قصة يوسف عليه السلام

مجتمع رجيم / الحياة الأسرية
كتبت : ام ناصر**
-
15191549309057.png
ذكر اسم يوسف في 26 آية من الكتاب الكريم:
  • 24 آية في سورة يوسف
  • آية في الانعام 84
  • آية في غافر 34
سبب نزول سورة يوسف

ان كفار مكة لقي بعضهم اليهود وتباحثوا في ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فقال لهم اليهود سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر وعن قصة يوسف.فنزلت سورة يوسف

وقد أنزل الله عزوجل في شأنه وما كان من أمره سورة من القرآن العظيم ليتدبر ما فيها من الحكم والمواعظ والآداب والامر الحكيم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: بسم الله الرحمن الرحيم آلر تلك آيات الكتاب المبين إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون.نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا اليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين [ يوسف: 1 – 3 ].

وجملة القول في هذا المقام أنه تعالى يمدح كتابه العظيم الذي انزله على عبده ورسوله الكريم بلسان عربي فصيح بين واضح جلي يفهمه كل عاقل ذكي زكي فهو أشرف كتاب نزل من السماء، أنزله أشرف الملائكة على أشرف الخلق في أشرف زمان ومكان.
بأفصح لغة وأظهر بيان.فإن كان السياق في الاخبار الماضية أو الآتية ذكر أحسنها وأبينها وأظهر الحق مما اختلف الناس فيه ودمغ الباطل وزيفه ورده.وإن كان في الاوامر والنواهي فأعدل الشرائع وأوضح المناهج وأبين حكمة وأعدل حكما.فهو كما قال تعالى وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا [ الانعام: 115 ].يعني صدقا في الاخبار، عدلا في الاوامر والنواهي ولهذا قال تعالى نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين [ يوسف: 3 ] أي بالنسبة إلى ما أوحى اليك فيه كما قال تعالى وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الارض ألا إلى الله تصير الامور [ الشورى: 52 – 53 ].

وقال تعالى كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق.وقد آتيناك من لدنا ذكرا.من أعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزرا.خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا [ طه: 99 – 101 ]
يعني من أعرض عن هذا القرآن واتبع غيره من الكتب فإنه يناله هذا الوعيد كما قال في الحديث المروي في المسند والترمذي عن أمير المؤمنين علي مرفوعا وموقوفا من ابتغى الهدى في غيره أضله الله

وقال الامام أحمد عن جابر: أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم قال فغضب وقال: أتتهوكون التحير فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شئ فيخبرونكم بحق فتكذبونه أو بباطل فتصدقونه والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني إسناد صحيح. وفى رواية أحمد من وجه آخر : والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي من الامم وأنا حظكم من النبيين

وفي بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته: أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون. ثم أمر بتلك الصحيفة فمحيت حرفا حرفا

إذ قال يوسف لابيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين.قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين.وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحق ان ربك عليم حكيم [ يوسف: 4 – 6 ]

قد قدمنا أن يعقوب كان له من البنين اثنا عشر ولدا ذكرا وسميناهم وإليهم تنسب أسباط بني إسرائيل كلهم وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليه السلام وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي إخوته لم يوح إليهم.
وظاهر ما ذكر من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول *
ومن استدل على نبوتهم بقوله قالوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل إلى إبراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب والاسباط [ البقرة: 136 ] وزعم أن هؤلاء هم الاسباط فليس استدلاله بالقوي لان المراد بالاسباط شعوب بني اسرائيل وما كان يوجد فيهم من الانبياء الذين ينزل عليهم الوحي من السماء والله أعلم.

ومما يؤيد أن يوسف عليه السلام هو المختص من بين إخوته بالرسالة والنبوة أنه نص على واحد من إخوته سواه فدل على ما ذكرناه ويستأنس لهذا بما قال الامام أحمد ، عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الكريم بن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم البخاري

قال المفسرون وغيرهم رأى يوسف عليه السلام وهو صغير قبل أن يحتلم كأن أحد عشر كوكبا وهم اشارة إلى بقية اخوته والشمس والقمر وهما عبارة عن أبويه قد سجدوا له فهاله ذلك فلما استيقظ قصها على أبيه فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة بحيث يخضع له أبواه وإخوته فيها فأمره بكتمانها وأن لا يقصها على إخوته كيلا يحسدوه ويبغوا له الغوائل ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر وهذا يدل على ما ذكرناه * ولهذا جاء في بعض الآثار: استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها، فإن كل ذي نعمة محسود ،

وعند أهل الكتاب أنه قصها على أبيه وإخوته معا وهو غلط منهم وكذلك يجتبيك ربك أي وكما أراك هذه الرؤيا العظيمة فإذا كتمتها يجتبيك ربك أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة ويعلمك من تأويل الاحاديث أي يفهمك من معاني الكلام وتعبير المنام ما لا يفهمه غيرك ويتم نعمته عليك أي بالوحي إليك وعلى آل يعقوب آي بسببك ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة كما أتمها على أبويك من قبل ابراهيم وإسحق أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة كما أعطاها أباك يعقوب وجدك إسحق ووالد جدك إبراهيم الخليل إن ربك عليم حكيم كما قال تعالى الله أعلم حيث يجعل رسالته .
لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أكرم قال: يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله

لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين.إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين.اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين.قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين [ يوسف: – 10 ].
ينبه تعالى على ما في هذه القصة من الآيات والحكم والدلالات والمواعظ والبينات.ثم ذكر حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولاخيه يعنون شقيقه لامه بنيامين أكثر منهم وهم عصبة أي جماعة يقولون فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين إن أبانا لفي ضلال مبين أي بتقديمه حبهما علينا * ثم اشتوروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلو لهم وجه أبيهم أي لتتمحض تكون خالصة لهم محبته لهم وتتوفر عليهم وأضمروا التوبة بعد ذلك.فلما تمالؤا على ذلك وتوافقوا عليه قال قائل منهم قال مجاهد هو شمعون * وقال السدي هو يهودا * وقال قتادة ومحمد بن اسحق هو أكبرهم روبيل
لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة أي المارة من المسافرين ان كنتم فاعلين ما تقولون لا محالة فليكن هذا الذي أقول لكم فهو أقرب حالا من قتله أو نفيه وتغريبه فأجمعوا رأيهم على هذا

فعند ذلك قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون.قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون.قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون [ يوسف: 11 – 14 ] طلبوا من أبيهم أن يرسل معهم أخاهم يوسف وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم وأن يلعب وينبسط وقد أضمروا له ما الله به عليم فأجابهم الشيخ عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم.يا بني يشق علي أن أفارقه ساعة من النهار ومع هذا أخشى أن تشتغلوا في لعبكم وما أنتم فيه فيأتي الذئب فيأكله ولا يقدر على دفعه عنه لصغره وغفلتكم عنه. قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون أي لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا أو اشتغلنا عنه حتى وقع هذا ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون أي عاجزون هالكون.

وعند أهل الكتاب أنه أرسله وراءهم يتبعهم فضل عن الطريق حتى أرشده رجل إليهم.وهذا أيضا من غلطهم وخطئهم في التعريب فإن يعقوب عليه السلام كان أحرص عليه من أن يبعثه معهم فكيف يبعثه وحده

فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابت غوره الجب وأوحينا إليه لننبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاؤا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين.وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل.والله المستعان على ما تصفون [ يوسف: 15 – 18 ] لم يزالوا بأبيهم حتى بعثه معهم فما كان إلا أن غابوا عن عينيه فجعلوا يشتمونه ويهينونه بالفعال والمقال واجمعوا على إلقائه في غيابت الجب أي في قعره على راعوفته وهي الصخرة التي تكون في وسطه يقف عليها المائح وهو الذي ينزل ليملي الدلاء إذا قل الماء والذي يرفعها بالحبل يسمى الماتح فلما ألقوه فيه أوحى الله إليه أنه لابد لك من فرج ومخرج من هذه الشدة التي أنت فيها ولتخبرن أخوتك بصنيعهم هذا في حال أنت فيها عزيز وهم محتاجون إليك خائفون منك وهم لا يشعرون .

قال مجاهد وقتادة وهم لا يشعرون بايحاء الله إليه ذلك *
وعن ابن عباس وهم لا يشعرون أي لتخبرنهم بأمرهم هذا في حال لا يعرفونك فيها * * فلما وضعوه فيه ورجعوا عنه أخذوا قميصه فلطخوه بشئ من دم ورجعوا إلى أبيهم عشاء وهم يبكون أي على أخيهم.

ولهذا قال بعض السلف لا يغرنك بكاء المتظلم فرب ظالم وهو باك وذكر بكاء إخوة يوسف وقد جاءوا أباهم عشاء يبكون أي في ظلمة الليل ليكون أمشى لغدرهم لا لعذرهم قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا أي ثيابنا فأكله الذئب أي في غيبتنا عنه في استباقنا وقولهم وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين أي وما أنت بمصدق لنا في الذي أخبرناك من أكل الذئب له ولو كنا غير متهمين عندك فكيف وأنت تتهمنا في هذا فإنك خشيت أن يأكله الذئب وضمنا لك أن لا يأكله لكثرتنا حوله فصرنا غير مصدقين عندك فمعذور أنت في عدم تصديقك لنا والحالة هذه.

وجاؤا على قميصه بدم كذب أي مكذوب مفتعل لانهم عمدوا إلى سخلة ولد الشاة ذبحوها فأخذوا من دمها فوضعوه على قميصه ليوهموا أنه أكله الذئب قالوا ونسوا أن يخرقوه وآفة الكذب النسيان * ولما ظهرت عليهم علائم الريبة لم يرج صنيعهم على أبيهم فإنه كان يفهم عداوتهم له وحسدهم إياه على محبته له من بينهم أكثر منهم لما كان يتوسم فيه من الجلالة والمهابة التي كانت عليه في صغره لما يريد الله أن يخصه به من نبوته

ولما راودوه عن أخذه فبمجرد ما أخذوه وأعدموه وغيبوه عن عينيه جاؤا وهم يتباكون وعلى ما تمالؤا عليه يتواطؤن ولهذا قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون .

