كتاب زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب

مجتمع رجيم / مكتبة الكتب الالكترونية
كتبت : || (أفنان) l|
-




زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهم

تأليف أبو معاذ الإسماعيلي




smaqal.gif مقدمة الشيخ صالح درويش


smaqal.gif مقدمة المؤلف
smaqal.gif تمهيد (النكاح سنة نبوية)
smaqal.gif زواج عمر من أم كلثوم في مصادر أهل السنة ومصادر الشيعة الإمامية
smaqal.gif المبحث الأول: من التي تزوجها عمر (أم كلثوم بنت علي م بنت أبي بكر)؟
smaqal.gif مناقشة الروايات التي ذكرت خطبة عمر لأم كلثوم بنت أبي بكر
smaqal.gif المبحث الثاني: هل تزوج عمر جنية؟
smaqal.gif المبحث الثالث: إنكار الشيخ المفيد لهذا الزواج أصلاً وتفصيل الرد عليه ومن تبعه
smaqal.gif تعليقنا على خبر ابن الكلبي في (أنساب الأشراف) للبلاذري
smaqal.gif ومن الشبهات التي أثارها المفيد
smaqal.gif المبحث الرابع : آراء متفرقة لعلماء الشيعة على هامش مسألة زواج عمر من أم كلثوم
smaqal.gif الاستدراكات والجداول والملخصات
smaqal.gif المصاهرات بين البيت الهاشمي والبيت الزبيري
smaqal.gif جدول يلخص المراجع والمصادر التي ذكرت زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي
smaqal.gif المراجع والمصادر
smaqal.gif الملاحق: ملحق شرح المجلسي لحديثي الكافي في كتابه مرآة العقول





مقدمة

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.... أما بعد...
فهذه رسالة بديعة في بابها، وأحسب أن المؤلف لم يسبق في موضوعها وقد أجاد وأفاد مع حسن العبارة والأدب مع المخالف في الحوار والنقاش وهذه ظاهرة في عموم الرسالة ونحن في أمس الحاجة إلى الحوار الهادي والوصول إلى الحقيقة بأسلوب علمي وأدب إسلامي رصين....

أيها القارئ الكريم الأحداث التاريخية التي لها آثار كبيرة في افتراق الأمة كثيرة وللأسف الشديد يهتم من الخطباء بل والكتاب على ترديدها ونشرها من غير تمحيص ولا تدقيق وهذا الصنيع له آثاره الكبيرة في تأصيل الافتراق وإذكاء العداوة واستمرارها ونجد من ضمن هؤلاء الخطباء من يرفع صوته داعياً لتوحيد الكلمة بين المسلمين وضرورة وقوفهم صفاً واحداً أمام اليهود والنصارى وسائر الكفار وهو بأفعاله يناقض أقواله وما لا خلاف فيه أن الاجتماع على الحق واجب شرعي وأمنية كل مسلم غيور وهذه الرسالة في صميم الأحداث التاريخية التي تعين في جلاء ووضوح الترابط الترابط الأسري بين آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه الكرام وإبراز هذا الحدث التاريخي وأمثاله، طلب شرعي لأنه يتفق مع النصوص الكثيرة الواردة في الكتاب والسنة التي فيها الثناء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي مقدمتهم أهله الأطهار.


ثانياً: أن إبراز الأحداث التاريخي التي تبين وحدة الأمة الإسلامية وترابطها يساهم في وحدة الصف في هذا العصر والأمة في أمس الحاجة لهذه الوحدة.

ثالثاً: أن القصص التاريخية لها وقع في النفس وهي الوسيلة الحسنة التي يستفيد المسلمون منها والحديث عن أهمية هذا الموضوع يطول وليس هنا محل بسطه...

أيها القارئ الكريم لكثرة من تحدث عن هذا الزواج ما كنت أحسب أن أحداً أنكره لكثرة من أثبته من علماء السنة والشيعة وقد أجاد المؤلف في الرد على من أنكر هذا الزواج أو تأوله وينبغي أن تقرأ الرسالة بإنصاف وبدون أحكام مسبقة وهذا لا يمنع من رد الحجة بالحجة والحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصواب والسداد وأن يجزل الأجر والثواب للمؤلف...


