الدرس الثالث / الرجاء

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : بحر الجود
-
[frame="1 10"]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين

الدرس الثالث: الرجــــــاء

المقام دليل على الثبات والدوام لأنه لو كان شيئاً سريع الزوال لسمي حالاً وليس مقاماً، فينبغي لأعمال القلوب أن تكون مقامات وليست أموراً عارضة.
أعمال القلوب أشياء دائمة ثابتة ومقامات الخوف والحياء من الله والإخلاص دائماً موجود لأن بعض الناس مع الضعف تكون لديهم أحوالاً وليست مقامات ، والمطلوب أن يكون عليها مقيماً وثابتاً دائمة وليست حالاً يزول و يحول..!

الرجـــاء

هو ارتياح لانتظار ما هو محبوب عند الإنسان لكن هذا يكون لشيء متوقع له سبب فإن لم يوجد له سبب صار تمنياً
لأن الإنسان إذا انتظر شيء بدون سبب لا يسمّى راجياً بل متمنياً..!
وأما ماله سبب وينتظر الإنسان محبوباً بسبب عمله هذا هو الرجاء.
فالرجــاء هو الاستبشار بجود الله وفضل الرب تعالى والارتياح لمطالعة كرمه ومنّته وهو الثقة بجود الرب وهو حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب (الجنة) .

((ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزّ به))

ليس الإيمان بالتمنّي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل الحسن.
والرجاء ضروري للسائر إلى الله والعابد لو فارقه لحظة تلف أو كاد يتلف لأن المسلم يدور ما بين ذنب يرجو غفرانه، وعيب يرجو إصلاحه، وعمل صالح يرجو قبوله، واستقامة يرجو حصولها و ثباتها, وقرب من الله يرجو الوصول إليه
لذلك كان الرجاء من أقوى الأسباب التي تعين المرء على السير إلى ربه والثبات على الدين


أسباب وعوامل الثبات
الرجاء الذي هو ضد اليأس

واليأس هو تذكر فوات رحمة الله وقطع القلب عن التماسها وهو معصية
(( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))

درجات الوصول إلى تحقيق الرجاء
1
-ذكر سوابق فضل الله على العبد، أن الله له علينا فضائل سابقة..
2-ذكر وعد الله من جزيل ثوابه وعظيم كرمه وجوده بدون سؤال من العبد استحقاق فإن الله يعطي بدون أن يكون العبد مستحقاً إذا استقام الإنسان.
3-أن تذكر نعم الله عليك في أمر دينك وبدنك ودنياك في الحال(الآن) وأن يمدك بالألطاف والنعم من غير استحقاق ولا سؤال.
4-ذكر سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه وأنه الرحمن الرحيم الغني الكريم الرؤوف بعباده المؤمنين لذلك تحقيق الرجاء يقوم على معرفة أسماء الله وصفاته.

وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة والقلب كالأرض لابد لها من بذر وكذلك لابد للقلب من طاعات والأرض لابد لها من تعاهد وسقي بالماء وحفر أنهار وسوق الماء إليها
وكذلك القلب لابد له من تعاهد وأن يسقى بماء الطاعة والعبادة وكذلك الأرض تحتاج حتى تنبت إلى صيانتها عن الأشياء الضارة ،
وترى المزارع ينتقي الدغل فينتزعه من أرض حتى لايؤذي زرعه والمؤمن ينقي قلبه من أي شبهة وشهوة حتى لا تفسد عليه زروع الطاعة التي سقاها بماء العبودية

الرجاء يصدق على انتظار محبوب تمهّدت أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد ولم يبق إلا ما ليس في اختيار وإرادة العبد..

لذلك فالإنسان يبذل من الطاعات والعبادات

وينتظر فضل الله أن يثبته وأن لا يزله ولا يزيغه حتى الممات ولا يضله حتى يلقاه وهو راضٍ عنه

الراجي إنسان عنده مواظبة على الطاعات قائم بمقتضيات الإيمان ، يرجو من الله أن لا يزيغه وأن يقبل عمله ولا يردّ عليه فهو باذل للأسباب التي يستطيعها يرجو رحمة ربه
الكافر صاحب الجنة قال

(( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً))، فهو صاحب أماني ولا أعمال صالحة عنده
(( ما أظن الساعة قائمة)) ..!

الرجاء دواء يحتاج له رجلان
1-رجل غلب عليه اليأس حتى ترك العبادة

و جزم أنه ليس هناك فائدة..
2-رجل غلب عليه الخوف حتى أضرّ بنفسه وأهله، فتعدّى خوفه الحد الشرعي المطلوب

فبعض الناس الكلام معه في الرجاء دواء

أما العاصي المغرور المتمني على الله مع الإعراض عن العبادة لا ينفع معه أبداً دواء الرجاء ولو استعملت معه الرجاء لزدته ضلالاً
لابد أن يكون هناك توازن وحسب حال الناس

فإذا كانوا ميّالين إلى التفريط والمعاصي والتساهل غلّب التهويف وإذا كان عندهم خوف زائد ويأس من رحمة الله غلّب الرجاء.

