مادة العقيدة المستوى الاول

مجتمع رجيم / أرشيف معهد رجيم
كتبت : جويرية33
-
حبيباتي واخواتي اخوات منتدى ريجيم

اهلا بكم ومرحبا في معهد ريجيم للعلوم الشرعية

ومرحبا بكم في ساحة العقيدة

وهي من المواد المهمة جدااااااااااااا
دراستها




وسيتم مدارستها من كتاب ( إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب )
وباذن الله كل اسبوع سيتم انزال درس هنا في هذه الصفحة في الاثنين من كل اسبوع
وسيتم كتابة واجب وسيتم حل الواجب في الصفحة الخاصة بكل طالبة مع تحديد اسم المادة ورقم الدرس


وجزاكم الله كل خير</B></I>
كتبت : جويرية33
-



الـمـقــدمــة


الشيخ / وليد بن راشد بن سعيدان


بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين وعليه أتوكل


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .. ثم أما بعد :




فلا زلنا - ولله الحمد والمنة - نبدئ في التوحيد ونعيد ، ونسهب فيه ونختصر ؛ وذلك لأنه الحكمة والغاية التي من أجلها خُلقنا وعليه مدار السعادة في الدارين ولا نجاة للعباد إلا به ، فهو موضوع حياتنا الذي لا ينتهي وموئل عزنا الذي لا ينقضي ، والتنويع في عرضه والتفنن في طرح مسائله من المطالب المهمة ، فإذا أحسست من نفسك الأمارة بالسوء كبرًا عن سماع مسائله أو استصغارًا لها فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم فإنها نزغة من نزغاته ونفخة من كيره العفن - أعاذنا الله وإياك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن - .




وإني والفضل لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا قد نوعت طرح مسائله ، فنظمته في القصيدة النونية ، وقعدته في القواعد المذاعة ، واستخرجت فوائده في القول الرشيد ، والله المسئول وحده لا شريك له أن ينزل في ذلك البركة تلو البركة ، وأن يجعله نافعًا لي ولعامة المسلمين النفع العاجل والآجل ، وأن يشرح لها الصدور ويفتح فيها الأفهام .




وهاأنذا أشرع في طرح مسائله بطريقة جديدة محببة للنفوس سهلة المأخذ عظيمة الفائدة جميلة العائدة ، وهي طريقة السؤال والجواب ، ولست في هذه الطريقة حائز قصب السبق ، فإنه قد سبقني لها الأكابر الفضلاء الأجلاء أهل المنازل العالية والمراتب السامية ، وإنما قصدي بها التشبه بهم عسى أن أحشر معهم فإن (( من تشبه بقومٍ فهو منهم )) ، رفع الله نزلهم وأجزل لهم الأجر والمثوبة وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ، ورحم الله أمواتهم وغفر لهم وجمعنا بهم في الجنة ، وثبت أحياءهم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولا حرمنا الله بركة الانتفاع بعلمهم ، وعسى أن لا أفسد عليهم أو أكون بهذه الكتابة متطفلاً عليهم ، فأعوذ بالله عز وجل من زلل البنان واللسان ، وأسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يهديني سواء السبيل وأن يمن علي بالقول الأحسن .




وأسميت هذه الوريقات ( إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة في سؤال وجواب ) ، فيا رب أسألك باسمك الأعظم الذي لا يرد من سألك به أن تعين عبيدك الضعيف على إتمامه على أكمل الوجوه وأتم الطرق وأن تنزل فيه البركة تلو البركة وأن تجعله عملاً خالصًا لوجهك الكريم لا أرجو به مدحًا ولا ثناءً من أحد من خلقك ، وأن ترزقه القبول العام وأن تجعله مرجعًا في هذه المسائل ، ويا رب أعوذ بوجهك ذي الجلال والإكرام أن تجعله وبالاً عليَّ ، وارحم ضعفي وعجزي وقلة علمي وفهمي واغفر لي تقصيري وزللي إنك أنت أرحم الراحمين.
وإلى المقصود والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم




وهذه كانت مقدمة الكتاب ولابد من قرائتها لفهم واستيعاب ماذا سندرس باذن الله


الواجب :

معافاة هذه المرة

كتبت : جويرية33
-





الدرس اثاني


إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد والعقيدة




في سؤال وجواب





تأليف الشيخ / وليد بن راشد بن سعيدان



[glow=990099]

المحاضرة الأولى



[/glow]

[glow=FF9900]

مصادر التلقي عند أهل السنة وعند غيرهم ( 1 - 3 )

[/glow]



س1: ما الأشياء التي يساق منها المعتقد مع بيان ذلك بالدليل ؟



ج1: هذا سؤال عظيم النفع غزير الفائدة كثير البركة وعليه مدار الشريعة وهو الفيصل بين المسلمين وغيرهم وبين أهل السنة وأهل البدعة ، وجوابه أن يقال : إن أمور الاعتقاد ومسائله لا تساق إلا من كتاب الله جل وعلا وما صح من سنة نبيه [ صلى الله عليه وسلم ] ، فإنهما المعين الصافي الذي لا شوب فيه ولا كدر ، فأهل السنة والجماعة ، بل المسلمون على وجه العموم لا يأخذون معتقدهم إلا من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة [ رضي الله عنهم ] ، وليس لهم إلا هذان الأصلان العظيمان ، وفيهما الهداية والكفاية لمن أراد الله هدايته ، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه ، ولمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .



وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله
[ صلى الله عليه وسلم ] : ( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة
) رواه مسلم .



وعن العرباض بن سارية
[ رضي الله عنه ] قال : صلى بنا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ذات يومٍ ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة ذرفت


منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل : يا رسول الله كأنها موعظة مودعٍ فأوصنا ، فقال : (
أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًا فإنه من يعش منكم فسيري اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بسندٍ صحيح .



وعن ابن مسعودٍ
[ رضي الله عنه ] قال : خط لنا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] خطًا ثم قال : ( ( هذا سبيل الله ) ) ، ثم خط خطوطًا عن يمينه وشماله وقال : ( هذه سبل وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه ) وقرأ : ﴿ وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله رواه أحمد والنسائي بسندٍ حسن وصححه الحاكم .



وعن عبدالله بن عمرو
[ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به ) وفي سنده ضعف .



وعن أبي موسى
[ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( إن مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت العشب والكلأ الكثير ، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ) متفق عليه .



وقال - عليه الصلاة والسلام - : (
تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله وسنتي
).


وعلى ما دلت عليه هذه النقول انعقد إجماع أهل السنة والجماعة ، فقال عبدالله بن مسعود : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) ، وقال [ رضي الله عنه ] : ( إنا نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع ولن نضل ما تمسكنا بالأثر
) .



وقال محمد بن سيرين - رحمه الله تعالى - : ( كانوا - أي السلف - يرون أنهم على الطريق ما كنوا على الأثر
) .



وقال شاذ بن يحيى - رحمه الله تعالى - : ( ليس طريق أقصد إلى الجنة من طريق من سلك الآثار
) .



وقال جمع من الصحابة والسلف - رحمهم الله تعالى - : ( الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة
) .



وقال ابن عمر [ رضي الله عنه ] : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة
) .



وقال عبدالله بن الديلمي - رحمه الله تعالى - : ( إن أول ذهاب الدين ترك السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة
) .



والنقول وكلام السلف في ذلك كثير ، وإنما المقصود الإشارة ، فهذه النقول الصحيحة الصريحة تفيدك إفادة قطعية أنه يجب الاعتصام بالكتاب والسنة وأن لا يؤخذ المعتقد إلا منهما ، جعلنا الله وإياك من المتبعين لهما باطنًا وظاهرًا ، والله أعلم .














س2: هل هناك طوائف أخذت معتقدها من غير الكتاب والسنة ؟



ج2:نعم ، بل طوائف كثيرة خالفت منهج الكتاب والسنة، فأهل الكلام المذموم لا يأخذون معتقدهم إلا من عقولهم العفنة المنتنة ، فما وافق عقولهم من النقول أخذوه واعتمدوه وما خالفه ردوه واتهموه ، فتارة يردونه ؛ لأنه خبر آحاد ، وتارة يردون المعنى بالتحريف الذي يسمونه تأويلاً ، فالعقل عندهم مقدم على النقل ، فيثبتون ما أثبتته عقولهم وإن لم يكن عليه دليل ، ويردون ما ترده عقولهم وإن كانت عليه الأدلة المتواترة .



ومثال آخر : الرافضة ، فإنهم اعتمدوا في أخذ معتقداتهم على المرويات والنقول المكذوبة على آل البيت
[ رضي الله عنه ] .



ومثال آخر : الصوفية ، فإنهم اعتمدوا في أخذ معتقداتهم على الدجل والخرافة والأحاديث الموضوعة المختلقة والأحلام والمنامات التي لا خطام لها ولا زمام ، وما يدعونه من المكاشفات وخوارق العادات التي هي في حقيقتها أحوال شطانية وخرافات إبليسية ضلل بها جبلاً كثيرًا ؛ لأنهم لا يعقلون ولا من الكتاب والسنة يصدرون .



والأمثلة كثيرة ، وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فاسمع إلى قوله
[ صلى الله عليه وسلم ] : ( وستفترق أمتي علا ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ... ) الحديث ، فهذا الكم الهائل من الفرق كلها ضلت في أمور العقيدة ؛ لأنها لم تعتمد في أخذها على كتاب ربها وسنة نبيها [ صلى الله عليه وسلم
] ، والله أعلم .
















س3: مَنْ أهل السنة والجماعة ؟ وما أبرز صفاتهم ؟



ج3: أهل السنة والجماعة : هم السلف والطائفة المنصورة وأهل الحديث والأثر والفرقة الناجية ، وهم الذين اجتمعوا على الأخذ بكتاب الله تعالى وسنة الحبيب [ صلى الله عليه وسلم ] باطنًا وظاهرًا في الاعتقادات والأقوال والأعمال ، وعلى رأسهم صحابة النبي [ صلى الله عليه وسلم ] والتابعون وتابعوهم بإحسان ، الذين هم خير القرون لقوله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) وهو في الصحيح .



وأما صفاتهم فهي كثيرة ، لكن من أبرزها ما يلي :



الأول : أنهم لا يأخذون معتقدهم إلا من الكتاب والسنة .



الثاني :أن النقل عندهم مقدم على العقل ، والعقل عندهم وسيلة لفهمه .



الثالث :أنهم يعتقدون الاعتقاد الجازم أنه لا يتعارض النص الصحيح مع العقل الصريح.



الرابع :أنهم وسط بين فرق الأمة كوسطية الأمة بين الأمم .



الخامس :أنهم يقفون حيث وقف النص فلا يقصرون عنه ولا يزيدون عليه .



السادس : أنهم يأخذون بأخبار الآحاد الصحيحة في إثبات أمور الاعتقاد .



السابع : أن اعتقادهم لا يتغير ولا يتبدل على مرِّ الأزمنة ؛ لأنه مبني على رواسخ ثابتة وأدلة يقينية من الكتاب والسنة فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .



الثامن : أنهم المشهود لهم بالنجاة والنصر في الدنيا والآخرة ، كما ورد في حديث الافتراق الذي يصح بطرقه .



التاسع :أن مذهبهم هو الأعلم والأحكم والأسلم .



العاشر : أن إثباتهم للصفات لا تمثيل فيه وتنزيههم لا تعطيل فيه .



الحادي عشر :أنهم لا يقعون في خيار الأمة وسلفها بقدحٍ ولا غيره ، بل يستغفرون لهم ويترضون عنهم .



الثاني عشر :أنهم لا يتسمون إلا باسم الإسلام والإيمان أو ما ورد به الدليل أو وقع عليهم إجماعهم .



الثالث عشر :أنهم لا يوالون ولا يعادون على شعارات زائفة وأسماء تافهة وأصول ملفقة ، بل عمدتهم في ذلك الكتاب والسنة ، فيوالون من والاهما ويعادون من عاداهما .



الرابع عشر : أن الحق يدور معهم حيث داروا ، فلا يمكن أبدًا أن يكون الحق مع طائفة دونهم ، بل هم ميزان الطوائف ، فمن وافقهم من الطوائف فإنه ينال من الحق بقدر هذه الموافقة ، ومن خالفهم فإنه زائغ عن الصراط المستقيم بقدر هذه المخالفة .



الخامس عشر :أن أمور الغيب عندهم مبناها على التوقيف فلا يثبتون منها أو ينفون إلا ما أثبته الدليل أو نفاه ، ولا يقحمون عقولهم فيما ليس لها فيه مجال .



السادس عشر :أن علمهم هو العلم النافع وعملهم هو العمل الصالح ، وذلك لأنه مبني على الكتاب والسنة وعلى الإخلاص والمتابعة .



السابع عشر :أنهم لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ثابتين على الحق كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم وغيره .



الثامن عشر :أنهم أكمل الناس إيمانًا وأعمقهم علمًا وأقلهم تكلفًا وأشدهم متابعة للكتاب والسنة وأكملهم تحقيقًا لمراتب الدين من الإسلام والإيمان والإحسان .



التاسع عشر : أن معهم الحق المطلق وأما غيرهم فليس معه إلا مطلق الحق أي بعض الحق .



العشرون : أنهم الموفقون للشرب من حوضه [ صلى الله عليه وسلم ] فلا يذادون عنه كما يذاد غيرهم ؛ لأنهم لم يحدثوا ولم يبدلوا ولم يغيروا .



الحادي والعشرون :أنهم متفقون لا يفترقون ومؤتلفون لا يختلفون .



جعلنا الله وإياك منهم وحشرنا في زمرتهم ، والله أعلم .

















