ما هو حكم زيارة النساء للقبور؟
مجتمع رجيم / فتاوي وأحكام
كتبت :
أم عمر و توتة
-
السلام عليكم..اريد ان اعرف ما هو حكم زيارة النساء للقبور ؟؟مع ذكر الادلة من القرآن الكريم و السنة النبوية..
جزاكم الله خيرا
جزاكم الله خيرا
كتبت :
كلمة صدق
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتمنى اني افيدك بهذا الاقتباس من الشيخ وليد المصباحي
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة :
إتحاف النجباء في حكم زيارة القبور للنساء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
فهذه رسالة موجزة مختصرة في مسألة مهمة كثر الحديث عنها وهي مسألة حكم زيارة القبور للنساء حيث أن البعض تشدد في هذا الموضوع ووصم النساء اللاتي يزرن القبور للعظة والعبرة باللعن ونحو ذلك فأحببت أن أذكر أدلة من قال بتحريم زيارة النساء للقبور وتفنيدها ودفع الشبه التي يحتج بها من منع النساء المكلفات من زيارة القبور.
وسنبدأ هذه الرسالة بالتأصيل الشرعي أولا والذي على أساسه نتعرف الحكم الشرعي , وهذه الأصول هي كالتالي:
أولا : كل ما خوطب به الرجل خوطبت به المرأة حتى يأتي الدليل الصحيح الصريح الناقل عن هذا الأصل ,ودليل هذا الأصل قوله تعالى ( ياأيهاالذين آمنوا ) فالخطاب هنا لجميع المكلفين من الإنس والجن ذكورا وإناثا وهذا واضح لا يحتاج الى عناء وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(إنما النساء شقائق الرجال).
ثانيا : أن الاختصاص من هذه القاعدة أي الإخراج من عموم هذه القاعدة لا يكون إلا بمعنى مدرك عقلا لأن المحققين من الأصوليين متفقون على أن الشرائع تعلل وخالف في ذلك شذاذ من أهل الظاهر ,فلذا قالوا(كل حكم يدور مع علته وجودا وعدما ).
ثالثا : أن التشريع الإسلامي لا بد وأن يكون له مقصد من الحظر أو الإباحة فلا بد من إعمال الناحية المقاصدية لتعقل الحكم والاقتناع به .
رابعا: علينا أن ننظر إلى آراء الفقهاء في هذه المسألة وأدلتهم ومنا قشة ما استدلوا به من النصوص من حيث الثبوت وعدمه .
خامسا: لابد وأن يكون لهذا الخلاف ثمرة فقهية تمكننا من الحكم الصحيح لا ختلاف الحالات المعطاة واقعا وهذا ما يسميه الأصوليون بتحقيق المناط .
والآن لنشرع في البحث على ضوء هذه الأصول:
أولا:اتفق العلماء على أن زيارة القبور مرت بمرحلتين واختلفوا في الثالثة:
الأولى:النهي المطلق .
الثانية:الجواز المطلق.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)
والخطاب هنا عام للرجال والنساء .
وبعض الفقهاء قال والمرحلة الثالثة (رجع الحكم بالتحريم في حق النساء وبقي الجواز في حق الرجال).
وهذا محل النزاع والبحث فيه يجري .
لكن ماهو الدليل الذي نقل عن الأصل باستثناء النساء عن الرجال في هذا الحكم ؟
قالوا :لدينا في المسألة نوعان من الأدلة :
الأول:الأدلة النقلية .الثاني:الأدلة العقلية.
والأدلة النقلية هي كالتالي:
1-حديث(لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج).
2-حديث(لعن الله زورات القبور).
3-حديث أم عطية (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا).
4-حديث(هل غسلتن الميت قلنا ؟لا .هل كفنتن الميت؟قلنا .لا قال(ارجعن مأزورات غير مأجورات فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت).
5-حديث (أنه قال لفاطمة لو بلفت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد ابيك).
وبعد النظر في هذه الأحاديث نجد ما يلي:
1-الحديث الاول ضعيف ففي إسناده أبوصالح باذام عن ابن عباس ,ولم يصب ابن حبان في قوله أن أبا صالح هذا هو ميزان وهو ثقة ,وقد صرح الحاكم والذهبي والترمذي وغيرهم بأنه باذام وهو علة الإسناد.
