الرد على أصول الرافضة الجزء الثاني.

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : بنتـي دنيتـي
-


الرافضة ynbtblqug2b4xxd3ctn.



الباب الثاني- تحريف القرآن


موقف علماء الشيعة من القرآن

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ، أما بعد :

فهذه كلمات أكتبها لك أيها القارئ الكريم معطرة بالمودة ويفوح منها شذا المحبة لك . أخاطبك فيها ، وأحادثك بها ، وأخصك أنت بهذا الحديث لأنك صاحب العقل المستنير الذي ترك التبعية فيما بدا له فيه الخطأ الزلل .

ما أقوله هنا ليس مجاملة أو مداهنة أو مداراة بل هو الحق لأنك أتيت إلى "البرهان" تبحث عن الدليل والحجة والبيان ، فإليك إياها مسطرة من كتب معتبرة حول قضية شائكة ومسألة عويصة ولكن … على من قلد وأتبع من دون بحث أو تحر، أما أنت أيها المطلع الكريم فما أيسرها عليك حيث سيتبين لك ومن خلال الاستقراء فقط بطلانها وهشاشة أساسها لأنك صاحب البصر والبصيرة . آن لك أن تسأل … ما هي القضية ؟ وأين المسألة ؟ فأقول :

هي قضية اعتقدها أكثر علماء الشيعة بل قد قال بعض الباحثين إن كلهم قال بذلك وهي مسألة وردت في أمهات الكتب لدى الشيعة فهي عقيدة أساسية في المذهب الشيعي ألا وهي القول بـ: " تحريف القرآن "

وخلاصة هذه العقيدة أن القرآن الموجود الآن محرف ومغير ومبدل . وهو على غير الصورة والهيئة التي أنزله الله – سبحانه وتعالى – بها .

وهذه العقيدة لم أقل بها من تلقاء نفسي أو أتقولها على أحد – فحاشا وكلا- بل هي عقيدة أخذتها من كتب علماء الشيعة ومحدثيهم أصحاب الشأن ودوري فقط هو النقل لبعض ماوجدته من كلام ورأيته من أقوال في المصادر الشيعية حول هذا الاعتقاد والذي بمجرد عرضه يتبنى لك يا صاحب النظر الثاقب والفكر النير بطلانه ، كيف لا !!! والله عز وجل يقول { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فالله يقول أنا أتكفل بحفظه وهذه العقيدة تقول بل ضيع وما حفظ .

والله عز وجل يقول في القرآن { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } وهذه العقيدة تقول بل أتاه الباطل من كل جانب .

هذا تذكير لي ولك أيها الحبيب وإلا فأنت أعلم بهذا الكلام مني ، فهلم إلي وضع يدك في يدي لننطلق سوياً ونمضي معاً إلى هدف واحد أريده أنا كما تريده أنت ، فهيا بنا لنسير على النهج السليم حتى نصل إلى الحق المبين مستعينين بالله ولنرفع أكفنا إليه ونقول : اللهم وفقنا إلى سبيل الهدى والرشاد اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا أتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .

أيها القارئ المعمل لفكره والمتأمل بعقله ، قبل أن أسوق إليك أقوال هؤلاء العلماء في إثبات عقيدة القول بتحريف القرآن أترجم لبعضهم لتتعرف على مكانتهم لدى الشيعة وعظم قدرهم وأهمية علومهم وكتبهم وأنهم ليسوا من الرعاع بل من القادة والزعماء الذين أسسوا المذهب الشيعي – وكما قلت لك فهدفنا جميعاً هو الحق حيثما وجد - والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها والمؤمن مرآة أخيه فإليك تراجم بعض من سأنقل عنهم القول بتحريف القرآن من المصادر والمراجع الشيعية ولك الحق في الرجوع إليها والبحث فيها إن شئت :

أولاً: أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي المتوفى عام 307 هـ وله كتاب في التفسير هو تفسير القمي .

قال المجلسي :" علي بن إبراهيم بن هاشم ، أبو الحسن القمي من أجله رواه الأمامية ومن أعظم مشايخهم أطبقت التراجم على جلالته ووثاقته ، قال النجاشي في الفهرست : ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح الذهب سمع فأكثر وصنف كتباً " مقدمة البحار ص 128

وقال الشيخ طيب الموسوي الجزائري في مقدمة للتفسير " لا ريب في أن هذا التفسير الذي بين أيدينا من أقدم التفاسير التي وصلت إلينا ، ولولا هذا لما كان متناً متيناً في هذا الفن ، ولما سكن إليه جهابذة الزمن فكم من تفسير قيم مقتبس من أخباره ، ولم تره الا منوراً بأنواره كالصافي ومجمع البيان والبرهان … ثم قال بعد ذلك . وبالجملة فإنه تفسير رباني ، وتنوير شعشعاني عميق المعاني قوي المباني عجيب في طوره ، بعيد في غوره لا يخرج مثله إلا من عالم ولا يعقله إلا العالمون " مقدمة تفسير القمي بقلم طيب الموسوي الجزائري ص 14-16.

ولعل في هذا القدر كفاية في بيان مكانته ومكانة تفسيره لدى الشيعة .

ثانياً : أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفى عام 328هـ ومن مؤلفاته : الكافي.

قال الطوسي : " محمد بن يعقوب الكليني يكنى أبا جعفر الأعور جليل القدر ، عالم بالأخبار وله مصنفات منها الكافي " رجال الطوسي ص 495.

وقال الأردبيلي :" محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني ، خاله علان الكليني الرازي، وهو شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنف كتاب الكافي في عشرين سنة " جامع الرواة 2/218، الحلي ص145.

وقال آغا بزرك الطهراني موثقاً الكافي :" الكافي في الحديث وهو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول لثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ابن أخت علان الكليني المتوفي سنة 328هـ " الذريعة 17/245.

كما قيل في الكافي والثناء عليه " هو أجل الكتب الإسلامية ، وأعظم المصنفات الإمامية ، والذي لم يعمل مثله ، قال المولي محمد أمين الاسترآ بادي في محكى فوائده : سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه " " الكنى والألقاب للعباس القمي ج3ص98 ومثله في مستدرك الوسائل ج3ص532.

وقيل أيضاً :" الكافي … أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها لاشتماله على الأصول من بينها وخلوه من الفضول وشينها " الوافي ج1ص6.

وذكر الخوانساري أن المحدث النيسابوري قال في الكافي بعد الكلام على الكليني والثناء عليه " وكتابه مستغن عن الإطراء لأنه رضي الله عنه كان بمحضر من نوابه عليه السلام وقد سأله بعض الشيعة من النائية تأليف كتاب " الكافي " لكونه بحضرة من يفاوضه ويذاكره ممن يثق بعلمه ، فألف وصنف وشنف ، وحكى أنه عرض عليه فقال : كاف لشيعتنا " ( روضات الجنات ج6ص116.

ثالثاً: محمد باقر المجلسي المتوفى سنة 1111هـ ومن مؤلفاته : بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار . وكتاب : مرآة العقول في شرح أخبار الرسول . وكتاب جلاء العيون ، وكتاب الأربعين وغيرها من الكتب . قال الأردبيلي : محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي مد ظله العالي ، استاذنا وشيخنا شيخ الأسلام والمسلمين ، خاتم المجتهدين الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم الشأن وفيع المنزلة وحيد عصره ، فريد دهره ، ثقة ثبت عين كثير العلم جيد التصانيف ، وأمره في علو قدره وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة رأيه وثقته وأمامته وعدالته اشهر من أن تذكر وفوق ما يحوم حوله العبارة … له كتب نفيسة … منها : كتاب بحار الأنوار المشتمل على جل أخبار الأئمة الأطهار وشرحها كتاب كبير قريب من ألف ألف بيت " جامع الرواة 2/78-79 وتنقيح المقال للمامقاني :2/85 .

رابعاً : أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان المشهور بالمفيد والمتوفى عام 413هـ ومن مؤلفاته : الإرشاد – أمالي المفيد – أوائل المقالات وغيرها .

قال يوسف البحراني في كتاب لؤلؤة البحرين ص356-357 :" قال شيخنا في الخلاصة : محمد بن محمد بن النعمان يكنى أبا عبدالله ويلقب بالمفيد … من أجل مشائخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم وكل من تأخر عنه أستفاد منه وفضله أشهر من أن يوصف ".

وقال عباس القمي :" شيخ مشايخ الجلة ، ورئيس رؤساء الملة ، وفخر الشيعة ومحيي الشريعة ، ملهم الحق ودليله ، ومنار الدين وسبيله ، اجتمعت فيه خلال الفضل انتهت إليه رئاسة الكل واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته كان رحمه الله كثير المحاسن جم المناقب ، حاضر الجواب ، واسع الرواية خبير الرواية بالأخبار والرجال والأشعار ، وكان أوثق أهل زمانه بالحديث وأعرفهم بالفقه والكلام وكل من تأخر عنه أستفاد منه " [ الكنى والألقاب 3/164]

خامساً: حسين محمد تقي الدين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ ومن مؤلفاته :

مستدرك الوسائل – فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب [ كتاب كامل يثبت فيه من روايات أئمة الشيعة المنسوبة إليهم يثبت أن التحريف واقع في القرآن وحشد لذلك مئات الروايات ]

قال أغا بزرك الطهراني :" الشيخ ميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي بن الميرزا علي محمد تقي النوري الطبرسي إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة ومن أعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الأسلام في هذا القرن … كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر فقد أمتاز بعبقرية فذة وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة ، وملكات شريفة أهلته لأن يعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب ، وحياته صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة ومن تصانيفه : فصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب .[ نقباء البشر ج2ص543،545،549،550].

أيها القارئ الكريم :

هذا تعريف ببعض من سأنقل كلامه وإن أردت الزيادة فعليك بكتب الرجال والتراجم لدى علماء الشيعة لتتعرف عليهم أكثر وتعرف قدرهم ومكانتهم وفقك الله لكل خير .

وإليك بعد ما سبق بعض ماورد من الأقوال التي جاء بها التصريح بتحريف القرآن وقد تركت نصوصاً صريحة خشية الإطالة والإملال ، وتركت أقوالاً أخر لأنها لم تكن صريحة وإنما كان مافيها تعريف أوتلميح فخذ هذا الصريح البين من الأقوال وأنت الحكم لأنك أهل لأن تحكم يا ذا الذهن المتوقد والفطنة الحية فاحكم على هذه النصوص واحداً بعد الأخر :

النص الأول : من كلام القمي في تفسيره (1/10) حيث قال :

وأما ما هو خلاف ما أنزل الله فهو قوله "{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }" فقال أبو عبدالله عليه السلام لقارئ هذه الأية : " خير أمة " ، يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهما السلام ؟ فقيل له : وكيف نزلت يا ابن رسول الله ؟ فقال : إنما نزلت "{ كنتم خير أئمة أخرجت للناس }" ألا ترى مدح الله لهم في أخر الآية : تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ".

ومثله آية قرئت على أبي عبدالله عليه السلام : "{ الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً }" فقال أبو عبدالله عليه السلام : لقد سألوا الله عظيماً أن يجعلهم للمتقين إماماً . فقيل له : يا أبن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال : إنما نزلت "{ الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأجعل لنا من المتقين إماماً }".

وقوله :"{ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله }" فقال أبو عبدالله : كيف يحفظ الشئ من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه ؟ فقيل له : وكيف ذلك با أبن رسول الله ؟ فقال : أنما نزلت "{ له معقبات من خلفه ورقيب من يديه يحفظونه بأمر الله }" ومثله كثير .

وأما ما هو محرف فهو قوله "{ لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون }" وقوله :"{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته}".

وقوله :"{ إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم }" وقوله :"{ وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون }" وقوله :"{ ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت }".

النص الثاني : ذكر الكليني في الكافي ( 1/457) :

عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة (ع) وما يدريهم ما مصحف فاطمة ( ع ) ؟ قال : قلت وما مصحف فاطمة ( ع ) ؟ قال : مصحف فاطمة فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله مافيه من قرآنكم حرف واحد . قال : قلت هذا والله العالم .

النص الثالث : ذكر الكليني في الكافي أيضاً ( 4/456) :

عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : " إن القرآن جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية" . مع أن عدد آيات القرآن ستة ألاف آية فانظر إلى الفرق يارعاك الله .

النص الرابع : جاء في الكافي أيضاً ( 4/433) :

عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك إنا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن أن نقراها كما بلغنا عنكم فهل نأثم ؟ فقال : لا ؛ اقرأوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم.

النص الخامس : وذكر أيضاً في الكافي (4/452 ) :

عن عبدالرحمن بن أبي هشام عن سالم بن سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبدالله عليه السلام وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس . فقال أبو عبدالله عليه السلام : كف عن هذه القراءة . أقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم عليه السلام . فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام وقال : أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه وقال لهم هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وقد جمعته بين اللوحين فقالوا : هوذا عندنا مصحف جامع لا حاجة لنافيه . فقال : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً .

النص السادس : ورد في الكافي أيضاً ( 1/441) :

عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لما أدعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام .

النص السابع : في الكافي أيضاً (1/441) :

عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ( ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء )

النص الثامن : قال أبو القاسم الكوفي في كتابه الاستغاثة ص 25 عند الكلام على أبي بكر الصديق رضي الله عنه : ( ومن بدعه أنه لما أراد أن يجمع ما تهيأ من القرآن صرخ مناديه في المدينة من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به ثم قال : لا نقبل من أحد منه شيئاً إلا شاهدي عدل وإنما أراد هذه الحال لئلا يقبلوا ما ألفه أمير المؤمنين عليه السلام إذ كان ألف في ذلك الوقت جميع القرآن بتمامه وكماله من ابتدائه إلى خاتمته على نسق تنزيله فلم يقبل ذلك خوفاً أن يظهر فيه ما يفسد عليهم أمرهم فلذلك قالوا : لا نقبل القرآن من أحد إلا بشاهدي عدل ) أ.هـ

النص التاسع : قال الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات ص 13 :

( واتفقوا أي الإمامية على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تحريف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم )

النص العاشر : قال الأردبيلي في كتابه ( حديقة الشيعة ) ص 118-119 بالفارسية نقلاً عن الشيعة والسنة ص 137 ( إن عثمان قتل عبدالله بن مسعود بعد أن أجبره على ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه على قراءة ذلك المصحف الذي ألفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره )

وقال البعض : إن عثمان أمر مروان بن الحكم وزياد بن سمرة الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبدالله ما يرضيهم ويحذف منه ما ليس بمرض عندهم ويغسلا الباقي .

النص الحادي عشر : قال الطبرسي في كتابه الاحتجاج (1/370) :

( إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله : ( الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ) وبقوله : ( وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب) وبقوله : ( إذ يبنون ما لا يرضى من القول ) .

النص الثاني عشر : قال الطبرسي أيضاً في الإحتجاج (1/224) : ( ولما أستخلف عمر سأل علياً أن يدفع لهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم فقال أبا الحسن : إن كنت جئت به إلى أبي بكر فأت به إلينا حتى نجتمع عليه فقال علي عليه السلام :هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا تقولوا يوم القيامة : إن كنا عن هذا غافلين أو تقولوا ما جئتنا به . إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي

فقال عمر : فهل وقت لإظهار معلوم ؟ قال عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به )

النص الثالث عشر : يقول الطبرسي أيضاً ( 1/377-378) من كتاب الاحتجاج:

( ولوشرحت لك كل ما أسقط وحرف وبدل وما يجري في هذا المجال لطال وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء )

النص الرابع عشر : ذكر الكاشاني في مقدمة تفسيره الصافي (1/32) بعد ذكر ما يفيد تحريف القرآن ونقصه من قبل الصحابة قال ما يلي : ( المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ومنه ما هو مغير محرف وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم على عليه السلام في كثير من المواضع ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليه وسلم غير مرة ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ومنها غير ذلك وأنه ليس على الترتيب المرضي

عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وبه قال علي بن إبراهيم القمي ) أ.هـ

النص الخامس عشر : قال الكاشاني أيضاً في الصافي (1/33) :

( لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن إذا على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرفاً ومغيراً ويكون على خلاف ما أنزل الله فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلاً فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك )

النص السادس عشر : يذكر الكاشاني أيضاً من سبقه ممن قال بالتحرف فيقول في الصافي أيضاً (1/34) :

( وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك – يعني تحريفه القرآن فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ويتعرض للقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه وأستاذه علي بن إبراهيم القمي فأن تفسيره مملوء منه وله غلو فيه والشيخ الطبرسي فأنه أيضاً نسج على منوالها في كتاب الاحتجاج ) أ.هـ

النص السابع عشر : قال المجلسي في مرآة العقول في شرح أحاديث الرسول الجزء الثاني عشر ص 525 أثناء شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال :إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث ( موثق في بعض النسخ هشام بن سالم موضع هارون بن سالم فالخبر صحيح ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر ) أ.هـ ومعنى كلامه : كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟ .

النص الثامن عشر : قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية ( 2 / 357 ) في كلامه حول القراءات السبع :

" إن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعرابا، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها " .

النص التاسع عشر : ويقول الجزائري أيضاً في كلامه على من قال بعدم التحريف ( 2 / 358 ) من الأنوار النعمانية :

" والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها "

وهذا يعني أن نفيهم للتحريف من باب التقية وليس اعتقادا.

النص العشرون : ويزيد نعمة الله الجزائري في هذا الباب الكلام فيقول في الأنوار أيضاً ( 1 / 97 ) :

" ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول صلى الله عليه وسلم والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم كما سيأتي بيانه في نور القرآن "

النص الحادي والعشرون : قال أبو الحسن العاملي في مقدمة تفسيره ( مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ) ص 36 :

" اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليهوسلم شيء من التغيرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات وأن القرآن، المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه إلا علي عليه السلام وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه الصلاة والسلام وهكذا إلى أن وصل إلى القائم عليه السلام وهو اليوم عنده صلوات الله عليه

ثم ذكر الفصول الأربعة التي اشتمل عليها كتابه حول إثبات تحريف القرآن وفي الباب الرابع منها الرد على من قال بعدم التحريف من الشيعة كالسيد المرتضى والطبرسي صاحب مجمع البيان .

النص الثاني والعشرون : قال الخراساني – وهو من علماء القرن الرابع عشر – في كتابه : بيان السعادة في مقامات العباد ( 1 / 12 ) :

" اعلم انه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك في صدور بعضها منهم ".

والمقصود بهذا الكلام القرآن الكريم !!

النص الثالث والعشرون : قال النوري الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ) ص 31 :

" قال السيد الجزائري ما معناه أن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن ".

النص الرابع والعشرون : ذكر الطبرسي أيضاً في كتابه " فصل الخطاب " أقوال علماءهم في تحريف القرآن ص 29 وما بعدها فقال :

" وقال الفاضل الشيخ يحيى تلميذ الكركي في كتابه الإمامة في الطعن التاسع على الثلاث بعد كلام له ما لفظه : " مع إجماع أهل القبلة من الخاص والعام أن هذا القرآن الذي في ايدي الناس ليس هو القرآن كله وأنه قد ذهب من القرآن ما ليس في أيدي الناس " .

ومعلوم عند السنة والشيعة أن الثالث هو عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث رضي الله عنه.

النص الخامس والعشرون : قال نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية ج 2 ص 363 :

" فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير ؟ قلت : قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن، الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرأ ويعمل بأحكامه " .

النص السادس والعشرون : قال المفيد في أوائل المقالات ص 91 دار الكتاب الإسلامي بيروت :

" إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين – كذا كتبت- فيه من الحذف والنقصان " .

النص السابع والعشرون : قال العلامة الحجة السيد عدنان البحراني في كتاب ( مشارق الشموس الدرية ) ص 126 بعد أن ذكر الروايات التي تفيد التحريف في نظره :

" الأخبار التي لا تحصى كثيرة و قد تجاوزت حد التواتر ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين وكونه من المسلمات عند الصحابة والتابعين بل وإجماع الفرقة المحقة وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم " .

النص الثامن والعشرون : قال العلامة المحدث الشهير يوسف البحراني في كتابه " الدرر النجفية " ص 298 بعد ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن في نظره قال :

" لا يخفى ما في هذه الأخبار من الدلالة الصريحة والمقالة الفصيحة على ما اخترناه ووضوح ما قلناه ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعة كلها كما لا يخفى إذا الأصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقله ولعمري إن القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج من حسن الظن بأئمة الجور وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى التي هي أشد ضرراً على الدين ) .

النص التاسع والعشرون : قال أبو الحسن العاملي في المقدمة الثانية – الفصل الرابع التفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار :

" وعندي في وضوح صحة هذا القول – تحريف القرآن وتغييره – بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة "

النص الثلاثون : روى العياشي في تفسيره ( ج1 : ص : 25 ) منشورات الأعلمي – بيروت ) عن أبي جعفر أنه قال : " لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي جحى ، ولو قام قائمنا فنطق صدقه القرآن " .

النص الواحد والثلاثون : قال الحاج كريم الكرماني الملقب بمرشد الأنام في كتابه " إرشاد العوام ) ص 221 ج 3 ، باللغة الفارسية :

" إن الإمام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن فيقول : أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حُرف وبُدل )

النص الثاني والثلاثون : قال ملا محمد تقي الكاشاني في كتاب هداية الطالبين ص 368 باللغة الفارسية ما نصه :

" إن عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه وهو عدواً لعلي أن يجمع القرآن ويحذف منه مناقب آل البيت وذم أعدائهم ، والقرآن الموجود حالياً في أيدي الناس والمعروف بمصحف عثمان هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان " .

وبعد هذه النصوص لأعظم علماء الشيعة بل من أسس المذهب وبناء على قواعد الكتب التي الفها هل يوجد من علماء الشيعة من نفى هذه العقيدة ؟

الجواب هو نعم ، هناك من فندها من العلماء المعتبرين في بعض المواضع لانه ليس من عادتي أخذ ما أريد وترك مالا أحب بل أقول الحق ولو على نفسي وهؤلاء العلماء واستثناهم علماء الشيعة الذين نقلوا القول بتحريف القرآن ممن قال بذلك ، فنفوا القول بهذه العقيدة عن العلماء الآتية أسماؤهم :

( أبو جعفر محمد الطوسي ، أبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان ، والشريف المرتضى ، أبو جعفر ابن بابويه القمي ( الصديق ) ) وممن ذكر ذلك النوري الطبرسي في كتابه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 23 حيث قال :

" القول بعدم وقوع التغيير والنقصان فيه _ أي القرآن _ وأن جميع ما نزل على رسول اله هو الموجود بأيدي الناس فيما بين الدفتين وإليه ذهب الصدوق في فائدة وسيد المرتضى وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان ولم يعرف من القدماء موافق لهم "

وقال نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص 357 : " مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها – أي أخبار التحريف – والتصديق بها ، نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لاغير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل "

تساؤل وجواب :

ولكن هل من سبق بيان قولهم في التحريف وأنه غير موجود وهو قول صادر عن قناعة وعقيدة ؟ أم أنها طلب للأجر وكمال الإيمان بالتقية التي قال فيها أبو عبد الله كما يُنسب له عليه السلام : لا إيمان لمن لا تقية له كما في ( اصول الكافي ج 2 ، ص 222 ) وقال فيها أيضاً : " يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له " ( أصول الكافي ج 2 ، ص 220 ) ؟!.

الجواب مع الأسف:إأنها التقية كما بين ذلك من نقل عقيدتهم فيما سبق حيث قال النوري الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ص 38 :

" لا يخفى على المتأمل في كتابه التبيان للطوسي أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين "

ثم أتى ببرهان ليثبت كلامه فقال : " وما قاله السيد الجليل على بن طاووس في كتابه ( سعد السعود ) إذ قال : ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر الطوسي في كتابه ( التبيان ) وحملته التقية على الاقتصار عليه " .

وكذلك نعمة الله الجزائري يقول في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص 357 ، 358 :

" والظاهر أن هذا القول – إنكار التحريف – إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها ". وهذا الكلام من الجزائري يبين أن إنكار التحريف إنما صدر لأجل مصالح أخرى وليس عن عقيدة " .

أخيراً :

كم يعجبني ذلك الرجل الذي أعمل فكره بنفسه ولم يعط عقله لغيره بل تأمل بنفسه وتدبر بذاته واتبع ما تبين له الصواب فيه وأرجو أن تكون منهم أيها القارئ المبدع ، أيها الباحث عن الحق - كما اتفقنا أولاً - ولا أدل على ذلك من كونك تأتي إلى البرهان تريد الحق مع الحجة والبيان فأهلاً ومرحباً مرتاداً دائماً لهذا ال زائراً له الآن ومن المساهمين فيه بعد آن

============================= 0

أصل الإسلام المهجور والمكروه من قبل الشيعة

لن أكون متجنياً على الحقائق العلمية، ولن تجعلني الطائفية أظلم الطائفة الأخرى، ويكفي من الإنصاف أن أنقل كل ما اتهم به خصمي من كتبهم ورجالاتهم المعتمدين والكبار، ليس ذلك لغرض التشفي أو الاحتقار، بل لغرض تبصير العمي، وتنبيه الغافلين، وليشاهدوا بأنفسهم هذا المذهب الذي يزعم أنه يقدس الثقلين كيف أنه يهدر قيمتهما جميعاً!!!

*علماء الشيعة يشهدون على أنفسهم بالتقصير في جانب القرآن:

انظروا بأنفسكم لما يقوله كبار علماء الشيعة الجعفرية:

يقول الدكتور جعفر الباقري وهو أستاذ في طهران وفي كتابه ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية... يقول: (من الدعائم الأساسية التي لم تلق الاهتمام المنسجم مع حجمها وأهميتها في الحوزة العلمية هو القرآن الكريم، وما يتعلق به من علوم ومعارف وحقائق وأسرار، فهو يمثل الثقل الأكبر والمنبع الرئيسي للكيان الإسلامي بشكل عام .

ولكن الملاحظ هو عدم التوجه المطلوب لعلوم هذا الكتاب الشريف، وعدم منحه المقام المناسب في ضمن الاهتمامات العلمية القائمة في الحوزة العلمية، بل وإنه لم يدخل في ضمن المناهج التي يعتمدها طالب العلوم الدينية طيلة مدة دراسته العلمية، ولا يختبر في أي مرحلة من مراحل سعيه العلمي بالقليل منها ولا بالكثير.

فيمكن بهذا لطالب العلوم الدينية في هذا الكيان أن يرتقي في مراتب العلم، ويصل إلى أقصى غاياته وهو (درجة الاجتهاد) من دون أن يكون قد تعرف على علوم القرآن وأسراره، أو اهتم به ولو على مستوى التلاوة وحسن الأداء.

هذا الأمر الحساس أدى إلى بروز مشكلات مستعصية، وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار).

[المرجع: (ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية) (ص109)]

• ويقول آية الله الخامنئي المرشد الديني للجمهورية الإسلامية الشيعية:

مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلى حين استلام إجازة الاجتهاد من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة!!! لماذا هكذا؟؟؟ لأن دروسنا لا تعتمد على القرآن.

[نفس المرجع، (ص:110)]

• ويقول آية الله محمد حسين فضل الله:

(فقد نفاجأ بأن الحوزة العلمية في النجف أو في قم أو في غيرهما لا تمتلك منهجاً دراسياً للقرآن).[نفس المرجع (ص:111)]

• ويقول آية الله الخامنئي:

(إن الانزواء عن القرآن الذي حصل في الحوزات العلمية وعدم استئناسنا به أدى إلى إيجاد مشكلات كثيرة في الحاضر، وسيؤدي إلى إيجاد مشكلات في المستقبل... وإن هذا البعد عن القرآن يؤدي إلى وقوعنا في قصر النظر). [نفس المرجع (ص110)]

ومما تقدم نقول مستفهمين:

كيف تكون هناك جامعات دينية شرعية شيعية متخصصة تخرج الآيات العظام دون أن تدرسهم القرآن ولو على مستوى التلاوة؟!

