ما زلت بخير/ بقلمي : أيلول

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : جذور
-
– أتعاشرين الرجال يا سافلة ؟!!!!!!!

كانت آخر جملة اسمعها قبل وصول صفعات أبي القوية …

صفعة التهمت وجهي بالكامل ..شعرت بأضرسي تهتز ، بفكِ قد تحرك من مكانه ..ونظارتي التي تحركت من مكانها ..بل كادت أن تسقط .

لم أرفع نظري إليه مجددا …حملت حقيبتي ونثرتها وأنا أصرخ وبكائي المتقطع ..

كنت أشير للقفازات …ومسكنات لألام المفاصل ..

نظرت إليهما بخيبة أمل وأنا أذرف الدموع ولم أمنع نفسي …أشرت لتلك الأشياء وأنا أقول ..

– خادمة …خادمة يا أبـــــي ، خادمة هذا هو عملي ..اقتربت من أبي وأنا أهز بسبابتي على صدري ..ابنتك خادمة ، أتسمع ما أقوله ..لست سافله ولست حقيرة …أنا عفيفة وسأبقى كذلك …ليس لأنك أبي ..ولكن لأنني أعلم من أكون جيداً ..وأعلم الصواب من الخطأ ، ،

كنت لا أزال أهز بسبابتي بقوة على صدري وأكرر بصوت مبحوح…”ابنتك أصبحت خادمة من أجلك وهكذا تكافئني ” …

ميرا عانقتني بقوة حتى بكت هي الأخرى ..دفعتها عني وأخرجت المال ووضعته أمام عيناها

– أتعلمين لماذا هذا المال يا ميرا؟ …أتعلمين لماذا !! …لقد قررت أن أشتري لك هدية زواجك بهذا المال ميرا ..لم أرد من الناس أن يقولوا “انظروا صديقتها لم تجلب لها شيئا “..



أردت أن أفرحك بشيء يذكرك بي طوال زواجك هذا …ولكن لا ، أعتقدت أن تفكيرك أنضج من ذلك …

اقتربت من أبي مرة أخرى وصوتي ارتفع أكثر ..ليس لأنني أقلل من احترامه ولكن هذه طبيعتي حينما اكتشفت تفكير شخص قاسمت معه الذكريات

لم أنم من الآلآم ظهري …وتحملت وعانيت من أجلك ، لم ارد أن ينقصك شيء من علاج إلى غذاء ..كنت أسهر معك بالرغم أنني كنت أعود متعبة ..لم أشترِ حذاء جديد بدل من ذلك الممزق ، لم أقلق حيال أظافري المتكسرة أو بشرتي الجافة ، كل ما كنت أفكر به أن ننتقل لبيت أوسع وأنظف من هذا ….ولكن تفكيرك اليوم جعلني اهتز من الداخل …ما علي سوى أن أقول شكراً لك ..لقد تعلمت درساً لن أنساه

ما زالت ميرا تحاول أن تعانقني وتسيطر علي ؟!

لم أستطع أن أدوم هكذا …فكلما نظرت لأبي تذكرت تلك الصفعة ، كيف كان بإمكانه أن يفكر بي بهذا الشكل..؟!!!

خرجت لأتجول كمتشردة بين شوارع كندا …

حاولت أن أدلك وجنتي بعد تلك الصفعة ..دموعي تنهمر ، ببساطة أنا أريد أنا أبكي لكي لا أصبح معقدة أكثر ..أود إخراج كل ما بداخلي ،،

جلست على طرف رصيف الشارع ذاك ..ضممت ركبتي وأسندت رأسي عليها …وأفكاراً تتجول بين طيات عقلي ، كان من الممكن أن تأتي ميرا بمفردها ..لماذا كان ثامر بصحبتها ؟! …لا أذكر أنني رأيت تفاصيل وجهه بين النزاع ..وسؤاله ذاك ..ماذا كان يقصد به ” حياتك خاليه بدوننا ؟!”

ثمة خطب ما ؟!!

لا أعتقد بأنني سأعود للمنزل الليلة …لا أحمل هاتفاً ولا حتى فلساً ، أين سأنام هذه الليلة ؟! …ومن أين يأتي النوم بعدما حصل ؟!!!

ليتني أملك صديقاً آخر ….

ما زال الليل طويلاً …مشيت حتى وصلت لذلك المقهى ، بالطبع لن أدخل

لا أحمل أي مال ولكنني لمحت “تيم ” …

يمكنني الدخول والتأمل دون طلب أي شيء …

ولا يمكنني الدخول أيضا لأنني سأضطر لإلقاء التحية ..

لم تسنح لي الفرصة لأخبركم عن تفاصيله …طويل القامة وبشرته أفتح مني بكثير ..عيناه ناعستين بلون أسود كالح وشعر ناعم كسواد الليل مصفف بإتقان ، لحية بشعر خفيف ..وابتسامة وقعت في غرامها ..

يبدو لي شخص مثقف ومحترم وبلا شك متطفل …لقد أخبرني أنه أنهى إدراة الأعمال منذ ثلاث سنوات …ما زال صغيراً ، يبدو كأنه في الخامس والعشرين من عمره .

