الطهاره (1)

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : زهره الاسلام
-
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

أحكام الطهارة


إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الفارقة بين المسلم والكافر، وهي عمود الإسلام، وأول ما يحاسب عنه العبد، فإن صحت وقبلت؛ قبل سائر عمله‏.‏ وإن ردت؛ رد سائر عمله‏.‏ وقد ذكرت الصلاة في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على صفات متنوعة؛ فتارة يأمر الله بإقامتها، وتارة يبين مزيتها، وتارة يبين ثوابها، وتارة يقرنها مع الصبر ويأمر بالاستعانة بهما على الشدائد‏.‏ ومن ثم كانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا؛ فهي حلية النبيين، وشعار الصالحين، وهي صلة بين العبد وبين رب العالمين، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر‏.‏

ولما كانت هذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة المصلي من الحدث والنجس حسب القدرة على ذلك، وكانت مادة التطهر هي الماء أو ما يقوم مقامه من التيمم عند عدم الماء؛ صار الفقهاء رحمهم الله يبدءون بكتاب الطهارة؛ لأنها لما قدمت الصلاة بعد الشهادتين على غيرها من بقية أركان الإسلام؛ ناسب تقديم مقدماتها، ومنها الطهارة، فهي مفتاح الصلاة؛ كما في الحديث‏:‏ ‏(‏مفتاح الصلاة الطهور‏)‏ وذلك لأن الحدث يمنع الصلاة؛ فهو كالقفل يوضع على المحدث، فإذا توضأ؛ انحل القفل‏.‏ فالطهارة أوكد شروط الصلاة، والشرط لا بد أن يقدم على المشروط‏.‏
ومعنى الطهارة لغة‏:‏ النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية، ومعناها شرعا‏:‏ ارتفاع الحدث وزوال النجس‏.‏ وارتفاع الحدث يحصل باستعمال الماء مع النية‏:‏ في جميع البدن إن كان حدثا أكبر، أو في الأعضاء الأربعة إن كان حدثا أصغر، أو استعمال ما ينوب عن الماء عند عدمه أو العجز عن استعماله - وهو التراب - على صفة مخصوصة، وسيأتي إن شاء الله بيان لصفة التطهر من الحدثين‏.

أحكام الآنية وثياب الكفار

الآنية هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره، سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك‏.‏ والأصل فيها الإباحة، فيباح استعمال واتخاذ كل إناء طاهر، ما عدا نوعين هما‏:‏

1‏:‏ إناء الذهب والفضة، والإناء الذي فيه ذهب أو فضة، طلاء أو تمويها أو غير ذلك من أنواع جعل الذهب والفضة في الإناء، ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه‏.‏ ودليل تحريم إناء الذهب والفضة قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما؛ فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة‏)‏ رواه الجماعة، وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم‏)‏ متفق عليه، والنهي عن الشيء يتناوله خالصا أو مجزءا، فيحرم الإناء المطلي أو المموه بالذهب أو الفضة أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة، ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة كما سبق؛ بدليل حديث أنس رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة‏)‏ رواه البخاري‏.‏

قال النووي رحمه الله‏:‏ ‏"‏ انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيها، وجميع أنواع الاستعمال في معنى الأكل والشرب بالإجماع ‏"‏‏.‏ انتهى‏.

وتحريم الاستعمال والاتخاذ يشمل الذكور والإناث؛ لعموم الأخبار، وعدم المخصص، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج‏.‏

وتباح آنية الكفار التي يستعملونها ما لم تعلم نجاستها، فإن علمت نجاستها؛ فإنها تغسل وتستعمل بعد ذلك‏.‏

2‏:‏ جلود الميتة يحرم استعمالها؛ إلا إذا دبغت؛ فقد اختلف العلماء في جواز استعمالها بعد الدبغ، والصحيح الجواز، وهو قول الجمهور؛ لورود الأحاديث الصحيحة بجواز استعماله بعد الدبغ، ولأن نجاسته طارئة، فتزول بالدبغ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يطهره الماء والقرظ‏)‏وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏دباغ الأديم طهوره‏)‏

وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها؛ لأن الأصل الطهارة؛ فلا تزول بالشك، ويباح ما نسجوه أو صبغوه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏


آداب قضاء الحاجة


اعلم وفقني الله وإياك وجميع المسلمين أن ديننا كامل متكامل، ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم؛ إلا بينه، ومن ذلك آداب قضاء الحاجة؛ ليتميز الإنسان الذي كرمه الله عن الحيوان بما كرمه الله به؛ فديننا دين النظافة ودين الطهر؛ فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول الخلاء وحال قضاء الحاجة‏.‏

فإذا أراد المسلم دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة -؛ فإنه يستحب له أن يقول‏:‏ بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث‏.‏ ويقدم رجله اليسرى حال الدخول، وعند الخروج يقدم رجله اليمنى، ويقول‏:‏ غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني‏.‏ وذلك لأن اليمنى تستعمل فيما من شأنه التكريم والتجميل، واليسرى تستعمل فيما من شأنه إزالة الأذى ونحوه‏.‏

وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء - أي‏:‏ في غير محل معد لقضاء الحاجة - فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس؛ بحيث يكون في مكان خال، ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك، ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة، بل ينحرف عنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة، وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه، فيرتاد لبوله مكانا رخوا، حتى لا يتطاير عليه شيء منه‏.‏

ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه، وكذلك لا يجوز له أن يقضي حاجته في طريق الناس، أو في ظلهم، أو موارد مياههم؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ لما فيه من الإضرار بالناس وأذيتهم‏.‏

ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن، فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله؛ جاز له الدخول به، ويغطيه‏.‏ ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة؛ فقد ورد في الحديث أن الله يمقت على ذلك، ويحرم عليه قراءة القرآن‏.‏

فإذا فرغ من قضاء الحاجة؛ فإنه ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها، وإن جمع بينهما؛ فهو أفضل، وإن اقتصر على أحدهما؛ كفى‏.‏

والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه، ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة‏.‏

ولا يجوز الاستجمار بالعظام ورجيع الدواب - أي‏:‏ روثها - لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وعليه أن يزيل أثر الخارج وينشفه؛ لئلا يبقى شيء من النجاسة على جسده، ولئلا تنتقل النجاسة إلى مكان آخر من جسده أو ثيابه‏.‏

قال بعض الفقهاء‏:‏ إن الاستنجاء أو الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء لا بد أن يسبقه، فلو توضأ قبله؛ لم يصح وضوؤه، لحديث المقداد المتفق عليه‏:‏ ‏(‏يغسل ذكره، ثم يتوضأ‏)‏

قال النووي‏:‏ والسنة أن يستنجي قبل الوضوء، ليخرج من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره‏.‏

أيها المسلم ‏!‏ احرص على التنزه من البول؛ فإن عدم التنزه منه من موجبات عذاب القبر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه‏)‏ رواه الدارقطني، قال الحافظ‏:‏ ‏"‏ صحيح الإسناد، وله شواهد، وأصله في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏‏.‏

أيها المسلم‏!‏ إن كمال الطهارة يسهل القيام بالعبادة، ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها‏.‏ روى الإمام أحمد رحمه الله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح، فقرأ الروم فيها، فأوهم، فلما انصرف؛ قال‏:‏ إنه يلبس علينا القرآن، إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا؛ فليحسن الوضوء‏)‏ وقد أثنى الله على أهل مسجد قباء بقوله‏:‏ ‏{‏فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ‏}‏ ولما سئلوا عن صفة هذا التطهر؛ قالوا‏:‏ ‏(‏إنا نتبع الحجارة الماء‏)‏ رواه البزار‏.‏

وهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ؛ بدأ بالاستنجاء، ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة، وهذا خطأ؛ لأن الاستنجاء ليس من الوضوء، وإنما هو من شروطه؛ كما سبق، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه - وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة‏.‏

