الناسخ و المنسوخ في القرآن الحكيم والسنة المطهرة
مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت :
مسلمة
-
الحلقة السابعة : أنواع النسخ باعتبار الناسخ
الحمد لله وبعد،
1-نسخ القران بالقران: الحكم الشرعي يثبت بآية من كتاب الله ثم تنزل بعد ذلك اية أخرى ناسخة(رافعة ومزيلة للحكم الأول ومثبتة حكما ثانٍ)
أمثلة :
المثال الأول: ثبتت إباحة الخمر بقوله تعالى" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"(البقرة 219) وقوله عز وجل" وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)"(النحل)
ثم حُرم أن يأتي الأنسان الصلاة وهو سكران فكان المسلمون يجتنبون الخمر أوقات الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوا الخمر بعدها، ثم حرمت تحريما كليا بقوله تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)"(المائدة)
ومثال التدرج في تحريم الخمر من أوضح الأمثلة على النسخ وقد شاقّ الله ورسوله ذاك الدعيُّ الزنديق وأنكر التدرج في تحريم الخمر، يقول:
" وإذا كان دعاة النسخ بمعنى الحذف والإلغاء فى التشريع يستدلون على مذهبهم بأن تشريع الخمر جاء متدرجاً يلغى اللاحق منه السابق فإننا نرى فى تشريع تحريم الخمر حجة لنا عليهم، فتحريم الخمر جاء على سبيل الإيجاز والإجمال فى الوحى المكى فى قوله تعالى ﴿قُلْ إِنّمَا حَرّمَ رَبّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقّ﴾ (الأعراف 33).فالخمر من ضمن الإثم المحرم. وجاء تحريمه على سبيل الإجمال فى مكة ضمن عموميات التشريع المكى، ثم جاءت التفصيلات فى المدينة حين سئل النبى عليه السلام عن حكم الخمر فنزل قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نّفْعِهِمَا﴾ (البقرة 219).
وطالما كان فى الخمر إثم كبير فهى محرمة فى مكة قبل المدينة، لأن الإثم القليل حرام فكيف بالإثم الكبير؟!! ثم يأتى تفصيل آخر يؤكد تحريم الخمر وذلك بالأمر باجتنابها ﴿يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة 90).
إذن لم تكن الخمر حلالاً ثم نزل تحريمها، ولم ينزل وحى بالسماح بالخمر ثم نزل تشريع آخر يلغى ذلك السماح.. وإنما نزل تحريمها اجمالا ضمن تحريم الإثم، ثم نزل التفصيل يؤكد ما سبق"أهـ
ولازم قوله ان المسلمين وقعوا في الحرام في مكة وبعد ذلك في المدينة الى أن نزلت آية المائدة وهذا يعني أن الله-حاشاه جل و علا- قد أضل المسلمين وما بين لهم في كتابه المحكم سنين طوال ويلزمه أيضا ان العرب الأقحاح قد أخطأوا في فهم الآية حيث ظنوا أنهم مخيرون في ذلك ويلزمه أيضا أن الرسول الكريم –بأبي هو وأمي-لم يقم بواجب البيان و الإيضاح الذي كلفه الله به وترك صحبه يخوضون في الحرام.
ولاحظ أن الرجل لجهله بكتاب الله قد فاتت عليه آية النحل ولم يتنبه لها وهي نص اخر في اباحة الخمر أول الأمر.
واستمع لهذا الهذيان، يقول" أما قوله تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ حَتّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ﴾ (النساء 43) فلا شأن لها بالخمر وسكرة الخمر، بل أن كلمة (سكر) و(سكارى) لم تأت فى القرآن عن الخمر.... وجاءت بمعنى الغفلة وعدم الخشوع وغلبة الكسل والانشغال عن الصلاة عند أداء الصلاة فى قوله تعالى ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىَ﴾"أهـ
العجيب هنا أن الرجل لم يستدل بعاميته والدارج اليوم من معنى سكارى كما فعل مع كلمة النسخ! وهذا يدلك على أن الرجل متبع لهواه يرجح من المعاني ما يعضد قوله.
ثم أن إسكار الخمر قد ذكر في آية النحل التي لم يسمع بها في حياته، قال تعالى" وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)"
قال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى : { سكرا } السكر ما يسكر هذا هو المشهور في اللغة قال ابن عباس : نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر وأراد بالسكر الخمر"، ولم أعرض الدكتور عن معاجم اللغة مرة أخرى ولم يعرض لنا شيئا من أقوالهم في معنى" سكارى"؟!!
المثال الثاني: قوله عز وجل" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)(المجادلة)
نسخ بقوله عز وجل" أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)"(المجادلة)
قال الإمام محمد الطاهر بن عاشور:" وتظافرت كلمات المتقدمين على أن حكم الأمر في قوله ( فقدموا بين نجواكم صدقة ) قد نسخه قوله ( فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم ) الآية ."(التحرير و التنوير)
المثال الثالث : نسخ الأمر بالوصية بآية المواريث.