لماذا أفكر به الآن ؟ ، لا أريد ان أتعلق بأحد على الإطلاق ..يكفي ما رأيته من قبل ، أشعر بالملل المطلق …أود ان أنام بشدة ..لا بأس علي أن أكافح الليلة ، ما رأيكم بالذهاب إلى ….

يداً تضع يدها على كتفي …لقد وجدني أبي ، لا أود الالتفات إليه ، لا أرغب بالبكاء مجدداً ..ولا أملك أي طاقة لأجيب على أسئلته أو أبرر حجج ..دموع ترقرقت أخذت شهيقا والتفت …

تيم ..هذا أنت ؟!!!

وما أن تمعن في وجهي اختفت ابتسامته وملامحه تحولت لعلامة استفهام !

شمس ! ..ماذا بكِ .

– أنا ..ماذا بي ؟!!!

يعلم بأنني أكذب ..ولامس إبهمه وجنتي ، ترى كيف علم بذلك ؟!

– أصابع من تلك ؟!

يا إلهي ..لم أنظر بالمرأة ، لا بد أن أصابعه قد تركت أثراً ..

– أنا بخير …

التفت لأغادر

لا أود أن أصدق بأنني في إحدى الروايات …أن اعيش واقع مؤلم ، ليس كلما تعرضت للضرب والخطر أجد البطل أمامي هكذا ؟!

حاول أن يوقفني ..وما زال يردد “شمس …توقفي ” .

أسرعت بخطواتي …لن أكون ضعيفة أمامه ،

أردته ان يصَر أكثر على بقائي بجانبه …أود أن أتكلم حينما أبكي ، وميرا ليست موجودة بل هي سبب بكائي الآن ،،

– شمس …توقفي ..

التفت له بنفاذ صبر

– ألم تمل من ملاحقتي ..دعني وشأني .

– هل أنتي بخير ؟

– لقد أخبرتك بانني بخير من قبل ….لذا كُف عن ملاحقتي رجاء.

– ألا أتشعرين بأنني عليَ الوقوف بجانبك ؟!

– أنا لا أحتاج لشفقة .

اقترب مني أكثر

– أنا صديقك

– لا أحتاج لهذه الصداقة تيم …اختفي من حياتي فحسب .

– أنتي لا زلتِ غاضبة …وتتفوهين بالهرائات الآن ..

ما زالت خطواتي مستمره ..وخطواته يمكنني سماعها ، لست جذابة كفاية ليقترب مني هكذا …لم أقابله سوى من يومين ؟!

وقف أمامي مقاطعا خيالي البائس ..

– تيم …ابتعد .

لم أشعر بشيء سوى أنني بين ذراعيه …يطبطب وكأنني أحد الأطفال المشردين ..كنت بحاجه لهذا العناق ولكنني أدركت بأنه ما زال غريب بالنسبة لي ..ولن أنكر مدى جمال الدفء الحنان فيه .

حاولت أن أتخلص منه ..

ماذا تفــــعل ؟!!!!!!

كان يشد علي أكثر ويمسح بيديه على شعري ..

– لا أعلم …ولكنني حين أبكي هكذا أحتاج إلى هذا .

إلى أي حد يشبهني ؟!

شعرت بحرارة جسدي وهي ترتـفـع ، نبضات قلبي غير منتظمة ..لقد نسيت ما حصل وأفكر الآن في هذا الشخص الذي يخرج من حيث لا أعلم ..

هل يتوجب أن يحصل هكذا أم أنني لست طبيعية ؟!

لن أبخل على نفسي بين يديه ، بكيت وأخرجت لك ما بداخلي ،،

لم نبقى على هذا الحال بالطبع ..جلسنا بالقرب من حديقة الأطفال ، لم اتخيل منظري وأنا بالقرب من الشاطئ …

ما زال ممسكاً بيدي ،ثم التفت بكامل جسده لي ..

– شمس ..سأحضر لك قهوة ، هل تودين شيء آخر ؟!

سرحت بتفاصل وجهه وأومأت برأسي يمنة ويسرى ..

تنفست وحاولت تحديد موقعي بين مشاعر مبعثرة …هل أهرب وأتخلص قبل أن يسألني !

..أم أنها فرصة للحصول على صديق جديد …

ألا تودين إخباري بماحصل !

نظرت لأبعد نقطة في اللاشئ ..

– تستطيعين الوثوق بي …

– ليس للثقة شأن بهذا …ولكنني مازلت في إطار الحدث ..

– إذن أخبريني ..لا تعلمين ربما أساعدك .

– أنا متفاجئة من بعض الأشخاص في حياتي ..لا أكثر .

– وآثار الأصابع !؟

لم أتحدث…كانت دموعي كافية ليستطيع أن يفهم ” لا أستطيع الإجابة ” ..

ابتسم ثم أخبرني ..

– أتعلمين …؟!

– ماذا؟!!

– لا شيء ..

طقساً بارداً …تفكير مشوش ، هموم قد رحبت بها الليلة …وشخص أجهل تاريخ حياته بالجوار مني …

حادثني طوال الوقت ..ضحكت كثيراً هذه الليلة ، ومن كان يعلم بأن نهاية اليوم كانت هكذا ؟!! .