أيها المسلم‏!‏ هذا ديننا دين الطهارة والنظافة والنزاهة، أتى بأحسن الآداب وأكرم الأخلاق، استوعب كل ما يحتاجه المسلم، وكل ما يصلحه، ولم يغفل شيئا فيه مصلحة لنا؛ فلله الحمد والمنة، ونسأله الثبات على هذا الدين، والتبصر في أحكامه، والعمل بشرائعه، مع الإخلاص لله في ذلك، حتى يكون عملنا صحيحا مقبولا‏.‏



أحكام الوضوء

يقول الله تعالى‏:‏ {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏}الآية؛ فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة، وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء، وحددت مواقع الوضوء منها، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانا كافيا‏.‏

اعلم أيها المسلم ‏!‏ أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا، فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان؛ ليكون الوضوء صحيحا، وأما السنن؛ فهي مكملات الوضوء، وفيها زيادة أجر، وتركها لا يمنع صحة الوضوء‏:‏

فالشروط هي‏:‏

الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية؛ فلا يصح الوضوء من كافر، ولا من مجنون، ولا من صغير لا يميزه، ولا ممن لم ينو الوضوء؛ بأن نوى تبردا، أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخا‏.‏

- ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء طهورا كما سبق، فإن كان نجسا؛ لم يجزئه‏.‏ ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء مباحا، فإن كان مغصوبا أو تحصل عليه بغير طريق شرعي؛ لم يصح الوضوء به‏.‏

وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار على ما سبق تفصيله‏.‏

ويشترط للوضوء أيضا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد؛ فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة؛ ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل‏.‏



أحكام الوضوء

يقول الله تعالى‏:‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏}‏ ‏ الآية؛ فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة، وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء، وحددت مواقع الوضوء منها، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانا كافيا‏.‏

اعلم أيها المسلم‏!‏ أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا، فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان؛ ليكون الوضوء صحيحا، وأما السنن؛ فهي مكملات الوضوء، وفيها زيادة أجر، وتركها لا يمنع صحة الوضوء‏:‏

فالشروط هي‏:‏

الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية؛ فلا يصح الوضوء من كافر، ولا من مجنون، ولا من صغير لا يميزه، ولا ممن لم ينو الوضوء؛ بأن نوى تبردا، أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخا‏.‏

ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء طهورا كما سبق، فإن كان نجسا؛ لم يجزئه‏.‏ ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء مباحا، فإن كان مغصوبا أو تحصل عليه بغير طريق شرعي؛ لم يصح الوضوء به‏.‏

وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار على ما سبق تفصيله‏.‏

ويشترط للوضوء أيضا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد؛ فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة؛ ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل‏.‏

وأما فروض الوضوء - وهي أعضاؤه -؛ فهي ستة‏:‏

أحدها‏:‏ غسل الوجه بكامله، ومنه المضمضة والاستنشاق، فمن غسل وجهه وترك المضمضة والاستنشاق أو أحدهما؛ لم يصح وضوءه، لأن الفم والأنف من الوجه، والله تعالى يقول‏:‏ ‏‏{‏فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ‏} فأمر بغسل الوجه كله، فمن ترك شيئا منه؛ لم يكن ممتثلا أمر الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق‏.‏

الثاني‏:‏ غسل اليدين مع المرفقين، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ‏}‏ أي‏:‏ مع المرافق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الماء على مرفقيه، وفي حديث آخر‏:‏ ‏(‏غسل يديه حتى أشرع في العضد‏)‏ مما يدل على دخول المرفقين في المغسول‏.‏
والثالث‏:‏ مسح الرأس كله، ومنه الأذنان؛ لقوله تعالى‏:‏ {‏وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ‏}‏‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الأذنان من الرأس‏)‏ رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما؛ فلا يجزئ مسح بعض الرأس‏.‏

والرابع‏:‏ غسل الرجلين مع الكعبين، لقوله تعالى‏:‏ ‏‏{‏وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏} و ‏(‏إلى‏)‏ بمعنى ‏(‏مع‏)‏، وذلك للأحاديث الواردة في صفة الوضوء؛ فإنها تدل على دخول الكعبين في المغسول‏.‏