ثمرات الرجاء

1-يورث طريق المجاهدة بالأعمال.
2-يورث المواظبة على الطاعات كيفما تقلبت الأحوال.
3-يشعر العبد بالتلذذ والمداومة على الإقبال على الله والتنعّم بمناجاته والتلطف في سؤاله والإلحاح عليه.
4-أن تظهر العبودية من قبل العبد والفاقة والحاجة للرب وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه طرفة عين.
5-أن الله يحب من عباده أن يسألوه ويرجوه ويلحّوا عليه لأنه جواد كريم أجود من سُئِل وأوسع من أعطي وأحب ما إلى الجواد الكريم أن يسأله الناس ليعطيهم
6-الرجاء حادٍ يحدو بالعبد في سيره إلى الله فيطيب المسير ويحث على السير ويبعثه على الملازمة
فلولا الرجاء بـ (المضاعفة-رحمة الله-الأجور والثواب المضاعف-الجنة والنعيم) ما سار أحد
7-يطرح على عتبة محبة الله عزوجل ويلقيه في دهليزها فكلما اشتد رجاؤه وحصل له ما يرجوه ازداد حباً لربه وشكراً له ورضا، وهذا من مقتضيات وأركان العبودية.
8-الرجاء يبعث العبد على مقام الشكر لأنه يحفزه للوصول إلى مقام الشكر للنعم وهو خلاصة العبودية.
9-الرجاء يوجب المزيد من التعرف على أسماء الله وصفاته .
الخوف مستلزم للرجاء والرجاء مستلزم للخوف عند المؤمن، لأن كل خائف راجي وكل راجي خائف، ولهذا حسن وقوع الرجاء في مواضع يحسن فيه وقوع الخوف

(( مالكم لا ترجون لله وقاراً))..
10-ثم إن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربه فأعطاه

ما رجاه فحصل المطلوب يحصل مزيد من التشجّع وسؤال المزيد والإقبال على الله
وهكذا لا يزال العبد في ازدياد في الإيمان

والقرب من الرحمن.
11-على قدر رجاء العباد وخوفهم يكون فرحهم يوم القيامة بحصول المرجو الأعظم وهو نيل رضا الرب والجنة ورؤية الله فيها


وكذلك فإن الله يريد من العبد أن يكمل نفسه بمراتب العبودية من الذل والانكسار لله والتوكل عليه والاستعانة به والخوف منه والصبر على أقداره والشكر له وعلى إنعامه ولذلك يقدر الذنب على العبد لتكمل مراتب العبودية عند العبد فيستغفر العبد، فلولا الذنب ما حصل انكسار

ولا توبة

أنواع الرجاء

الرجاء ثلاث أنواع

نوعان محمودان ونوع غرور مذموم..
1-رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فماذا يرجو؟ ثواب الله..
2-رجل أذنب ذنوباً ثم تاب منها فماذا يرجو؟ يرجو مغفرة الله ومحو الذنوب والتجاوز عنها وسترها..
3-رجل متمادي في التفريط والمعاصي والسيئات ويرجو رحمة ربه والمغفرة بلا عمل!! فهذا غرور وتمني ورجاء كاذب لا يعتبر رجاء محموداً أبداً

والمؤمن عندما يسير إلى الله له نظران

نظر إلى نفسه وعيوبه وآفات عمله من العجب والرياء والاغترار بالعمل وهذا يفتح عليه باب الخوف من الله، وينقله بعد ذلك إلى سعة كرم الله وفضله وبره ومغفرة ذنوبه ويفتح له باب الرجاء


وهذا هو النظر الثاني ولهذا قيل في حد الرجاء وتعريفه هو النظر إلى سعة رحمة الله عزوجل ولابد من الموازنة بين الخوف والرجاء
ما هما الجناحان في سير العبد إلى ربه؟

هما الخوف والرجاء.


وقد سُئِل أحمد بن عاصم رحمه الله
ما علامة الرجاء في العبد؟
قال
أن يكون إذا أحاط به الإحسان أُلهِم الشكر راجياً لتمام النعم عليه في الدنيا والآخرة وتمام عفوه عنه في الآخرة..

هنا علماء القلوب أصحاب النظر والتأمل في الأمور الإيمانية اختلفوا..، أي الرجاءين أعظم..؟
رجاء الثواب والأجر من المحسن؟
أو رجاء المغفرة من التائب المسيء؟!!!


فرجحت طائفة رجاء المحسن لقوة أسباب الرجاء معه ، فعنده طاعات و أسبابه قوية فيرجو على حقّ
والأخرى رجحت رجاء المذنب لأن رجاءه من انكسار ومسكنة مقرون بذلة رؤية الذنب واستحضار المعصية خالص من العجب والاغترار بالعمل

الحاصل أم كلا القولين له حظ من النظر

فكلا الرجاءين محمود ولابد من تحصيلهما معاً
ولا يستغنى بهذا عن هذا
لأن المسلم إما أن يكون في طاعة يرجو قبولها أو معصية يريد غفرانها ومحوها.