قرب السادسة بعد الفجر تقريباً … قررت العودة لملجأي ،،..

لم أرغب بالعودة حقيقةً ، ولكن كان عذرِ الوحيد لأجعل تيم يعود لمنزله

،،

باب الشقة مفتوح .. أبي كان يعلم بأنني حينما أعود لن أطرق الباب ، ما زالت أغراضي مبعثرة ..مرطب الشفاه ..الهاتف..السماعات..محفظتي الوردية..مرطب اليدين ..علبة المناديل..قفازات وحبوب الفيفادول ، رواية كانت بعنوان “أنت لــي ” ..

لم أبحث عن أبـي …أخذت حماماً ساخناً ، جففت شعري بعدها وكنت قد وضبت تلك الأغراض المبعثرة … استجمعت طاقتي من جديد لأعود لعملي

..أريد أن أراه قبل خروجي ، كنت أتباطأ بعملي لعله يستيقظ ..ولكن لا

لم أشأ أن أذهب بالحافلة اليوم…كانت رغبتي بالمشي أكثر ،

هواء معتدل يداعب خصلات شعري ، غيوم متلبدة وشمس تختبأ خلفها ، صوت الصباح مفعم بالطاقة ..ونشاط بي لا أعلم من أين أتى ؟! …حافلة المدرسة تمر من جانبي ، وبائع الكعك يرسم ابتسامة على وجه طفل صغير ، عامل النظافة كبير بالسن ينتظر صدقة ..

اقتربت منه بوجه بشوش أعطيته ما كان معي من قروش ..وأخذت له بعضاً من الكعك …

نادى بخفوت ..

– سيدتي ؟!

التفت له بصمت .

– أنتي بحاجة الطعام أكثر مني …” قسم الكعك لنصفين ” ..

لا أعلم ما حصل بالتحديد وكأنني لقد تأثرت بنظرات ذلك العامل ، يبدو أن التعب واضح على ملامحي…وصلت للبيت الذي أعمل به ، سيدة متشددة وصارمة في قراراتها ، لم أكن سوى أن ألقى التحية وأبقى صماء طوال النهار …إلى حين اليوم

– شمس ..هل أنتي بخير؟!

– نعم سيدتي .

– لماذا يبدو وجهك مصفراً ؟

– أنا بخير ،سيدتي .

– إذا كنتِ متعبة ، يمكنك أخذ باقي اليوم راحة .

– حسناً ، شكراً لكِ .

أخذت أجر عمل يوم كامل ، وخرجت من هناك .

ترى هل اعود للمنزل ؟!

أضاءت شاشة هاتفي ” ميرا “…

أجيب …لا أجيب ..أجيب ..لا أجيب ..

وصلني صوتها أولاً ..

– شمس ، أين أنتي ؟!

– أنا أعمل الآن ..سأحدثك لاحقاً .

– شمس انتظري لا تقفلي ..أود مقابلتك .

– حسناً ..سنتقابل بعد ساعة .

– سأخبرك بالموقع برسالة .

– حسناً …

– شمس ؟!!

– نعم ..” بلا مبالاة”

– هل أنتي بخير ؟!

صمت لم يدوم لدقيقة ..

وأقفلت الخط..

ترى هل أنا بخير فعلاً ؟! ، لم أسأل نفسي منذ أمس ، ترى كيف حالي الآن ! …هل نسيت ؟ هل فعلت الصواب بتركي للمنزل ؟! ..أسئلة لا أحمل لها أجوبة …

بعد ساعة ….تقابلنا في الممشى قرب القطار .

– مرحبا ً !؟

– أهلاً شمس ..

– كيف هي حالتك الآن ؟!

– كما ترين ..لا زلت أتنفس .

– أجوبتك قوية نوعاً ما ..

– أعتادي ذلك ..

– وقاسية أيضاً .

– لا أكترث ..

صرخت بحدة وضربت كفها بالطاولة وهي ترِصُ على أسنانها ..

– شمس ؟!!

– ماذا ؟!

– أود فقط أن أفهم لماذا لم تخبرنني من قبل بعملك ؟!

ضحكت ببرود ..

– هل أنتي خجلة من عملي أمام خطيبك ؟

– ومن أخبرك بأنني خجلة !؟

– ميرا ..أود فقط أن أفهم فقط ، لماذا أحضرته معكِ بالأمس ؟!

– لقد كنا بالخارج وأتى معي هكذا …

– اعذريني ..أنتي كاذبة .

– حسناً …هو من اقترح زيارتك في حين أنك لا تجيبين على اتصالاتي وكان واضحاً مدى قلقي عليكِ .

– ولماذا أحضرتني إلى هنا ؟!

– أتعتقدين حقاً بأنني خجلة من عملك ؟

– لا أعلم ..ربما .

اقتربت مني وضربت رأسي بخفة ..

– يا لك من حمقاء ..

عانقتني بقوة ثم أردفت

– لو كنت أعلم ..سأساعدك وأخذ نصف الراتب .

جواً لطيفا مع ميرا …المرة الأولى التي كنت أحدثها بخجل ورسمية ولكنها تعلم كيف تجعلني أبتسم ..فخلف تلك المعاتبة حب لا ينتهي ..

