أنا وأنت كيف نشكل معًا المفهوم الأوسع للاقتصاد

مجتمع رجيم / سفر سياحة فنادق منتجعات
كتبت : *امـيره بضحكتي*
-
للاقتصاد 3579
عندما يتردد على مسامعنا كلمة اقتصاد فإن أول ما يتبادر لأذهاننا هو المصانع الضخمة التي يتصاعد منها الدخان الكثيف ليل نهار، والناقلات التجارية العابرة للمحيطات التي تحمل مئات الحاويات المليئة بالسلع الأساسية والمنتجات النهائية، وكذلك منصات النفط النشطة التي تعمل على امتصاص الكنز الأسود من باطن الأرض لاستخدامه في تدوير عجلة الإنتاج تلك.

في الحقيقة كل ذلك جزء لا يتجزأ من النشاط الاقتصادي، لكنها ليست سوى أمثلة عامة لهذا العلم الذي يمتد نطاقه ليشمل حتى أبسط التصرفات والفكر الإنساني الذي يمكن أن يؤثر عند لحظة ما في الإنتاج والثروة.

بشكل عام ومختصر يعرف الاقتصاد بأنه علم البحث في الإنتاج وتوزيع الثروة وطرق استهلاكها، وفي اللغة العربية فإن مصطلح “اقتصاد” يأتي من المصدر اقتصد، الذي يشير إلى الادخار والتوسط في الإنفاق.

أما أصول كلمة “economy” الإنجليزية فترجع إلى مصطلح يوناني قديم مكون من شقين “أوكيوس” و”نوموس”، ويعني الأول “الأسرة” والثاني يعني “إدارة”، ومعًا يعنيان “إدارة المنزل” أو “إدارة شؤون الأسرة”.

المفهوم الأوسع للاقتصاد

– تعددت التعريفات العلمية للاقتصاد حديثًا، لكن من بين أشهرها، تعريف “ألفريد مارشال” الذي جاء في كتابه “مبادئ الاقتصاد” الصادر عام 1890، وقال فيه إن الاقتصاد هو دراسة تهتم بحياة البشر العملية التقليدية، ويركز على ذلك الجزء من العمل الفردي والاجتماعي الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنيل واستخدام الموارد المادية في تحقيق الرفاهية.

– وفقًا لهذه الرؤية فإن مفهوم الاقتصاد قد يشمل قرارك بانتقاء وظيفة بدلًا من أخرى أو بدء مشوار مهني فضلًا عن الآخر، أو الاستمرار في دراسة مجال معين، وهي قرارات بطبيعة الحال قد يكون لها أثر على مستقبلك أو حياتك في الوقت الراهن، وحتى قرار المرء بقراءة كتاب ما أو مشاهدة مقطع فيديو هو أحد أوجه الاقتصاد التي يَعتبر فيها الشخص اختياره بمثابة الاستثمار الأمثل لوقته، كما يوضح محاضرو موقع “ذا كراش كورس” للتعليم عبر الإنترنت.

– من بين أشهر التعريفات الحديثة وأكثرها تداولًا أيضًا، تعريف “ليونال روبنز” الذي قال عام 1932، إن الاقتصاد هو العلم الذي يدرس السلوك البشري كعلاقة بين الغايات والوسائل النادرة ذات الاستخدامات البديلة، وبمعنى آخر، كان يرى “روبنز” أن غايات الإنسان غير محدودة بمجرد أن يلبي واحدة سيشعر بإلحاح لتلبية عدد آخر منها.

– لكن أيضًا الموارد التي يحتاجها الإنسان مثل المال والوقت والسلطة تتسم بالندرة، لهذا السبب يعتقد “روبنز” أن كثيرا من الناس لن يشعروا بالرضا، ومع ذلك يؤمن في الوقت نفسه بالاستخدام البديل، فعلى سبيل المثال يمكن لمورد واحد وليكن الأرض أن يُوظف في استخدامات عدة مثل الزراعة والسكن والصناعة.

على صعيد الدول

– تركز معظم التعريفات الحديثة على كون الاقتصاد، العلم المعني بالنظر في النشاط البشري ذي الصلة بإنتاج السلع والخدمات واستهلاكها وتوظيف موارد الدولة في تحقيق المنفعة العامة وتبادل واستهلاك الثروة المنتجة.

