شرح الخريطة الذهنية لحفظ سورة البقرة

مجتمع رجيم / التربية و التعليم
كتبت : جذور
-
شرح الخريطة الذهنية لحفظ سورة البقرة

المدخل النظري :
يمكن أن نقسم السياق باعتبار القرآن الكريم إلى(1):
أ ـ السياق العام أو سياق السورة :
وهو المعاني المنتظمة في السورة الواحدة في محور واحد أو أكثر ربطت بينها مناسبة، والمحور هو الهدف الأساس الذي تندرج موضوعات السورة فيه على ترتيبها، ولا يطرد أن يدل اسم السورة على محورها الأساس وعمودها الرئيس ومقصودها الأهم دلالة واضحة، وفي الوحدة الموضوعية والدراسات القرآنية الحديثة، وعلم المناسبة ومراجع علوم القرآن لدى العلماء الأوائل درر وجواهر تعين على الحفظ والتدبر، أهمها التعرف على محور السور و وجه ترتيبها من القرآن الكريم، فالقرآن من الفاتحة يفسر بعضه بعضا على التوالي حتى صار كالكلمة الواحدة انتظاما.

ب ـ السياق الخاص أو سياق المقطع:
وهي المعاني التي انتظمت في مجموعة من الآيات أو في الآية الواحدة إذا كانت طويلة. ونستعمل في تقسيم السورة الأدوات (2): ( محور، قسم, مقطع ) مع ملاحظة أن كلمة محور أوسع من كلمة قسم وكلمة قسم أوسع من كلمة مقطع ) وقد ينتظم السور الطويلة كامل الأدوات وتقل كلما قل طول السورة، وللقاضي أبي بكر بن العربي: ( ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الوحدة متسعة المعاني منتظمة المباني ... علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه، فلما لم نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة، ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه )(3)

والفاصلة من خصائص البيان القرآني، ولعل الخليل بن أحمد أن يكون أول من اصطنع مصطلح الفاصلة للإشارة إلى أواخر آيات الذكر الحكيم، أخذا من قوله تعالى: ( كتاب فصلت آياته ) وتبعه في ذلك الكرماني والباقلاني وأبي الحسن الأشعري تنزيها لأحسن الحديث عن مقاييس وحدود كلام الناس من السجع والتكرار وأصناف اللحن، قال السيوطي: ولا يجوز تسميتها بالقوافي إجماعا، لأن الله سلب عن القرآن اسم الشعر.


وعرفها أبو عمر الداني، بقوله:( الفاصلة كلمة آخر الجملة) وفرق بين الفاصلة ورؤوس الآيات، بقوله: ( أما الفاصلة فهي الكلام المنفصل مما بعده، والكلام المنفصل قد يكون رأس آية، وغير رأس، وكذلك الفواصل يكن رؤوس آي وغيرها، وكل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصلة رأس آية، فالفاصلة تعم النوعين وتجمع الضربين ) (4)

وعليه فالفاصلة عنده على نوعين :
فاصلة داخلية: تقع في داخل الآية ( أول الآية أو آخرها ) وتسمى في أول الآية فاصلة التصدير لأنها تقع في صدر الآية. ورأس الآية أولها، وفاصلة التعقيب والتكميل: وهي التي تأتي آخر الآية متممة لسياق آياتها، ويسميها ابن عاشور في التحرير والتنوير تذييل وهو اصطلاح خاص.

وفاصلة خارجية: وتكون بآيتين أو آية كاملة، وهي التي تفسر كثيراً من مواضع المتشابه اللفظي في السور، وتساعد الفاصلة الخارجية في تحديد علامات ومعالم المحاور والأقسام والمقاطع بشكل دائم بداية ونهاية للمعاني والمقاصد في السورة الواحدة، قال الفخر الرازي:( أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط )(5)

وللزرقاني في مناهل العرفان(6): القسم طائفة من الآيات ذات مطلع ومقطع مندرجة في سورة من القرآن الكريم، ويذكر الزركشي(7) : أن ارتباط الآيات بعضها ببعض نوعين:
القسم الأول: أن يظهر الارتباط، وهو واضح، القسم الثاني: أن لا يظهر الارتباط، وفي هذا النوع لابد من دعامة تؤذن باتصال الكلام، وهي قرائن معنوية مؤذنة بالربط . فالأول مزج ( ربط ) لفظي وهذا مزج (ربط) معنوي، وهذا تصريح بأن الشيء الذي يحدد القسم أو المقطع بشكل دائم بداية ونهاية هو الروابط اللفظية أو المعنوية عند الحفظ، أما المفسر فيقصد إلى المعنى مباشرة، فبناء على أدلة ومعان ومعالم نحدد كل قسم من الأقسام والذي يمثل مجموعة من الآيات يجمعها رابط واحد نسميها ( مقاطع ) والمقطع مصطلح مشهور عند أهل التفسير ويمكن استعماله للحفظ بالطريقة الموضوعية المقابلة للطريقة الحرفية.

ويتألف القسم الواحد في سورة البقرة من ثلاثة مقاطع، كل مقطع يفصل في آيات ربطت بينها مناسبة لفظية أو معنوية، نسمي فيها المقطع الأول بالمقطع الاستهلالي والأخير هو الثالث ونسميه المقطع الأخير والثاني هو المقطع الثاني بلفظ العدد، وعلم المناسبة يعنى بتتبع المعاني وتقسيمها إلى محاور وأقسام ومقاطع وما يلحقها من تذييل، ويقع التذييل من ( المقطع ) الفاصلة من الآية إذ أنهما يقعان في أواخر الكلام في غاية الدقة والتناسب وهما في الأصل شيء واحد إن صح التعبير من ناحية الأغراض نفسها، وهو آخر آية أو آيتين أو أكثر ويكون بمثابة النهاية للمقطع، ويكون في التقابل وتفاوت المعاني، وقد يستقل بإفادة مراد جديد، أو مراد له علاقة لطيفة بما قبله (8)، ونرصد في التناسب بعض القرائن الشكلية للأسلوب بطريقة منفردة لمساعدة الحافظ على إتقان حفظه، ويعنى التناسب بالاتساق في الحروف والمباني والانسجام في المضمون والمعاني، ولكل مما سبق مثال من سورة البقرة إن شاء الله ( وهو المدخل التطبيقي )
المصادر والمراجع :
(1) تحليل الخطاب في أضواء البيان ص104
(2) نظرية الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم من خلال تفسير الأساس ص59
(3) البرهان 36، والإتقان 2/136
(4) التيسير في مذاهب القراء السبعة ص 91
(5) البرهان ص35
(6) مناهل العرفان ص 339
(7)البرهان في علوم القرآن 1/53
(8) الفاصلة في القرآن الكريم