وكالعادة ..تبدأ ميرا بنصائحها إلى حد أنها تشبه الأمهات ..وأصرت أن أعود للمنزل ..

في حين أنني عائدة لمنزلي بتررد …الهاتف يصدر ضجيجا في جيب السترة

” رقم غريب يتصل ” ..

– مرحباً ..

– شمس ..أليس كذلك ؟!

– ومن المتصل ؟!

– لم أتوقع منك هذا …هل صوتي غريب كفاية !؟

– تيم ؟!

– يبدو لي أنك صادقت الكثير بعدي ..هذا أنا ثامر

– ثامر؟! ..

– هل يمكننا التحدث ؟

– لا ..أنا منشغلة .

– سأقابلك في التاسعة ..في المقهى المقابل للشاطئ ..

ما هذا الحقير؟، هل يعتقد بأنني سأذهب إليه ! أعلم مبتغاه سوف يذلني بأنني خادمة .

وصلت للمنزل ..الجو متوتر قليلاً ، خوفا يتلاعب بمشاعري ..

لم أطرق الباب ، كانت المفاتيح بحوزتي .

البيت هادئ تماماً ..حتى أنني سمعت صوت معدتي وهي تضور جوعاً ، لست بمزاج لأن أطهو ، ولكن أنا أين الذي أتيت من أجله ..

جلست في حجرتي ..أحاول ان أجد ما يملئ الفراغ الآن ، تشير العقارب للساعة الخامسة عصراً ..المنزل قارس البرد ، لا استطيع التحرك كثيراً

صفحات الانترنت مملة كالمعتاد …

لا جديد على شاشة التلفاز القديمة تلك ..صوت التزاحم بالأسفل يصل لأعلى ، لا أعلم كيف سأكمل قراءة الرواية تلك ،،صداع سوف يهاجمني ..وضعت سماعات الأذن الخاصة بي وبدأت أتصفح مشغل الموسيقى ،

ممل ..ممل ..ممل ، سحابة عبرت فوق رأسي ..تُرى لماذا اتصل ثامر ؟!

رقم مجهول يتصل ..لم أجب ..

يتصل مرة أخرى …خطرت لي فكرة ، سأكسر الممل

أجبت وبنبرة تشبه إحدى العملاء

– عفواً …الرقم الذي تطلبه مغلق أو خارج نطاق التغطية ، يرجى المحاولة مرة أخرى ، يمكنك ترك رسالة بعد سماع الصافر …” طووووووط ” ..

صدرت عبر تلك السماعة ضحكة لم تكن غريبة ..أتسمعون!

قلبي ينبض بسرعة ..وأنفاسي لا تنتظم

– من الجيد أنك بخير…هكذا اطمئنت عليكِ .

– هذا أنت ؟!

– هذه المرة لن تسطيعي نسياني ،،

– هل تحاول أن تحرجني ؟!

– إذن أنتي لست من ذلك النوع ؟

– أي نوع؟!

– شمس …دعينا من التفاهات الان !

– حسناً ..لماذا اتصلت ؟!

– لم تأتي للمقهى اليوم ..وأردت أن أقابلك ؟!

– السبب ؟

– اشتقت إليكِ ..

ضحكت ..

– أووه ..عزيزي وأنا أيضاً ..

– شمس ..أنا لا أداعبك ، اشتقت إليك فعلاً .

من أين تنفست بعدها ..لااعلم !!؟

حاولت تغيير الموضوع أكثر من مرة ، وحاولت كثيراً أن أبتعد عن ما يتعلق بي ..

أردت أن أعرفه بشدة أكثر ،،

كنت أصمت قدر الإمكان ..لأتمكن من سماعه وهو يقول ” شمس ..تسمعينني ؟”

لا أعلم كيف تخرج منه ..وكأنها كإحدى النغمات الرومانسية ..

رقم آخر يتصل ليقطع اتصالي مع تيم …

– تيم ؟

– أجل ..

– هناك أتصال مهم ..سأجيب واحادثك لاحقاً .

– تحادثيني لاحقاً …أعترفي بأنكِ تشتاقين لي منذ الآن ؟!

– تباً لك …صديق بائس ..وداعاً .

– شمس توقفــــي ؟!

– ماذا ؟!

– اعتني بنفسك ..

لم أستطع التلذذ بمعنى الكلمة …ببساطة ثامر يتصل يعلم كيف يعكر مزاجي …،َ

سمعت صوت الباب ولا شعوريا أردفت ..

– أبـــي ، هذا أنت ؟!

– وهل من أحد يزورنا سوى صاحب العمارة البائس ذلك ؟!

وحاول إضافة المرح بتقليد صوته ..

يحاول أن يعيد الأمور كما كانت …تسير بمجرى مستقيم

دخل لحجرتي ..

– كيف حالك صغيرتي ؟!

حقا!؟؟؟ ، هل هذا ما أستطاع أن يقوله فقط ..

لم أجيب ..صمت

– هل تناولتي شيئاً ؟!

اهدئي شمس …سيقترب الآن ويعتذر .. ” قلتها من الداخل ” ..