صالح بن عبدالله الدرويش

القاضي بالمحكمة الشرعية الكبرى بالقطيف



مقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبعد:
فقد قال الله تعالى< يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيباً> [سورة النساء آية 1]
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: <كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري>(1)
وقال الله تعالى < يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً.
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً> [سورة الأحزاب 70-71]
وقال أيضاً عزَّ وجلّ < يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون> [201 سورة آل عمران ]
هذا كلام الله عزَّ وجلَّ وهدي رسوله يوصينا بالتقوى وقول الحق ويبيِّن لنا نعمه وآلاءه التي لا تحصى بأن خلق لنا من أنفسنا ما تسكن إليه وترتاح لديه.
وإني قد عزمت حمداً وشكراً لهذه النعم في أول السنة الهجرية غرة المحرم عام 1241هـ الموافق السادس من شهر أبريل من السنة الميلادية 0002م، على الابتداء في بحثي هذا، وسميته (زواج عمر من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ـ حقيقة وليس افتراءً ـ)
وقد سميته بذلك ليكون مدخلاً للسرور لنفس المؤمن، فالمسألة هذه شائكة محيرة،
حيَّرت كثيراً من علماء الشيعة وألف وصنَّف فيها كثيرون معظمهم من علماء الشيعة يردون هذا النكاح وينكرونه، لعلل كثيرة يدرك أولوا الألباب وأصحاب البصائر.

وقد يتساءل القارئ، لماذا يرهق باحث نفسه لإثبات زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم؟!!
وما الذي يعنينا من هذا الزواج؟!! ولا يتصل مثل هذا الأمر بعقيدة ما أو تشريع؟!!
والجواب عن ذلك أن كثيراً من علماء الشيعة الإمامية الاثنى عشرية ينكرون هذا النكاح، ويشككون في حدوثه أصلاً، ويذهبون في تأويلهم لهذا النكاح كل مذهب، والروايات التي وردت فيه مذاهب شتى <سوف أستعرضها جميعها في بحثي هذا> ـ إن شاء الله ـ،
وغرضهم من هذا بيان أن الخصومة والكراهية والتنافر دائمة وظاهرة بين الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ خاصة بين عليَّ ـ رضي الله عنه ـ
وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إذ يعتقد الإمامية أن الأخير(2) وغيره من الصحابة ممن تولوا خلافة المسلمين الراشدة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا ظالمين لعلي ومغتصبين حق الخلافة منه، وأن الخلافة حق لعلي بالنص، وأن ما نحن عليه حتى الآن من ضلال وفساد إنما يرجع إلى غصب أهل البيت حقوقهم وتنحيتهم عن الخلافة الراشدة ابتداء من غصب أبي بكر الصديق للخلافة من علي ثم مَنْ بعده.

ولذلك تنصبُّ لعنات الشيعة على أول ظالم لأهل البيت وثاني ظالم لهم وثالث ورابع... إلخ وذلك في أدعيتهم وأذكارهم، حتى بلغ بهم الأمر ذكر هذه الأوراد في بيت الخلاء(3).

ومن هنا كان لِزاماً عليهم <أي علماء الشيعة الإمامية> إنكار أي علاقة نسب أو مصاهرة بين الصحابة وأهل البيت، خاصة من يرونهم أعداء لأهل البيت ومغتصبين لحقوقهم مثل آل الخطاب وآل الزبير وآل طلحة وبني أمية، ومن هنا أنكروا تلك المصاهرات بين أهل البيت ومن سلف ذكرهم. وكان أول ما أنكروه زواج عمر من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، ثم زواج السيدة سكينة بنت الحسين من مصعب بن الزبير ثم مصاهرات أخرى كثيرة سنأتي على ذكرها ـ إن شاء الله ـ في نهاية بحثنا هذا.

ولما سبق لزمهم إنكار هذا النكاح، إذ كيف يزوج علي ابنته لعمر بن الخطاب وهو الذي اغتصب الخلافة من علي، والشيعة يلعنونه، بل ويكفرونه فكيف يجيزون الزواج من كافر، بل يروي نعمة الله الجزائري في كتابه (الأنوار النعمانية) عن تعجب إبليس ممن هو أشد منه عذاباً ومكبل بالأصفاد والسلاسل ثم يكشف لنا الجزائري في روايته عن المفاجأة التي ادخرها لنهاية القصة إذ أن هذا الذي هو أشد عذاباً من إبليس ليس سوى عمر بن الخطاب...(4).

هذا ويورد غيرهم من اللعنات والسباب على عمر بن الخطاب والصحابة عامة ما لا يمكن إيجازه هنا(5).
ومن هنا صنف علماء الشيعة الكتب المنفصلة لبيان إنكارهم لهذا الزواج.
وذهبوا في هذا مذاهب شتى منها ما لا يتخيله عقل إبليس فضلاً عن عقول البشر، ومنها ما لا يقبله منطق وترده كتب الأنساب والتواريخ.
ومما لايتخيله عقل إبليس ما ادَّعاه الجزائري في <الأنوار النعمانية> وغيره من علماء الإمامية من أن عمر لم يتزوج بأم كلثوم ابنة علي، وإنما زوجه علي بشيطانة تشبه أم كلثوم تماماً استدعاها علي من نجران لهذا الأمر، ثم بعد أن مات عمر حوت ميراثه ورجعت إلى مقرها <نجران>.

ولعمري أي عقل يتقبل مثل هذا القول؟!