كيف يدرس الطالب من بدايته وحتى يحصل على لقب (آية) وهو لم يتعلم القرآن ولو على مستوى التلاوة؟!

هذا خلل عظيم قد أصاب الثقل الأكبر!

وقد يقول الشيعي متعجباً ورافضاً لكلام هؤلاء العلماء والقادة متسائلاً:

كيف لا تهتم الشيعة بالقرآن وهناك مفسرين كبار كالشيخ الطباطبائي؟

ومن حق الشيعي أن يتساءل، ومن حقنا أن نجيب سؤاله، ولكن الجواب سيكون من علمائه أنفسهم، فهذا الدكتور جعفر الباقري يقول:

(وأما العلماء الذين برزوا في مجال التفسير من هذا الكيان (أي الحوزات) وعلى رأسهم العلامة محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان فقد اعتمدوا على قدراتهم ومواهبهم الخاصة، وابتعدوا بأنفسهم عن المناهج العلمية المألوفة في الحوزة العلمية، وتفرغوا إلى الاهتمام بالقرآن الكريم وعلومه، والاشتغال بأمر التفسير).

[ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية - جعفر الباقري (ص:111)]

*محب القرآن جاهل في نظر الشيعة:

وقد تساءل الشيعي عن هذا الواقع المر في الجامعات والحوزات الدينية الشيعية:

فيقول: ما هو السبب الحقيقي وراء الإعراض عن القرآن؟!

ونحن نقول له: أفضل من يجيبك على سؤالك ذلك هو سماحة آية الله العظمى الشيخ الخامنئي!

• يقول آية الله الخامنئي:

(إذا ما أراد شخص كسب أي مقام علمي في الحوزة العلمية كان عليه أن لا يفسر القرآن حتى لا يتهم بالجهل، حيث كان ينظر إلى العالم المفسر الذي يستفيدالناس من تفسيره على أنه جاهل، ولا وزن له علمياً؛ لذا يضطر إلى ترك دراسته ألا تعتبرون ذلك فاجعة ؟!).

[ثوابت ومتغيرات الحوزة (ص:112)]

فهل تتصور أن الحوزات العلمية تتهم محب القرآن بأنه جاهل؟!

• ويقول الدكتور الباقري:

(وكان ربما يعاب على بعض العلماء مثل هذا التوجه والتخصص (أي: في القرآن وعلومه) الذي ينأى بطالب العلوم الدينية عن علم الأصول، ويقترب به من العلم بكتاب الله، ولا يعتبر هذا النوع من الطلاب من ذوي الثقل والوزن العلمي المعتد به في هذه الأوساط) (ص:112).

أقول: إذا كان القرآن ليس من الأصول فماهي الأصول؟!

وقد تتعجب أيها الشيعي الحبيب عندما لا تجد ذلك الاهتمام وتسأل إلى أي حد كان تقصير علمائنا في حق الثقل الأكبر؟

• ويقول الدكتور الباقري مجيباً على سؤالك:

(ويصل الطلب إلى أقصى غاياته، وهو الاجتهاد من دون أن يكون قد تعرف على علوم القرآن وأسراره، أو اهتم به ولو على مستوى التلاوة وحسن الأداء إلا ما يتعلق باستنباط الأحكام الشرعية منه خلال التعرض لآيات الأحكام ودراستها من زوايا الفقهية، وفي حدود العقلية والأصولية الخاصة).

[ثوابت ومتغيرات الحوزة: (ص:110)]

وأما ما تراه من الآيات القرآنية، والتي تدرس بين ثنايا الكتب فيبين لك آية الله الخامنئي السبب.

• يقول آية الله خامنئي:

(قد ترد في الفقه بعض الآيات القرآنية، ولكن لا تدرس ولا تبحث بشكل مستفيض كما يجري في الروايات).

[ثوابت ومتغيرات الحوزة (ص:110)]

وقد يقول أحد الشيعة محاولاً التهرب من هذه الحقيقة المرة:

إن كلام هؤلاء العلماء ليس حقيقياً، بل هم نصح وتوجيه وما يكون نصح لا يعني أن يكون حقيقياً!

• ولكن الدكتور الباقري يرد عليه فيقول:

(هذا الأمر الحساس أدى إلى بروز مشكلات مستعصية، وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار).

[ثوابت ومتغيرات الحوزة (ص:110)]

• ويقول الشهيد العلامة مرتضى مطهري:

(عجباً! أن الجيل القديم نفسه قد هجر القرآن وتركه! ثم يعتب على الجيل الجديد لعدم معرفته بالقرآن: إننا نحن الذين هجرنا القرآن، وننتظر من الجيل الجديد أن يلتصق به، ولسوف أثبت لكم كيف أن القرآن مهجور بيننا.

إذا كان شخص ما عليماً بالقرآن، أي: إذا كان قد تدبر في القرآن كثيراً، ودرس التفسير درساً عميقاً، فكم تراه يكون محترماً بيننا؟

لا شيء.

أما إذا كان هذا الشخص قد قرأ "كفاية" الملا كاظم الخراساني فإنه يكون محترماً وذا شخصية مرموقة. وهكذا ترون أن القرآن مهجور بيننا. وإن إعراضنا عن هذا القرآن هو السبب في ما نحن فيه من بلاء وتعاسة، إننا أيضاً من الذين تشملهم شكوى النبي (ص) إلى ربه: (( يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ))[الفرقان:30].

قبل شهر تشرف أحد رجالنا الفضلاء بزيارة العتبات المقدسة، وعند رجوعه قال: إنه تشرف بزيارة آية الخوئي حفظه الله، وسأله: لماذا تركت درس التفسير الذي كنت تدرسه في السابق؟ فأجاب: إن هناك موانع ومشكلات في تدريس التفسير!

يقول: فقلت له: إن العلامة الطباطبائي مستمر في دروسه التفسيرية في قم.

فقال: إن الطباطبائي يضحي بنفسه. أي: إن الطباطبائي قد ضحى بشخصيته الاجتماعية. وقد صح ذلك

إنه لعجيب أن يقضي امرؤ عمره في أهم جانب ديني كتفسير القرآن، ثم يكون عرضة للكثير من المصاعب والمشاكل في رزقه.. في حياته.. في شخصيته.. في احترامه.. وفي كل شيء آخر! لكنه لو صرف عمره في تأليف كتاب مثل الكفاية لنال كل شيء، تكون النتيجة أن هناك آلافاً من الذين يعرفون الكفاية معرفة مضاعفة، أي: أنهم يعرفون الكفاية والرد عليه، ورد الرد عليه، والرد على الرد عليه، ولكن لا نجد شخصين اثنين يعرفان القرآن معرفة صحيحة، عندما تسأل أحدا عن تفسير آية قرآنية، يقول لك: يجب الرجوع إلى التفاسير!! [إحياء الفكر الديني -52]

وقد تعجب كثيراً إذا عرفت أن هذا الإهمال ساق الشيعة إلى تناسي القرآن، وما يناله من هجمة يهودية وصليبية!

• يقول الشيخ محمد جواد مغنية في بيان حقيقة هذا التناسي والإهمال.... فيقول:

(وقد حرفت إسرائيل بعض الآيات مثل: (( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ))[آل عمران:85].

فأصبحت: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً يقبل منه. وقد اهتز الأزهر لهذا النبأ، ووقف موقفاً حازماً ومشرفاً، فأرسل الوفود إلى الأقطار الأسيوية والأفريقية، وجمع النسخ المحرفة وأحرقها .

ثم طبع المجلس الإسلامي الأعلى في القاهرة أكثر من أربعة ملايين نسخة من المصحف ... ووزعها بالمجان. أما النجف وكربلاء وقم وخرسان فلم تبدر من أحدهما أية بادرة، حتى كأن شيئاً لم يكن، أو كأن الأمر لا يعنيها ... وصح فيه قول القائل:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

المرجع: [كتاب من هنا وهناك - ضمن مجموعة المقالات/ للشيخ الشيعي المعروف: محمد جواد مغنية (ص:213)]

وكيف لا تهتم الشيعة بالثقل الأكبر؟؟

*جهل الشيعة بالقرآن جعلهم يعتدون عليه:

بل قد تتعجب أكثر ويصيبك الذهول بل والوجوم والصدمة حينما تعلم أن عدم اهتمام الشيعة بالقرآن وصل إلى حد جعل بعضهم يتعدى عليه، فهذا أحد كبار علماء الفقه والحديث الشيعة يتعدى على القرآن بشكل لا يقبل ولا يبرر أبداً.

فهذا كتاب (الكشكول) للشيخ المحدث الفقيه العابد الزاهد/ يوسف البحراني.

وهذا الكتاب يعتبر كتاب أدب وأخلاق حميدة، ألفه الشيخ يوسف لطلبة العلم... كي يؤنسهم ويحثهم على الفضائل الحميدة.

• يقول الشيخ يوسف البحراني في مقدمة كتابه الكشكول:

(فرأيت أن أصنع كتاباً متضمناً لطرائف الحكم والأشعار، مشتملاً على نوادر القصص والآثار، قد حاز جملة من الأحاديث المعصومية، والمسائل العلمية، والنكات الغريبة، والطرائف العجيبة، يروح الخاطر عند الملال، ويشحذ الذهن عند الكلال، جليس يأمن الناس شره، يذكر أنواع المكارم والنهي، ويأمر بالإحسان والبر والتقى، وينهى عن الطغيان والشر والأذى).[الكشكول (ج1/ص4)]

• ويقول ناشر الكتاب وهو مؤسسة دار الوفاء ودار النعمان ..عن هذا الكتاب العظيم:

(هو كتاب رائع! يجمع بين الفقه والحديث، والأدب والشعر، والتاريخ، وغير ذلك؛ وجدير بأهل العلم والمعرفة أن ينهلوا من المنهل العذب).

هذه نبذة تعريفية عن كتاب (الكشكول) للشيخ: يوسف البحراني.

فهذا الكتاب الأخلاقي الذي هو عبارة عن أحاديث معصومية وعلمية، ونوادر تحث على الفضيلة، قد تطاول صاحبه على القرآن ما لا يتطاول عليه كبار الملحدين!!

• يقول الشيخ يوسف البحراني في كتابه (الكشكول):

(في الأثر أن أبا نواس مر على باب مكتب فرأى صبياً حسناً فقال: تبارك الله أحسن الخالقين.

فقال الصبي: لمثل هذا فليعمل العاملون.

فقال أبو نواس: نريد أن نأكل منها، وتطمئن قلوبنا، ونعلم أن قد صدقتنا، ونكون عليها من الشاهدين.

فقال الصبي الأمرد: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.

فقال أبو نواس: اجعل بيني وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى.

فقال الصبي: موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى.

فصبر أبو نواس إلى يوم الجمعة، فلما أتى وجد الصبي يلعب مع الغلمان.

فقال أبو نواس: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا.

فمشى الصبي مع أبي نواس إلى مخدع خفي!!!!

فاستحى أبو نواس أن يقول للصبي نم!

فقال أبو نواس: إن الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم.

فقام الصبي وحل سراويله وقال: اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها.

فركب أبو نواس على الصبي، فأوجعه!!!

فقال الصبي: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.

وكان قريباً منهم شيخ يسمع كلام الصبي وأبي نواس، ويرى ما يفعلون. فقال يخاطب أبا نواس:

فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.

فقال الصبي: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).المرجع: [الكشكول (ج3/ص:83)]

كيف استساغ الشيخ الشيعي البحراني الذي يعد من أكابر علماء الإمامية، كيف يستسيغ التهكم الجنسي بحق الثقل الأكبر، وهو يدعي حب الثقل الأصغر؟!

*وختاماً:

إلى كل شيعي ... دع عنك التعصب والمكابرة! وتأمل في واقعك فأنت رهين عقلك وفكرك، فهل آن لك أن تحطم تلك الأغلال وتهدم الأصنام؟

بقلم: الأستاذ منصور بن بدر الشملاني

يتبع
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
الطفل الإيراني المعجزة... والثقل الأكبر

*تسميته بالمعجزة الكبرى:

هو السيد محمد حسين الطباطبائي، الملقب بعلم الهدى، طفل إيراني صغير حفظ القرآن الكريم، فاستخدمه علماء الشيعة "كبروبيغندا" شيعية من قبل علماء الشيعة لا من أجل القرآن، بل فرحاً بحجة إسكات أهل السنة من العتب عليهم بسبب إهمالهم القرآن.

إن تسمية الشيعة لهذا الطفل بالمعجزة أكبر دليل على أن حفظ القرآن عند الشيعة من المعجزات، والمعجزة هي: أمر خارق للعادة!

أما عند أهل السنة فليس بمعجزة أن يحفظ أطفالهم القرآن الكريم، بل هذا من الطبائع والعادات المألوفة في كل مجتمعات أهل السنة.

*سبب اختفاء الطفل المعجزة الكبرى:

وبينما الشيعة تفتخر بهذا المعجزة، إذ بأحد طلاب العلم من الشيعة الكبار ممن هداه الله ينشر خبرا يصعق منه الكثير.. حيث أخبر:

(إن الطفل المعجزة مختفي هذه الأيام، ولم يعد يخرج على التلفاز كما هو الحال كل يوم في إيران، فهل تعرفون ماذا حدث للطفل المعجزة؟

إنه معتقل في سجن سريّ بأمر من آية الله العظمى علي خامنئي! هل تعرفون ما هو السبب؟

يقول والده في اتصال خاص: إن ابنه الذي حفظ القرآن والذي أصبحت قناة إيران تفتخر به، شاهد في منامه النبي الأعظم (ص) يقول له: يا ولدي! اهجر هؤلاء الفجرة الكفرة، حكام إيران، يا بني! إنهم على ضلالة، ودينهم ومذهبهم ليس مذهبي ولا ديني، وأنا بريء منهم، فقام الطفل البريء وصعد المنبر وأخبر بالرؤيا التي شاهدها وما قال له الرسول (ص)؛ فضج الناس، ووصل الخبر إلى مرشد الثورة الذي بدوره أمر باعتقال الطفل وإخفائه)!

لقد وقع هذا القول على الجميع كالصاعقة، لكن كثيراً من الشيعة كذبوا هذا الطفل، واتهموه بالنصب وكراهية أهل البيت!

*الحكومة الإيرانية والتكتم الشديد في نبأ اعتقال المعجزة الكبرى:

والآن نذهل حقاً، بنشر مجلة (المنبر الشيعية) هذا الخبر بعد تكتم شديد؛ حرصاً من الرافضة على كتمان كل ما يسيء لآياتهم، ضاربين بالقرآن عرض الحائط!

ولكن للأسف... قد تم تزوير الحادثة خشية على المذهب الشيعي ككل.

تقول مجلة المنبر الشيعية [العدد الرابع، جمادى الآخرة 1421هـ ما نصه:

(اشتداد الحصار على (علم الهدى).. وفشل كل محاولات الاتصال به... لا يزال الطوق الأمني الصارم محيطاً بقضية اعتقال المعجزة القرآنية السيد محمد حسين الطباطبائي (علم الهدى) وسط أجواء من الذعر والقلق في الحوزة العلمية. وبات في حكم المؤكد أن ثمة مكروه يتعرض له السيد علم الهدى الذي لا يزال مغيّباً عن الأنظار منذ أشهر، خاصة أن جميع محاولات الالتقاء به أو محادثته -ولو هاتفياً- باءت بالفشل، إذ يجيب والده على الاتصالات الواردة إليه في هذا الشأن بقوله: (إن ابننا لا يقطن عندنا حالياً، وهو تحت نظر السيد القائد ومرتبط ببرامجه).

وتتساءل الأوساط المهتمة عن مكان تواجد السيد الطباطبائي، الذي لا يزال بعيداً عن منزله ووالديه، فيما تؤكد مصادر أنه لا يزال محتجزاً في منزل بمنطقة (باجك)، وسط حراسة أمنية مشددة، مشيرة إلى أن كل من يحاول تحري أمره يتعرض لملاحقة أجهزة المخابرات والمضايقة الأمنية.

ونقل بعض المتصلين هاتفياً بوالد السيد علم الهدى لـ (المنبر) أن إجاباته على استفساراتهم كانت في معظمها (على نحو مبهم غير واضح)، إلا أن مهتمين أشاروا إلى أن أجهزة النظام وضعته تحت رقابة محكمة مستمرة تضطره أحياناً إلى نفي نبأ اعتقال ابنه، التزاماً منه بالتعهد الذي وقعه إبان التحقيق معه، وهو التعهد الذي لا يزال السيد علم الهدى رافضاً للتوقيع عليه أو الالتزام به.

وذكرت جمعية القرآن والعترة في بيان جديد تلقّت (المنبر) نسخة منه أن السيد المعجزة يتعرّض يومياً لجرعتين مركزتين من التلقين النفسي، بواسطة خبراء بغية التشويش على رؤياه التي كان نقلها إلى طلابه، والتي ظهر فيها الإمام صاحب العصر والزمان (عليه الصلاة والسلام) وأمره فيها بالامتناع عن قبض الرواتب الشهرية من مكتب مرشد الجمهورية، وإبلاغ ذلك إلى طلبة العلوم الدينية في الحوزة. وأضافت الجمعية التي أخفت مقرها في قم المقدسة بعد حادث الاعتقال أن (من أهم الضغوط التي يتعرض لها الطفل المعجزة مساومته على العودة إلى منزله وذويه مستغلين طفولته وصغر سنه، غير أن المعلومات المتوافرة لدينا تبعث على الاطمئنان بأنه لا يزال مصراً على موقفه ولن يظهر في أي لقاء علني ينكر فيه الرؤيا).

وسرت معلومات عن إلقاء القبض أخيراً على ثلاثة عراقيين محسوبين على توجه المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، للاشتباه بكونهم أعضاء في جمعية القرآن والعترة، غير أنه لم يمكن معرفة مدى صحة هذه المعلومات إذ لم تتمكن (المنبر) من الحصول على رد للاتصالات التي أجرتها مع الجمعية بعد ذلك.

وتفيد مصادر متابعة أن أجهزة النظام أعدت غرفة عمليات مهمتها التغطية على تداعيات نبأ اعتقال السيد محمد حسين الطباطبائي، ومواجهة أية إثارات إعلامية أو اجتماعية أو حوزوية للواقعة. وأشارت المصادر إلى أن أطرافاً من النظام أشاعت أن المعجزة القرآنية ليس معتقلاً ولا محتجزاً، وإنما هو (تحت رعاية السيد القائد لاهتمامه الشديد به، ولأن هناك بعض الروايات التي تتحدث عن طفل نابغة من السلالة النبوية سيحكم إيران في آخر الزمان، وهي روايات تتطابق أوصافها على السيد علم الهدى، لذا فإنه محاط بالرعاية درءا لمؤامرات الاستكبار)، هذا على حد قول تلك الأطراف.

على صعيد متصل؛ أثار نبأ اعتقال السيد علم الهدى الذي انفردت به (المنبر) في عددها الفائت ردود فعل واسعة متباينة، وعبرت مجاميع قُرائية عن ألمها واستنكارها لما يتعرض له الطفل المعجزة الذي يعد بحق مفخرة من مفاخر الشيعة والتشيع في هذا القرن، وتوالت الاتصالات والرسائل من مختلف الأنحاء على مكتب هيئة خدام المهدي (عليه الصلاة والسلام) مستفسرة عن وضعية السيد الطباطبائي. وكان نبأ الاعتقال محور اهتمام علماء وناشطين دينيين ومهتمين بحقوق الإنسان، إلى جوار بعض المنظمات والجمعيات الإسلامية التي وجهت رسائل إلى الرئيس محمد خاتمي تدعوه فيها إلى إطلاق السيد النابغة والإفراج عنه سريعاً.

وتحركت بعض تلك المنظمات (طلبت عدم ذكر مسمياتها) باتجاه مخاطبة الشيخين: جوادي آملي وعلي المشكيني وتوسيطهما لحل المشكلة، غير أنهما رفضا الخوض في الموضوع، واكتفيا بتوجيه نصيحة الالتزام بالوحدة الإسلامية، فيما أبلغت بعض المنظمات (المنبر) أنها وسّطت الشيخين: فاضل اللنكراني وناصر مكارم الشيرازي لحل الموضوع.

*النظام الفارسي يتهم كل من يكشف وجهه القبيح بالعمالة لأمريكا والصهاينة:

وهكذا يصر النظام الفارسي لآيات قم وطهران، لوصف من يكشف وجهه القبيح بالعمالة لليهود والأمريكان!

ففي الوقت الذي يتعرض له الطفل البريء الصغير المسكين لأبشع أنواع التعذيب، يصر الآيات نواب المهدي على التحدي، ولذلك يتعرّض الطفل يومياً لجرعتين مركزتين من التلقين النفسي بواسطة خبراء بغية التشويش على رؤياه التي كان نقلها إلى طلابه.

*المنبر الشيعية وتحريض آيات قم وطهران ضدها:

ولكن المجلة الشيعية (المنبر) لم تسلم من أساليب آيات قم وطهران.. تقول المجلة:

(إلى ذلك؛ تسببت خطابات تحريضية موجهة ضد (المنبر) من بعض المشايخ المتأثرين بالاتجاه السياسي الإيراني في إثارة موجة من الاعتراضات، بفعل ما اتسمت به تلك الخطابات من لهجة هجومية عنيفة غير مسبوقة.

*أحد مشايخ الكويت يشن الهجوم على مجلة المنبر الشيعية:

وكان أحد هؤلاء المشايخ وصف (المنبر) في خطبة الجمعة في أحد المساجد في الكويت بأنها (مجلة مشبوهة تدعي أنها إسلامية). زاعماً أنها نقلت خبر الاعتقال من إذاعتي إسرائيل والمنافقين (منظمة مجاهدي خلق) في محاولة منه للتشكيك في صحة الخبر. واتضح بذلك أن هذه الإشاعة (نقل الخبر من إذاعة إسرائيل) كان مصدرها هذه الخطبة، رغم أن ملقيها لم يشر إلى تاريخ بث هذا الخبر وساعته، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة تقول: من استمع إلى الخبر إذن؟ ومتى؟!

واشتملت خطبة الشيخ على (14) عبارة جارحة بحق (المنبر) في سياق حديثه، ما بين شتم ولعن وتكذيب وتفسيق واتهام بالعمالة! ووصف القائمين عليها أنهم: (الصبية الذين يتكلمون كيفما شاءوا، وأنها ليست سوى بوق لإسرائيل والمنافقين) مقسماً بالله تعالى بالقول: (والله إنهم -القائمين على المنبر- في كفة ميزان أمريكا وإسرائيل واليهود والصهاينة والاستكبار، هؤلاء الصبية الذين يكتبون في هذه المجلة المشبوهة هم من أتباع إسرائيل وأمريكا؛ لأنهم يحاولون النيل من هذه الدولة المباركة ولكن فليخسئوا). واعتبر ما نشر (كلام الشيطان وكلام إبليس).

واعتبر في معرض حديثه التعبوي أن أهداف (المنبر) منسجمة مع أهداف الاستكبار العالمي والصهيونية إذ قال: (هذه الدولة -إيران- محاربة من الشرق ومن الغرب، أمريكا أعطت ملايين الدولارات لأجل أن تحرك هذه الغرائز الآن، وهذه إحدى نتائج التدخل الأمريكي السافر في الجمهورية المباركة، أين ستذهبون؟ ما هذه النتائج التي تريدونها إلا منسجمة تماماً مع النتائج التي يريدها الاستكبار العالمي والصهيونية، إلى أين تذهبون؟ قفوا عند حدكم لماذا هم الآن يتكلمون ويتهموننا أننا نحن الذين نتكلم على العلماء، والسيد ولي أمر المسلمين أليس من العلماء؟ هؤلاء مثلهم كمثل الذين أخرجوا من الجنة، إلى أين تذهبون؟ ما هي أهدافكم؟ وما هي النتائج التي ستحصلون عليها وراء هذا؟ لا شك أن نتائجكم معروفة ومعلومة، وعاقبتكم ليست خير، وإنما هي شر).

وتمنى الشيخ من الله سبحانه وتعالى أن يدمّر (المنبر) حيث قال: (ونسأل من الله تبارك وتعالى أن يدمرمهم إذا لم يكونوا من أهل الهداية)، وعدّ القائمين على التحرير بمثابة الفسقة، وهو قذف لا يقبله الشرع، إذ قال: (هؤلاء الفسقة لا يصلون إلى هذا المستوى، فكيف أنهم يقولون عن أنفسهم مؤمنين؟!). وأخيراً لعن إدارة تحرير (المنبر) بقوله: (يصدقون إذاعة إسرائيل ولا يصدقون السيد المظلوم، ألا لعنة الله على القوم الظالمين).

وطالب الحضور بالتحرك ضد (المنبر) والتصدي لها قائلاً: (أحملكم المسئولية وأحمل كل من يقرأ هذه الكلمات في هذه المجلة المشبوهة التي تدعي أنها إسلامية، المسئولية إن لم يقرعوا بابهم، ويتكلموا عنهم، وفي واقع الحال الجميع مسئول، فأنا وضعت مسئولين في رقابكم، فعليكم الاستنكار والاتصال.. بالحسنى ولا بالقوة، ولا بد أن يوقف هؤلاء الصبية.. الصبية.. ومن نشر مثل هذه الكلمات، فهذه مجلة فكرية ثقافية شهرية، العدد الثالث وصل إلى مقام ولي أمر المسلمين! والعدد الرابع سيطعن في رسول الله! والعدد الخامس سيطعن في الله، وبعدين تسكر). ومعنى كلام الشيخ أن (المنبر) تتدرج في المساس بالمقدسات الإسلامية، فهو يتنبأ بأنها ستطعن في مقام الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في عددها الرابع، ثم إنها ستطعن في الذات المقدسة الإلهية في عددها الخامس.. والعياذ بالله(!) وذلك لأنه يعتقد أن ذات الولي الفقيه مقدسة لا يجوز توجيه أي نقد لها. ولم تكن (المنبر) وجهت أي نقد للولي الفقيه، واكتفت بنقل وقائع حادثة الاعتقال دون تعليق).

وفي محاولة جديدة لتزوير حادثة رؤيا الطفل.. تقول المجلة الشيعية (المنبر):

(ولتجريد نبأ الاعتقال من مصداقيته؛ أعلن الشيخ في خطبته أنه اتصل شخصياً بوالد السيد علم الهدى وقال: (حتى أعرف أنه صادق أم كاذب، فأنا أعلم والله أن هذا الكلام كذب في كذب، وافتراء ما بعده افتراء. فقال لي أحدهم: لقد اتصلت بأبي السيد الطباطبائي، وقال لي بالحرف الواحد دون واسطة: إن هذا الكلام والحلم افتراء على ابني ولن أسامح من يتداول هذا الخبر، نعم أنا اتصلت وعندي رقم الهاتف وأي إنسان يريد أن يتصل). وفي الحين الذي كان يفترض فيه أن يكون هذا الإعلان مورداً لاطمئنان الناس ولثنيهم عن تصديق نبأ الاعتقال، فإنه كان على النقيض من ذلك، لقد كان سبباً في زيادة القلق وقرينة على حدوث الواقعة، لأن الشيخ لم يشر لا من قريب أو بعيد إلى السيد علم الهدى نفسه، ولم يقل مثلاً أنه تحادث معه أو تمكن من الوصول إليه، بل كان اتصاله مع والده، وهو ليس بالأمر الجديد، فنفي الوالد يأتي في سياق الالتزام بتعهده الذي قطعه على نفسه بتكذيب الخبر؛ محاولة منه لإنقاذ ابنه المحتجَز. ودفع كلام الشيخ الناس إلى التساؤل: لماذا لم يطلب الشيخ الابن نفسه للتحدث معه؟

ألا يسكن الابن مع والده كما هو الأمر الطبيعي أم هو في مكان آخر؟

وإذا كان في مكان آخر فأين هو؟ ولماذا لا يظهر ويتحدث مع الناس بنفسه وينفي نبأ الاعتقال؟!)