لا أود أن يعتذر …وبنفس الوقت أريد ذلك ، أي شيء ليشعرني بالندم على تلك الصفعة ! ..

– هل انتهيت من أسئلتك ؟! …… ” بنفاذ صبر ” .

ابتسم ..

– أجل ..

يا للبرود …أهذا حقاً أبـي ؟! ، أتمنى أنني لا زلت في عقلي ، وكيف أصمت على ما حدث …جريت إلى حجرته خلفه .

– أهذا ما استطعت أن تقوله لي ؟

– ماذا ؟!

– أنت في وعيك أليس كذلك ، وما هذه رود الأفعال ..تتصرف وكأن شيء لم يحصل ….

اخذت 3 دقائق بالضبط وأنا أسرد الإجابة بلا توقف ..

– هذا ما أردته شمس ….لم أكون أريد الاعتذار بكلمتين ، يكفي الآن أنك أخرجتي ما بقلبك وما يدور في خاطرك لي ..أتمنى أنك مرتاحة الآن .

لم يكلف نفسه بالاعتذار ..أو حتى يشعرني بأنه نادم ..تمنيت ان أرى ملامح الحزن على وجهه لتخبرني ” شمس ..لا تتعبي نفسك من أجلي ، ” ..أو ليخبرني مثلاً

” شمس ..شكراً لكِ ” .

لم أعد أستوعب تصرفاته …لم أملك طاقة لأفكر كيف يعاملني ، إذن يريد العودة للوضع السابق ؟! …لا مشكلة لدي،،

جمعتنا سفرة العشاء مرة أخرى ..

– هل تود أن أساعدك؟!

– لا ..

– يمكنني تقطيع الخضار ..إذا أردت ؟!

– لقد انتهيت …يمكنك سكب الأرز .

– حسناً ..

كان يقلب الأرز يميناً ويساراً بتلك الشوكة المعدنية …لم يضع شيء في فمه ..تركت الملعقة واعتدلت بجلستي ..

– هل انتهيتِ ؟!

– أنت تعلم بأنني لا أستطيع أن أتناول شيئا وحيدة ..لذا اختصر الأمر وأخبرني هل تود ان تأكل ، أم أجد شريكاً آخر ..

– حسناً ..سنتاول الطعام .

أخذ يتمتم بأشياء غير مفهمومة …ليتني أستطيع التوصل إلى ما يفكر به ..

– شمس !

رفعت نظري عن الطبق ..

– نعم ؟!

– لقد وجدت عملاً ..لذا يمكنك أن تجلسي بالبيت .

– هل تطلب مني ألا أعمل ؟ ، لا تقلق حيال ذلك فقد اعتدت أمر الاعتماد على نفسي .

الوضع معقد أكثر مما توقعت ، أنا ليس لي شأن ..لا تلقو اللوم عليَ ، هو من أراد أسلوب كهذا .. وأنا سأتعايش مع الوضع .

رنين الهاتف …

إنه ذلك ال**

لن أجيب ..ليس لي علاقة به بعد الآن ..

كل ما يستوطن على عقلي الآن ..هو طريقة أبي بالحديث معي !

كيف؟

لماذا!؟؟

وماذا فعلت ؟!

لا أملك أدنى فكرة ….

لا أذكر أنني أخطأت ، ولكن به شيئاً أنا واثقة .

اتصلت بـ ” ميرا ” …

يرن ..

هيا ميرا أجيبي ..

– مرحباً ..

– عفواً ..ميرا لقد ذهبت مع ثامر للتو ، ونسيت هاتفها .

– حسناً ، أنا أعتذر ..شكراً .

كان هذا أخيها ” جود “

حاولت أن أتعاطى مع أبي ..

” هل تتناول الفشار معي ؟! “

” ما رأيك بأن نخرج ؟؟”

” هل يعرضون اليوم أفلام بوليوود ؟!” ..

يقول … ” لا ” باستمرار ،

أيعقل أنه يخجل من عملي ؟!!!!!

لا …لا أتوقع ذلك ..

الهاتف يرن ..اللع** على هذا الهاتف ، لا يتوقف عن إصدار ضجيج ..

إنه تيم ..

” احم ..احم ” ،، قلتها مرتين قبل فتح السماعة .

– يا لك من رجل متطفل ؟!

– لقد رأيتك تبتسمين حينما ظهر رقمي على الشاشة !

– بلى ..صدقت .

– إذن ما تفعلين !

– لا شيء ..كنت سأعد قهوة .

– دعينا نتقابل ..فقط لنصف ساعة .

– نصف ساعة ؟!

– ماذا ؟!

– أنت أناني ،، غيرك يحتاجني ..

– اعترفي بأنني الأهم ..

– هل فقدت صوابك ؟!

– لا تنكري …وضح ذلك في نبرتك .

– لست الأهم …ولكنك تتفاوت بين أشخاص ما ..

– لست أتفاوت شمس …اعترفي بأنني أصبحت شيء مهم في حياتك .

– وما المهم بذلك ؟ ، هل تعتقد بانك خُلقت لتسمع آراء الآخرين .

– مهم …في غاية الأهمية بالنسبة لي ..

