شرح أحاديث شريفة : الترهيب من كثرة الكلام

مجتمع رجيم / الحديث الشريف وتفسيره
كتبت : نورس الكوت
-
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من صحيح البخاري ومسلم ، واليوم الحديث عن الترهيب من كثرة الكلام ، القاعدة الذهبية : " أنه من كثر كلامه كثر خطأه " ، فيك يا فلان خصلتان ، يحبهما الله ورسوله : الصمت وحسن الخلق ، الساكت في سلامة ، والمتكلم إما له أو عليه .

احذر لسانك أيها الإنســان لا يلدغنك إنه ثعبـــان

كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان

/07 /2005 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي





***

أول حقيقة في هذا الدرس أنك حينما لا تعدّ كلامك من عملك فأنت في خطأ كبير ، فعَنْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً )) .

[أحمد]

كلمة ، كلمة تسبب طلاق ، كلمة تسبب فصم شركة ، كلمة تسبب شقاء أسرة ، كلمة تسبب عداء مستحكم .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً )) .

[أحمد]

أيها الإخوة الكرام ، هناك وهم عند المسلمين خطير جداً ، وهو أن المسلم حينما يتوهم أنه لم يفعل الكبائر ، لا قتل ، ولا سرق ، ولا زنا ، ولا شرب خمر ، كأنه نجا ، استمع إلى قول النبي عليه الصلاة والسلام (( أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا ، وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَيَرْضَى بِهَا )) .

[ ابن ماجه عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ ]

أكثر المسلمين عنده قائمة طويلة يتوهم أن كل بنودها صغائر لا قيمة لها ، ولا تقدم ، ولا تؤخر ، ويقول لك : كلام في كلام ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : (( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا ، فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا ، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً ، فَقَالَ : لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ )) .

[الترمذي ، أبو داود ، أحمد]

مع أن أكبر مدينة ساحلية مياهها آسنة ، تخوض غمار البحر عشرات الكيلو مترات والماء ، أسود ، والبحر لا ينجس ، البحر طهور ماءه ، حل ميتته ، أما كلمة قصيرة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته .

هذا اللقاء وهذا الدرس حول أخطاء اللسان الكبيرة ، ترى المجتمع ممزقًا ، السر الحي منقسم ، بسبب هذا اللسان ، لذلك عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ )) .

[أحمد]

أكبر كلمة ينبغي أن نذكرها في هذا الدرس : يجب أن تعد كلامك من عملك ، أضرب لكم بعض الأمثلة .

امرأة مؤمنة طاهرة ، لها زوج تحبه ويحبها ، وتطيعه ويكرمها ، أنجبت مولوداً ، زارتها جارة لها ، قالت لها : ماذا قدم لك في هذه المناسبة ؟ قالت : ما قدم لي شيئًا ، قالت : يا حوينتك به ! كلمة ، تألمت ، صغرت أمامها ، يليق بك زوج يضعك في عينيه ، زوجها فقير ، وموظف ، ودخله من حلال ، وليس مستعدًا أن يمد يده للحرام ، فلما قالت لها هذه الكلمة اسود زوجها في عينيها ، جاء ظهرًا فإذا هي متغيرة ، ما فيها ابتسامة ، ولا أهلاً وسهلاً ، منزعجة ، ما الذي حصل ؟ اسكت ، يعلو صوته عليها ، يعلو صوتها عليه ، يتكلم كلمة قاسية تبكي ، تذهب إلى بيت أهلها ، تأتيها خالتها وعمتها يغذيانها ، ألاّ تعودي إليه ، قد ينتهي هذا الزواج بالطلاق ، والله عندي آلاف الشواهد من كلمة قالتها جارة ، هذه التي قالت شيطانة .