*وقفات وتعليق على الحادث الأليم:

لا يخفى على كل ذي عقل أن الحادثة تعدت حدود الصمت، وأنها الآن قنبلة انفجرت في الأوساط الشيعية، وسيكون لها الآثار البالغة، كما لا يخفى أن الرؤيا والحادثة تحتاج إلى تدقيق، ولنعلم مدى التشويش والتزوير الذي استطاعت آيات قم وطهران أن يحدثوه في حقيقة الرؤيا.

*القرآن الكريم -الثقل الأكبر- يتبرأ من الشيعة:

ونحن هنا نرى مرة أخرى الثقل الأكبر يتبرأ من آيات قم على لسان رؤيا الطفل الصغير حافظ القرآن، بعدما قرأنا النصوص الكثيرة المبثوثة في كتب التاريخ، عن براءة أهل البيت (الثقل الأصغر) من الشيعة، كما فعل علي رضي الله عنه والحسن والحسين، وزيد وعلي وزينب، ومحمد ذو النفس الزكية، وجموع من أهل البيت لا يحصون رضوان ربي عليهم.

والسؤال الحقيقي هو:

- متى تصحوا يا شيعي من تخدير الآيات لك؟!

- متى تحطم القيود التي قيدت بها من قبل أكلة السحت؟!

- متى تكسر الأغلال التي حول رقبتك التي غلك بها تماسيح الخمس؟!

هل تتجاهل أنكم يا جعفرية الفرقة الوحيدة التي تهمل القرآن بل وتعاديه؟

اقرأ الآن هذه النصوص الصارخة لتعلم مدى بعدكم عن القرآن:

يقول العلامة مرتضى مطهري:

(عجباً، أن الجيل القديم نفسه قد هجر القرآن وتركه، ثم يعتب على الجيل الجديد لعدم معرفته بالقرآن، إننا نحن الذين هجرنا القرآن، وننتظر من الجيل الجديد أن يلتصق به، ولسوف أثبت لكم كيف أن القرآن مهجور بيننا.

إذا كان شخص ما عليما بالقرآن، أي إذا كان قد تدبر في القرآن كثيرا، ودرس التفسير درسا عميقا، فكم تراه يكون محترما بيننا؟

لا شيء.

أما إذا كان هذا الشخص قد قرأ "كفاية" الملا كاظم الخراساني، فإنه يكون محترما وذا شخصية مرموقة. وهكذا ترون أن القرآن مهجور بيننا. وإن إعراضنا عن هذا القرآن هو السبب في ما نحن فيه من بلاء وتعاسة، إننا أيضاً من الذين تشملهم شكوى النبي (ص) إلى ربه: (( يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ))[الفرقان:30].

قبل شهر تشرف أحد رجالنا الفضلاء بزيارة العتبات المقدسة، وعند رجوعه قال: إنه تشرف بزيارة آية الخوئي حفظه الله، وسأله: لماذا تركت درس التفسير الذي كنت تدرسه في السابق؟

فأجاب: إن هناك موانع ومشكلات في تدريس التفسير!

يقول، فقلت له: إن العلامة الطباطبائي مستمر في دروسه التفسيرية في قم.

فقال: إن الطباطبائي يضحي بنفسه. أي: أن الطباطبائي قد ضحى بشخصيته الاجتماعية. وقد صح ذلك.

إنه لعجيب أن يقضي امرؤ عمره في أهم جانب ديني كتفسير القرآن، ثم يكون عرضة للكثير من المصاعب والمشاكل، في رزقه.. في حياته.. في شخصيته.. في احترامه.. وفي كل شيء آخر. لكنه لو صرف عمره في تأليف كتاب مثل الكفاية لنال كل شيء، تكون النتيجة أن هناك آلافا من الذين يعرفون الكفاية معرفة مضاعفة، أي: أنهم يعرفون الكفاية والرد عليه، ورد الرد عليه، والرد على الرد عليه، ولكن لا نجد شخصين اثنين يعرفان القرآن معرفة صحيحة، عندما تسأل أحدا عن تفسير آية قرآنية، يقول لك: يجب الرجوع إلى التفاسير)!! [إحياء الفكر الديني – 52]

بقلم الأستاذ: منصور بن بدر الشملاني

==============================0000

أين أنت من القرآن؟؟؟

* نداءات.. نداءات.. نداءات

نداءات الأمل في مفازات الهلاك.. نداءات الهدى في جهالات الضلال.. نداءات الحق في أوهام الخيال.

(( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ))[الانفطار:6-8].

(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ))[الحج:73-74].

لقد جاء منادي الحق ينادي: (( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ))[المؤمنون:32].

فصار يهتف في طوفان نوح عليه السلام لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم، وراح يصدع في قوم الخليل عليه السلام وقد أبرموا أمرهم وأوقدوا نارهم أن: حسبي الله ونعم الوكيل، فجاءت بشرى: (( يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ))[الأنبياء:69]، وجاء متحدياً سحر آل فرعون وجبروته بـ: (( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ))[الشعراء:62] فانقلب السحر على الساحر.

وجاء تثبيت أنك أنت الأعلى وانتهت المؤامرة بانقلاب السحرة الكفرة إلى شهداء بررة، وليرفعوا لافتة: (( آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ))[الأعراف:121-122].

وتمخض عن دعاء زكريا عليه السلام: (( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ))[مريم:3-5].. (( لا تَذَرْنِي فَرْدًا ))[الأنبياء:89]، فجاءته الملائكة تزف له البشرى: (( إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ))[مريم:7]، فما استكثر ذلك ولا استعظمه بوجود المانع وانتفاء الشرط، فالمرأة عاقر والكبر عتي حاضر، والعظم واهن، والرأس اشتعل شيباً، قال: (( كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ))[مريم:9].

وجاء بالحق ينادي في غيابات الفتنة بعد غيابات الجب عائذاً بالله: (( وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ))[يوسف:23]، فقال: (( مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ))[يوسف:23].. فهب عليه نسيم النجاة: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ))[يوسف:24].. ثم آل إلى السجن ليرسم للدعاة أن التوحيد ليس حكراً على حال: (( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ))[يوسف:39-40]، وختم بالحبيب عليه أفضل الصلوات وأذكى التحيات في مؤامرة القتل والإبادة قائلاً: (يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟) وتصدق السماء قول الحبيب عليه السلام: (( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40].

فالحمد لله في الأولى والآخرة، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.. الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يشاركه في الملك أحد، (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ))[الأنعام:1]، لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه سبحانه، وأنى لنا ذلك وله كل كمال، وكل جلال، وكل ثناء، وكل مجد وكل مدح، وكل حمد، وكل عز وكل جمال، وكل خير وإحسان، وكل وجود وفضل منه وإليه.

فما ذكر اسمه جل وعلا في قليل إلا كثره، ولا عند ضيق إلا وسعه، ولا تعلّق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العزة، ولا فقير إلا أصاره غنياً، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه، فبه تكشف الكربات، وتستنزل البركات، وتجاب الدعوات، وتقال العثرات، وتستدفع السيئات، وتستجلب الحسنات، وباسمه تعالى قامت الأرض والسموات، وأنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وشرعت الشرائع، وقامت الحدود، وانقسمت الخليقة إلى السعداء والأشقياء، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، ووضعت الموازين القسط، ونصب الصراط، وقام سوق الجنة والنار فهو سر الخلق والأمر، فالخلق به وإليه ولأجله، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً، أحداً فرداً صمداً، جل عن الأشباه والأمثال، وتقدس عن الأضداد والأنداد والشركاء والأشكال، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد.. قلوب العباد ونواصيهم بين أصبعين من أصابعه وفي قبضته، لا راد لحكمه ولا معقب لأمره، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، تبارك وتعالى على كل شيء قدير، وقد أحاط بكل شيء علما، فهو السميع الذي يسمع ضجيج الأصوات على اختلاف اللغات وعلى تفنن اللهجات، فلا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح السائلين في سؤاله، وهو البصير الذي يرى دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلية الظلماء، حيث كانت من سهله أو جباله، العليم الذي يعلم السر وما يخفى في عاجل الأمر وآجله، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف تكون أحواله، فالغيب عنده شهادة، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في أرضه أو سمائه، وهو الغني بالذات عن خلقه، وكل خلقه إليه فقر في كل أحواله.

سبحان ذي الجلال والإكرام وذي الفضل والإنعام! فلو كان الشجر كله أقلاماً تكتب والبحار كلها مداداً يمدها وهي تكتب بالليل والنهار عن عظمته وكبريائه ونعوت جلاله وجماله وكماله لنفذت دون أن تحصي عليه الثناء، فلا إله إلا الله رب الأرض والسماء.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائم بحقه، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحسرة على الكافرين، وحجة على الخلق أجمعين، بعثه على حين فترة من الرسل، وغباوة من الأمم، وانقطاع من الزمان، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته، وتعظيمه، وتوقيره، والقيام بحقوقه، وسد إلى جنته جميع الطرق، فلم يفتح لأحد إلا من طريقه، فلم يزل صلى الله عليه وسلم قائماً بأمر الله لا يرده عنه راد، ومستمراً في مرضاة الله لا يصده عن ذلك صاد، إلى أن أشرقت الدنيا برسالته ضياءً وابتهاجاً، ودخل الناس في دين الله أفواجاً أفواجاً، وسارت دعوته مسير الشمس في الأقطار، وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار، فصلوات الله وسلامه عليه كلما غرد طير وطار.

أما بعد:

فإن الله سبحانه لم يخلق خلقه سدى هملا، بل جعلهم للأمر والنهي محلاً، فلم يخلق سماءً مبنية ولا أرضا مدحية ولا إنساً ولا جان إلا لعبادته وحده دون ما سواه، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56].

فانقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقرب وبعيد، وأعطاهم مواد العلم والعمل من القلب والسمع والبصر والجوارح نعمة منه وتفضيلاً، فمن استعمل ذلك في طاعته فقد اتخذ إلى مرضاة الله سبيلا، وفاز فوزاً مبيناً، ومن استعملها في شهواته وهواه ولم يرع حق خالقه فقد خسر خسراناً مبيناً، وسوف يحزن حزناً طويلاً، فإنه لا بد من الحساب على حق هذه الأعضاء لقوله تعالى: (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ))[الإسراء:36].

*بداية الشرك:

اعلم رحمك الله ووفقك لكل خير بأن الله جل وعلا خلق عباده موحدين حنفاء فاجتالتهم الشياطين وأغارت على قلوبهم، وألقت عليهم شراك الغلو والفتنة، وألبست عليهم الحق بالباطل حتى استحسنوه تحت مظلة الحب للأولياء والصالحين، فأوحت إلى أوليائها زخرف القول غروراً: أن علامة صدق المحبين: خيال في العيون، وذكر في اللسان، ومثوى في الفؤاد بلا غياب.

فأوحت إليهم بعد موت الصالحين أن صورواً صور الصالحين، واصنعوا تماثيل الأولياء، وارفعوا قبور الأنبياء، فإنه أولى بالمحبين وذكرى للمشتاقين، وأقنعت المخالفين بأن هذا إنما هو محض ذكر الأولياء.

فلما طال عليهم الأمد وانتكست الفطرة، وطالت الفترة، ونسخ العلم وحل الجهل، وهلك القوم، وأنسيت الفكرة.

جاء قوم آخرون فألبسوا الحق بالباطل فصيروها أوثاناً وأصناماً تعبد من دون الله، وعلامة ودليلاً على الأنبياء والأولياء، ثم اتخذت بعدئذٍ مفاتيح الغوث والدعاء وترياق العليل والشفاء.

واستوى الأنبياء والأولياء بالله تعالى رب الأرض والسماء، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل الكتاب بالحق والميزان، فأفصحوا عن نعوت جلاله وكماله وصفات كبريائه وعظمته، فاجتمعوا على كلمة واحدة وهي: (( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ))[المؤمنون:32].

وكشفوا عن حيلة إبليس باتخاذ الأنداد والوسطاء والشفعاء بأن هذا الاعتقاد إنما هو سوء ظن برب العالمين السميع، العليم المجيب.

وهو محض تعطيل للأسماء الحسنى والصفات العلى، وهو تشبيه الخالق بالمخلوق، والرازق بالمرزوق، الحي القيوم الذي لا يموت بالعبد الفقير الذي لا يملك لنفسه موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

قال تعالى: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ))[الأنعام:1]، أي: يجعلون له نداً مساوياً من خلقه.

وإذا جاء يوم القيامة؛ يوم الحسرة والندامة.. يوم تبلى السرائر، وتتجلى الحقائق، وتنكشف الضمائر بين يدي الحائر والمكابر يشهد أولئك بالقسم الصريح أنهم كانوا في ضلال مبين، قال تعالى مبيناً حالهم في ذلك اليوم: (( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ))[الشعراء:97-99].

*الفرق بين ملك الملوك وبين المملوك:

ولعمر الله إنه الضلال المبين، والطريق المظلم البهيم، والصراط الأعوج المهين، وسوء الظن برب العالمين، وتشبيه العلي القدير بالعبد الفقير الأسير، حيث زعموا بالقياس الفاسد البعيد أن الدخول على الله بالدعاء أمر عسير وأنه لا يجيب من دعاه ولا يسمع من ناداه إلا بواسطة الأولياء والصالحين، كالدخول على الرؤساء والأمراء، فإنه لا يكون إلا بواسطة المقربين والوزراء، فما أقبح هذا القياس والتشبيه وما أظلمه وأفسده! فهو قياس مع الفارق الكبير، كالفرق بين السيد والعبد، والخالق والمخلوق، والمالك والمملوك.

فكيف يقاس الله ذو الجلال والإكرام بالسلطان العبد الفقير إلى الله؟! فإن الملك أو السلطان لا يعلم ما وراء الجدران وهو محتاج أبداً إلى الجواسيس والأعوان، والله تعالى العليم الخبير الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان.

والملك أو السلطان يحتاج إلى الجنود والحرس والأعوان ليدفعوا عنه الكيد والعدوان، والله تعالى القوي العزيز أمره بين الكاف والنون متى أراد شيئاً كان.

والملك أو السلطان يحتاج إلى الطعام والشراب والنوم والخلان، والله تعالى الغني عن العالمين، تقدس عن الخلق أجمعين، واستغنى عن الولدان والزوجات والخلان.

وهذا سر الحكم بالشرك والكفران على من اتخذ الأولياء شفعاء ووسطاء إلى الله، فإن دعاء الوسطاء والشفعاء إنما هو تشبيه وتعطيل؛ تشبيه الخالق بالمخلوق وتعطيل الأسماء والصفات.

هذا وقد أبطل القرآن الكريم زعم المشركين أنهم لم يعبدوا الشفعاء والوسطاء وإنما جعلوهم باب الله الذي منه يدخلون، فيتوكلون عليهم وإليهم يلجئون، واعتبر ذلك كفراً وشركاً، قال تعالى: (( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ))[يونس:18]، فأنكر عليهم مبطلاً دعواهم وراداً حجتهم حجة التوسل والتشفع في تقريع وتوبيخ بقوله: (( قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ))[يونس:18].

أي: أنه سبحانه ليس بحاجة إلى وسيط أو شفيع ليرفع إليه حاجات الخلق؛ لأنه لا يخفى عليه شيء من حال عباده، بل أنكر عليهم التوسط بالأولياء والصالحين، موضحاً أن الأولياء والصالحين عباد أمثالهم، لا يملكون لأنفسهم جلب نفع أو دفع ضر، فضلاً أن يكشفوا عنهم ضراً أو يحولوا عنهم سوءاً، بل إنهم مع قربهم منه جل وعلا يتقربون إليه بالخوف منه والرجاء في رحمته، قال تعالى: (( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ))[الإسراء:56-57].

وقال تعالى: (( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ))[الزمر:3]، فما أشبه اليوم بالبارحة، فإن عامة الناس اليوم يقولون إذا أمرتهم بإخلاص الدعاء والعبادة لله وحده وترك دعاء الأولياء والصالحين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.

إذا علمت هذا علمت أنه لم يحسن الظن بربه من سأل غير الله ونسب إليه الرزق والشفاء والمولد والدواء، وما أحسن الظن بالله! من نسب الخير والنعمة إلى الأئمة والأولياء، والشر والنقمة لله.

وإذا علمت هذا علمت أنه ما أشرك أحد في هذا الملكوت إلا وهو مشبه للمخلوق بذي الكبرياء والجبروت، وسوى الله رب الأرباب بالعبد الفقير التراب، سوى الله جل وعلا بالعبد الذي ناصيته ونفسه بيد الله، وقلبه بين إصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء، وحياته وموته بيد الله، وسعادته وشقاوته بيده، وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بإذنه ومشيئته، فلا يتحرك إلا بإذنه ولا يفعل إلا بمشيئته، وإن وكله إلى نفسه وكله إلى عجز وضيعة وتفريط وذنب وخطيئة، وإن وكله إلى غيره وكله إلى من لا يملك له ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، وإن تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله أسيراً.

وهذه آيات القرآن الكريم تخاطب العقل والفطرة والجنان لمن ألقى السمع واعياً وأحضر القلب شاهداً: (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))[ق:37] حيث يبين الله جل وعلا أن سر الخلق والأمر هو العبودية لله، فما استحق الأنبياء والأولياء المدح والثناء إلا بقيامهم بالعبودية لله، قال تعالى: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ))[الإسراء:1] وقال: (( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ ))[ص:45]، وقال عن أيوب عليه السلام: (( نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ))[ص:30]، وقال: (( فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ))[مريم:65]، وقال عن الملائكة: (( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ))[الأنبياء:26]، وقال: (( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))[الفاتحة:5].

أرأيتم إخواني الكرام، فإن منهج العبودية لا يقبل إلا الحصر والتخصيص، وهذا معنى شهادة (لا إله إلا الله) التي أفادت النفي والإثبات، نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها حصراً لله، أي: لا معبود بحق إلا الله.

والعبادة إنما هي الأقوال والأعمال التي يحبها الله ويرضاها الظاهرة والباطنة، كالدعاء، والصلاة، والذبح، والخوف، والرجاء، والاستعانة، والتوكل، والنداء، وهذه بمجموعها لا ينبغي منها شيء إلا لله إخلاصاً لا شائبة فيه أو رياء، قال تعالى: (( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ))[الزمر:3]، وقال تعالى: (( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ))[الزمر:2] كإخلاص يوسف عليه السلام وقد غلقت الفتنة عليه الأبواب وقالت: هيت لك بلا حياء أو ارتياب، بداعي الفتوة والشباب، فأدرك ألا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، فانقطع عن جميع الأسباب، وأعرض عن جميع الأبواب، فألقى نفسه على باب سيده ومولاه فقال: معاذ الله! فاستحق أن يخلد في الكتاب: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ))[يوسف:24].

وإخلاص يونس عليه السلام في ظلمات الهم والغم وشدة الحزن والكرب وقد أحاطت به من كل حدب وصوب، فنادى في بطن الحوت وهو مكظوم، وأطرق أبواب السماء بالدعاء: (( أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ))[الأنبياء:87]، فاخترق الدعاء السموات، وبدد الظلمات، وجاءته بشارات النجاة: (( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ))[الأنبياء:88]، وجعلها الله سنة للمؤمنين في كشف الكربات.. وكذلك ننجي المؤمنين.. قال تعالى: (( هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))[غافر:65].

فشتان بين من يندب إلهه وربه عند الكرب والشدة وبين من يندب علياً عليه السلام قائلاً: يا علي.. يا أبا الشدات! أدركني!

فسبحان ربي العظيم كيف وصلت الأمة إلى هذا الخذلان المبين والجهل المطبق العظيم! حيث فاقوا الأولين في الإشراك، فإن الأولين إنما كانوا يشركون في الرخاء وإذا أصابهم الكرب والشدة أخلصوا لله بالدعاء، قال تعالى: (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ))[العنكبوت:65]، أما اليوم فإنهم إذا أصابهم الكرب وماج بهم البحر فلا تسمع إلا صرخات الدعاء: يا علي.. يا جيلاني.. يا رفاعي.. فلا إله إلا الله!!

ولو سألت عن مذاهب المجرمين وطرائق الضالين لوجدت أضل خلق الله من أشرك في عبادة الله جل وعلا أحداً من الصالحين والأولياء وهو يعتقد أن الولي يسمع سره ونجواه، قال تعالى: (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ))[الأحقاف:5] وقال تعالى: (( يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ))[الحج:12].

لذلك جاء النهي الصريح من غير إشارة أو تلميح، فعن دعاء غير، الله تعالى على وجه العموم والتوضيح، فقال تعالى: (( فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ))[الجن:18] ومعلوم في جميع مذاهب العلماء ومدارك العقلاء أن النكرة إذا جاءت في سياق النهي أنها لا تفيد إلا العموم، وقال تعالى: (( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ))[غافر:66].

فهذا بيان قد بان لكل ذي بصر وعيان أن الدعاء لغير الله الواحد الديان مناف لدين الإسلام وعين الشرك برب العالمين.

قال تعالى: (( قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ))[الجن:20] وقال تعالى: (( وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))[القصص:87]، وقال تعالى: (( ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ))[غافر:12].

*حسرة المشركين يوم القيامة:

ومع يقين المشرك وإيمانه وإصراره والتزامه فلا يزال يعيش في أوهامه وينتظر لحظة لقائه بالأولياء والصالحين، إذا فإذن الله تعالى ليوم الدين فهنالك تظهر الحسرات، وتتعالى الصرخات، وتخيم الندمات، عندما يتبرأ الملائكة والأنبياء والصالحون والأولياء من كل شرك وعبادة لهم أو دعاء، فينقلب الأمر عليهم بما لم يكن بالحسبان، قال تعالى: (( وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ))[النحل:86] فيا حسرة من أشرك وهو يثق بيقين أن الأولياء والصالحين شفعاء المشركين فيفاجأ أنه: (( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))[غافر:18]، ويا حسرته وهو يتطلع إلى من أشرك وهو يرقبه بلهفة ورغبة وتربص وطمع أن ينفس كربته، وأن يرحم زلته، وأن يشفع فكرته، فيجد الأمر كله لله الواحد القهار، وبعد هذه اللهفة والرغبة يأتيه الجواب: (( فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ ))[النحل:86]، ثم يتبع ذلك بالبراءة من شرك المشركين بقولهم: (( تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ))[القصص:63]، وما أمرناهم بذلك بل كانوا يعبدون الشياطين، ونسوا وصية رب العالمين، وعهده على الآدميين، قال تعالى: (( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ))[يس:60-61].

وأنى للأنبياء والأولياء أن يصدّقوا على الشرك بالله تعالى وقد كانوا هم يدعون ربهم رغباً ورهباً وكانوا لله خاشعين؟! بل الأنبياء هم الذين جاءوا بالكتاب المبين الذي يحكم على الشرك بالله العظيم أنه الكفر الأكبر المبين، وعلى ذلك درج الأولياء والصالحين يدعون إلى توحيد الله وحده دون ما سواه ويحذرون من الشرك بالله قال تعالى: (( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ))[غافر:14] وقال تعالى: (( حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ))[الأعراف:37]، لذلك يشهد المشركون بعد أن تتجلى الحقيقة في يقين أنهم إذا كانوا يلهثون في سراب وينادون من لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئاً، فيقرون بهذه الحقيقة المرة، أنهم كانوا في ضلال بل لم يكونوا في الحقيقة يدعون شيئاً، قال تعالى: (( ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ))[غافر:73-74].

*من يدفع الضر ويكشف السوء؟

إخواني الكرام:

كم من داعٍ اليوم يدعو باللفظ الصريح: يا علي.. يا جيلاني.. يا عباس! وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء يسمعونه حيثما كان وفي أي مكان! وكم من داع اليوم يدعو وهو يعتقد أن الأولياء على كل شيء يقدرون، وأن لهم اختصاصاً في كشف المضرات وإغاثة اللهفات! وكم من خائف وجل مرتجف من أن يحلف بالإمام زوراً وبهتاناً وهو ليس كذلك عندما يحلف برب الإمام!

إن هذا الاعتقاد يجعل الإمام نداً لله في العبادة، فالعباس عليه السلام عبد لله لم يكن على كل شيء قدير، ولم يكن قد أحاط بكل شيء علماً ولا زعم ذلك، حاشاه، بل كان يعرف قدر نفسه كونه عبداً لله، والعباس عليه السلام أعلم الناس بقول الله: (( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ))[الأعراف:188] وهذا في حق الرسول عليه الصلاة والسلام وهو له من باب أولى، وهذه حقيقة ناطقة، فإن العباس عليه السلام لم يكن يعلم مؤامرة أهل العراق ولا خيانتهم لسيد شباب أهل الجنة، بل فوجئوا بالخيانة والفرار، ولم يكن يستطع أن يدفع القتل عن نفسه، وقاتل حتى قتل شهيداً عليه السلام.

فعندما يدعوه مائة شخص في العراق ومثلهم في الهند ومثلهم في أمريكا. فالعباس عليه السلام لا يستطيع أن يسمع في الحياة ولا أن يعلمهم فكيف وقد مات عليه السلام؟! بل هذا الأمر من خصائص الله الذي يعلم السر وما يخفى، ويسمع السر والنجوى، ويجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، أما العباس عليه السلام وعامة الأولياء والصالحين ليس لهم من ذلك شيء، وإليك على ذلك الدليل والبرهان، قال تعالى: (( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[المائدة:116]، ومعلوم أن دعاء غير الله تأليه له كما قال تعالى: (( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ))[هود:101] فما من المسيح عليه السلام إلا أن يقول الحقيقة التي أشرنا إليها آنفاً، فقال: (( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ))[المائدة:117] فأنعم النظر في قوله تعالى: (( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ )) أي: ليس لي علم إلا بما شاهدته وحضرته حال عيشي بينهم، ثم قارن ذلك مع قوله تعالى: (( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ))، أما أنا فغائب عنهم لا أعلم من أحوالهم شيئاً، بل هذا إليك أنت وحدك: (( وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )).

ومثل هذا المعنى جاء في حديث الحوض، حيث يذاد أناس من الأمة ويحال بينهم وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام عند الحوض فيقول: (أمتى أمتى، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، على هذا المعنى الدليل الصريح ونبأ العليم الخبير، قال تعالى: (( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ))[فاطر:14].

فيا خسار من أعرض عن الله في كربه وبلواه وألقى نفسه على العبد المخلوق! ويا خسار من بغى ومن تعدى وطغى على الله العلي المولى، السامع لكل شكوى.

يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله

الله يحدث بعد العسر ميسرة لا تجزعن فإن الكافي الله

وإذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله

والله ما لك غير الله من أحد فحسبك الله في كل لك الله

قال تعالى: (( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[الأنعام:17]، وقال تعالى: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ... ))[النمل:62] هذا أيوب عليه السلام ألمت به المصيبة، وأحاط به الكرب، واشتد عليه البلاء فعمد إلى جبة العبودية فلبسها وألقى نفسه على عتبات باب أرحم الراحمين، ورفع لافتة الذل والانكسار، ولسان حاله ومقاله يهتف: يا ألله! وقدم إحسان الله ونعمته عليه وربوبيته إياه بقوله: ربِّ! ثم اتبع ذلك مناجاة المخلصين: (( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ))[الأنبياء:83]، في استكانة وأدب وانكسار، فجاءته فاء التعقيب والفوز بالبشرى: (( فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ))[الأنبياء:84]، وتقلد وسام القدوة للعابدين، (( وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ))[الأنبياء:84].

فالله -أيها الأحباب الكرام!- هو الذي كشف ضر أيوب عليه السلام، وهو الذي حفظ موسى بالتابوت، وهو الذي نجى يونس من بطن الحوت، وليس ذلك لأحد كما يزعم المبطلون.