وهل عندما مات عمر بن الخطاب وعادت أم كلثوم إلى بيت أبيها بعد وفاة زوجها، وتزوجت بعده ابن عمها هل التي خرجت لبيت أبيها كانت الشيطانة أم أم كلثوم!؟

وهل عندما أنجبت أم كلثوم لعمر بن الخطاب رقية وزيداً هل كانا من شيطانة؟!
أما ما لا يقبله منطق وترده كتب الأنساب والتواريخ فهو ادِّعاء أحدهم أن أم كلثوم التي تزوجها عمر ليست هي ابنة علي، بل هي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق.
وهذا والله من المضحكات المبكيات، لأمرين واضحين جليين لكل ذي بصر وبصيرة،

أولهما: أن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق تزوجها طلحة بن عبيدالله وعلى هذا كل كتب الأنساب والتواريخ.
ثانيهما: أن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق عندما تولى عمر خلافة المسلمين كانت في بطن أمها فقد مات الصديق ولم تكن وُلدت أم كلثوم بعد، وإنما ولدت بعد مماته ـ رضي الله عنه ـ وليس هاهنا موضع البيان والتفصيل وإنما أردت أن يتنبه القارئ العزيز لأهمية مسألة هذا النكاح وإثباته ورد الشبهات التي تدور حوله أو التي يطرحها علماء الشيعة الإمامية في هذه المسألة بشكل خاص، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالمصاهرات.
فلو صحَّ ما ثبت فعلاً من نكاح عمر بن الخطاب من أم كلثوم لتبيَّن أن هذه المصاهرة إنما كانت لما بين عمر وعلي من مودة ومحبة وصفاء وإلا ما قبل أن يزوجه ابنته. وهذا فيما أرى أنصع دليل وأوضح برهان على أنه لا ظلم أو تظالم أو كراهية أو لعن أو سباب بين علي وعمر رضي الله عنهما، فقد كان علي وزيراً لأبي بكر وعمر في خلافتهما يشاورانه في الأمور ويدلي برأيه ومشورته وكثيراً ما أخذ بها <الصديق> و<الفاروق> ومن بعدهما <ذو النورين>.

لقد كانت الأواصر والعلاقات بين الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أشد عمقاً وترابطاً فهم كما وصفهم ومدحهم الله عز وجل في كتابه العزيز
<محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...> (الفتح).


وختاماً قد أكون أسأت وأخطأت في هذا البحث، وذلك مرده إلى تقصيري وغواية الغوي وقد أكون أحسنت وأصبت فهذا من فضل الله وبتوفيقه عليه أتوكل وإليه أنيب.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.
ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا
ربنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به
واعف عنَّ واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه الفقير إلى رحمة ربه
أبو مُعاذ الإسماعيلي
أرض الكنانة
غرة محرم 1241هـ ـ السادس من أبريل 0002م




الهوامش
(1)الحديث في صحيح الجامع الصغير وزيادته، للألباني ج2، ص 838.
(2)اعتقاد الشيعة الإمامية بكفر عمر بن الخطاب والصديق أبي بكر وعثمان بن عفان أمر عقائدي معلوم لا ينكره أحد، ومن أراد أن يراجع من مراجعهم <بحار الأنوار> للمجلسي في المجلدات الثلاثة (الملاحم والفتن) رقم (92، 03، 13) والمجلدات هذه مخصصة للطعن في هؤلاء الثلاثة من الصحابة وعائشة وحفصة ـ رضوان الله عليهم وكذا بني أمية.
(3) انظر نص الدعاء هذا في لئالي الأخبار لمحمد التوسيركاني 4/29.
(4) أوردت ما يذكره الشيعة في سب ولعن الشيخين وهنـاك نص دعـاء صنمي قريش وهـو مشهور جداً وانظر دعاء زيارة عاشوراء، والدعاء الوارد في (زيارات وارث) ودعاء التاج وروضة المحتاج، والمصباح للكفعمي ص237 ط/ الأعلمي 4991م.
(5)انظر الأنوار النعمانية، للجزائري. ج1 ص38 ـ 48 فصل نور مرتضوى.




تمهيد

النكاح سنة نبوية

لا شك أن النكاح من سنن الهدى، وقد دعا الرسول الكريم إلى النكاح وجعله من سننه صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد استنَّ صحابته ـ رضوان الله عليهم ـ بسنته في النكاح مَنْ استطاع منهم إلى ذلك سبيلاً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزوج من أصحابه الفقراء غير المقتدرين وغير المرغوب فيهم بين الناس، إما لفقرهم أو نسبهم أو حسبهم.

وقد دعانا القرآن الكريم إلى النكاح فقال عز وجل: <وأَنكحوا الأيامى منكم> (النور:23).

وقال أيضاً: <يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً> (النساء:1).