قصة ثانية ، شابة نشأت في بيت مؤمن ، بيت فيه منهج ، فيه أدب ، فيه حياة ، همها قيام الليل ، همها صلاتها ، همها عبادتها ، همها دراستها ، همها تحصينها ، واثقة من نفسها ، واثقة من ربها عز وجل ، يأتي قريب لها من محارمها ، لماذا أنت سوداء ؟ لمن أنت طالعة ، لا يخطر في بالها إطلاقاً معنى لونها ، هذا بعيد عن عالمها كلياً ، فعلاً هي غامقة ، من يخطبك ؟ هذا الإنسان بحقها مجرم أدخلها في عقدة .

والله أيها الإخوة ، كل كلمة تقال في المجالس ، في السهرات ، في النزهات ، في الندوات ، أحياناً تقول : شيطان يتكلم ، تدخل إلى بيت صغير ، صاحبه فرح به ، مختل توازنه من فرحه ، عنده بيت ملك ، ماذا هذا البيت ؟ يقول له : هذا لا يسكن ! كيف اشتريته ، هو عنده بيت ثلاثمئة متر ، وهو تاجر ، وغني ، وهذا الذي زاره ابن أخيه موظف محترم ، مستقيم صادق ، أخذ بيتًا ستين مترًا ، يسوّده في عينيه ، ترى حياته نغصت ، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام : (( ليس منا من فرق )) .

[الطبراني عن معقل بن يسار]
والله أيها الإخوة ، أنا لا أصدق أن مؤمنًا يسوّد حاجات إنسان مستقيم بعينه ، إما أن يسوّد بعينه عينه ، أو زوجته ، أو أولاده ، أو دخله ، أو وظيفته ، يكون موظفًا يشتغل بمحل ، صاحب المحل إنسان كريم ، ويعطيه معاشًا معقولًا ، وفي ذهنه أشياء كثيرة له ، يزوجه فرضاً ، يأخذ له بيتًا ، وهما في تفاهم ، وفي إخلاص ، وفي ود ، يأتي عنده إنسان ، ماذا يعطيك ؟ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )) .

[الترمذي]

والله ثمانية آلاف ، ثمانية ؟ لا تكفيك ثلاثة أيام ، أنت مجنون ، أنت تستحق عشرين ، كبر رأسه ، بدأ ينتقم ، يعترض ، لا يكفي المعاش ، قال له صاحب العمل : مع السلامة ، ما وجد عملا ، عنده زوجة ، أنت ماذا فعلت معه ؟

والله أيها الإخوة ، أكثر المتكلمين المنقطعين عن الله شياطين ، يفرقون بين المرء وأهله ، بين الأم وابنها ، بين الشريك وشريكه ، بين الجار وجاره ، ما عنده غير النقد ، ما عنده إلا الاستعلاء ، كأنه أكل أكلة حامضة ، دائماً مكشر ، ما عنده إلا النقد ، تصغير حاجات الناس في عيونهم ، فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام (( ليس منا من فرق )) .

[الطبراني عن معقل بن يسار]

وهذا الحديث أيها الإخوة والله ينخلع له القلب .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ )) .

[ متفق عليه ]

أحيانا لا يتكلم ، ماذا قالوا : تزوجت ؟ نعم تزوجت ، من أخذت ؟ والله فلانة ، لا يتكلم ولا كلمة ، فقط يهز ثوبه ، يطلقها ثاني يوم ، ماذا قلت ؟

أقسم بذات الله ، أحياناً لا أرى في هؤلاء الأشخاص إلا شياطين من الإنس ، معلمة عندها طالبة متربية ، عندها خجل ، المدرسة لها رهبة عندها ، تقول لها : أنت غبية ، وهي في الصف السادس أو في السابع ، تنشئ عندها عقدة للموت ، أنها غبية لا تنجح ، تكون متفوقة ، قالت لها المعلمة : إنها غبية .

أنا أقول لكم أيها الإخوة : الشريحة الكبيرة من المسلمين لا تزني ، الشريحة العريضة في بلادنا لا تزني ، لا تشرب خمر ، لا تقتل ، لا تسرق ، لكن هذا اللسان خطير ، كيفما تكلم ينتقد ، وكيفما تكلم يؤذي ، وكيفما يتكلم يستعلي ، وهذا الشيء بين النساء كبير جداً .

