الآثار المترتبة على قيام المرأة بالدعوة
الآثار المترتبة على قيام المرأة بالدعوة
لا بد لكل مجتهد من أثر ونتيجة – في الغالب – وعلى مقدار حجم الجهد
تأتي النتائج غالبا .
ومن هذه الآثار :
1- الأثر العلمي :
إن قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى انتشار العلم بصورة أوسع وأشمل , كما يوسع الأفق الفكري في الأوساط النسائية وعلى الخصوص ما يتعلق بخصائص الإسلام ومميزاته وهيمنته على جميع الأديان , إضافة إلى ما يجب على المرأة معرفته في أمور العقيدة والشريعة كي تعبد الله وتعوا إليه على علم وبصيرة .
كما أن العمل في الدعوة يؤدي إلى توفير كفاءات علمية في الوسط النسائي يمكن الرجوع النساء غليها في كثير من المسائل العلمية .
2- الأثر التربوي :
إن عدم قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى الوهم واعتقاد عدم تكليف المرأة المسلمة بالدعوة , فإذا وجد في النساء أمثال المرأة الداعية انتفى هذا الوهم واندفعت هذه الشبهة , واقتدت المرأة بسلفها الصالح في مجال الدعوة إلى الله .
كما أن قيام المرأة بالدعوة يجعل منها رقيبة على نفسها في قولها وفعلها وحركاتها وسكناتها .
إن عمل المرأة الدعوي يؤدي إلى اختفاء كثير من الممارسات الخاطئة التي أخذت طابع الظاهرة الاجتماعية في المجتمع النسائي بالذات .
3- الأثر النفسي :
إن مشاركة المرأة في الدعوة يؤدي إلى إبراز المكانة الشخصية للمرأة في تعاليم الإسلام , وزرع الثقة في النفس من حيث الشعور بالمساواة الإنسانية في الحقوق والواجبات , وأنها آخذة معطية وليست من سقط المتاع .
4- الأثر الاجتماعي :
إن مشاركة المرأة المسلمة للرجل في الدعوة إلى الله مما يوجد التوازن في التوجيه واتحاد الهدف وتضافر الجهود لإخراج جيل مسلم مستنير بعلوم القرآن الكريم والسنة المطهرة مترتب على الأخلاق الحسنة .
ومن الآثار المهمة في هذا الجانب سد ثغرة من ثغور الإسلام لحماية عرينه وتماسكه الاجتماعي , والصمود أمام الباطل الموجه بضده عامة وشؤون المرأة المسلمة بخاصة .
5- الأثر الاقتصادي :
إذا علم بالضرورة مسؤولية المراة المسلمة عن أهل بيت زوجها وولده فإن هذه المسؤولية العظيمة تتناول فيما تتناوله الحفاظ على مال الزوج وحسن التدبير فيه .
كما أن المرأة المسلمة الداعية توازن بين مصالح بيتها ومصالح الدعوة إلى الله ..
طرق إعداد المرأة للدعوة :
ينقسم إلى قسمين :
أولا / الإعداد النظري
.
ثانيا / الإعداد التطبيقي .
الفصل الأول / الإعداد النظري :
وينقسم على ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : الإعداد العلمي .
المبحث الثاني : الإعداد النفسي .
المبحث الثالث : الإعداد الاجتماعي .
والإعداد العلمي ينقسم إلى عدة مطالب منها :
المطلب الأول : أهمية العلم
إن العلم مهم وضروري للإنسان في هذه الحياة كي يسير على نور من الله سبحانه وتعالى , ينتفع به في خلافته على هذه الأرض , ويقوده إلى رضوان الله وجنته في الدار الآخرة .
والمراد بالعلم – كما قال ابن حجر رحمه الله - :
" هو العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته , والعلم بالله وصفاته , وما يجب له من القيام بأمره , وتنزيهه عن النقائص " .
وقد حث القرآن الكريم على العلم وخاصة العلم بالله ,
قال تعالى ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) محمد19
ولقد نظر الإسلام للعلم وأهله نظرة متميزة عن غيرهم , فرفع درجاتهم وفضلهم على الجاهلين قال الله عز وجل
( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) المجادلة11
أما ما ورد في السنة فمنه ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي الدرداء
رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة , وإن الملائكة لتضع
أجنحتها رضا لطالب العلم , وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء , وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ,
إن العلماء هم ورثة الأنبياء لم يرثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم
فمن أخذه أخذ بحظ وافر " .