[glow=FF9900]التوحيد ( 4 - 15 [/glow][glow=FF9900])[/glow]



[glow=FF9900]
[/glow]








العبادة هي الغاية التي خلقنا الله من أجلها









س4: لماذا خلقنا الله تعالى ؟ مع بيان ذلك بالأدلة .



ج4: خلقنا الله تعالى لعبادته ، قال تعالى : ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ ، وقال تعالى : ﴿يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألاَّ تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألاَّ تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ... الآية ، وقال تعالى : ﴿ وقضى ربك ألاَّ تعبدوا إلا إياه ﴾ ، وقال تعالى عن أنبيائه أنهم قالوا لأممهم : ﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قالها نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وجميع الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم .



وقال - عليه الصلاة والسلام - : (
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ... ) الحديث ، متفق عليه .



وقال - عليه الصلاة والسلام - : (
حـق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا ) ، والأدلة على ذلك كثيرة ، والله أعلم .













س5: ما العبادة ؟ وما أركان قبولها ؟ مع الأدلة .



ج5:العبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .


وأركان قبولها ركنان :



الأول : الإخلاص لله تعالى ، قال تعالى : ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .. ، وقال تعالى : ﴿ألا لله الدين الخالص﴾، وقال تعالى : ﴿قل الله أعبد مخلصًا له ديني﴾.


وقال - عليه الصلاة والسلام - : (إنما الأعمال بالنيات) الحديث، وقال - عليه الصلاة والسلام - : (قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي يقوم الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل
) حديث صحيح .



وقال تعالى : ﴿
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
﴾ .



والركن الثاني : المتابعة للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، لحديث عائشة المشهور : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث جابر المشهور: ( وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) ، وسيأتي مزيد بيان لذلك - إن شاء الله تعالى - ، والله أعلم .













[glow=33FF00]
الواجب:
[/glow]
1- من هم اهل اسنة والجماعة واذكري خمس صفات من صفاتهم
2-ماهي العبادة وما اركان قبولها؟




كتبت : جويرية33
-




[glow=FF0000]
الدرس الثاني:

[/glow]


[glow=FFFF00]

أقسامه التوحيد، وشروط الكلمة التي تدل عليه

[/glow]

س6:كم أقسام التوحيد - باختصار - ؟

ج6: التوحيد ثلاثة أقسام : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .
وبعض السلف يجعله قسمين اختصارًا :
الأول :
التوحيد في المعرفة والإثبات ، وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات.

والثاني :
توحيد في القصد والطلب ، وهو توحيد الألوهية .

وهو خلاف تنوع لا تضاد ، أي هو اختلاف في العبارة فقط ، والله أعلم .









س7:
ما توحيد الربوبية ؟ وهل الإقرار به وحده كافٍ للحكم بالإسلام ؟ ومن الذي اشتهر عنه إنكاره ؟ مع بيان ذلك بالأدلة .

ج7: توحيد الربوبية : هو توحيد الله بأفعاله ، من الخلق والملك والتدبير والإحياء والإماتة ونحو ذلك .
قال تعالى : ﴿ الله خالق كل شيء ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وخلق كل شيء فقدره تقديرًا ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ تبارك الذي بيده الملك ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ذلكم الله ربكم له الملك ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ مالك يوم الدين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون
﴾ ، والآيات في ذلك كثيرة .

والإقرار به وحده ليس بكافٍ للحكم بالإسلام ؛ وذلك لأن المشركين كانوا يقرون بهذا التوحيد كما قال تعالى : ﴿ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون . قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون . قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون ﴾ ، ومع ذلك قاتلهم النبي [ صلى الله عليه وسلم
]وأمر بقتالهم واستباح دماءهم واسترق رجالهم ونساءهم .

واعلم أن هذا التوحيد لا يعرف عن أحدٍ من بني آدم أنه أنكره باطنًا ولكن عرف إنكاره ظاهرًا عن فرعون وقومه لعنهم الله تعالى ، قال تعالى : ﴿ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا ﴾ ، وقال تعالى عن موسى أنه قال لفرعون : ﴿ لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورًا
﴾ .

وعرف إنكاره أيضًا عن الدهرية الذين ينسبون الموت إلى الدهر ، قال تعالى حاكيًا مقالتهم الكفرية : ﴿ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر
﴾ .

وعرف أيضًا إنكاره ظاهرًا عن الثنوية الذين يزعمون أن للعالم خالقين النور والظلمة .
وكل هذه الطوائف لا تستطيع أن تنكر هذا التوحيد باطنًا وإن أنكروه مكابرة وظلمًا ظاهرًا ؛ لأنه متقرر في الفطرة فإنه ﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ﴾ . وفي الحديث أيضًا : ( ( خلقت عبادي حنفاء فجاءت الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ) ) . وقال تعالى : ﴿ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ﴾ ، والله أعلم .


س8:ما التوحيد الذي نزلت به الكتب وأرسلت به الرسل ؟ مع توضيح ذلك بالأدلة .
ج8: هو توحيد الألوهية وهو توحيد العبادة ، وهو توحيد القصد والطلب ، أي توحيد الله بأفعالنا .
وعنـدنـا فـي ذلـك قـاعــدة يجـب حـفـظـها وهـي : أن أصل دين الأنبياء واحد وشرائعهم مختلفة .
ونقصد بأصل الدين أي الدعوة إلى هذا التوحيد ، كما قال تعالى : ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ﴾ ، فهذا نوح - عليه السلام - يقول لقومه : ﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾ ، وهذا صالح - عليه السلام - يقول لقومه : ﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾ ، وهذا شعيب يقول لقومه : ﴿ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾ ، ولذلك قال - عليه الصلاة والسلام - : ( نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات ديننا واحد وشرائعنا مختلفة ) ، وفي الحديث السابق : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله
) متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - .
فهذا التوحيد هو المطلوب من جميع الأمم على لسان أنبيائهم - عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم - ، وهو الذي وقعت فيه الخصومة بين الأنبياء وأممهم وهو الذي بسبب رفضه ومحاربة أهله أهلك الله تعالى الأمم السابقة ، فاحفظ هذا وتنبه فإن بعض الطوائف
تقول : إن التوحيد المطلوب على لسان الرسل هو توحيد الربوبية . وهذا مجانب للصواب ، بل التوحيد المطلوب والذي به نزلت الكتب وأرسلت به الرسل هو توحيد الألوهية ، جعلنا الله وإياك ممن آمن به وحققه وكمل مراتبه ، والله أعلم .


س9: ما كلمة التوحيد ؟ وما أركانها ؟ وما معناها ؟ مع الدليل .
ج9: أما كلمة التوحيد فهي ( لا إله إلا الله ) وهي العروة الوثقى .
وأما أركانها فاثنان : النفي في قولك : ( لا إله ) وهذا نفي لجنس الآلهة ، والإثبات في قولك : ( إلا الله
) وهو إثبات الألوهية لله تعالى .

وأما معناها فهو : أنه لا معبود بحق في هذا الوجود إلا الله تعالى .
هذا هو معناها الصحيح ، فاحفظه واشدد عليه يديك ؛ ذلك لأن بعض الطوائف تقول إن معناها لا خالق إلا الله ، أو لا رازق إلا الله أو لا قادر على الاختراع إلا الله ، وهذا صحيح كله ، ولكن ليس هو المعنى الصحيح لهذه الكلمة ، بل المعنى الصحيح لها هو ما ذكرْته لك من أنه لا معبود بحق إلا الله ، قال تعالى : ﴿ ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ﴾ ، فلا تغتر بكلام أهل الأهواء ، فإنه لم يبن على علمٍ ولا هدى ، بل مبناه على العماية والضلالة ومخالفة المنقول ومصادمة المعقول، عافانا الله وإياك من الضلالة والغواية، والله أعلم .


س10: لماذا قلت : ( بحق ) ؟ ألا يكفي أن تقول : ( لا معبود إلا الله ) ؟
ج10: إن هذا القيد مهم جدًا ؛ لأن هناك أشياء عبدت مع الله ، فعُبدت الملائكة والشمس والقمر وعُبد الجن والشياطين وعُبد الشجر والحجر والنجوم ، لكن هذه كلها عبادات باطلة ؛ لأنها صرف للعبادة لمن لا يستحقها ، وإنما العبادة الحق هي لله تعالى ، ولذلك فلابد من قولك ( بحق ) حتى يخرج ما عبد بالباطل كما في الآية السابقة ، والله أعلم .



س11:اذكر شيئًا مما يدل على فضل هذه الكلمة العظيمة ؟
ج11: النصوص الواردة في فضلها كثيرة جدًا ، لكن أذكر لك طرفًا منها ، قال تعالى : ﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ﴾ .
وقال - عليه الصلاة والسلام -: ( من مات وهو يعلم ألا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه مسلم ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ما من عبدٍ قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق - ثلاثًا - ) متفق عليه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أسعـد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه )، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة ) متفق عليه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( قال موسى : يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به . قال : يا موسى قل : لا إله إلا الله . قال : يا رب كل عبادك يقولون هذا . قال : يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله ) رواه ابن حبان والحاكم بسندٍ صحيح ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله الله وفي قلبه وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير ) رواه البخاري ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) حديث حسن ، ومنها حديث البطاقة المشهور وفيه : ( فوضعت هذه البطاقة في كفة فمالت بهذه السجلات ) وهي بطاقة فيها لا إله إلا الله، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ( من شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل
) متفق عليه ، وقد ورد أنها مفتاح الجنة.

فهذه النقول وغيرها مما يدلك على عظم هذه الكلمة وفضلها ، بل ورد أنها أفضل الذكر كما في الحديث : ( أفضل الذكر لا إله إلا الله )، والله أعلم .



س12: ما شروط هذه الكلمة ؟ مع توضيح ذلك بالأدلة .
ج12:
ذكر أهل العلم - رحمهم الله تعالى - أن هذه الكلمة لا يتم الانتفاع بها إلا لمن حقق مع قولها ثمانية شروط :

الأول : العلم ، وضده الجهل ، والمقصود : العلم بمدلولها من نفي الإلهية عما سوى الله تعالى ، وإثباتها لله وحده جل وعلا وأنه لا يستحق أحد العبادة إلا هو سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله ﴾ فأمره بالعلم بذلك ، وقال تعالى : ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون
﴾ .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من مات وهو يعلم ألا إله إلا الله دخل الجنة
) ، فاشترط العلم بذلك .

الثاني : الإخلاص ، وضده الشرك ، وهو أن يقولها خالصًا من قلبه مجتنبًا ما يضادها مطلقًا وهو الشرك الأكبر أو ما ينقص كمالها الواجب وهو الشرك الأكبر ، قال تعالى : ﴿ فاعبد الله مخلصًا له الدين ﴾ ، وأعظم العبادة قولها والعمل بمدلولها ، وقال تعالى : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء
﴾ وعبادته هو تحقيق هذه الشهادة بمقتضياتها .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله )، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله
) وكلاهما في الصحيح .

الثالث : اليقين ، وضده الريب ، ومعناه : أن يقولها وهو معتقد لمدلولها الاعتقاد الجازم بيقين راسخ كرسوخ الجبال بلاشك أو ريب ، قال تعالى : ﴿ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ﴾ ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ( أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة ) ) ، وفي الحديث الآخر : ( ( فيدخل النار أو تطعمه ) ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - لأبي هريرة وأعطاه نعليه : ( ( اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت وراء هذا الحائط يشهد ألا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة )
) رواه مسلم .

الرابع : الصدق ، وضده الكذب ، أي لابد أن يتوافق قول الباطن مع القول الظاهر ، فيكون قلبه مصدقًا بمدلول هذه الكلمة ، لا كالمنافقين الذين قالوا : ﴿ نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ ، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ والذي جاء بالصدق وصدق به ﴾ أي جاء بلا إله إلا الله مصدقًا بها قلبه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من قال لا إله إلا الله صدقًا من قلبه حرمه الله على النار
) .

الخامس : المحبة ، وضدها الكره والبغض ، ومعناه : أن يقولها محبًا لها ولمدلولها ومحبًا لله ورسولـه [ صلى الله عليه وسلم ]ومحبًا لما يحبـه الله ورسولـه ، قـال تعالى : ﴿ والذين آمنوا أشد حبًا لله ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ذلك بأنهم كرهوا ما نزل الله فأحبط أعمالهم
﴾ .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ) متفق عليه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) متفق عليه ، ولذلك فإن من النواقض لهذه الكلمة بغض شيء مما جاء به النبي [ صلى الله عليه وسلم
].

السادس : القبول ، وضده الرد ، ومعناه : أن يقبل ما دلت عليه هذه الكلمة من النفي والإثبات ويقبل ما جاء به النبي [ صلى الله عليه وسلم ]من الشريعة ، قال تعالى : ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعرٍ مجنون
﴾ .

السابع : الانقياد ، وهو العمل بما تقتضيه هذه الكلمة ، قال تعالى : ﴿ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى ولله عاقبة الأمور ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ بلى من أسلم وجهه إلى الله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
﴾ .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت بـه ) ، وقال أبو بكرٍ [ رضي الله عنه ] : ( والله لو منعوني عقالاً - وفي رواية : عناقًا - كانوا يؤدونها للنبي [ صلى الله عليه وسلم ]لقاتلتهم على منعه
) متفق عليه .

الثامن : الكفر بالطاغوت ، قال تعالى : ﴿ يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً أولئك لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرًا
﴾ .

وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله
) رواه مسلم .

ويجمعها لك قول الناظم :
وشـروطها سـرد إليـك بيـانهـا العلـم والإخـلاص للرحمـن

وكـذا المحبـة واليقـين قبـولهـا والصدق والتسليـم يا إخـواني
ويـزاد كفـرك بالطـواغيت التي عمت بها البلـواء في الأوطـان
والله أعلم .



