الوقت الفلسطيني الضائع

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى العلوم الطبيعية
كتبت : بتول الغلا
-
الفلسطيني -2286يستخدم مصطلح “الأسلوب المتأخر” الذي اشتقه ادوارد سعيد في وصف نتاجات المبدعين في مراحلهم الأخيرة، ففي تلك المراحل يتحررون من القيود التي تثقل تفكيرهم وأدواتهم في مراحل سابقة ويخرجون بإبداعات مختلفة.

طرح المؤتمر الدولي يندرج في سياق البكاء على اللبن المسكوب الذي بدأ منذ مؤتمر جنيف عام 1973 ولم يتوقف عند مؤتمر باريس الذي انعقد العام الماضي لتضاف نتائجه الى نتائج المؤتمرات التي سبقته ولا تجد من يتابعها

طبيعة مشروع إدوارد سعيد وحضوره في المشهد العالمي يغريان بإسقاط مصطلحه على الأداء الرسمي الفلسطيني الذي لم يخل خلال الاسابيع الماضية من نقلة في توصيف وضعية السلطة الفلسطينية التي شاخت بعد ربع قرن من توقيع اتفاق أوسلو وعلاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي.

تمثلت النقلة في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أشار بوضوح إلى أن سلطته تعمل لدى الاحتلال وتصريحات كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات التي قال فيها إن وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرئيس الحقيقي للسلطة ومنسق الادارة المدنية بولي مردخاي الرئيس الفعلي للحكومة الفلسطينية.

شوائب الاعتراف الذي صفق له البعض باعتباره “فتحاً يمهد لفاتحة” تبعده عن فرضية الإبداع الذي يفترض وضوح الرؤية ويتطلب طرح بدائل تتناسب مع الاكتشاف المتأخر الذي ورد في الخطاب الموجه للآخر الغربي.

المنابر التي اختارها الرئيس وكبير المفاوضين لا توحي برغبة في المصارحة والمكاشفة الضروريتين للخروج من المأزق الفلسطيني أو استعداد قيادة “المقاطعة” للقيام بخطوات لاحقة لتحقيق تفاهمات داخلية تتجاوز التيه المستمر منذ ربع قرن وفي المخارج التي اقترحها الرئيس عباس لتجاوز الانسداد السياسي الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية ما يكفي للدلالة على غياب الجدية في طرح البديل المقنع للسياسات المتبعة.

طرح المؤتمر الدولي يندرج في سياق البكاء على اللبن المسكوب الذي بدأ منذ مؤتمر جنيف عام 1973 ولم يتوقف عند مؤتمر باريس الذي انعقد العام الماضي لتضاف نتائجه إلى نتائج المؤتمرات التي سبقته ولا تجد من يتابعها.

ولا يقل التلويح باقترافات لا ترضي المجتمع الدولي، مع تجاهل دور القيادة الفلسطينية في الوصول إلى العجز الذي تجاوز الهيئات التمثيلية والقيادية إلى البنية الاجتماعية، من حيث عبثيته عن الدعوة الى مؤتمرات جديدة.

مراهنات القيادة الفلسطينية على بعض الاطراف الدولية تندرج في هذا السياق أيضاً حيث يواجه الاتحاد الاوروبي اختلالاً في توازنه يهدد وحدته وبالتالي قدرته على الذهاب بعيداً في التميز عن الموقف الأمريكي وتراعي موسكو تعقيدات الأزمة السورية والحضور الإسرائيلي فيها قبل تفكيرها في التجاوب مع فكرة المؤتمر الدولي ورفع نبرة الخطاب تحت سقف الأمم المتحدة وفي بعض وسائل الإعلام الغربية لا يخفي عرج الحلول المطروحة ومحاذيرها على القضية الفلسطينية في المدى المنظور لاسيما أن هذا الرفع عاجز عن إيقاف اجراءات الضم وفرض السيادة الاسرائيلية على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.

مراوغة القيادة الفلسطينية في التعامل مع خيارات من قبيل حل السلطة وطرح الدولة الواحدة والاكتفاء بالمناورة في هوامش ضيقة يعني إهدار فرص يمكن اقتناصها لتغيير سياسات ثبت فشلها وإطالة طريق الوصول إلى الحد الأدنى من الحلول الامر الذي يتطلب تدخلاً سريعاً ومباشراً من قبل نخب الشعب الفلسطيني التي أدمنت العيش في الوقت الضائع.