تباً لذلك الشعور …ها هو يعود مرة أخرى !؟

أحاول أن أتفادى كلامه المعسول .. كيف يخرج هذا الشخص من العدم ؟!

كيف يشعر بي …تزاخم معلومات في رأسي …

أنتهى شحن البطارية ..وبما أن الجميع منشغل ، لما لا أخبركم عن ذلك الوغد السافل

” ثامر ” …

مجرد شخص عديم الفائدة ،،، كل ما يجيد فعله “حب ميرا “..

حسنا لنتفق أن الشخص يفقد كيانه بجانب من يحب …

لكنه ..مختلف تماماً عن ذلك ….

كما حال الشباب هذه الأيام ..

عفواً ؟! ….سأستثني تيم منهم .

” ثامر ” ببساطة لا يثير اهتمامي أو حتى ينال واحد بالمئة من إعجابي ، لست أكترث لمظهر الرجولي ..ولكنه لا يملك الشهامة ليخبر ميرا عن نواياه السابقة .

لن نتوقف إلى هذا الحد ..فجميعنا نخطئ ،، ” لسنا ملائكة “..

حينما أجد كلمات قريبة من شعوري اتجاهه، سأخبركم بها

وكل ما يسعني قوله ” شيطان …قذر ” ..

لم أعد أسمع حساً لأبي …مشيت عبر ذلك الرواق وكنت قد تعديت حجرته الخالية ونظرت نظرة خاطفة على المطبخ وحجرة المعيشة …

لا أثر للرجل ؟!

أين سيذهب ..

سأتصل به ..

” الهاتف الذي تحاول الاتصال به خارج نطاق الخدمة ” …

أترون كيف ؟!

حياتي معقدة …رغم بساطة الأشياء التي تحتويني ..لا يمكن لأب أن يتقبل ابنته خادمة وصديقة تفكيرها خارج الإطار وشاب لا أفهم شعوري اتجاهه ، وزوج صديقتي المستقبلي بلا شهامة …وما شأني به أصلاً ! ..فليحترق ويصبح نعجة سمينة ..لا أكترث .

يمكنني أن أفكك تلك الألغاز بـ ” لماذا ” ؟!..ولكن الخوف من أن أفقدهم يجعلني ألازم حدودي ..،

يبدو أنني سأغفو ..

الثامنة والربع صباحاً …

يا للهول ؟! ..ثلوج .

العشق الذي لا ينتهي …والشيء الوحيد الذي أٌغرمت به بعد القهوة .

” أكتوبر ” ..

حنين شوقي لأجواء كهذه …قرب النافذة خلفها غصن شجرة تحمل ورقة واحدة على وشك الجفاف …أحمل كوب من الكاكاو الساخن ..جوارب ملونة ..وقبعة صوف تخبئ شعري ، أشتهي الكستناء المشوية ..أو رغيف من الخبز الساخن بجانبه حساء العدس الأصفر والقليل من الحامض …

لا تتوقعون جلوسي هكذا طوال اليوم ..سأخرج لإستشعر لحظات مع …

لقد اندفعت للحماس للغاية ، ترى من سيخرج معي ؟!!

ميرا ..اتصال

– كيف الحال يا أجمل وأروع و…

– لا تكملين ..أعلم مبتغاكِ ، فتلك الألقاب لا تأتي هكذا ..

ضحكت ..

– دعينا نخرج ، أرجــــــــــوكِ ..

– شمس ! أكره هذه الأجواء ..لست مستعدة لأكرر هذا كل سنة ، وسيزورنا أهل ثامر .

– أقسم بأنكِ لا تعلمين معنى الحياة .

– بلى ..أكثر منك ، الحياة تعني الحب ، والحب يعني ” ثامر ” ..

أقفلت الخط ..

” ثامر ” وتراب ممزوج بماء …جلبت لي الاشمئزاز منه ،،

لن أسمح لأحد بأن يعكر صفوي ..

بالطبع أملك صديقاً آخر …تيم

اتصال ،،

وصلني صوته أولاً

– صباح الخير .

– صباح الخير ..كيفك هو حالك !

– أصبح بخير حينما أحادثك ..

– لا وقت لدي لأسمع مغازلتك ..

– إذن لماذا اتصلتي ..وأنتي تعلمين أن لساني لا يخلو من ذلك !

– ماذا تقصد ؟ أنني اتصل لأجل أن أسمع تلك ؟!

– لست أدري ..

صمت دام لمدة دقيقتان ..وكأنني أريد أن تصل أنفاسه لي ، أريد فقط أن أمضي الوقت هكذا ..

– شمس ، أنتي بخير ؟!

– دعنا نتقابل !

– لا أصدق ؟ وأخيراً ..

– لا تذهب بأفكارك المنحرفة تلك إلى وادِ آخر ..سنلعب بالثلج قليلاً ونعود .

– أي شيء للبقاء بجانبك ..مستعد لألعب بالرمل أيضاً .

أخرجت ضحكة قوية لأظهر لها بأنني لست أبالي ..بل أخذ الموضوع كداعبة ،، ومن يعلم حالتي خلف هذا الهاتف ؟!