2-والحديث الثاني صحيح بلفظ(زوارات القبور) وهو محمول على المكثرات من الزيارة .
3-وحديث أم عطية غاية ما فيه كراهية اتباع النساء للجنائز وليس التحريم بدليل قولها(ولم يعزم علينا أي لم يتأكد علينا النهي).
4-والحديث الرابع ضغيف ايضا.
5-والحديث الخامس:منكر ففي سنده ربيعة بن سيف المعافري قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (2237)(وقال ابن يونس:في حديثه مناكير توفي قريبا من سنة عشرين ومئة .روى له أبو داود والنسائي حديثا من روايته عن الحبلي عن عبد الله بن عمرو : في منع النساء عن زيارة الكدى أي القبور .
وقال البخاري في الأوسط (روى أحاديث لا يتابع عليها )وقال النسائي في السنن :ضعيف.
إذن هذه الأدلة لا تنهض جميعها للقيام بحكم فضلا عن أن تكون صالحة لتخصيص عموم مشروعية زيارة القبور ,ومن ادعى ثبوتها فليثبت بالطرق العلمية صحتها وكيفية الرد على العلل المذكورة في أسانيدها .
وأما الأدلة العقلية فيقولون:
1-المرأة ضعيفة فتتأثر بما تراه فيحصل لها الجزع ولطم الخدود وشق الجيوب والنياحة على الميت.
2-وهذا أمر تبتلى به أغلب النساء فكان الحكم للغالب .
3-سدا لذريعة حصول اختلاط بين الرجال والنساء في المقابر وقد تحصل فتنة بهذا الاختلاط فتسد الذريعة لأجل ذلك.
والرد على ذلك من وجوه:
1-لطم الخدود وشق الجيوب محرم على الرجال والنساء سواء بسواء وكما أنه يوجد من النساء ضعيفات فيوجد من الرجال من هم أضعف من النساء .
2-قولكم أنه هو الأغلب في النساء لا يسلم ذلك لأن المرأة إن جزعت فإنما تجزع لموت قريب لها وحبيب ولا تجزع إن زارت قبور أهل البقيع مثلا وغيرهم لأجل العظة والعبرة .
3-أن الغفلة في النساء أكثر منها في الرجال فهي أحوج ما تكون للاتعاظ والزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة أكثر من الرجل .
4-وأما الاختلاط الذي سيحصل في المقابر على فرض حصوله فهو من جنس الا ختلاط عند الطواف والسعي بجامع أن كلا العملين طاعة وقربة الى الله تعالى , وعلى الرجال والنساء الاحتشام وغض البصر في أي مكان كان .
إذن :نتحصل من ذلك أنه لا يوجد دليل نقلي أو عقلي يصلح لتخصيص قوله صلى الله عليه وآله وسلم (زوروا القبور) والخطاب لا يزال كما هو لجميع المكلفين .
فأصبح نهي المرأة عن زيارة القبور لا معنى له من حيث ذاته ,وإنما قلت من حيث ذاته لأن البعض من العلماء يخلط بين ما هو جائز في نفسه ومحرم لغيره ,فلو زارت المرأة القبور زيارة شرعية فهذا فعل جائز في نفسه ,ولو أنها لطمت الخدود أو توسلت بالمقبورن ونحو ذلك فهذه زيارة محرمة بلا إشكال أي زيارة محرمة لغيرها أي لما طرأ عليها
من مخالفة شرعية.
والآن فلنتعرف على آراءالفقهاء في هذه المسألة :
1-قال ابن قدامة في المغني(3\523)(إختلفت الرواية عن أحمد في زيارة القبور للنساء فروي عنه كراهته.
والرواية الثانية: لا يكره لعموم قوله عليه السلام : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.وكانت عائشة تزور قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها:قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت : نعم ,قد نهى ثم أمر بزيارتها.
