قصة رائعة تجسد معنى ... لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : عبير ورد
-
148667140051.gif




كنت بعمل عُمرة ساعة ما كلمني الراجل الهندي العجوز وفهمنا بعض وانا مبتكلمش هندي وهو مبيتكلمش عربي .. كان بقالي ٤ أيام نفسي أوصل للروضة ما بين منبر النبي وقبره .. ٤ أيام ومن الزحمة مش عارف .. كل يوم أروح بعد صلاة الفجر والظهر والعصر والعشا ومعرفش أدخل .. زحمة رهيبة من كل الجنسيات .. ناس لا هعرف أتفاهم معاهم ولا هعرف أشرحلهم أني بقالي ٤ أيام بحاول ومش عارف وأني باقيلي في المدينة يوم واحد ونفسي أدخل الروضة .. كلهم نفسهم يدخلوا وكلهم مستنيين .. ناس كتير مشتاقة فعلا لركعتين في المكان دا تحديداً وقاطعين بلاد وسفر عشان يجوا هنا .. في اليوم الخامس قدرت أوصل وكان قدامي راجل هندي عجوز واقف مستني زيي .. وأول ما فضي مكان قدامي بصلي الراجل الهندي وقالي كلام مفهمتش معناه نهائي لكنه كان باين انه بيتوسل أنه يصلي ركعتين فقولتله بالعربي هسيبلك مكاني .. والعجيب إن الراجل ابتسم وصلى ركعتين وكأنه فهمني مع إن الأكيد إنه مش بيعرف عربي لأنه في الاول لما كلمني مكانش عارف يفهمني هو عاوز ايه .. صلى وقعد ومسابليش المكان .. كان أحب حاجة لقلبي ساعتها اني أصلي ركعتين والراجل دا قاعد مكاني اللي وصلتله بعد خمس أيام .. حاولت اخليه يقوم لكنه بصلي وعنيه مليانه دموع وفضل يقول كلام مفهمتوش .. قبلها بكام يوم كنت بقرأ قرآن واستوقفتني آية “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” .. في اللحظة دي كان أحب شيء ليا ممكن أنفق منه اني اسيبله مكاني لأني حسيت إن دي فرصته الاخيرة في الزيارة .. راجل عجوز شعره أبيض واضح آنه فقير والسفر لهنا تاني جايز يكون مستحيل .. أنا شاب في بداية عمري وأقدر آجي تاني … سيبتله مكاني واستنيت قولت لنفسي “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” .. بعد شوية وانا منتظر أي مكان يفضي لقيت مكان وصليت ، شوية كمان وبدأت أماكن تفضي فبدأت أقرب من السور اللي فيه قبر النبي أو بيته سابقاً .. شوية كمان أماكن تانية فضيت .. قربت أكتر .. فضلت أقرب لحد ما وصلت للسور .. قعدت وسندت ضهري عالسور وقعدت أردد “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” وكانت لحد دلوقتي هي أعظم لحظة عدت عليا .. بعد شوية لقيت الراجل العجوز دا بيعدي وبيشق الصفوف من بعيد جدا، وجاي عليا .. معرفش لمحني إزاي .. جه لحد عندي وسلم عليا جامد .. وقالي “سأقابلك في الجنة” قالها بلغة عربية مكسرة زي ما يكون حد محفظهاله .. سلم عليا وحضني ومشي وهو عينه مبتبطلش دموع .. لو فيه حد قالي إن موقف زي دا ممكن أعدي عليه أو أشوفه في فيلم مكونتش هصدقه .. الموقف هزني ولحد انهارده مش قادر انسى الراجل دا تحديدا
“ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”
—-
في الفندق .. كان فيه ساعة واحدة فاضية ينفع أقعد فيها مع نفسي .. ساعة بعد صلاة المغرب ولحد العشاء .. ساعة واحدة بس أقدر اشرب فيها شاي أو قهوة وادخل عالنت اكلم أهلي وصحابي واتابع شغلي .. ساعة واحدة بتواصل فيها مع الناس لأن بقيت الوقت بكون مشغول أو هما مشغولين .. في الساعة دي وفي أول يوم جالي شخص من الجزائر كلمني بالفرنسي ولما لقاني مش بعرف اتكلمه كلمني عربي مكسر وكان عاوزني اشغله فايبر أو واتس اب على الموبايل .. قعدت نص ساعه احمله في البرامج واحاول اشغلها واعلمه يشتغل عليها ازاي .. نص ساعه ما بين محمول لغته فرنسي وراجل بيتكلم نص عربي ونص فرنسي وانا الوقت بيطاردني .. لو حد سألني ايه أحب حاجة لقلبي ساعتها فهقوله كل دقيقة بتفوت من النص ساعة دول .. في لحظة كنت بدأت أتعصب وهبدأ أقول للراجل دا مليش دعوة .. أو مش عارف .. افتكرت الآية “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” اتنهدت ومبقتش عارف اعمل ايه .. كان فيه اتنين جزائريين بيقعدوا جنبي في كافيه الفندق كل يوم .. خدت الراجل وروحتلهم قولتلهم انتم بتعرفوا فرنسي .. ساعدوا اخوكم دا من فضلكم .. قعدت جنبهم ١٠ دقايق كمان .. كلنا منعرفش بعض .. كل حاجة اشتغلت .. سيبتهم ومشيت .. بعدها كل يوم في الحرم هقابلهم .. الراجل دا هيبقى صاحبهم جداً وهيتلموا على بعض .. وكل ما يشوفني في الحرم هياخدني بالحضن ويدعيلي ويبتسم ابتسامة عريضة مبشرة .. لأول مرة هناك وأنا لوحدي أحس إني مش لوحدي وإني بقى معايا صحاب بيتكلموا فرنساوي بس في بيننا عشرة
“ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”