وهذا سؤال يطرح نفسه قائلاً: إذا أصابك الكرب هل يقدر الله على كشفه أم لا يقدر؟ وهل يعلم حالك ويسمع صوتك ويجيب صرختك أم لا؟ فإن كان الجواب بلا كان قائله أكفر الخلق برب العالمين نصاً وإجماعاً، وإن كان الجواب: نعم. فكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.. قال تعالى: (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ))[الزمر:36]، وهذا عين السؤال المتقدم، فاختر لنفسك جواباً، فقال تعالى: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ))[النمل:62]. فاختر لنفسك جواباً واختر لنفسك مجيباً.

تعال -أخي الحبيب- للنظر في الكتاب المجيد وهو يبين لك بأن الله هو القريب المجيب وأن غير الله تعالى لا يسمع ولا يجيب:

قال تعالى: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186]، وقال تعالى: (( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ ))[الرعد:14]، وقال تعالى: (( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ))[الزمر:38]، وقال تعالى: (( وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ))[فاطر:14]، وقال تعالى: (( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ))[الأحقاف:5]، وقال تعالى: (( وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ))[القصص:64].

ومعرفة ذلك وإدراكه إنما يكون بمعرفة صفات المخلوقين ملائكة، وأنبياء، وأولياء، وصالحين، قال تعالى: (( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ ))[الأعراف:197]، فكم من نبي أوذي وكذب وقتل؛ قال تعالى: (( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ))[البقرة:87].

وقال تعالى: (( وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ ))[فاطر:22]، وقال تعالى: (( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ))[النحل:20-21]، وفي هذه الآية نكتة عجيبة وكشف شبهة مريبة، وهو قول أهل الإشراك والقبور: إن هذه الآيات في حجارة الأصنام بالذات في عزى ومناة واللات. فهل الأحجار تبعث من القبور؟! لو كانوا يفقهون، فإن هذه الحجارة إنما هي تماثيل الصالحين وصورتهم وما سمي اللات لاتاً إلا لأنه كان رجلاً صالحاً يلت السويق للحاج، ثم انظر إلى استخدام (الذين) أداة صلة موصولة بالعقلاء على الدوام وليس لها أي علاقة بالجمادات، فتأمل ذلك فإنها توصلك إلى الصواب بإذن الله. وقال جل وعلا في ذكر العباد المؤهلين من دون الله بأن صفات العبودية لازمة لهم على كل حال: (( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ))[المائدة:75-76]، فتأمل أخي الكريم في قوله: ((كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ)) فإنها قاعدة مضطردة في جميع المعبودات من دون الله، فإن الآية تبين أن عيسى عليه السلام وأمه كانا يأكلان الطعام، ولا شك أن الجميع يعلم أنهما كانا يأكلان الطعام، فلا بد أن الله تعالى أراد أن يبين بهذه الآية شيئاً آخر وهو: الإشارة إلى صفة الحاجة والفقر في المسيح وأمه، وإن الحاجة والفقر لا يليقان بالإله، فتعين كونهما مخلوقين عبدين لله وإنهما لا يملكان لأنفسهما ولا لغيرهما ضراً ولا نفعاً، لذلك جاءت الآية التي تلي هذه الآية مباشرة: (( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ))، فقس على ذلك باقي الأنبياء والصديقين والأولياء تحصل على الهداية والنجاة، وهذا تقرير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الأبواب في هذا الباب بطريق الأولى كما جاء في الكتاب:

قال تعالى: (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ))[الأعراف:188].

وقال تعالى: (( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا ))[الجن:21].

وقال تعالى: (( وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ))[المائدة:41].

وقال تعالى في الأولياء: (( فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا ))[الإسراء:56].

وقال تعالى: (( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ))[فاطر:13].

أبعد هذه الآيات البينات يبقى لذي لب وعقل أدنى شك أو ظن في الفارق الكبير بين صفات الخالق والمخلوق من الإغاثة، والإجابة، والخلق والحفظ والشفاء وإنها لا تنبغي لغير الله؟ فمن أولى بصفات: سميع.. بصير.. مجيب.. كاشف.. مغيث؟ آلله تعالى أم العبد المخلوق الفقير؟

فيا لله لو رأيت النساء والرجال عند قبور الأولياء من الأئمة والصالحين، وقد خشعت قلوبهم، وذلت رقابهم قد طؤطئت رءوسهم في ذلة وانكسار وبكاء وإلحاح وإصرار، رافعين أكف الضراعة إلى قاضي الحاجات ومجيب الدعوات ومغيث اللهفات، وهم يهزون شباك الضريح، يندبون ويصيحون: جئناك قاصدين، فلا تخذلنا، وطالبين فلا تردنا، منك نريد مرادنا، وأما غيرك فلا!!

ولو أدرت البصر ذات اليمين وذات الشمال أبصرت من الأحوال والأقوال ما تكاد تنشق له الأرض وتخر له الجبال هدا أن زعموا لله نداً.

فهذه تصرخ في الشباك هناك: يا أبا الحسن! انقطعت الأسباب، وعجز الطب والطبيب، وأغلقت دوني الأبواب، ولك عليّ القربان العظيم، وما أطلب منك إلا الولد، وإياك أدعو يا لاهوت الأبد!

وتلك تدعو: يا أبا فاضل! لقد طالت الأيام، وتباعد بي الزمان، أسألك الزواج في العاجل قبل الآجل، ولك عليّ الدهر كله لك وعنك أفاضل!

وأخرى تطلب الرزق والجاه، وآخر يطلب كشف الضر بعاجل الشفاء، وآجل التوفيق والعطاء!

وهم يتهامسون بينهم: اطلب كل شيء فهو يعطي الحاجة باليد، وادعوه على من شئت، فإنه ينتقم بالحال كما إن رأسه حارٍ يقصم كل طاغية وجبار دون تأخير أو خيار، ويسطرون لذلك الحكايات والقصص يحفظها الصغار والكبار.

وآخرون اتخذوا إلهاً آخر هم به يثقون، يدعونه في الشدة والغوث: يا جيلاني.. يا من سمعت صوت الفتاة من الهند إلى بغداد.. يا غياث المستغيثين بقبقاب؟! يا من يجيب الدعوات على اختلاف اللغات! إياك أرجو قضاء حاجتي أن تنفس كربتي، وجعلوا لكل إمام نصيبه من الناس، فهذا إمام العشيرة الفلانية.

وذاك سبع الدجيل فهو اختصاص في إغاثة أهل الدجيل.. وآخر للجزيزة، وآخر لعقم النساء، وآخر للشفاء، وتقطعوا أمرهم بينهم كل قوم بما عندهم من الأولياء والقبور فرحين.
يتبع
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
==============================
تحريف القرآن... وردم يأجوج ومأجوج

مدخل لابد منه:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه كلمات أكتبها لك أيها القارئ الكريم معطرة بالمودة ويفوح منها شذا المحبة. أخاطبك فيها، وأحادثك بها، وأخصك أنت بهذا الحديث؛ لأنك صاحب العقل المستنير الذي ترك التبعية فيما بدا له فيه الخطأ الزلل.

ما أقوله هنا ليس مجاملة أو مداهنة أو مداراة بل هو الحق؛ لأنك أتيت إلى "البرهان" تبحث عن الدليل والحجة والبيان، فإليك إياها مسطرة من كتب معتبرة حول قضية شائكة ومسألة عويصة ولكن … على من قلد واتبع من دون بحث أو تحر، أما أنت أيها المطلع الكريم فما أيسرها عليك حيث سيتبين لك ومن خلال الاستقراء فقط بطلانها وهشاشة أساسها؛ لأنك صاحب البصر والبصيرة. آن لك أن تسأل … ما هي القضية؟ وأين المسألة؟ فأقول:

هي قضية اعتقدها أكثر علماء الشيعة، بل ووردت في أمهات كتبهم، فهي عقيدة أساسية في المذهب الشيعي ألا وهي القول بـ"تحريف القرآن".

وخلاصة هذه العقيدة أن القرآن الموجود الآن محرف ومغير ومبدل، وهو على غير الصورة والهيئة التي أنزله الله سبحانه وتعالى بها.

وهذه العقيدة موجودة في كتب علماء الشيعة ومحدثيهم أصحاب الشأن وسوف أنقل بعض ما وجدته من كلام ورأيته من أقوال في المصادر الشيعية حول هذا الاعتقاد والذي بمجرد عرضه يتبنى لك يا صاحب النظر الثاقب والفكر النير بطلانه، كيف لا!! والله عز وجل يقول: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))[الحجر:9] فالله يقول: أنا أتكفل بحفظه وهذه العقيدة تقول: بل ضيع وما حفظ.

والله عز وجل يقول في القرآن (( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ))[فصلت:42] وهذه العقيدة تقول: بل أتاه الباطل من كل جانب.

هذا تذكير لي ولك أيها الحبيب وإلا فأنت أعلم بهذا الكلام مني، فهلم إلي وضع يدك في يدي لننطلق سوياً ونمضي معاً إلى هدف واحد أريده أنا كما تريده أنت، فهيا بنا لنسير على النهج السليم حتى نصل إلى الحق المبين مستعينين بالله رب العالمين ولنرفع أكفنا إليه ونقول: اللهم وفقنا إلى سبيل الهدى والرشاد، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

*تراجم شيوخ الشيعة القائلين بالتحريف

أيها القارئ: المعمل لفكره والمتأمل بعقله! قبل أن أسوق إليك أقوال هؤلاء العلماء في إثبات عقيدة القول بتحريف القرآن أترجم لبعضهم لتتعرف على مكانتهم لدى الشيعة وعظم قدرهم وأهمية علومهم وكتبهم وأنهم ليسوا من الرعاع بل من القادة والزعماء الذين أسسوا المذهب الشيعي –وكما قلت لك فهدفنا جميعاً هو الحق حيثما وجد- والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، والمؤمن مرآة أخيه، فإليك تراجم بعض من سأنقل عنهم القول بتحريف القرآن من المصادر والمراجع الشيعية ولك الحق في الرجوع إليها والبحث فيها إن شئت:

*أولاً: ترجمة القمي:

هو أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي المتوفى عام (307هـ) وله كتاب في التفسير اسمه (تفسير القمي).

قال المجلسي: (علي بن إبراهيم بن هاشم، أبو الحسن القمي من أجلة رواة الإمامية ومن أعظم مشايخهم أطبقت التراجم على جلالته ووثاقته، قال النجاشي في الفهرست: ثقة في الحديث ثبت معتمد سمع فأكثر وصنف كتباً) [مقدمة البحار، ص:128].

وقال الشيخ طيب الموسوي الجزائري في مقدمة تفسير القمي: "لا ريب في أن هذا التفسير الذي بين أيدينا من أقدم التفاسير التي وصلت إلينا، ولولا هذا لما كان متناً متيناً في هذا الفن، ولما سكن إليه جهابذة الزمن، فكم من تفسير قيم مقتبس من أخباره، ولم تره إلا منوراً بأنواره كالصافي ومجمع البيان والبرهان… ثم قال بعد ذلك: وبالجملة فإنه تفسير رباني، وتنوير شعشعاني، عميق المعاني، قوي المباني، عجيب في طوره، بعيد في غوره، لا يخرج مثله إلا من عالم، ولا يعقله إلا العالمون" [مقدمة تفسير القمي، بقلم طيب الموسوي الجزائري، ص:14-16].

ولعل في هذا القدر كفاية في بيان مكانته ومكانة تفسيره لدى الشيعة.

*ثانياً: ترجمة الكليني:

هو أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفى عام (328هـ) ومن مؤلفاته: الكافي.

قال الطوسي: (محمد بن يعقوب الكليني يكنى أبا جعفر الأعور جليل القدر، عالم بالأخبار، وله مصنفات منها الكافي) [انظر رجال الطوسي، ص:495].

وقال الأردبيلي: (محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني، خاله علان الكليني الرازي، وهو شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، صنف كتاب الكافي في عشرين سنة) [جامع الرواة (2/218)، الحلي، ص:145].

وقال آغابزرك الطهراني موثقاً الكافي: (الكافي في الحديث هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول لثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني ابن أخت علان الكليني المتوفي سنة (328هـ) ) [الذريعة (17/245)].

كما قيل في الكافي والثناء عليه: (هو أجل الكتب الإسلامية، وأعظم المصنفات الإمامية، والذي لم يعمل مثله، قال المولي محمد أمين الاسترآ بادي في محكى فوائده: سمعنا عن مشايخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه) [الكنى والألقاب للعباس القمي (3/98) ومثله في مستدرك الوسائل (3/532)].

وقيل أيضاً: (الكافي … أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها لاشتماله على الأصول من بينها وخلوه من الفضول وشينها) [الوافي (1/6)، وذكر نحو هذا المعنى صاحب المراجعات عبد الحسين الموسوي، انظر: مراجعة رقم:110].

وذكر الخوانساري أن المحدث النيسابوري قال في الكافي بعد الكلام على الكليني والثناء عليه: (وكتابه مستغن عن الإطراء؛ لأنه رضي الله عنه كان بمحضر من نوابه عليه السلام، وقد سأله بعض الشيعة من النائية تأليف كتاب (الكافي) لكونه بحضرة من يفاوضه ويذاكره ممن يثق بعلمه، فألف وصنف وشنف، وحكى أنه عرض عليه فقال: كاف لشيعتنا) [روضات الجنات (6/116)].

*ثالثاً: ترجمة باقر المجلسي:

هو محمد باقر المجلسي المتوفى سنة (1111هـ) ومن مؤلفاته: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار. وكتاب: مرآة العقول في شرح أخبار الرسول. وكتاب جلاء العيون، وكتاب الأربعين وغيرها من الكتب.

قال الأردبيلي: محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي مد ظله العالي، أستاذنا وشيخنا شيخ الإسلام والمسلمين، خاتم المجتهدين، الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة وحيد عصره، فريد دهره، ثقة ثبت عين كثير العلم جيد التصانيف، وأمره في علو قدره وعظم شأنه وسمو رتبته وتبحره في العلوم العقلية والنقلية ودقة نظره وإصابة رأيه وثقته وإمامته وعدالته أشهر من أن يذكر وفوق ما يحوم حوله العبارة… له كتب نفيسة… منها: كتاب بحار الأنوار المشتمل على جل أخبار الأئمة الأطهار وشرحها كتاب كبير قريب من ألف ألف بيت" [جامع الرواة (2/78-79) وتنقيح المقال للمامقاني (2/85)].

*رابعاً: ترجمة الشيخ المفيد:

هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المشهور بالمفيد والمتوفى عام (413هـ) ومن مؤلفاته: الإرشاد -أمالي المفيد- أوائل المقالات وغيرها.

قال يوسف البحراني في كتاب لؤلؤة البحرين (ص356-357): "قال شيخنا في الخلاصة: محمد بن محمد بن النعمان يكنى أبا عبد الله ويلقب بالمفيد… من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم وكل من تأخر عنه استفاد منه، وفضله أشهر من أن يوصف".

وقال عباس القمي: "شيخ مشايخ الجلة، ورئيس رؤساء الملة، وفخر الشيعة ومحيي الشريعة، ملهم الحق ودليله، ومنار الدين وسبيله، اجتمعت فيه خلال الفضل، انتهت إليه رئاسة الكل، واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته، كان رحمه الله كثير المحاسن، جم المناقب، حاضر الجواب، واسع الرواية، خبير الرواية بالأخبار والرجال والأشعار، وكان أوثق أهل زمانه بالحديث وأعرفهم بالفقه والكلام وكل من تأخر عنه استفاد منه" [الكنى والألقاب (3/164)].

*خامساً: ترجمة النوري الطبرسي:

هو حسين محمد تقي الدين النوري الطبرسي المتوفى سنة (1320هـ) ومن مؤلفاته:

مستدرك الوسائل –فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب [كتاب كامل يثبت فيه من روايات أئمة الشيعة المنسوبة إليهم أن التحريف واقع في القرآن وحشد لذلك مئات الروايات].

قال آغابزرك الطهراني: "الشيخ ميرزا حسين بن الميرزا محمد تقي بن الميرزا علي محمد تقي النوري الطبرسي إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة ومن أعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الإسلام في هذا القرن… كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر، فقد امتاز بعبقرية فذة وكان آية من آيات الله العجيبة، كمنت فيه مواهب غريبة، وملكات شريفة أهلته لأن يعد في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب، وحياته صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة، ومن تصانيفه: فصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب" [نقباء البشر (2/543،545،549،550)].

*نصوص علماء الشيعة في التحريف

أيها القارئ الكريم: ما سبق هذا تعريف ببعض من سأنقل كلامه وإن أردت الزيادة فعليك بكتب الرجال والتراجم لدى علماء الشيعة لتتعرف عليهم أكثر وتعرف قدرهم ومكانتهم وفقك الله لكل خير.

وإليك بعض ما ورد من الأقوال التي جاء بها التصريح بتحريف القرآن، وقد تركت نصوصاً صريحة خشية الإطالة والإملال، وتركت أقوالاً أخر لأنها لم تكن صريحة وإنما كان ما فيها تعريف أو تلميح فخذ هذا الصريح البين من الأقوال وأنت الحكم لأنك أهل لأن تحكم يا ذا الذهن المتوقد والفطنة الحية فاحكم على هذه النصوص واحداً بعد الآخر:

*النص الأول:

من كلام القمي في تفسيره (1/10) حيث قال: "وأما ما هو خلاف ما أنزل الله فهو قوله: [[((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ))[آل عمران:110]، فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: (خَيْرَ أُمَّةٍ)، يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهما السلام؟ فقيل له: وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أئمة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية: ((تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))]]".

ومثله آية قرئت على أبي عبد الله عليه السلام: [[ ((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا))[الفرقان:74] فقال أبو عبد الله عليه السلام: لقد سألوا الله عظيماً أن يجعلهم للمتقين إماماً. فقيل له: يا ابن رسول الله كيف نزلت؟ فقال: إنما نزلت: ((الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْ لنَا من المتقين إِمَامًا)) ]].

وقوله: [[ ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ))[الرعد:11]، فقال أبو عبد الله: كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه؟ فقيل له: وكيف ذلك يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت: ((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ خلفه ورقيب من بين يَدَيْهِ يَحْفَظُونَهُ بأَمْرِ اللَّهِ))]] ومثله كثير.

وأما ما هو محرف فهو قوله: (( لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ في علي أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ))[النساء:166]، وقوله: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ في علي وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ))[المائدة:67].

وقوله: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا آل محمد حقهم لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ))[النساء:168]، وقوله: ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمد حقهم أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ))[الشعراء:227]، وقوله: ((ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت)).

*النص الثاني:

ذكر الكليني في الكافي (1/457): عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [[وإن عندنا لمصحف فاطمة (ع) وما يدريهم ما مصحف فاطمة (ع)؟ قال: قلت وما مصحف فاطمة (ع)؟ قال: مصحف فاطمة فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد. قال: قلت هذا والله العالم]].

*النص الثالث:

ذكر الكليني في الكافي أيضاً (4/456): عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [[إن القرآن جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية]]. مع أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية فانظر إلى الفرق يا رعاك الله!!

*النص الرابع:

جاء في الكافي أيضاً (4/433): عن محمد بن سليمان عن بعض أصحابه عن أبي الحسن عليه السلام قال: [[قلت له: جعلت فداك! إنا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم ؟ فقال: لا؛ اقرءوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم]].

*النص الخامس:

ذكر أيضاً في الكافي (4/452): عن عبد الرحمن بن أبي هشام عن سالم بن سلمة قال: [[قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كف عن هذه القراءة. أقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم عليه السلام. فإذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام وقال: أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حين فرغ منه وكتبه، وقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وقد جمعته بين اللوحين فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع لا حاجة لنا فيه. فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً]].

*النص السادس:

ورد في الكافي أيضاً (1/441): عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: [[ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام]].

*النص السابع:

ورد في الكافي أيضاً (1/441): عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: [[ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء]].

*النص الثامن:

قال أبو القاسم الكوفي في كتابه الاستغاثة (ص:25) عند الكلام على أبي بكر الصديق رضي الله عنه: [ومن بدعه أنه لما أراد أن يجمع ما تهيأ من القرآن صرخ مناديه في المدينة: من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به، ثم قال: لا نقبل من أحد منه شيئاً إلا شاهدي عدل، وإنما أراد هذه الحال لئلا يقبلوا ما ألفه أمير المؤمنين عليه السلام إذ كان ألف في ذلك الوقت جميع القرآن بتمامه وكماله من ابتدائه إلى خاتمته على نسق تنزيله، فلم يقبل ذلك خوفاً أن يظهر فيه ما يفسد عليهم أمرهم فلذلك قالوا: لا نقبل القرآن من أحد إلا بشاهدي عدل] ا.هـ

*النص التاسع:

قال الشيخ المفيد في كتابه أوائل المقالات (ص:13): (واتفقوا –أي: الإمامية- على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تحريف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم).

*النص العاشر:

قال الأردبيلي في كتابه (حديقة الشيعة) (ص:118-119) بالفارسية نقلاً عن الشيعة والسنة (ص:137): (إن عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره على ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه على قراءة ذلك المصحف الذي ألفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره).

وقال البعض: إن عثمان أمر مروان بن الحكم وزياد بن سمرة الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله ما يرضيهم ويحذفا منه ما ليس بمرضٍ عندهم.

*النص الحادي عشر:

قال الطبرسي في كتابه الاحتجاج (1/370): (إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين، وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: (( الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا))[البقرة:79]، وبقوله: (( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ))[آل عمران:78] وبقوله: ((إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ))[النساء:108].

*النص الثاني عشر:

قال الطبرسي أيضاً في الاحتجاج (1/224): (ولما استخلف عمر سأل علياً أن يدفع لهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال أبا الحسن: إن كنت جئت به إلى أبي بكر فأت به إلينا حتى نجتمع عليه، فقال علي عليه السلام:هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا ما جئتنا به. إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي.

فقال عمر: فهل وقت لإظهار معلوم ؟ قال عليه السلام: نعم إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به).

*النص الثالث عشر:

يقول الطبرسي أيضاً (1/377-378) من كتاب الاحتجاج: (ولوشرحت لك كل ما أسقط وحرف وبدل وما يجري في هذا المجال لطال وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء).

*النص الرابع عشر:

ذكر الكاشاني في مقدمة تفسيره الصافي (1/32) بعد ذكر ما يفيد تحريف القرآن ونقصه من قبل الصحابة قال ما يلي: (المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها: اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع، ومنها: لفظة آل محمد صلى الله عليه وسلم غير مرة، ومنها: أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك، وأنه ليس على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وبه قال علي بن إبراهيم القمي) ا.هـ

*النص الخامس عشر:

قال الكاشاني أيضاً في الصافي (1/33): (لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن، إذا على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرفاً ومغيراً، ويكون على خلاف ما أنزل الله، فلم يبق لنا في القرآن حجة أصلاً فتنتفي فائدته، وفائدة الأمر باتباعه، والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك).

*النص السادس عشر:

يذكر الكاشاني أيضاً من سبقه ممن قال بالتحريف فيقول في الصافي أيضاً (1/34): (وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك -يعني: تحريف القرآن- فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن؛ لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ويتعرض للقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وأستاذه علي بن إبراهيم القمي، فإن تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، والشيخ الطبرسي فإنه أيضاً نسج على منوالها في كتاب الاحتجاج) ا.هـ

*النص السابع عشر:

قال المجلسي في مرآة العقول في شرح أحاديث الرسول الجزء الثاني عشر (ص:525) أثناء شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [[إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية]] قال عن هذا الحديث: (موثق في بعض النسخ هشام بن سالم، موضع هارون بن سالم فالخبر صحيح ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره، وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر) ا.هـ ومعنى كلامه: كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟

*النص الثامن عشر:

قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية (2/357) في كلامه حول القراءات السبع: (إن تسليم تواترها عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها).

*النص التاسع عشر:

ويقول الجزائري أيضاً في كلامه على من قال بعدم التحريف (2/358) من الأنوار النعمانية: (والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها: سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها؟!).

وهذايعني أن نفيهم للتحريف من باب التقية وليس اعتقاداً.

*النص العشرون:

ويزيد نعمة الله الجزائري في هذا الباب الكلام فيقول في الأنوار أيضاً (1/97): (ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا، كتغييرهم القرآن، وتحريف كلماته، وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول صلى الله عليه وسلم، والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين، وإظهار مساويهم كما سيأتي بيانه في نور القرآن).

*النص الحادي والعشرون:

قال أبو الحسن العاملي في مقدمة تفسيره (مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار، ص:36): (اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغيرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات، وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه إلا علي عليه السلام، وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن عليه الصلاة والسلام، وهكذا إلى أن وصل إلى القائم عليه السلام وهو اليوم عنده صلوات الله عليه).

ثم ذكر الفصول الأربعة التي اشتمل عليها كتابه حول إثبات تحريف القرآن، وفي الباب الرابع منها الرد على من قال بعدم التحريف من الشيعة كالسيد المرتضى والطبرسي صاحب مجمع البيان.

*النص الثاني والعشرون:

قال الخراساني -وهو من علماء القرن الرابع عشر- في كتابه: بيان السعادة في مقامات العباد (1/12): (اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة، والتحريف والتغيير فيه، بحيث لا يكاد يقع شك في صدور بعضها منهم).

والمقصود بهذا الكلام القرآن الكريم!!

*النص الثالث والعشرون:

قال النوري الطبرسي في كتابه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، ص:31): (قال السيد الجزائري ما معناه: إن الأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن).

*النص الرابع والعشرون:

ذكر الطبرسي أيضاً في كتابه "فصل الخطاب" أقوال علمائهم في تحريف القرآن (ص:29) وما بعدها فقال: (وقال الفاضل الشيخ يحيى تلميذ الكركي في كتابه الإمامة في الطعن التاسع على الثالث بعد كلام له ما لفظه: "مع إجماع أهل القبلة من الخاص والعام أن هذا القرآن الذي في أيدي الناس ليس هو القرآن كله، وأنه قد ذهب من القرآن ما ليس في أيدي الناس").

ومعلوم عند السنة والشيعة أن الثالث هو عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث رضي الله عنه.

*النص الخامس والعشرون:

قال نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية (2/363): (فإن قلت: كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير؟ قلت: قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها، والعمل بأحكامه، حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام، فيقرأ ويعمل بأحكامه).

*النص السادس والعشرون:

قال المفيد في أوائل المقالات (ص:91) دار الكتاب الإسلامي بيروت: (إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه الظالمين -كذا كتبت- فيه من الحذف والنقصان).

*النص السابع والعشرون:

قال العلامة الحجة السيد عدنان البحراني في كتاب (مشارق الشموس الدرية) (ص:126) بعد أن ذكر الروايات التي تفيد التحريف في نظره: (الأخبار التي لا تحصى كثيرة، و قد تجاوزت حد التواتر، ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين، وكونه من المسلمات عند الصحابة والتابعين، بل وإجماع الفرقة المحقة، وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم).

*النص الثامن والعشرون:

قال العلامة المحدث الشهير يوسف البحراني في كتابه (الدرر النجفية) (ص:298) بعد ذكر الأخبار الدالة على تحريف القرآن في نظره قال: (لا يخفى ما في هذه الأخبار من الدلالة الصريحة، والمقالة الفصيحة على ما اخترناه ووضوح ما قلناه، ولو تطرق الطعن إلى هذه الأخبار على كثرتها وانتشارها لأمكن الطعن إلى أخبار الشريعة كلها، كما لا يخفى إذا الأصول واحدة وكذا الطرق والرواة والمشايخ والنقلة، ولعمري إن القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج من حسن الظن بأئمة الجور وأنهم لم يخونوا في الأمانة الكبرى، مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى التي هي أشد ضرراً على الدين).

*النص التاسع والعشرون:

قال أبو الحسن العاملي في المقدمة الثانية -الفصل الرابع التفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار: (وعندي في وضوح صحة هذا القول -تحريف القرآن وتغييره- بعد تتبع الأخبار، وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع، وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة).

