أقوال السّلف والعلماء في كتمان السِّر

مجتمع رجيم / ركن الألغاز و الألعاب الكتابية
كتبت : يدق قلبي بوجودك
-
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

(( أقوال السّلف والعلماء في كتمان السِّر ))

قال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): (سرُّك أسيرك، فإن تكلمت به، صرت أسيره) .

وقال عمرو بن العاص: (عجبت من الرجل يفرُّ من القدر، وهو مواقعه! ويرى القذاة في عين أخيه، ويدع الجذع في عينه! ويخرج الضغن من نفس أخيه، ويدع الضغن في نفسه! وما وضعت سرِّي عند أحد فلمته على إفشاءه، وكيف ألومه وقد ضقت به ذراعا؟) .

وقال أيضًا: (ما وضعت سرِّي عند أحد أفشاه عليَّ فلمته، أنا كنت أضيق به حيث استودعته إياه) .

وأسرَّ معاوية (رضي الله عنه) إلى الوليد بن عتبة حديثًا، فقال لأبيه: (يا أبت، إن أمير المؤمنين أسرَّ إليَّ حديثًا، وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك. قال: فلا تحدثني به؛ فإنَّ من كتم سرَّه كان الخيار له، ومن أفشاه كان الخيار عليه، قال: قلت: يا أبت، وإنَّ هذا ليدخل بين الرجل وبين أبيه؟ قال: لا والله يا بني، ولكن أحبُّ أن لا تذلل لسانك بأحاديث السرِّ. فأتيت معاوية (رضي الله عنه) فحدثته، فقال: يا وليد، أعتقك أخي من رقِّ الخطأ)
.
وقال عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه): (القلوب أوعية الأسرار، والشفاه أقفالها، والألسن مفاتيحها، فليحفظ كلُّ امرئ مفتاح سرِّه) .

وعن الحسن رحمه الله، قال: (سمعته يقول: إنَّ من الخيانة أن تحدِّث بسرِّ أخيك) .

وقال أبو حاتم: (من حصَّن بالكتمان سرَّه تمَّ له تدبيره، وكان له الظفر بما يريد، والسلامة من العيب والضرر، وإن أخطأه التمكن والظفر والحازم يجعل سره في وعاء، ويكتمه عن كل مستودع، فإن اضطره الأمر وغلبه، أودعه العاقل الناصح له؛ لأنَّ السِّر أمانة، وإفشاؤه خيانة، والقلب له وعاؤه، فمن الأوعية ما يضيق بما يودع، ومنها ما يتسع لما استودع) .

وقال أيضًا: (الإفراط في الاسترسال بالأسرار عجز، وما كتمه المرء من عدوه فلا يجب أن يظهره لصديقه، وكفى لذوي الألباب عبرًا ما جربوا، ومن استودع حديثًا فليستر، ولا يكن مهتاكًا، ولا مشياعًا؛ لأن السِّر إنَّما سمِّي سرًّا؛ لأنَّه لا يفشى، فيجب على العاقل أن يكون صدره أوسع لسرِّه من صدر غيره، بأن لا يفشيه) .

وقال: (الظفر بالحزم، والحزم بإجالة الرأي، والرأي بتحصين الأسرار، ومن كتم سره كانت الخيرة في يده، ومن أنبأ الناس بأسراره هان عليهم وأذاعوها، ومن لم يكتم السِّر استحقَّ الندم، ومن استحق الندم صار ناقص العقل، ومن دام على هذا رجع إلى الجهل، فتحصين السِّرِّ للعاقل أولى به من التلهُّف بالندم بعد خروجه منه، ولقد أحسن الذي يقول:

خشيت لساني أن يكون خؤونا
فأودعته قلبي فكان أمينا
فقلت ليخفى دون شخصي وناظري
أيا حركاتي كن في سكونا

وقال ابن الجوزي: (رأيت أكثر الناس لا يتمالكون من إفشاء سرِّهم، فإذا ظهر، عاتبوا من أخبروا به. فوا عجبًا! كيف ضاقوا بحبسه ذرعًا، ثم لاموا من أفشاه؟!) .

وقال الراغب الأصفهاني: (إذاعة السِّر من قلة الصبر، وضيق الصدر، وتوصف به ضعفة الرجال والصبيان والنساء) .
___________
[الدُّرَرُ السَّنيّة]
*************

التالي
السابق