من صاحب حديقة الموت

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : بحر الجود
-
رجل أشعث أغبر ضئيل الجسم
مهزول الجسد قليل اللحم
و لكنه مع ذلك قتل مائة من المشركين مبارزة واحدة عدا الذين قتلهم
فى غمار المعارك الحربية مع المحاربين .
انه الباسل المقدام الذى كتب الفاروق
بشأنه الى عماله فى الآفاق
ألا يولوه على جيش من جيوش المسلمين خوفا من أن يهلكهم بأقدامه .

أنه البراء بن مالك الأنصارى
أخو سيدنا أنس بن مالك
خادم الرسول صلى الله عليه و سلم

و لو رحت استقصى لكم أخبار بطولات
البراء بن مالك لطال الكلام و ضاق المقام
لذا سأسرد لكم فقط
قصة واحدة من بطولاته
حتى لا يصيبكم الملل .


فى معركى اليمامة
و فى مواجهه جيش مسيلمة الكذاب
عليه من الله ما يستحق
و بعد أن فشل أول جيش خرج بقيادة
سيدنا عكرمة بن ابى جهل لمواجهه
جيش مسلمة الكذاب قرر

سيدنا أبو بكر الصديق
أرسال جيش ثانى بقيادة خالد بن الوليد
حشد فيه وجوه الصحابة من المهاجرين
و الأنصار و كان من بينهم
البراء بن مالك الأنصارى .

و بعد أن التقى الجيشان
على أرض اليمامة فى نجد
فما هو الا قليل حتى رجحت
كفة مسيلمة الكذاب و أصحابه

حتى أقتحم أصحاب مسيلمة فسطاط
خالد بن الوليد و كادوا أن يقتلوا
زوجته لو لا أن أجارها واحد منهم .

عندئذ شعر المسلمون بخطر داهم
و أدركوا أنهم أن يهزموا أمام مسيلمة الكذاب فلن تقوم للأسلام قائمة بعد هذا اليوم أبدا
و لن يعبد الله عز و جل وحده لا شريك له
فى جزيرة العرب بل فى العالم كله

و قام خالد بن الوليد إلى جيشه
فأعاد تنظيمه حيث ميز المهاجرين عن الأنصار
و ميز أبناء البوادى من هؤلاء و هؤلاء
و جمع أبناء كل أب تحت راية واحد منهم
ليعرف بلاء كل فريق منهم

فى المعركة و ليعلم من أيت يؤتى المسلمون و دارت بين الفريقين رحى معركى ضروس
لم تعرف حروب المسلمين لها نظيرا من قبل
و ثبت قوم مسيلمة فى ساحات الوغى
ثبات الجبال الراسيات و لم يأبهوا لكثرة
ما أصابهم من القتل .

و أبدى المسلمون من الخوارق و البطولات
ما لو جمع لكان ملحمة من روائع الملاحم .

فهذا ثابت بن قيس حامل لواء الأنصار
يتحنط
و يتكفن و يحفر لنفسه حفرة من الأرض
فينزل فيها الى نصف ساقيه
و يبقى ثابتا فى موقفه يجالد عن راية
القوم حتى خر صريعا شهيدا .

و هذا زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ينادى فى المسلمين
أيها المسلمين عضوا على أضراسكم
و أضربوا فى عدوكم و أمضوا قدما ....

أيها الناس
و الله لا أتلكم بعدها ابدا حتى يهزم مسيلمة
أو ألقى الله فأدلى اليه بحجتى ......

ثم كر على القوم فمازال يقاتل حتى قتل
و استشهد .
و هذا سالم مولى أبى حذيفة يحمل راية المهاجرين فيخاف قومه ان يضعف و يتزعزع فقالوا له
انا لنخشر ان نؤتى من قبلك
فقال
أن أتيتم من قبلى فبئس حامل القرآن أكون
ثم كر على أعداء الله كرة باسلة حتى اصيب .

و لكن بطولات هؤلاء جميعا رغم عظمتها تتضاءل أمام بطولة البراء بن مالك
رضى الله عنه و عنهم أجمعين

ذلك أن خالد بن الوليد حين رأى
وطيس المعركة يحمى و يشتد التفت
الى البراء بم مالك
و قال
اليهم يا فتى الأنصار .

فالتفت البراء الى قومه
و قال يا معشر الأنصار لا يفكرن أحد منكم بالرجوع الى المدينة فلا مدينة لكم بعد اليوم ..... و انما هو الله وحده .....ثم الجنة .

ثم حمل على المشركين و حملوا معه
و أنبرى يشق الصفوف و يعمل السيف فى رقاب أعداء الله حتى تزلزلت أقدام مسيلمة
و أصحابه و لجأوا الى حديقه و التى
عرفت بعد ذلك باسم حديقة الموت
لكثرة من قتل فيها فى ذلك اليوم .