*النص الثلاثون:

روى العياشي في تفسيره (1/25)، منشورات الأعلمي- بيروت) عن أبي جعفر أنه قال: [[لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى، ولو قام قائمنا فنطق صدقه القرآن]].

*النص الواحد والثلاثون:

قال الحاج كريم الكرماني الملقب بمرشد الأنام في كتابه (إرشاد العوام) (3/221)، باللغة الفارسية: (إن الإمام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن فيقول: أيها المسلمون! هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله على محمد والذي حُرف وبُدل)

*النص الثاني والثلاثون:

قال ملا محمد تقي الكاشاني في كتاب هداية الطالبين (ص:368) باللغة الفارسية ما نصه: (إن عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه وهو عدواً لعلي أن يجمع القرآن، ويحذف منه مناقب آل البيت، وذم أعدائهم، والقرآن الموجود حالياً في أيدي الناس، والمعروف بمصحف عثمان، هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان).

*علماء الشيعة القائلون بعدم تحريف القرآن

وبعد هذه النصوص لأعظم علماء الشيعة بل من أسس المذهب، وبناء على قواعد الكتب التي ألفها هل يوجد من علماء الشيعة من نفى هذه العقيدة؟!

الجواب: هو نعم، هناك من فندها من العلماء المعتبرين في بعض المواضع؛ لأنه ليس من عادتي أخذ ما أريد وترك ما لا أحب، بل أقول الحق ولو على نفسي، وهؤلاء العلماء واستثناهم علماء الشيعة الذين نقلوا القول بتحريف القرآن ممن قال بذلك، فنفوا القول بهذه العقيدة عن العلماء الآتية أسماؤهم:

(أبو جعفر محمد الطوسي، أبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان، والشريف المرتضى، أبو جعفر ابن بابويه القمي "الصديق") وممن ذكر ذلك النوري الطبرسي في كتابه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب (ص:23) حيث قال:

(القول بعدم وقوع التغيير والنقصان فيه -أي القرآن- وأن جميع ما نزل على رسول الله هو الموجود بأيدي الناس فيما بين الدفتين، وإليه ذهب الصدوق في فائدة، وسيد المرتضى، وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان، ولم يعرف من القدماء موافق لهم).

وقال نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية (2/357): (مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها -أي أخبار التحريف- والتصديق بها، نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير، ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل).

*تساؤل وجواب:

ولكن هل من سبق بيان قولهم في التحريف وأنه غير موجود قول صادر عن قناعة وعقيدة أم أنها طلب للأجر وكمال الإيمان بالتقية التي قال فيها أبو عبد الله كما يُنسب له عليه السلام: [[لا إيمان لمن لا تقية له]] كما في (أصول الكافي (2/222) وقال فيها أيضاً: [[يا أبا عمر! إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له]] (أصول الكافي (2/220) )؟!

الجواب مع الأسف: إنها التقية كما بين ذلك من نقل عقيدتهم فيما سبق، حيث قال النوري الطبرسي في كتابه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) (ص:38):

(لا يخفى على المتأمل في كتابه التبيان للطوسي أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين).

ثم أتى ببرهان ليثبت كلامه فقال: (وما قاله السيد الجليل علي بن طاوس في كتابه (سعد السعود) إذ قال: ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر الطوسي في كتابه (التبيان) وحملته التقية على الاقتصار عليه".

وكذلك نعمة الله الجزائري يقول في كتابه الأنوار النعمانية (2/357، 358): (والظاهر أن هذا القول -إنكار التحريف- إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها: سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها). وهذا الكلام من الجزائري يبين أن إنكار التحريف إنما صدر لأجل مصالح أخرى وليس عن عقيدة.

*أخيراً:

كم يعجبني ذلك الرجل الذي أعمل فكره بنفسه، ولم يعط عقله لغيره، بل تأمل بنفسه وتدبر بذاته، واتبع ما تبين له الصواب فيه، وأرجو أن تكون منهم أيها القارئ المبدع! أيها الباحث عن الحق -كما اتفقنا أولاً- ولا أدل على ذلك من كونك تأتي إلى البرهان تريد الحق مع الحجة والبيان، فأهلاً ومرحباً مرتاداً دائماً لهذا ال، زائراً له الآن ومن المساهمين فيه بعد آن …. وإلى لقاء جديد في صفحة أخرى.
==============================
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
الشيعة والقرآن
الشيخ/ محمد حسان

** مقدمة **

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله و أصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الذي جمعنا مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ثم أما بعد:

فنحن الليلة بإذن الله جل وعلا على موعد مع الدرس السادس عشر من دروس سلسلة الإيمان باليوم الآخر، كدرس خامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ضمن دروس العقيدة لمعهد إعداد الدعاة، ولا زال حديثنا ممتداً عن الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ظهورها قبل قيام الساعة، وأنهيت الحديث بفضل الله جل وعلا وتوفيقه في المحاضرة الماضية عن الفتنة الكبرى التي وقعت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وذكرت بأنه قد خرج من فريق علي رضي الله عنه فريق آخر وفتنة أخرى، هي فتنة خطيرة لا تقل خطراً عن فتنة الخوارج، بل إنها الآن أشد خطراً من فتنة الخوارج، ألا وهي فتنة ظهور الشيعة، وأرجو أن تركزوا معي جيداً في هذه المحاضرات التي أسأل الله جل وعلا أن ينفع بها، والتي أستهلها من الليلة بإذن الله تعالى في الحديث عن الفرقة الأخرى التي خرجت بعد فتنة الخوارج أو بعد قضية التحكيم.

** تعريف الشيعة لغة **

وسأقف مع حضراتكم مع هذه الفرقة الضالة منذ بداية نشأتها، تلكم الفرقة هي الشيعة، والشيعة في اللغة بمعنى الأتباع والأنصار، كما جاء في القاموس: شيعة الرجل بكسر الشين، أي: أتباعه وأنصاره، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، وكل من عاون إنساناً وتحزب له فهو شيعة، أي: فهو له عون ونصير، هذا هو المعنى اللغوي للفظة شيعة، قال الأزهري: معنى الشيعة: الذين يبع بعضهم بعضاً، وليس كلهم متفقين، وهذا معنى إضافي جديد، ليس بالضرورة أن يكون كل هؤلاء متفقين، فالتشيع بمعناه اللغوي: المناصرة والمعاونة والمتابعة، أو الاجتماع على أمر، أو التحزب لشخص ما.

** تعريف الشيعة اصطلاحاً كما قال المفيد **

لكن الشيعة في الاصطلاح كما يقول شيخ الشيعة وعالمها في زمنه المفيد والمفيد هو أبو عبد الله –وأرجو أن تركزوا معي؛ فمثل هذه المسميات والأسماء سأحتاج إليها بعد ذلك بإذن الله تعالى -وهو عالم من علماء الشيعة الأكابر عندهم، من هو المفيد؟

هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالمفيد، من كبار مشايخ الشيعة، يقول المفيد: لفظ الشيعة يطلق على أتباع أمير المؤمنين علي، على سبيل الولاء والاعتقاد بإمامته –اسمع وانتبه لكل لفظة- والاعتقاد بإمامته –أي: بإمامة علي- بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. وليس بعد أبي بكر وعمر وعثمان.

ثم يقول: (بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بلا فصل)، ونفى الإمامة عمن تقدمه في مقام الخلافة، أي: عن أبي بكر وعمر وعثمان، ويوضح المفيد أيضاً هذا التعريف بشيء من التفصيل في كتابه الموسوم بالإرشاد (ص:12)، ولن أنقل كلاماً عن الشيعة إلا من كتبهم المعتمدة؛ حتى لا نتهم بأننا نشوش على هؤلاء، أو ننسب إليهم كلاماً من عند أنفسنا، أو من عند علماء أهل السنة والجماعة، لا، بل سأنقل لكم معتقد القوم الفاسد الباطل من كتبهم المشهورة المعتمدة، وسوف أذكر إن شاء الله تعالى كل كتاب، بل برقم الصفحة؛ للضرورة ليس من باب استعراض العضلات، لا والله، وإنما من باب دمغ القوم بالحجة؛ حتى لا نتهم بأننا نلقي التهم جزافاً، ونستشهد بمثل هذه الأقوال من كلام علمائنا من أئمة أهل السنة والجماعة.

يقول المفيد في كتابه الموسوم الإرشاد (ص:12): وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وسلم -اسمع- ثلاثين سنة. يعني: إمامة علي بعد موت النبي مباشرة، منها: أربعة وعشرون سنة وستة أشهر كان ممنوعاً من التصرف في أحكامها –أي: في أحكام الإمامة- مستعملاً للتقية –وهذا أصل من أصول الشيعة، سأشرحه كذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى- والمداراة، ومنها: خمس سنين وستة أشهر ممتحناً بجهاد المنافقين الناكثين والقاسطين والمارقين.

واضح من النص أن الشيعة يثبتون إمامة علي رضي الله عنه بعد موت النبي مباشرة، فيقصدون بالأربع وعشرين سنة وستة أشهر التي ظل فيها علي رضوان الله عليه ممتنعاً من التصرف في أحكام الإمامة، يقصدون بها المدة التي تولى الإمامة والخلافة فيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ثم ذكر فترة خلافة علي وقال: ومنها: خمس سنين وستة أشهر كان علي رضوان الله عليه في هذه المدة ممتحناً بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين. والمراد بالناكثين: الذين بايعوا علياً ونكثوا بيعته في البصرة، ويقصد بالقاسطين: فريق معاوية رضوان الله عليه؛ لأنه الفريق القاسط أي: الباغي أو الظالم، ويقصد بالمارقين: الخوارج الذين خرجوا على علي في الوان، ومضطهداً بفتن الضالين –اسمع- كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر سنة من نبوته ممنوعاً من أحكامها –أي: من أحكام النبوة- خائفاً ومحبوساً وهارباً، ومطروداً لا يتمكن من جهاد الكافرين، ولا يستطيع دفعاً عن المؤمنين.

ثم هاجر –أي: النبي صلى الله عليه وسلم- وأقام بعد الهجرة عشر سنين مجاهداً للمشركين ممتحناً بالمنافقين، إلى أن قبضه الله عز وجل وأسكنه جنات النعيم. هذا كلام شيخ كبير من مشايخ الشيعة، ألا وهو المفيد كما ذكرت آنفاً.

** تعريف الشيعة عند الشهرستاني **

ويقدم الإمام الشهرستاني رحمه الله تعالى في كتابه الماتع (الملل والنحل) تعريفاً يعد من أشمل التعريفات للشيعة، فيقول: الشيعة هم الذين شايعوا علياً -شايعوا بمعنى ناصروا- رضي الله عنه على وجه الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصية -ونصاً: أي: نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته وإمامته من بعده، ووصية أي: أوصى النبي بذلك قبل موته، تدبروا كل لفظة-.

إما جلياً وإما خفياً، فمنهم من يظهر هذا، ومنهم من يخفي هذا؛ اعتقاداً منهم لأصل من أصولهم ألا وهو التقية –بفتح التاء وتشديد القاف، ولا حرج أن تضم على وجه من أوجه اللغة- واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاد علي، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده، وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة -أي: لا ينبغي أن تترك هذه القضية الكبيرة لعوام المسلمين يختاروا فيها من يشاءون ومن يعتقدون، لا يعتقدون هذا- وينتصب الإمام بنصبهم –أي: بنصب العامة له، لا- بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين الذي لا يجوز للرسول عليه الصلاة والسلام إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة وإرساله، ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة –وجوباً- عن الكبائر والصغائر، والقول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حال التقية، ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك. والزيدية فرقة سأبين مجمل معتقدها الليلة إن شاء الله تعالى.

هذا تعريف الإمام الشهرستاني للشيعة اصطلاحاً، وسنرى أيضاً أن الشيعة الإثني عشرية يقولون بعقائد أخرى؛ كالغيبة، والرجعة، والبداء، وكل هذه الألفاظ سأفصلها تفصيلاً بإذن الله تعالى.

** تعريف الشيعة عند الأشعري **

لكننا نرى إماماً من أئمة أهل السنة -وهو أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى- يعرف الشيعة تعريفاً مقتضباً، فيقول: الشيعة إنما قيل لهم شيعة؛ لأنهم شايعوا -أي: ناصروا- علياً رضي الله عنه، وقدموه على سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الفرقة التي يتكلم عنها الإمام الأشعري لها مسمى آخر، تسمى هذه الفرقة من فرق الشيعة باسم المفضلة، أي: الذين فضلوا علياً على سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التعريف يصح وينطبق تماماً على أول فرق التشيع ممن ناصروا علياً رضي الله عنه، لكن سنرى الآن بإذن الله تعالى أن هذا التعريف قد تطور بأطوار ومراحل مختلفة، سنقف عليها إن شاء الله تعالى.

وبتعريف آخر للمفضلة: هم الذين يفضلون علي رضي الله عنه على أبي بكر وعمر وسائر أصحاب النبي رضوان الله عليهم جميعاً، والشيعة الإثنا عشرية لا يعتبرون مجرد تقديم علي رضوان الله عليه على سائر أصحاب النبي كافياً في التشيع، وإنما لابد من الاعتقاد بأن خلافة علي بعد رسول الله مباشرة بالنص والاعتقاد أي أنها قد بدأت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى استشهاده رضي الله عنه.

** تعريف الشيعة في نظر الشيخ (المحاضر) **

والتحقيق -أيها الإخوة- من خلال قراءاتي في كثير من مراجع الشيعة ومراجع السنة طيلة الأيام الماضية، التحقيق أن التعريف الدقيق للشيعة مرتبط أساساً بأطوار نشأتها، ولأجل أن نقف على تعريف دقيق للشيعة؛ لا بد وأن نقف مع أطوار نشأتهم، فإن الشيعة قد مروا بكثير من المراحل العقدية والمذهبية، ولهذا كانوا في الصدر الأول في عهد علي وعثمان قبله رضوان الله عليهما لا يسمى المرء شيعياً إلا إن قدم علياً على عثمان، وهذا طور من الأطوار المهمة جداً؛ لنتعرف بعد ذلك على حجم الانحراف الذي وقع فيه الشيعة. كان لا يسمى الرجل شيعياً في أول الأمر إلا قدم علياً على عثمان، بل كان يقال لمن يقدم عثمان رضي الله عنه على علي: عثماني، ويقال لمن يقدم علياً على عثمان: شيعي، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -طيب الله ثراه- في منهاج السنة: إن الشيعة الأولى الذين كانوا على عهد علي رضي الله عنه، كانوا يفضلون أبا بكر وعمر على علي –وهذا التفضيل لابد منه- ولما سأل سائل شريك بن عبد الله -وشريك بن عبد الله هو ابن أبي نمر القرشي، أبو عبد الله المدني، وهو من الشيعة- فقال له: أيهما أفضل أبو بكر أم علي؟ فقال له: أبو بكر، فقال له السائل: تقول هذا وأنت شيعي؟ فقال له: نعم، ومن لم يفعل هذا فليس شيعياً. هذا على التأصيل الأول الذي ذكرت أن الشيعي كان يعرف بمن يقدم علي على عثمان فقط، فشريك يقول: نعم أقول بتفضيل أبي بكر على علي، ومن لم يقل بهذا فليس شيعياً، والله لقد رقى علي هذه الأعواد -يعني: أعواد المنبر- وقال: [[ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر]]. هذا قسم من علي رضي الله عنه، وفيه آثار كثيرة صحيحة يثبت فيها تفضيل أبي بكر وعمر عليه، يقول شريك بن عبد الله: فكيف نرد قوله -أي: كيف نرد قول علي- وكيف نكذبه، والله ما كان علي كذاباً.

ويقول أبو إسحاق السبيعي، وهو شيخ الكوفة وعالمها -ولفظة: (وهو شيخ الكوفة) لها مغزى ولها مدلول- يقول رحمه الله تعالى: خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما على علي، وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون، ووالله لا أدري ما يقولون. يقصد أنهم بدءوا يفضلون علي على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين.

وقال ليث بن أبي سليم: أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحداً. ثم أخذ التشيع –هذا هو الطور الأول- أبعاداً أخرى خطيرة؛ كرفض خلافة الشيخين: أبي بكر وعمر، وشتم وسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والطعن فيهم، وادعاء العصمة لآل بيت النبي، والإيمان بالرجعة والوصية، والبداء، والغيبة، وغيرها من المعتقدات الباطلة التي لا يقرها الإسلام، ومن هنا –اسمع- أطلق على الشيعة أصحاب هذا المنهج الروافض أو الرافضة. تنبهتم لهذا؟ حتى نعرف كيف أتت كلمة الرافضة؟ وماذا يراد بها؟

أقول -وأكرر ما قلت-: ثم أخذ التشيع أبعاداً أخرى خطيرة؛ كرفض خلافة الشيخين أبي بكر وعمر، وشتم وسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والطعن فيهم، وادعاء العصمة لآل بيت النبي، والإيمان بالرجعة والوصية، والبداء والغيبة –وكل هذه الأصول ستفصل بإذن الله تعالى- وغيرها من المعتقدات الباطلة التي لا يقرها الإسلام، ومن هنا أطلق على الشيعة أصحاب هذا المنهج: الروافض أو الرافضة، وهم ينقسمون –أي: الروافض- إلى فرق كثيرة جداً، حتى قال المسعودي رحمه الله تعالى في كتاب مروج الذهب: إن طوائف الشيعة بلغت ثلاثاً وسبعين فرقة، بل ومن أهل العلم -كالمقريزي مثلاً- من قال: إن طوائف الشيعة بلغت ما يقرب من ثلاثمائة فرقة. فإذاً: هي فرق كثيرة جداً، وأنا لن أتعرض للحديث عنها، أو عن فروعها، وإنما سأتكلم إن شاء الله تعالى عن أصول الفرق، بل عن أشهر هذه الفرق الموجودة في الأرض اليوم، فمجمل هذه الفرق كما قال أهل العلم -كالشهرستاني وغيره-: الإسماعيلية والزيدية والجعفرية، والجعفرية هي: الإثنا عشرية، أو الإمامية، وكل هذه مصطلحات ومسميات لطائفة الشيعة الإثني عشرية، فأرجو أن تنتبهوا معي وتركزوا معي أيها الأحبة الفضلاء.

• الشيعة الإسماعيلية:

أولاً -بإيجاز شديد جداً- أتكلم عن الإسماعيلية والزيدية -ولن أطيل- في دقائق معدودات؛ لأتحدث بعد ذلك إن شاء الله تعالى عن الفرقة المشهورة الكبيرة، التي ملأت الأرض اليوم، ألا وهي فرقة الإثني عشرية الإسماعيلية، كفرقة من فرق الشيعة، وهي فرقة من الفرق الكبيرة، وهي الفرقة التي قالت بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، وبإمامة محمد بن إسماعيل من بعده، وسميت بالإسماعيلية لذلك؛ لأنها تقول بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، ثم بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، فسميت بالإسماعيلية نسبة إليه.

مجمل معتقدها -بإيجاز شديد جداً- كما قال الإمام الغزالي صاحب الإحياء، في كتاب له في فضح معتقد الشيعة من الإسماعيلية سماه بفضائح الباطنية، وهو كتاب قوي جداً في هذا الباب، يقول: مجمل معتقد الإسماعيلية، أنه مظهر ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض، ومفتتحه حصر مدارك العلوم في قوله: الإمام المعصوم، ثم فصل بعد ذلك القول في معتقدهم، لا أريد أن أقف مع هذا؛ لأنني أريد أن أقف مع أخطر فرقة نراها على ظهر الأرض اليوم.

وقال الإمام ابن الجوزي في كتابه الماتع تلبيس إبليس، قال: فمحصول قولهم تعطيل الصانع، وإبطال النبوة والعبادات، وإنكار البعث، ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم، بل يزعمون أن الله حق، وأن محمداً رسول الله، لكنهم يقولون: لذلك سر غير ظاهر، وقد تلاعب بهم إبليس، فبالغ وحسن لهم مذاهب مختلفة.

وقال الإمام الرازي في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: اعلم أن الفساد اللازم من هؤلاء –يعني: من الإسماعيلية الباطنية- على الدين الحنيفي أكثر من الفساد اللازم عليه من جميع الكفار، وهم عدة فرق، ومقصودهم -على الإطلاق- إبطال الشريعة، ونفي الصانع، ولا يؤمنون بشيء من الملل، ولا يعترفون بالقيامة، إلا أنهم لا يتظاهرون بهذه الأشياء إلا بالآخرة.

ومن الإسماعيلية -يا إخوة- انبثقت فرق كثيرة حتى لا نغتر بالمسميات، فلا مشاحة في الاصطلاح كالقرامطة والحشاشون والفاطميون الذين خربوا معتقد أهل مصر؛ بحجة أنهم كانوا يرفعون راية حب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والعجيب أنه قد خرج علينا من أهل العلم في عصرنا ممن يشار إليهم بالبنان من يدافع عن الباطنيين، وعن معتقداتهم الفاسدة والباطلة، فكل ما نجنيه الآن من ثمار مرة من ثمار البدع المرة؛ ما أدخلها إلى مصر -بعد الفتح الإسلامي- إلا الفاطميون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمن الإسماعيلية انبثقت القرامطة والحشاشون- والحشاشون هؤلاء فرقة، وليس المراد بالحشاشين ما يتبادر إلى الذهن عند سماعها.

والفاطميون والدروز وغيرهم، وللإسماعيلية فرق متعددة ووجوه مختلفة وألقاب كثيرة، يقول الشهرستاني: وأشهر ألقابهم: الباطنية، وإنما لزمهم هذا اللقب؛ لحكمهم بأن لكل ظاهر باطناً، ومسألة التأويل الباطني جعلوها رسالة جديدة، حملها الأئمة بعد أيام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ الظاهر. يقولون: هذه الرسالة رسالة توضيح باطن النصوص، فالنصوص لها ظاهر ولها باطن. وأرجو أن تركزوا معي في كل كلمة، فوالله إن لكل كلمة معنى ومغزى، فالمراد أن الأخذ بالباطن هذا لا يكون إلا للأئمة، أما الظاهر فهذه وظيفة الرسول، فالرسول ما عليه إلا أن يأتي بالنص، إما الغوص في درر النص، والوقوف على كوامنه من الفتوحات والإشراقات والإلهامات؛ فهذا لا يكون إلا للأئمة، وسلك هذا الدرب الصوفية، فلا يمكن البتة أن تظهر فرقة شيعية إلا وهي ملتحفة بعباءة الصوفية، كادعاء حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد جاء في أحد الرسائل الإسماعيلية أنه لما كان الدين ظاهراً، هذه أربع رسائل إسماعيلية الرسالة الأولى في مسائل مجموعة من الحقائق والأسرار (ص:30) يقول: لما كان الدين ظاهراً وباطناً؛ قام النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الظاهر، وصرف إلى وصيه -أي: إلى الإمام الذي أوصى النبي بإمامته من بعده-.

وعلم التأويل هو معجزة الأئمة، كما أن علم التنزيل هو معجزة الرسول –أي: القرآن- وهم يحاولون بهذه الوسيلة هدم كل النصوص التي قام عليها كيان الإسلام، يذكر الكوثري -في كتاب: مقدمة في كشف أسرار الباطنية- عدداً من ألقابهم، فيقول: إنهم يسمون في مصر بالعبيدية؛ نسبة إلى عبيد المعرور، وبالشام بالنصيرية والدروز والتيامنة، وفي فلسطين بالبهائية، وفي الهند بالبهرة والإسماعيلية، وفي اليمن باليامية، نسبة إلى قبيلة في اليمن مشهورة بهذه الاسم، وفي بلد الأكراد يعرفون ويسمون بالعلوية، حيث يقولون: علي هو الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ويعرفون ويسمون في بلاد الترك بالبكداشية والقزلباشية، وعلى اختلاف منازعهم، وفي بلاد العجم يعرفون بالبابية، ولهم فروع إلى يومنا هذا، تلبس لكل قرن لبوسه، وتظهر لكل قوم بمظهر تقضي به البيئة، وقدماؤهم كانوا يسمون أنفسهم بالإسماعيلية، باعتبار تميزهم عن فرق الشيعة الأخرى بهذا الإسلام، أي: لانتسابهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، هذا بإيجاز شديد جداً عن فرقة الإسماعيلية كفرقة كبيرة من فرق الشيعة.

• الشيعة الزيدية:

أما الفرقة الثانية: فهي فرقة الزيدية، والزيدية هم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد افترقوا عن الإمامية الرافضة أو الجعفرية، حينما سئل زيد بن علي بن الحسن بن علي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال زيد فترضى عنهما، أي: قال على أبي بكر وعمر: رضي الله عنهما، وأثنى عليهما خيراً، فلما سمعوا زيداً يقول ذلك؛ رفضوه لرفضه أن يسب أبا بكر وعمر، فسموا بالرافضة أو الروافض، فهم الذين انشقوا على فرقة الزيدية؛ لأن زيداً أبى أن يسب أبا بكر وعمر، بل ولما سئل عنهما ترضى عنهما وأثنى عليهما خيراً، فسمي من لم يرفض من الشيعة زيدياً؛ لانتسابهم إليه، وذلك في آخر خلافة هشام بن عبد الملك سنة (222 أو سنة 221 هـ)، على الراجح من أقوال أهل السيرة والتاريخ.

* الإمامة عند الزيدية:

والزيدية كما يقول الشهرستاني: ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها، ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم، إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماماً واجب الطاعة، سواء كان من أولاد الحسن، أومن أولاد الحسين رضي الله عنهما، وجوزوا إمامة المفضول مع وجود الفاضل، ومذهب الزيدية المعتدلة أو الزيدية الحقيقة في الصحابة؛ هو الترضي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما ينقل ذلك ابن الوزير عن الإمام الكبير المنصور بالله -وهو من أئمة الزيدية الكبار باليمن- أنه قال في الرسالة الإمامية في الجواب عن المسائل التهامية: أما ما ذكره المتكلم عنا من تضعيف آراء الصحابة، فعذرنا أنهم أشرف قدراً، وأعلى أمراً، وأرفع ذكراً من أن تكون ضعيفة، أو موازينهم في الشرف والدين خفيفة، فلو كان كذلك لما اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومالوا عن إلف دين الآباء والأتراب والقرباء، إلى أمر لم يسبق لهم به أنس، ولم يسمع له ذكر، شاق على القلوب، ثقيل على النفوس، فهم خير الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده، فرضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام خيراً، إلى أن قال –أي: الإمام الكبير المنصور بالله فهذا مذهبنا لم نكتمه تقية، كيف وموجبها سائل، ومن هو دوننا مكاناً وقدرة يسب ويلعن ويذم ويطعن، ونحن إلى سبحانه من فعله براء، وهذا ما يقضي به علم آبائنا منا إلى علي عليه السلام، وإلى قوله، وفي هذه الجهة من يرى محض الولاء بسب الصحابة رضي الله عنهم، والبراءة منهم، فهذا قد تبرأ من محمد من حيث لا يعلم. هذا كلام إمام من أئمة الزيدية المعتدلين؛ الإمام المنصور بالله.