أحيانا تستعير سوارين أو ثلاثة للعرس ، تضع من هنا إلى هنا ، والله زوجي اشترى لي ، هذه التي تتفاخر بما ليس لها شيطانة ، همّها أن تكسر عين مَن حولها ، وتستعلي عليهم ، ترى مجتمع المسلمين مجتمعًا ممزقًا ، مجتمعًا فيه عداوات ، وفيه خصومات من هذا اللسان .

احذر لسانك أيها الإنســان لا يلدغنك إنه ثعبــــان

كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان

فلذلك الترهيب من كثرة الكلام ، من كثر كلامه كثر خطأه ، نضر الله عبداً أوجز في كلامه ، واقتصر على حاجته ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )) .

[ البخاري ومسلم ، والترمذي ، واللفظ له ]

إذا كان عندك رغبة بدراسة اجتماعية فاجلس جلسة مع أقربائك ، وكن مستمعًا ، ولاحظ ماذا يقولون ، تسعون بالمئة من حوارهم حول كلمة قال فلان متجنياً على فلان ، وفلان رد عليه بكلمة أقسى ، وصاروا في قطيعة بينهما ، لا تزاور ، ولا تواصل ، من كلمة ، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام ما من شيء يقرب بيننا إلا ذكره ، وما من شيء يباعد بيننا إلا نهانا عنه ، فأنت اجمع الأحاديث الاجتماعية .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا تَحَاسَدُوا ، وَلَا تَنَاجَشُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يَخْذُلُهُ ، وَلَا يَحْقِرُهُ ، التَّقْوَى هَاهُنَا ، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ ، وَمَالُهُ ، وَعِرْضُهُ )) .

[متفق عليه]

وأنا أقول لكم : كلما تماسك الناس عن طريق الانضباط ، عدم الغيبة ، عدم النميمة ، أقول لكم مرة ثانية : هناك كبائر لسانية ، كبائر لسانية تحول بينك وبين دخول الجنة ، منها النميمة ، وهي ـ والله ـ متفشية بين المسلمين بشكل وبائي ، سمعت ما قال عنك ؟ قال : إنك لا تفهم شيئًا ، فعلاً قالها ، لكن أنت حينما قلت له ماذا فعلت ؟ ماذا حققت ؟ لو سكتت فهناك شعرة معاوية بينهما ، هناك بقية تواصل ، أما المؤمن فلا يمكن أن ينقل كلامًا سيّئًا قيل في فلان لفلان ، يحدث شرخًا ، وانهدامًا ، وحقدًا ، وتفكيرًا بالانتقام ، وأحدث فضيحة ، ونشر غسيلا ، مجتمع المسلمين مفتت ، مجتمع المسلمين متناحر ، متحاسد ، متنابز بالألقاب ، هناك استهزاء ، وسخرية ، واستعلاء ، تقول لي : مؤمن تصلي ، مؤمن تصوم وتحج ، هذه عبادات شعائرية بينك وبين الله ، وهذه عبادات شعائرية فيها تقبض ثمن استقامتك ، فإن لم تكن مستقيماً ـ والله ـ فلا معنى لها إطلاقاً ، اسألني الدليل ، نبدأ بالصلاة .

النبي عليه الصلاة والسلام لما سأل أصحابه الكرام من هو المفلس : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( أتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ ، وَلَا دِينَارَ ، وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) .

[ مسلم ، الترمذي ]

أين صلاته ؟ الإنسان حينما يفرق بين الناس بكلامه ، حينما يرتكب جريمة النميمة ، قَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ )) .

[مسلم]

لا صلاة لك ، ولا صيام لك ، ولا حج لك ، ليس معقولا ، دائماً كلامك فيه إساءة ، فيه نقد ، فيه تجريح ، فيه قنص ، وأنت مرتاح ، السهرة إلى الساعة الواحدة كلها بالغيبة والنميمة ، والجماعة مسرورون ، بعد ذلك يقرؤون الفاتحة حينما ينتهون ، وكأنهم في عبادة .

