة و السلام معروفة و يوم الجمعة معروضة...

و مضاف (الخير) محلاة ب(ال) و التي هي هنا للاستغراق فيدخل تحتها جميع اعمال البر و الخير..

ثم ذكر صفة تتعلق بنبيّ الخير فقال(ذي المراحم) فكان صلى الله عليه و سلم رحمة مهداة و ذلك قوله تعالى (انّا ارسلناك رحمة للعالمين)

التالي
السابق