كيف تسهّل الرياضيات التعامل مع العائدين من داعش إلى دولهم؟

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى العلوم الطبيعية
كتبت : بتول الغلا
-
الرياضيات التعامل العائدين -6804قدّم الكاتب في صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتيّة فيصل اليافعي بعض المقترحات التي قد تساعد الدول على التعامل مع مقاتلي داعش بعد انهيار تنظيمهم الإرهابي. فمن بين هؤلاء من ألقي القبض عليه ومنهم من هرب عائداً إلى دولته الأم، فيما هاجر آخرون إلى مناطق نزاع أخرى.

هنالك أشخاص ملتزمون بأيديولوجيا داعش ويريدون زرع التطرف في الآخرين وشنّ اعتداءات عنيفة. وسيكون هنالك من اعتقدوا بصحة عقيدة داعش لكنّهم تعبوا ويريدون العودة إلى حياة طبيعية

وستواجه الدول الأم معضلة مع مواطنيها الذين انضموا إلى داعش عندما يعودون إليها. تشير التقديرات إلى أنّ 40 ألف مقاتل من 110 دول غادروا إلى العراق وسوريا للقتال إلى جانب داعش، ومع ذلك، لا توافقَ حتى الآن حول ما يجب فعله بهم حين يلقى القبض عليهم أو حين يعودون.

ستفضل غالبية الحكومات تفادي المشكلة نهائياً من خلال رؤية مواطنيها يُقتلون على أرض المعركة وسحب جنسيتهم، مثل بريطانيا وأستراليا وفرنسا. وعوضاً عن النظر في الإجراءات العسكرية والأمنية والسياسية لحل هذه المعضلة فقط، يرى اليافعي أنّ هنالك حلاً تقدمه النظريات الاقتصادية المبتكرة ويستحق أخذه بالاعتبار من أجل جعل المشاكل خاضعة لإدارة أفضل. ويمكن للرياضيات أن تساعد على وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى دولهم الأم.

أساس المشكلة
يكمن جوهر المشكلة في أنّ هؤلاء العائدين يقعون ضمن طيف واسع من التطرف، تجهل السلطات موقعهم فيه. سيكون هنالك أشخاص ملتزمون بأيديولوجيا داعش ويريدون زرع التطرف في الآخرين وشنّ اعتداءات عنيفة. وسيكون هنالك من اعتقدوا بصحة عقيدة داعش لكنّهم تعبوا ويريدون العودة إلى حياة طبيعية. ومنهم من ندم حقاً على انتمائه للتنظيم أو سقط في الوهم، وهو في نهاية المطاف لم ينخرط كثيراً في أعمال التنظيم الوحشية. لكن بغياب الدليل الدامغ من المستحيل معرفة ذلك، خصوصاً أنّ للمقاتلين حوافز كثيرة للادعاء بأنهم موظفون ذوو مرتبة متدنية أو طباخون أو إداريون داخل التنظيم الإرهابي.

أسلوب اقتصادي
هنالك تقنية اقتصادية تجعل المستهلك يعطي إشارات عمّا يرغب به إلى الشركات التي تستطيع بناء عليها أن تقرّر الثمن الذي تفرضه على كل مستهلك، ويمكن أن تطبق على العائدين من التنظيم. يقدم الكاتب مثلاً بسيطاً عن ذلك وهو طريقة تقديم بعض الفاكهة في المتاجر الكبيرة، حيث يتم بيع تلك المقطّعة والموضّبة بسعر أعلى من تلك التي لم تخضع للتقطيع أو التغليف على الرغم من أنّ الفاكهة في كلتا الحالتين هي نفسها. ويرسل الزبائن الذين يشترون الفاكهة المقطعة إشارات إلى أنّهم مستعدّون للدفع أكثر مقابل تسهيل استهلاكهم لها.

كيف يتم تطبيقها؟
على صعيد المقاتلين العائدين إلى دولهم، يمكن للحكومة إعلان أن كل من اعترف أو أُثبِت ذهابه إلى سوريا والعراق للانضمام إلى داعش سيعاقب بالسجن لثلاث سنوات ويُرسل لمتابعة حصص من أجل نزع التطرف من فكره. وهذا سيغربل بعض المقاتلين فوراً. فالنادم حقاً سيرى سنوات السجن الثلاث (أو أياً تكن المدة) ثمناً قليلاً مقابل العودة إلى عائلته والبدء بحياته من جديد. أمّا من تلقى العرض بتردد فيمكن تغيير تفكيره من خلال مسار نزع التطرف.

من جهة ثانية، سيجد أولئك الملتزمون بعقيدة داعش والمصممون على تنفيذ اعتداءات في دولهم فترة السجن طويلة جداً ولذلك، قد يرغبون بالهجرة إلى مكان آخر. لهذه التقنية إيجابيات أخرى من بينها أنّ الأشخاص الذين يُقبض عليهم متسللين إلى أراضي دولتهم من دون إعلان قبولهم بالعرض، سيتم تحديدهم على أنهم مقاتلون ملتزمون بعقيدة التنظيم.

ماذا عن المقاتلين البارزين؟
إنّ المقاتلين ذوي الرتب العالية ممّن ندموا بعدما تورطوا في جرائم وحشية قد يقبلون بالعرض لتلافي مواجهة العدالة. يمكن أن يقبل هؤلاء بتمضية ثلاث سنوات في السجن لكنّهم لن يقدّموا معلومات مهمة أو يعترفوا بالهجمات، وبالتالي سيحرمون الأجهزة الأمنيّة ممّا يعلمونه. مرة أخرى، يشدد الكاتب على أنّ العلوم الاقتصادية قد تساعد في هذا المجال. إذ يمكن للحكومة أن تعرض عفواً عن محاكمات مستقبلية لجرائم ارتُكبت في سوريا أو العراق مقابل الاعتراف بالمعلومات اليوم. والثمن سيكون أعلى، ربّما ست سنوات في السجن. على المقاتلين اتخاذ قرارهم عندها. فإن قبلوا بالعرض الأول سيخاطرون بسبب إمكانية ظهور مزيد من الأدلة المستقبلية قد توفّرها كميات الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي أو أقراص صلبة تمّ العثور عليها أو شهادات أحدهم، حينها سيُحاكمون بسبب هذه الجرائم.

يبقى أمامهم الاحتمال الآخر الذي يقضي باللجوء إلى العرض الثاني ويخبرون المحققين بما يعلمونه مقابل قضاء ست سنوات في السجن فقط. وسيختار المقاتلون الخطيرون العرض الثاني إمّا خوفاً من ظهور الأدلّة أو خوفاً من شهادة مقاتل آخر ضدّه قد يدلي بها من أجل حريته الخاصة. يؤكد اليافعي أنّ هذا النظام ليس كاملاً، لكن إلى جانب الإجراءات الأخرى، يمكن لاستخدام تقنياته أن يساعد في تصنيف المقاتلين لأنفسهم ضمن رتب معيّنة من الذنب ويعطون الحكومات بعضاً من المعلومات الملحّة التي تحتاج إليها. ويشير في الختام إلى أنّه يمكن لدراسة الرياضيات أن تساعد في إصلاح واحدة من أصعب المشاكل في حرب دموية.