س13:ما الفرق بين القبول والانقياد ؟
ج13: الفرق بينهما هو أن القبول عمل القلب ، فهو واجب الباطن ، وأما الانقياد فهو عمل الجوارح ، أي هو واجب الظاهر ، والانقياد علامة القبول وكلما ازداد القبول في القلب تحقق كمال الانقياد في الظاهر ، والله أعلم .


س14:عرف الطاغوت ، مع بيان ذلك بالأمثلة .
ج14: الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاع ، هكذا عرفه العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى - ، فمثال المعبود : قوله [ صلى الله عليه وسلم ]: ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة ) وهو طاغية دوس التي تعظمه في الجاهلية ، والحديث في الصحيح ، وكالشياطين التي تأمر بعض الطوائف من السحرة والكهنة وغيرهم بعبادتهم كما قال تعالى : ﴿ ويوم يحشرهم جميعًا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم به مؤمنون ﴾ .
ومثال المتبوع : كالملوك الظلمة الكفرة الذين يأمرون أتباعهم بمخالفة الشريعة والتحاكم إلى الأعراف والسلوم وعادات القبائل ، والقوانين الوضعية ، ويحاربون تطبيق الشريعة ومن يدعو إلى تطبيقها .
وأما المطاع : فكالأحبار والرهبان وعلماء السوء الذين يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله فيطاعون في ذلك كما في حديث عدي مرفوعًا : ( أليس يحلون لكم ما حرم الله تحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه ) ؟ قال: نعم . قال : ( فتلك عبادتهم
) وسنده صحيح .
لكن لابد من التنبيه على أمرٍ وهو أن من عبد من دون الله وهو غير راضٍ بذلك فإنه لا يسمى طاغوتًا ، وسيأتي زيادة إيضاح لذلك - إن شاء الله تعالى - .



س15:كيف يكون تحقيق التوحيد ؟ وما ثواب من حققه ؟ مع بيان ذلك بالدليل .
ج15: يكون تحقيق التوحيد : بتصفيته من شوائب الشرك كله أكبره وأصغره ، ومن شوائب البدعة كلها الاعتقادية والعملية ، ومن شوائب المعصية ، أي أن يكون مجانبًا لهذه الأمور المجانبة التامة المطلقة ، وإذا وقع منه الخلل في شيء من ذلك فليبادر بالتوبة النصوح المستجمعة لشروطها .
وثوابه إذا فعل ذلك : دخول الجنة ، بل قد يكون بذلك من السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذابٍ ، قال تعالى : ﴿ والذين هم بربهم لا يشركون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾ . وقال - عليه الصلاة والسلام - في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حسابٍ ولا عذاب : ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) والحديث في الصحيح ، وبناءً على ذلك فإن تحقيقه - أي التوحيد - يتفاوت بين الأفراد بتفاوت حرصهم على تجنيبه الشرك والبدع والمعاصي ، والله أعلم .

[glow=00FF33]
الواجب:

[/glow]
1-كم أقسام التوحيد - باختصار - ؟

2-وهل الإقرار بتوحيد الربوبية وحده كافٍ للحكم بالإسلام؟
3- ما الفرق بين القبول والانقياد ؟







كتبت : جويرية33
-





الدرس الثالث :

align="right"> [glow=00FFFF]

حقيقة الشرك ، وبيان بعض مظاهره القولية والعملية والاعتقادية ( 16 - 89 )
أقسام الشرك ، وكيف وقع في بني آدم ؟
[/glow]
س16:ما أنواع الشرك ؟ وما الفرق بينها ؟ وهل هو الكفر أم بينهما اختلاف ؟

ج16: قسَّم أهل العلم - رحمهم الله تعالى - الشرك إلى قسمين : الشرك الأكبر ، والشرك الأصغر ، وفرقوا بينهما بعدة أمور :

الأول :
أن الشرك الأكبر مخرج من الملة ، وأما الشرك الأصغر فإنه لا يخرج عن الملة ، وبمعنى آخر نقول : الشرك الأكبر ينافي مطلق الإسلام ، وأما الأصغر فإنه ينافي كماله الواجب .

الثاني :
أن الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال إذا مات صاحبه عليه ، وأما الشرك الأصغر فإنه لا يحبط إلا العمل الذي خالطه على تفصيل سيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - .

الثالث :
أن الشرك الأكبر موجب للعداوة المطلقة والبغضاء المطلقة ، وأما الأصغر فإنه يوجب من البغض والعداوة بمقداره فقط ، أي أنه يوجب مطلق العداوة لا العداوة المطلقة .

الرابع : أن الشرك الأكبر لا يدخل في حيز المغفرة إذا مات صاحبه عليه كما قال تعالى : ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
﴾ ، وأما الأصغر ففيه خلاف والأقرب أنه داخل في حيز المغفرة - إن شاء الله تعالى - .

الخامس :
أن الشرك الأكبر موجب لصاحبه الخلود الأبدي المطلق في جهنم - والعياذ بالله - ، وأما الأصغر فإنه وإن عذب صاحبه فإنه لا يوجب له الخلود ، بل يعذب بقدره أو إلى ما شاء الله تعالى ثم يخرج إلى الجنة .

السادس :
أن تحريم الشرك الأكبر تحريم مقاصد ، وأما الأصغر فإن تحريمه تحريم وسائل ، ولذلك فالقاعدة عندنا تقول : كل وسيلة للشرك الأكبر فشرك أصغر .

وأما آخر السؤال فجوابه أن يقال : إن الكفر والشرك كالإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ، أي إذا ذكر الكفر وحده دخل معه الشرك كقوله تعالى : ﴿
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا وأولئك هم وقود النار ﴾ أي والذين أشركوا كذلك ، وإذا ذكر الشرك وحده دخل معه الكفر كقوله تعالى : ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ﴾ أي ولا يغفر أيضًا أي يكفر به ، وأما إذا اجتمعا في نصٍ واحد فإن الشرك يكون معناه صرف شيء من أمور التعبد لغير الله تعالى والكفر جحد معلوم من الدين بالضرورة أو ترك العمل بما ورد الدليل الصحيح الصريح بتكفير تاركه . وبالجملة فيقال : كل شرك فهو كفر وليس كل كفرٍ شركًا ، والله أعلم .







س17: هل هناك نواقض لكلمة التوحيد ؟ ما هي مع بيانها بالأدلة - على وجه الاختصار - .

ج17: نعم لها نواقض وهي كثيرة ويجمعها عشرة نواقض :

الأول : الشرك الأكبر ، قال تعالى : ﴿ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ولا تدع مع الله إلهًا آخر لا إله إلا هو
﴾ .

الثاني : اتخاذ الوسائط بينه وبين الله تعالى ، يدعوهم في كشف الملمات وتفريج الكربات وإجابة الدعوات ، قال تعالى : ﴿والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله
﴾ .

الثالث : السحر وتعلمه وتعليمه والعمل به ومنه الصرف والعطف ، قال تعالى : ﴿وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق
﴾، وثبت قتله عن ثلاثة من الصحابة كما سيأتي بيانه - إن شاء الله تعالى -.

الرابع : الاستهزاء بشيء مما جاء به النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال تعالى : ﴿ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم
﴾ .

الخامس : الإعراض عن الشريعة المطلق فلا يتعلمها ولا يعمل بها ، قال تعالى : ﴿والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ومن أظلم ممن ذكِّر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
﴾ .

السادس : بغض شيء مما جاء به النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال تعالى : ﴿ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم
﴾ .

السابع :
من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم ودليله الإجماع .

الثامن : إعانة المشركين وموالاتهم ومناصرتهم ومظاهرتهم على المسلمين ، قال تعالى : ﴿لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ... ﴾ الآية ، وقال تعالى : ﴿ألم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم ...
﴾ الآية .

التاسع : مـن اعتقد أن هـدي غير النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أكمل من هديه فإنه يكفر إجماعًا ، قال تعالى : ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً أولئك الذين لعنهم الله ... ﴾ الآية ، وقال تعالى : ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا ﴾ ، وقال تعالى : ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ﴾ ، وفي الحديث : ( وخير الهدي هدي محمدٍ [ صلى الله عليه وسلم ] )
.

العاشر : من يعتقد أن في وسعه الخروج عن الشريعة التي جاء بها محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال تعالى : ﴿ومن يبتغِ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
﴾ .

فهذه جملة النواقض التي يدخل تحتها سائر النواقض المذكورة في باب حكم المرتد ، والله أعلم .







س18:ما أنواع الدعاء ؟ وما العلاقة بينهما ؟

ج18 : الدعاء نوعان : دعاء العبادة ، ودعاء المسألة .
فدعاء العبادة هو أن يفعل العبد من صلاة أو صدقة أو صيام أو حج وعمرة أو ذكر من تسبيح وتهليل وتكبير ، ونحو ذلك ، فهذه الأشياء من دعاء العبادة ؛ لأن العبد يريد بفعل ذلك ثواب الله تعالى ويخاف عقابه ، فهو بهذه الأشياء قد دعاء الله ضمنًا .

وأما دعاء المسألة فهو دعاء الطلب بمعنى أن يرفع العبد يديه ويدعو ربه بما شاء .

وأما العلاقة بينهما
فإنهما متلازمان لا ينفكان أبدًا وبيان ذلك أن دعاء العبادة متضمن لدعاء المسألة ، ودعاء المسألة مستلزم لدعاء العبادة .
فالدعاء هو العبادة كما أخبر به النبي
[ صلى الله عليه وسلم ] ، فكل شيء شرعته لنا الشريعة شرع إيجاب أو استحباب فإنه لا يخرج عن أحد نوعي الدعاء ، إما أن يكون من دعاء العبادة وإما أن يكون من دعاء المسألة ، والله أعلم .







س19:ما المراد بقولك في النونية ( وكلاهما في النص متفقان ) ؟

ج19: المراد به أن يقال : قوله : ( وكلاهما ) أي دعاء العبادة ودعاء المسألة ، وقوله : ( في النص متفقان ) أي أن النص من الكتاب والسنة إذا ورد فيه لفظ ( دعا ) وما تصرف منها فإنه يصح أن يفسر بدعاء العبادة وبدعاء المسألة ، وقد يترجح أحدهما في بعض النصوص لبعض القرائن ، فإذا رأيت المفسرين قد اختلفوا على قولين في تفسير لفظ الدعاء الوارد في النصوص فقال بعضهم المراد دعاء المسألة

وقال بعضهم بل المراد دعاء العبادة فاعلم أنه من قبيل خلاف التنوع لا التضاد ؛ لأنهما متلازمان لا ينفكان أبدًا ، والله أعلم ..







س20:هل هناك أمثلة توضح لنا هذا الكلام ؟

ج20: نعم الأمثلة كثيرة ، وإنما أذكر لكم بعضها من باب التمثيل فقط فأقول :

منها : قوله تعالى : ﴿
ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ﴾ ، فهنا لفظان من ألفاظ الدعاء ، الأول : قوله: ( يدعو ) ، الثاني : قوله: ( دعائهم ) ، فقيل: أي ( يعبد ) و( عبادتهم ) ، وقيل: ( يسأل ) أو ( سؤالهم
) وكلا القولين صحيح ؛ لأنه صادق على جميع هذه المعاني .

ومنها : قوله تعالى : ﴿
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
﴾ فقيل : اعبدوني ، وقيل : اسألوني ، وكلاهما صحيح ؛ لأنهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر .

ومنها : قوله تعالى : ﴿
ادعوا ربكم تضرعًا وخفية
﴾ فقيل : اعبدوا ، وقيل : اسألوا ، وكلاهما صحيح ؛ لأن لفظ الدعاء صادق عليهما ، وعلى ذلك فقس ، والله أعلم .






س21: ما حكم صرف الدعاء لغير الله سبحانه ؟ مع توضيح ذلك بالأدلة .

ج21: أما دعاء العبادة فصرفه لغيره شرك ، وأما دعاء المسألة فلا يخلو من حالتين :

إن كان قد صرفه لغير الله في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله تعالى فهذا شرك أكبر مخرج من الملة بالكلية - أعاذنا الله وإياك منه - ، وذلك كمن يدعو القبور والأموات والشياطين أو الأنبياء أو الملائكة في أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله تعالى وهو المراد بقولنا سابقًا في النواقض : اتخاذ الوسائط بينه وبين الله تعالى ، فيدعوهم في كشف الملمات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات أو برزق الولد أو إنزال المطر أو مغفرة الذنوب
أو أن يكونوا له شفعاء عند الله تعالى ، وهذا هو أكثر الشرك الذي وقع في ابن آدم ، قال تعالى : ﴿
وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا ﴾ ، وقال تعالى : ﴿إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ﴾ فسمى الله دعاءهم من دونه شركًا ، وقال تعالى : ﴿ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين
﴾ فسمى الله تعالى دعاءهم لهم عبادة وقد تقرر أن العبادة حق صرف لله تعالى لا يصرف لملك مقرب ولا لنبي مرسل فضلاً عن غيرهم ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

وأما إذا صرف دعاء المسألة لغير الله في أمر يقدر عليه البشر ، أو نقول : يقدر عليه المدعو فإنه لا يكون ذلك الصرف شركًا ، بل يكون سؤالاً ، وهذا لا بأس به ، إذ ليس هو من العبادة حينئذٍ في شيء ، والله أعلم .







س22:كيف وقع الشرك في بني آدم ؟ مع الدليل .

ج22: هذا سؤال مهم جدًا وبه نتعرف على السبب الذي حصل به ذلك الأمر الخطير لنحذره ونجانبه .

فأقول : إن السبب هو الغلو في الصالحين والأولياء الذي وقع في عهد نوحٍ - عليه الصلاة والسلام - ، كما ورد ذلك في الصحيح من قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى : ﴿وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا ﴾ فقال : ( هذه أسماء رجالٍ صالحين فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ) . وقال ابن القيم : ( قال غير واحد من السلف : لما ماتوا عكفوا على قبورهم وصوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم
) ا.هـ .