بعد يوم الراجل الهندي بيوم كنت في مكة .. عملت العمرة وبالليل رايح أصلي القيام .. الحرم مفيهوش مكان تتنفس .. قفلوا كل بوابات الحرم ومبقاش في مكان غير خارج الحرم .. فضلت ادور على أي مكان أصلي فيه ولمحت مكان كويس بعيد .. الدنيا كانت حر جدا .. المكان تحت مروحه .. وأنا بجري عشان الحق اصلي .. توقفني ست معرفش لغتها ومعرفش جنسيتها .. تديني موبايل قديم وتقولي محمد سلطان وتشاورلي على الموبايل .. أحاول افهم منها أي حاجة مش عارف .. كل تركيزي وعيني على المكان اللي هيضيع في ثانية .. افتكر الآية “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” أقول لنفسي أحب حاجة لقلبك دلوقتي انك تصلي في المكان دا بس






الست ممكن تبقى تايهة وبتحاول توصل لحد .. افهم منها انها عاوزه تتصل بمحمد سلطان .. ادور في الارقام على الاسم دا .. كل الاسامي بحروف أجنبية عليها علامات عجيبة .. في وسط كل الارقام الاقي محمد سلطان بالعربي .. اطلبلها محمد سلطان .. الاذان يأذن .. المكان يروح مني وكل الاماكن تروح .. الست توطي تبوس ايدي وتدعيلي بدعوة معرفش معناها .. اجري ادور على مكان ملاقيش ، أكره نفسي وأكره اللحظة اللي وافقت اقف فيها اتصل للست بالتلفون .. فجأة الصلاة تبدأ فبعد ما تبدأ يفتحوا بوابات الحرم .. أدخل افضل بدور على مكان لحد ما الاقي مكان قدام الكعبة .. اقول لنفسي كان زماني بصلي تحت المروحة بس عالرصيف بعيد عن الكعبة يجي نص كيلو متر ..
“ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”

وأنا راجع من العمرة أخر يوم خلاص تكون كل فلوسي خلصت .. مش باقي معايا غير تمن العربية اللي هتوصلني المطار والفيزا .. انزل اشتري سحور بالفيزا فملاقيش حد بيبيع بالفيزا .. كنت شايل تمن قارورة مية زمزم هجيبها من المطار .. أقرر اني مش هتسحر عشان مصرفش فلوس قارورة مية زمزم عشان أمي موصياني أجيبها .. وأنا راجع الفندق توقفني ست غلبانة من اليمن غالباً تقولي انها عاوزه تتسحر .. أقول لنفسي إن أحب حاجة لقلبي هو اني اجيب لأمي مية زمزم بس الست دي عاوزة تتسحر .. ادخل اجيبلها سحور من مطعم فالاقي عرض كل سحور عليه سحور هدية ! اشتري سحورين بتمن مية زمزم .. نتسحر احنا الاتنين .. تاني يوم يوصلني للمطار عربية الفندق .. سواق سوداني .. نتصاحب .. جاي السعودية يشتغل وعريس جديد ومنتظر يخلف قريب .. أقوله هدعيلك عالطيارة .. فيقولي خلي والدتك تدعيلي .. أقوله حاضر .. أنزل المطار اسلم عليه .. وبعد ما ادخل بوابة المغادرين الاقيه بيجري ورايا وبيديني قارورة مية زمزم وبيقولي دي هدية للحاجة بس اوعي تنسى تخليها تدعيلي بالرزق .. أقف متنح مبقاش مصدق إن كل دا بيحصل لحد آخر لحظة .. كل حاجة حصلت معايا يمكن ساعة ما حصلت مكونتش مدرك حكمتها ويمكن مكونتش شايفها زي اللحظة دي .. أنا لوحدي هناك ربنا يبعتلي راجل هندي وراجل جزائري وست معرفش جنسيتها وست يمنية وشاب سوداني عشان يعلموني إن تدابير ربنا لا يعجزها شيء ، يبعتلي ناس لا شبهي ولا نعرف لغة بعض أو لهجة بعض عشان يفهموني حاجات مكنتش هفهمها لو قعدت قدام أحسن مُعلم دين بيتكلم لهجتي ولغتي ومن بيئتي .. الرحلة كلها على بعضها كانت تطبيق عملي لكرم ربنا وتوفيقه .. ويمكن كل موقف من دول لو قعدت أتخيله عشان أكتبه مكونتش هعرف أوصل للتفاصيل دي وكانت بالنسبالي هتكون مفتعلة وسخيفة .. أرجع مصر معايا قارورة المية ومعايا حاجة أهم بكتير آية مكونتش هفهم معناها لولا التطبيق العملي اللي حصل معايا “ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”


الواحد بيحب حاجات كتير أوي .. مش بس الفلوس .. الانفاق فلوس ومشاعر وهدوم ووقت واهتمام واتقان في العمل وبر والدين وحسن صحبة مع الاصدقاء وحسن عشرة مع الزوجة وحسن تربية مع الابناء .. الانفاق مما نحب حسن أخلاق قبل ما يبقى تفضل .
“ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”


1486671400552.gif



التالي

..[ الفرقان أسرار تتدفق نحو عباد الرحمن ]..

السابق

الحقونى العريس جاى جاى

كلمات ذات علاقة
قصة , رائعة , تجسد , معنى , ... , لن , تنالوا , البر , حتى , تنفقوا , مما , تحبون