المطلب الثاني : الإعداد العلمي للدعوة ضرورة
لما كان معلوما تكليف المرأة المسلمة بالدعوة إلى الله عقيدة وشريعة
وفق ما منحها الله من قدرات وحدود ,
وأن هذه الدعوة لا تقوم على ساق إلا إذا كانت مرتبطة بالعلم الشرعي تتسلح به في معركة الدعوة , فإن هذا الأمر يتطلب الإعداد العلمي المسبق كي تكون الدعوة على علم وبصيرة ونور لا على جهل وضلال .
والمتأمل في كتاب الله عز وجل يجد أن الله سبحانه أمر العباد بالعلم قبل القول والعمل لأن العلم شرط في صحتهما بلا منازع .
ويجب التنبيه إلى أن العلم والعمل متعاضدان يقوي أحدهما الآخر , وكل منهما يخدم الآخر , فالعلم يصحح العمل , والعمل الصحيح يرسخ العلم ويقويه .
ويمكننا الاستشهاد على هذين الجانين كليهما
بقوله سبحانه
( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ
وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف108
يقول الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله عن معنى البصيرة :
" والبصيرة هي العلم بما يدعو إليه وينهى عنه " .
والعلم لا يأتي إلا بطلب له وبحث عنه في مصادره , وأهم ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولعل البصيرة هنا تتناول الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن .
المطلب الثالث : حق المرأة في العلم
أوجب الله سبحانه على المرأة طلب العلم الضروري لإقامة ما كلفت به شرعا , على الوجه الصحيح .
وجعل طلب العلم من علامات الخير , حيث قرر المصطفى صلى الله عليه وسلم
ذلك فيما رواه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
أنه قال :
" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .
كما كلف المجتمع المسلم , بتأمين فرص التعليم للمرأة كالرجل يقوم به
ولي الأمر أو من ينوب عنه وفق الشروط المعلومة في الشرع .
المطلب الرابع : العلوم المطلوبة للإعداد الدعوي
أولا : علوم رئيسة
ثانيا : علوم مساعدة
فالعلوم الرئيسة :
هي المصادر الأولى لإعداد الداعية حيث إنها تمثل المرتكزات العلمية لدعوته ,
وأهم هذه العلوم ما يلي :
1- القرآن الكريم :
يتعلم الداعية من كتاب الله كيفية الدعوة عن طريق سرد القصة القرآنية والمثل القرآني لإيقاظ الشعور الإيماني في النفوس , كما يجذب انتباه السامعين عن طريق عرض أسلوب الحوار والمجادلة في كتاب الله , كما يتعلم عرض الدعوة بأسلوب الاستفهام التقريري أو الإنكاري , وأسلوب الترغيب والترهيب .
2- التفسير :
إن الدعاة إلى الله هم أحوج الناس لمعرفة كتاب الله والإحاطة بمعانيه على قدر الاستطاعة , لأن حاجة الناس إليهم في ذلك ماسة حيث قيامهم بالدعوة إلى الله
وإلى كتابه ,
وإذا كان الناس عند نزول الوحي على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في حاجة إلى تفسير كلام الله عز وجل , فإن الناس في عصرنا الحاضر أشد حاجة
إلى ذلك لفهم القرآن والعمل به على مراد الله سبحانه ومراد رسوله
صلى الله عليه وسلم
لا على مراد أصحاب الأهواء الضالة .
3- الحديث النبوي :
وهو المصدر الثاني للتشريع , وهو مرتبط به ارتباطا وثيقا , لأن الحديث النبوي جاء موضحا للقرآن بالإضافة إلى شموله لأحكام شرعية لم يتعرض لها القرآن الكريم .
ولذا فإن الحديث النبوي مهم للداعية , يستمد منه الزاد العلمي , ويمده بالشواهد والأدلة التي يستنبط منها الأحكام الشرعية .
كما يأخذ الداعية من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفات اللازمة التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته وحث عليها أمته .
4- علم العقيدة :
وترجع أهمية دراسة العقيدة وذلك لأن التوحيد هو المحور الأساسي للدعوة وهو الذي يرتكز عليها عبادة الله سبحانه وتعالى , كما أن العبادة لا تصلح إلا به .