وهذا الأمر لا يزال يقع فيه الكثير من بني آدم من تعظيم قبور الأولياء والصالحين وشهرة الأمر تغني عن ضرب المثال له ، فالسبب إذًا هو الغلو في الصالحين ، ولذلك قال الإمام المجدد - رحمه الله تعالى - في كتاب التوحيد :
« باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين » ، وقال أيضًا : « باب ما جاء في أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله تعالى » ، وقال أيضًا : « باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده »
.

وهذه التراجم المهمة ينبغي تدبرها وفهمها حق فهمها فإنها برد اليقين وفيها بيان السبب الذي أوقع الشرك في ابن آدم ، والله أعلم .







س23: عرف الغلو ؟ مع بيان بعض الأدلة التي حذرت منه .

ج23: الغلو هو مجاوزة الحد والإفراط فيه ، فإذا قيل : الغلو في الصالحين أي مجاوزة الحد فيهم بحيث يضفى عليهم من الصفات التي هي من خصائص الله تعالى ويعتقد أنهم يجلبون خيرًا أو يدفعون شرًا ، وإذا قيل الغلو في القبور أي مجاوزة الحد فيها بحيث يفعل بها أو عندها ما هو خارج عن حد الشريعة وهكذا ، قال تعالى : ﴿يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ﴾ وهذا نهي لهم وإخبار لنا عن السبب الذي أوقعهم فيما وقعوا فيه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - محذرًا من الغلو فيه : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - محذرًا أمته من السير على نهج الأمم قبلها : ( ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور الأنبياء مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) متفق عليه وزاد مسلم : ( والنصارى )، قالت عائشة : ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدًا . وقال - عليه الصلاة والسلام - لأم حبيبة وأم سلمة لما ذكرتا له كنيسة بأرض الحبشة : ( أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجد وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله )، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ، وفي السنن من حديث ابن عباس : أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لعن زائرات القبور والمتخذين لها المساجد والسرج ، وروى مسلم من حديث أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ).
وثبت في السنة النهي عن تجصيصها والكتابة عليها والأمر بتسوية ما علا منها ، كل ذلك تحذيرًا من الغلو فيها ؛ لأن الغلو فيها باب كل شر وشرك ، والله أعلم .







س24:وضح منهج الوسطية في التعامل مع القبور وأصحابها ؟

ج24: إن هذه الأمة الإسلامية زادها الله شرفًا ورفعة هي الأمة الوسط بين الأمم ، ولهذه الوسطية صور كثيرة .

وجوابنا على هذا السؤال يحمل صورة من صور الوسطية وبيانه أن يقال : أن الشريعة توسطت في أمر القبور فلم تنزلها عن مكانتها ولم ترفعها عن مرتبتها ، فحرمت الجلوس عليها ، وقضاء الحاجة بينها ، والمشي بينها بالنعال ، وجعلت الحق لصاحب القبر في مكانه هذا ، فلا يجوز التعدي عليه بنبشٍ ونحوه ، وسنت السلام على أهلها ، ومنعت الاتكاء عليها ، وكل ذلك احترامًا لأهلها وتكريمًا لهم ، وبالمقابل حذرت أشد الحذر من اتخاذها مساجد يصلى عندها ، أو يدعى أصحابها من دون الله تعالى ، أو يشيد بناؤها ويرفع فوق الشبر ، أو يذبح عندها ، أو تتخذ زيارتها عيدًا ، أو يجعل لهم موالد ، أو يعتقد فيهم أنهم يجلبون خيرًا أو يدفعون شرًا ، أو أن يتبرك بترابها أو يطال الجلوس عندها على هيئة الاعتكاف أو يطاف عليها ، وأعظم من ذلك أن يركع لها أو يسجد أو تقبل ونحو ذلك .
فانظر كيف مسلك الوسطية التي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ لأنه وحي يوحى ، فالحمد لله على الهداية ، وأساله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغيث بلاد الإسلام بالاعتقاد الصافي والمنهج السليم ، والله أعلم .


[glow=00FFFF]
السحر وكيف ننجو منه [/glow]
س25:عرف السحر ؟ وما حكمه ؟ وما حد الساحر ؟ مع بيان الدليل .

ج25: عرف العلماء السحر لغة : بأنه ما خفي ولطف سببه .

وعرفوه اصطلاحًا بقولهم : عزائم ورقي وكلام يتكلم به وأدوية وتدخينات وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيحرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه .

وأما حكمه : فقد تقدم لنا في النواقض أنه من جملة المكفرات ؛ ذلك لأن الساحر لا يمكن أبدًا أن تعينه الشياطين على مراده إلا بعد أن يتقرب لها بما تحب من ذبح دينه بالذبح لهم أو إهانة المصحف ورميه في البالوعة أو وضعه مع النفايات أو سب الله تعالى وسب رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] ونحو ذلك، ولا يستريب عاقل أنها لا تخدمه لسواد عينيه ، ولذلك قال تعالى: ﴿ وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾ ، فبان بذلك أن تعلمه وتعليمه والعمل به كفر ، وقال تعالى : ﴿ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ﴾وهذا نكرة في سياق النفي والخلاف هو الحظ والنصيب وقد نفي النفي المطلق فدل ذلك على أنه لا يبقى معه مطلق الإيمان ومن خرج من مطلق الإسلام فإنه يكون كافرًا وهذا واضح .

فالسحر من أنواع الشرك إذ لا يأتي السحر بدون الشرك ، وأما حده فضربة بالسيف ، فقد روى الترمذي والبيهقي والحاكم من حديث جندب مرفوعًا : « حد الساحر ضربة بالسيف » ، وقال الترمذي : الصحيح أنه موقوف . قلت : ومع ذلك فله حكم الرفع ؛ لأنه لا يضح أن يقال بالرأي ، وجندب هذا لا يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب ، وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة قال : كتب عمر بن الخطاب : « أن اقتلوا كل ساحرٍ وساحرة » ، قال : فقتلنا ثلاث سواحر ، وصح عن حفصة - رضي الله عنها - أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت . ولذلك قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - : « عن ثلاثة من أصحاب النبي [ صلى الله عليه وسلم ] » اهـ . أي صح قتله عن هؤلاء الثلاثة ولا يعرف لهم مخالف ، بل عليه عمل المسلمين إلى يومنا هذا ، فلا تزال الدولة السعودية زادها الله شرفًا ورفعة تفرح قلوبنا بقتلهم فإنهم الثلة المفسدة أشد الفساد ، وما تقرب لله تعالى بمثل قتل هؤلاء المفسدين ، أسأل الله بعزته وقوته أن يحفظنا منهم وأن يمكن يد السلطة منهم وأن يهلكم عن بكرة أبيهم ، والله أعلم .






س26:ما الواجب علينا تجاه السحرة ؟

ج26: الواجب علينا تجاههم بذل النصيحة لهم وتحذيرهم من هذا المنكر العظيم وتخويفهم من مغبة ذلك في الدنيا والآخرة ، ومن علم منهم ولم يرتدع بالنصح فالواجب الأخذ على يديه ؛ لأنه من أنصار الشيطان الرجيم ورفع أمره إلى ولاة الأمر ليقيموا عليه حكم الله فيه ، مع الحرص على إثبات ذلك عليه بالدلائل القطعية ، ولكن ننبه على أمرٍ مهم وهو أنه ينبغي لإخواننا القراء ألا يصدقوا أخبار الشياطين على أحدٍ بأنه ساحر أو أنه المتسبب في السحر ؛ لأن أخبارهم كذب ومن مقاصدهم بث البغضاء والتقاطع والتدابر وإفساد ذات البين ، فالمرجو من القراء ألا يفتحوا مجالاً لهم باتهام أحدٍ وأن يبادروا بتكذيب الشياطين الذي يتكلم على لسان الإنسي ، فكم من الأواصر التي بترت ومن القرابات التي تفرقت بسبب هذه الأخبار التي يقولها هؤلاء الدجالون الأفاكون ، والله أعلم .
س27:هل للسحر حقيقة ؟ وضح ذلك بالأدلة .

ج27: أقول : مذهب أهل السنة والجماعة أن السحر له حقيقة ، فمنه ما يفرق بين المرء وزوجه وهو أكثرها وقوعًا ، ومنه ما يسبب المرض ، ومنه ما يصيب العقل بالجنون ، ومنه ما يقتل ، ودليل قوله تعالى : ﴿قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد ﴾فقد أمر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] بأن يستعيذ من شر النفاثات في العقد وهن السواحر اللاتي ينفثن في العقد ، وكيف يستعيذ مما لا حقيقة له ، فلما أمر بالاستعاذة منه دل على أن له حقيقة يستعاذ من شرها ، وقال تعالى : ﴿وما يعلمان من أحدٍ حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ﴾فأثبتت هذه الآية أنه ما يتعلم ويعلم وهذا يدل على أن له حقيقة ، وقال تعالى : ﴿فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ﴾وهذا التفريق حقيقة فهو أثر حسي مشاهد وهو بسبب السحر ، فدل على أن له حقيقة ، فهذا التفريق الحاصل بين الزوجين بسبب السحر إنما هو عمل الشياطين التي تطيع السحرة .

وفي الصحيح من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( سحر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] يهودي من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ... ) الحديث ، وفيه أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال لما حل عنه : « إن الله شفاني » ، والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض ، فدل على أن له حقيقة وأنه يوجب المرض - بإذن الله تعالى - ,

ومما يدل على أن له حقيقة ما وقع من السحر لاثنتين من أمهات المؤمنين ، عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - ، أما حديث عائشة ففيه : أنها اشتكت فطال شكواها فقدم إنسان المدينة يتطبب فذهبا بنوا أخيها يسألونه عن وجعها ، فقال : والله إنكم تنعتون امرأة مطبوبة ، قال : هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها . قالت : نعم أردت أن تموتي فأعتق . قال : وكانت مديرة ، قالت عائشة : - رضي الله عنها - : ( بيعوها في أشد العرب ملكة واجعلوا ثمنها في مثلها ) رواه أحمد في المسند . وقال الهيثمي في المجمع : رجال أحمد رجال الصحيح .
وأما حديث حفصة فقد رواه مالك في الموطأ أنه بلغه أن حفصة زوج النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قتلت جارية لها سحرتها وكانت مديرة فأمرت بها فقتلت .

ومن الأدلة أيضًا الواقع ، فإننا لا زلنا نشاهد المسحور يمرض ويموت ويجن ويطلق زوجته وعند القراءة عليه يصرخ ويتصرف تصرف المجانين ويزبد ويتقيأ وغير ذلك من الأعراض التي سببها السحر فكيف يقال بعد ذلك لا حقيقة له .
ومن الأدلة على ذلك أيضًا إجماع أهل السنة على ذلك ، ولا عبرة بخلاف غيرهم ، فلا يغرنك تمويه صاحب الكشاف فإنه كسرة من كسر المعتزلة أعطاه الله بلاغة ومنطقًا حسنًا فسخره في مخالفة المنهج الحق ، فاحذره واحذر تفسيره فهذا فإنه يريد به نصر منهجه الاعتزالي ؛ لأن المعتزلة يعتقدون أن السحر إنما هو خيالات وانفعالات لا حقيقة لها ، وهم بهذا قد سحرهم إبليس بشبهه ونفث في روعهم لمن كيره الخبيث وغرهم بغروره وتزيينه وتلبيسه عليهم ، فالزم جادة الحق واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، والله أعلم .






س28: كيف العصمة من شر هذه الطائفة المفسدة ؟

ج28 : الاعتصام من شرهم يكون بأمور :

الأول :
صدق اللجأ إلى الله تعالى بالاستعاذة منهم والإكثار من ذلك ، فإن هذه الطائفة الخبيثة يستعينون على تحقيق شرهم بمن يرانا ولا نراه وهم الشياطين فاستعذ منهم بمن يراهم ولا يرونه وحسبك به كفيلاً ونصيرًا ومعاذًا وسندًا وملجأً ، فلا تتعده وتقرب إليه ما استطعت بفعل أوامره واجتناب مناهيه .

الثاني :
الحرص التام على الأذكار المشروعة والأوراد النبوية في كل شئونك في صباحك ومسائك ، وعند نومك ، ولبسك لثوبك ، وعند دخول الخلاء ، وعند دخولك لبيتك والخروج منه ، وهي أذكار يسيرة جدًا ومتوفرة بكثرة وأثرها فعال جدًا ، وأوصيك بقراءة حصن المسلم فإنه كتاب نافع سهل خفيف المحمل .

الثالث :
قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة ، وعند النوم ، فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح كما في الحديث .

الرابع :
الحرص على قيام الليل والوتر ، فإنه حصن للمسلم سائر يومه .

الخامس :
تعلم حكمه وبعض أنواعه لاتقائها وتعليم من حولك خطره وشيئًا من مسائله .

السادس : تحصين البيت بالإكثار من قراءة القرآن فيه وخصوصًا سورة البقرة ، فإن الحديث أثبت أن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ، وكذلك بالصلاة النافلة فيه حتى لا يكون كالمقابر كما في حديث : « اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبورًا » مع إخراج الصور ذات الأرواح منه حتى تدخله الملائكة - عصمنا الله وإياك من شرها - وهو أعلى وأعلم .






س29:ما الحكم لو طلق إنسان زوجته بسبب السحر ؟

ج29: أقول : لقد ثبت بالأدلة أن الأحكام التكليفية لا تثبت إلا بعقل وفهم خطاب واختيار ، وضد الاختيار الإكراه ، فإذا ثبت بشهادة العدول من القراء أو غيرهم أن فلانًا قد سحر وأن مقصود السحر التفريق بينه وبين زوجته فإنه لا يقع الطلاق في هذه الحالة ؛ لأنه مكره عليه ، والمكره ليس بمكلف شرعًا ، واختاره شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - فإنه قال في الاختيارات : « ومن سحر ليطلق فإكراه » وعلى القاضي أن يتثبت من ذلك حتى لا يوقع طلاق من لا يقع طلاقه شرعًا فيكون محققًا مقصود الشيطان ، والله أعلم .