[ وقال تعالى ]: وجاءت سيارة فارسلوا واردهم فادلى دلوه.قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون.وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين.وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا ونتخذه ولدا.وكذلك مكنا ليوسف في الارض ولنعلمه من تأويل الاحاديث.والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين [ يوسف: 19 – 22 ]

يخبر تعالى عن قصة يوسف حين وضع في الجب: أنه جلس ينتظر فرج الله ولطفه به، فجاءت سيارة أي مسافرون.
قال أهل الكتاب
: كانت بضاعتهم من الفستق والصنوبر والبطم قاصدين ديار مصر من الشام، فأرسلوا بعضهم ليستقوا من ذلك البئر، فلما أدلى أحدهم دلوه تعلق فيه يوسف فلما رآه ذلك الرجل قال يا بشرى أي يا بشارتي هذا غلام وأسروه بضاعة أي أوهموا أنه معهم غلام من جملة متجرهم والله عليم بما يعملون أي هو عالم بما تمالا عليه أخوته وبما يسره واجدوه من أنه بضاعة لهم ومع هذا لا يغيره تعالى لما له في ذلك من الحكمة العظيمة والقدر السابق والرحمة بأهل مصر مما يجري الله على يدي هذا الغلام الذي يدخلها في صورة أسير رقيق ثم بعد هذا يملكه ازمة الامور وينفعهم الله به في دنياهم وأخراهم بما لا يحد ولا يوصف.

ولما استشعر إخوة يوسف بأخذ السيارة له لحقوهم وقالوا هذا غلامنا أبق منا، فاشتروه منهم * بثمن بخس أي قليل نزر وقيل هو الزيف دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين .قال ابن مسعود وابن عباس باعوه بعشرين درهما اقتسموها درهمين درهمين.
وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته اكرمي مثواه أي أحسني إليه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهذا من لطف الله به ورحمته وإحسانه إليه بما يريد أن يؤهله له ويعطيه من خيري الدنيا والآخرة.

قالوا وكان الذي اشتراه من أهل مصر عزيزها وهو الوزير بها الذي [ تكون ] الخزائن مسلمة إليه * وكان ملك مصر يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق قال واسم امرأة العزيز راعيل بنت رعاييل.وقال غيره كان اسمها زليخا والظاهر أنه لقبها.
وقال ابن عباس كان اسم الذي باعه بمصر يعني الذي جلبه إليها مالك بن ذعر بن نويب بن عفقا بن مديان بن ابراهيم فالله أعلم.

وقال ابن مسعود قال أفرس الناس ثلاثة عزيز مصر حين قال لامرأته اكرمي مثواه والمرأة التي قالت لابيها عن موسى يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين [ القصص: 26 ] وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
ثم قيل اشتراه العزيز بعشرين دينارا. فالله أعلم وقوله وكذلك مكنا ليوسف في الارض أي وكما قيضنا هذا العزيز وامرأته يحسنان إليه ويعتنيان به مكنا له في أرض مصر ولنعلمه من تأويل الاحاديث أي فهمها.وتعبير الرؤيا من ذلك والله غالب على أمره أي إذا أراد شيئا فإنه يقيض له أسبابا وامورا لا يهتدي إليها العباد ولهذا قال تعالى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون.ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين .فدل على أن هذا كله كان وهو قبل بلوغ الاشد.وهو حد الاربعين الذي يوحي الله فيه إلى عبادة النبيين عليهم الصلاة والسلام من رب العالمين.
وقد اختلفوا في مدة العمر الذي هو بلوغ الاشد: قال الحسن: أربعون سنة، ويشهد له قوله تعالى حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة [ الاحقاف: 15 ].

وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب.وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون.ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر والفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم.قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين.وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين.فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين [ يوسف: 23 – 29 ].

يذكر تعالى ما كان من مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام عن نفسه وطلبها منه ما لا يليق بحاله ومقامه، وهي في غاية الجمال والمال والمنصب والشباب، وكيف غلقت الابواب عليها وعليه وتهيأت له، وتصنعت، ولبست أحسن ثيابها، وأفخر لباسها، وهي مع هذا كله امرأة الوزير * قال ابن اسحق: وبنت أخت الملك الريان بن الوليد صاحب مصر.وهذا كله مع أن يوسف عليه السلام شاب بديع الجمال والبهاء، إلا أنه نبي من سلالة الانبياء،

فعصمه ربه عن الفحشاء.وحماه عن مكر النساء.فهو سيد السادة النجباء السبعة الاتقياء.المذكورين في الصحيحين عن خاتم الانبياء.في قوله عليه الصلاة والسلام من رب الارض والسماء: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل.ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.ورجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه.ورجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه.ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه وشاب نشأ في عبادة الله.ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله متفق علية .