2-قال في مغني المحتاج(وتكره زيارتها للنساء لأنها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن لما فيهن من رقة القلب وكثرة الجزع وقلة احتمال المصائب وإنما لم تحرم لأنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة على قبر تبكي على صبي لها فقال لها (اتقي الله واصبري )متفق عليه ,فلو كانت الزيارة حراما لنهى عنها ,وعن عائشة رضي الله عنها قالت:كيف أقول يارسول الله إذا زرت القبور ؟قال(قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)رواه مسلم.,وقيل تحرم لما روى ابن ماجه والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور )وليس هذا الوجه في الروضة وبه قال صاحب المهذب وغيره.
وقيل (تباح)جزم به في الإحياء وصححه الروياني إذا أمن الافتتان عملا بالأصل والخبر فيما إذا ترتب عليها بكاء ونحو ذلك .ومحل هذه الأقوال في غير زيارة قبر سيد المرسلين أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء ,وألحق الدمنهوري به قبور بقية الأنبياء والصالحين والشهداء ,وهذا ظاهر وإن قال الأذرعي لم أره للمتقدمين .
قال ابن شهبة :فإن صح ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنهم أولى بالصلة من الصالحين.اه,والأولى عدم الحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الكراهة.قلت:وهذا عند الشافعية.(1\543)مغني المحتاج.
3-وفي الفقه الحنفي:في حاشية ابن عابدين(3\150):ولا بأس بزيارة القبور ولو للنساء وقيل تحرم عليهن والأصح أن الرخصة ثابتة لهن .وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة وقال الخير الرملي :إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا يجوز وعليه حمل حديث (لعن الله زائرات القبور )وإن كان للاعتبار والرتحم من غير بكاء فلا بأس إذا كن عجائز ,ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد .وهو توفيق حسن.
4-وقول المالكية قريب من قول الحنفية ,قال القرطبي من المالكية(اللعن المذكور إنما هو في المكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي اليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال :إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن لأن تذكر الموت يحتاج اليه الرجال والنساء)
قال الشوكاني في النيل(4\95)(وهذا الكلام هو الذي ينبغي إعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر).
قلت:ونلخص أدلة جواز زيارة النساء للقبور في التالي:
1-قوله عليه السلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) عام للرجال والنساء.
2-عن ابن أبي مليكة أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها :يا أم المؤمنين من أين أقبلت ؟قالت من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر ,فقلت لها أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ؟قالت:نعم ثم أمر بزيارتها)رواه الحاكم والبيهقي .
وعائشة من أعلم الناس بأحكام النساء ما يحل لهن وما يحرم خصوصا في هذاالمقام الخطير .
3-عن أنس رضي الله عنه قال :مر سول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة عند قبر وهي تبكي فقال لها اتقي الله واصبري...)قال العيني في العمدة(وفيه جواز زيارة القبور مطلقا سواء كان الزائر رجلا أو امرأة وسواء أكان المزور مسلما أو كافرا لعدم الفصل في ذلك) (قال النووي:وبالجواز قطع الجمهور وقال صاحب الحاوي :لا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط).
4-وفي سنن النسائي بإسناد صحيح جدا أن عمر رضي الله عنه مر على امرأة وهي تبكي عند قبر فصاح بها عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب ) وهذا الحديث وما قبله من أو ضح الدلائل على جواز زيارة القبور للنساء ,وتأخير البيان عن وقت الحاجة لغير حاجة غير جائز كما هو متقرر في علم الأصول.
5-أن النساء يحتجن إلى العظة والعبرة كالرجل بل أولى لكثرة الغفلة فيهن .
وبعد عرض هذه الأدلة وأقوال العلماء يترجح عندي التالي:
يجوز بل يستحب للنساء زيارة القبور بالشروط التالية:
1-أن تكون الزيارة شرعية .
2-أن تستأذن زوجها في الخروج.
3-ألا تضيع حق بيتها وزوجها .
4-أن تجتنب السفور والتبرج وأن تكون محتشمة غاضة للبصر .
5-عدم الإكثار من الزيارة.
