على خطى عليها السلام

مجتمع رجيم / تاريخ الامم والاحداث التاريخية
كتبت : بنتـ ابوها
-
على خطى هاجر عليها السلام

كتب:
13/09/1430 الموافق 02/09/2009


بقلم / منال المغربي
قضى الله تبارك وتعالى بجعل نُسك من مناسك الحج والعمرة - وهو السعيبين الصفا والمروة – على خطى امرأة ؛ إكراماً وتعظيماً لشأنها ، وإظهاراً لدورها ، وثناءًعلى جهدها الذي بذلته خدمةً لدينها؛ وهي هاجر ـ عليها السلام ـ التي عُرِفَتْ بأمِّالعَرَب العدنانيين ، وبأم الذبيح (إسماعيل عليه السلام).
كانت هاجر ـ عليها السلامـ جارية مصرية وَهَبَهَا ملكُ مِصرَ إلى السيدة سارّة عليها السلام، وبدورها وهبتهاإلى إبراهيم عليه السلام ليتزوجها، عسى الله تعالى أن يرزقه منها ولدا يشاركه مسؤوليةالدعوة إلى الله تعالى ، لاسيما بعد أن طعنت سارّة في السن، ولم تنجب، وعندما وضعتهاجر وليدها أخذها إبراهيم إلى صحراء مكة لحكمة يريدها الله تعالى، وفي تلك البقعةالمقدسة بدأت فصول قصتها التي نستشف من خلالها ملامح من شخصيتها ، ميّزتها عن غيرهامن نساء العالمين؛ منها:
1- يقين راسخ بالله تعالى وتوكّل عليه: ذكرتْ كتب التفاسيرأنّه حينما أخذ إبراهيم هاجر ورضيعها عليهم السلام إلى مكّة ، وليس فيها يومئذٍ أحد،وليس بها ماء، وضع عندهما جِراباً فيه تمر ، وسِقاء فيه ماء، وعندما همّ بالانصرافقامت إليه هاجر ، وتعلّقت بثيابه وقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتدعنا ههنا ، وليس معناما يكفينا؟ وفي رواية أخرى: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به إنس ولا شيء؟فلم يُجبها، فلما ألحّت عليه وهو لا يجيبها، قالت له: الله أمرك بهذا؟؛ فقال: نعم،فقالت: إذن لا يضيِّعنا.
2- القدرة على التكيف مع الظروف المستجدّة؛ محطات كثيرة منحياة هاجر عليها السلام أكّدت تمتعها بهذه الصفة؛ فلقد كانت جارية لفرعون أو ملكمصر ، أي أنّها كانت ترفل بنعيم القصور ، ومعتادة على هذه الأجواء ، خصوصاً وأنّ مصر فيذلك الوقت كانت بلد النماء والمال والحركة، وبعد أن أهداها الفرعون لسارّة عليهاالسلام انتقلت برفقتها وزوجها إبراهيم عليهم السلام إلى بلاد الشام ذات الطبيعةالمعتدلة ، ومعهم أنعام وعبيد ومال جزيل.
وبأمرٍ من الله عز وجل اضطُرت للسكن فيصحراء الجزيرة العربية ، حيث طبيعة وبيئة مختلفة وحدها هناك ، بلا أنيس ولا جليس ولاطعام أو شراب ، بعيدة عن أجواء المدنية التي اعتادت عليها.
3- شجاعة تقهر المخاوف ،ظهرت في مواجهتها خوف الوحدة والوحشة(من خلال السماح لإحدى القبائل بمجاورتها) وخطرالهلاك من الجوع والعطش (بالسعي والبحث عن الماء والكلأ) يقول ابن كثير في كتابه))قصص الأنبياء)): "إنه لما نفذ ما في السِّقاء عَطِشت هاجر، وعَطِش ابنها، وجعلتتنظر إليه يتلوى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرضيليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا، حتى إذابلغت الوادي سعت سعي الإنسان المجهود، ثم أتت المروة فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبعمرات حتى أنبع الله تعالى لهاجر وابنها الماء ، بواسطة الملك الذي ضرب موضع زمزمبعَقِبه – جناحه- حتى ظهر الماء ، ثمّ قال لها: لا تخافوا الضَّيعة، فإنّ ههنا بيتالله ، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإنّ الله لا يضيِّع أهله" .