ولكن -يا إخوة- للأمانة: في الزيدية من هو رافضي قح، يقدم علياً على أبي بكر وعمر، بل ويسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ومذهبه في الصحابة كمذهب الرافضة تماماً، كالطائفة المعروفة المشهورة بالجارودية، هذه الطائفة -من بين طوائف الزيدية- يعتقدون مذهب ومعتقد الإمامية أو الجعفرية أو الإثني عشرية في سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يذكر الإمام الشهرستاني في كتابه الماتع: الملل والنحل فيقول: إن أكثر الزيدية طعنت في الصحابة طعن الإمامية، ويقول إمام كبير من أئمتهم، وهو صالح بن مهدي بن علي المقبلي الصنعاني ثم المكي، يقول: إن الزيدية ليس لهم قاعدة محددة، فإنهم أحياناً يطعنون في بعض خيار الصحابة؛ كأبي هريرة، وجرير بن عبد الله البجلي، وأم المؤمنين حبيبة رضي الله عنهم؛ لأن هؤلاء رووا ما يخالف هواهم، وإذا جاءهم الحديث على ما يوافق هواهم؛ قبلوه من طريق ذلك الصحابي، وإن كان أقل فضلاً ورتبة ممن طعنوا فيه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ويتحدث أيضاً المقبلي فيقول: إنه قد سرى داء الإمامية في الزيدية في هذه الأعصار، وهو تكفير الصحابة ومن والاهم، صانهم الله تعالى، ولعل هذه الظاهرة -اعتناق الزيدية لمذهب الرفض- هي التي جعلت بعضهم يقول: جئني بزيدي صغير؛ أخرج لك منه رافضياً كبيراً.

* عصمة أهل الكساء عند الزيدية:

ومن عقائد الزيدية: قولهم بعصمة فاطمة وعلي والحسين، ونحن نعلم أن العصمة للنبي صلى الله لعيه وسلم وحده، فمن معتقدهم أنهم يقولون بالعصمة لعلي وفاطمة والحسين رضي الله عنهم، ويقول يحيى بن حمزة بن علي الهاشمي اليمني -وهو من أكابر أئمة الزيدية أيضاً يقول-: إن معظم فرق الزيدية يقولون بالنص على إمامة الثلاثة –يعني: أن النبي قد نص قبل موته على إمامة علي ثم الحسن ثم الحسين رضي الله عنهم- ويعتقدون ثبوت إمامة من عداهم من أولادهم –أي: من أولاد علي: من أولاد الحسن أو الحسين- ويسمون بالإثني عشرية؛ لأنهم يقولون بأن الأئمة بعد الرسول اثنا عشر إماماً، وهم: علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين –وهو المشهور بزين العابدين- ومحمد الباقر، وجعفر الصاق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، والمهدي المنتظر، هؤلاء هم الأئمة الاثنا عشر عند هذه الفرقة التي تسمى بفرقة الإثني عشرية أو الإمامية أو الروافض، ويسمون أيضاً بالجعفرية؛ نسبة إلى جعفر الصادق، وهو الإمام السادس من الأئمة الذين ذكرت.

أما سبب تسميتهم بالروافض؛ فقد ذكرت قبل ذلك أنهم سموا بالروافض حينما رفض زيد أن يسب أبا بكر وعمر، فرفضوا مذهبه ومذهب من تابعه، وانشقوا عنه، فسموا حينئذٍ بالروافض.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يعلق على تعريف الإمام أبي الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين حينما قال: إنما سمي الروافض بالرافضة؛ لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر، قلت: الصحيح بأنهم سموا رافضة لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لما خرج بالكوفة أيام هشام بن عبد الملك. وذكرت أنهم ما رفضوه إلا لترضيه على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وهذه الطائفة -يا إخوة- طائفة الإمامية أو الجعفرية أو الإثني عشرية، هي الطائفة الكبرى في عالمنا اليوم، ولها أتباعها وبكثرة –بالملايين- في إيران والعراق والقطيف، ولبنان، والكويت، وباكستان، والهند، وليس في مصر ولا في بلاد شمال إفريقيا من هذه الطائفة شيء، إلا نبتات سوء -كما ذكرت في المحاضرة الماضية- وأفراد، لكنني أقول بيقين بأن أرض مصر أرض تلفظ بذرة التشيع، إلا إذا تدثر أهل هذا المذهب الفاسد بعباءة التصوف، ثم يدخلون على الناس بزعم أنهم يحبون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

** دعوى التقريب بين السنة والشيعة وعدم الاختلاف **

فهذه الفرقة التي ادعى علماؤها أنهم لا يفصلهم عن أهل السنة –اسمع لهذا الكلام الخطير- كبير شيء، وإنما خلافهم مع أهل السنة في مسائل الفروع، هم يزعمون ذلك ويدندنون به، بل ولعل منكم من تابع دعوة التقريب المزعومة بين الشيعة وأهل السنة، ورفع لواء هذه الدعوة من الأكابر ممن يشار إليهم بالبنان، فهم يزعمون أنه لا توجد على الإطلاق أية فروق جوهرية بين مذهب الشيعة ومذهب أو معتقد أهل السنة، اللهم إلا في الفروع، هكذا يزعمون، يقول محمد حسين آل كاشف الغطاء -وهو من كبار شيوخ الشيعة، ومن أكابر مراجع الشيعة المعاصرين- الشيعة ما هم إلا طائفة من طوائف المسلمين، ومذهب من مذاهب الإسلام، يتفقون مع سائر المسلمين في الأصول، وإن اختلفوا معهم في بعض الفروع، وردد هذا الكلام الخبيث الخطير بعض أهل السنة، نقلاً جزافاً عن هؤلاء الذين هم أكابر أئمة الشيعة، فهل هذه الدعوة حقيقة؟

تعالوا معي لنجيب إجابة مفصلة قد تحتاج إلى خمس محاضرات، وأرجو أن تسامحوني على هذه الإطالة، فالأمر والله جد خطير، ويحتاج إلى وقفة، وأنا أعلم أنه لا يتكلم في مثل هذه الموضوعات إلا القليل النادر. الإجابة على أن الشيعة ما هم إلا طائفة من طوائف المسلمين، ومذهب من مذاهب الإسلام يحتاج إلى أن نرجع في تفنيده لا إلى كتبنا نحن أهل السنة، بل سنرجع في تفنيده إلى كتب الشيعة، وإلى كلام أكابر مراجعهم وعلمائهم، فإن مصادر القوم في هذه هي المعتمدة عند من يعتنقون مذهب الشيعة، فإنك لو ذهبت الآن لترد على نبتة سوء خرجت تعتقد مذهب الشيعة، لو ذهبت لترد عليه بأقوال أهل السنة؛ لألقى بقولك عرض الحائط، لكنك ستلقمه حجراً إذا رددت عليه بأقوال أئمة تشيعه، وأكابر مراجعهم في الماضي، بل وفي العصر الحاضر، فتدبر معي أيها الأخ الكريم لنقف مع أول أمر، بل مع أخطر أمر، ألا وهو اعتقادهم في مصادر التلقي، أو في أصول الأحكام المتفق عليها بين المسلمين، ما هي مصادر التلقي عند الشيعة، من أين استقى الشيعة؟ وأصول مذهبهم؟ وما هي نظرة الشيعة لهذه الأصول، وما هو معتقدهم فيها؟

** اعتقاد الشيعة في القرآن الكريم **

أولاً: اعتقادهم في القرآن الكريم، القرآن الكريم هو أول مصدر من مصادر التلقي عن المسلمين، لكن انظر إلى معتقد الشيعة في هذا المصدر -مصدر التلقي-.

أولاً: الشيعة يعتقدون أن القرآن الكريم محرف، وسأنقل لكم الأدلة على ذلك من أقوالهم، ومن كتبهم، ويعتقدون كذلك بأن هناك كتب نزلت من السماء بعد القرآن، يقولون بتحريف القرآن الكريم وبتزويره وبنقصه، وبخلل فيه، ثم يقولون بدعوى تنزل كتب بعد القرآن الكريم، ومعلوم أن الأمة قد أجمعت على حفظ كتاب الله جل وعلا؛ مصداقاً لقول الله سبحانه: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ))[الحجر:9]^، والقرآن الكريم تحدى الله عز وجل البشرية جمعاء، إذ لم يتغير فيه حرف، ولم تنقص منه كلمة، ولم تحذف منه آية، وقد فصلت ذلك وأنا أتحدث عن الإيمان بالكتب كركن من أركان الإيمان بالله جل وعلا.

تقول فريات الشيعة -وأرجو أن تركزوا معي على القول- بأن هذا القرآن الكريم الموجود الذي بين أيدي المسلمين الآن ناقص ومحرف، وأن القرآن الكامل عند علي بن أبي طالب، ثم أورثه الأئمة من بعده، وهو اليوم عند المهدي المنتظر؛ هذا كلام الشيعة، وهذه المقالة الملحدة ممن يزعمون التشيع لعلي، فوق أنها طعن في كتاب الله وفي دينه، فهي طعن في علي، أليس كذلك؟ بلى.

أقول: إن هذه المقالة الملحدة فوق أنها طعن في كتاب الله وفي دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي طعن في علي نفسه رضوان الله عليه، إذ كيف يعلم علي أن القرآن الذي بين أيدي المسلمين محرف وناقص، وأن القرآن الكامل عنده وحده، ثم لا يرد هذه الفرية ولا يبين للمسلمين هذا الباطل، لا سيما بعدما أصبح خليفة، فإذاً: هي طعن في علي رضي الله عنه.

ولما سئل الروافض عن ذلك، لم يجدوا ما يجيبون به سوى أنهم قالوا على لسان عالمهم الكبير الذي يلقب بنعمة الله الجزائري -هو نعمة الله بن محمد بن حسين الحسيني الجزائري الشيعي الإمامي، قال عنه الخوانساري: كان من أعظم علمائنا المتأخرين، وأفاضل فضلائنا المتبحرين، وقال فيه محدثهم القمي: كان (أي: نعمة الله) عالماً محققاً مدققاً جليل القدر- في كتابه الموسوم بالأنوار النعمانية، المجلد الثاني (ص:362).

قال: ولما جلس أمير المؤمنين عليه السلام لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن –يقصد القرآن الصحيح المتكامل الذي لم يحرف ولم يزور- وإخفاء هذا –أي: الذي في أيدي المسلمين الذي زور وحرف- لما فيه من إظهار الشناعة على من سبقه من الصحابة، إذ لو فعل ذلك لبين أخطاء من سبقوه. انظر إلى هذا الضلال المبين، هكذا يعتذرون، وأي قدح أبلغ من هذا، إنهم يتهمون علياً رضي الله عنه بأنه جامل من سبقه من الصحابة على حساب كتاب الله، وعلى حساب دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا وربي بهتان عظيم، هذه فحوى الخرافة التي وجدت مكانها في دواوين الشيعة ومجامعهم الحديثية، وكتبهم المعتمدة في عشرات من النصوص والروايات.

تدبر معي بعض الروايات، لأكمل إن شاء الله تعالى في المحاضرة المقبلة.

يقول حسين النوري الطبرسي، وهو عندهم إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار أو الأزمان المتأخرة - في كتابه- واسمع عنوان الكتاب ويكفي -فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب- الذي ألفه ليثبت من كتبهم أن القرآن محرف -الذي نقل فيه -أي: في كتابه- مجموعة كبيرة من أخبار الشيعة التي تطعن في القرآن، جمعها كما يقول من الكتب المعتبرة التي عليها المعول، وإليها المرجع عند الأصحاب- واعلم أن تلك الأخبار منقولة عن الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية.

فهذه الكتب التي ذكرت هذه الأخبار الملحدة موثقة عند هؤلاء، عند علمائهم، ويتلقون عنها دينهم، وهي منسوبة لأكابر علمائهم ومراجعهم ومحدثيهم، كما سمعنا الآن.

ومن هذه الكتب: صحيحهم الكافي، وهو عندهم يوازي صحيح البخاري عند أهل السنة، ويعتبرون الكافي أصح كتبهم، ويلقبون مؤلفه -وهو محمد بن يعقوب الكليني- بأنه ثقة الإسلام، اسمع، وقد روى الكليني من هذه الأساطير والأقوال الملحدة الشيء الكثير، مع أنه –كما يقول هو- التزم الصحيح فيما يرويه، ولهذا قرر الكاتبون عنه من الشيعة أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن؛ لأنه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه يثق بما رواه، هذا كتاب لإمام كبير من أئمتهم.

وهذه بعض النصوص:

يقول عالمهم المجلسي -صاحب كتاب: بحار الأنوار- أنه قد جعل هذه النقول والأخبار التي تثبت التحريف في كتاب الله جل وعلا في الكثرة والتواتر تساوي أخبار الإمامة التي هي لب التشريع وجوهره، فقال: وعندي –أي: في كتابه مرآة العقول المجلد الثاني (ص:536)- أن الأخبار في هذا الباب –أي: في باب تحريف القرآن- متواترة المعنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا تكثر عن أخبار الإمامة؟

هل سمعتم ماذا يقول؟ لأن الذي نقل إليهم هذه الأخبار علماؤهم الذين نقلوا إليهم أخبار الإمامة والبداء والرجعة والغيبة.. إلخ هذه المعتقدات الفاسدة، فالذين نقلوا إليهم القول بالتحريف بالقرآن هم الذين نقلوا إليهم أصول مذهبهم الفاسد الباطل.

ويقول شيخهم المفيد –ترجمت له من قبل-: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان. أقول: هذا الكلام في كتاب المفيد في أوائل المقالات (ص:98).

وقال ثقة الشيعة –هكذا يسمونه- محمد صالح المازندراني: وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى، كما يظهر لمن تأمل في كتب الأحاديث من أولها إلى آخرها. قال ذلك المازندراني في شرح جامع الكافي المجلد الحادي عشر (ص:76).

ويقول شيخهم محسن الكاشاني -وهو من أكابر شيوخ الشيعة- المستفاد من الروايات من طريق أهل البيت أن القرآن الذي بين أظهرنا، ليس بتمامه كما أنزل على محمد. قفوا يا إخواننا على هذا المعتقد الخبيث، حتى لا يضحك عليكم الآن جاهل خدع بهذا المذهب الفاسد الباطل، فإنني أعلم أن نبتة سوء قد بدأت تظهر في المنصورة، تدعو لمثل هذا المذهب الخبيث الفاسد الباطل، وهي -ولله الحمد- لا تزيد على ثمانية أفراد، لكن هذا خطر، أتمنى أن يستمع الإخوة هؤلاء هذه المحاضرات بعد تمامها، أتمنى من أي أحد يعرف هذه المجموعة أن يطبع هذه الأشرطة ويأخذها مني كهدية؛ ليسلمها لهؤلاء ليستمعوا إليها بتجرد؛ لعل الله أن يشرح صدورهم إلى الحق، أسأل الله أن يردنا وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً.

يقول شيخهم محسن الكاشاني في كتابه: تفسير الصافي في المقدمة السادسة من تفسيره، يقول: المستفاد من الروايات من طريق أهل البيت، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد –صلى الله عليه وسلم- بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وإنه قد حذف منه أشياء كثيرة، منها اسم (علي) في كثير من مواضع القرآن، ومنها لفظة (آل محمد) في أكثر من موضع، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك، وقال: إن القرآن ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله.

وقد ذكرت لكم قبل ذلك ترتيب المصحف، ومراحل جمع القرآن الكريم؛ ابتداء من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وانتهاءً بعهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه، وذكرت لكم إعجاز القرآن في بلاغته وفي حروفه وفي نظمه، وفي اتساقه الذاتي، وفي إعجازه الفكري وفي إعجازه البلاغي وإعجازه العلمي وإعجازه العقدي، ذكرت ذلك بالتفصيل في كثير من المحاضرات، قد تصل إلى ما يقرب من سبع أو ثمان محاضرات في حديثي عن الإيمان بالكتب، حينما تحدثت عن التوراة المحرفة والإنجيل المزور، ثم تكلمت بعد ذلك عن القرآن الكريم، أرجو أن تراجع هذه الأشرطة مرة أخرى.

وروى الكليني في كتابه الكافي بإسناده –اسمع- عن أبي جعفر عليه السلام قال: [[نزل جبريل بهذه الآية على محمد –صلى الله عليه وسلم- هكذا، ألا وهي قوله تعالى: (( وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ))[البقرة:23]]]، روى بسنده الكليني إمام من أئمة الشيعة.

وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: [[هكذا نزل قول الله تعالى: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ))[النساء:66]]] يقولون: لفظة (في علي) حذفت من القرآن انظر إلى التحريف الرهيب في النصوص، وسأقف بعد ذلك مع بعض النصوص في التحريف بالتأويل، أي: في التفسير، يقرءون الآية ويؤولونها تأويلاً رهيباً لا يمت إلى الحقيقة ولا إلى الدين ولا إلى الواقع، بل ولا إلى العقل السليم بأدنى صلة، وأنا لا أدري كيف اغتر بهذا القول الفاسد الملايين؟!! نسأل الله أن يثبتنا على الحق (( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ))[الحديد:21].

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل: (ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً). انظر إلى هذا التحريف!!

ويروي الكليني بإسناده عن أبي الحسن- وهذا كله في كتاب الكافي باب: نكت ونتف من التنزيل في الولاية، هكذا عنون صاحب الكافي لهذا الباب الخبيث في المجلد الأول (ص: 417) و(ص421) لمن أراد ممن افتتن بهذا المذهب أن يراجع أصول هذا المذهب في كتبهم، فأنا أنقل الآن من كتبهم، قال: [[ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد ووصية علي]] . وحاشا علياً عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

ومن ذلك أيضاً: ما رواه الكليني بإسناده إلى أحمد بن حمد بن محمد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن عليه السلام -الذي هو علي رضوان الله عليه اسمع قول الخبيث هذا- مصحفاً، وقال: لا تنظر فيه –انظر التشويق، يعني: سيدنا علي أعطاه مصحفاً وقال له: لا تفتحه، فلماذا أعطاه إذاً؟-، يقول: ففتحته ونظرت فيه، وقرأت فيه (لم يكن الذين كفروا) ووجدت بعدها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم -يقصد من الصحابة رضوان الله عليهم، انظر الخبث! (لم يكن الذين كفروا) ووجدت بعد تلك الآية (الذين كفروا) اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم- قال: فبعث إلي –أي: علي- وقال: ابعث إلي بالمصحف –أي كما يقال: لا نريد فضايح-.

• فرية نقص القرآن وسورة الولاية:

وتمضي افتراءات الشيعة الروافض، فتخترع سوراً.. انظر الضلال، تخترع سوراً كاملة، وتزعم أن هذه السور قد حذفت من القرآن الكريم، كما قال شيخهم الطبرسي: نقصان السورة -وهو جائز-: سورة الحفد، وسورة الخلع، وسورة الولاية. هذا الكلام في كتاب فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب للنوري الطبرسي -الذي ذكرته آنفاً- (ص:24).

ثم في موضع آخر نقل سورة الولاية، واسمع لنص سورة الولاية، قال نص السورة: بسم الله الرحمن الرحيم، (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي، ويحذرونكم عذاب يوم عظيم، نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم، إن الذين يوفون ورسوله في آيات كذا لهم جنات النعيم، والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم، ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول، أولئك يسقون من ماء حميم) انظروا الضلال المبين!! أهذه سورة؟ بل كلام مسيلمة أفضل وأنظف منه، وكله يخرج من بوتقة كفر خبيثة واحدة، حينما قرأت هذا النص والله تذكرت كلام مسيلمة، قلت: سبحان الله! والله إن الكفر ملة واحدة، حينما ذهب إليه أهل الكفر من أهل الجزيرة وقد ادعى أن وحياً ينزل عليه كما ينزل الوحي على محمد، فقالوا: أسمعنا شيئاً مما نزل عليك، فجلس مسيلمة الكذاب يهذي كما يهذي هؤلاء المجرمون الخبثاء، جلس يقول: (والزارعات زرعاً، والحاصدات حصداً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً)؛ فضحك القوم، ففهم أن القوم قد تبين لهم كذبه وضلاله، فأراد أن يسمعهم شيئاً غير ذلك، فقال: (الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له خرطوم طويل، وذيل قصير)؛ فضحك القوم، وهم أرباب بلاغة، وأرباب بيان، فقال في آية ثالثة: (يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين، نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين).,

فقالوا: يا مسيلمة! قال: نعم، قالوا: والله إنك لتعلم يقيناً أننا نعلم يقيناً أنك كذاب، وهؤلاء يكذبون بهذه الصورة السخيفة على الله جل وعلا، ويختلقون ويزيفون سوراً كاملة، ويزعمون أن هذه قد حذفت من القرآن الكريم.

وجاءت روايات كثيرة في كتب الشيعة تأمرهم بالعمل بالمصحف الموجود بين أيدي المسلمين الآن، لماذا؟ قالوا: ريثما يخرج قرآنهم الذي ورثه علي لإمامهم المهدي المنتظر، وهذا أصل من أصول مذهبهم التقية.

يقول نعمة الله الجزائري -الذي ترجمت له من قبل-: قد روي في الأخبار أن علياً والأئمة عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة القرآن الموجود في الصلاة وغيرها، وأن يعملوا بأحكامه، حتى يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، فيقرأ بعد ذلك ويعمل بأحكامه.

أقف عند هذا القدر؛ لأواصل إن شاء الله تعالى تحريف الشيعة للأصل الأول من أصول التلقي، وللمصدر الأول من مصادر التلقي؛ ألا وهو القرآن، وكيف أنهم حرفوا أصول النصوص في القرآن، ولم يكتف الروافض بذلك، وإنما حرفوا التأويل أيضاً للقرآن، وهذا ما سنتعرف عليه إن شاء الله في المحاضرة المقبلة.

أحمد الله الذي هدانا للحق، وأسأل الله أن يثبتنا عليه، وأن يتوفانا عليه، إنه ولي ذلك ومولاه، وأكتفي بهذا القدر، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

=================
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
· نماذج من تحريفات الشيعة لألفاظ القرآن الصريحة

· أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد:

كلامنا إن شاء الله تعالى سيكون معتقد الشيعة الروافض في القرآن، أو بمعنى أدق: في تأويل وتفسير القرآن، فكما انحرف الشيعة في القرآن ذاته فقد انحرفوا أيضاً في تأويل وتفسير القرآن الكريم، فساروا على غير قواعد اللغة، وعلى غير قواعد الشريعة، وعلى غير قواعد الفهم، بل وعلى غير ما يقبله العقل، فحرفوا تأويل القرآن بلي أعناق النصوص بصورة بشعة. وهذا النصوص التي بين أيدينا من مصادر الشيعة الأصلية ومراجعهم الكبيرة؛ ليتبين لنا أن هذا التحريف والتأويل ليس أمثلة في كتب التفسير أو الأصول عندهم بل هو أمر مؤصل ومقعد، بل هو أمر اعتقاد.

وأنا هنا أسوق كثيراً من الأمثلة والشواهد التي تبين تأويل الشيعة المنحرف لآيات القرآن الكريم في تفاسيرهم المعتبرة عندهم، كتفسير القمي، وتفسير العياشي، وتفسير البرهان، وتفسير الصافي، كما أن كتبهم المعتمدة في الحديث قد أخذت كثيراً من هذه التأويلات الفاسدة، وعلى رأسها أصول الكافي للكليني، والبحار للمجلسي، وغيرها من الكتب، فتدبروا معي هذه الأمثلة والشواهد التي ستتعب العقل والقلب معاً، لكن لنقف على أن هذا التأويل والتحريف في تأويل آيات القرآن الكريم إنما هو أمر اعتقاد، وأمر مؤصل عند الروافض.

• تفسير القرآن وأسمائه بالإمامة والولاية والأئمة:

في مصادرهم الأصلية ككتب التفسير والحديث المعتمدة عندهم نجد آيات كثيرة جداً جداً تفسر الآية الواضحة بالإمامة والولاية والأئمة، فأنت: تجد لفظة القرآن صريحة صحيحة في المعنى، ومع ذلك تجد تعسفاً وتمحلاً رهيباً من الشيعة الروافض في تحريف هذه اللفظة أو في تحريف هذه الكلمة لتأصيل معتقد من بين معتقداتهم.

تجدهم يؤولون لفظة القرآن أو أي اسم من أسماء القرآن في القرآن بأن هذا الاسم أو هذا اللفظ يراد به الأئمة، ومن ذلك في قول الله تعالى: (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ))[التغابن:8] أي: والقرآن الذي أنزلنا على محمد صلى الله عليه وسلم.

لكن الشيعة يقولون: النور هو نور الأئمة. [الكافي للكليني، كتاب الحجة باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل (1/194)]

ويقولون في قوله تعالى: (( وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ))[الأعراف:157] قالوا: النور في هذه الآية هو علي والأئمة من بعده عليهم السلام. [كتاب الكافي للكليني، كتاب الحجة، باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل (1/194)]

ويقولون في قول الله تعالى: (( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ))[الإسراء:9] أي: يهدي إلى الإمام. [كتاب الكافي (1/216)]

ونحن لن ننقل كلاماً من كلام أئمة أهل السنة، حتى لا يحتج علينا بأن هذا من عندنا، بل سننقل كلاماً من كتبهم المعتمدة ومصادرهم ومراجعهم الكلية الكبيرة؛ لنبين إلى أي حد قد انحرف هؤلاء القوم انحرافاً مزرياً في المعتقد وفي تفسير كتاب الله عز وجل.

ويقولون في قول الله تعالى: (( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ))[الإسراء:9] أي: يهدي إلى الولاية.

ويفسرون ما ورد في القرآن من لفظة النور بالأئمة أيضاً بلا أدنى دلالة، وبكل أسف هم ينسبون كل هذه التفسيرات إلى أئمة آل البيت برأهم الله مما قالوا، فآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أعلم وأجل وأفضل وأفقه وأبلغ من أن ينسب إليهم مثل هذا الإلحاد في كتاب الله عز وجل، فهم ينسبون كل هذه الروايات إلى أئمة أهل البيت، ولا سيما ينسبون هذا الكلام إلى جعفر الصادق رحمه الله تعالى وبرأه الله مما قالوا، فلا يثبت ألبتة لإمام من أئمة آل بيت النبي ابتداء بعلي رضوان الله عليه والحسن والحسين وجعفر الصادق ومحمد الباقر وغيرهم من أئمة آل بيت النبي هم برأاء من كل ما ينسبه الشيعة الروافض إليهم من تمحلات لا تتفق مع شرع ولا مع عقيدة، بل ولا مع عقل في تأويلهم الفاسد الباطل في كتاب الله جل وعلا، ومن ذلك أنهم يقولون في قول الله سبحانه وتعالى: (( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ))[الصف:8] قالوا: النور في هذه الآية هو ولاية علي، أي: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، ثم قال تعالى: (( وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ))[الصف:8] قالوا: والله متم الإمامة، والإمامة هي النور في قوله تعالى عندهم: (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ))[التغابن:8] قال: النور هو الإمام. [الكافي (1/196)]

واسمع إلى هذا العجب العجاب والتعسف الواضح في تأويلهم لمعنى قول الله تعالى في سورة النور: (( اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ ))[النور:35] يقولون: (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ) المشكاة هي فاطمة عليها السلام، (فِيهَا مِصْبَاحٌ) الحسن، (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ) الحسين، (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فاطمة كوكب دري بين نساء العالمين، (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) الشجرة المباركة إبراهيم عليه السلام، (زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا يهودية ولا نصرانية، (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) يكاد العلم يتفجر بها، (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) إمام من فاطمة بعد إمام (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) يهدي الله للأئمة من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ...) الآيات.

وقالوا في قول الله تعالى: (( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ))[النور:40] أي: ومن لم يجعل الله له إماماً من ولد فاطمة (فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) أي: فما له من إمام يوم القيامة.

• تفسير الشرك في القرآن بالشرك في ولاية علي:

وكما أولوا ما جاء في القرآن الكريم عن القرآن والنور بالإمامة فهم يؤولون ما جاء في كتاب الله جل وعلا من النهي عن الشرك والكفر يؤولونه بالشرك في ولاية علي، فإذا جاءت لفظة الشرك أو الكفر صريحة فإنهم يؤولونها بولاية علي رضي الله عنه، ويؤولون ما جاء في عباد الله وحده واجتناب الطاغوت بولاية الأئمة والبراءة من أعدائهم، ومن ذلك يقولون في قوله تعالى: (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ))[النحل:36] قالوا: أي: ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتنا والبراءة من عدونا، وذلك هو قول الله تعالى: (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ))[النحل:36] أي: ما بعث الله نبياً قط إلا بولايتهم والبراءة من أعدائهم، هذا تأويل الآية عندهم.