والخامس‏:‏ الترتيب؛ بأن يغسل الوجه أولا، ثم اليدين، ثم يمسح الرأس، ثم يغسل رجليه؛ لقوله تعالى‏:‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ‏} ‏‏والنبي صلى الله عليه وسلم رتب الوضوء على هذه الكيفية، وقال‏:‏ ‏(‏هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به‏)‏ رواه أبو داود وغيره‏.‏

السادس‏:‏ الموالاة، وهي أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متواليا، بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي قبله، بل يتابع غسل الأعضاء الواحد تلو الآخر حسب الإمكان‏.‏

هذه فروض الوضوء التي لا بد منها فيه على وفق ما ذكره الله في كتابه‏.‏

وقد اختلف العلماء في حكم التسمية في ابتداء الوضوء هل هي واجبة أو سنة ‏؟‏ فهي عند الجميع مشروعة، ولا ينبغي تركها، وصفتها أن يقول‏:‏ بسم الله، وإن زاد‏:‏ الرحمن الرحيم، فلا بأس‏.‏

والحكمة - والله أعلم - في اختصاص هذه الأعضاء الأربعة بالوضوء، لأنها أسرع ما يتحرك من البدن، لاكتساب الذنوب، فكان في تطهير ظاهرها تنبيه على تطهير باطنها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم كلما غسل عضوا منها؛ حط عنه كل خطيئة أصابها بذلك العضو، وأنها تخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء‏.‏

ثم أرشد صلى الله عليه وسلم بعد غسل هذه الأعضاء إلى تجديد الإيمان بالشهادتين، إشارة إلى الجمع بين الطهارتين الحسية والمعنوية‏.‏ فالحسية تكون بالماء على الصفة التي بينها الله في كتابه من غسل هذه الأعضاء، والمعنوية تكون بالشهادتين اللتين تطهران من الشرك‏.‏

وقد قال تعالى في آخر آية الوضوء‏:‏ ‏ {‏مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏وهكذا - أيها المسلم - شرع الله لك الوضوء؛ ليطهرك به من خطاياك، وليتم به نعمته عليك‏.‏

وتأمل افتتاح آية الوضوء بهذا النداء الكريم‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ فقد وجه سبحانه الخطاب إلى من يتصف بالإيمان؛ لأنه هو الذي يصغي لأوامر الله، وينتفع بها، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن‏)

وما زاد عما ذكر في صفة الوضوء؛ فهو مستحب‏:‏ من فعله؛ فله زيادة أجر، ومن تركه؛ فلا حرج عليه، ومن ثم سمى الفقهاء تلك الأفعال‏:‏ سنن الوضوء أي‏:‏ مستحباته؛ فسنن الوضوء هي‏:‏

أولا‏:‏ السواك، وتقدم بيان فضيلته وكيفيته، ومحله عند المضمضة، ليحصل به والمضمضة تنظيف الفم لاستقبال العبادة والتهيؤ لتلاوة القرآن ومناجاة الله عز وجل‏.‏

ثانياً‏:‏ غسل الكفين ثلاثا في أول الوضوء قبل غسل الوجه؛ لورود الأحاديث به، ولأن اليدين آلة نقل الماء إلى الأعضاء، ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء‏.‏

ثالثاً‏:‏ البداءة بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه؛ لورود البداءة بهما في الأحاديث، ويبالغ فيها إن كان غير صائم، ومعنى المبالغة في المضمضة‏:‏ إدارة الماء في جميع فمه، وفي الاستنشاق‏:‏ جذب الماء إلى أقصى أنفه‏.‏

رابعاً‏:‏ ومن سنن الوضوء تخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يبلغ داخلها، وتخليل أصابع اليدين والرجلين‏.‏

خامساً‏:‏ التيامن، وهو البدء باليمنى من اليدين والرجلين قبل اليسرى‏.‏

سادساً‏:‏ الزيادة على الغسلة الواحدة إلى ثلاث غسلات في غسل الوجه واليدين والرجلين‏.‏