فالنكاح سنة تحفظ المجتمع المسلم من الانهيار والفوضى.
وقد مدح الله الرسل والأنبياء فقال: <ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية>، فذكر ذلك في معرض الامتنان وإظهار الفضل.
وكذا كان دعاء الأنبياء والرسل، قال تعالى: <والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين>.
وأشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله، إلى النكاح وأهميته في إحصان المسلم، وذلك في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة.
وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم وآله يتزوج من أصحابه ويزوجهم ليوثق أواصر المودة والمحبة بينه وبين صحابته، فتزوج من عائشة بنت أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنهم ـ وأبو بكر رفيق رسول الله في الهجرة، وموضع سره ووزيره في أموره السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفضائله من الصعب علينا إحصاؤها هنا.

وتزوج من حفصة بنت الفاروق عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما.
كما زوج ابنتيه رقيه وأم كلثوم إلى عثمان بن عفان، وزوج ابنته زينب إلى العاص بين الربيع، وزوج علي بن أبي طالب وهو ابن عمه ابنته فاطمة الزهراء ـ رضوان الله عليهما ـ وهي قرة عينه وأحب بناته إليه، ولقد عاشت بعده وابتليت بفقده، فصبرت، وكانت أول أهل بيته لحوقاً به في الرفيق الأعلى، وكان منها ذريته الباقية إلى يوم القيامة وولداها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وحِب رسول الله وريحانتاه صلى الله عليه وآله وسلم وآله.

فالرسول الكريم تزوج من صحابته وزوجهم فما ترفع عنهم ولا فارقهم أو أبعدهم عن مجلسه وأهله وإنما صاهرهم وصاهروه.
ومن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله رغب الصحابة الكرام في أن يكون لهم صلة وسبب برسول الله لما ورد في الحديث الشريف عنه: <كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلى نسبي وصهري> (الحديث في صحيح الجامع الصغير ج2 ص 838).
ومن هنا رغب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء ـ وبنصح منها في التزوج بأمامة بنت العاص بن الربيع وأمها هي السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله، فما أنكر أحد هذا الزوج، ولا تأول فيه وهو ثابت عند كل الطوائف والفرق.
ومن هنا أيضاً رغب عمر بن الخطاب في الزواج من أم كلثوم بنت علي وأمها فاطمة الزهراء ـ رضوان الله عليهم جميعاً ـ وذلك ليكون له سبب ونسب برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله.
وكان ذلك في السنة السابعة عشرة من الهجرة.
وقد نصَّت الروايات عند أهل السنة على هذا الزواج، وأن ثمرته كانت رقية وزيداً، وكذلك في مراجع ومصادر الشيعة الإمامية حتى عهد الشيخ المفيد ت314هـ الذي بدأ رفع راية التشكيك في تمام هذا الزواج وتبعه من بعده علماء وأئمة دون انتباه أو التفات لما سلف في مصادرهم من روايات.
وسوف نعرض لكل ما أثير حول هذا الزواج في بحثنا هذا، ليصل القارئ الكريم إلى الحقيقة وليميز الحق من الباطل.


أولاً: زواج عمر من أم كلثوم بنت علي

في مصادر أهل السنة

أجمعت مصادر أهل السنة على زواج عمر من أم كلثوم ولا تكاد تجد اختلافاً في الروايات المختلفة والأسانيد التي ذكرت هذا الزواج.
ومن الروايات التي ذكرت هذا الزواج رواية <الطبري> ت 310هـ في تاريخه.(1)
ورواية الطبري ذكرها مختصرة ابن كثير الدمشقي ت477هـ في البداية والنهاية(2) في ذكر زوجات عمر وأولاده ونسائه وبناته.
وكذلك ذكر الزواج في موضع آخر في الحديث عن علي بن أبي طالب في ذكر زوجاته وبنية وبناته.
قال: <فأول زوجة تزوجها علي ـ رضي الله عنه ـ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنى بها بعد وقعة بدر، فولدت الحسن وحسيناً ويقال: ومحسناً ومات وهو صغير وولدت له زينب الكبرى وأم كلثوم وهذه تزوج بها عمر بن الخطاب...>(3).
وذكر الزواج <الذهبي> ت847هـ في تاريخ الإسلام في أحداث سنة سبع عشر قال:

<وفيها تزوج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألف درهم فيما قيل>(4).
وذكر الذهبي أيضاً هذا الزواج في <سير أعلام النبلاء> في ذكر نساء عمر بن الخطاب وأولاده قال:

<وتزوج أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألفاً فولدت له زيداً ورقية>(5).

وذكر هذا الزواج أيضاً ابن الجوزي ت795هـ في كتابه <المنتظم> في ذكر أزواج وأولاد عمر بن الخطاب قال: <كان له من الولد: عبدالله، وعبدالرحمن، وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون بن حبيب، وزيد الأكبر ورقية وأمهم أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وأمها فاطمة بنت رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وزيد الأصغر وعبيد الله وأمهما أم كلثوم بنت جرول....>(6).
وذكر هذا الزواج الدياربكري في <تاريخ الخميس> وغيره من المؤرخين والمحققين في العديد من المصنفات ولم يختلف من هؤلاء المؤرخين واحد في حدوث هذا الزواج، وبأم كلثوم بنت علي ابنة فاطمة الزهراء وبأنها ولدت لعمر زيداً ورقية.

