أنا كارنينا ../ الأنتحار جمالاً ..!

مجتمع رجيم / النقاش العام
كتبت : جذور
-


الأنتحار

{الأنتحار 18992}

:
رغم أني قرأت هذه الرواية منذ زمن إلا أنني ما أزال أحفظ تفاصيلها،وماتزال عالقة بذهني ، هي رواية من أجمل الروايات العالمية الني قرأتها وهي تحكي قصة امرأة جميلة جدا يتحول جمالها إلى جحيم لها ،وهي كما تعرفون من إبداع الروائي العالمي الروسي ليوتولستوي الفائز بجائزة نوبل وقد كتب الناشر على غلافها ” بلغ الكاتب الروسي العبقري ليوتولستوي الذروة في التعبير عن الحب الجارف الأعمى الذي يتخبط فريسة واهية بين مخالب هذا القدر،قصة الجمال الأنثوي الذي يمسي ثقلا لا يطاق على كاهل الام الفاتنة” ..!

ويقول تولستوي في بداية الرواية ..
” كل الأسر السعيدة متشابهة، أما الأسر التعيسة فلكل منها قصتها المختلفة، وتعاستها الخاصة المميزة ” ..!
:

تتحدث هذه الرواية عن فخ الجمال الأنثوي،حيث الفتاة الجميلة جدا(أنّا) والمتزوجة من الوزير كارنين،لكن علاقتها بكارنين باردة جدا وبلهاءكما ترى هي وهي لاتحبه ،على الرغم من أنه قد مضى على زواجهما فترة كبيرة أنجبت له خلالها صبيا ..!
:
الأنتحار

{الأنتحار 18993}

:
فكان هذا الشعور ممهدا الطريق للشاب الوسيم فرونسكي فخطف قلبها وأوقعها في حبه ليبدأ معها مشوار الحب الأعمي وهي منجرفة إليه بكل جوارحها ،ويشعر زوجها كارنين بالذي بينهما،لكنه يحاول أن يبدو ثابتا مستعينا بطيبته الكبيرة حد السذاجة محاولا من أنا أن تعود وتعي خطورة ماتفعله، لكن قلبها لم يعد له وهو لم يدرك هذا،بل إنه كان أكثر ما يحرص عليه صورته كوزير أمام الناس ، أن ، لتهرب بصحبة عشيقها إلى خارج روسيا،ويعيشان هناك ، ويعودان بعد زمن وقد أضاع فرونسكي منصبا كبيرا وحياة كريمة بسبب هذا الحب وهذا الهروب
:
الأنتحار

{الأنتحار 18994}

</p>:

بينما أضاعت أنا ابنها وخسرا المجتمع الذي لم يقبل منهما هذا الفعل وكان ينظر إليهما باحتقار ،وأصبح الناس لايهتمون بهما بل ولايحبذون التعامل معهما فينعزلان بصورة كبيرة عن المجتمع،ويصر زوجها كارنين على عدم طلاقها، فتبقى مع فرونسكي وقد أنجبت له بنتا هويتها ضائعة،ويبدأ الحب في التلاشي من هذه الآلم التي يعيشانها ،حيث فرونسكي يرثي مستقبله وحياته مع أنا بهذه الطريقة ..ويزيد شك أنا فيه وغيرتها عليه ،وتكتشف أن أمه تقربه من إحدى الأميرات وهذا يعني أنه سيتخلى عنها لتبقى في الدوامة وحدها ،وحين تشعر بخسارتها لكل شيء تقول وهي تركب عربةالقطار “لو كان للحزن والقنوط وزن لما احتملتني هذه العربة” ولأنها بدأت تفكر بعمق بعد فوات الأوان عجز عقلها عن إيجاد مخرج قررت أن تنتحر وحين توقف القطار الذي تركبه انظرت أن يمر قطار آخر ثم توجهت نحو سكة الحديد ورمت كل ذلك الجمال تحت عجلات قطار قادم ليمر من عليها وتموت تلك المراة الجميلة منتحرة ..!

من مفارقات الرواية الرائعة :

بداية الرواية أنا كارنينا هذه المذنبة والخائنة تحل المشكلة الكبيرة بين أخيها وزوجته،حيث اكتشفت الزوجة خيانة الزوج،وحين تدخلت أنا وبخت أخاها على فعلته وصغر عقله .. وتستغرب كقارئ أن تقع هي في هذا وهي التي بدت تمتلك عقلا كبيرا يحميها من الانجراف في مثل هذه الخيانات ..!
:
الأنتحار

{الأنتحار 18995}

:
تقارن أنا بين حبها لابنها وحبها لفرونسكي،وكيف أنها ضحت بالحب الغريزي الكبير من أجل حب عابر..
على الرغم من حالتها النفسية السيئة جدا قبيل انتحارها بدقائق ظل الرجال يعاكسونها ويحاولون لفت نظرها وكانت هي تهرب وتحاول التخلص من كل من ينظر إليها،وهي التي كانت سابقا تفرح بأن يغازلها أحد ما لتظل تشعر بأنها ماتزال جميلة رغم بؤس حياتها مع فرونسكي..!
موقف كارنين من أهم ما أدى لكل تلك التطورات،حيث صفح عن أنا بعد تعرضها لحالة مرضية كانت تقتلها،وجعلتها تراجع نفسها وتطلب صفح كارنين فصفح عنها وتغاضى عن كل مافعلته ولم تكن تتوقع ذلك لتراه عظيما سمحا كريما أفضل منها وتشعر أنها لم تعد قادرة على الحياة معه لانها أقل منه

.. الرواية تحمل التناقضات وتحمل فعلا هما كبيرا ،تشفق لحظة على كارنين كقارئ،وتشعر لحظة أنه من أهم أسباب ما حدث،وكذلك أنّا .. تسلط الضوء على جناية الرجال حين لايهمهم من امرأة إلا جمالها ،والمرأة حين تندفع وراء الجمال .. رواية أعجبتني فيها قدرة تولستوي..!