قصة لحظات أخيرة 2019

مجتمع رجيم / سفر سياحة فنادق منتجعات
كتبت : *امـيره بضحكتي*
-
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

اليكم فيما يلي : قصة لحظات أخيرة 2019

اتكأ ذلك الرجل الأشمط على عكازه بكلتا يديه ، توقف لدقيقة ، ثم . .
تحركت تجاعيده وأعلن ابتسامة لا تتغير منذ الصغر !
رغم أنها لا ترى ابتسامته التي كانت تعيد الحياة لعروقها . .
إلا أنها استغرقت مُدة قصيرة لفهم ما يفعله بجانب الشجرة ، أطلقت ضحكة غلبت حزنيهما على حاليهما . .
وبدأ هو أيضًا بالضحك دون سبب ، همست :

ـ أنت تُعيد الذكريات !

جلس على الأرض وساعدها في الجلوس وقتئذٍ نظر إلى طِفلين ، صديقان ، يشبهانهما ، أومأ برأسه :

ـ نعم أريد تلك الذكريات أن تحيا أمام ناظريّ الآن ، قبل وفاتي . .

كانت تلك العبارة تخيفها عندما كانا شابان ، أما الآن فبقت هادئة تمامًا .

توجه الطِفلان إلى جانب الشجرة وهمَّا للعب ، حدّق إليهما :

ـ بجانب الشجرة طِفلان يلعبان مع بعضهما . . أتذكرين أول مرة رأيتكِ بها هنا ؟

صافحتك ، وقمت باللعب معكِ حتى تعلقت بكِ ، كنت غائرًا من صديقك ، كان جميلًا وراقيًّا ورقيقًا ، ويتعامل معكِ بهدوء .

ضحكت ووجهت غرتها الفضيّة خلف أذنها :

ـ كنت شرسًا ومجنون .

أشاح بنظره :

ـ أكثر من مجنون عندما يتعلق الأمر بكِ ، كنت أنتظر إجازات نهاية الأسبوع لكي أراكِ ، وعندما لا أجدكِ
كنت أحرّض عائلتي للعودة إلى المنزل وأكتئب بشدة طوال اليوم ، وعندما بلغت الثامنة عشر أصبحت أكثر اكتئابًا عن طفولتي ، وكنت عندما أنتهي من الدراسة آتِ إلى هنا وأنقش على الشجرة !

ابتسم بعذوبة ، ثم أخذ يديها ووضعها على الشجرة ، حررتها من يديه وبدأت بقراءة ما كان يكتبه

اتجهت للقلب المرسوم تحت عباراته وهمست :

ـ اليوم هو يوم زواجنا ؟

أجاب :

ـ أجل ، اليوم !

رحل الطفلان وهما ممسكان لعبهما ، وقد تغيّر ما كان بجانب الشجرة إلى شابان ، نظر إليهما وهما يتأملان الشجرة ، وأردف :

ـ سأشارككِ ما أرى ، الآن أتى شاب مع فتاة ، ويبدو لي بأن الشاب هو من أخبرها بالمكان . .

أومأت برأسها وابتسمت :

ـ أتقصد بأنهما يشبهاننا أيضًا ؟

ابتسم :

ـ نعم إنهما كذلك ، ينظران إلينا ، يعلمان بأنهما سيشبهاننا يومًا ، إن عينا الشاب سعيدة للغاية ، وتلتمع وكأنه سمع خبرًا سعيدًا ، ربما هي أيضًا اعترفت بحبها . .

عندما توقف ضحكت وقالت :

ـ أحب خيالك !

ربت على العشب :

ـ لا أنا لا أتخيل إنني أقول ما أراه !

هزت رأسها :

ـ كلا ، إنك عجوزٌ أوشك على الخرف ، من الطبيعي أن تتخيل وتتوهم ما لا يُرى !

قطب جبينه وعقد حاجبيه :

ـ أتقولين بأنني لست بوعيّ الآن ؟

رفعت كتفيها :

ـ قال الطبيب بأن نسبة ذلك أكيد عندما كنت تفحص ضغطك بيوم أمس ، لا تنكر ذلك . .

أشاح بنظره وقد أغضبه كلامها ، ولكن بالمقابل لم يرد عليها بغضبه ، حاول أن يكون هادئًا لأنه قدّس يومهما بشدة ، نبس باحتدام :

ـ لا تغضبيني !

ـ أومأت برأسها وأغمضت عينيها للحظات ، تحسست الأرض ومن ثم وضعت رأسها على كتفه . .

ـ أتذكرين . . عندما كنتِ شابة ، كنتِ لا تقتربين من ذلك البئر خوفًا من أن تسقطي

وضعت يديها على وجهها وأومأت :

ـ نعم كنتُ كذلك . . كنت أخاف الموت بشدة . . !

ضحك وقال :

ـ والآن ؟

هزّت رأسها :

ـ أنتظره بشدة !

غرق بالضحك ، وقد شعر بالمتعة التي نسيّها منذ أن انعمت عينيها الجميلة
لم يأخذ كلامها بمحمل الجد وقد استغرق بالتأمل والكلام . .
بينما هي بدوامة جديدة ، ثَقُلَ جسدها قليلًا وقد احضتنها إليه ، وفي تلك اللحظة . .
ارتمى رأسها الشامخ الذي لم يسقط أبدًا . .
وحين بدأ يمسح على شعرها ، شعر بنبضها الصامت..!
دفعها من كتفيها بشدة وأمسك بذراعيها النحيلين واسغرق بالنظر إلى ملامحها . .
أجهش بالبكاء واحضتن جثمانها في بكاءٍ طويل . .
أغمض عينيه للحظة ، حين اشتمَّ رائحة جديدة لم تقترب من أنفه من قبل . .
غمرته رياحًا لم يشعرها من قبل ، اتبعها مغمض العينين !
وقتئذٍ كسته الطمأنينة ، وأدرك بأنهما توفيا معًا . .

صورتويترخواطركلام