س30: هل إذا تاب الساحر تقبل توبته ؟

ج30: أقول : إن السحر لابد وأن يكون ذنبًا من الذنوب ، وقد وردت الأدلة المتواترة من الكتاب والسنة أن من وقع في ذنب وتاب منه أنه مغفور له إذا كانت التوبة نصوحًا ، قال تعالى : ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ﴾، وقال تعالى : ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا ﴾، وقال - عليه الصلاة والسلام - : « ويتوب الله على من تاب » . وقال تعالى فيمن قال : ﴿إن الله هو المسيح ابن مريم ﴾وقال : ﴿إن الله ثالث ثلاثة ﴾فقال لهؤلاء : ﴿أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ﴾، وفي الحديث : « والتوبة تجب ما كان قبلها » ، وقال تعالى : ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ﴾، فلا ينبغي أن ييأس الساحر من رحمة الله أو يقنط منها ، فإذا ظهرت مخايل التوبة النصوح منه فإنه يكف عنه وأمره إلى الله تعالى ، وإذا رأى الحاكم أو نائبه أنه يقتل لعدم ثبوت توبته عنده أو وجود القرينة التي تكذب دعواه للتوبة فله ذلك وأمره في الآخرة إلى الله تعالى .






س31:ما الطرق التي يثبت بها جناية الساحر على النفس أو ما دونها ؟

ج31: الطرق التي يحصل بها ذلك هي ما يلي :

الأول :
الإقرار ، أي أن يأتي الساحر ويقر أنه هو الذي قتل فلانًا أو أصاب فلانًا بهذه الجناية بالسحر ، فإذا توفرت شروط الإقرار فإنه يؤخذ به ويثبت شرعًا ما يثبت في مثل هذه الجناية .

الثاني :
الشهادة ، أي أن يشهد رجلان عدلان قد توفرت فيهما شروط الشهادة أن فلانًا ساحر ، وهذا قول الجمهور خلافًا لمذهب الشافعية ، ولكن الحق هو قول الجمهور وذلك للأدلة الواردة في إثبات أن الشهادة طريق من طرق إثبات الجناية ، فقواعد الشريعة تقتضي العمل بالشهادة في الإثبات فهي طريق صالح للإثبات ولاريب ، لكن لابد أن تكون شهادة مفسرة تصنف الحال بدقة ولا تدع مجالاً للريبة والشك وأن تكون ممن تعتد شهادتهم شرعًا ، وهذان الطريقان لا إشكال فيهما .

وبقي طريق ثالث اشتد فيه الخلاف وهو إثباته عن طريق الاشتهار والاستفاضة ، أي إذا استفاض بين الناس أن فلانًا ساحر فهل يؤخذ بها أم لا ؟ أقول : التحقيق في هذا أنه لا يؤخذ بها فورًا ، بل تجعل هذه الاستفاضة كالقرينة التي تضع علامات استفهام على هذا الرجل لينظر في حاله ويراقب عن كثبٍ ويتحقق منها ، فإذا ثبت ذلك عليه أخذ وإلا فليس كل ما استفاض بين الناس يكون صحيحًا ، والله أعلم .






س32:هل قوله [ صلى الله عليه وسلم ] في حديث ابن عمر في الصحيحين : « إن من البيان لسحرًا » مدح أو ذم ؟

ج32: أقول : كيف يكون مدحًا وقد جعله من السحر ، بل هو ذم لا مدح ، فإن البيان والفصاحة وحسن تصفيف الكلام إذا كان مفضٍ إلى جعل الحق باطلاً والباطل حقًا ، فإن صاحبه مذموم ؛ لأنه يعمل عمل الساحر الذي يخيل على الناس ، وهذا كمن أوتي بلاغة وفصاحة فسخرها في قلب الحقائق وتزيين الباطل وتشويه صورة الحق ، كمن يمتدح بالخمر بالأبيات المقفاة الموزونة ، أو يتغزل بنساء المسلمين بالعبارات الجذابة البراقة الخادعة ، أو يظهر نفي الصفات في صورة التنزيه ، أو يجعل التحريف والإلحاد تأويلاً ويسميه بغير اسمه لتقبله النفوس ، أو يسمى اختلاط الرجال بالنساء في دور التعليم تقدمًا وحضارة ، أو يعبر عن ترك النساء للحجاب وتمردهن على تعاليم الشريعة تحريرًا لها من رق العبودية وسلاطة الرجال ، وما أكثر أهل هذا البيان ، نعوذ باله من حالهم وكفانا شرورهم ، ولذلك جعل الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - هذا البيان نوعًا من أنواع السحر ، وهذا دليل على أنه مذموم ، والله أعلم .






س33:ما وجه إدخال النميمة في أنواع السحر ؟

ج33: أقول : هذا من دقيق فهم السلف - رحمهم الله تعالى - فإن مقصود الساحر هو التفريق والإفساد ، والنمام يفعل هذا الفعل تمامًا ، بل وأعظم ، فكم من بيوت تفرق أفرادها بسبب نميمة ، وكم من محبة انقلبت عداوة بسبب نميمة ، وكم من نفس قتلت بغير حق بسبب نميمة ، وكم من قرب تحول بعدًا بسبب نميمة ، وكم من خلةٍ انقلبت حقدًا وكرهًا بسبب نميمة ، وهذا هو شأن الساحر لكنه لا يكفر بذلك ؛ لأنه لم يفعل كفرًا كالساحر ولكنه فعل كبيرة من الكبائر ، قال - عليه الصلاة والسلام - : « لا يدخل الجنة قتات » ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : « ألا أنبئكم ما العضه ، هي النميمة القالة بين الناس » ، فنعوذ بالله منها ونسأله جل وعلا أن يعصم ألسنتنا منها ، والله أعلم .






س34: ما الطرق التي يحل بها السحر ؟ مع بيان المشروع والممنوع منها بدليله .

ج34: أقول : حل السحر عن المسحور هي التي يسميها العلماء بالنشرة ، وهي قسمان كما ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - :

الأول :
حل السحر بالقراءة الشرعية والأدعية الصحيحة ، وهذا هو المشروع ، بل لا يجوز حله إلا بذلك ويدخل في ذلك ضمنًا أن يعرف مكان السحر فيحل أو يحرق ، كما فعل بسحر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فإن جبريل - عليه الصلاة والسلام - قد رقاه بقوله : « باسم الله أرقيك من كل داءٍ يؤذيك من كل شر أو عين حاسد الله يبريك باسم الله أرقيك » ، فنعم القارئ ونعم المقروء عليه ، وقد رأى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] مكان سحره في منامه - ورؤيا الأنبياء حق - وأرسل من يأتي به فحلوه فقام كأنما نشط من عقال ، وحينئذٍ فنقول : إذا تكررت الرؤيا على المسحور أو غيره أن سحره في مكان ما فلا بأس بأن يستبرئه أو أخبره الشيطان الذي يخدم السحر بمكان وتكرر منه ذلك فلا بأس من استبرائه ما لم يكن في ذلك مفسدة خالصة أو راجحة .

الثاني :
حلة بسحر مثله ، وهو أن يذهب المطبوب إلى الساحر أو الكاهن فيتقربان للشيطان بما يحب من الذبح ونحوه ليبطل أثره عن المسحور ، وهذه هي النشرة الشركية المحرمة ، ويدل عليها حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] سئل عن النشرة فقال : « هي من عمل الشيطان » رواه أحمد وأبو داود بسند جيد ، وقال أبو داود سئل أحمد عنها فقال : ( ابن مسعود يكره هذا كله ) أي يكره النشرة التي من عمل الشيطان ، ولاشك أنها كراهة تحريم ، وقوله : « هي من عمل الشيطان » أي لأنهم ينشرون عن المسحور بأنواع من السحر والاستخدامات الشيطانية ، فلازم هذه الطريقة الوقوع في عدة محاذير :

منها :
التقرب للشيطان بما يحب من الشرك ، وهذا في حد ذاته مفسدة خالصة .

ومنها :
إعانة الساحر على عمله هذا من الاتصال بالشياطين وعبادته لهم وهذا مخالف المخالفة التامة للإنكار عليه .

ومنها :
فتن الناس به للإقبال عليه واغترارهم بعمله .

ومنها :
سد باب العلاج بالقرآن أو التهوين من شأنه .

ومنها :
تعلق قلوب المرضى بهذه الطائفة الضالة الكافرة .

ومنها :
اعتماد القلب على الشيطان ليوصل له النفع وهذا منافٍ للمتقرر شرعًا من وجوب عداوته ومنافرته .

ومنها :
إحسان الظن بالساحر وشياطينه في إيصال الإحسان إلى المسحور وهذا كاف في منع هذه الطريقة .

ومنها :
أنه قد لا يتحقق غالبًا الشفاء والخلاص التام من أثر السحر ، فيكون قد وقعنا في المفسدة ولم نحصل مصلحة ، وإن سلمنا أنه حصل
الشفاء فإن مصلحة الشفاء شيء لا يذكر مع هذه المفاسد ، والمتقرر شرعًا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .

ومنها :
فتح باب الشيطان على القلوب والعقول بإفسادها وتزيين الباطل لها .

ومنها :
لزوم مخالفة النهي الصحيح الصريح الوارد في السنة من عدم إتيان الكهان ولو لمجرد السؤال فضلاً عن تصديقهم فيما يخبرون به من أمور الغيب من الأسماء والأماكن .

ومنها :
تعريض الإنسان توحيده للإبطال والواجب المتقرر شرعًا صيانته وحماية جنابه وسد كل طريق يفضي إلى الشرك .

ومنها :
أنها فتح لعمل الشيطان - نعوذ بالله منه - .
فهذه المفاسد وغيرها تجعل العاقل الذي يخاف على دينه أن يحذر كل الحذر من هذه الطريقة الشيطانية ويسد هذا المدخل الإبليسي ، والله أعلى وأعلم .







س35:ما معنى قول ابن المسيب بما سئل عن رجل به طب أيحل عنه أو ينشر فقال : « لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه » ، وما روي عن الحسن أنه قال : « لا يحل السحر إلا ساحر » ؛ لأن بعض الناس يجعل ذلك حجة في جواز حل السحر بالسحر فما القول في ذلك ؟

ج35: القول في ذلك مجمل ومفصل :
فأما المجمل ، فاعلم - يا رعاك الله - أن السلف - رحمهم الله تعالى - لا يمكن أن يخالفوا في مثل هذه القضية الواضحة التي تظافرت عليها الأدلة ولا يجوز أن يظن بهم ظنًا ينزلهم عن مرتبتهم ، ولا ينبغي تحريف أقوالهم ولا لي أعناقهم لتوافق الرغبات والهوى وهذا لا يجوز فيمن هو دون الحسن وابن المسيب - رحمهما الله تعالى - فكيف بهما وهما من سادات السلف وكبراء الدنيا علمًا وعملاً وزهدًا وورعًا واتباعًا وحذرًا من مخالفة الدليل ؟ فهذا الظن من كلامهما ظن فاسد لا يجوز حمل كلامهما عليه ، بل كلامهما هذا متفق مع الأدلة كل الاتفاق ومنسجم معها كل الانسجام لا يخالفها ولا يناقضها بوجه حاشاهما - رحمهما الله تعالى - من أن يظن بهما إلا خيرًا ، رفع الله نزلهما وأجزل مثوبتهما وجمعنا بهم في جنة الفردوس الأعلى .

وأما المفصل ، فنقول : إن إجابة ابن المسيب - رحمه الله تعالى - إنما كان بتسويغ النشرة الجائزة ، وهي حل السحر بالقراءة الشرعية والتعويذات والأدعية الصحيحة الواردة والأدوية المباحة لا أنه تسويغ للنشرة المحرمة ، كيف وقد وردت الأدلة بمنعها وسد بابها ؟ وأما قول الحسن فإنه إن صح عنه فإن فيه سدًا لهذا الباب أي النشرة فإذا كان لا يحل السحر إلا ساحر وقد وردت الأدلة بتحريم السحر فإذًا لا يجوز حله فكأنه يقول : لا يقدر على حل السحر إلا من له خبرة ومعرفة بالسحر وطرقه من عقدٍ وحل ، ويحمل كلامه هذا على النشرة المحرمة التي هي حل السحر بالسحر ، ولذلك قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : « النشرة نوعان : حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن » اهـ . فبان بذلك أن ابن المسيب فتح باب النشرة الجائزة والحسن سد باب النشرة الممنوعة ، فانظر كيف اتفاق كلامهما مع الأدلة، ولا غرابة في ذلك فإنهما يعتمدان الدليل في مصادرهما ومواردهما، وأستغفر الله تعالى أن مثلي يوضح كلام هذين العالمين الجليلين لكنه إن شاء الله تعالى من باب الذب عن حياضهما ، أسأله جل وعلا باسمه الأعظم أن يحشرني وإياكم في زمرة محمدٍ [ صلى الله عليه وسلم ] ، والله أعلم .
[glow=00FFFF]
[glow1=000066]
الواجب: [/glow1]
[/glow]
1- اذكري نواقض كلمة التوحيد باختصار 2-عرف الغلو ؟ مع بيان بعض الأدلة التي حذرت منه . 3-هل للسحر حقيقة ؟ وضح ذلك بالأدلة .






