محمد بن سلمان? الزيارة الخارجية الأولى

مجتمع رجيم / الموضوعات المميزة فى العلوم الطبيعية
كتبت : بتول الغلا
-
الزيارة الخارجية -4049 لمّا تكتمل بعد الزيارة الخارجية الأولى لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأصبحت حديث الناس في المنطقة وفي الدول التي زارها، وهي زيارة بثلاث محطاتٍ، مصر الحليف الأكبر عربياً، وبريطانيا الحليف الأقدم أوروبياً، وأمريكا الحليف الأهم دولياً، محطاتٍ منتقاة بعناية ومعبرة عن الطموح الكبير والرؤية المستقبلية التي أطلقها ويطبقها ولي العهد السعودي.

الرسالة الأهم التي حملها ولي العهد السعودي هي السعودية الجديدة نفسها، السعودية المتطلعة للمستقبل والوثابة نحوه بإصلاحاتٍ كبرى شملت كل المجالات دون استثناء، السعودية الدولة القوية والمركزية في منطقة الشرق الأوسط، والتي أصبحت تعبر بما لا يدع مجالاً للشك عن قوتها ورعاية مصالحها، وذات الأدوار السياسية الفاعلة والتحالفات القوية سياسياً وعسكرياً، ومن ذلك التحالف العسكري لدعم الشرعية في اليمن والتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.

السعودية الجديدة هي السعودية التي أعادت بناء فلسفتها الاقتصادية بشكل شبه كاملٍ، وقدمت رؤية إصلاحية طموحة في جميع المجالات وأعلنتها في “رؤية 2030” وفي المشاريع الكبرى التي ترفدها من “مشروع التحوّل الوطني 2020″، إلى عشرات المشاريع المهمة المساندة لها، والتي تتسم بالشمول والمرونة، وعرّابها وصاحبها هو ولي العهد السعودي.

امتداداً لمحاربة السعودية للإرهاب فقد عبّر ولي العهد السعودي أكثر من مرة وبكل صراحة ووضوحٍ أن السعودية الجديدة سترمي خلفها كل حقبة التطرف التي سادت في الدول العربية على مدى أكثر من أربعة عقودٍ تقريباً، أي رفض كل خطابات التطرف وجماعاته وتياراته التي تفشت ما بعد عام 1979، كما حددها الأمير محمد، مع إصدار عدة قوائم لجماعاتٍ ورموزٍ ومؤسساتٍ وأفرادٍ ممن كانوا ينشرون التطرف مع الدول الرباعية المحاربة للإرهاب، وهو صرّح في افتتاح مشروع “نيوم” المستقبلي الطموح بـ”إننا فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وجميع التقاليد والشعوب” وأضاف: “لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أفكار متطرفة، سوف ندمر المتطرفين اليوم وفوراً”.

السعودية الجديدة التي يحملها الأمير للعالم هي السعودية التي تتبنى الإسلام الوسطي المعتدل، الذي يحمل رسائل المحبة والسلام والتسامح للعالم، وكعادة الأمير الذي يقرن دائماً الأقوال بالأفعال، فقد كان لهذه الرسائل المهمة مكانٌ بارزٌ في زيارته الخارجية الأولى، فقد زار في مصر الكنيسة القبطية والتقى البابا تواضروس الثاني في كنيسة العباسية، كما التقى في العاصمة البريطانية لندن رئيس الكنيسة الأنغليكانية جاستن ويلبي، مؤكداً في اللقاءين دعم السعودية المستمر للحوار بين أتباع الأديان.

هذه رسالة إنسانية رفيعة، وتكمن أهميتها في أهمية الدولة السعودية، راعية الحرمين الشريفين، التي يستقبلها في الصلاة مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، مهد الإسلام ومأرزه، ومهبط الوحي، والقائدة والرائدة في العالمين العربي والإسلامي، وتبنيها لهذا الإسلام الوسطي المعتدل يعني ضرب المشروعية التي تمثلها المشاريع المتطرفة في المنطقة، سواء المشروع الطائفي الإرهابي الذي تتبناه إيران أو المشروع الأصولي الذي تتبناه تركيا وقطر وجماعات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي، ومن الطبيعي أن يرحب قادة العالم السياسيون والدينيون والمثقفون بأن تصبح السعودية منارة للاعتدال والوسطية.