ويقولون في قول الله تعالى: (( لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ))[النحل:51] قال: يعني بذلك: ولا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد. [تفسير العياشي (2/216)، تفسير البرهان (2/373)، تفسير نور الثقلين (3/60)]

ويقولون في قول الله تعالى: ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))[الزمر:65] خطاب من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، قالوا: لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، انظر إلى هذه البشاعة والفضاعة!! [تفسير الصافي (2/472)، وهذه الرواية نقلها أيضاً عن الصافي الكليني في تفسيره في أصول الكافي (40/498)]

ويقولون في قوله تعالى: (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))[الكهف:110] قالوا: العمل الصالح المعرفة بالأئمة، ولا يشرك بعباده ربه أحداً، أي: يسلم لعلي، ولا يشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ولا هو من أهله. [تفسير العياشي (2/353)، وتفسير البرهان (2/497)]

ويقولون في قوله تعالى: (( وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ))[البقرة:41] قالوا: ولا تكونوا أول كافر بعلي، رضي الله عنه وبرأه الله مما قالوا.

وقالوا ببشاعة رهيبة في قوله تعالى: (( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ))[البقرة:165] قالوا: من بني فلان أي: من بني أبي بكر، ومن بني فلان: أي من بني عمر، وقالوا: هم أولياء فلان وفلان وفلان، يعنون أبا بكر وعمر وعثمان، اتخذوهم أئمة من دون الإمام، أي: من دون علي رضي الله عنه. [تفسير العياشي (2/72)، تفسير البرهان (1/172)، تفسير الصافي (1/156)، تفسير نور الثقلين (1/151)]

وقالوا في قول الله تعالى: (( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ))[الأعراف:30] قالوا: أي: الأئمة الذين تولوا الخلافة قبل علي، يعني: أئمة دون أئمة الحق. [تفسير الصافي (1/571)]

ويقولون في قوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ))[النساء:48] يعني: أنه لا يغفر لمن يكفر بولاية علي، وأما قوله تعالى: (( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ))[النساء:48] فيعني: لمن والى علياً عليه السلام، والروايات في هذا كثيرة جداً جداً.

• تفسير الصلاة بالأئمة والإمامة:

وهم يؤولون أيضاً بعض آيات القرآن كلفظة الصلاة بالأئمة والإمامة، فهم: ما اكتفوا بلفظة القرآن ولا بلفظة النور، بل ويؤولون أيضاً لفظة الصلاة الواردة في كتاب الله جل وعلا بالأئمة أو بالولاية، وهم يقولون في قوله تعالى: (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ))[البقرة:238] قالوا: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) هي رسول الله وأمير المؤمنين علي والحسن والحسين، والصلاة الوسطى هي علي وحده، (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) أي: طائعين للأئمة. [تفسير العياشي (1/128)، وتفسير البرهان (1/231)، والبحار (7/154)]

فهذه بعض تأويلاتهم في آيات الصلاة وقد مضى تأويلهم لعموم الأعمال الصالحة بالإمامة، ولا أريد أن أقف مع كل الروايات والنصوص الثابتة، فكتبهم مشحونة بمثل هذا الأسلوب الفاضح في التأويل المتعسف لكتاب الله عز وجل.

• تأويلات أخرى في القرآن وتنزيلها على الأئمة:

يقولون مثلاً في قول الله تبارك وتعالى: (( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ))[البقرة:121] قالوا: هم الأئمة عليه السلام. [تفسير الكافي، كتاب الحجة، باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم السلام، (1/215)]

والأئمة عند الروافض هم أهل الذكر، وهم الراسخون في العلم، وهم الذين أوتوا العلم، ولهذا قالوا في قوله تعالى: (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ))[آل عمران:7] قالوا: الراسخون في العلم هم أمير المؤمنين والأئمة من بعده.

نعم نحن نقر بأن علياً رضوان الله عليه من الراسخين في العلم، بل من أئمة العلم، ولا ننكر هذا، فالحق نثبته ونقره ولو كان على لسان الروافض أو غيرهم، ولقد أثبت الله عز وجل الحق على لسان أهل الكتاب مع كفرهم بالله جل وعلا، فقال سبحانه وتعالى: (( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ))[آل عمران:75] فالله يثبت الحق لأهله، ونحن نثبت بأن علياً رضوان الله عليه من الراسخين في العلم، بل ومن أئمة العلم، فهذه ما زاغوا فيها عن الحق، ثم يقولون: والإئمة من بعد عليه رضوان الله عليه، بل وستعجب إذا علمت أن الأئمة أيضاً عندهم هم آيات الله، وهم النبأ العظيم، وهم الآيات المحكمات، يقولون في قوله تعالى: (( فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ ))[الأعراف:69] أن رجلاً يقال له: يوسف البزاز سأل كذباً وزوراً أبا عبد الله جعفر الصادق عن قوله تعالى: (( فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ ))[الأعراف:69] فقال جعفر: [[أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا، قال: هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا]]. [تفسير الكافي (1/217)].

والأئمة كذلك هم آيات الله أيضاً، قال الكليني: باب: إن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة، وساق عدة روايات في ذلك، منها في قوله تعالى: (( كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا ))[القمر:42] أي: كذبوا بالأئمة والأوصياء، والأئمة هم النبأ العظيم كما في قوله تعالى: (( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ))[النبأ:1-3] قال أبو حمزة: قلت لأبي جعفر: [[جعلت فداك! إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: (( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ))[النبأ:1-2] فقال: ذلك إلي، إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم أخبرهم، ثم قال: لكن أخبرك بتفسيرها، (( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ))[النبأ:1] قال: هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ما لله عز وجل آية هي أكبر مني، ولا لله من نبأ هو أعظم مني]].

تعالى الله عما يقولون علوا ًكبيراً، وبرأ الله علياً وأبا عبد الله جعفر الصادق رضوان الله عليهم جميعاً مما يقول هؤلاء الظالمون.

كذلك لفظة الآيات المحكمات في كتاب الله جل وعلا فسرت بالأئمة، روى العياشي عن أبي عبد الله: جعفر الصادق في قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ))[آل عمران:7] قال: [[الآيات المحكمات أمير المؤمنين والأئمة، (( وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ))[آل عمران:7] أبو بكر وعمر وعثمان، (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ))[آل عمران:7]. أي: أصحابهم وأهل ولايتهم، (( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ))[آل عمران:7]]]. [تفسير العياشي (1/162)، وتفسير البرهان (1/271) وتفسير البحار (7/47)]

الأئمة عندهم هم النحل كما في قوله تعالى: (( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ))[النحل:68] يعني: إلى الأئمة، سبحان الله! الأئمة سيتخذون من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون! وقد عقد المجلسي باباً في تفسيره بعنوان: باب نادر في تأويل النحل بالأئمة. [تفسير العياشي (2/264)، تفسير البرهان (2/375)، تفسير الصافي (1/931) وفي غيرها]

وهم الحفدة كما في قوله تعالى: (( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ))[النحل:72] الحفدة هم الأئمة، وقالوا في قوله تعالى: (( وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ))[الأنفال:47] أي: عن الأئمة، وقالوا في قوله تعالى: (( وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ))[الحاقة:50] أي: علي رضي الله عنه، وقالوا في قوله تعالى: (( وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ))[الحاقة:51] أي: علي رضي الله عنه، وفي قوله: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ))[الفاتحة:6] قالوا: هو صراط علي رضي الله عنه، شيء رهيب!!

والأئمة عندهم هم الأيام والشهور الواردة في القرآن، وقد عقد المجلسي باباً في تفسيره بعنوان: باب تأويل الأيام والشهور بالأئمة عليهم السلام.

بل ستعجبون! لو وردت لفظة الأسماء الحسنى لله فهي الأئمة، يروون عن الرضا أنه قال: [[إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله، وهو قول الله تعالى: (( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ))[الأعراف:180]]] قال أبو عبد الله: [[نحن والله الأسماء الحسنى الذي لا يقبل من أحد إلا بمعرفتنا، قال: (( فَادْعُوهُ بِهَا ))[الأعراف:180] أي: ادعوه بنا، أي: بالأئمة]]. [تفسير العياشي (2/42)، تفسير الصافي (1/626) البرهان (2/51)]

• تأويل آيات الكفار والمنافقين وتنزيلها على الصحابة:

حتى الآيات التي وردت في الكفار والمنافقين يؤولونها بخيار أصحاب سيد المرسلين، وهذا المعتقد الضال الفاسد فتنة من أعظم الفتن، فإن كثيراً ممن يشار إليهم بالبنان من أهل السنة لا يعرفون شيئاً عن هذه العقيدة الضالة، بل وينكرون على من تكلم عن هؤلاء، ويقولون: إنه لا خلاف بيننا وبينهم إلا في بعض الفروع الفقهية، إنما هو اختلاف مذاهب، فقفوا على هذا المذهب لتقفوا على هذا الخطر العظيم.

يقولون في قوله تعالى: (( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنْ الأَسْفَلِينَ ))[فصلت:29] قالوا: هما أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما، يقولون: وكان فلان شيطاناً يعني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شيطان يقولون: لفظة ما وردت في القرآن كله من أوله إلى آخره إلا ويراد بها عمر رضوان الله عليه. [انظر إلى فروع الكافي في هامش مرآة العقول، (4/416)]

يسبون الخيرين الكبيرين الوزيرين الأولين، الحبيبين لرسول الله، بل ويسبون أحب الخلق إلى المصطفى كما في صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص، قال: (يا رسول الله! أي: الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قال: من الرجال، قال: أبوها، قال: ثم من؟ قال: ثم عمر) رضي الله عن أبي بكر وعمر.

قال المجلسي وهو يشرح الكافي -تفسير من تفاسير الشيعة المعتمدة الكبيرة- مبيناً مراد صاحب الكافي بهذه العبارات، قال: (رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا) قال: هما أبو بكر وعمر، والمراد بفلان هو عمر أي: الجن المذكور في الآية عمر، وإنما سمي به لأن عمر كان شيطاناً، ويقولون في قوله تعالى: (( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ))[التوبة:12] يروي العياشي عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [[سمعته يقول: دخل علي أناس من البصرة فسألوني عن قوله تعالى: (( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ))[التوبة:12] فقال: طلحة والزبير]] طلحة الجود، طلحة الخير، طلحة الفياض، صاحب اليد التي شلت وهي تذب عن رسول الله يوم أحد يعتبر إماماً من أئمة الكفر عند الروافض الفجرة، أما الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إمام من أئمة الكفر عن الروافض [تفسير العياشي (2/77-78)، وتفسير البرهان (2/107)، وتفسير الصافي (1/685)].

ويقولون في قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي الحكم عمرو بن هشام) قالوا: لما دعا النبي ربه بهذا الدعاء، نزل عليه قوله تعالى: (( وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ))[الكهف:51] أي: بما فيهم عمر رضوان الله عليه. [تفسير العياشي والبرهان والبحار]

ويقولون أيضاً في قوله تعالى: (( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ))[البقرة:168] قالوا: والله ولاية فلان وفلان، أي: ولاية أبي بكر وعمر. [تفسير العياشي والبرهان والصافي]

وفي قوله تعالى: (( إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ ))[النساء:108] تجدهم يفترون على أبي جعفر الصادق برأه الله مما قالوا، ويقولون: قال فيها فلان وفلان، أي: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، وفي رواية أخرى: (( إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ ))[النساء:108] أي: افتروها على أبي الحسن، أي: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة هم الذين يبيتون في حق علي ما لا يرضى من القول.

ويفترون على أبي عبد الله جعفر الصادق في قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً ))[النساء:137] أنه قال: [[نزلت في أبي بكر وعمر، فآمنوا برسول الله وآله في أول الأمر، ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية لعلي حيث قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه)، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسوله فبايعوه، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله لعيه وسلم فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه –أي: من بايعوا علياً- البيعة لهم، فهؤلاء من يبقى منهم من الإيمان شيء]]. [تفسير العياشي (1/281)، تفسير الصافي (1/404)، تفسير البرهان (1/422)، تفسير البحار (8/218)]

• تأويل نصوص القرآن وإنزالها على مهدي الشيعة:

وعلى ضوء عقيدتهم يتعسفون في تأويل نصوص القرآن ليثبتوا ما رسخ عندهم من اعتقاد، فهم لا يتورعون أبداً من أن يلوي أحدهم عنق النص من أجل أن يثبت عقيدته الفاسدة الباطلة، فمثلاً من أجل إثبات عقيدتهم في مهديهم المنتظر يقولون في قوله عز وجل: (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ))[البقرة:1-3] يقولون: من أقر بقيام القائم عليه السلام أنه حق، (يؤمنون بالغيب) يعني يؤمنون بالقائم عليه السلام وغيبته، أي: بمهديهم المنتظر وغيبته.

وعن جابر عن أبي جعفر في قوله تعالى: [[ (( وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ ))[التوبة:3] قال: خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه]] إلى آخر هذا الغثاء الذي يتعب القلب والعقل معاً.

والأمثلة على تعسفهم في تفسير آيات الله جل وعلا في المهدي المتنظر كثيرة، حتى ألفوا في هذا كتباً مستقلة، ككتاب (ما نزل من القرآن في صاحب الزمان)، يعني: في حق المهدي المنتظر لعبد العزيز القلوني، وكتاب: (المحجة فيما نزل في القائم الحجة) للسيد هاشم البحراني، وهو كتاب كله عبارة عن آيات من القرآن تؤول تأويلاً باطلاً ضالاً، تأويل إلحاد لا لبس فيه ولا غموض، يثبتون بهذه الآيات القرآنية الصريحة خروج مهديهم المنتظر، أو أن هذه الآيات وردت في مهديهم المنتظر.

• تأويلات الشيعة تأويلات إلحادية باطنية:

تلك أمثلة قليلة لتأويلهم لكتاب الله جل وعلا، ولتعسفهم في فهم آيات الله تبارك وتعالى، فهم يفسرون القرآن تفسيراً باطنياً، لا تربطه بالآية على الإطلاق أدنى صلة، وكأن القرآن لم ينزل بلسان عربي مبين، ولم يجعله الله تبارك وتعالى كتاب هداية ودستوراً للخلق أجمعين، فالله تعالى قال: (( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ))[القمر:17] هذا القرآن يخاطب العالم، ولا شك أن تلك التأويلات إلحاد في كتاب الله تعالى، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ))[فصلت:40] قال: الإلحاد هو أن يوضع الكلام في غير موضعه، وذلك بالانحراف في تأويله.

وقال صاحب الإكليل الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في قوله تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ))[فصلت:40] قال: في هذه الآية الرد على تعاطي تفسير القرآن بما لا يدل عليه جوهر اللفظ كما يفعله الباطنية والاتحادية والملاحدة.

وقال صاحب كتاب: (إكثار الملحدين) محمد أنور شاه الكشميري (ص:2) قال: وهؤلاء الذين يلحدون في آيات الله ويحرفونها عن معانيها وإن كتموا كفرهم وتستروا بالتأويل الباطل وأرادوا الإخفاء، لكنهم لا يخفون على الله تعالى.

• استعمال التقية في كتاب التبيان ومجمع البيان:

أقول: إننا لا نتورع ألبتة أن نثبت الحق إن رأينا شيئاً من الحق، فمثلاً: كتاب التبيان للطوسي وكتاب مجمع البيان للطبرسي من كتب التفسير عند الشيعة لكنهما نأيا عن هذا الإلحاد المبين في تفسير آيات رب العالمين، وإن كانت قد التزمت في الدفاع عن أصول الشيعة في بعض الآيات، ولكنها بأمانة لا تقارب بحال ما ورد في تفسير العياشي أو الكافي أو البحار أو الصافي أو غيرها.

وما سبق إنما هو من باب العدل والإنصاف، ولولا أننا وقفنا على كلام نفيس لعالم الشيعة ومحدثها وخبير رجالها وصاحب آخر مجموع من مجامعها الحديثية، هو أستاذ كثير من علماء الشيعة الأقطاب كمحمد حسن الكاشف الغطاء، وآغا بزرت الطهراني وغيرهم، هذا العالم هو عالم الشيعة الكبير حسين النوري الطبرسي، حيث كشف لنا سراً خطيراً بقي دفيناً، ولولاه ما أمطنا اللثام عن حقيقة كانت مجهولة لدينا، قال في كتاب التبيان: (ثم لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين) وهذا أصل من أصول الشيعة التي تتطلب التقية، ثم يقول: (فإنك تراه اقتصر في تفسير الآيات على طريقة الحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن جريج والجبائي والزجاج وابن زيد وأمثالهم، ولم ينقل عن أحد من مفسري الإمامية، ولم ينقل خبراً عن أحد من الأئمة عليهم السلام إلا قليلاً في بعض المواضع، لعله وافقه في نقله المخالفون، بل عد الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين الذين حملت طرائقهم، ومدحت مذاهبهم)، وهو بمكان من القرابة لو لم يكن على وجه من المماشاة، فمن المحتمل أن يكون هذا القول فيه على نحو ذلك.

وممن يؤيد كون وضع الكتاب على التقية ما ذكره السيد الجليل علي بن طاوس في (سعد السعود) وهذا لفظه: (ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب التبيان: وحملته التقية على الاقتصار من تفصيل المكي من المدني، والخلاف في أوقات ...إلخ) هكذا لم يكمل الطوسي العبارة، وقال الطبرسي معقباً: وهو أعرف بما قال –أي: الطوسي- ولا يخفى على من اطلع على مقامه، فتأمل.

إذا الكلام الذي ذكر في التبيان أو في مجمع البيان إنما هو كلام مذكور على سبيل المجاراة والتقية، لكن العقيدة واحدة لا تتبدل ولا تتغير.

ومن هذا الكلام يتبين أن التبيان للطوسي قد وضع على أسلوب التقية كما هو رأي عالم الشيعة الكبير المعاصر، أو أن يكون تفسير مجمع البيان قد صدر من الطبرسي نتيجة اقتناع فكري بإسفاف ما عليه قومه من تفسير، ومعنى هذا أن شيعة اليوم هم أشد غلواً وتطرفاً، ولذا تراهم يعتبرون تفسير الطوسي وأمثاله من التفاسير إنما ألفت للخصوم، والتزمت بروح التقية؛ لتبشر بالعقيدة الشيعية بين من لا يدينون بعقيدة الروافض.

وقد سار على نهج الطوسي عالمهم أبو العلي الفضل بن الحسن الطبرسي، وهو من أكابر علمائهم في القرن السادس الهجري، وقد أشار الطبرسي في مقدمة تفسيره إلى اتباعه لمنهج الطوسي، حيث قال: إلا ما جمعه الشيخ الأجل السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه في كتاب التبيان، فإنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق، ويلوح عليه رواء الصدق، وهو القدوة أستضيء بأنواره، و...... مواقع آثاره، يعني: هو يقتفي وينسج على نهج كتاب مجمع البيان.

• مصحف فاطمة المزعوم عند الشيعة:

ومن أبشع ما وقفت عليه أن الشيعة لم يكتفوا بالقول بتحريف كتاب الله جل وعلا، أو بتحريفهم في تأويل كتاب الله جل وعلا على الحد الذي بينت، بل زعموا أن كتباً أخرى كالقرآن أنزلها الله على علي وعلى فاطمة، ولقد تضمنت كتب الشيعة ومراجعها المعتبرة دعاوى عرضية ومزاعم خطيرة، تزعم أن هناك كتباً مقدسة قد نزلت من السماء بوحي من الله جل وعلا إلى الأئمة، وأحياناً تورد كتب الشيعة الأصلية نصوصاً وروايات يزعمون أن هذه النصوص وتلك الروايات مأخوذة من الكتب التي نزلت على الأئمة وعلى رأسهم علي رضوان الله عليه وبرأه الله مما قالوا.

وأنا أنقل إليكم بعض النصوص باختصار وبكل أمانة، في هذا المبحث الخطير من مباحث الروافض، وتدبر معي هذه الأسطورة الخطيرة:

يروي الكليني بسنده عن حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله –يعني: جعفر الصادق برأه الله مما قالوا- يقول: [[يظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها، ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال لها علي: إذا أحسست بذلك وسمعتي الصوت –أي: صوت الملك- فقولي لي، فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين يكتب كل ما سمع من الملك، حتى أثبت من ذلك مصحفه، قال: ثم قال: أما أنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما سيكون]]. [أصول الكافي، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة (1/240)]

وفي كتاب دلائل الإمامة، وهو من كتبهم المعتمدة عندهم، وردت رواية تصف مصحف فاطمة المزعوم بأن فيه خبر ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر كل سماء، وفيه خبر عدد ما في السماوات من الملائكة، وفيه عدد كل من خلق الله من المرسلين بأسمائهم وأسماء من أرسل إليهم، وأسماء من كذب، وأسماء من أجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين، وفيه أيضاً صفة كل من كذب، وصفة القرون الأولى، وفيه صفة كل من ولي من الطواغيت بمدة ملكهم وعددهم وأسماء الأئمة وصفتهم وما يملك كل واحد، وفي هذا المصحف جميع ما خلق الله، وفيه صفة أهل الجنة بأعدادهم ومن يدخلها، وبعدد من يدخل النار وبأسمائهم، وفيه علم القرآن كما أنزل، وفيه علم التوراة كما أنزلت، وفيه علم الإنجيل كما أنزل، وفيه علم الزبور، وفيه عدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد.

هل هناك حاجة لم تقل؟! [محمد بن جرير بن رستم الطبري -وهذا غير ابن جرير الطبري من أئمة أهل السنة- في كتابه دلائل الإمامة (ص:27، 28)]

هذا المصحف بحجم العلوم التي فيه يكون مثل ماذا، كم سيكتب ومتى يقرأ؟ وإذا كان العلم هذا كله عند الأئمة فلما والولاية ضائعة منهم لها مئات السنين.

يعني: كلام لا يمت إلى العقل، ولا إلى الفهم الصحيح بأدنى صلة، بل ولا إلى الفهم السقيم بأدنى صلة. وتصف رواية دلائل الإمامة صفة نزول هذا المصحف على خلاف ما جاء في الرواية السابقة عند الكافي، فهي تقول: إن هذا المصحف مصحف فاطمة نزل جملة واحدة من السماء، بواسطة ثلاثة من الملائكة هم جبريل وإسرافيل وميكائيل، فهبطوا به وفاطمة قائمة تصلي، فما زالوا قياماً حتى قعدت، ثم لما فرغت من صلاتها سلموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام، ووضعوا المصحف في حجرها، فقالت فاطمة: لله السلام ومنه السلام وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام، ثم عرجوا إلى السماء، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه حتى أتت على آخره.

يعني: في الظهر تقريباً انتهت من قراءة المصحف حتى أتت على آخره، ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة.

قلت: جعلت فداك! فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيها –أي: بعد موتها-؟ فقال: دفعته إلى أمير المؤمنين علي، فلما مضى علي –أي: قتل- صار إلى الحسن، ثم إلى الحسين، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر، يعني: مهديهم المنتظر.

• صحف أخرى أنزلت من السماء:

وهنا أختم بأنهم يدعون أيضاً نزول اثني عشر –ليس غير مصحف فاطمة- يدعون نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة، وقد جاء هذا في حديث طويل من أحاديثهم يرويه ابن بابويه القمي المسمى الصدوق عندهم، فهو يروي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي اثنا عشر خاتماً، واثنا عشر صحيفة، اسم كل إمام على خاتمه، وصفته في صحيفته. [إكمال الدين لابن بابويه القمي (ص:263)]

أكتفي بهذا القدر من هذا الغثاء، ومن هذا التأويل الباطل والمتعسف في كتاب الله عز وجل؛ ليقف كل مسلم على حقيقة معتقد القوم، فإن القول بأن الخلاف بين أهل السنة وبين الشيعة خلاف في المذاهب، وخلاف في فروع المسائل الفقهية كلام ضال يحتاج صاحبه إلى توبة إلى الله جل وعلا إن كان يفهم ما يقول، ويحتاج إلى أن يتعلم إن كان يجهل ما يقول.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

=============================
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
نثر الكنان في بيان تحريف الشيعة للقرآن
مقدمة كتاب الشيعة والقرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وأزواجه وذريته وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فإننا ألفنا قبل سنوات عشرة كتاباً حول الشيعة وعقائدها الشيعة والسنة، ولقد تسبب لكتابة هذا الكتاب كتيب صدر من إيران من أحد علمائها. الذي حاول الرد على رسالة صغيرة الحجم كبيرة الفائدة. الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية للسيد محب الدين الخطيب رحمه الله.

ولقد تأثرت كثيراً وانفعلت حينما رأيت ذلك الكتيب مع الخطيب في خطوطه العريضة حيث لم يقصد المعترض في رده على الخطيب تغليط عباراته التي أوردها في رسالته، ولم يحاول تفنيد مستنتجاته وثمراته التي أنتجها من البحث، بل قصد التمويه والتزييف والتشكيك وأكثر من ذلك الخداع السافر والغش الظاهر، حيث ظن أنه مات الخطيب ولم يبق في السنة من يعرف خباياهم وخفاياهم؛ فتهجم وتجاهل، وتغافل وتعاند، فأنكر ما كان ثابتاً، وتنكر على ما كان موجوداً، وبدل أن يكون واقعياً في الرد بدأ يتضوغ ويتصيح، وصار يتألم ويتظلم قائلاً: لا ينبغي أن يكتب مثل هذه الكتيبات والرسائل في مثل هذه الآونة المحرجة.

فالحري بنا وبكل مسلم غيور على دينه وأمته ترك هذه المناقشات والظروف والأحوال على ما يشاهد في العالم الإسلامي، فالفتن والكوارث هجمت علينا من كل جانب.... يحاربنا الإلحاد واستعمار الصهيونية والصليبية والشرقية والغربية بأساليبها الخداعة الهدامة، يغزونا أعداؤنا في عقر دارنا، ويهتكون حرماتنا، ويخربون مساجدنا، ويسعون لهدم جميع آثار الإسلام([1]).

إلى آخر ذلك من الكلمات البراقة الخداعة.

ولكنه لم يتقدم خطوات إلا ونسي ما كتب، وأعرض عما ذكر، وتنمر على الخطيب، ولم يجد في جعبته نبلاً إلا رشقه به، ولا في جيبه شتيمة إلا ورماه بها، ويا ليته اكتفى بسبه ورميه إياه! ولكنه تجاوز الحدود، وطعن على أصحاب رسول الله وخلفائه الراشدين المهديين وأزواجه أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين حتى لم يؤنبه ضميره، ولم يردعه الأحوال الحالكة والظروف السيئة المحيطة بالمسلمين التي ذكرها في مقدمة كتابه.

كما أنه أنكر جل معتقدات الشيعة التي ذكرها الخطيب في رسالته من أمهات كتب القوم وكذبها، وحكم عليه بالافتراء والبهتان، ومنها عقيدتهم حول القرآن بأنه محرف ومغير فيه، والتقية التي يجعلونها وسيلة لإظهار ما يخالف الحق والباطل، والعداء الشديد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يستند في إنكاره إلى دليل ولا إلى برهان، وهو مع ذلك حاول اصطياد السنة في حبائله التي فرشها على الأرض بلونها وخداعهم مستعملاً فيه دهاءه ومكره.

ولما رأيت هذا الكتيب اندهشت لما فيه من المخادعة الواضحة والكذب الظاهر، وإنكار الحقائق الثابتة؛ فاستعنت بالله وكتبت ذلك الكتاب الذي تلقى القبول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبي أصحابه، ومبغضي أعدائه والكذب، وقراء القرآن الذين يتلونه آناء الليل وآناء النهار، القبول والرواج الذي لم يعهد له مثيل في الآونة الأخيرة. وأثبتنا فيه صدق ما قاله الخطيب لا بالكلام والعواطف، بل بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة، والنصوص الثابتة، والعبارات الصريحة، والروايات الجلية والقطعية الثبوت والنسبة، وأطنبنا القول في المسائل الثلاثة المذكورة، وخاصة في مسألة تحريف القرآن، حيث أوردنا أكثر من أربعين حديثاً من أمهات كتب القوم، كلها تنص على أن القرآن حرّف وغيّر، زيد فيه ونقص منه كثير، ولعله أول مرة في اللغة العربية بهذه السعة، وثبت المصادر والمراجع. فلقد احترق القوم لكشف النقاب عن وجهه الحقيقي، وإماطة اللثام عن البشاعة التي طالما حاولوا إخفاءها، وفرح محبو السنة وزاد سرورهم لإبطال المبطلين، ونقض شبهات المنتحلين، وإغراض المخادعين الذين كانوا مصداق قول الله عز وجل: ((يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ))[البقرة:9].