وبهذه الشروط نكون قد وفقنا بين آراء جميع الفقهاء ولن يخالف أحد من الفقهاء المعتبرين في أمر زيارة القبور للنساء بهذه الضوابط وهي ولله الحمد في مقدور أغلب النساء ,وحققنا بذلك مقصود الشريعة في هذا الأمر ولله الحمد والمنة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في 15\12\1428للهجرة
اتمنى اني افيدك بهذا الاقتباس من الشيخ وليد المصباحي
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة :
إتحاف النجباء في حكم زيارة القبور للنساء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
فهذه رسالة موجزة مختصرة في مسألة مهمة كثر الحديث عنها وهي مسألة حكم زيارة القبور للنساء حيث أن البعض تشدد في هذا الموضوع ووصم النساء اللاتي يزرن القبور للعظة والعبرة باللعن ونحو ذلك فأحببت أن أذكر أدلة من قال بتحريم زيارة النساء للقبور وتفنيدها ودفع الشبه التي يحتج بها من منع النساء المكلفات من زيارة القبور.
وسنبدأ هذه الرسالة بالتأصيل الشرعي أولا والذي على أساسه نتعرف الحكم الشرعي , وهذه الأصول هي كالتالي:
أولا : كل ما خوطب به الرجل خوطبت به المرأة حتى يأتي الدليل الصحيح الصريح الناقل عن هذا الأصل ,ودليل هذا الأصل قوله تعالى ( ياأيهاالذين آمنوا ) فالخطاب هنا لجميع المكلفين من الإنس والجن ذكورا وإناثا وهذا واضح لا يحتاج الى عناء وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(إنما النساء شقائق الرجال).
ثانيا : أن الاختصاص من هذه القاعدة أي الإخراج من عموم هذه القاعدة لا يكون إلا بمعنى مدرك عقلا لأن المحققين من الأصوليين متفقون على أن الشرائع تعلل وخالف في ذلك شذاذ من أهل الظاهر ,فلذا قالوا(كل حكم يدور مع علته وجودا وعدما ).
ثالثا : أن التشريع الإسلامي لا بد وأن يكون له مقصد من الحظر أو الإباحة فلا بد من إعمال الناحية المقاصدية لتعقل الحكم والاقتناع به .
رابعا: علينا أن ننظر إلى آراء الفقهاء في هذه المسألة وأدلتهم ومنا قشة ما استدلوا به من النصوص من حيث الثبوت وعدمه .
خامسا: لابد وأن يكون لهذا الخلاف ثمرة فقهية تمكننا من الحكم الصحيح لا ختلاف الحالات المعطاة واقعا وهذا ما يسميه الأصوليون بتحقيق المناط .
والآن لنشرع في البحث على ضوء هذه الأصول:
أولا:اتفق العلماء على أن زيارة القبور مرت بمرحلتين واختلفوا في الثالثة:
الأولى:النهي المطلق .
الثانية:الجواز المطلق.
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)
والخطاب هنا عام للرجال والنساء .
وبعض الفقهاء قال والمرحلة الثالثة (رجع الحكم بالتحريم في حق النساء وبقي الجواز في حق الرجال).
وهذا محل النزاع والبحث فيه يجري .
لكن ماهو الدليل الذي نقل عن الأصل باستثناء النساء عن الرجال في هذا الحكم ؟
قالوا :لدينا في المسألة نوعان من الأدلة :
الأول:الأدلة النقلية .الثاني:الأدلة العقلية.
والأدلة النقلية هي كالتالي:
1-حديث(لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج).
2-حديث(لعن الله زورات القبور).
3-حديث أم عطية (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا).
4-حديث(هل غسلتن الميت قلنا ؟لا .هل كفنتن الميت؟قلنا .لا قال(ارجعن مأزورات غير مأجورات فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت).
5-حديث (أنه قال لفاطمة لو بلفت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جد ابيك).
وبعد النظر في هذه الأحاديث نجد ما يلي:
1-الحديث الاول ضعيف ففي إسناده أبوصالح باذام عن ابن عباس ,ولم يصب ابن حبان في قوله أن أبا صالح هذا هو ميزان وهو ثقة ,وقد صرح الحاكم والذهبي والترمذي وغيرهم بأنه باذام وهو علة الإسناد.
2-والحديث الثاني صحيح بلفظ(زوارات القبور) وهو محمول على المكثرات من الزيارة .
3-وحديث أم عطية غاية ما فيه كراهية اتباع النساء للجنائز وليس التحريم بدليل قولها(ولم يعزم علينا أي لم يتأكد علينا النهي).
