خصائص الحضارة الإسلامية في العهد العباسي
مجتمع رجيم / تاريخ الامم والاحداث التاريخية
وقد عاصر الإمام أبو حنيفة كلاً من الأئمة "مالك بن أنس في المدينة (ت 79 ا هـ) "، و "الليث بن سعد في الفسطاط (ت 175 هـ) "، وهم جميعاً من أهل الحديث، أي أنهم يتمسكون عند إصدار أحكامهم بنصوص القرآن والحديث، ولا يرضون عما استحدثه الأحناف من أقيسه ذات طابع فلسفي.
وفي السنة التي توفى فيها الإمام أبو حنيفة (150 هـ)، ولد الإمام "محمد بن إدريس الشافعي " في غزة، وعاش في الحجاز حيث حفظ موطأ الإمام مالك بن أنس " بالمدينة المنورة وقرأه عليه وهو صبي في العاشرة من عمره، ثم رحل إلى العراق حيث تعلم في بغداد فقه "أبي حنيفة" قبل رحيله واستقراره قي مصر. ومن ثم جاء مذهبه وسطاً بين مذهب " أبي حنيفة" المتوسع في الرأي، ومذهب "مالك بن أنس " المعتمد على الحديث. وتوفي "الشافعي " قي الفسطاط سنة (204 هـ) ومقامه معروف هناك، ومن أشهر مؤلفاته "كتاب الأم " في الفقه، و "رسالة في أصول الفقه "، تعتبر الأولى من نوعها، إذ وضع فيها لأول مرة قواعد الاستنباط في الأحكام الشرعية وهو ما يسمى بأصول الفقه.
وجاء بعده تلميذه الإمام "أحمد بن حنبل الشيباني "، الذي ولد وعاش ومات في بغداد (164- 241 هـ) وكان يرى أن يقوم الفقه على النص من الكتاب أو الحديث، وأنكر على أستاذه " الشافعي " أخذه بالرأي، واعتبر الحديث أفضل من الرأي، فعاد بذلك إلى رأي الإمام مالك. ومن أشهر كتبه "المسند" الذي يعتبر موسوعة لأحاديث الرسول (r ) .
وأخيراً يعتبر الشيعة "الإمامة" ضرورية ومن أساس الدين، والإمام عندهم هو الذي يسير بالأمة إلى الهدف الأعلى ويدفعها إلى السير في الطريق المستقيم، والفقه من اختصاص الإمام وحده فهو المجتهد المطلق، ومن كتبهم كتاب الكافي للكليبي ت 328 هـ/939 م والنهاية في الفقه لمحمد بن الحسن الطوسي ت 460 هـ/1067 م.
وهكذا نرى أن بغداد عرفت من الفقهاء الذين أقاموا أو درسوا فيها، عدة اتجاهات فقهية، فهناك المتمسك بالرأي، كأبي حنيفة"، وهناك المتمسك بالنصوص "كابن حنبل "، وهناك من لاءم بينهما واتخذ مذهباً وسطاً "كالشافعي. والواقع أن كل المذاهب الفقهية الإسلامية تتفق معاً في العمل بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة والتابعين، ولكنها تختلف في فهم واستنباط الأحكام الشرعية وتطبيقها.
أما دراسات العلوم اللغوية والنحوية، فقد شهدت العراق فيها ثورة واسعة ضخمة على أيدي علماء البصرة والكوفة الذين حققوا إنجازات وابتكارات علمية في هذا المجال للحفاظ على كلام العرب وتقويم اللسان العربي، بعد أن فشا اللحن في كلام المسلمين، نتيجة لاختلاطهم بالأعاجم في البلاد المفتوحة. لهذا قام هؤلاء العلماء بجمع وتدوين ألفاظ اللغة العربية وأشعارها من منابعها الصافية في نجد بقلب الجزيرة العربية. كذلك وضعوا قواعد نحوية للغة العربية، وابتكروا النقط والشكل على الحروف لمعرفة نطق الكلمات نطقاً سليماً، ولا سيما القرآن الكريم، حتى لا يتعرض للتحريف. هذا إلى جانب تصنيف المعاجم اللغوية، ووضع علم العروض لمعرفة أوزان الشعر وأحكامه وبحوره.
ومن أشهر الرواد الذين حققوا هذه الابتكارات العلمية مع بداية العصر العباسي العالم البصري العربي، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ/ا 79 م) "، وتلميذه وشيخ البصريين بعده العالم الفارسي "أبو بشر عمرو بن عثمان الملقب بسييويه.
منقول للامانه
من احد المنتديات
المصدر جامعه الملك سعود