والمقصود أنها دعته إليها وحرصت على ذلك أشد الحرص فقال معاذ الله إنه ربي يعني زوجها صاحب المنزل سيدي أحسن مثواي أي أحسن إلي وأكرم مقامي عنده إنه لا يفلح الظالمون
وقد تكلمنا على قوله ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه بما فيه كفاية ومقنع في التفسير . والذي يجب أن يعتقد أن الله تعالى عصمه وبرأه ونزهه عن الفاحشة وحماه عنها وصانه منها * ولهذا قال تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين.واستبقا الباب أي هرب منها طالبا إلى الباب ليخرج منه فرارا منها فاتبعته في أثره والفيا أي وجدا سيدها أي زوجها لدى الباب فبدرته بالكلام وحرضته عليه قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب اليم .

اتهمته وهي المتهمة وبرأت عرضها ونزهت ساحتها فلهذا قال يوسف عليه السلام هي راودتني عن نفسي إحتاج إلى أن يقول الحق عند الحاجة وشهد شاهد من أهلها قيل كان صغيرا في المهد . وقيل كان رجلا قريبا إلى أطفير بعلها.وقيل قريبا إليها * وممن قال إنه كان رجلا ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن اسحاق وزيد بن أسلم فقال إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين أي لانه يكون قد راودها فدافعته حتى قدت مقدم قميصه وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين أي لانه يكون قد هرب منها فاتبعته وتعلقت فيه فانشق قميصه لذلك وكذلك كان.ولهذا قال تعالى فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم أي هذا الذي جرى من مكركن أنت أنت الذي راودتيه عن نفسه راودته عن نفسه * ثم اتهمته بالباطل ثم ضرب بعلها عن هذا صفحا فقال يوسف أعرض عن هذا أي لا تذكره لاحد لان كتمان مثل هذه الامور هو الاليق والاحسن وأمرها بالاستغفار لذنبها الذي صدر منها والتوبة إلى ربها فإن العبد إذا تاب إلى الله تاب الله عليه.

وأهل مصر وإن كانوا يعبدون الاصنام إلا أنهم يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ويؤاخذ بها هو الله وحده لا شريك له في ذلك * ولهذا قال لها بعلها وعذرها من بعض الوجوه لانها رأت ما لا صبر لها على مثله إلا أنه عفيف نزيه برئ العرض سليم الناحية فقال استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين سورة يوسف الآية 29 وفيها: واستغفري.. رجح الرازي أن يكون القائل هو الشاهد ; ويحتمل أن يكون المراد طلب المغفرة من الزوج أي طلب العفو والصفح، ويحتمل أن يكون المراد بالاستغفار من الله.لان أولئك الاقوام كانوا يثبتون الصانع ; إلا انهم كانوا يعبدون الاوثان .

وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين.فلما سمعت بمكرهن أرسلت اليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن.فلما رأينه أكبرنه وقطعن إيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم.قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين.قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب اليهن وأكن من الجاهلين.فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم [ يوسف: 30 – 34 ]

يذكر تعالى ما كان من قبل نساء المدينة، من نساء الامراء وبنات الكبراء قال في تفسير الرازي: قال الكلبي هن أربع: امرأة ساقي العزيز، وامرأة خبازه، وامرأة صاحب سجنه – وامرأة صاحب دوابه.وزاد مقاتل: وامرأة الحاجب. في الطعن على إمرأة العزيز وعيبها، والتشنيع عليها في مراودتها فتاها، وحبها الشديد له، وهو لا يساوي هذا لانه مولى من الموالي وليس مثله أهلا لهذا ولهذا قلن إنا لنراها في ضلال مبين أي في وضعها الشئ في غير محله فلما سمعت بمكرهن

أي بتشنيعهن عليها والتنقص لها والاشارة إليها بالعيب والمذمة بحب مولاها وعشق فتاها فأظهرن ذما وهي معذورة في نفس الامر، فلهذا أحبت أن تبسط عذرها عندهن، وتبين أن هذا الفتى ليس كما حسبن، ولا من قبيل ما لديهن فأرسلت إليهن فجمعتهن في منزلها.واعتدت لهن ضيافة مثلهن، وأحضرت في جملة ذلك شيئا مما يقطع بالسكاكين، كالاترج ونحوه، وأتت كل واحدة منهن سكينا، وكانت قد هيأت يوسف عليه السلام وألبسته أحسن الثياب وهو في غاية طراوة الشباب، وأمرته بالخروج عليهن بهذه الحالة.فخرج وهو أحسن من البدر لا محالة. فلما رأينه أكبرنه أي اعظمنه وأجللنه

وهبنه في قول للرازي: أكبرن بمعنى حضن، قال الازهري يقال: أكبرت المرأة إذا حاضت ; وهو أن المرأة إذا خافت وفزعت فربما اسقطت ولدها ; وربما حاضت. وقال: وعندي يحتمل انهن إنما أكبرنه لانهن رأين عليه نور النبوة وسيما الرسالة، وآثار الخضوع والاحتشام.وحمل الآية على هذا الوجه أولى وما ظنن أن يكون مثل هذا في بني آدم وبهرهن حسنه حتى اشتغلن عن أنفسهن وجعلن يحززن في إيديهن بتلك الساكين ولا يشعرن بالجراح وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم .وقد جاء في حديث الاسراء: فمررت بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن .

قال السهيلي وغيره من الائمة: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام، لان الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه فكان في غاية نهايات الحسن البشرى، ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه، ويوسف كان على النصف من حسن آدم.ولم يكن بينهما أحسن منهما، كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة إمرأة الخليل عليه السلام.
قال ابن مسعود: وكان وجه يوسف مثل البرق، وكان إذا أتته امرأة لحاجة غطى وجهه

وقال غيره: كان في الغالب مبرقعا لئلا يراه الناس.ولهذا لما قام عذرن امرأة العزيز في محبتها لهذا المعنى المذكور، وجرى لهن وعليهن ما جرى، من تقطيع أيديهن بجراح السكاكين، وما ركبهن من المهابة والدهش عند رؤيته ومعاينته: قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ثم مدحته بالعصمة وبالعفة التامة فقالت ولقد راودته عن نفسه فاستعصم أي امتنع ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين وكان بقية النساء حرضنه على السمع والطاعة لسيدته، فأبى أشد الاباء.ونأى لانه من سلالة الانبياء

ودعا فقال في دعائه لرب العالمين رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب اليهن وأكن من الجاهلين يعني إن وكلتني إلى نفسي، فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعصمتني وحفظتني وحطني بحولك وقوتك.
ولهذا قال تعالى: فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم.ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين.ودخل معه السجن فتيان.قال احدهما إني أراني أعصر خمرا.وقال الآخر إني أراني احمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين.قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون.واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار.ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الامر الذي فيه تستفتيان [ يوسف: 34 – 41 ].

يذكر تعالى عن العزيز وامرأته أنهم بدا لهم أي ظهر لهم من الرأي بعدما علموا براءة يوسف أن يسجنوه إلى وقت ليكون ذلك أقل لكلام الناس في تلك القضية وأخمد لامرها وليظهروا أنه راودها عن نفسها فسجن بسببها فسجنوه ظلما وعدوانا.وكان هذا مما قدر الله له * ومن جملة ما عصمه به فإنه أبعد له عن معاشرتهم.ومخالطتهم * قال الله ودخل معه السجن فتيان قيل كان أحدهما ساقي الملك واسمه فيما قيل نبو والآخر خبازه يعني الذي يلي طعامه واسمه فيما قيل محلب كان الملك قد اتهمهما في بعض الامور فسجنهما فلما رأيا يوسف في السجن أعجبهما سمته وهديه ودله وطريقته وقوله وفعله وكثرة عبادته ربه وإحسانه إلى خلقه فرأى كل واحد منهما رؤيا تناسبه *

قال أهل التفسير رأيا في ليلة واحدة * أما الساقي فرأى كأن ثلاث قضبان من حبلة وقد أورقت وأينعت عناقيد العنب فأخذها فاعتصرها في كأس الملك وسقاه، ورأى الخباز على رأسه ثلاث سلال من خبز وضواري الطيور تأكل من السل الاعلى فقصاها عليه وطلبا منه أن يعبرهما لهما وقالا إنا نراك من المحسنين فأخبرهما أنه عليم بتعبيرها خبير بأمرها
و قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما *

قيل معناه مهما رأيتما من حلم فأني أعبره لكم قبل وقوعه فيكون كما أقول * وقيل معناه إني أخبركما بما يأتيكما من الطعام قبل مجيئه حلوا أو حامضا كما قال عيسى وانبئكم بما تأكلون وما
تدخرون في بيوتكم [ آل عمران: 49 ] وقال لهما إن هذا من تعليم الله إياي لاني مؤمن به موحد له متبع ملة آبائي الكرام إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا أي بأن هدانا لهذا وعلى الناس أي بأن امرنا أن ندعوهم إليه ونرشدهم وندلهم عليه وهو في فطرهم مركوز وفي جبلتهم مغروز ولكن أكثر الناس لا يشكرون *

ثم دعاهم إلى التوحيد وذم عبادة ما سوى الله عزوجل وصغر أمر الاوثان وحقرها وضعف أمرها.فقال يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله [ يوسف: 39 – 40 ] أي هو المتصرف في خلقه الفعال لما يريد الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء أمر أن لا تعبدوا إلا أياه أي وحده لا شريك له و ذلك الدين القيم أي المستقيم والصراط القويم ولكن أكثر الناس لا يعلمون

أي فهم لا يهتدون إليه مع وضوحه وظهوره وكانت دعوته لهما في هذه الحال في غاية الكمال لان نفوسهما معظمة له منبعثة على تلقي ما يقول بالقبول فناسب أن يدعوهما إلى ما هو الانفع لهما مما سألا عنه وطلبا منه * ثم لما قام بما وجب عليه وارشد إلى ما أرشد إليه قال يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا قالوا وهو الساقي وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قالوا وهو الخباز قضي الامر الذي فيه تستفتيان أي وقع هذا لا محالة ووجب كونه على حالة
ولهذا جاء في الحديث: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت .

وقد روي عن بن مسعود ومجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهما قالا لم نر شيئا فقال لهما قضي الامر الذي فيه تستفتيان.وقال للذي ظن أنه ناج منها اذكرني عند ربك فانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين [ يوسف: 42 ]
يخبر تعالى أن يوسف عليه السلام قال للذي ظنه ناجيا منها وهو الساقي أذكرني عند ربك يعني اذكر أمري وما أنا فيه من السجن بغير جرم عند الملك * وفي هذا دليل على جواز السعي في الاسباب * ولا ينافي ذلك التوكل على رب الارباب.وقوله فأنساه الشيطان ذكر ربه أي فانسى الناجي منهما الشيطان أن يذكر ما وصاه به يوسف عليه السلام * وهو الصواب وهو منصوص أهل الكتاب فلبث يوسف في السجن بضع سنين والبضع ما بين الثلاث إلى التسع * وقيل إلى السبع * وقيل إلى الخمس * وقيل ما دون العشرة.
وقال الله تعالى فلبث في السجن بضع سنين * وفي الصحيح: الايمان بضع وستون وفي رواية وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق البخاري .

فأما قول ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها: اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ورحم الله لوطا أن كان ليأوي إلى ركن شديد إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قال: فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه .فإنه حديث منكر والذي في الصحيحين يشهد بغلطها والله أعلم.

وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات.يا أيها الملا أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون.قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين.وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون.يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون.قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون.ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون.ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون [ يوسف: 43 – 49 ]
هذا كان من جملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والاكرام، وذلك أن ملك مصر، وهو الريان بن الوليد ، رأى هذه الرؤيا.
قال أهل الكتاب رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر، فرتعن معهن، ثم ملن عليهن، فأكلنهن فاستيقظ مذعورا.ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة، وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهن، فاستيقظ مذعورا.فلما قصها على ملئه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها بل قالوا أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها، ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك، ولهذا قالوا

وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين فعند ذلك تذكر الناجي منهما الذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسيه إلى حينه هذا.وذلك عن تقدير الله عزوجل وله الحكمة في ذلك فلما سمع رؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف وما كان أوصاه به من التذكار.

ولهذا قال تعالى وقال الذي نجا منهما وأدكر أي تذكر بعد أمة أي بعد مدة من الزمان وهو بضع سنين أي بعد قال الشاعر.
امهت وكنت لا أنسى حديثا * كذاك الدهر يزري بالعقول.
فقال لقومه وللملك أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون أي فأرسلوني إلى يوسف فجاءه فقال يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الساقي إستدعاه إلى حضرته وقص عليه ما رآه ففسره له وهذا غلط والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عرفه هؤلاء الجهلة الثيران، من فرى وهذيان وفي أخرى: من افتراء وهذيان .
فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط ولا طلب الخروج سريعا بل أجابهم إلى ما سألوا وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبها سبع جدب

فالسمان المخاصيب والعجاف هن السنون المحول الجدوب
ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس يعني يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية وفيه يعصرون يعني ما كانوا يعصرونه من الاقصاب والاعناب والزيتون والسمسم وغيرها فعبر لهم.وعلى الخير دلهم وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم وما يفعلونه من ادخار حبوب سني الخصب في السبع الاول في سنبله إلا ما يرصد بسبب الاكل ومن تقليل البذر في سني الجدب في السبع الثانية إذ الغالب على الظن أنه لا يرد البذر من الحقل * وهذا يدل على كمال العلم وكمال الرأي والفهم.

وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم.
قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين.ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين * وما أبرئ نفسي أن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم [ يوسف: 50 – 53 ].

لما أحاط الملك علما بكمال علم يوسف عليه الصلاة والسلام وتمام عقله ورأيه السديد وفهمه أمر بإحضاره إلى حضرته ليكون من جملة خاصته فلما جاءه الرسول بذلك أحب أن لا يخرج حتى يتبين لكل أحد أنه حبس ظلما وعدوانا وأنه برئ الساحة مما نسبوه إليه بهتانا قال ارجع إلى ربك يعني الملك فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم

قيل معناه إن سيدي العزيز يعلم براءتي مما نسب إلي أي فمر الملك فليسألهن كيف كان امتناعي الشديد عند مراودتهن إياي وحثهن لي على الامر الذي ليس برشيد ولا سديد.فلما سئلن عن ذلك اعترفن بما وقع من الامر وما كان منه من الامر الحميد وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء فعند ذلك قالت امرأة العزيز وهي زليخا الآن حصحص الحق أي ظهر وتبين ووضح والحق أحق أن يتبع أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين أي فيما يقوله من أنه برئ وانه لم يراودني وأنه حبس ظلما وعدوانا وزورا وبهتانا.

وقوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين قيل إنه من كلام يوسف أي إنما طلبت تحقيق هذا ليعلم العزيز أني لم أخنه بظهر الغيب.وقيل إنه من تمام كلام زليخا أي إنما اعترفت بهذا ليعلم زوجي أني لم أخنه في نفس الامر وإنما كان مراده لم يقع معها فعل فاحشة وهذا القول هو الذي نصره طائفة كثيرة من أئمة المتأخرين وغيرهم ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم سوى الاول.
وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم قيل إنه من كلام يوسف وقيل من كلام زليخا وهو مفرع على القولين الاولين.وكونه من تمام كلام زليخا أظهر وأنسب وأقوى والله أعلم

وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين.قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم.وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين.ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون [ يوسف: 54 – 57 ].

لما ظهر للملك براءة عرضه ونزاهة ساحته عما كانوا أظهروا عنه مما نسبوه إليه قال ائتوني به استخلصه لنفسي أي اجعله من خاصتي ومن أكابر دولتي ومن أعيان حاشيتي فلما كلمه وسمع مقاله وتبين حاله
قال إنك اليوم لدينا مكين أمين أي ذو مكانة وأمانة قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم طلب أن يوليه النظر فيما يتعلق بالاهراء لما يتوقع من حصول الخلل فيها بعد بعد مضي سبع سني الخصب لينظر فيها بما يرضي الله في خلقه من الاحتياط لهم والرفق بهم وأخبر الملك إنه حفيظ أي قوي على حفظ ما لديه أمين عليه عليم بضبط الاشياء ومصالح الاهراء وفي هذا دليل على جواز طلب الولاية لمن علم من نفسه الامانة والكفاءة *

وعند أهل الكتاب أن فرعون عظم يوسف عليه السلام جدا وسلطه على جميع أرض مصر وألبسه خاتمه وألبسه الحرير وطوقه الذهب وحمله على مركبه الثاني ونودي بين يديه أنت رب ومسلط وقال له لست أعظم منك إلا بالكرسي.قالوا وزوجه إمرأة عظيمة الشأن.
و إنه لما مات زوجه إمرأته زليخا فوجدها عذراء لان زوجها كان لا يأتي النساء فولدت ليوسف عليه السلام رجلين وهما أفرايم ومنشا قال واستوثق ليوسف ملك مصر وعمل فيهم بالعدل فأحبه الرجال والنساء.

قال الله تعالى وكذلك مكنا ليوسف في الارض يتبوأ منها حيث يشاء أي بعد السجن والضيق والحصر صار مطلق الركاب بديار مصر يتبوأ منها حيث يشاء أي أين شاء حل منها مكرما محسودا معظما نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين أي هذا كله من جزاء الله وثوابه للمؤمن مع ما يدخر له في آخرته من الخير الجزيل والثواب الجميل.وهذا قال ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون
ويقال إن أطفير زوج زليخا كان قد مات فولاه الملك مكانه وزوجه إمرأته زليخا فكان وزير صدق.وذكر محمد بن اسحق أن صاحب مصر – الوليد بن الريان – أسلم على يدي يوسف عليه السلام فالله أعلم.وقد قال بعضهم.
وراء مضيق الخوف متسع الامن * وأول مفروح به غاية الحزن
فلا تيأسن فالله ملك يوسفا * خزائنه بعد الخلاص من السجن

وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوف الكيل وأنا خير المنزلين.فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون.قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون.وقال لفتيانه إجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون [ يوسف: 58 – 62 ]
يخبر تعالى عن قدوم إخوة يوسف عليه إلى الديار المصرية يمتارون طعاما وذلك بعد إتيان سني الجدب وعمومها على سائر البلاد والعباد.وكان يوسف عليه السلام إذ ذاك الحاكم في أمور الديار المصرية دينا ودنيا.فلما دخلوا عليه عرفهم ولم يعرفوه لانهم لم يخطر ببالهم في عدم معرفتهم له وجوه: انه أمر حجابه أن يوقفوهم بعيدا عنه ولم يتكلم معهم إلا بالواسطة مع مهابة الملك وشدة الحاجة يوجبان كثرة الخوف.- تغيره بعد إلقائه في الجب منذ زمن بعيد – قيل أربعون سنة

ما صار إليه يوسف عليه السلام من المكانة والعظمة فلهذا عرفهم وهم له منكرون.
وعند أهل الكتاب أنهم لما قدموا عليه سجدوا له فعرفهم وأراد أن لا يعرفوه فأغلظ لهم في القول: وقال: أنتم جواسيس، جئتم [ لنا ] لتأخذوا خير بلادي.فقالوا معاذ الله إنما جئنا نمتار لقومنا من الجهد والجوع الذي أصابنا، ونحن بنو أب واحد من كنعان، ونحن اثنا عشر رجلا ذهب منا واحد، وصغيرنا عند أبينا، فقال: لابد أن أستعلم أمركم *

