قتل خالد القسري للجعد بن درهم

مجتمع رجيم / قسم التاريخ الاسلامى
كتبت : سنبلة الخير .
-







قتل خالد القسري للجعد بن درهم
من اخبار التاريخ الاسلامي
يروي المؤرخون أن "خالد بن عبد الله القسري قتل الجعد بن درهم يوم عيدالأضحى بالكوفة (سنة 124هـ)؛ وذلك أن خالدا خطب الناس فقال في خطبته تلك: أيهاالناس ضحُّوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ إنه زعم أن الله لميتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما... ثم نزل فذبحه في أصلالمنبر".

عن قصة قتل خالد القسري للجعد بن درهم فقد تلقاها أهل العلمبالقبول وتناقلوها كالإمام البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابنكثير وغيرهم وإن كان قد ضعف إسنادها بعض أهل العلم .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
((وكان أول من أحدث هذا في الإسلام الجعد بن درهم في أوائل المائةالثانية فضحى به خالد ابن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق بواسط خطب الناس يومالأضحى فقال أيها الناس ضحوا يقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم أنه زعم أنالله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه)) التحفة العراقية (ص:68).
وقال أيضا :
((وكان قدماء الجهمية تنكر أن يكون الله يتكلم فإنحقيقة مذهبهم أن الله لا يتكلم ولهذا قتل المسلمون أول من أظهر هذه البدعة فيالإسلام الجعد ابن درهم ضحى به خالد بن عبد الله القسري في يوم النحر وقال ضحواأيها الناس تقبل الله ضحاياكم
فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذإبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزلفذبحه))العقيدة الأصفهانية (ص:23)
وقال أيضا:
(( وأولهم الجعد بن درهم ضحىبه خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بواسط وقال أيها الناس ضحوا تقبل اللهضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلمموسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه)) درءالتعارض(5/244).