كانت هذه الحديقة رحبة الأرجاء سانقة الجدران فأغلق مسيلمة و الالاف المؤلفة من جنده عليهم أبوا ب الحديقة و تحصنوا بجدرانها العاليه و جعلوا يمطرون المسلمين بنبالهم
من داخلها فتتساقط عليهم كالمطر فتصيب
من تصيب و تقتل من تقتل من المسلمين .

عند ذلك تقدم مغوار المسلمين
الباسل البراء بن مالك
و قال
يا قومى ضعونى على ترس و أرفعوا الترس على الرماح ثم أقذفونى الى الحديقة قريبا
من بابها فاما أن استشهد
و أما أن افتح لكم الباب.

و فى لمح البصر جلس البراء بن مالك على ترس فقد كان ضئييل الحجم و رفعته عشرات الرماح فألقته فى حديقة الموت بين الآلاف المؤلفة من جند مسيلمة فنزل عليهم كالصاعقة

و ما زال يجاهدهم أمام الباب و يعمل فى رقابهم السيف حتى قتل عشرة منهم
و فتح الباب و به بضع و ثمانون جرح من بين رمية بسهم أو ضربه بسيف
فتدفق المسلمون على حديقة

الموت من حيطانها و أبوابها و أعملوا السيوف فى رقاب المرتدين
اللآئذين بجدرانها حتى قتلوا منهم قريبا من عشرين ألفا و وصلوا إلى مسيلمة الكذاب فأردوه قتيلا .
ثم حمل البراء بن مالك إلى راحلة ليتداوى فيه و أقام عليه خالد بن الوليد شهرا
يعالجه من جراحه حتى أذن الله له بالشفاء
و كتب لجند المسلمين على يديه النصر .

ظل البراء بن مالك يتوق إلى الشهادة التى فاتته يوم حديقة الموت .
و طفق يخوض المعارك واحدة بعد الأخرى شوقا ألى تحقيق أمنيته الكبرى
و حنينا الى اللحاق
بنبيه الكريم صلى الله عليه و سلم
حتى كان فتح ( تستر ) فى بلاد فارس
فقد تحصن الفرس فى احدى القلاع الممردة
( قلعة أسوارها عالية ملساء )
فحاصرهم المسلمون

و أحاطوا بهم أحاطة السوار بالمعصم
فلما طال الحصار و أشتد البلاء على الفرس جعلوا يدلون من فوق الأسوار سلاسل
من حديد بها كلاليب (خطاطيف)
من فولاذ حميت فى النار

حتى غذت أشد توهجا من الجمر
فكانت تنشب فى أجساد المسلمين
و تعلق بها فيرفعونها اليهم أما موتى
و اما على وشك الموت فعلق أحد هذه الخطاطيف بأنس بن مالك أخو البراء

فما أن رآه البراء حتى وثب على جدار الحصن
و أمسك بالسلسلة التى تحمل أخاه و جعل يعالج الخطاف ليخرجه من جسد أخيه
فأخذت يده تحترق و تدخن فلم يأبه
لها حتى أنقذ أخاه

و هبط على الأرض بعد أن غدت يده عظاما ليس عليها لحم .

و فى هذه المعركة دعا البراء بن مالك الأنصارى الله أن يرزقه الشهادة فأجاب الله دعاءه
حيث خر صريعا شهيدا مغتبطا
بلقاء الله عز و جل .

نضر الله وجه البراء بن مالك فى الجنة
و أقر عينه بصحبة نبيه محمد
صلى الله عليه و سلم و رضى عنه و أرضاه .

انتهى النص من كتاب صور من حياة الصحابة

للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا
صفحات
من 51 الى 57 بتصرف.

كتبت : العفو
-
اللهم احشرنا معهم ولاتحرم كاتبة الموضوع الأجر
سلمت يمناك
كتبت : بحر الجود
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة العفو:
اللهم احشرنا معهم ولاتحرم كاتبة الموضوع الأجر
سلمت يمناك
سعِدتُ بمروركِ على الموضوووووع
وردكِ الراااااقي الجميل
جزاااااكِ الله خير الجزااااااء
وبارك فيكِ
ونفعنا الله وإياكِ بما قرأنا ووعينا
" دمتي في حفظ الله ورعاااااايته "
كتبت : ياحبي لي
-
كتبت : بحر الجود
-
كتبت : تالة
-
جزاك الله خيرا
الصفحات 1 2  3 

التالي

فويل للمصلين .. الذين هم عن صلاتهم ساهون

السابق

الاستغفار في حياة المسلم

كلمات ذات علاقة
الموت , حديقة , ساحة