إجلاء باكستاني من الغوطة بعد 4 عقود قضاها بسوريا

مجتمع رجيم / الأخبار المصورة
كتبت : ايه الحسينى
-
باكستاني -269بعد أكثر من 4 عقود أمضاها في سوريا، يستعد المسن محمد أكرم وزوجته للعودة إلى بلدهما باكستان، بعد إجلائهما من الغوطة الشرقية المحاصرة حيث ترك أولاده وأحفاده تحت رحمة القصف العنيف. وأجلى الهلال الأحمر السوري أمس الأربعاء، أكرم (73 عاماً) وزوجته الباكستانية صغران بي بي (63 عاماً) من الغوطة الشرقية، التي تتعرض منذ 18 فبراير (شباط) لحملة قصف عنيف تخللها هدنة روسية جرى تطبيقها 5 ساعات يومياً لثلاثة أيام.

ويقيم الباكستاني محمد فضل أكرم منذ العام 1974 في سوريا، التي أتى إليها للمرة الأولى لزيارة المقامات المقدسة قبل أن يقرر الاستقرار ويتزوج مرة ثانية من سورية توفيت في العام 2013.

وخلال تواجده في السفارة الباكستانية في دمشق اليوم الخميس، قال الرجل الأسمر ذو اللحية البيضاء: “أمر صعب أن يخرج الواحد منا من بيته، وأنا هذا بيتي. سوريا بيتي وليس باكستان”.

وتم إجلاء الثنائي الأربعاء، عبر “ممر إنساني” عند معبر الوافدين شمال شرق دمشق تزامناً مع تراجع حدة القصف منذ تطبيق الهدنة التي أعلنتها روسيا.

عملية الإجلاء الوحيدة
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: “إنها عملية الإجلاء الوحيدة” التي تمت خلال ثلاثة أيام من الهدنة، على رغم أنها تمت “بناء على مفاوضات تجري منذ أشهر طويلة تولتها السفارة الباكستانية”.

وأوضح القائم بالأعمال في السفارة محمد أعظم بيهان، أن إجلاء أكرم وزوجته تم بالتعاون مع وزارة الخارجية السورية والهلال الأحمر السوري، مشيراً إلى أنه “لم يعد هناك باكستانيون في الغوطة الشرقية”.

وينتظر أكرم وزوجته حالياً في السفارة الباكستانية في دمشق إتمام أوراقهما قبل عودتهما إلى باكستان، وفق بيهان.

صمد أكرم مع عائلته في بلدة بيت سوى في الغوطة الشرقية رغم الحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام على المنطقة منذ العام 2013، ورغم حملات القصف التي استهدفت معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ نحو 6 سنوات.

وروى الرجل، الذي بدا الإنهاك واضحاً عليه في أحد مكاتب السفارة: “أنا متعب من شدة القصف. كنت أفكر أنه سينتهي. كل يوم وأقول اليوم سينتهي…لكن أخيراً اتصلنا بالسفارة”.

ترك أكرم خلفه في الغوطة ابنين وثلاث بنات و12 حفيداً، كان يعيش معهم في بيت على الطراز العربي.

وقبيل إجلائه وزوجته، وفي مركز للهلال الأحمر السوري في مدينة دوما، قال أكرم وهو بالكاد يتمالك نفسه الأربعاء: “أتمنى أن يحفظهم الله وأراهم على خير. لا أريد أي شيء آخر”.

وأوضح أنه حاول أن يصطحبهم معه من دون أن ينجح. وشرح: “لم تعطنا الدولة السورية مجالاً، ليس مسموحاً. تكلمنا مع السفارة، وقالوا لي تخرج مع زوجتك فقط من هنا لأن أولادك ولدوا هنا وزوجاتهم كذلك”.

وروى الرجل الذي كان راعياً للخراف بصوت متقطع: “أوصاني أبي قبل وفاته (يا ابني لا تذهب إلى الشام لأن لا أمان هناك) هنا نحن فوق رأسك ونرعاك”، مضيفاً: “كسرت كلمة أبي وجئت إلى هنا. ماذا أفعل؟ هذا ما كتبه الله لنا”.

وتستضيف سوريا التي شُرّد وهُجّر أكثر من نصف سكانها داخل البلاد وخارجها منذ بدء النزاع في العام 2011، نحو 55 ألف لاجئ، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا.

ويتوزع هؤلاء بين 31 ألف عراقي، بينهم من فرّ من المعارك مع تنظيم داعش خلال السنوات الأخيرة، و1500 لاجئ أفغاني و1500 لاجئ سوداني وصومالي، بالإضافة إلى آلاف اللاجئين من جنسيات أخرى.

ويعتاش معظمهم من مساعدات تقدمها المفوضية، أو من أموال يجنونها جراء ممارستهم بعض الأعمال البسيطة.