كتبت : جويرية33
-



[glow1=33FFFF] [glow=000099] الدرس الرابع:[glow1=33CCCC]والاخير[/glow1]
[/glow]
[glow=000099]
[/glow]
[/glow1]





[glow=003366]

النذر ، والذبح ، والاستعاذة ، والاستعانة ، والاستغاثة ، والتوكل
[/glow]



س36:عرف النذر؟ وما وجه كونه عبادة؟ وما حكم صرفه لغير الله تعالى؟ مع الدليل.

ج36:النذر لغة : هو الإلزام .
وشرعًا : إلزام المكلف نفسه شيئًا ليس بلازم له بأصل الشرع .
ووجه كونه عبادة : أنه الله امتدح الموفين بـه فقال في معرض مدحهـم : ﴿ يوفون بالنذر ﴾، وقال : ﴿ وما أنفقتم من نفقةٍ أو نذرتم من نذرٍ فإن الله يعلمه ﴾. وفي الحديث : ( ( من نذر أن يطيع الله فليطعه )


) ، فحيث امتدح الله الموفين به وأوجب إتمامه إن كان طاعة دل ذلك على أنه مما يحبه ويرضاه ولك شيء يحبه الله ويرضاه فهو عبادة .
وبناءً عليه : فمن نذر لغير الله تعالى فإنه يكون بذلك قد صرف عبادة لغير الله جل وعلا ومن صرف عبادة لغير الله فإنه مشرك الشرك الأكبر ، كالذين ينذرون للقبور والأموات والصالحين وبعض المغارات والكهوف والأشجار والأحجار المعظمة عندهم ، فإنهم بذلك قد وقعوا في الشرك ، ودليل ذلك ما مضى من إثبات كون النذر عبادة ، وكل دليل يدل على أن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك ، فإنه دليل على هذه المسألة ، والله أعلم .







س37:ما الفرق بين النذر الذي يكون شركًا والذي يكون حرامًا فقط ؟

ج37: النذر الذي نقصده في جواب السؤال الماضي هو أن يعقد النذر أصلاً لغير الله تعالى ، كأن يقول : نذر علي للسيد البدوي ، أو لقبر الحسين ، أو للولي الفلاني ، أو القبر الفلاني ونحو ذلك ، فهو في أصل عقد النذر عقده لغير الله تعالى فهذا هو الشرك الأكبر .
وأما النذر الذي يكون حرامًا فقط فهو النذر الذي يعقد لله تعالى لكن على شيء محرم كقول القائل : نذر لله على أن لا أصل أرحامي ، أو يقول : نذر علي أن أشرب خمرًا ونحو ذلك ، فهذا النذر لا يكون شركًا ؛ لأنه عقده لله ، لكنه يكون حرامًا لا يجوز الوفاء به بحال ؛ لأنه على شيء محرم .


وثمة فرق آخر : وهو أن نذر الشرك لا ينعقد أصلاً ، فلا كفارة فيه وإنما فيه التوبة إلى الله تعالى والنطق بالشهادة ؛ لأنه به قد جرح توحيده فلابد من النطق بالشهادة ليجدد إيمانه ، وأما نذر الشيء المحرم فإنه منعقد لكن لا يجوز الوفاء به، واختلف العلماء هل فيه كفارة أم لا ؟ على قولين : والأرجح أن فيه كفارة يمين لحديث : ( ( لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين )
) والله أعلم .




* * *
س38: كيف يجتمع في النذر كونه منهيًا عنه وكونه عبادة ؟

ج38: أقول : هذا سؤال جيد وبيانه أن يقال : إننا ننظر إلى النذر من ثلاث جهات :

الأولى : من جهة أصل الإيقاع أي إنشاؤه وابتداؤه ، فهذا عن النذر وقال : (eهو الذي ورد النهي عنه كما في الحديث : نهى النبي ( إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل )

) وهو في الصحيح .
وهذا النهي إما للتحريم أو للكراهة والمقصود أن هذا النهي عن ابتداء النذر فقط أي عن إيقاعه ، لكن المكلف يتعبد لله أنه إن عقده فلا يعقده إلا بالله جل وعلا ، فهو بهذا الاعتبار مأجور. وهو الثاني: أي باعتبار عقده لله تعالى، وهو متعبد أيضًا بالوفاء به، وهي الجهة الثالثة .
فصارت ثلاث جهات ، وأعيدها مختصرة :
الأولى :

باعتبار ابتدائه منهي عنه ، وباعتبار عقده لله تعالى فهو مثاب على ذلك مأجور عليه ، وباعتبار الوفاء به مثاب أيضًا ومأجور ، فلا اختلاف ولا تناقض ؛ لأن جهة النهي منفكة ومتعلقها مختلف عن الجهتين الأخيرتين ، والله أعلم .





س39: ما أقسام الذبح ؟ وما الذي يكون صرفه لغير الله شرك ؟ مع بيان ذلك بالدليل.

ج39: الذبح قد قسمه أئمة الإسلام إلى أقسام :


الأول : ذبح يقصد الاستمتاع باللحم ، وهذا جائز لعموم قوله تعالى : ﴿ الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوها ومنها تأكلون ﴾وغير ذلك من الآيات ، وهذا القسم لا دخل له في العقيدة وإنما يتكلم عليه الأئمة الفقهاء في باب الزكاة ، والله أعلم .

الثاني : ذبح يقصد به إكرام الضيف ، كالذي يذبح في الأعراس ونحوها ، فهذا مأمور به أمر إيجاب في بعضه وأمر استحبابٍ في بعضه ومنه حديث : ( ( أولم ولو بشاة ) ) ، وحديث : ( ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )

) ، وهذا أيضًا لا دخل له في الاعتقاد .

الثالث : وهو الخطير والأمر الكبير ، وهو الذبح للغير بقصد التقرب والتعبد للمذبوح له ، وهذا هو الطامة الكبرى والشرك الأكبر ، وهذا هو الذي يتكلم عليه علماء الاعتقاد ، ودليل ذلك قوله تعالى : ﴿ فصل لربك وانحر ﴾، وقوله تعالى : ﴿ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأن أول المسلمين

﴾.
والذابح لغير الله ملعون كما في صحيح مسلم من حديث علي [ رضي الله عنه ] قال : ( ( لعن رسول الله من ذبح لغير الله ) ) ، وعند أحمد في الزهد من حديث طارق بن شهاب أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ( ( دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب ) ) . قالوا : كيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : ( ( مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئًا ، فقالوا لأحدهما : قرب . قال : ليس عندي شيء أقرب . قالوا : قرب ولو ذبابًا ، فقرب ذبابًا فخلو سبيله ، فدخل النار . وقالوا للآخر : قرب . فقال : ماكنت لأقرب لأحدٍ شيئًا دون الله عز جل فضربوا عنقه فدخل الجنة )

) .
وقد انعقد الإجماع على الذبح لغير الله بنية التقرب والتعبد للمذبح له شرك أكبر مخرج عن الملة بالكلية ، والله أعلم .






س40: هل ضربت لنا أمثلة على الذبح لغير الله تعالى ؟

ج40: نعم ، على الرحب والسعة .
فمن أمثلة ذلك : ما يذبحه عباد القبور إلى من يزعمون أنه من الأولياء والصالحين ، فترى الواحد - عافاهم الله من هذا البلاء - يأتي بالذبيحة من بهيمة الأنعام أو من الدجاج ونحو ذلك فيريق دمها على القبر أو قريبًا منه في المكان المخصص لذلك متقربًا بذلك لصاحب القبر .
ومن الأمثلة : ما يذبح عند السحرة أو بأمرهم لمن يخدمهم من الشياطين متقربين به إلى ذلك الشيطان ليحقق لهم بعض مقاصدهم .
ومن ذلك : الدماء التي تراق عند بعض الأشجار والأحجار المعظمة عند أهلها كما كان يفعل عند العزى واللات ومناة الثالثة الأخرى ، وكما كان يفعل كثير من أهل هذه البلاد قبل انتشار هذه الدعوة المباركة المؤيدة من الله تعالى بالبرهان الساطع والسيف القاطع .
ومن ذلك : ما يذبح عند قدوم بعض الملوك على بعض فإنهم يذبحون في طريقه بعض بهيمة الأنعام ، وهذه الذبيحة محرمة على كل حال ، لكن إذا كان قصد ذابحها تعظيم المذبوح له والتقرب له فإنها تكون من الشرك الأكبر - والعياذ بالله - .
ومن ذلك : الذبيحة التي تسمى ذبيحة الصلح ، وهو أن بعض القبائل إذا أرادوا أن يصلحوا بين شخصين أو قبيلتين فإنهم يذبحون بعض بهيمة الأنعام أمام من يطلبون منه الصلح تعظيمًا له وتزلفًا إليه وتقربًا لديه ليرضى عنهم ، وهذه الذبيحة بهذا الاعتبار من الشرك الأكبر المخرج عن الملة - والعياذ بالله - ، وأما إن لم يكن قد صاحب ذلك قصد التعظيم والقربة فإنها محرمة فقط ، ولعل هذه الأمثلة كافية إن شاء الله تعالى ، والله أعلم .






س41: ما حكم الذبح بمكانٍ يذبح فيه لغير الله ؟ مع بيان الدليل .

ج41: الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله لا يجوز ، ودليل ذلك حديث ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة ، فسأل النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فقال : ( ( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ) ) ؟ قالوا : لا . قال : ( ( هل كان فيها عيد من أعيادهم ) ) ؟ قالوا : لا . فقال للرجل : ( ( أوف بنذرك فإنه لا وفاء بنذرٍ في معصية ولا فيما لا يملكه ابن آدم ) ) رواه أبو داود بإسناد صحيح .
ووجه الدلالة منه واضحة ، وهي أن الجواب لو كان بـ ( نعم


) كان فيها ذلك لما أجاز له النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أن يذبح في ذلك المكان ، وذلك دليل على أنه لا يذبح لله بمكانٍ يذبح فيه لغير الله ، والله أعلم .





س42:ما الحكمة من هذا المنع ؟

ج42: الحكمة الأساسية من ذلك هو نهي الله ورسوله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فالمسلم يكفيه ذلك لكن يتفرع عن هذه الحكمة عدة مصالح أذكرها لك مختصرة :

فمنها :

أن من مقاصد الشريعة سد ذريعة مشابهة المشركين فيما كان من عباداتهم وعاداتهم ، فمنعت الشريعة الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله سدًا لهذه الذريعة .

ومنها :

أن من مقاصد الشريعة إخماد سنة الجاهلية وإبطال آثار الشرك والوثنية ، فسدًا لذريعة إحياء شيء من سنتهم نهت الشريعة عن ذلك .
ومنها :

أن الموافقة في الظاهر توجب توافقًا وتواددًا في الباطن ، ولذلك فنحن منهيون عن التشبه بهم حتى في طريقة ترجيل الشعر ولبس النعل والصلاة فيها وذلك حتى لا يحصل بيننا وبينهم أي توافق ظاهري فيؤدي ذلك إلى توافق باطني ، فسدًا لذريعة الموافقة في الباطن منعت الشريعة هذه الموافقة في الظاهر فنهت عن الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله تعالى .
ومنها :

أن هذا أيضًا فيه سد الذريعة المفضية إلى الشرك .

ومنها : أن فيه تجنيب العبد مواضع الشرك التي عصي فيها الله تعالى ؛ لأنها أماكن قد حق العذاب فيها على أهلها فيخشى أن يصيبه معهم ، فنهي العبد عن فعل شيء فيها تجنيبًا له لأسباب الهلاك .
فهذه بعض الحكم والمصالح المترتبة على ذلك ، والله أعلم .






س43: عرف الاستعاذة ؟ وما أنواعها ؟ مع بيان دليل كلٍ .

ج43: الاستعاذة هي : طلب العوذ من الأمر المخوف . وهي أنواع :

الأول : الاستعاذة بالله تعالى المتضمنة لكمال الافتقار إليه واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل ، صغير أو كبير ، بشر أو غير بشر ، ودليل ذلك قوله تعالى : ﴿ قل أعوذ برب الفلق. من شر ما خلق... ﴾ السورة بتمامها، وقوله تعالى: ﴿ قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة والناس ﴾، وقوله تعالى عن موسى - عليه السلام -: ﴿ وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ﴾. وفي الحديث أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿ قل هـو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم ﴾ قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ( أعوذ بوجهك ) ) ، ثم قال : ﴿ أو من تحت أرجلكم ﴾ قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ( أعوذ بوجهك ) ) ، ثم قال : ﴿ أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض ﴾ فقال : ( ( هذه أهون أو أسهل ) ) ، وهذه لاشك أنها نوع من أنواع العبادة التي لا تصرف إلا لله تعالى .

الثاني : الاستعاذة بالأموات وأصحاب القبور ، أو بالأحياء الغائبين ، أو الاستعاذة بالحي فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، فهذا لاشك أنه من الشرك الأكبر كاستعاذة الرافضة بعلي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] أو الاستعاذة بالجن لكف شر بعضهم أو الاستعاذة بالبدوي أو الحسين ونحو ذلك ، قال تعالى : ﴿ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقًا

﴾، ولأن الاستعاذة في الأمر الذي لا يقدر عليه إلا الله تعالى نوع من أنواع العبادة ، والمتقرر في العقيدة : أن من صرف عبادة لغير الله فإنه مشرك .

الثالث : الاستعاذة بغير الله تعالى فيما يقدر عليه المستعاذ به ، فهذا لا بأس به وليس من العبادة في شيء ، لكن ينبغي أن يعلم أن المعيذ في الحقيقة هو الله تعالى وأن هذا إنما هو سبب فقط ، ودليل جواز ذلك قوله [ صلى الله عليه وسلم ] في ذكر الفتن : ( ( من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به ) ) متفق عليه ، وقد بين [ صلى الله عليه وسلم ] هذا الملجأ والمعاذ بقوله في رواية مسلم : ( ( فمن كان له إبل فليلحق بإبله ) ) ، وفي صحيح مسلم أيضًا أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتـي بهـا النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فعـاذت بأم سلمـة ... الحديـث ، وفـي صحيـح مسلـم أيضًا عن أم سلمة - رضي الله عنها - عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ( ( يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث ... )

) الحديث .