هذه شروط الوضوء وفروضه وسننه، يجدر بك أن تتعلمها وتحرص على تطبيقها في كل وضوء، ليكون وضوءك مستكملا للصفة المشروعة، لتحوز على الثواب‏.‏ ونسأل الله لنا ولك المزيد من العلم النافع والعمل الصالح‏.‏



بيان صفة الوضوء

بعد أن عرفت شرائط الوضوء وفرائضه وسننه على ما سبق بيانه، كأنك تطلعت إلى بيان صفة الوضوء التي تطبق فيها تلك الأحكام، وهي صفة الوضوء الكامل المشتمل على الفروض والسنن مستوحاة من نصوص الشرع؛ لتعمل على تطبيقها إن شاء الله؛ فصفة الوضوء‏:‏

أن ينوي الوضوء لما يشرع له الوضوء من صلاة ونحوها‏.‏

ثم يقول‏:‏ بسم الله‏.‏

ثم يغسل كفيه ثلاث مرات‏.‏

ثم يتمضمض ثلاث مرات، ويستنشق ثلاث مرات، وينثر الماء من أنفه بيساره‏.‏

ويغسل وجهه ثلاث مرات، وحد الوجه طولا من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، واللحيان عظمان في أسفل الوجه‏:‏ أحدهما من جهة اليمين، والثاني من جهة اليسار، والذقن مجمعهما، وشعر اللحية من الوجه؛ فيجب عسله، ولو طال، فإن كانت اللحية خفيفة الشعر؛ وجب غسل باطنها وظاهرها، وإن كانت كثيفة - أي‏:‏ ساترة للجلد - وجب غسل ظاهرها، ويستحب تخليل باطنها كما تقدم، وحد الوجه عرضا من الأذن إلى الأذن، والأذنان من الرأس؛ فيمسحان معه كما تقدم‏.‏

ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاث مرات، وحد اليد هنا‏:‏ من رءوس الأصابع مع الأظافر إلى أول العضد، ولا بد أن يزيل ما علق باليدين قبل الغسل من عجين وطين وصبغ كثيف على الأظافر حتى يتبلغ بماء الوضوء‏.‏

ثم يمسح كل رأسه وأذنيه مرة واحدة بماء جديد غير البلل الباقي من غسل يديه، وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتين بالماء على مقدم رأسه، ويمرهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يدخل أصبعيه السبابتين في خرقي أذنيه، ويمسح ظاهرهما بإبهاميه‏.‏

ثم يغسل رجليه ثلاث مرات مع الكعبين، والكعبان‏:‏ هما العظمان الناتئان في أسفل الساق‏.‏

ومن كان مقطوع اليد أو الرجل؛ فإنه يغسل ما بقي من الذراع أو الرجل، فإن قطع من مفصل المرفق؛ غسل رأس العضد، وإن قطع من الكعب، غسل طرف الساق؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أمرتكم بأمر؛ فأتوا منه ما استطعتم‏)‏ فإذا غسل بقية المفروض؛ فقد أتى بما استطاع‏.‏

ثم بعد الفراغ من الوضوء على الصفة التي ذكرنا، يرفع بصره إلى السماء، ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية في هذه الحالة، ومن ذلك‏:‏ ‏(‏أشهد لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك‏)‏‏.‏

والمناسبة في الإتيان بهذا الذكر والدعاء بعد الوضوء‏:‏ أنه لما كان الوضوء طهارة للظاهر؛ ناسب ذكر طهارة الباطن؛ بالتوحيد والتوبة، وهما أعظم المطهرات، فإذا اجتمع له الطهوران؛ طهور الظاهر بالوضوء، وطهور الباطن بالتوحيد والتوبة؛ صلح للدخول على الله، والوقوف بين يديه، ومناجاته‏.‏

ولا بأس أن ينشف المتوضئ أعضاءه من ماء الوضوء بمسحه بخرقة ونحوها‏.‏

ثم اعلم أيها المسلم‏:‏ أنه يجب إسباغ الوضوء وهو إتمامه باستكمالالأعضاء وتعميم كل عضو بالماء، ولا يترك منه شيئا لم يصبه الماء‏:‏ فقد ‏(‏رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا ترك موضع ظفر على قدمه؛ فقال له‏:‏ ارجع، فأحسن وضوءك‏)‏‏.‏