4-والحديث الرابع ضغيف ايضا.
5-والحديث الخامس:منكر ففي سنده ربيعة بن سيف المعافري قال الحافظ ابن حجر في التهذيب (2237)(وقال ابن يونس:في حديثه مناكير توفي قريبا من سنة عشرين ومئة .روى له أبو داود والنسائي حديثا من روايته عن الحبلي عن عبد الله بن عمرو : في منع النساء عن زيارة الكدى أي القبور .
وقال البخاري في الأوسط (روى أحاديث لا يتابع عليها )وقال النسائي في السنن :ضعيف.
إذن هذه الأدلة لا تنهض جميعها للقيام بحكم فضلا عن أن تكون صالحة لتخصيص عموم مشروعية زيارة القبور ,ومن ادعى ثبوتها فليثبت بالطرق العلمية صحتها وكيفية الرد على العلل المذكورة في أسانيدها .
وأما الأدلة العقلية فيقولون:
1-المرأة ضعيفة فتتأثر بما تراه فيحصل لها الجزع ولطم الخدود وشق الجيوب والنياحة على الميت.
2-وهذا أمر تبتلى به أغلب النساء فكان الحكم للغالب .
3-سدا لذريعة حصول اختلاط بين الرجال والنساء في المقابر وقد تحصل فتنة بهذا الاختلاط فتسد الذريعة لأجل ذلك.
والرد على ذلك من وجوه:
1-لطم الخدود وشق الجيوب محرم على الرجال والنساء سواء بسواء وكما أنه يوجد من النساء ضعيفات فيوجد من الرجال من هم أضعف من النساء .
2-قولكم أنه هو الأغلب في النساء لا يسلم ذلك لأن المرأة إن جزعت فإنما تجزع لموت قريب لها وحبيب ولا تجزع إن زارت قبور أهل البقيع مثلا وغيرهم لأجل العظة والعبرة .
3-أن الغفلة في النساء أكثر منها في الرجال فهي أحوج ما تكون للاتعاظ والزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة أكثر من الرجل .
4-وأما الاختلاط الذي سيحصل في المقابر على فرض حصوله فهو من جنس الا ختلاط عند الطواف والسعي بجامع أن كلا العملين طاعة وقربة الى الله تعالى , وعلى الرجال والنساء الاحتشام وغض البصر في أي مكان كان .
إذن :نتحصل من ذلك أنه لا يوجد دليل نقلي أو عقلي يصلح لتخصيص قوله صلى الله عليه وآله وسلم (زوروا القبور) والخطاب لا يزال كما هو لجميع المكلفين .
فأصبح نهي المرأة عن زيارة القبور لا معنى له من حيث ذاته ,وإنما قلت من حيث ذاته لأن البعض من العلماء يخلط بين ما هو جائز في نفسه ومحرم لغيره ,فلو زارت المرأة القبور زيارة شرعية فهذا فعل جائز في نفسه ,ولو أنها لطمت الخدود أو توسلت بالمقبورن ونحو ذلك فهذه زيارة محرمة بلا إشكال أي زيارة محرمة لغيرها أي لما طرأ عليها
من مخالفة شرعية.
والآن فلنتعرف على آراءالفقهاء في هذه المسألة :
1-قال ابن قدامة في المغني(3\523)(إختلفت الرواية عن أحمد في زيارة القبور للنساء فروي عنه كراهته.
والرواية الثانية: لا يكره لعموم قوله عليه السلام : كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.وكانت عائشة تزور قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها:قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت : نعم ,قد نهى ثم أمر بزيارتها.
2-قال في مغني المحتاج(وتكره زيارتها للنساء لأنها مظنة لطلب بكائهن ورفع أصواتهن لما فيهن من رقة القلب وكثرة الجزع وقلة احتمال المصائب وإنما لم تحرم لأنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة على قبر تبكي على صبي لها فقال لها (اتقي الله واصبري )متفق عليه ,فلو كانت الزيارة حراما لنهى عنها ,وعن عائشة رضي الله عنها قالت:كيف أقول يارسول الله إذا زرت القبور ؟قال(قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)رواه مسلم.,وقيل تحرم لما روى ابن ماجه والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور )وليس هذا الوجه في الروضة وبه قال صاحب المهذب وغيره.