س44:

ما حكم الاستعاذة بالصفة ؟ مع الدليل .

ج44:

الاستعاذة بالصفة جائزة باتفاق أهل السنة والجماعة .
ودليل ذلك الحديث السابق عند البخاري في قوله تعالى : ﴿ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم ... ﴾الآية ، ويقول - عليه الصلاة والسلام - بين ذلك : ( ( أعوذ بوجهك ) ) ، وفي الحديث فيمن آلمه شيء من بدنه فليضع إصبعه عليه وليقل : ( ( بسم الله ، بسم الله ، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ( سبعً ) ) أنه كانe) ، وروى مسلم في صحيحه عنه يقول : ( ( وأعوذ برضاك من سخطك ) ) ، وفي الحديث في دعاء الصباح والمساء : ( ( وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )

) .

فهذه النصوص فيها الاستعاذة بالوجه والعزة والقدرة والعظمة والكلام والرضا ، وهي من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة ، فدل ذلك على جواز الاستعاذة بصفاته جل وعلا ، والله أعلم .





* * *
س45:

عرف الاستعانة والاستغاثة ؟ وما أقسامها ؟ وحكم كل قسم مع بيان دليل ذلك.

ج45:

الاستعانة طلب العون ، والاستغاثة طلب الغوث، وكل منهما ينقسم إلى أقسام:

الأول : الاستعانة والاستغاثة بالله تعالى المتضمنة لكمال الذلة والخضوع والانكسار له جل وعلا ، فهذه من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل - عليهم السلام - وأتباعهم ، قال تعالى : ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين

﴾.

الثاني : الاستعانة والاستغاثة بالأموات أو بالأحياء الغائبين أو بالأحياء الحاضرين في الأمر الذي لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، وهذه هي الاستعانة والاستغاثة الشركية ، أعني الشرك الأكبر المخرج من الملة بالكلية ؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًا في الكون فيجعل لهم حظًا من الربوبية وقد قال تعالى : ﴿ أمَّنْ يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإلهٌ مع الله قليلاً ما تذكرون ﴾، ولأن الاستعانة والاستغاثة نوع من الدعاء وقد تقدم أن من صرف دعاء المسألة لغير الله في الأمر الذي لا يقدر عليه إلا الله تعالى فقد وقع في الشرك الأكبر .

الثالث : الاستعانة والاستغاثة بالأحياء في الأمر الذي يقدرون عليه ، فهذا لا بأس به وليس ذلك من العبادة في شيء ، وذلك كقوله تعالى : ﴿ فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه ﴾، وكاستغاثة الغريق أو من سقط في حفرةٍ بمن يستطيع إنقاذه من ذلك ، فهذا لا بأس به ، والله أعلم .





س46:عرف التوكل ؟ وما أنواعه ؟ وحكم كل نوع ، مع الدليل .

ج46: التوكل على الشيء الاعتماد عليه ، والتوكل على الله تعالى هو الاعتماد على الله تعالى كفاية وحسبًا في جلب المنافع ودفع المضار ، وهو أنواع :

الأول : التوكل على الله تعالى في جلب الخيرات بأنواعها ودفع المضرات بأنواعها ، وهذا من تمام الإيمان الواجب أي أنه لا يتم الإيمان إلا به ، قال تعالى : ﴿ وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ﴾، وقال تعالى : ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ﴾، وقال تعالى : ﴿ وعلى الله فليتوكل المتوكلون

﴾.

الثاني : توكل السر ، ومعناه أن يتوكل على ميتٍ في جلب منفعة أو دفع مضرة ، فهذا شرك أكبر ؛ لأنه لا يقع إلا ممن يعتقد أن لهذا الميت تصرفًا خفيًا في الكون ولا فرق بين أن يكون ذلك الميت نبيًا أو وليًا أو غيرهما ، وذلك كاعتماد أصحاب القبور على الأموات .

الثالث :

التوكل على الغير فيما يقدر عليه مع اعتماد القلب على ذلك الغير في حصول المطلوب أو دفع المرهوب ، فهذا شعبة من الشرك ، لكنه الشرك الأصغر وذلك لقوة تعلق القلب به .

الرابع : التوكل على الغير فيما يقدر عليه ذلك الغير مع اعتماد القلب بكليته على الله تعالى واعتقاد أن ذلك إنما هو سبب في تحصيل الأمر المطلوب فقط ، كمن ينيب غيره في أمرٍ تدخله النيابة ، فهذا لا بأس به ، وهو بهذا الاعتبار يأتي بمعنى الوكالة ، فقد وكل يعقوب - عليه الصلاة والسلام - أبناءه في البحث عن أخيهم يوسف - عليه السلام - فقال: ﴿ يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ﴾، وقد وكل النبي [ صلى الله عليه وسلم]

على الصدقة عمالاً وحفاظًا ، ووكل في إثبات الحدود وإقامتها ، ووكل علي بن أبي طالب في ذبح ما لم يذبح من هديه وأن يتصدق بجلودها وجلالها ، وهذا جائز بالإجماع في الجملة .
فتبين بهذا أن النوع الأول : هو حقيقة الإيمان وتمامه الواجب ، وأن النوع الثاني : شرك أكبر ، والثالث : شرك أصغر ، والرابع : لا بأس به ، والله أعلم .

















[glow=003366]

الخوف ، والرجاء ، والأيمان ، والحلف ، والتمائم ، والرقى
[/glow]



س47: عرف الخوف ؟ وما أنواعه ؟ وحكم كل نوع ؟ مع الدليل .

ج47: الخوف هو الذعر ، وهو نوع انفعال يحصل في النفس له أثر ظاهر بسبب توقع ما فيه هلاك أو ضرر أو أذى ، وقد ذكر أهل العلم أنه أنواع :
الأول : الخوف الطبيعي الجبلي ، كخوف الإنسان من النار أن تحرقه ، أو من السبع أن يأكله ، أو من الماء الكثير أن يغرق فيه ، فهذا خوف لا يلام الإنسان عليه ، فقد خاف كليم الله موسى - عليه السلام - من فرعون وقومه كما قال تعالى : ﴿ فأصبح في المدينة خائفًا يترقب ﴾ ، وقد خاف نبي الله داود لما تسور عليه الخصمان كما قال تعالى : ﴿ إذ دخلوا على داود ففزع منهم ﴾ ، وقال تعالى عن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - : ﴿ فأوجس منهم خيفة ﴾ ، وهذا خوف طبيعي لا يلام العبد عليه .
الثاني : الخوف الذي تسميه العلماء بخوف السر ، ومعناه أن يخاف العبد من قبرٍ أو ميتٍ أو غائب بعيد عنه أن يصيبه بأذى ، فهذا الخوف ليس به أسباب معلومة ، بل لم يصدر هذا الخوف من هذا الرجل إلا لاعتقاده أن لهذا المخوف منه تصرفًا خفيًا في الكون بكونه قادرًا على أن يصيبه بأذى ، وهذا الخوف شرك أكبر مخرج عن الملة ، كما قال تعالى عن قوم هود أنهم قالوا له : ﴿ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوءٍ ﴾ فقد كانوا يظنون ويعتقدون فيها أنها تصيب من أنكر عبادتها بالأذى مع أنها حجارة لا تضر ولا تنفع .
الثالث : الخوف الذي يوجب لصاحبه ترك واجب أو فعل محرم ، وهذا الخوف حرام في ذاته ؛ لأنه وسيلة إلى الحرام ووسائل الحرام حرام ، وذلك لقوله تعالى : ﴿ فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ﴾ ، وذلك كالخوف الذي يحمل صاحبه على ترك الدعوة المتعينة عليه ، والخوف الذي يوجب ترك الجهاد ، والخوف الذي يوجب طاعة المخلوق في معصية الخالق ونحو ذلك ، فهذا الخوف حرام ، والله أعلم .






س48: ما مذهب أهل السنة في الجمع بين الخوف والرجاء ؟
ج48: مذهبهم في ذلك أنه لابد أن يعبد العبد ربه بهما أي أن يعبد الله تعالى راغبًا راهبًا ، كما قال تعالى : ﴿ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبًا ورهبًا وكانوا لنا خاشعين ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفًا وطمعًا إن رحمة الله قريب من المحسنين ﴾ ؛ وذلك لأنه من عبد الله بالرجاء وحده أمن من مكر الله ، ومن عبده بالخوف وحده وقع في اليأس من رحمة الله وقنط من روح الله ، ومن عبده بالخوف والرجاء فهو الموحد المهدي إلى الصراط المستقيم ، ولابد من استوائهما فلا يغلب الخوف على الرجاء ، ولا يغلب الرجاء على الخوف فيهلك ، وهذه صورة من صور الوسطية إلا أنه إذا كان هناك مقتضى لتغليب أحدهما فإنه يغلبه وإلا فالأصل استوائهما ، وذلك كما إذا كان العبد يعالج سكرات الموت فلابد من تغليب جانب الرجاء حتى يحصل له إحسان الظن بربه كما في الحديث : ( ( أنا عند ظن عبدي بي ) ) ، وفي الحديث الآخر : ( ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه ) ) ، وطريق إحسان الظن تغليب الرجاء ، ومثال آخر : عند التوبة من الذنوب والمعاصي فإنه لابد أن يغلب جانب الرجاء ، ومثال آخر : عند تحديث النفس بفعل شيء من الذنوب فإنه لابد أن يغلب جانب الخوف لتنزجر النفس عن ذلك ، وعلى ذلك فقس ، وبه تعلم أن الخشية إنما هي اجتماع الخوف والرجاء ، والله أعلم .






س49 : ما قاعدة أهل السنة والجماعة في الأيْمان ؟ مع بيان الدليل عليها .

ج49: القاعدة عندهم في الأيمان تقول : ( لا يجوز الحلف إلا بالله أو صفة من صفاته ) ، وبعضهم يزيدها إيضاحًا ويقول : ( لله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته وليس للعبد أن يحلف إلا بالله أو صفةٍ من صفاته ) ، ودليلها قوله

[ صلى الله عليه وسلم ] : ( ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ) ، وحديث : ( ( لا تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت ) ) ، وعن قتيلة أن يهوديًا أتى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فقال : إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت وتقولون والكعبة ، فأمرهم النبي [ صلى الله عليه وسلم ] إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا : ( ( ورب الكعبة ) ) ، وأن يقولوا : ( ( ما شاء الله وشئت ) ) رواه النسائي وصححه ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ( لا تحلفوا بآبائكم ومن حلف بالله فليصدق ومن حلف له بالله فليرضى ومن لم يرضى فليس منا ) ) رواه ابن ماجه بإسنادٍ حسن ، وقال ابن مسعود [ رضي الله عنه ] : ( ( لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا ) ) ؛ وذلك لأن الحلف بالله كاذبًا معصية والحلف بغير الله شرك وإن كان صادقًا ، ومن الأدلة أيضًا الإجماع المنعقد على المنع من الحلف بغير الله تعالى ولا عبرة بمن قال بغير ذلك لمخالفته لهذه النصوص الصريحة الصحيحة ، والله أعلم .




* * *
س50: ما حكم الحلف بغير الله تعالى - بالتفصيل - ؟ وما كفارة ذلك ؟ مع الدليل .
ج50: من حلف بغير الله تعالى فإنه قد وقع في الشرك الأصغر ، إلا أنه إن كان قد صاحب حلفه تعظيم كتعظيم الله تعالى فإنه في هذه الحالة يكون قد وقع في الشرك الأكبر ، كما يفعله عباد القبور والأولياء فإن أحدهم إذا أراد أن يحلف كاذبًا فإنه يحلف بالله تعالى ، وإذا أراد أن يغلظ الأيمان ويبر فيها ويظهر أنه صادق فإنه يحلف بوليه الذي يعظمه ، وهذا عين الشرك الأكبر ولاشك ، ومن حلف بغير الله تعالى فإن كفارة ذلك أن يقول : لا إله إلا الله ، لحديث : ( ( من حلف فقال واللات والعزى فليقل : لا إله إلا الله ) ) وهو في الصحيح ؛ وذلك لأنه بهذا الحلف قد جرح توحيده بالشرك فلابد من جبر ذلك الجرح إن كان الشرك أصغرًا ، أو يكون بذلك مجددًا إسلامه إن كان أكبرًا ، والله أعلم .





* * *
س51: هل لك أن تمثل لنا على نماذج من الحلف بغير الله تعالى ؟
ج51: نعم على الرحب والسعة ، فمن ذلك : الحلف بالنبي

[ صلى الله عليه وسلم ] فيقول : والنبي ، وليس بحجةٍ علينا أنه مما يجري على اللسان من غير قصد أو أنه نشأ في بلدة يحلف أهلها بذلك فإن الإنسان متعبد بما جاء به النص لا بما وجد عليه أهل بلده .
ومن ذلك : الحلف بالأمانة فيقول : والأمانة . أو كالحلف بالشرف ، فيقول : وشرفي ، أو وشرف أبي أو أمي . أو كالحلف بالبدوي ، أو زينب ، أو الحسن ، أو برأس أحدٍ من المخلوقين ، أو بالعهد والميثاق ، أو بالكعبة ، أو بمقام إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ، أو بتربة القبر الفلاني ، أو بالعيش والملح ، أو يقول : وحياتك يا فلان أو وحياتي ، ونحو ذلك .
كله محرم وشرك ؛ لأن الحلف عبادة فلا يعقد إلا بالله تعالى ولما مضى من الأدلة ، والله أعلم .