أيها الإخوة قال عليه الصلاة والسلام : (( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )) .

[ البخاري ومسلم ، والترمذي ، واللفظ له ]

(( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )) .

[الترمذي]

مرة زرت أحد إخواننا الكرام ، غرفة الضيوف صغيرة جداً ، إلى درجة أنها لا تتسع إلا لعدد من المقاعد ، وفيها طاولة في الوسط ، وبين المقاعد والطاولة مسافة صغيرة جداً ، فالأخ استحيا بهذه الغرفة ، قلت له : من أنت أمام سيد الخلق ، وحبيب الحق ؟ كانت غرفته التي ينام فيها لا تتسع لصلاته ونوم زوجته ، فكانت زوجته عائشة رضي الله عنها تنزاح جانباً كي يصلي ، هل هناك غرفة نوم لواحد منا لا تتسع لنوم امرأته وصلاته ؟ كم مساحتها ؟ قلت له هذا الكلام فَسُرّ .

أنا أرى ـ والله ـ وأطبق ذلك ، أينما تحركت ، أينما دخلت أحسن دنيا الناس في عيونهم ، العبرة بمعرفتك لله ، العبرة بطاعتك له ، العبرة غنى النفس ، الغنى والفقر بعد العرض على الله .

هناك حالات ثانية ، إنسان يشكو لك ابنه ، تقول له : والله أنا عندي ابن ما شاء الله ، قمة في الكمال ، حرقت قلبه بزيادة عندك ابن جيد ، اشكر ربك بينك وبين ربك على انفراد ، لكن ما وجدت مناسبًا أن تشكر الله على ابنك الصالح إلا أمام هذا الذي يتلوى من عقوق ابنه ؟ يجب أن تتكلم كلامًا طيبًا .

تريد دليلا ؟ عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ ، وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ يَبْكِي ، فَقَالَ : مَا لَكَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ ، نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ ، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْأَزْوَاجِ وَالضَّيْعَةِ نَسِينَا كَثِيرًا ، قَالَ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ ... )) .

[مسلم ، الترمذي]

أنا ـ والله ـ أرى التقرب من الله إذا شكا إنسان لك شيئًا ألاّ تتركه مستوحشًا وحده ، والله قضية عامة ، يا أخي ، والله بلوى عامة ، الآن صعب جدًّا ، الأولاد صعاب جدا ، وسائل الإغراء كثيرة ، الله يعينني ويعينك على تربيتهم ، فيها جبر خواطر ، فيها طمأنينة ، كلما رأيت إنسانًا شكا لك قضية فأنت تستثني نفسك ، وأنت عندك زوجة ليس لها مثيل ، وما شاء الله ، طبخ ، ونفخ ، وأناقة ، وشكل ، ما علاقتهم بزوجتك ؟ هذا كلام من الشيطان ، يؤكد هذا لما شكا القبطي له مرة ثانية ، قال : هذا من عمل الشيطان .

أنا أحياناً لما أسمع عن إنسان مجرم ، وألقي القبض عليه ، وصُوّر بحالة ذل شديد ، أقول : هذا من عمل الشيطان ، اضبط كلامك ، يمكن أن ترقى إلى أعلى عليين عن طريق لسانك ، هناك كلمة مطمئنة ، كلمة فيها تطيب قلب .

الآن في الإيجابيات ، يدخل إنسان موظف كبير ، حوله موظفون صغار ، لا يتكلم كلمة ، ولا يسلم ، ولا يسأل ، يظن أن هذا يعلو به مقامه ، لا ، لو سألت هذا الحاجب : كيف حالك يا بني ؟ إن شاء الله بخير ، صحتك طيبة ، أولادك بخير ، يمكن أن يبقى شهرًا يترنم بكلامك ، ماذا كلفك هذا ؟ كلمة طيبة ، والكلمة الطيبة صدقة ، ترى المؤمن موفقًا محبوبًا متواضعًا ، يطيّب قلوب الناس .

