تفاصيل الرحيل والنورس

مجتمع رجيم / الحاسب والانترنت
كتبت : إبتهال
-
تفاصيل الرحيل والنورس



كنت سأرحل بصمت الى فضاء اللامحدود , فقد رأيت أن المكان لم يعد مكاني وأن الزمان سبقني بعيدا وخلفني طريدا بين من لا يشبهني في شئ , حتى خيل الي أن عصافير أحلامي قد هجرتني هي الأخرى , كنت سأرحل بلا وداع نحو المجهول , فقد تخيلت أن حبر الكتابة قد صار ملوثا وأن عويل الليل قد غطى على صهيل الخيول , حتى اللغة ما عادت كتلك التي تشبه لغتي والهواء ما عاد يدخل رئتي الا مع دخان الضجر ورائحة النفاق والزيف ؟؟؟ ومشيت نحو باب الهروب الخلفي الى أن وجدت الباب وقد اوصد في وجهي , وشعرت بمن يشدني من قميصي بهدوء !؟ فأدرت وجهي فاذا هي بسمة أمل وقد ارتسمت على محيا نورس قد حط على كتفي وحملني الى دنيا جديده , دنيا امتزج فيها عبير الذوق وجمال الادب ورقة المشاعر , صهرت في بوتقة الخواطر , تركني أقف بين الخمائل والرياحين , حيث نسمات الهواء البارد تنساب عبر مياه البحر , فتحمل معها روائح الياسمين تهديها لرواد الشاطئ بلا تمييز , وقابلني بنظرة الحزن والتحدي , فظننت أنها نوع من العتاب وكانه يقول لي : لا لن ترحل , تفرست في عينيه , فما رأيت الا وقد ارتسم فيهما ألأمل مغلفا بقطرات الندى ممزوجة بأحزان دفينه ؟؟؟ تسمرت في مكاني وكأن الوعي قد عاد يتسلل الى داخلي , وأخذت أنظر اليه نظرة الريب والتساؤل ؟؟ كيف يحمل في ثناياه الامل ممزوجا بالحزن والتحدي ؟ وينطلق في سراديب العتمة ليقودني الى دنيا الصفاء والرقة والموده ؟؟ هل لونت ريشه معارك الحياة باللون الرمادي اللؤلؤي والابيض , ليأخذ منها العظة والدرس , وكأنها تصرخ بملء فيها : أنا الدنيا , لست دار استواء وانما أنا دار التواء , لست دار فرح ولكني دار ترح , لن اعطيك الدرس الا بعد ان تخوض الامتحان ؟ لا يستحق ان يتذوق طعمي من لا يجازف ولا يغامر ؟؟؟ وأخيرا استطعت أن أتلعثم بكلماتي بصوت متهدج : أيها النورس الحزين , اذن افهم اننا لسنا وحدنا الذين نشعر بالألم والحزن , فالكل على هذه البسيطة يشترك في المخاوف والأحزان والعيوب والغبار والعتمة والضيق والأرق , لكنه ردد على مسامعي بقوة قائلا : علينا ان ندرك أن بداخلنا ذات أسمى تنعم بسلام أبدي تلك هي هويتنا الانسانيه الحقيقيه , وفي النهاية نحن لسنا سوى ما يدور في عقولنا , وأحاسيسنا تتولد عن أفكارنا , ونحن عبيد لعواطفنا , مأساتنا الحقيقية تكمن في أننا ننبش في ماضينا , او نبحث بفضول وقلق عن مستقبلنا , ونادرا ما نرتاح أو نتوقف في اللحظة الحاضره التي نحياها , تلك هي مأساتنا , اذن دعنا نفتح قلوبنا لشئ جديد جميل في حياتنا , ونترك ما يزعجنا يرحل بلا عوده ! أخيرا رفرف النورس بجناحيه بعيدا نحو آفاق البحر الشاسع بعد أن ربت على كتفي , فسقطت مغشيا علي , وما أفقت الا وأنا أردد : لا لن أرحل فما زال وقت الرحيل بعيدا , وعاد الامل والتفاؤل يتقمص روحي من جديد , وما دريت أني كنت أخاطب نفسي أم أخاطب هذا الطائر الذي هبط علي من حيث لا أحتسب , وهل ترى عشت لحظات في بحر أحلام التائهين أم خيالات الشعراء ؟؟ أم هي صرعات انتابتني في عتمة الليل , فأعادت الي روح التحدي والأمل ؟؟؟

التالي
السابق