س52: ما حكم الحلف بآيات الله ؟ مع الدليل .
ج52: هذا السؤال مجمل ، وجوابه لابد فيه من التفصيل فأقول :
إن كان يريد بالآيات أي الآيات الكونية كالشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والليل والنهار ، فهذه الأشياء مخلوقة ، وقد تقرر لنا أنه لا يجوز الحلف بشيء من المخلوقات ، وأما قوله تعالى : ﴿ والشمس وضحاها . والقمر إذا تلاها ﴾ ، وقوله : ﴿ والفجر . وليال عشر ﴾ ، وقوله : ﴿ والضحى ﴾ ، ونحو ذلك مما ورد في القرآن فإن هذا القسم صادر من الله تعالى ولله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته ، وأما المخلوق فإنه لا يجوز له أن يحلف إلا بالله أو صفةٍ من صفاته ، وربنا جل وعلا لا يدخل تحت الأحكام الشرعية حتى نقول : هذا واجب عليه أو هذا محرم عليه - تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا - .
وأما إذا كان يقصد بالآيات أي الآيات الشرعية أي القرآن فإنه آيات ، كما قال تعالى : ﴿ بل هو آيات في صدور الذين أوتوا العلم ﴾ ، وقال تعالى : ﴿ كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ﴾ ، فحلفه بها حينئذٍ جائز باعتبار أن هذه الآيات من كلام الله تعالى وكلامه تعالى صفة من صفاته ، وقد تقرر أنه يجوز الحلف بالصفة ، وبهذا التفصيل يفهم الجواب - إن شاء الله تعالى - ، والله أعلم .





* * *
س53: ما حكم قول بعض الناس : ( في ذمتي ) ؟

ج53: إن كان يقصد بها عقد اليمين فهذا لا يجوز ؛ لأن الذمة مخلوقة ، وقد تقرر لنا أنه لا يجوز الحلف بالمخلوق ، وإن كان لا يقصد بها عقد اليمين وإنما يقصد أنه يتحمل حقيقة الخبر إن كان كذبًا فهذا لا بأس به ، ولكن الغالب يشكل عليهم هذا اللفظ ولا يفهمون منه إلا أنه حلف فالواجب الكف عن التلفظ به والعدول عنه إلى الأيمان التي لا إشكال فيها ؛ لأن ذلك من حماية جناب التوحيد ، والله أعلم .






س54: ما حكم الإكثار من الحلف ؟ ولماذا ؟ مع بيان الدليل .
ج54: الإكثار من الحلف منافٍ لكمال تعظيم الله تعالى واحترام أسمائه وصفاته ؛ وذلك لأن الحلف به أمر عظيم فلا ينبغي أن يقال إلا على تأكيد الأشياء العظيمة المهمة وأما سفاسف الأمور وترهات الأقوال فإنه ينبغي تنزيه أسماء الله وصفاته أن تذكر لتأكيد مثل ذلك ، والواجب على المسلم تعظيم الله تعالى واحترام أسمائه وصفاته ، ولذلك فإنه لم يرد في القرآن أن الله تعالى أمر نبيه أن يحلف به إلا على الأشياء العظيمة كأمر المبعث والمعاد وصدق القرآن ، قال تعالى : ﴿ واحفظوا أيمانكم ﴾ ، فإنه قيل في أحد تفاسيرها أي لا تكثروا منها ، وفي الصحيح عن أبي هريرة

[ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( ( الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب ) ) ، وعن سلمان [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : أشيمط زان ، وعاقل مستكبر ، ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه ) ) رواه الطبراني بسند صحيح ، ومن عمق فهم السلف وتعظيمهم لله جل وعلا أنهم كانوا يضربون صغارهم على الشهادة والعهد كما قاله إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى - ، واليمين نوع من الشهادة ، فهذا فيه التربية على تعظيم الله واحترام أسمائه وصفاته ، والله أعلم .





س55: عرف التمائم ؟ وما أقسامها ؟ وحكم كل قسم ؟ مع الدليل .

ج55: التمائم لها تعريفان : تعريف بالحد الجامع المانع ، وتعريف بضرب المثال .
فأما تعريفها بالاعتبار الأول : فهي كل ما يعلق أو يوضع ويعتقد فيه أن يجلب خيرًا أو يدفع شرًا .
وأما تعريفها بالاعتبار الثاني: فقيل: هي مايعلق على الصبيان يتقون به العين. وقيل: هي ما يعلق في رقاب الدواب التي يخشون من إصابتها بالحسد لجمال صفاتها. وقيل: هي ما يوضع في الدار لاتقاء شر الحاسدين أو اتقاء الجن والشياطين وكل ذلك تعريف لها بضرب المثال .
وأما أقسامها : فاعلم أنها قسمان : تمائم من القرآن ، وتمائم شركية .
فأما التمائم الشركية ، فهي التي اشتملت على الاستعانة بالجن والاستغاثة بالشياطين والاستعاذة بهم من الشر أو احتوت على طلاسم وكتابات لا تعرف ولا يدرى عن المقصود بها ، فهذه لاشك أنها حرام وشرك ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ﴿ قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته ﴾ ففي هذه الآية دليل على بطلان الشرك ولبس الحلقة والخيط من ذلك لا يكشف الضر ولا يمنع منه ولا يجلب الخير وليس بسببٍ فيه .
وعن ابن مسعود

[ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ) رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، وهو نص صريح صحيح في هذه المسألة .

وعن أبي بشير الأنصاري أنه كان مع النبي

[ صلى الله عليه وسلم
] في بعض أسفاره فأرسل رسولاً : ( ( ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وترٍ أو قلادة إلا قطعت ) ) رواه مسلم .

وعن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن رسول الله

[ صلى الله عليه وسلم
] رأى رجلاً في يده حلقة من صفرٍ فقال : ( ( ما هذه ) ) ؟ قال : من الواهنة . فقال : ( ( انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا ) ) رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي .

ولأحمد بسنده عن عقبة بن عامرٍ مرفوعًا : ( ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ) ) ، وفي رواية : ( ( من تعلق تميمة فقد أشرك ) ) .
ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى : ﴿ وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ﴾ .
وعن عبدالله بن حكيم مرفوعًا : ( ( من تعلق شيئًا وكل إليه ) ) .
وروى أحمد وأبو داود عن رويفع

[ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم
] : ( ( يا رويفع لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وترًا أو استنجى برجيع دابةٍ أو عظم فإن محمدًا برئ منه ) ) .

فهذه الأدلة الصحيحة الصريحة فيها الدلالة القاطعة على تحريم هذه المعلقات وأنها من الشرك ، وقد انعقد الإجماع على تحريم التمائم الشركية ولله الحمد والمنة .
وأما التمائم من القرآن ، ففيها شيء من الخلاف ، فقيل بجوازها ، وقيل بالمنع ، ومن القائلين بالمنع ابن مسعود وغيره ، والقول بالمنع هو الصحيح وذلك لما يلي :
الأول : عموم الأدلة الواردة في ذلك ، كما في قوله : ( ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ) ، فقوله : ( ( التمائم ) ) جمع دخلت عليه الألف واللام ، وقد تقرر في القواعد أن الألف واللام الداخلة على المفرد والجمع تفيده العموم أي الاستغراق ، فيدخل في كل ذلك كل التمائم ، وكقوله : ( ( من تعلق تميمة فقد أشرك ) ) ، فقوله : ( ( من تعلق ) ) هذا شرط ، وقوله : ( ( تميمة ) ) نكرة ، وقد تقرر في القواعد أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم ، فيصدق ذلك الوصف وهو الشرك على كل من تعلق تميمة من غير تفصيل بين تميمة وتميمة ، وكقوله : ( ( لا يبقين في رقبة بعير قلادة ) ) ، فقوله : ( ( لا يبقين ) ) نفي ، وقوله : ( ( قلادة ) ) نكرة ، وقد تقرر في القواعد أن النكرة في سياق النفي تعم ، وقد يكون بعض هذه القلائد قد عقد فيها قرآن ، وكقوله : ( ( من تعلق شيئًا ) ) وهذا نكرة في سياق الشرط وقد تقرر أنه يفيد العموم .
وأيضًا يقال : هذه الأقوال خرجت عامة من غير استفصال بين تميمة وتميمة ، وقد تقرر في القواعد أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال .
إذا علمت هذا فاعلم أن القاعدة تقول : الأصل هو البقاء على العموم حتى يرد المخصص ، ولم يرد ما يصلح أن يكون مخصصًا لهذه العمومات ، فالواجب هو البقاء على دلالة عمومها وعدم التعرض لها بتخصيص ، والله أعلم .
الثاني : أن القول بمنع التمائم من القرآن فيه إعمال للقاعدة المتفق عليها وهي قاعدة سد الذرائع المفضية إلى الحرام ، والقول بجوازها فيه فتح لباب التمائم الشركية ، فإن معلقها قد يأتيه الشيطان ويقول : إن هذه لا تنفع وعليك بالتميمة الفلانية إن كنت تريد النفع ، فسدًا لهذا الباب منعت التمائم كلها من القرآن وغير القرآن .
الثالث : أن معلق التمائم من القرآن لابد أن يتعلق قلبه بها ولو مطلق التعلق ، وهذا منافٍ لمقصود من مقاصد الشريعة ، وهو وجوب انصراف تعلق القلب بكليته بالله تعالى فسدًا لذريعة تعلق القلب بهذه الخيوط والخرزات والودع والأوراق منعت التمائم بجميع أنواعها .
الرابع : أن القول بجواز التميمة من القرآن فيه فتح لباب إهانة كلام الله تعالى ؛ لأن معلقها قد يدخل بها الخلاء وهو ناس أو يشق عليه نزعها دائمًا أو يحر بها مجالس الغفلة واللهو واللغو والحرام ، أو تكون على صغير أو دابة فتتلوث بشيء من النجاسات من بولٍ أو غائط ، فسدًا لذريعة إهانة كلام الله تمنع التمائم من القرآن .
فلهذه الأوجه ترجح المنع في هذا النوع من التمائم ، لكن يكفيك الوجه الأول وما بعده كالمؤيد له فقط ، والله أعلم .






س56: هل قوله

[ صلى الله عليه وسلم ] في الأحاديث السابقة : ( ( فقد أشرك ) ) ، وقوله : ( ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ) ، يريد به الشرك الأكبر فيمن علق التمائم أم الشرك الأصغر ؟


ج56: قد يكون هذا وقد يكون هذا ، وذلك باختلاف اعتقاد معلقها ، فإن كان يعتقد أنها تجلب الخير أو تدفع الشر بذاتها فهذا هو الشرك الأكبر وهو شرك في الربوبية ، وإن كان يعتقد أن الله هو الذي يجلب الخير ويدفع الشر وأن هذه التمائم سبب من أسباب دفع البلاء أو جلب النعماء فهذا شرك أصغر ، وذلك لسببين :

أحدهما : أنه اعتقد سببًا ما ليس بسبب لا شرعًا ولا قدرًا .
الثاني : أنه وسيلة للشرك الأكبر ، وقد تقرر أن كل وسائل الشرك الأكبر فشرك أصغر ، والله تعالى أعلى وأعلم .





س57: ما الرقى ؟ وما أنواعها ؟ مع بيان شروط الرقية الشرعية ؟ وتوضيح ذلك بالأدلة ؟

ج57: الرقى : هي التي تسمى العزائم ، وهي قراءة القرآن والأدعية المباحة على المصاب بمرضٍ ونحوه .
وهي نوعان : رقى شركية ، ورقى شرعية .
فأما الرقى الشركية ، فهي ما كانت مشتملة على تمتمات غير معلومة المعنى أو اشتملت على الاستعانة والاستعاذة والاستغاثة بالشياطين ليرفعوا أثرهم عن المصاب ونحو ذلك ، وهذا النوع لاشك في تحريمه وأنه من الشرك كما في الحديث السابق : ( ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ) ، والمراد هنا الرقى الشركية التي ضربت لك بعض الأمثلة عليها ، وفي الحديث : ( ( اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا ) ) .
وأما الرقى الشرعية ، فهي ما خلت عن الشرك ، كالرقية بالقرآن والأدعية الصحيحة المباحة ، وقد ثبت النص بالترخيص فيها كما في قوله : ( ( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا ) ) ، وحديث : ( ( لا رقية إلا من عين أو حمة ) ) ، وقد رقى جبريل النبي

[ صلى الله عليه وسلم ] بالحديث المعروف : ( ( باسم الله أرقيك ... ) ) إلخ ، وقال - عليه الصلاة والسلام - لجارية بها صفرة : ( ( استرقوا لها فإن بها النضرة ) ) ، وغير ذلك من الأدلة .

وقد اشترط جمع كبير جدًا من العلماء حتى ذكرها بعضهم إجماعًا لندرة المخالف في ذلك للرقية الشرعية ثلاثة شروط :
الأول : أن تكون بكلام الله تعالى وما صح وأبيح من الأدعية الواردة في ذلك أو غيرها إذا كان معناه صحيحًا .
الثاني : أن تكون باللسان العربي .
الثالث : أن يعتقد القارئ والمقروء عليه أن هذه الرقية لا تشفي بذاتها وإنما هي سبب من أسباب الشفاء والشافي في الحقيقة هو الله تعالى ، والله تعالى أعلم











[glow1=33FF00] [glow=003300] الواجب:[/glow][glow=003300]
[/glow]
[/glow1]


1-ما حكم الذبح بمكانٍ يذبح فيه لغير الله ؟ مع بيان الدليل .
2-ما الرقى ؟ وما أنواعها ؟ مع بيان شروط الرقية الشرعية ؟ وتوضيح ذلك بالأدلة ؟
3-ما مذهب أهل السنة في الجمع بين الخوف والرجاء ؟




الصفحات 1 2 

التالي

مادة الفقه الاسلامي مستوى اول

السابق

دورة تعرف للشيخ هاني حلمي

كلمات ذات علاقة
مادة , المستوى , الاول , العقيدة