‏(‏وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه رأى رجلا يصلي وفي بعض قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء؛ فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة) وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ (ويل للأعقاب من النار‏)‏ وذلك لأنه قد يحصل التساهل في تعاهدهما؛ فلا يصل إليهما الماء، أو تبقى فيهما بقية لا يعمها الماء؛ فيعذبان بالنار بسبب ذلك‏.‏

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره‏:‏ ‏(‏إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله؛ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم يمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين‏)‏

ثم اعلم أيها المسلم أنه ليس معنى إسباغ الوضوء كثرة صب الماء، بل معناه تعميم العضو بجريان الماء عليه كله، وأما كثرة صب الماء؛ فهذا إسراف منهي عنه، بل قد يكثر صب الماء ولا يتطهر الطهارة الواجبة، وإذا حصل إسباغ الوضوء مع تقليل الماء، فهذا هو المشروع‏:‏ فقد ثبت في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏؛ أنه صلى الله عليه وسلم ‏(‏كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد‏)

ونهى صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء؛ فقد ‏(‏مر صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يتوضأ؛ فقال‏:‏ ما هذا السرف ‏؟‏، فقال‏:‏ أفي الوضوء إسراف ‏؟‏‏!‏ فقال‏:‏ نعم، ولو كنت على جار‏)‏ رواه أحمد وابن ماجه، وله شواهد،والسرف ضد القصد‏.‏

وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون في أمته من يتعدى في الطهور، وقال؛‏(‏إن للوضوء شيطانا يقال له‏:‏ الولهان؛ فاتقوا وسواس الماء‏)‏ والسرف في صب الماء - مع أنه يضيع الماء من غير فائدة - يوقع في مفاسد أخرى‏:‏

منها‏:‏ أنه قد يعتمد على كثرة الماء؛ فلا يتعاهد وصول الماء إلى أعضائه؛ فربما تبقى بقية لم يصلها الماء، ولا يدري عنها، فيبقى وضوؤه ناقصا، فيصلي بغير طهارة‏.‏

ومنها‏:‏ الخوف عليه من الغلو في العبادة؛ فإن الوضوء عبادة، والعبادة إذا دخلها الغلو؛ فسدت‏.‏

ومنها‏:‏ أنه قد يحدث له الوسواس في الطهارة بسبب الإسراف في صب الماء‏.‏

والخير كله في الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه‏.‏

فعليك أيها المسلم بالحرص على أن يكون وضوءك وجميع عباداتك على الوجه المشروع، من غير إفراط ولا تفريط؛ فكلا طرفي الأمور ذميم، وخير الأمور أوسطها، والمتساهل في العبادة ينتقصها، والغالي فيها يزيد عليها ما ليس منها، والمستن فيها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يوفيها حقها‏.‏

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسا علينا؛ فنضل‏.‏




أحكام التيمم

إن الله سبحانه وتعالى قد شرع التطهر للصلاة من الحدثين الأصغر والأكبر بالماء الذي أنزله الله لنا طهورا، وهذا واجب لا بد منه مع الإمكان، لكن قد تعرض حالات يكون الماء فيها معدوما، أو في حكم المعدوم، أو موجودا، لكن يتعذر استعماله لعذر من الأعذار الشرعية، وهنا قد جعل الله ما ينوب عنه، وهو التيمم بالتراب؛ تيسيرا على الخلق، ورفعا للحرج‏.‏

يقول الله تعالى في محكم تنزيله‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}

والتيمم في اللغة‏:‏ القصد، والتيمم في الشرع‏:‏ هو مسح الوجه واليدين بصعيد على وجه مخصوص‏.‏ وكما هو ثابت في القرآن الكريم؛ فهو ثابت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وهو فضيلة لهذه الأمة المحمدية، اختصها الله به، ولم يجعله طهورا لغيرها؛ توسعة عليها، وإحسانا منه إليها‏.‏