وترجم هذا الكتاب إلى لغات عديدة حية، فلله الحمد من قبل ومن بعد. وتوقعنا أن يتصدى له أحد علماء الشيعة، ويفند ما أثبتناه ويغلط ما أوردناه، وطالما سمعنا بتكوين لجنة وتشكيل جماعة للرد على ذلك المختصر، واشتد بنا الشوق، ولم يأتنا أي خبر، اللهم إلا أحد الباكستانيين الذي تخرج من مدارس النجف، تعرض ولكنه ليس للرد، بل للشتائم والسباب، في كتابه الذي ألفه باللغة الأردية، وتمثلت قول الشاعر:

ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني([2])

ورد آخر من أحد الملتثمين في لبنان([3]) ولم يكن مختلفاً كثيراً عن أخيه الباكستاني؛ فاضطررت إلى أن أقول مرة أخرى:

واغفر عوراء الكريم ادخاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرماً

وهأنذا أجد بين يدي كتيباً آخر، الذي كلف نفسه بكتابته صاحبنا القديم([4]) باسم صوت الحق ودعوة الصدق الذي لم يصل إلي إلا قبل أسبوع من كتابة هذه الأسطر، وقد أرسله إلي أحد الإخوة المحبين لي والعلم من العرب. وإنني لمستغرب أن مؤلفه لماذا لم يرسله إلي حيث أنه يعرف عنواني المطبوع على غلاف الشيعة والسنة وقت صدوره؟! ويظهر أنه طبع قبل مدة، كما أن كاتبه كتبه قبل بضعة أعوام، لعله خجل مما كتب، أو إخفاء على ما ألف من النقد والتحليل، مع أنه أول من خاطب فيه خاطب أساتذة الجامعة الإسلامية التي تشرفت بالتخرج منها، وعلماء مدينة لاهور التي أقطنها، وتسكنني بين جنباتها وعرصاتها، ولم يكن للكتاب أثر اسم ولا رسم، لا في لاهور حيث أصول فيها وأجول، ولا الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي أزورها حيناً بعد حين.

فيا للمسكنة والجبن! ويا للإقدام والجرأة!

وعلى كلٍ فبعد ما فرغت من مؤلفي الشيعة وأهل البيت، وعطفت عنان قلمي إلى فرق شبه القارة وامتطيت جواد فكري وأشهب معلوماتي عارضني هذا الكتيب، واعترض في طريقي، ومنعني أن أواصل سيري في البحث الذي كنت أريده حتى أفرغ منه. فصففت كتب الشيعة أمامي بعد ما طويت عنها كشحي، ورصفتها بعد ما صرفت أنظاري منها، ووضعت الرد أمامي ووراءه كتب القوم تشهد عليه وتخالفه، وقلبت الصفحة الخامسة من هذا الكتيب التي بها بدأ مقدمته، فوجدته لم يختلف على مرّ الأيام وكرّ الليالي من دأبه الخداعي القديم، فقال:

من أعظم الواجبات الملقاة على عواتق العلماء وقادة الأمة والكتّاب -لا سيما في هذا العصر- أن يخلصوا نياتهم وينزهوا أقلامهم عن كل ما يورث الوهن والفشل، ويؤدي إلى الضعف في صفوف المسلمين، ويبعدوا نفوسهم عن سوء الظن، وأن يتقوا الله فيما يقولون لا يكتمون الحقائق، ولا ينشرون الأباطيل، ولا يعتمدون في ما يكتبون على الزور والبهتان والافتراءات الظالمة، التي تؤدي بالناس إلى الضلال وإثارة العصبيات البغيضة الممزقة لجسم الأمة، والممزقة([5]) للجماعة([6]).

(فالباحث النزيه إذن لا يجوز لنفسه -إن لم يكن في قلبه مرض- أن ينحرف عن النهج الإلهي في حواره ومناقشاته مع الآخرين، ويتبع عوضاً عن ذلك أسلوب الشتائم والدس والضغينة والتهريج بالباطل)([7]).

وأخيراً: (إن من أعظم الأخطار على وحدة المسلمين وتعاونهم ضد عدوهم المشترك؛ إقدام بعض المستهترين الأغبياء الذين لا يقدرون عواقب ما يفعلون على ما يؤدي إلى انشغال أبناء الأمة الإسلامية الواحدة بصراعات كلامية لا تبتني على أساس سليم قد يؤدي في حالة عدم وضع حد لعبثهم إلى تعميق جذور التباغض والتمزق والانهيار المخيف الذي تعاني منه أمتنا اليوم شر معاناة)([8]).

وبعد كل هذه النصائح والوعظ والدرس نسي أو تناسى، وبدأ يكيل الشتائم كعادته القديمة حيث يخدع الآخرين في البداية بكلماته الودية الجذابة، وبألفاظه الصادرة عن النفاق ثم يعود إلى أصله وحقيقته فكتب:

(فالوحدة الإسلامية صارت ضحية لخيانة القادة والحكام بتشجيع منكم يا حملة الفكر الوهابي! إذ أن دعوتكم هي التي تسببت في تمزيق بلاد المسلمين بشكل عام، والعرب بشكل خاص.

إذ أنها بدافع حب السيطرة والانتشار من قبل داعيتها الأول محمد عبد الوهاب ساعدت الاستعمار في القضاء على نفوذ الخلافة العثمانية في الحجاز، وإحداث الانفصال عن حكومتها تحت ستار مذهب جديد أعني: الدعوة الوهابية)([9]).

وأيضاً (وما أنتم إلا بعض ضحايا الاستعمار الغافلين أو المتغافلين، وما كتاباتكم المتعصبة ضد مذاهب المسلمين بشكل عام والشيعة منهم بشكل خاص إلا تنفيذاً لهذه المخططات الصهيونية الحاقدة والاستعمارية الجهنمية)([10]).

و(حمل الوهابيون في نجد والحجاز لواء العصبية المذهبية ضد المسلمين باستحلالهم دماءهم، وتوجيه بأسهم وسطوتهم وأفواه بنادقهم كلها إلى قتالهم خاصة وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة، ومثلهم بأنواع الغدر والبغي.

وقد كشفت الأحداث، وأثبتت الوقائع أنهم كانوا يقومون بكل هذه الفظائع بتأييد من بريطانيا العظمى آنذاك، عدوة المسلمين الأولى وأداة الصهيونية النافذة، وقد كانت هذه تمهيد في نفس الوقت لطعن المسلمين في فلسطين بإقامة دولة إسرائيل بعد تمزيق العالم الإسلامي إلى دويلات ضعيفة متنافرة لا تقوى على مواجهة الدولة اليهودية الجديدة)([11]).

فهذه حقيقته ولأمثال هؤلاء قيل قديماً:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

وإن الله عز وجل شنع عليهم دأبهم وذمهم بقوله: ((كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ))[الصف:3].

ثم وما الذي يرجى من الذين يتطاولون على سيد الخلق وأشرف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه، ويشتمون أهله، أزواجه الطاهرات وذريته الطيبين، وخلفائه المهديين، وأصحابه الراشدين([12]) رضوان الله عليهم أجمعين.

وهذا الذي كان يتظاهر في مقدمة كتابه كالمناصح المسالم، هو الذي يقول عن أمير المؤمنين وخليفة رسول الله في المسلمين عمر بن الخطاب الفاروق الأعظم رضي الله عنه، وصهر رسول الله الأمين، وزوج ابنتيه الإمام المظلوم عثمان بن عفان ذي النورين رضي الله عنه: إن أهل السنة.

(نسوا اعتماد عمر بن الخطاب وعثمان ومعاوية، وعلمائهم ومحدثيهم على كعب الأحبار اليهودي([13]) الذي كان من أوثق الناس عند عمر ومعاوية، وكانا يرجعان إليه، ويأخذان بقوله كحجة شرعية)([14]).

و(الثورة على عثمان لم تقم عليه إلا بأسباب كلها ترجع إلى سيرة عثمان، وما ارتكب من الأحداث والأعمال مما لا يرتضيه المسلمون، وكان خارجاً عن روح العدل الإسلامي([15]) وما ابتنى عليه سياسة الحكم والإدارة في الإسلام إلى استبداده بالأمر)([16]).

ويقول:

مسألة عدالة الصحابة ليست من أصول الدين وفروعه بشيء، ولا مدخلية لمثل هذا مما نسجته يد السياسة الأثيمة([17]).

هذا ومثل هذا كثير، فهذا الكتيب مليء بمثل هذه المطاعن والتعريضات، وقد فصلنا القول فيه ببعض التفصيل كي يعرف باطن القوم عن ظاهرهم.

وبعد تسويد عشر صفحات من المقدمة وبدون البسملة والحمدلة، سمى الله وخاطب أساتذة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعلماء باكستان لا سيما مدينة لاهور، وبدأ يشكو ويتظلم عن كتابي الشيعة والسنة، طبق الذي فعل في رده على الخطيب، عنه وعن خطوطه العريضة وثم وبعد الصياح الطويل، والنياح والعويل الغير القليل، عنون الصفحة (27) بعنوان: (كتاب الشيعة والسنة وتحريف القرآن)، وأنكر قولنا بأن الشيعة يعتقدون التحريف في القرآن الموجود بأيدي الناس وقال:

إن الأخبار المتواترة القطعية الصريحة تدل على أن القرآن الكريم، الكتاب الذي أنزله الله على الرسول الأعظم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هو هذا الكتاب الموجود بين الدفتين الذي يعرفه المسلمون من الشيعة والسنة، ويعرفه غيرهم أيضاً، لا شك في ذلك ولا ريب([18]).

والطريف أنه لم يورد في الكتيب كله ولا رواية واحدة تؤيده وتصدقه فضلاً عن الأخبار الكثيرة المتواترة، كما لم يستطع أن يرد رواية واحدة من الروايات التي أوردناها في كتابنا في إثبات تحريف الكتاب حسب معتقداتهم، أو يضعفها ويوهنها من حيث السند، أو ينكرها من حيث النسبة، اللهم إلا السورة التي ذكرناها وذكرها الخطيب في خطوطه العريضة من فصل الخطاب أن النوري أوردها في صفحة (180) من كتابه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب.

وأظرف من هذا وأطرف بأننا أثبتنا نفس هذين الأمرين –أي: أمر السورة وأمر التحريف- في كتابنا الشيعة والسنة.

وللطرافة والظرافة، وإظهار معاندة القوم، وإعراضهم عن الحق، وإصرارهم على الباطل والمخادعة. ننقل ههنا ما كتبناه آنذاك:

ففي صفحة (78) من الشيعة والسنة كتبنا في الهامش:

ولقد كان الشيخ السيد محب الدين الخطيب صادقاً في رسالته الخطوط العريضة حين قال: وحتى القرآن الذي كان ينبغي أن يكون المرجع الجامع لنا ولهم على التقارب والوحدة، هم لا يعتقدون بذلك، ثم ذكر بعض الأمثلة من صفحة (9 إلى 16) التي تدل على أن الشيعة لا يعتقدون القرآن الذي في أيدينا وأيدي الناس، بل يظنونه محرفاً مغيراً وناقصاً.

وقد رد عليه لطف الله الصافي في كتابه مع الخطيب في خطوطه العريضة من (ص48 إلى ص82) بحماس وشدة وأنكر اعتقاد الشيعة بتحريف القرآن وتغييره إنكاراً لا يستند إلى دليل وبرهان.

فأولاً: ما استطاع الشيخ الشيعي لطف الله الصافي أن ينكر ما ذكره الخطيب من نصوص الشيعة الدالة على التحريف والتغيير في القرآن، كما لم يستطع إنكار كتاب الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ومرتبته وشأنه عند الشيعة، بل قد اعترف بتضلعه في الحديث وعلو مقامه عندهم.

ثانياً: ذكر الصافي نفسه بعض العبارات في كتابه التي هي بمنزلة الاعتراف باعتقاد الشيعة بالتحريف في الكتاب المبين.

ثالثاً: التجأ الشيخ الشيعي أخيراً إلى أنه لا ينبغي أن يثار مثل هذا الموضوع؛ لأنه يعطي سلاحاً في أيدي المستشرقين للرد على المسلمين بأن القرآن الذي يدعونه محفوظاً مصوناً قد وقع فيه الخلاف –أيضاً- مثل التوراة والإنجيل فقوله هذا، ليس إلا إقراراً واعترافاً بالجريمة، وإلا فالمسألة واضحة.

رابعاً: إن الصافي لم يورد في مبحثه حول القرآن رواية من الإثني عشر -المعصومين عندهم- تدل وتنص على اعتقادهم بعدم التحريف في القرآن بخلاف الخطيب فإنه ذكر روايتين عن الاثنين منهم، تصرح بأن القرآن وقع فيه التغيير والتحريف، وها نحن ذاكرون عديداً من الأحاديث والروايات من كتبكم أنتم أيها الصافي! التي لا تقبل الشك في أن الشيعة اعتقادهم في القرآن هو كما ذكره الخطيب رحمه الله ولا تنكرونه إلا تقية وخداعاً للمسلمين([19]).

ثم وفي صفحة (137) ذكرنا سورة النورين أو سورة الولاية من خاتمة مجتهدي القوم الملا محمد باقر المجلسي من كتابه تذكرة الأئمة ثم علقنا عليها في الهامش بقولنا:

وقد ثبت بهذا أن سورة النورين التي ذكرها الخطيب نقلاً عن كتاب شيعي دبستان مذاهب لم ينفرد بذكرها ملا محسن الكشميري، بل وافقه علامة الشيعة المجلسي أيضاً حيث ذكرها في كتابه، فماذا يقول لطف الله الصافي الذي أنكر نسبة الكتاب إلى الشيعة؟ فهل تذكرة الأئمة كتاب شيعي أم كتاب سني؟ وهل المجلسي من أعيان الشيعة أم لا؟

فلم التحمس إلى هذا الحد؟ وقد طبعت هذه السورة في الهند أكثر من مرة، وأقرها علماء الشيعة في القارة الهندية الباكستانية مثل السيد علي الحائري وغيره([20]).

وأيضاً نقلنا عن النوري الطبرسي (خاتمة محدثيهم) كما يسمونه أنه قال في كتابه فصل الخطاب:

ونقصان السورة هو جائز كسورة الحفد وسورة الخلع وسورة الولاية([21]).

وعلقنا على هذا بقولنا:

وقد ذكر السيد الخطيب رحمه الله في الخطوط العريضة أن الشيعة يعتقدون بسورة (الولاية) في القرآن وأنها أسقطت، فيرد عليه الصافي في كتيبه مع الخطيب بشدة وحماس بقوله:

فانظر ما في كلامه هذا من الكذب الفاحش والافتراء البيّن، ليس في فصل الخطاب لا في (ص180) ولا في غيرها من أول الكتاب إلى آخره ذكر من هذه السورة المكذوبة على الله.

فنقول في جوابه وفي أسلوبه: أيها الصافي! ألا تستحي من الله؟

ولا تتفكر بأن في الناس من يظهر كذبك؟ اتق الله يا أيها الصافي! ما مات العلم بموت الخطيب، وإن في أهل السنة من يستطيعون أن يبينوا عواركم وكذبكم، فهذا هو الطبرسي يمثل للنقصان في القرآن بسورة الولاية([22]).

وفي هذه المرة وفي هذا الكتاب –أيضاً- لم يعمل صاحبنا هذا إلا معاملته القديمة حيث أنكر التحريف بدون أن يستند ولو إلى رواية واحدة من أئمة المعصومين حسب زعمه، كما كرر القول بعدم وجود سورة الولاية غير ناظر ولا ملتفت إلى ما رددنا به عليه سابقاً، فكتب بكل جرأة ولا مبالاة:

فهؤلاء يأتون كل يوم بكتاب زور، غايته التمزيق والتفريق وجرح العواطف، وإحياء الضغائن فيوماً يكتبون الخطوط العريضة ويوماً ينشرون العواصم من القواصم مع شرح خبيث.... ويوماً يكتبون بكتيب الشيعة والسنة ويقولون عن الشيعة:... إنهم يقولون بتحريف كتاب الإسلام (القرآن المجيد) وإنه قد زيد فيه ونقص منه كالسورة المختلقة الموسومة بالولاية([23]).

ثم علق عليه بقوله:

هذه السورة المكذوبة على الله تعالى التي اخترعها أعداء القرآن والإسلام، أسندها النصاب إلى الشيعة هي التي ذكرها الخطيب، وذكر أن النوري أوردها في الصفحة (180) من كتابه ورددنا عليه في مع الخطيب أنه لم يوردها لا في هذه الصفحة ولا في غيرها.

ومع ذلك أخذنا بذلك كاتب الشيعة والسنة وأتى بما هو سيرته، وسيرة أسلافه النصاب من الفحش، وإسناد الكذب إلى أهل الصدق، ومع أنه رأى كذب الخطيب ترحم عليه([24]).

وإنني لأرى أن هذين الأمرين يكفيان لبيان حقيقة القوم وأصلهم، وتثبيتهم على الكذب والزور حيث يعملون بقول جوئيبلز الألماني: كرر قول الزور والكذب بكثرة حتى نفسك تنخدع بأنه صدق.

ولا أدري ولست أخال أدري أقوم آل حصن أم نساء

ولعله ظن الشيخ الشيعي بأن الكتاب -فصل الخطاب - لا يوجد عند أحد غيره؛ ولذلك اجترأ على هذا القول، وها نحن نورد هذه السورة الكاملة من فصل الخطاب وننقلها حرفياً كما أوردها النوري الطبرسي نقلاً عن كتاب دبستان المذاهب ومن الصفحة (180، 181)، كما نثبت الصورة الفوتوغرافية لكلتا الصفحتين كي يعرف الحق من لا يعرفه قبل، يظهر الصدق لمن كان خافياً عليه حتى الآن.

فقال النوري الطبرسي([25]) في محاولته إثبات التحريف اللفظي في القرآن نقلاً عن صاحب كتاب دبستان المذاهب: وبعضهم يقولون: إن عثمان أحرق المصاحف، وأتلف السور التي كانت في فضل علي وأهل بيته عليهم السلام منها هذه السورة:

(بسم الله الرحمن الرحيم. يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم الدين. نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم، إن الذين يوفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعيم، والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم، ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم. إن الله الذي نور السماوات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذناهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم، إن الله قد أهلك عاداً وثمود بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتقون وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون وأغرقناه ومن تبعه أجمعين ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون. إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون. إن الجحيم مأواهم وإن الله عليم حكيم. يا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنات النعيم. إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم وإن علياً من المتقين وإنا لنوفيه حقه يوم الدين. ما نحن عن ظلمه بغافلين. وكرمناه على أهلك أجمعين. فإنه وذريته لصابرون. وإن عدوهم إمام المجرمين. قل للذين كفروا بعد ما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون. يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن بتوليه من بعدك يظهرون، فأعرض عنهم إنهم معرضون. إنا لهم محضرون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون. إن لهم في جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل. فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلى يوم يبعثون. فاصبر فسوف يبصرون. ولقد آتينا بك الحكم كالذين من المرسلين. وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون. ومن يتول عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين، يا أيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهداً فخذه وكن من الشاكرين. إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون سيجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون. إنا بشرناك بذريته الصالحين. وإنهم لأمرنا لا يخلفون، فعليهم مني صلوات ورحمة أحياءً وأمواتاً يوم يبعثون. وعلى الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين. وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون. والحمد لله رب العالمين).

قلت: ظاهر كلامه أنه أخذها من كتب الشيعة ولم أجد لها أثراً فيها غير أن الشيخ محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني ذكر في كتاب المثالب على ما حكى عنه أنهم أسقطوا من القرآن تمام سورة الولاية ولعلها هذه السورة([26]).

فهذه كل حقيقة الرد علينا من قبل السيد لطف الله الصافي المحترم، ويكفي هذه الشهادة من أهله عليه، وتكذيبه إياه، وبيان سيرة أسلافه الروافض من الفحش وإسناد الكذب إلى أهل الصدق.

وكذلك إنكاره دعاء صنمي قريش([27]) ليس إلا إنكار المتعنت المكابر والمجادل المتجاهل، وإلا فقد ثبت هذا الدعاء في كتب القوم، وادعى مفسرهم البحراني ثبوت التحريف في القرآن منه أيضاً حيث يقول:

وقد وردت في زيارات عديدة كزيارة الغدير وغيرها، وفي الدعوات الكثيرة كدعاء صنمي قريش وغيره عبارات صريحة في تحريف القرآن وتغييره بعد النبي صلى الله عليه وسلم([28]).

كما أن آغا بزرك الطهراني ذكر دعاء الصنمين هذا في موسوعته وقال:

إن شروحه بلغت إلى العشرة([29]).

ولا أدري لم الإنكار والإصرار عليه؟

أفراراً من الفضيحة، أو لجوءاً إلى التقية عادة، أم ظناً بأن ليس في السنة من يعرف كتب القوم؟

أما ماذا؟

وهذا وذاك يكفي للحكم على أن الرجل ممن يتعود تعمد الكذب، وكتمان الحق، وإظهار الباطل.

ولكننا مع ذلك نريد أن نبين الحق والحقيقة أكثر من ذلك وأصرح، حتى لا يتصدى بعد ذلك أحد لخداع المسلمين السنة حول هذه المسألة أي: مسألة تحريف القرآن. ولأجل ذلك أفردنا لها هذا الكتاب، وإن القارئ ليندهش حينما يرى أن الروايات التي تنبئ وتصرح ببيان عقيدة القوم في القرآن وتغييره وتحريفه تزيد على ألفي حديث عند القوم! ونحن نورد في هذه العجالة أكثر من ألف حديث شيعي في هذا الخصوص، ولقد نجزئ هذا الكتاب بأجزاء أربعة:

أولاً:- بيان عقيدة القوم قاطبة المتقدمين منهم في تحريف القرآن في القرون الأربعة الأولى.

ثانياً:- بيان من أنكر التحريف في الدور الثاني من القرن الرابع إلى القرن السادس من الهجرة، وعدد من أنكر، والأسباب التي ألجأتهم إلى الإنكار.

ثالثاً:- بيان الرد على من أنكر التحريف من الشيعة في الدور الثالث، وأسماء الذين صرحوا باعتقادهم التحريف في القرآن من محدثي القوم ومجتهديهم، وذكر كتبهم وأجزائهم التي خصصوها لبيان هذه العقيدة.

رابعاً:- نقل روايات وأحاديث القوم، التي يتجاوز عددها ألف حديث ورواية نقلاً عن كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للنوري الطبرسي، وبيان منزلة المؤلف -وهو العمود الأساسي الذي قصدنا ثبته في هذا الكتاب- وذكر الكتب التي كتبت رداً عليه وتأييداً له.

وبهذا لعلي أكون أول من نقل فصل الخطاب جزأه الأكبر بأمانة علمية وإتقان حقيقي إلى العالم عموماً وأهل السنة خصوصاً، الكتاب الذي طالماً حاولوا إخفاءه عن السنة، وكتمانه عن الدنيا، والله حسبي وهو ولي التوفيق.

وقبل أن آتي على آخر القول أريد أن أذكر أنني لست أنا ولا السيد الخطيب رحمه الله أوّل من نسب هذه العقيدة إلى القوم، بل قبل ذلك اعترف وأقر بهذه العقيدة علماء الشيعة وكبراؤها في كل عصر، وأثبتوها لأنفسهم كما سيأتي.

وعلى ذلك صرح نابغة الأندلس المفقود وإمام عصره، العلم الفحل، الحافظ ابن حزم الظاهري المتوفى سنة 456هـ بقوله:

ومن قول الإمامية كلها قديماً وحديثاً أن القرآن مبدل، زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثير، وبدل منه كثير([30]).

وكذلك لما امتثل النصارى بقولهم واستدلوا به على وقوع التغيير والتبديل في القرآن تبرأ منهم وقال:

إن دعوى الشيعة ليست حجة على القرآن ولا على المسلمين؛ لأنهم ليسوا منا ولسنا منهم([31]).

هذا ومثل هذا كثير.

ولا يغرن أحداً قول قائل: إن مثل هذا البحث يعطي مجالاً للأعداء للطعن في القرآن والكلام فيه([32]).

حيث أن جوابنا نفس الجواب الذي أجاب به الإمام ابن حزم المسيحيين وعلمائهم القسيسين والرهبان.

وثانياً: أن هذه العقيدة مثبتة في أمهات كتب الشيعة. ولا يخلو كتاب من كتبهم من التفسير، والحديث، والفقه، والعقائد خاصة إلا وفيها ذكر هذه العقيدة، المذكورة بالدلائل والبراهين.

وهذه الكتب كلها في متناول المخالفين.

ثالثاً:- أن كتاب فصل الخطاب طبع في إيران وانتشر في الأوساط العلمية، الشرقية منها والغربية، ووصل إلى المستشرقين، ونقلوا منه أشياء كثيرة في كتبهم وقد قيل قديماً في الفارسية ع.

نهان كى ماند آن رازى كه زو سازند محفلها.

أي كيف يخفى ذلك السر الذي يقيمون عليه المحافل، ويزينون به المجالس؟

ثم ولا يوجد كتاب من تراجم القوم إلا وفيه ذكر لهذا الكتاب.

كما أن كتاب فصل الخطاب وصل إليهم، وقد نقلوا منه([33]).

وأكثر من ذلك لا يطبع كتاب تفسير للقوم إلا وفي مقدمته بحث عن تحريف القرآن، وسرد الأدلة لهذا كما سيأتي مفصلاً في محله.

وبهذا يظهر أنه لا صراخ ولا عويل إلا من بطش الحق وتبيين الحقيقة للغفلة من المسلمين عامة، والسنة خاصة.

هذا ولم يتكلم صاحب صوت الحق في رده علينا إلا في مسألة تحريف القرآن فقط، ولم يحاول أن يتناول المواضيع الأخرى التي ذكرناها في كتاب الشيعة والسنة وبذلك أثبت أنما كتبناه ثابتاً عنده ومسلماً، ولم يكن في إمكانه أن يرد علينا.

ولو أن محاولته في مسألة تحريف القرآن باتت فاشلة محضة، وعبثاً كلف نفسه للتورط في هذا الخصوص.

وأخيراً: أدعو الله العلي القدير أن ينصر الحق وأهله، ويخذل الباطل ومعتنقيه، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

كما أدعو الله سبحانه تبارك وتعالى أن يجزي جميع الإخوة الذين ساهموا ويساهمون في مساعدة الحق ومؤازرته، وأخصّ بالدعاء عزيزي عطاء الرحمن الثاقب الذي لازمني لمراجعة الكتب وتبييض المسودة وتسويدها، وصديقي الشيخ عبد الخالق القدوسي صاحب المكتبة القدوسية، الذي يطير فرحاً وسروراً كلما يسمع بكتابة كتاب وخاصة للرد على فرق منحرفة عن صراط الحق وجادة الصواب، ويسارع إلى تقديم الكتب التي أحتاج إليها في البحث والتحقيق.

وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله نبي الهدى والرحمة وعلى آله وأصحابه أجمعين.

17/ربيع الأول/1403ه‍إحسان إلهي ظهير

3/يناير/1983م لاهور – باكستان.
الصفحات 1 2 

التالي

الرد على أصول الرافضة الجزء الثالث

السابق

حسن الظن راحة للقلب

كلمات ذات علاقة
أسوء , الثاني , الجزء , الرافضة , الرد , على