حياة أنس بن مالك بعد وفاة الرسول

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : كيان انجرح
-
حياة أنس بن مالك بعد وفاة الرسول




عاش أنس بن مالك بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام
أكثر من ثمانين عاماً ؛ ملأ خلالها الصدور علماً من علم الرسول
الأعظم (صلى الله عليه وسلم) , وأترع فيها العقول فقهاً من فقه النبوة ...
و أحيا فيها القلوب بما بثه بين الصحابة والتابعين من هدي النبي
(صلى الله عليه وسلم) , و ما أذاعه في الناس من شريف أقوال

الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) و جليل أفعاله .
وقد غدا أنس على طول هذا العمر المديد مرجعاً للمسلمين ,
يفزعون إليه كلما أشكل عليهم أمر , و يعولون عليه
كلما استغلق على أفهامهم حكم .
من ذلك , أن بعض الممارين في الدين جعلوا يتكلمون في ثبوت
حوض النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة ,
فسألوه في ذلك , فقال :
ما كنت أظن أن أعيش حتى أرى أمثالكم يتمارون في الحوض ,
لقد تركت عجائز خلفي ما تصلي إحداهن إلا سألت الله أن يسقيها

من حوض النبي عليه الصلاة والسلام .
***
و لقد ظل أنس بن مالك يعيش مع ذكرى رسول الله
صلوات الله وسلامه عليه ما امتدت به الحياة ...
فكان شديد البهجة بيوم لقائه . سخي الدمعة على يوم فراقه ,

كثير الترديد لكلامه ...
حريصاً على متابعته أقواله و أفعاله , يحب ما أحب

, و يكره ما كره , و كان أكثر ما يذكره من أيامه يومان :
يوم لقائه معه أول مرة, و يوم مفارقته له آخر مرة.
فإذا ذكر اليوم الأول سعد به و انتشى ,

و إذا خطر له اليوم الثاني انتحب و بكى , و أبكى من حوله من الناس .
و كثيراً ما كان يقول : لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام
يوم دخل علينا , و رأيته يوم قُبض منا , فلم أرَ يومين يشبهانهما .
ففي يوم دخوله المدينة أضاء فيها كل شيء ...
وفي اليوم الذي أوشك فيه أن يمضي إلى جوار ربه أظلم فيها كل شيء ...
و كان آخر نظرة نظرتها إليه يوم الإثنين حين كشفت الستارة عن حجرته , فرأيت وجهه كأنه ورقة مصحف , و كان الناس يومئذٍ وقوفاً
خلف أبي بكر ينظرون إليه , و قد كادوا أن يضطربوا ,
فأشار إليهم أبو بكر أن اثبتوا .
ثم توفي الرسول عليه الصلاة والسلام فما نظرنا منظراً كان

أعجب إلينا من وجهه - (صلى الله عليه وسلم) - حين واريناه ترابه .
***
ولقد دعا رسول الله صلوات الله عليه لأنس بن مالك أكثر من مرة ...
وكان من دعائه له :
( اللهم ارزقه مالاً وولداً , و بارك له ) ...
وقد استجاب الله سبحانه دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام ,
فكان أنس أكثر الأنصار مالاً , و أوفرهم ذرية ؛ حتى إنه رأى
من أولاده و حفدته ما يزيد على المائة .
وقد بارك اله له في عمره حتى عاش قرناً كاملاً ...
و فوقه ثلاث سنوات .
وكان أنس رضوان الله عليه شديد الرجاء لشفاعة النبي

(صلى الله عليه وسلم) له يوم القيامة ؛ فكثيراً ما كان يقول :
إني لأرجوا أن ألقى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم القيامة فأقول له :
يا رسول الله هذا خويدمك أُنَيْس .
***
ولما مرض أنس بن مالك مرض الموت قال لأهله :
لقنوني لا إله إلا الله, محمد رسول الله .
ثم ظل يقولها حتى مات .
وقد أوصى بعصية صغيرة كانت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)

بأن تدفن معه , فوضعت بين جنبه و قميصه .
***
هنيئاً لأنس بن مالك الأنصاري على ما أسبغه الله عليه من خير .
فقد عاش في كنف الرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم)

عشر سنوات كاملات ...
و كان ثالث اثنين في رواية حديثه هما أبو هريرة , و عبد الله بن عمر ...
وجزاه الله هو و أمه الغميصاء عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء </ul>