آية الوصية: "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)"(البقرة)
آية المواريث:" يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ..."(النساء 11).
قال الشيخ محمد الطاهر:
"ثم إن آية المواريث التي في سورة النساء نسخت هذه الآية نسخا مجملا فبينت ميراث كل قريب معين فلم يبق حقه موقوفا على إيصاء الميت له بل صار حقه ثابتا معينا رضى الميت أم كره فيكون تقرر حكم الوصية في أول الأمر استئناسا لمشروعية فرائض الميراث ولذلك صدر الله تعالى آية الفرائض بقوله ( يوصيكم الله في أولادكم ) فجعلها وصية نفسه سبحانه إبطالا للمنة التي كانت للموصى،وبالفرائض نسخ وجوب الوصية الذي اقتضته هذه الآية وبقيت الوصية مندوبة بناء على أن الوجوب إذا نسخ بقي الندب وإلى هذا ذهب جمهور أهل النظر من العلماء الحسن وقتادة والنخعي والشعبي ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي والشافعي وأحمد وجابر بن زيد "(التحرير و التنوير)
ولما كانت آية المواريث محتملة لأخذ الأقربين الميرات مع الوصايا(الرسالة)، فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام الله فقال:" لا وصية لوارث"(رواه أبو داود والترمذي وغيرهم)، فعلمنا ان آية المواريث ناسخة لآية الوصية .
المثال الرابع: نسخ الأمر بكف الأيدي عن المشركين :
الايات واضحة في مسالة نسخ الامر بكف الايدي، ولعله من اوضح امثلة النسخ في هذا الدين، فالناسخ والمنسوخ في اية واحدة " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا" (النساء).
ومن عجائب هذا الزمان ترك بعض الناس للجهاد و نهيهم عن حمل السلاح بزعم أننا نعيش حالة شبيهة بما قبل الهجرة، وهذا من الجهل(أو لعله من الجبن و الخذلان) بأصول الشريعة وأحكام الناسخ و المنسوخ.
2- نسخ السنة بالسنة :
الأمثلة :
أ- النهي عن زيارة القبور ثم اباحة ذلك و استحبابه للرجال خاصة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا "(مسلم)
أما النساء فلم ينسخ النهي في حقهن على الراجح لأن الأحاديث الواردة فيهن خاصة، قال شيخ الإسلام:
والعام لا يعارض الأدلة الخاصة المستفيضة فى نهى النساء كما سنذكره إن شاء الله تعالى بل ولا ينسخها عند جمهور العلماء وإن علم تقدم الخاص على العام(مجموع الفتاوى:344\24)
تنبيه:
زيارة قبور الأنبياء و الصالحين لأجل طلب الحاجات منهم أو دعائهم و الإقسام بهم على الله أو ظن أن الدعاء أو الصلاة عند قبورهم أفضل منه فى المساجد و البيوت فهذا ضلال و شرك و بدعة بإتفاق أئمة المسلمين و لم يكن أحد من الصحابة يفعل ذلك و لا كانوا إذا سلموا على النبى صلى الله عليه و سلم يقفون يدعون لأنفسهم و لهذا كره ذلك مالك و غيره من العلماء و قالوا إنه من البدع التى لم يفعلها السلف و إتفق العلماء الأربعة و غيرهم من السلف على أنه إذا أراد أن يدعو يستقبل القبلة و لا يستقبل قبر النبى صلى الله عليه و سلم و أما إذا سلم عليه فأكثرهم قالوا يستقبل القبر قاله مالك و الشافعي و أحمد و قال أبو حنيفة بل يستقبل القبلة أيضا و يكون القبر عن يساره و قيل بل يستدبر القبلة(مجموع الفتاوى:471\17)
ب- نكاح المتعة: وهو نكاح المرأة لأجل موقوت.
عن الزُّهْرِىَّ قال: أَخْبَرَنِى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ . (رواه البخاري).