يقول شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله :
((فلما اشتهرأمره في المسلمين طلبه خالد بن عبدالله القسري وكان أميرا على العراق حتى ظفر بهفخطب الناس في يوم الأضحى وكان آخر ما قال في خطبته أيها الناس ضحوا تقبل اللهضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذإبراهيم خليلا تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه في أصل المنبرفكان ضحية)) الصواعق المرسلة (3/1071)
فقد أجمع أهل العلم على أن أولواجبات الإمام والوالي لأمور المسلمين هو حراسة الدين وسياسة الدنيا به فحراسةالدين معناها صيانته وحفظه من عبث العابثين وإلحاد الملحدين والزنادقة الذين يريدونأن يحرفوا الكلام عن مواضعه بل إن هذا الواجب هو أساس قيام أي مجتمع إسلامي سليملأنه إذا أصبح الدين نهباً مباحاً لكل ملحد وحاقد لم يبق للناس رابطة تجمعهم ولاسياح يحوطهم والأيام التي كان فيها ولاة الأمور يضعون هذا الواجب نصب أعينهم ويقفونبالمرصاد لكل محاولات الطعن والتحريف في الدين كانت فيها الأمة ظاهرة وقويةومتماسكة وأما في الأيام التي يتنازل فيها الولاة عن هذا الواجب الأهم ترى فيهاالأمة ضعيفة مهملة دينها غرضاً لك رامي وكلأً لكل راعي وصفحتنا تلك صورة من صورالتصدي لمحاولات العبث والتحريف في عقيدة المسلمين نرى فيها كيف كانت عزة الإسلاموقوته عندما يقف رجال للدفاع عنه ضد الملحدين والزنادقة .
من هو الجعد بن درهم ؟
يرجع أصل الجعد بندرهم إلى منطقة خراسان وكان من موالي بني مروان وجاء خراسان وسكن مدينة دمشق وابتنىبها داراً بجوار الكنيسة فهو في الأصل أعجمي وليس عربي الأورمة لذلك فلا عجب عندمايضل عن معاني القرآن وقد اشتغل بدمشق في تعليم الصبيان في المكاتب وترقي به الحالحتى أصبح مؤدب مروان بن محمد بن الحكم وذلك سنة 75هـ تقريباً ومروان هو آخر خلفاءبني أمية لذلك عرف باسم مروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه وشيخه الجعد بن درهم .
الجعد بن درهم إمام التعطيل
قال السيوطي رحمه الله في كتاب الأوائل 'أولمن تفوه بكلمة خبيثة في الاعتقاد هو الجعد بن درهم فقال إن الله لا يتكلم' .
والجعد بن درهم هذا هو أول من تكلم في صفات الله عز وجل وأنكرهما وأول من قالبخلق القرآن وأنكر أن يكون الله عز وجل قد تكلم به وأنكر أن يكون اتخذ إبراهيمخليلاً , قال شيخ الإسلام ابن تيمية 'إن أول من حفظ عنه مقالة 'إن الله ليس علىالعرش حقيقة وأن معنى استوى بمعنى استولى هو الجعد بن درهم ' فهو بذلك أول وإمام المعطلين .
والتعطيل لغة معناة الفراغ والخلو وإصطلاحاً معناه نفي صفات الله عزوجل التي أثبتها لنفسه أو أثبتها له الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا النفي آما يكونبالكلية مثلما ذهب الجعد بن درهم وتلميذه الجهم بن صفوان وأما بالتأويل لمعاني أخرىوالتحريف في آيات الله مثل تأويل استوى باستولى وهذا النفي يجمع بين التحريفوالتعطيل معاً .
وكان الجعد بن درهم يتردد على العالم الكبير 'وهب بن منبه'وكانمن شدة احترامه لوهب كان إذا ذهب إليه يغتسل ويقول عن ذلك 'أنه أجمع للعقل' وكانيكثر في المسألة على وهب في باب الصفات وكان لوهب فراسة عظيمة فلما تخطئ فقال لهيوماً 'ويلك يا جعد اقصر المسألة عن ذلك إني لأظنك من الهالكين لو لم يخبرنا اللهفي كتابه أنه له يداً ما قلنا ذلك وأن له عيناً ما قلنا ذلك وأن له نفساً ما قلناذلك وأن له سمعاً ما قلنا ذلك وذكر الصفات من العلم والكلام وغير ذلك' ولكن الجعدلم يقبل هذا الكلام وأقبل على ضلاله .
مقالة التعطيل :
ربما يتساءل البعض فيقول من أين أتى الجعد بن درهم بتلك المقولة الخبيثة في اعتقاد المسلمين ولم يكنله سلف فيها والجواب عن ذلك عند ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق الذي قال 'قد أخذ الجعدبن درهم بدعته عن الضال الكافر بيان بن سمعان النهدي وهو من غلاة الشيعة الذينيعتقدون أن روح الله تعالى الله علواً كبيراً عما يقولون قد حلت بعلي بن أبي طالبومنها لأولاده وقد ادعى النبوة وقد قتل بسيف الشرع سنة 119هـ , أما بيان بن سمعانفقد أخذ مقالته من اليهودي طالوت ابن أخت لبيد بن أعصم والذي أخذها من خاله الشريرلبيد بن أعصم وهو الكلب اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم والذي أخذهابدوره من يهودي باليمن كان يقول إن التوراة مخلوقة وليست كتاب الله عز وجل ... فمقالة التعطيل يهودية الأصل والصنع حتى نقف على أس البلاء التي تعرضت له الأمة منقديم العهود وقد قام الجعد بن درهم باستكمال السلسلة الشيطانية فألقي بدعته ومقالتهالكفرية إلى الجهم بن صفوان الذي نقلها إلى بشر المريس إلى أحد بن أبي دواد حتى قمعتلك الفئة المتوكل العباسي .
مقتل الجعد بن درهم الخبيث :
ظل الجعد بن درهم مقيماً بدمشق حتى أظهر بدعته الخبيثة بين الناسوعرفوا حقيقة ضلاله فتطلبه بنو أمية الحكام فهرب منهم وسكن بالكوفة فلقيه فيهاالجهم بن صفوان فتقلد منه بدعته وبدأ الجعد يدعو لبدعته بالكوفة وكان على العراقوالياً قوياً وشديداً على المبتدعين والضالين وهو الوالي خالد بن القسري حاكمالعراق القوي والذي قتل من قبل عدة زنادقة ومدعين للنبوة منهم المغيرة بن سعيدالعجلي وبيان بن سمعان النهدي أستاذ الجعد بن درهم , فعندما وصلت أخبار الجعد بندرهم إلى خالد أخذه وناظره مع أهل العلم من التابعين وألزموه بطلان بدعته ولكنه أصرعليها ولم يرجع عنها واستتابه مدة ثلاثة أيام وهو مصر على بدعته وكفره .
وفي يوم 10 ذي الحجة سنة 124هـ اصطحبه خالد القسري إلى مدينته واسط وقام يخطب العيد علىالمنبر والجعد مكبل بقيوده أسفل المنبر ثم قال خالد للناس :'أيها الناس ضحوا يقبلالله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولميكلم موسى تكليماً تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً ' ثم نزل وقال له يا جعدارجع عن مقالتك فقال الجعد :'والله لا أرجع عنها أبداً' فأخذه خالد وذبحه في أصلالمنبر وفي ذلك يقول ابن القيم في نونيته الشهيرة عن المعطلة :
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ .... قسري يوم ذبائح القربان
إذا قالإبراهيم ليس خليله ..... كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان

قال الإمام الذهبي رحمه الله

قتيبة بن سعيد وغيره ، قالا : حدثنا القاسمبن محمد ، عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت خالداالقسري في يوم أضحى ، يقول : ضحوا تقبل الله منكم ، فإني مضح بالجعد بن درهم ، زعمأن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، تعالى الله عما يقول الجعدعلوا كبيرا ، ثم نزل فذبحه .
قلت : هذه من حسناته ، هي ، وقتله مغيرة الكذاب ))

سير أعلام النبلاء ( 5/432)




قال الدارمي توفي ( 280هـ)

( وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري، فذبحه ذبحاً بواسط يومالأضحى، على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين، ولا يعيبه به عائب، ولا يطعن عليهطاعن ، بل استحسنوا ذلك من فعله، وصوبوه من رأيه) .

الرد على الجهمية ص 204

وقال ابن كثير

( والذي يظهر أن هذالا يصح عنه، فإنه كان قائماً في إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بندرهم وغيره من أهل الإلحاد ، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح، لأن صاحب العقدكان فيه تشيع شنيع ومغالاة لأهل البيت ) .


منقول




كتبت : زهره الاسلام
-
جزاك الله خيرا ابنه الحدباء

موضوع جميل واكثر من رائع
كتبت : مشموشة العراق
-
كتبت : بنتـ ابوها
-
[align=center]
جزاك الله خير حبيبتي على النقل المفيد

تسلم ايدينك
[/align]
كتبت : سنبلة الخير .
-

التالي
السابق