وكيف أصبحت حياتي بعد تواجده !!

كحقنة سعادة بدل الدوبامين ..

ويسألون كيف تشعرين بالراحة النفسية ؟!!!

أدركت الإجابة للتو ..

لم اكن أعتقد أن ذلك الشعور سيطرق الباب فجأة ..

يدخل دون استئذان ..ليجلس ويستولي على عرش قلبي..

ليتحكم في ابتسامة لا شعورية تخرج من حيث لا أدرك ؟!

ليت ذلك فقط …

أراه في زوايا حياتي المنفرجة ..

كنت سأكمل وصف ذلك الشعور …رسالة نصية

” علينا أن نتقابل ..بيننا مسألة علينا التفاهم بشأنها ” …

ثامر..

وكأن ذلك المخلوق أقسم بأن لن يجعلني فرحة طيلة حياتي ..

كلما اتصل تيم …ينتهي الأمر بذلك الل** ..

لن أقابله …بتاتاً ، لا تحاولون إقناعي بالذهاب لمعرفة تلك المسألة السخيفة ..

موضوع يخصه وحده وليس لي شأن ؟!!

أم أن الشك يحوم حولي الآن ؟!!

لم أرى أبي منذ الأمس ..وكأنه يتفادي رؤيتي ..

وماذا فعلت أنا ؟! ..لا أعلم حقاً .

يدين لي بإعتذار علىى ما يفعله …

لن أنكر مدى قلقي عليه ..

حاولت الاتصال به مرات عدة …لا يجيب

اكتفى برسالة فقط

– ” أنا بخير ..سأعود متأخراً لذا لا تنتظريني ” ..

لا أشعر بالراحة اتجاه هذه الرسالة ..لم اكتفي واتصلت مرة أخرى ..

– قلت لك أنني بخير ، لماذا اتصلتِ !

– ألا يحق لي الاطمئنان عليك فحسب …

– شمس ، أنا منشغل ..وداعاً .

أقفل الخط .

وكأنه يخبرني بتصرفاته ” لا أطيقك ..ابتعدي ” .

جلب لي عقدة ..لن أخرج مع تيم .. واعتذرت له مقابل ذلك ..

– شمس ..كنتِ متشجعة قبل ساعة ، ماذا حصل ؟!

– لا شيء ..التوى كاحل قدمي؛لن أستطيع القدوم .

– ليته أصابني بدلاً منكِ.

– ماذا!!!

– اعتني بنفسك حسناً ..ستعوضيني بها لاحقاً .

طرقات تصلني عبر ذلك الباب الخشبي …هل من المعقول أن يكون قد نسي مفاتيحه ؟!

ساعة الهاتف تشير للعاشر إلا ربع ..الوقت ليس متأخراً

طرقات هادئة ،،

– مرحباً يا جميلة ؟!

– ثامر ؟!!

أعلن عن انتهاء الجزء الأول ..

فقط لحين أن أستوعب ما وصل إلى أذنب وعبر إلى قلبي كما لو أن انسكبت ماء باردة على جسدي ..

أغلقت فمي بيدي لأمنع شهقة بكاء ، ،

ضيق في التنفس ..رغبة في الصراخ ..

رعشة تسري في جسدي …

لسان ثقيل ،،دمعة خائنة قد أذٌرفت ..

إن فعلت ما سيقول سأخسر صديقتي

وإن لم أفعل ما يقول سأخسرها أيضاً …

وفي كلتا الحالتين أنا في منتصف الإطار ..،

أصابعي تتخلل بين خصلات شعري …تارة أصفق ببطء ..أقصف أظافر ي بأسناني ..أخفي وجهي بكلتا الكفتين ..

جود ..هو الحل الوحيد ..

في آخر قائمة الاتصالات …

يرن ..هيا أجب ، أجب …

لا يوجد رد ، ،

لا مشكلة سأحاول ..

نصف الحل الان ..أن يجيب .

يرن ..

– جاد وأخيراً !؟

– عفواً ..؟؟

– هذه أنا شمس !

– هل من خطب ما ؟

من حقه أن يتفاجأ باتصالاتي ..فالجميع يعلم أن علاقتنا مشوشة ، أو بمعنى آخر لا اختلاط فيه على الإطلاق ..

ولن يشك ثامر بأنني سأخبر جود

..لن أتحمل تهديداته تلك ..

سنتقابل غداً في المقهى …

وسنعلم جميعا موقعنا في خريطة الورطة .

ياإلهي ..الليل طويل للغاية ، أم هذا لأنني خائفة !؟

لقد وصل أبي …

– هل عدت ؟!

– أجل ..

– هل تناولت العشاء ؟!

– لست أشتهي ..

– وكيف ستتناول الدواء ؟!

– سأخلد للنوم .

– دعني أحضرلك شيئا ..

رفع نظره لي وكان واضحاً مدى الألم بعينه ..صوت عالي ،بحة بكاء …حاولت أن أبحث عن ملامحه التي تشعرني بالاطمئان دائما ولكن هذه المرة فشلت ..

كفى !؟

وقفت بمكاني متجمدة ، ،

أكمل ..

