لماذا لا يمتلك المرء المئات من الأصدقاء؟.. إليك ما يقوله العلم عن العدد المثالي للصداقات المناسبة لشخصيتك

مجتمع رجيم / الحياة الأسرية
كتبت : ام ناصر**
-
لماذا لا يمتلك المرء سوى عدد محدود من الأصدقاء؟ وما العدد المثالي للأصدقاء بالنسبة لك؟.

قد يكون هذا السؤال خطر على ذهنك أو بالك بشكل شخصي وأنت تستعرض حجم علاقتك، ولكن العلماء حاولوا الإجابة مراراً عن هذا السؤال، وتوصلوا لنتائج مدهشة.

فقبل ربع قرن، اقترح العالم البريطاني روبن دنبار، أن عدد الأشخاص الذين نتعامل معهم بانتظام يبلغ نحو 150 شخصاً، حسبما ورد في تقرير لموقع ABC الإسباني.

عدد الأصدقاء والمعارف مرتبط بتطور هذا الجزء من المخ

وقد لاحظ بعض علماء الرئيسيات العليا (رتبة من الثدييات تضم الإنسان)، أن هناك علاقة بين عدد الأفراد الذين تتعلق بهم هذه الرئيسيات اجتماعياً وحجم القشرة المخية الحديثة في الدماغ، والتي تُعتبر، من وجهة نظر علماء التطور، الجزء الأحدث تطوراً في الدماغ.

ووفقاً لهذه الاستنتاجات، فإن القدرة على التواصل مع عدد أكبر أو أقل من الأفراد تقتصر على حجم ذلك الجزء من الدماغ، لأن هذا الحجم يحدد القدرة المعرفية.

وقد قدَّر دنبار رقم 150 لهذه العلاقة باستخدام بيانات 38 جنساً من الرئيسيات، ومنذ ذلك الحين، أطلق على هذا الرقم، 150، رقم دنبار.

ولكن البشر لا يَصلون لهذا العدد الأقصى إلا في حالات شديدة الصعوبة

ورأى العالم البريطاني أيضاً أن حجم المجموعات البشرية الحقيقية يصل إلى 150 فرداً فقط عندما تكون الظروف التي تتطور فيها المجموعة شديدة الصعوبة ويكون لدى أعضائها حافز قوي للبقاء معاً.

أي إنه فقط المجموعات التي تتعرض لضغوط صعبة للبقاء معاً، مثل مخيمات اللاجئين والقبائل البدوية والتجمعات العسكرية، ستصل إلى العدد 150.
وعندما تكون هذه الظروف غير موجودة، ستكون المجموعة أصغر، على الرغم من أن القدرة على إقامة علاقات ستبقى عند ذلك الحد التقريبي.

العدد المثالي للأصدقاء تحدده هذه الدوائر.. تعرَّف على مراتب معارفك

في محاولة لتحديد العدد المثالي للأصدقاء والمعارف، قام باحثون من جامعة كارلوس الثالث بالعاصمة الإسبانية مدريد وروبن دنبار نفسه، من أوكسفورد، بتطوير نموذج نظري للعلاقات الاجتماعية.

يفترض هذا النموذج أن قدرة الإنسان على الارتباط بأشخاص مختلفين لها حدود، وأن أنواع العلاقات المختلفة تتطلب درجات مختلفة من المشاركة.

وتقوم هذه النظرية على الملاحظات التجريبية التي تفيد بأن العلاقات الإنسانية عادة ما توزَّع وفقاً لهيكل من الدوائر.

فالشيء الطبيعي هو أننا نرتبط بشكل وثيق مع عدد قليل جداً من الناس، بين 3 و5 أشخاص.

في هذه الدائرة، يتم تضمين أقرب الأقارب، وأحياناً، الصداقات الحميمة.

وتتكون الدائرة التالية من 10 أشخاص آخرين، هم الأصدقاء الجيدون.

في الدائرة الأبعد هناك مجموعة تتكون من نحو 30 إلى 35 شخصاً، وهم الذين نتعامل معهم بشكل متكرر.

أي إن مجموع هذه الدوائر نحو 50 شخصاً.

ومجتمعات البشر الأوائل كانت تتكون من هذا العدد بالفعل

وليس من قبيل الصدفة أن تكون مجموعات الصيادين (التجمعات الأولى للبشر في التاريخ) كانت تتكون من نحو 50 شخصاً على الأكثر.

وربما يمثل هذا العدد، التي كانت تتشكل منه هذه المجموعات، تلك الدوائر الثلاث المشار إليها.

بعد ذلك، تأتي مجموعة المعارف الذين نتفاعل معهم عادةً، والمكونة من نحو 100 شخص.

الأصدقاء؟.. للصداقات المناسبة iStock838837372.jpg</p>
مجموعات الصيادين البدائية كان عددها نحو 50 شخصاً/ISTOCK

ومع ذلك، فإن هذا النموذج النظري يحتمل وجود بنية اجتماعية مختلفة، عكس التي ذكرت للتو.

وهذه البنية قد تشير إلى أن العدد المثالي للأصدقاء يتباين باختلاف طبيعة الشخص والمجتمع.

ولكن الواقع أن عدد المعارف يختلف حسب قوة العلاقة

على سبيل المثال، عندما يكون المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد صغيراً (أقل من 55 شخصاً).

في هذه الحالة، تكون جميع علاقاتهم تقريباً في الدوائر الأولى (أقرب الأقارب والأصدقاء الجيدون)، وتتمتع المجموعة بتماسك كبير.

هذه البنية نموذجية للأفراد الذين يميلون بسبب شخصيتهم إلى الارتباط بقلة قليلة من الناس، أو عندما ينتمي الفرد إلى مجتمعات خاصة، مع عدد قليل جداً من الأعضاء، مثل تلك التي تشكلها بعض المجموعات من المهاجرين.

علينا الاختيار بين علاقة عميقة مع أشخاص قليلين أو سطحية واسعة الانتشار

ما يمكننا استنتاجه من هذه الدراسات هو أن البشر لديهم رأسمال ثابت من المعارف يمكن تسميته رأسمال المعارف.

أي أن العدد المثالي للأصدقاء ليس ثابتاً، ولكن ماهو ثابت مقدار المشاعر الموجهة للأصدقاء والمعارف أو رأسمال المعارف.

وأنه إذا كرسنا هذا الرأسمال للارتباط بعدد قليل من الناس، فإن العلاقة بينهم ستكون قوية للغاية.
ولكن إذا كان لدينا، بسبب شخصيتنا أو ظروف حياتنا، نزعة أو حاجة للارتباط بالكثير من الأشخاص، فإن درجة العلاقة القوية تتراجع مع معارفنا.

أي إنه لن يمكننا استخدام رأسمال المعارف ذلك إلا بقدر محدود مع كل هذا العدد الكبير من الأشخاص.

فعلى الرغم من أن لدينا قشرة دماغية كبيرة الحجم، فإن حجمها محدود في النهاية.

ومن ثم، فهذه القشرة تجعل الإنسان يميل إلى خيارين: إما علاقات قوية مع عدد محدود من الأشخاص، وإما علاقات ضعيفة مع عدد كبير من الناس.

فكمُّ الصداقة والمعارف واحد لدى الإنسان، وعليه أن يُحسن توزيعه حسب ظروفه، إلى أن يصل إلى العدد المثالي للأصدقاء بنفسه.

اقتراح تصحيح

صورتويترخواطركلام