قال الله تعالى فلما جهزهم بجهازهم أي أعطاهم من الميرة ما جرت به عادته في إعطاء كل إنسان حمل بعير لا يزيده عليه
قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم وكان قد سألهم عن حالهم وكم هم فقالوا كنا إثني عشر رجلا فذهب منا واحد وبقي شقيقه عند أبينا فقال إذا قدمتم من العام المقبل فأتوني به معكم ألا ترون أنى أوف الكيل وأنا خير المنزلين أي قد أحسنت نزلكم وقراكم فرغبهم ليأتوه به ثم رهبهم إن لم يأتوه به قال: فإن لم تأتون به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون

أي فلست أعطيكم ميرة ولا أقربكم بالكلية عكس ما أسدي إليهم أولا فاجتهد في إحضاره معهم ليبل شوقه منه بالترغيب والترهيب قالوا سنراود عنه أباه أي سنجتهد في مجيئه معنا وإتيانه إليك بكل ممكن وإنا لفاعلون أي وإنا لقادرون على تحصيله.ثم أمر فتيانه أن يضعوا بضاعتهم وهي ما جاؤا به يتعوضون به عن الميرة في أمتعتهم من حيث لا يشعرون بها لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون قيل أراد أن يردوها إذا وجدوها في بلادهم.
وقيل خشي أن لا يكون عندهم ما يرجعون به مرة ثانية.وقيل تذمم أن يأخذ منهم عوضا عن الميرة.

فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون.قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم.قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير.
قال لن أرسله معكم حتى تؤتوني موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم.فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل.وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون.ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ يوسف: 63 – 68 ].

يذكر تعالى ما كان من أمرهم بعد رجوعهم إلى أبيهم * وقولهم له منع منا الكيل أي بعد عامنا هذا إن لم ترسل معنا أخانا فإن أرسلته معنا لم يمنع منا ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي أي أي شئ نريد وقد ردت إلينا بضاعتنا ونمير أهلنا أي نمتار لهم ونأتيهم بما يصلحهم في سنتهم ومحلهم ونحفظ أخانا ونزداد بسببه كيل بعير قال الله تعالى ذلك كيل يسير أي في مقابلة ذهاب ولده الآخر وكان يعقوب عليه السلام أضن شئ بولده بنيامين لانه كان يشم فيه رائحة أخيه ويتسلى به عنه ويتعوض بسببه منه فلهذا قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتتني به إلا أن يحاط بكم أي إلا أن تغلبوا كلكم عن الاتيان به إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين.فلا تقدرون على الرجوع فلما آتوه موثقهم قال الله على ما تقول وكيل

أكد المواثيق وقرر العهود واحتاط لنفسه في ولده ولن يغني حذر من قدر.ولولا حاجته في بعثه بنيامين معهم ; وقصة يوسف لا تزال حية في ضميره ; وجوه: – انهم كبروا ومالوا إلى الخير والصلاح.- انه كان يشاهد انه ليس بينهم وبين بنيامين من الحسد والحقد ما كان بينهم وبين يوسف.- ضرورة القحط أحوجته إلى ذلك.- لعله تعالى أوحى إليه وضمن حفظه وإيصاله إليه وحاجة قومه إلى الميرة لما بعث الولد العزيز ولكن الاقدار لها أحكام والرب تعالى يقدر ما يشاء ويختار ما يريد ويحكم ما يشاء وهو الحكيم العليم.

ثم أمرهم أن لا يدخلوا المدينة من باب واحد ولكن ليدخلوا من أبواب متفرقة.قيل أراد أن لا يصيبهم أحد بالعين وذلك لانهم كانوا أشكالا حسنة وصورا بديعة قاله ابن عباس ولهذا قال وما أغني عنكم من الله من شئ وقال تعالى ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون .وعند أهل الكتاب أنه بعث معهم هدية إلى العزيز من الفستق واللوز والصنوبر والبطم والعسل وأخذوا الدراهم الاولى وعوضا آخر

فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون.فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذون أيتها العير إنكم لسارقون.قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون.قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم.قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض

وما كنا سارقين.قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين.فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم.قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون.قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون [ يوسف: 69 – 79 ].

يذكر تعالى ما كان من أمرهم حين دخلوا بأخيهم بنيامين على شقيقه يوسف وأيوائه إليه وإخباره له سرا عنهم بأنه أخوه وأمره بكتم ذلك عنهم وسلاه عما كان منهم من الاساءة إليه * ثم احتال على أخذه منهم وتركهم إياه. عنده دونهم فأمر فتيانه بوضع سقايته.
وهي التي كان يشرب بها ويكيل بها للناس الطعام عن غرة في متاع بنيامين.ثم أعلمهم بأنهم قد سرقوا صواع الملك ووعدهم جعالة على رده حمل بعير وضمنه المنادى لهم فأقبلوا على من اتهمهم بذلك فأنبوه وهجنوه فيما قاله لهم و قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين يقولون أنتم تعلمون منا خلاف ما رميتمونا به من السر