وقيل (تباح)جزم به في الإحياء وصححه الروياني إذا أمن الافتتان عملا بالأصل والخبر فيما إذا ترتب عليها بكاء ونحو ذلك .ومحل هذه الأقوال في غير زيارة قبر سيد المرسلين أما زيارته فمن أعظم القربات للرجال والنساء ,وألحق الدمنهوري به قبور بقية الأنبياء والصالحين والشهداء ,وهذا ظاهر وإن قال الأذرعي لم أره للمتقدمين .
قال ابن شهبة :فإن صح ذلك فينبغي أن يكون زيارة قبر أبويها وإخوتها وسائر أقاربها كذلك فإنهم أولى بالصلة من الصالحين.اه,والأولى عدم الحاقهم بهم لما تقدم من تعليل الكراهة.قلت:وهذا عند الشافعية.(1\543)مغني المحتاج.
3-وفي الفقه الحنفي:في حاشية ابن عابدين(3\150):ولا بأس بزيارة القبور ولو للنساء وقيل تحرم عليهن والأصح أن الرخصة ثابتة لهن .وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة وقال الخير الرملي :إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا يجوز وعليه حمل حديث (لعن الله زائرات القبور )وإن كان للاعتبار والرتحم من غير بكاء فلا بأس إذا كن عجائز ,ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد .وهو توفيق حسن.
4-وقول المالكية قريب من قول الحنفية ,قال القرطبي من المالكية(اللعن المذكور إنما هو في المكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي اليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال :إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن لأن تذكر الموت يحتاج اليه الرجال والنساء)
قال الشوكاني في النيل(4\95)(وهذا الكلام هو الذي ينبغي إعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر).
قلت:ونلخص أدلة جواز زيارة النساء للقبور في التالي:
1-قوله عليه السلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) عام للرجال والنساء.
2-عن ابن أبي مليكة أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها :يا أم المؤمنين من أين أقبلت ؟قالت من قبر عبد الرحمن بن أبي بكر ,فقلت لها أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ؟قالت:نعم ثم أمر بزيارتها)رواه الحاكم والبيهقي .
وعائشة من أعلم الناس بأحكام النساء ما يحل لهن وما يحرم خصوصا في هذاالمقام الخطير .
3-عن أنس رضي الله عنه قال :مر سول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة عند قبر وهي تبكي فقال لها اتقي الله واصبري...)قال العيني في العمدة(وفيه جواز زيارة القبور مطلقا سواء كان الزائر رجلا أو امرأة وسواء أكان المزور مسلما أو كافرا لعدم الفصل في ذلك) (قال النووي:وبالجواز قطع الجمهور وقال صاحب الحاوي :لا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط).
4-وفي سنن النسائي بإسناد صحيح جدا أن عمر رضي الله عنه مر على امرأة وهي تبكي عند قبر فصاح بها عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب ) وهذا الحديث وما قبله من أو ضح الدلائل على جواز زيارة القبور للنساء ,وتأخير البيان عن وقت الحاجة لغير حاجة غير جائز كما هو متقرر في علم الأصول.
5-أن النساء يحتجن إلى العظة والعبرة كالرجل بل أولى لكثرة الغفلة فيهن .
وبعد عرض هذه الأدلة وأقوال العلماء يترجح عندي التالي:
يجوز بل يستحب للنساء زيارة القبور بالشروط التالية:
1-أن تكون الزيارة شرعية .
2-أن تستأذن زوجها في الخروج.
3-ألا تضيع حق بيتها وزوجها .
4-أن تجتنب السفور والتبرج وأن تكون محتشمة غاضة للبصر .
5-عدم الإكثار من الزيارة.
وبهذه الشروط نكون قد وفقنا بين آراء جميع الفقهاء ولن يخالف أحد من الفقهاء المعتبرين في أمر زيارة القبور للنساء بهذه الضوابط وهي ولله الحمد في مقدور أغلب النساء ,وحققنا بذلك مقصود الشريعة في هذا الأمر ولله الحمد والمنة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في 15\12\1428للهجرة