أسباب قوة الرجاء على حسب قوة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وغلبت رحمته غضبه


[/frame]
كتبت : سنبلة الخير .
-
موضوع رائع
ابدعتي بحر الجود
سلمت يداكِ وجزيتي الفردوس الاعلى
تقبلي مني اجمل تحية
كتبت : بحر الجود
-
[align=center][/align]
كتبت : عبير ورد
-
[type=389528]
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . غاليتي بحر الجود
[/type]
كتبت : بحر الجود
-
كتبت : بحر الجود
-
[frame="1 10"]
درجات الرجاء
الرجاء درجات، درجة أرفع من درجة، ومراتب بعضها فوق بعض
1-الدرجة الأولى
رجاء يبعث العامل على الاجتهاد بالعبادة بل يولد عنده اللذة بالعبادة ولو كانت شاقة أو صعبة فيتلذذ بها ويترك المناهي فالدرجات العملية في التعبد لله: مشقة ومن ثم لذة
2-الدرجة الثانية
المجاهدون لأنفسهم بترك مألوفاتها واستبدال مألوفات هي خير منها فرجاؤهم أن يبلغوا مقصودهم بالهمة وهذا يلزم له العلم
وهو الوقوع على الأحكام الدينية لأن رجاؤهم متعلق بحصول ذلك لهم ولابد من علم وبذل الجهد بالمعرفة والتعلّم وأخذ النفس بالوقوف عند الحدود طلباً وقصداً..


3-الدرجة الثالثة
رجاء أرباب القلوب لقاء الخالق والاشتياق إليه سبحانه وتعالى وهذا الذي يمكن أن يزهّد الإنسان في الدنيا تماماً (أعلى الأنواع)
((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً))
هذا الرجاء (اللقيا) محض الإيمان وزبدته وإليه تشخص أبصار العابدين المجتهدين وهو الذي يسليهم
والرجاء مقرون بالتوكل، فإن المتوكل يطلب ما رجاه من حصول المنفعة ودفع المضرة
والتوكل لا يجوز إلا على الله
(( وعلى الله فليتوكل المتوكلون)) ومن توكل على غير الله ورجاه خذل من جهته وحرم إن لم يكن في الدنيا؛ في الآخرة
أنواع الرجاء من حيث الراجي

الراجي يكون راجياً تارة بعمل يعمله لمن يرجوه، وتارة باعتماد قلبه عليه والتجائه إليه وسؤاله فذاك نوع من العبادة وهذا نوع من الاستعانة فإذاً((إياك نعبد وإياك نستعين)).
لقد ورد الرجاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
1-بيان رجاء المؤمنين وهوالرجاء المصحوب بعمل
((إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ))
2-الله عز وجل فتح باب الرجاء لعباده حتى في مغفرة أي ذنب
كما قال تعالى
(( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء))
3- ((قل لمن مافي السموات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون))
قال ابن جرير: قضى أنه بعباده رحيم فكيف تتمثل هذه الرحمة؟
قال: لا يعجل عليهم العقوبة مع أنهم مستحقون بل يصبر ويحلم ويقبل منهم الإنابة والتوبة فهذا يعلقهم بالرجاء
4-الرجاء مفتوح حتى في أمور الدنيا ، يرجو مال ، ولد ، زواج،وظيفة، زوال مرض، وجود مفقود
فيعقوب عليه السلام علم أبناءه الرجاء حتى في المفقودات الدنيوية ((يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))
5- ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم))
فلا تيأسوا من رحمة الله أن الله يغفر لكم ذنوبكم كلها ولا يبقي منها شيئاً ولا نصفها ولا بعضها ولا الكبائر فقط
وليس الخطاب للذين عندهم معاصي قليلة بل أسرفوا وكثرت معاصيهم وكبائرهم وصغائرهم
فالكريم إذا أمر بالرجاء لا يليق به إلا الكرم
فابذل السبب، واستغفر وتب توبة حقيقية وامتنع عن الذنوب وأصلح واستقبل حياة نظيفة واندم على ما فات واعزم على أن لا تعود إليه.
6-لحديث القدسي:
(( يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)) هذا الرجاء العظيم الذي يفتحه الله عزوجل ، هذا فتح باب الرجاء للعباد .
7-إن الإنسان له عند الموت أحوال في الخوف والرجاء خاصة مبنية على حسن ظنه بالله
((أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فليظن بي عبدي ما شاء))
فبالنسبة للموت يجب أن نجهز أنفسنا لتلك اللحظات لتفيض أرواحنا ونحن نحسن الظن بالله، والرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بثلاث أيام أعطى الأمة هذه الوصية التي رواها مسلم
(( لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عزوجل))
من أحاديث الرجاء التي تقال لإنسان مذنب تاب، وبالرغم من التوبة صار عنده نوع من اليأس والإحباط ويرى ذنوبه كبيرة وليس هناك فائدة من العمل، فهو كما يظن محكوم عليه بالنار
(( إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه ورأى نفسه هلك قال سترتها عليك في الدنيا
وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين)).
منقول
[/frame]
الصفحات 1 2 

التالي

عملكـ لبســتان الآخــــره

السابق

الدرس الرابع / باب التقوى

كلمات ذات علاقة
الثالث , الحرص , الرجاء