ولولا خشية الإطالة لنقلنا هنا كل هذه الروايات، ولكن ما سلف فيه الكفاية لمن أراد الهداية.

أما كتب التراجم المختلفة فقد ذكرت هذا الزواج سواء في ترجمة عمر بن الخطاب أو ترجمة أم كلثوم بنت علي
أو ترجمة أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق.


ولا تجد أيضاً أيّ اختلاف في ذكر هذا الزواج وبأنه كان بأم كلثوم بنت علي لا غيرها مع كثرة من تسمين بأم كلثوم.
ولنبدأ من كتب التراجم بكتاب <الإصابة في تمييز الصحابة> لابن حجر العسقلاني ت258هـ فمكانة ابن حجر العسقلاني لا تجهل وتبحره في الحديث والتراجم ومعرفة الرجال وأحوالهم لا تنكر.



قال ابن حجر في ترجمة أم كلثوم بنت علي:
<... وقال ابن وهب عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده تزوج عمر أم كلثوم على مهر أربعين ألفا وقال الزبير ولدت لعمر ابنيه زيدا ورقية وماتت أم كلثوم وولدها في يوم واحد أصيب زيد في حرب كانت بين بني عدي فخرج ليصلح بينهم فشجه رجل وهو لا يعرفه في الظلمة فعاش أياماً وكانت أمه مريضة فماتا في يوم واحد....>(7).
وقال أيضاً: <وذكر ابن سعد عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر خطب أم كلثوم إلى علي فقال إنما حبست بناتي على بني جعفر فقال زوجنيها فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما أرصد قال قد فعلت فجاء عمر إلى المهاجرين فقال زفوني فزفوه فقالوا بمن تزوجت قال بنت علي إني سمعت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كل نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وكنت قد صاهرت فاحببت هذا أىضاً ومن طريق عطاء الخراساني أن عمر أمهرها أربعين ألفا وأخرج بسند صحيح أن ابن عمر صلى على أم كلثوم وابنها زيد فجعله مما يليه وكبر أربعاً وساق بسند آخر أن سعيد بن العاص هو الذي أبهم عليها>(8).

ـ وفي (أسد الغابة) في معرفة الصحابة) لابن الأثير ت630هـ ذكر الروايات نفسها مع اختلاف طفيف في اللفظ قال:
<أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولدت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ....
وتوفيت أم كلثوم وابنها زيد في وقت واحد، وكان زيد قد أصيب في حرب كانت بين بني عدي، خرج ليصلح بينهم، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجه وصرعه، فعاش أياماً ثم مات هو وأمه، وصلى عليهما عبدالله بن عمر، قدمه حسن بن علي....>(9).

والروايات السابقة نفسها تجدها باختلاف طفيف في اللفظ في طبقات ابن سعد، وعيون الأخبار لابن قتيبة وغيرها من المراجع.
ولقد ذكرت في ثنايا هذا البحث عشرات المراجع التي أشارت لهذا الزواج ونقلت النصوص المبينة لذلك نقلاً حرفياً.


وأود أن أشير هنا إلى ما سبق بيانه من روايات:
أولاً: نخرج من رواية الطبري وهو من أقدم المؤرخين توفي سنة 310هـ أن عمر بن الخطاب خطب أولاً أم كلثوم بنت أبي بكر ونظراً لشدة عمر المعروفة خشيت أم كلثوم بنت أبي بكر من الحياة معه فأبته فتدخل عمرو بن العاص لرفع الحرج عن عائشة أم المؤمنين لما قبلت العرض أول مرة وكان من عمرو ما كان من الإشارة للزواج من أم كلثوم بنت علي.
ثانياً: في رواية ابن كثير عن المدائني وأظنه اختصر الرواية من تاريخ الطبري ولم يضف إليها شيئاً يذكر.


المبحث الأول
ادعاء علماء الشيعة أن عمر تزوج
أم كلثوم بنت أبي بكر وليس بنت علي بن أبي طالب


من التي تزوجها عمر بن الخطاب؟
يحاول بعض علماء الشيعة إنكار ما تم من نكاح عمر بن الخطاب لأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، لأن مثل هذا الزواج وثبوته، يبين خطأ معتقدهم من أن علياً كان يلعن من اغتصبوا منه خلافته التي هو أحق الناس بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ويذهب بعض علماء الشيعة مذاهب شتى لإنكار هذا الزواج، وقد ضاقت بهم السبل حتى طلع منهم عالم ليحل هذا الإشكال وكان مفتاح حله لهذا اللغز المستعصي هو أنه رأى فعلاً زواج عمر من أم كلثوم لكنها ليست أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، ولكنها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، ومن هنا كان المخرج الذي اهتدى له عقله.