كثير من موضوعات بالكلام أيها الإخوة ، إما أن تمدح أهلك مدحًا غير معقول ، أو أن تمدح أولادك ، كيفما جلست تتكلم المرأة عن أولادها ، وأولادها دون الوسط ، وقد يكونون أقرب إلى الضعف ، هوس ، مديح الأهل ، مديح الزوج ، مديح الأولاد ، مديح البيت من أجل الاستعلاء ، ترى هذا الكلام كله كلامًا شيطانيًّا ، لذلك قال الله عز وجل :


[ سورة النجم ]

المعنى المخالف : أن معظم كلام الناس أحياناً وهم في غفلة عن الناس ينطقون عن الهوى ، النبي e لا ينطق عن الهوى ، لا يتكلم كلامًا لإحراج إنسان ، حتى إنه في بعض الآثار : " لا تحمروا الوجوه " ، لا تحرج إنسانًا ، قال له : السعر ، فرضاً ، وهو لا ينتبه ، وأمام عشرين شخصًا ، معقول ، هذا السعر ، أين أنت ، القضية ليست متعلقة بالعقيدة ، ولا متعلقة بالدين ، متعلقة بدرجة حرارة ، أو بخبر سمعه ، يحرجه ، هناك أشخاص قناصون ، يحب أن يحرج الناس ، وفي الأثر : " لا تحمر الوجوه " ، لا تخجله ، قال كلمة لا علاقة لها بالدين ولا بالعقيدة ، اسكت عنها .

أيها الإخوة ، (( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )) .

[ البخاري ومسلم ، والترمذي ، واللفظ له ]

يده موضوع آخر ، اليوم درسنا ( بلسانه ) فقط ، من الصور الرائعة التي وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ )) .

[ البخاري ، الترمذي ، أحمد ]
لحييه لسانه ، ما بين رجليه فرجه ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ ، قَالَ : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، تَعْبُدُ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ، قَالَ : ثُمَّ تَلَا : ] تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ [ حَتَّى بَلَغَ ] يَعْمَلُونَ [ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ ، وَعَمُودِهِ ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ، قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ )) .

[الترمذي]

حينما تعلم أن كلامك من عملك فلك حال مع الله راقٍ جداً ، ضبط اللسان يحتاج إلى جهد كبير ، لأن الكلمة إلقاؤها سهل جداً ، إن أردت أن تقيم وليمة تحتاج إلى وقت ، تفرغ ، إعداد الأعمال ، كلها تحتاج إلى جهد ، إلا الكلام ، كلمة ، قال كلمة ومشى ، وهذه الكلمة فعلت فعل القنبلة في هذه الأسرة .

فلذلك يجب أن نعد كلامنا من عملنا ، (( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ )) .

لذلك هناك تعريض ، وتوبيخ ، وازدراء ، وسخرية ، وتهكم ، وتمطٍّ ، ومناوشة ، ومهاترة ، وتنابز بالألقاب .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ )) .

[ متفق عليه ]
كلمة ، لذلك في بعض الأقوال : قذف محصنة يهدم عمل مئة سنة .

هناك أشخاص أيها الإخوة أسهل شيء عليهم إلقاء التهم ، يلقون هذه التهم وكأنها قنابل ، وينصرفون ، صدقوا في هذا الأسبوع سمعت تهجمات على بعض الأشخاص ، والله كلام لا أصل له ، لا أصل له إطلاقاً ، وتحققت من ذلك ، قال تعالى :


[ سورة الحجرات ]