– كفي عن القلق حيالي ، وعن السؤال دوماً ..أشعر بالذنب حيال ذلك ، أندم على تلك الصفعة أعترف لكِ ..ولست أملك الشجاعة لأعتذر ..

إنها المرة الأولى في حياتي أرى دموع أبي ..لم أعتقد أن الرجال لديهم مشاعر هذا ما كانت تقوله أمي ..

عانقته وقبلت رأسه ويديه ..

كان يكرر ..” سامحيني يا ابنتي ” .

انتهى ذلك الموقف بشهيق يليه زفير يخرج هماً …

حضرنا العشاء سوياً ..”سباغيتي بالصلصة البيضاء ..سلطة خضار منعشة ” …

إذن ما هو العمل الذي وجدته منذ فترة ؟!

– ليس عملاً ..ولكنني سحبت مال التقاعد من البنك ؟!

– التقاعد ؟!!!

اكملت بصدمة ..

– لكنني اعتقدت بأن هذا المال سنخبأه لحين آخر .

– لقد خبأته للحاجة ، ونحن بحاجته الآن .

– لكنني أعمل وحينما أجد منزلاً أفضل لن تسحب اتفقنا !

– سأفكر بالأمر .

،،

في المقهى ..

– جود ؟!

– مرحباً شمس ..

– جلست : أعتذر إن كنت قد عطلتك عن أعمالك .

– من حسن الحظ ، لست منشغل اليوم .

– هذا جيد ..

جود شاب معقد في علاقاته ..مرغوب لدى الفتيات بشدة بسسب عضلاته تلك وشعره الأشقر وعينيه العسليتان ..مغرور وكبرياؤه فوق الجميع …

– إذن ما هو الأمر الطارئ .

– هلا تطلب لي فنجاناً من القهوة ..لأن الجو بارداً .

– حسناً ، تودين شيئاً آخر ؟!

– لا ..شكراً ..

كان يراقبني كيف اتناول القهوة ..وكمية التوتر بتصرفاتي ،

– إذن ؟!!

– لدي شرط ؟!

– لقد توقعت هذا .. تريدين مال ؟!

– سحقاً لك ..شرطِ ألا يعلم ثامر بأننا نتقابل إطلاقاً ولا أي شخص كان ، اتفقنا !؟

– موافق ..أكملي .

– ثامر ..يتلاعب بأختك ..

– ميرا ؟!

– وهل تملك سواها أيها الأحمق .

– لا أصدق ..هما على وشك الزواج !؟

– عليك أن تصدق ،،

– وكيف هذا ؟!

عقد حاجبيه ثم رمش أسرع من مرة ..

– شمس ..أخبريني ما حدث بالتفصيل ؟!

أخبرته ..

لم يصدقني بالبداية ..ولكنني أملك أسلوب إقناع جيد ، تحدثنا مطولاً في هذا الحديث ..وسنخسر ميرا في كلتا الحالتين إذا تزوجته ستقلب حياتها لكارثة وإن لم تتزوج ستنهار مفتقد ثقتها بكل من حولها ..لأن ذلك الوغد ورطني معه ..

أشعر براحة لأنني أخبرت جود …رجل بكل ماتعنيه الكلمة يمكنني الاعتماد عليه ، عل الأقل هو الوحيد الذي يعرف الحقيقة إن أصاب ميرا الشك ..

رحل وما زلت في ذلك المقهى …لقد وعدت أبي أنني سأعود مبكراً لكي نجد منزل آخر ..

ولكن ما لم أتوقعه ..

تيم دخل للمقهى ..

– ها أنتي تجلسين لوحدك مرة أخرى ؟

– لا ..لقد كنت برفقة صديق فحسب ..وغادر للتو .

– صديق إذن ؟!

– ومن هذه الجميلة ؟!

– إنها أختي ” ميرال ” ..

– كم أعشق هذا الاسم …أجمل منك للغاية ..

– وكأنك تحاولين إخباري بأنني الأجمل ؟!

– تبا لثقتك يا رجل ..

ميرال شابة جميلة ..يبدو وكأنها في الثانية والعشرون من عمرها ، جسد نحيل وشعر مجعد قصيرة ..بشرة فاتحة وعيناها ناعستين بلون القهوة ..

أجد أن الفرص متاحة كثيرة في هذه الأيام …أملك أصدقاء كثر …

ذهب تيم ليحضر القهوة وسيعود ..

– إذن ميرال ، كيف هو حالك ؟

– لقد سئمت من أخي الذي لا يذكر سوى اسمك في المنزل ؟!

اكتسى وجهي بالخجل وابتسامة جانبية وكالعادة أظهر بأنني أتقبل الموضوع كدعابة ..

– وما هو عملك ؟!

– أنا أخذ قسطاً من الراحة ..لا أعمل ولا أدرس .

– جيد …

– لكن لدي غداً مقابلة عمل ، لقد دبرها ذلك الأبله .

– أتمنى لك التوفيق .

– اعذريني إن قلت عنه أبله ، أعتقد بأنك ستقتليني لأنني أخطأ على زوجك المستقبلي ؟!

شردقة ..كحة وعطس ، حالة صرع …ماذا قالت للتــــــــــــــــــو ؟!