لقد ذكر هذا العالم الجليل القدر وهو السيد/ ناصر الحسين الموسوي اللكنوي الهندي ابن صاحب (عبقات الأنوار) ـ
رأيه هذا في كتاب له سماه (إفحام الخصوم في نفي تزويج أم كلثوم) والكتاب لم ينشر بعد وهو مخطوط ولم أطلع عليه وإن كنت قرأت ما كتبه آية الله النجفي المرعشي المحقق لكتاب (إحقاق الحق) فقد أسهب في تعريفه وتعرضه للمسألة فمما قاله: <ثم ليعلم أن أم كلثوم التي تزوجها الثاني(1) كانت بنت أسماء وأخت محمد هذا(2) فهي ربيبة مولانا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ولم تكن بنته كما هو المشهور بين المؤرخين والمحدثين. وقد حققنا ذلك وقامت الشواهد التاريخية في ذلك، واشتبه الأمر على الكثير من الفريقين وإنى بعد ما ثبت وتحقق لدي أن الأمر كان كذلك استوحشت التصريح به في كتاباتي لزعم التفرد في هذا الشأن إلى أن وقفت على تأليف في هذه المسألة للعلامة المجاهد سيف الله المقتضي على أعداء آل الرسول آية الباري مولانا السيد ناصر الحسين الموسوي اللكنوي الهندي ابن الآية الباهرة صاحب العبقات ورأيته قدس الله سره أبان عن الحق وأسفر وسمى كتابه: (إفحام الخصوم في نفي تزويج أم كلثوم) ولعل الله تعالى شأنه يوفق أهل الخير لطبعه ونشره والنسخة موجودة في مكتبته العامرة الوحيدة عند نجله الأكرم حجة الإسلام السيد محمد سعيد آل العبقات أدام الله بركته ولعلنا نشير في المباحث الآتية
إلى هذا الأمر ونتعرض لبعض تلك الأدلة والشواهد إن شاء الله>(3).


الرد والجواب:
أولاً: يبدو أن علماء الشيعة الإمامية لديهم عقدة نفسية في مسألة البنوة هذه، فكلما تعرضوا لمسألة مصاهرة وزواج كان مخرجهم أن التي تزوجت ليست ابنته إنما هي ربيبته فأم كلثوم التي زوجها علي لعمر ليست ابنته وإنما هي ربيبته وهي أخت شقيقة لمحمد بن أبي بكر ومن قبل ادعى علماء الشيعة في مسألة زواج بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب وأم كلثوم ومن قبلها رقية ـ أنهن لسن بنات رسول الله وإنما هن ربائبه، وليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ابنة واحدة وهي فاطمة ـ رضي الله عنها ـ.

لقد ذكر ذلك العلامة جعفر مرتضى العاملي(4) وتبعه آخرون وسبقه آخرون هذا على الرغم من مخالفة هؤلاء لعلماء من الشيعة كثيرين
من أمثال: الشيخ المفيد.
وقد انتقد عالم من علماء الشيعة جعفر مرتضى هذا وبين عوار رأيه فكان من كلامه: <.. وفي ضوء هذه الرؤية خالف السيد مرتضى العاملي وبجرأة ما عليه العلماء وخاصة الشيخ المفيد في مسألة بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجد بأساً في الخروج على اتفاقهم، فنفى أن يكون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من البنات غير السيدة الزهراء (ع) مع أن كلمات أعلام الشيعة منذ عهد الشيخ المفيد إلى ما يقرب عصرنا متضافرة على أن له من البنات غيرها، وإن لم نقل عن السيد مرتضى أنه يميل إلى عدم زواج السيدة خديجة (ع) من غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم...>(5).

ـ وانتقد أيضاً نظرته هذه في موضع آخر من كتابه هذا(6).
ومال إلى هذا الرأي كثير من علماء الشيعة الإمامية وسيأتي تفصيل رأيهم والرد عليهم وإنما عرضنا ذلك هنا للمناسبة.
وهكذا كلما حدثت مصاهرة أو نكاح اكتشف علماء الشيعة أنهن لسن بناته بل ربائبه حدث هذا في تبريرهم تزويج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابنته زينب من أبي العاص بن الربيع وابنتيه رقية وأم كلثوم لعثمان بن عفان.
وهم الآن يكتشفون الحادثة نفسها والفكرة الألمعية نفسها فأم كلثوم التي زوجها علي لعمر ليست ابنته وإنما هي ربيبته.

أقول (شنشنة أعرفها من أخزم) هذه عادة قديمة دأب عليها علماء الشيعة وإن شاء الله نبين بطلانها.

ثانياً: هل توجد ابنة لأبي بكر اسمها (أم كلثوم):
الجواب نعم ولكنها ابنته من (حبيبة بنت خارجة الخزرجية) وليس من أسماء بنت عميس وعلى هذا كتب التاريخ والأنساب كلها قاطبة لم يشذ واحد.


- أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق
من الواضح أن الكلام كله يدور حول هذه الشخصية التي يدعي الشيعة أو أحد علمائهم أنها هي التي تزوجها عمر بن الخطاب وزوجه إياها علي بن أبي طالب.
إنها أم كلثوم بنت أبي بكر نعم هي أخت محمد بن أبي بكر من أبيه الصديق لكن أمها حبيبة بنت خارجة وأم محمد أسماء بنت عميس الخثعمية، ولم تلد أسماء لأبي بكر إلا محمداً هذا.


مولد أم كلثوم بنت أبي بكر:
من الثابت عند علماء السير والتاريخ أنها ولدت بعد وفاة أبي بكر الصديق وهي أصغر بناته قال الحافظ ابن حجر

<أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق التيمية تابعية مات أبوها وهي حمل فوضعت بعد وفاة أبيها>(7).

هذا ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتقل إلى جوار ربه يوم الاثنين 31 ربيع الأول سنة 11هـ. 8 يونيه سنة 236م. ورسول الله على رأس الثالثة والستين من عمره(8).
ـ ثم تولى أبو بكر الصديق الخلافة وكانت مدة خلافته عامين ونصف أي كانت وفاة أبي بكر الصديق في السنة الثالثة عشرة من الهجرة وتوفى وهو في سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رأس ثلاث وستين سنة وكان مولد الصديق بعد عام الفيل بعامين وأشهر
ـ ثم تولى الخلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في السنة الثالثة عشرة من الهجرة حتى السنة الثالثة والعشرين أي من (31 ـ 32هـ)،

(436 ـ 446م).

وكانت مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر وتوفى في شهر ذي الحجة سنة 32هـ كما سبق بيان ذلك وكان عمره عند الوفاة الثالثة والستين أيضاً.
والواضح من التواريخ السابقة أن أم كلثوم ابنة أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ولدت حتماً في السنة الرابعة عشر من الهجرة على رأسها أو فى أواخر السنة الثالثة عشرة من الهجرة بعد وفاة الصديق مباشرة، فقد أوصى أبو بكر بها عند موته.
وتولى عمر بن الخطاب الخلافة من السنة الثالثة عشرة حتى السنة الثالثة والعشرين وأشهر فهل يمكننا أن نقطع جازمين بزواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم ابنة أبي بكر الصديق وسنها عند وفاة عمر لم يبلغ تسع سنوات أو عشر، على أقصى تقدير، ولو صح ذلك فمتى أنجبت له

(زيداً ورقية) كما تبين كتب الأنساب والتواريخ.

ـ إن عمر بن الخطاب خطب أم كلثوم عام سبعة عشر هجرياً أي بعد توليه الخلافة بأربع سنوات وهذا يعني أن أم كلثوم بنت أبي بكر كان عمرها أربع سنوات على أقصى تقدير. فكيف يُعقل أن يخطب خليفة المسلمين طفلة عمرها أربع سنوات، بينما أم كلثوم بنت علي وُلدت قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهي أكبر سناً وعلى أقل احتمال بالنسبة لفارق السن يرجح أن الخليفة خطب أم كلثوم بنت علي وليس بنت أبي بكر.

(9)

وعلماء السير والتاريخ ذكروا من سيرة أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق أمرين ذي أهمية بالنسبة لموضوعنا وبحثنا هذا وهما:


مولدها بعد وفاة أبي بكر.
وزواجها من طلحة بن عبيد الله وقد ولدت له محمداً وزكريا وعائشة.
وهاك بيان المراجع التي ذكرت ذلك ونصوصاً من كلام العلماء:
نص: قال ابن حجر <حبيبة بنت خارجة بن زيد أو بنت زيد بن خارجة الخزرجية زوج أبي بكر الصديق ووالدة أم كلثوم ابنته التي مات أبو بكر وهي حامل بها>(10).


- ونقل صاحب (نساء من عصر التابعين):
<ومن الجدير بالذكر أن أبابكر ـ رضي الله عنه ـ قد ورثه أبوه (أبو قحافة) وزوجتاه: أسماء بنت عميس، وحبيبة بنت خارجة وأولاده: عبدالرحمن، ومحمد، وعائشة وأسماء وأم كلثوم<(11).
- نص: قال ابن خلكان في وفيات الأعيان عن أم كلثوم: <تزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له محمداً وكان عاملاً على مكة، وولدت له زكريا وعائشة ثم قتل عنها فتزوجها عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي>(12).
- ونقل الشيخ الشبلنجي في كتابه (نور الأبصار) في حديثه عن أبي بكر الصديق:
<أم كلثوم أصغر بناته أمها حبيبة بنت خارجة بن زيد توفى عنها أبو بكر وهي حُبلى بأم كلثوم فولدت بعد وفاته وتزوجها طلحة بن عبيدالله>(13).