أتمنى أن أضع بين أيديكم قاعدة ، لك أخ محب ، تحبه ويحبك ، وتقدره ويقدرك ، وتعظمه ويعظمك ، بلغك عنه قصة سيئة جداً ، ماذا تفعل ؟ سأقول لكم ماذا سيجري ، تحتقره احتقارًا ، وأسقطه من حسابك ، وبالتعبير العامي قطعت له ورقة ، ما تحققت ، ما سألت ، ما بحثت ، ما دققت ، هذا عمل خطير جداً ، وعمل فيه مؤاخذة كبيرة من الله ، تأتي إليه ، يا أخي بلغني عنك كذا وكذا ، بينك وبينه ، وأنت غال علي ، أنا أخ وفيّ لك ، حدثني عن حقيقة هذه التهمة ، أول احتمال رائع ، تكون التهمة لا أساس لها من الصحة ، والله مئات التهم تصل إلى سمعي أنا لا أصدقها ، لما أتحقق فعلاً أجد أنه لا أصل لها ، لو أنني تورطت ، واتهمت هذا الإنسان في دينه ، أو في علاقاته ، وأنا غير منصف ، أنا أؤاخذ ، لذلك الإمام الغزالي حدثنا عن غيبة القلب ، القلب يغتاب من هنا قال عليه الصلاة والسلام : (( الذنب شؤم على غير صاحبه إن ذكره فقد اغتابه وإن رضيه شاركه في الإثم وإن عيره ابتلي به )) .

[ورد في الأثر]

تصور أنت لم تذنب ، لكن غيرك أذنب ، أنت أمام ثلاثة مزالق ، أول مزلق أن تقع في الغيبة ، والثاني أن تقع في مشاركة الإثم ، والثالث أن تقع في التعيير ، ومن عير أخاه بشيء ابتلاه الله به .

لكن هناك حالة ثانية ، تعرف أن أخاك إنسان ورع جداً ، ومستقيم ، وتعرف له خصوم ، فجاءتك عنه تهمة ، أنت موقن أنها غير صحيحة ، فإذا ما سألته فلا مانع ، إذا لم تهز هذه الفكرة أو هذه التهمة مكانة أخيك عندك فما مِن داعٍ أن تقول له ، لكن هذه التهمة غيرت قلبك اتجاهه ، هناك استفهام ، ينبغي أن تفاتحه ، تفاتحه ، أو لا تفاتحه ، تفاتحه إن تغير قلبك اتجاهه ، ولا تفاتحه إن كنت متأكداً من استقامته ومن عفافه .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ )) .

[ متفق عليه ]

قال تعالى :


[ سورة البقرة : 83]

نأخذ الناحية الإيجابية ، قال تعالى :


[ سورة فصلت ]

الآية الثانية :


[ سورة النحل : 125]

( أحسن ) اسم تفضيل ، ففي المجادلة يجب أن تختار أفضل كلمة ، أحسن كلمة ، أحسن عبارة ، قال تعالى :


[ سورة النحل : 125]



في الدعوة إلى الله الموعظة الحسنة ، أما في المجادلة ] وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [ ، في أثناء المجادلة هناك جرح ، إذا كان عندك عشر جمل يجب أن تختار أحسنها ، أما في الدعوة على الله فينبغي أن تكون الدعوة حسنة ، أما في المجادلة فيجب أن تكون أحسن .

ثم دققوا في هذا الكلام ، المنهج في الحوار من أجل ضبط اللسان ، قال تعالى :


[ سورة سبأ ]

الحق كرة عندنا أو عندكم ، هذا فيه تواضع ، ما فيه استعلاء ، الإمام الشافعي يقول : " أنا على حق ، وخصمي على باطل ، وقد أكون مخطئاً ، وخصمي على باطل ، وقد يكون مصيباً " .