قال سفيان بن عيينة : يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر لا عن نكاح المتعة ذكره أبو عمر وفي التمهيد : ثم قال : على هذا أكثر الناس انتهى فتوهم بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف لتحريمهن فرواه : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعة زمن خيبر والحمر الأهلية واقتصر بعضهم على رواية بعض الحديث فقال : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعة زمن خيبر فجاء بالغلط البين(زاد المعاد:403\3)
وعن رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِىُّ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ قَدْ كُنْتُ اسْتَمْتَعْتُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِى عَامِرٍ بِبُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ ثُمَّ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُتْعَةِ . (مسلم)
وقد أبيح عام الفتح وحرم في نفس العام على الراجح من أقوال العلماء؛ قال ابن القيم رحمه الله:
والصحيح : أن المتعة إنما حرمت عام الفتح لأنه قد ثبت في صحيح مسلم أنهم استمتعوا عام الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرتين وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ولا يقع مثله فيها وأيضا : فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات وإنما كن يهوديات وإباحة نساء أهل الكتاب لم تكن ثبتت بعد إنما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة بقوله : { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ( المائدة : 5 ) وهذا متصل بقوله : { اليوم أكملت لكم دينكم } ( المائدة : 3 ) وبقوله : { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم } ( المائدة : 3 ) وهذا كان في آخر الأمر بعد حجة الوداع أو فيها فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة زمن خيبر ولا كان للمسلمين رغبة في الاستمتاع بنساء عدوهم قبل الفتح وبعد الفتح استرق من استرق منهن وصرن إماء للمسلمين.(زاد المعاد:3\403)
هذا وقد اشتهرت الرافضة المشركة بالقول بجواز المتعة وقد تابعهم الدكتور بعد أن كذب كل الأحاديث الشريفة وزعم أن القرآن يجوز المتعة، يقول :
"والقاعدة القرآنية الشرعية تجعل العقد شريعة المتعاقدين ؛ والله تعالى يقول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود ) المائدة1"
وعليه فإنه يمكن القياس هنا ؛ مع الأخذ فى الإعتبار أن عقد الزواج من أهم العقود التى يعقدها الانسان ؛ والله تعالى وصف عقد الزواج بأنه "ميثاق غليظ" النساء21" . فإذا تراضى الطرفان على شرط فى عقد الزواج اصبح ملزما للطرفين ؛ لأن ذلك فى إطار الزواج الشرعى وليس فيه تلك التجاوزات التى نهى عنها القرآن وليس فيه ايضا ذلك " السفاح" او" اتخاذ الاحذان " اى الزنا واتحاذ العشيقة .......
وعليه فإن اتفاق الزوجين على تحديد مدة للزواج لا يقدح فى صحة الزواج خصوصا وأن قوله تعالى " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة" جاء عاما فيما يقع عليه التراضى ، سواء كان التراضى على جزء زائد على المهر او المؤخر او كان على تحديد مدة للزواج او على شىء اخر فى إطار الزواج الشرعى ."أهـ
هكذا وبكل بساطة أجاز الدكتور القياس بعد أن شنع على اهل السنة من قبل استعمالهم للقياس الصحيح!!
بل انه تطاول على النبي صلى الله عليه وسلم وسنته مراراً ، يقول:
"لأنه ليس من حقه أن يجتهد فى الإفتاء والتشريع ؛ وبالتالى ليس من حقه أن يحلل أو يحرم ؛ فتلك وظيفته كرسول حين يبلغ الرسالة . أى القرآن . وبالتالى أيضا فإن النبى لم يتحدث مطلقا فى أمور تشريعية . و أخيرا فإن تلك الآحاديث المتضارية فى موضوع زواج المتعة بين السنة والشيعة لم يعرفها عصر النبوة ؛ ولا شأن للنبى عليه السلام بها مطلقا ، انها خلافات فقهية ارتدث ثوب أحاديث منسوبة للنبى افتراءا وتزوير"أهـ
وقاحة وكذب ودجل...النبي لا حق له بالافتاء ولم يتكلم عن نكاح المتعة! و الدكتور له الحق في الاجتهاد و القياس و الإفتاء و تحليل نكاح المتعة!!!
هل خرجت هذه الكلمات من فم رجل يعقل ما يقول؟!!
لا أدري كيف تجتمع هذه الأوصاف" أهم العقود"،"الميثاق الغليظ" ،" الزواج الشرعي" في نكاح المتعة؟
ثم ان الدكتور لم يذكر لنا معنى السفاح في العربية؟ اليس هو اهراق الماء؟! وهل في المتعة غرض سوى إراقة الماء بثمن بخس يدفعه للمرأة؟
وبماذا يختلف مهر البغي عن مهر المتمتعة؟
وهل في نكاح المتعة ما أمتن الله به على بني آدم"وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)"(الروم)
قال شيخ الاسلام:" التأجيل يخل بمقصود النكاح من المودة والرحمة والسكن ويجعل الزوجة بمنزلة المستأجرة"(مجموع الفتاوى:108\32)
وليس هذا محل بحث نكاح المتعة ولكن ذكرته تنبيها على شذوذ هذا الرجل وتطاوله على النبي صلى الله عليه وسلم وكذبه على القرآن وقلة غيرته ولو رأيته لسألته : أترضاه لأختك؟ أترضاه لابنتك؟!
3- نسخ السنة بالقرآن: وقد تقدم لك قول الإمام الشافعي رحمه الله من أنه لا بد من سنة ناسخة تأتي مع الآيات الناسخة.
مثاله : نسخ التوجه الى بيت المقدس في الصلاة الثابت بالسنة المطهرة ، قال تعالى:" قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)"(البقرة)
4- نسخ القرآن بالسنة : قد تقدم الكلام عن هذا النوع مفصلا في الحلقة السادسة.
والله الموفق والى لقاء قريب..
وكتب
أبو مارية القرشي