من هنا، وإدراكاً لما تمثله السعودية الجديدة التي يحملها ويبشر بها ولي العهد السعودي، كانت تعليقات السياسيين في الحكومة والبرلمان في بريطانيا ومن غالب التيارات مرحبةً ومستبشرة بالزيارة وبالاتفاقيات التي صدرت عنها، ولقد أصبح المسؤولون السياسيون يركزون على عمق العلاقات التاريخية التي ربطت البلدين الصديقين، وتؤكد ذلك وسائل الإعلام المختلفة، ويدعو الجميع لدعم هذه العلاقات وتطوير المصالح المشتركة في المستقبل.

السعودية الجديدة التي يحملها ولي العهد السعودي هي السعودية المنفتحة على العالم والداعية للمستثمرين لمشاركتها نهضتها الجديدة ومشاريعها الاستثمارية الخلاّقة والتي أصبحت محط أنظار المستثمرين الحالمين حول العالم، دولاً وشركاتٍ، مؤسساتٍ وأفراداً، والتي تحوّل اقتصادها إلى اقتصادٍ منتجٍ يبتعد أكثر فأكثر عن الاعتماد الكامل على النفط فحسب، ولذلك أصبح الكثير من المسؤولين السياسيين يعبّرون علناً عن رغبتهم الكبيرة في كل مشاريع السعودية المستقبلية، وعن رغبة عارمة في المشاركة في تخصيص نسبة معينة من شركة “أرامكو السعودية” هذا العام أو العام المقبل.

تعوّد الكثير من دول العالم التعامل مع السعودية كبئر نفطٍ فحسب لأسباب متعددة، ولكن هذه الصورة قد تغيرت اليوم، وقد كان النصيب الأكبر في تغييرها هو مواقف وسياسات ورؤية ولي العهد السعودي، الذي وفّى بكل وعوده الداخلية والخارجية، وأصبح الجميع حول العالم يرى أن تصريحاته اليوم تعني قرارات الغد القريب وليس البعيد، وأن ما يعلنه الآن هو الواقع في المستقبل.

تعدت هذه الصورة المسؤولين السياسيين والمستثمرين إلى وسائل الإعلام وإلى التيارات الثقافية في الغرب الذين أصبحت نظرتهم إلى السعودية نظرة مليئة بالتفاؤل ولم يبقَ إلا المنقطعون عن العصر الذين يلوكون المقولات القديمة دون قدرة على البحث والدراسة والتطوير لمواكبة التطورات الفعلية التي تقدمها السعودية الجديدة للحاضر والمستقبل، وقد فشل كل خصوم السعودية بالمنطقة والعالم في تشويه السعودية الجديدة قبل وفي أثناء الزيارة، وكان الأثر الأكبر للزيارة مترعاً بالمواقف الإيجابية من العديد من التيارات التي لم تكن عادة صديقة للسعودية.

ليس سهلاً لأي زعيمٍ سياسي أن يخلق انطباعاً بالثقة وقوة القرار والتوجه في مدة قصيرة من الزمن، ولكن ما جرى في هذه الزيارة من مؤشراتٍ متعددة توضح بجلاءٍ مدى الثقة والتطلع لمشاركة ولي العهد السعودي طموحاته ورؤيته لبلاده وللمنطقة والعالم، وأصغر مثال على ذلك هو خرق البروتوكول احتفاءً به في المحطتين الأوليين من زيارته التاريخية الخارجية الأولى.

كيف أصبحت السعودية الجديدة محط أنظار صناعة القرار في العالم؟ كيف أصبح التحالف معها مكسباً لكل القوى الكبرى في العالم؟ كيف صارت منارة يتمنى الجميع التحالف معها؟ كيف أصبحت جهود الدول والمؤسسات الإعلامية والحقوقية وغيرها ممن كانت تثير الجدل السلبي ضد السعودية تتجه إلى الثناء عليها؟ إنها قوة القرارات وصدق المواقف ووضوح الرؤية.

أخيراً، فولي العهد السعودي أبان بكل وضوحٍ عن أنه حليفٌ صادقٌ لكل حلفائه، وعدوٌ قوي لكل من يعادي بلاده ويخاصمها.