هذه النفسية المتواضعة تحبب الناس إليك ، والنفسية المتعجرفة التي فيها استعلاء ، هذه تبغض الناس منك ، لو تجاوزنا ذلك إلى أنه يمكن أن تكذب برخصة من النبي صلى الله عليه وسلم للتقريب بين المؤمنين ، هناك خصومة ، وشحناء بين اثنين ، التقيت بأحدهما ، قلت له :

البارحة كنت عند خصمك ، البارحة فعلاً جاءت سيرتك ، أثنى عليك كثيرا ، ما شاء الله يعرف قيمتك ، يلين قلبه وارتاح ، والله أنا غلطان ، هذا مطلوب منك ، طبعاً مطلوب ، لا تنقل شيئا سيئا ، هذا سلبي ، الإيجابي مطلوب ، أن تنقل أجمل صورة ، أحيانا الأب والأم ، يغضب الأب تكون الأم غائبة ، يسب أحياناً ، ماما سبك في غيابك ، شيطان ، أحياناً أحد أسباب الشقاق الزوجي الأولاد ، يعرف أنه أبوه ، يرضيه أن يحدثه عن أخطاء أمه ، ويعرف أن الأم ترضى إذا حدثها عن أخطاء أبيه ، ترى الزوجين في حرب ، والسبب هؤلاء الأولاد .

أيها الإخوة ، إياكم وفساد ذات البين إياكم ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ، لَا أَقُولُ : تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ )) .

[ الترمذي ]

هل هناك حديث أوضح من هذا الحديث (( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ ، لَا أَقُولُ : تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ )) .

الآية الكريمة :


[ سورة الأنفال : 1]

أمر إلهي وكل أمر في القرآن يقتضي الوجوب ،


شيء آخر ، تحدثنا قبل قليل عن الصلاة ، أنها إن رافقها سباب وشتائم ، وعدوان وضرب ، وأكل مال حرام ، هذه الصلاة لا قيمة لها ، قد تنتهي بصاحبها في النار .

الصيام : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .

[ البخاري ، الترمذي أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ]

كأنه لم يصم ، و رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش .

الزكاة ، قال تعالى :




[ سورة التوبة : الآية 53]

بقي الحج ، من حج بمال حرام ، و وضع رجله في الركاب ، و قال : لبيك اللهم لبيك ، ينادى : أن لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك .

بالدليل القطعي الثابت ، لا الصلاة ، ولا الصيام ، ولا الحج ، ولا الزكاة تنفع صاحبها إن لم يكن مستقيماً على أمر الله ، بالتعبير المهني ضربة المعلم أن أدعوكم إلى الاستقامة ، الاستقامة تقطف كل ثمار الإسلام ، من دون استقامة الإسلام ثقافة ، معلومات ، وكتب ، ومجلات ، ومحاضرات ، وندوات ، ومؤتمرات ، ومساجد ، لكن هذا كله لا يقدم ولا يؤخر ، لأن الله عز وجل يقول :


[ سورة فصلت ]

آخر حديث ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ )) .

[ متفق عليه ]
كلمة فيها تطييب قلب ، كلمة فيها احترام ، كلمة فيها دعوة للصبر ، كلمة فيها أن يرضى عن ربه .

أحياناً إنسان يشكو لك أمره مع الله ، الله عز وجل غفور رحيم ، الله عز وجل سميع عليم ، الله يمتحنك ، إذا أحب الله عبد ابتلاه ، إذا أحب الله عبداً جعل حوائج الناس عنده ،


هناك كلمات تملأ القلب سرور ، هذا الحديث إيجابي : (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ )) .

كم من كلمة مخلصة سببت هداية إنسان ، كم من كلمة حانية دفعت إنساناً إلى طريق الخير ، كم من كلمة صادقة رفعت حال إنسان إلى أعلى عليين ، كما أن هناك أحاديث فيها ترهيب هناك أحاديث فيها ترغيب .

والحمد لله رب العالمين






Copyright © 2007 Nabulsi
كتبت : || (أفنان) l|
-
كتبت : سنبلة الخير .
-
كتبت : رسولي قدوتي
-
جزاكِ الله خيرا

حفظك المولى ياغالية
كتبت : * أم أحمد *
-

التالي

وجوب حفظ الاوقات....

السابق

"بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء"

كلمات ذات علاقة
أحاديث , الترهيب , الكلام , شرح , شريفة , كثرة