ففي ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ وغيرهما‏:‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي‏:‏ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة؛ فليصل‏)‏ وفي لفظ‏:‏ ‏(‏فعنده مسجده وطهوره‏)‏ فالتيمم بدل طهارة الماء عند العجز عنه شرعا، يفعل بالتطهر به كل ما يفعل بالتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك، فإن الله جعل التيمم مطهرا كما جعل الماء مطهرا، قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏وجعلت تربتها - يعني‏:‏ الأرض - لنا طهورا‏.‏‏.‏‏.‏‏)

وينوب التيمم عن الماء في أحوال هي‏:‏

أولا‏:‏ إذا عدم الماء‏:‏ لقوله تعالى‏:‏{‏فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا‏}‏ ‏سواء عدمه في الحضر أو السفر، وطلبه، ولم يجده‏.‏

ثانيا‏:‏ إذا كان معه ماء يحتاجه لشرب وطبخ، فلو تطهر منه؛ لأضر حاجته؛ بحيث يخاف العطش على نفسه، أو عطش غيره من آدمي أو بهيمة محترمين‏.‏

ثالثا‏:‏ إذا خاف باستعمال الماء الضرر في بدنه بمرض أو تأخر برء؛ لقوله تعالى‏:‏ {‏وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا‏}‏ الآية‏.‏

رابعا‏:‏ إذا عجز عن استعمال الماء لمرض لا يستطيع معه الحركة، وليس عنده من يوضئه، وخاف خروج الوقت‏.‏

خامسا‏:‏ إذا خاف بردا باستعمال الماء، ولم يجد ما يسخنه به؛ تيمم وصلى؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏ ‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏} ففي تلك الأحوال يتيمم ويصلي‏.‏

وإن وجد ماء يكفي بعض طهره؛ استعمله فيما يمكنه من أعضائه أو بدنه، وتيمم عن الباقي الذي قصر عنه الماء؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏

وإن كان به جرح يتضرر بغسله أو مسحه بالماء، تيمم له، وغسل الباقي؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ‏}‏ وإن كان جرحه ولا يتضرر بالمسح؛ مسح الضماد الذي فوقه بالماء، وكفاه المسح عن التيمم‏.‏

ويجوز التيمم بما على وجه الأرض من تراب وسبخة ورمل وغيره، هذا هو الصحيح من قولي العلماء؛ لقوله تعالى‏:‏ {‏فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا‏}‏‏ وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا أدركتهم الصلاة، تيمموا بالأرض التي يصلون عليها، ترابا أو غيره، ولم يكونوا يحملون معهم التراب‏.‏

وصفة التيمم أن يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع، ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه، ويمسح كفيه براحتيه، ويعمم الوجه والكفين بالمسح، وإن مسح بضربتين إحداهما يمسح بها وجهه والثانية يمسح بها بدنه؛ جاز، لكن الصفة الأولى هي الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ويبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة وحيض ونفاس؛ لأن البدل له حكم المبدل، ويبطل التيمم أيضا بوجود الماء إن كان التيمم لعدمه، وبزوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه‏.‏

ومن عدم الماء والتراب أو وصل إلى حال لا يستطيع معه لمس البشرة بماء ولا تراب؛ فإنه يصلي على حسب حاله؛ بلا وضوء ولا تيمم، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يعيد هذه الصلاة؛ لأنه أتى بما أمر به؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏} وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أمرتكم بأمر؛ فأتوا منه ما استطعتم‏)‏ هذه جملة من أحكام التيمم سقناها لك، فإن أشكل عليك شيء منها أو من غيرها؛ فعليك أن تسأل أول العلم، ولا تتساهل في أمر دينك، لا سيما أمر الصلاة التي هي عمود الإسلام؛ فإن الأمر مهم جدا‏.‏ وفقنا الله جميعا للصواب والسداد في القول والعمل، وأن يكون عملنا خالصا لوجهه الكريم، إنه سميع مجيب الدعاء‏.‏


كتبت : ذا ليدي
-
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
كتبت : بحر الجود
-
[align=center][/align]

التالي
السابق