– يشير الاقتصاد أيضًا إلى الطريقة التي تدار بها الموارد لا سيما تلك التي تعرف بندرتها، ولم يعرف الاقتصاد بمفهومه الحديث في نظم البلدان حتى القرنين التاسع عشر والعشرين، بحسب الموقع التعليمي “إنفستنغ أنسارز” المختص بالمواد ذات الصلة بالاستثمار والاقتصاد.

– وفقًا لموسعة “إنفستوبيديا” للمعلومات المالية، فإن مفهوم الاقتصاد الذي يشمل جميع الأنشطة المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك والتجارة في مكان ما، يمتد نطاقه ليحتوي كل الأفراد والكيانات المنخرطة في النشاط.

– يحكم اقتصاد منطقة ما أو بلد معين ثقافته وقوانينه وتاريخه وجغرافيته، بالإضافة لعدد من العوامل الأخرى، علمًا بأن الاقتصادات تتطور إذا استدعت الضرورة ذلك، ولهذا السبب ربما لا يوجد اقتصادان متماثلان في العالم.

– بالانتقال للحديث عن اقتصادات الدول، تجدر الإشارة إلى انقسام علم الاقتصاد إلى فرعين رئيسيين، هما الاقتصاد الكلي المعني بالنظام ككل، والاقتصاد الجزئي الذي يركز على عناصر هذا النظام.

الاقتصاد الكلي

– يركز هذا الفرع على دراسة أداء وسلوك الاقتصاد ككتلة واحدة، ودراسة التغيرات التي تطرأ على اقتصاد البلدان مثل ارتفاع أو انخفاض البطالة، ونمو أو انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة أو تراجع التضخم، ومؤشرات الاقتصاد الجزئي.

– تُستخدم نماذج الاقتصاد الكلي من قبل الحكومات والشركات في صياغة السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية المستقبلية، حيث تساعد دراسة وتحليل العلاقة بين مختلف قطاعات في فهم كيفية عمل الاقتصاد كنظام واحد شامل.

– تساعد النماذج التي يطورها العلماء في هذا الفرع أيضًا، على فهم الصلة بين عوامل مثل الاستهلاك والأسعار والادخار والاستثمار والتجارة والتمويل والدخل والإنتاج، وبالإضافة إلى نماذج التوقع، تتمكن الجهات ذات المصلحة من تقييم سياساتها وتحديد وجهتها القادمة.

– عُرِف الاقتصاد الكلي بشكله الحديث مع صدور كتاب “النظرية العامة للعمالة والفوائد والمال” عام 1936 للاقتصادي “ماينارد كينز”، الذي قدم تفسيرًا حول التداعيات الناجمة عن الكساد العظيم، عندما تكدست البضائع على أرفف المتاجر وفي المخازن، وقفزت مستويات البطالة، وهو حدث أربك الاقتصاديين الكلاسيكيين آنذاك.

الاقتصاد الجزئي

– بينما يركز الفرع الكلي على السلوك الجماعي وأداء الاقتصاد كنظام واحد، يلتفت الفرع الجزئي إلى عناصر هذا النظام، مثل سلوك الأفراد والأسر والشركات، وتأثيرهم في صنع القرار وتوزيع الموارد، بما في ذلك الأسعار والعرض والطلب في أسواق السلع والخدمات.

– يركز الاقتصاد الجزئي على دراسة عناصر الاقتصاد الكلي بشكل مفصل، باستخدام تقنيات حسابية صارمة، لمعرفة وفهم أفضل لآليات صنع القرار المطلوبة، ويشمل هذا الفرع مجموعة من الأبواب المنبثقة، بحسب الموسوعة العامة البريطانية “بريتانيكا”.

– من بين هذه الأبواب، نظرية المستهلك المعنية بالنظر في سلوك الأسر، والتي تقوم على مفهوم المنفعة، حيث يرتفع المؤشر الاقتصادي للسعادة مع نمو استهلاك بعض السلع، وهناك أيضًا نظرية المنتِج، التي تتعامل مع سلوك الشركات، وتعتبرها كيانات لتحويل المدخلات إلى مخرجات باستخدام التكنولوجيا، ويتمثل هدف الشركة وفق هذه النظرية في إنتاج كمية من السلع تزيد أرباحها إلى الحد الأقصى مع مراعاة قيود المدخلات والتقنيات.

– الاقتصاد السلوكي، الذي ناقشناه في تقرير سابق منفصل، هو أيضًا أحد مجالات الاقتصاد الجزئي ويركز على دراسة الجوانب النفسية والاجتماعية والمعرفية لصناعة القرار الفردي باستخدام نماذج رياضية معقدة وإجراء بعض التجارب.