ولا ننسى مواجهتهاالعوامل الطبيعية لصحراء مترامية الأطراف ، تموج بكل ما لا يخطر على بال إنسان منحيوانات مفترسة ، وحشرات ضارّة ، وعوامل جوّية ، وبيئية مختلفة كل ذلك بالصبر والتحمّل، وبثبات نادر قلّ نظيره.
4- القدرة على إدارة الأزمات وتوظيفها لصالحها ، ويتجلّى هذاالأمر بالنقطة السابقة التي تمّ ذكرها ، وأيضاً في حادثة تفجّر ماء زمزم؛ فبعد أنشربت منه هاجر ، وأرضعت ولدها حتى ارتويا ، تضيف كتب التفسير أنّ رفقة من جُرهم ، وهيقبيلة من قبائل العرب نزلوا في أسفل مكّة، فرأوا طائراً ، فقالوا: " إن هذا الطائرليدور على الماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء".
فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء،فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ فقالت: نعم، ولكن لا حقّ لكم في الماء، فقالوا: نعم. وبذلك استطاعت هاجر أن تضمن لنفسها ولولدها مصدر رزق تعتاش منه ، فنزلواوأرسلوا أهليهم فنزلوا معهم.
5- الصبر على شظف العيش ومرارته وعوامل الطبيعة ، وعلىغياب الزوج وتربية الولد.
6- فن صناعة الرجال؛ فهاجر ـ عليها السلام ـ رغم الظروف الصعبةالتي نشأ بها ابنها إسماعيل ـ عليه السلام ـ من غياب الأب، وكون إسماعيل الولد الوحيدلأمّه إلا أنّ صحبتها وتربيتها له لم تفسده، بل على العكس كانت على قدر المسؤوليةالتي أُنيطت بها؛ فلقد تخرّج إسماعيل من بين يديها رجلاً مؤهلاً لحمل رسالة النبوة.
ونجاح هاجر ـ عليها السلام ـ في أدائها هذه المهمّة يتجلّى بـ:
ـ عدم حقد إسماعيل علىأبيه لتركه وأمّه في صحراء قاحلة، وتفهّمه لهذا الغياب على أنه التزاماً لأمر اللهتعالى.
- طاعته له في محنة الذبح ومعاونته بعد ذلك في بناء البيت العتيق .
- سعيالقبيلة لتزويجه بإحدى بناتهم بعدما – أعجبهم حين شب - ولو لم يكن على خلق لمازوّجوه؛ لذلك سعي هاجر بين الصفا والمروة عبر سبعة أشواط ، وتخليد الله سبحانه وتعالىلهذا الحدث بجعله ركناً من أركان الحج الأساسية ما هو إلا رمز وإشارة على أنّ تربيةالأولاد وإعدادهم ؛ ليكونوا رجال المستقبل ليست بالأمر اليسير ، بل تستلزم بذل الجهدوالتعب والصبر.
7- التضحية في سبيل الله ونصرة دينه ، سواء التضحية بالنفس (ما عانتههاجر أكبر دليل على ذلك) والزوج (بتحمّل غيابه) والولد (حيث زرعت هذه القيمة أيضاًبولدها، نُلاحظ ذلك بسرعة استجابته لطلب والده ( يا أبتِ افعل ما تؤمر)، وماالأُضحية إلا تكريساً لهذا المفهوم وانعكاساً له ، والله تعالى أعلم.
8- الحفاظ علىالموارد وحسن استثمارها؛ فعندما فجّر الله تعالى تحت قدمي إسماعيل ـ عليه السلام ـ ماءزمزم عمدت هاجر عليها السلام إلى جمعها بكلتا يديها ، وهي تقول لها: "زمي زمي" أياجتمعي ، ثمّ استثمرتها بمشروع خاص بها يدرّ عليها وعلى ولدها الربح الوفير.
كما كانتهاجر ـ عليها السلام ـ مثالاً للزوجة المحبّة المطيعة والأم الرؤوم الشفوق والمسلمةالواعية الحكيمة والمرأة الإدارية والقيادية الناجحة.
هذه بعض من ملامح شخصية هاجرـ عليها السلام ـ كما صورتها كتب التفسير والسِيَر والأحاديث... نستذكرها في هذه الأيامالمباركة عسى أن تكون معلَماً هادياً لغيرها من النساء ، ونموذجاً يُقاس عليه ويحتذىبه .
المصدر : التاريخ
كتبت : سحر هنو
-
كتبت : بنتـ ابوها
-
كتبت : جوري الاسلام80
-



كتبت : بنتـ ابوها
-
نورتي
كتبت : ◕‿◕β.Ő.Ṩ.Ϋ◕‿◕
-
الصفحات 1 2 

التالي

~~القائد العسكري حنبعل~~

السابق

تركستان الشرقية.. صفحات مجهولة من تاريخ أسود

كلمات ذات علاقة
السلام , خطى , على , عليها