نظرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : كيان انجرح
-


[FT=arial] نظرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنّ هذه الدنيا حلوة خضرة وإنّ الله عزّ وجل مستخلفكم فيها ناظر ماذا تعملون"، وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في مسند الإمام أحمد وفي مستدرك الحاكم وحلية الأولياء لأبي نُعيم حديث صحيح قال: "ليكن بُلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب"، وقال الشاعر :
أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخير الصلاة إلى الممات
دليل على أن محياه يسير كما بين الأذان إلى الصلاة
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ورد في صحيح مسلم: "أعمار أمتي بين الستين والسبعين وقلّ من يجاوز ذلك"، ولما دخل عمر رضي الله عنه ذات مرة إلى منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضجع على حصير؛ فلما همّ الرسول صلى الله عليه وسلم يستقبل عمر رضي الله عنه، رأى عمر أنّ الحصير قد أثر في جنبه، ونظر في بيته فلم يجد إلا الشعير ووجد إهاباً معلّقاً فبكى عمر رضي الله عنه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول... كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت أُوتيت مفاتيح الأرض تنام على حصير!" فقال صلى الله عليه وسلم: "يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا في الآخرة"، " ولقد وصّى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما فقال له:"كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل" حتى يقول فيه جابر رضي اله عنه: "ما منا من أحد إلا وقد مالت به الدنيا إلا ابن عمر"؛ فلقد بقي على عهده لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرسول صلى الله عليه وسلم جمع محاسن الأمور من كل أطرافها لا اغترار بالدنيا ولا تعلّق القلب بها ولا ادعاء الخلود فيها وفي الوقت نفسه ليس يسوغ للمسلم أن يستخفّ ببناء القوّة؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم من عظمته وجّه أصحابه رضوان الله عليهم لهذا الأمر فلقد ورد في مسند الإمام أحمد بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم إلا أن يغرسها فليغرسها" هذه الإيجابية التي يُربي عليها المسلم ونظرة التفاؤل؛ لذلك كان سيدنا عمر رضي الله عنه إذا وجد شباب صالح فهموا الدين على أنّه تماوت ضربهم بالدرّة وقال لهم: "أمتم علينا ديننا أماتكم الله"؛ فالدين فيه بناء القوّة والعزة والأخذ بالأسباب والتوكل على الله، وجاء في الأثر " اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل مسافر في يوم صائف استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"
وقال الشاعر:
وما المرء إلا راكب ظهر عمره على سفر يضنيه باليوم والشهر
يبيت ويصبح كل ليلة بعيداً عن الدنيا قريباً من القبر


نظرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى الدنيا

ورد في الأثر في صحيح البخاري أن الإمام عليّ قال: "ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما أبناء فكونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل".
ويروى عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه لما جاءته مغانم معركة القادسية ووضعت بين يديه رآه الصحابة رضوان الله عليهم يبكي فقال له الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "يا ابن الخطاب اليوم يوم فرح وسرور فلماذا تبكي"؟ فقال عمر رضي الله عنه: " أخاف إذا أتتنا الدنيا أن يكون بيننا العداوة والبغضاء"، وعندما فتحت بيت المقدس أتاها عمر رضي الله عنه راكباً على جبل أورق وجانب جبته مخرقاً وعندما وصل إلى مخاضة نزل وحمل خفيه على عاتقيه وخاض في المخاضة فراجعه الصحابي الجليل أبا عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه بعدما خاف أن يستخفّ النصارى بسيدنا عمر رضي الله عنه فقال له عمر رضي الله عنه: أواه، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة لأوجعته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام".
لما فهم الصحابة رضوان الله عليهم حقيقة الحياة الدنيا استخفوا بها من جهة لأنها ليست الموطن وليست دار القرار واستثمروها للعمل الصالح وللنجاح في الإمتحان ولبناء قوّة المسلمين ولنشر الخير ولإقامة هذا الدين وللتمكين له في الأرض لذلك كانوا يتنافسون على الجهاد في سبيل الله وفي بذل المال وحضور مجالس العلم. قال الإمام حسن البصري رحمه الله: " الدنيا كلها ظلمة إلا مجالس العلم" وهذا القول مستفاد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالماً أو متعلماً".
ختاماً نجمل نظرة الصحابة رضوان الله عليهم إلى الدنيا:
• الدنيا دار امتحان.
• رسالة المسلم فيها عبادة الله والدعوة إلى دينه.
• عمارتها بالعمل الصالح.
• عمارة البشر قبل بناء الحجر والتطاول فيه.
• القوة فيها مطلوبة لا للغرور ولكن للتمكين لهذا الدين.
• قصر العمر وإن طال.
لذلك وفاءً للصحابة رضوان الله عليهم يجب أن:
• نترحم عليهم.
• نترضى عليهم.
• نُحي مآثرهم.
• نمشي على سيرتهم.
[/FT]
</ul>

التالي
السابق