- قال ابن قتيبة في المعارف (أخبار أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ):
<وأما أم كلثوم بنت أبي بكر> فخطبها عمر إلى عائشة فأنعمت له وكرهته أم كلثوم فاحتالت حتى أمسك عنها وتزوجها طلحة بن عبيدالله فولدت له: زكريا وعائشة ثم قتل عنها...>(14).


ـ وقال في موضع آخر في أخبار ولد طلحة بن عبيدالله:
<... ومنهم زكريا بن طلحة وأمه أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وأخته لأبيه وأمه عائشة بنت طلحة<(15).
- وقال صاحب (الروضة الفيحاء في تواريخ النساء): <أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق أمها حبيبة بنت خارجة بن زيد الأنصاري وهي أصغر بنات الصديق توفى أبو بكر وأمها حمل بها... فتزوجها طلحة ـ رضي الله عنه ـ...>(16).

- وقال ابن الجوزي في (المنتظم) عند ذكر زوجات أبي بكر الصديق <والزوجة الثانية: حبيبة بنت خارجة بن زيد فولدت له أم كلثوم بعد وفاته، وكان أبو بكر لما هاجر إلى المدينة نزل على أبيها خارجة بن زيد...>(17).

- وقال الذهبي في تاريخ الإسلام عن قصة تصدق طلحة بمال أتاه:
<قال أبو إسماعيل الترمذي ثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة التميمي حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة أن أباه أتاه مال من (حضر موت) سبعمائة ألف فبات ليلته يتململ فقالت له زوجته: مالك؟ فقال: تفكرت فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك فإذا أصبحت فاقسمها. فقال: إنك موفقة وهي أم كلثوم بنت الصديق. فقسمها بين المهاجرين والأنصار فبعث إلى على منها وأعطى زوجه ما فضل فكان نحو ألف درهم>(18).


سادساً: الشكل التالي يوضح نسب أبي بكر الصديق وأولاده ذكوراً وإناثاً(19)

مناقشة الروايات التي ذكرت خطبة عمر لأم كلثوم بنت أبي بكر

مما يؤكد أن عمر بن الخطاب لم يخطب أم كلثوم بنت أبي بكر ضعف الروايات التي ذكرت ذلك وهذه الروايات هي:
ـ رواية ابن جرير الطبري ت310هـ وفيها <قال المدائني: وكان قد خطب أم كلثوم ابنة أبي بكر الصديق وهي صغيرة وراسل فيها عائشة فقالت أم كلثوم: لا حاجة لي فيه...>.(20)
ـ والرواية نفسها ينقلها ابن كثير الدمشقي ت447هـ في البداية والنهاية دون الإشارة إلى أنه نقلها بتمامها من ابن جرير الطبري.
وفيها <قال المدائني: وكان قد خطب أم كلثوم ابنة أبي بكر وهي صغيرة...>(21).
وقد وردت الرواية في (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني، والعقد الفريد لابن عبدربه الأندلسي. وكلا العالمين يدور في قدحهما كلام كثير(22).
ولكن كلامنا هنا يدور حول سند الرواية.
فالمتأمل في الرواية لا يجد لها سنداً متصلاً سوى (قال المدائني) دون ذكر أي سند فمن أين نقل المدائني الرواية وعمن أخذها؟
وكذلك ذكر محمد بن جرير الطبري للرواية بـ (قال المدائني) فلم يصرح بالسماع منه ولا حتى بلقائه فأين الواسطة بين الطبري والمدائني وبين المدائني ومن نقل عنه!؟


ومعلوم أن وفاة الطبري سنة 310هـ.
ووفاة المدائني سنة 422هـ وقيل 522هـ.
فبين وفاة المدائني ووفاة الطبري ست وثمانون سنة.
ـ وإضافة إلى ما سبق فالمدائني يروي معظم أخباره دون سند وهو ليس بالقوي.
قال الذهبي في (ميزان الاعتدال):
<علي بن محمد أبو الحسن المدائني الإٍخباري صاحب التصانيف ذكره ابن عدي في الكامل فقال: علي بن محمد بن عبدالله بن أبي سيف المدائني مولى عبدالرحمن بن سُمرة ليس بالقوي في الحديث وهو صاحب الأخبار قلَّ ماله من الروايات المسندة...>(23).

الهوامش :

(1) يقصد بالثاني عمر بن الخطاب (حسب ترتيب الخلافة وتوليها).
(2) يقصد أسماء بنت عميس الخثعمية وقد تزوجها أولاً جعفر الطيار وولدت له ثم تزوجها بعده أبو بكر الصديق وولدت له، ثم تزوجها بعده علي بن أبي طالب وولدت له، والمقصود بمحمد: محمد بن أبي بكر الصديق الذي ولاه علي مصر ثم قتله معاوية بن خديج

(مرسل من قبل معاوية وقائد الجيش) ويقال أنه وضعه في جيفة حمار ثم أحرقه، كان محمد (حسب روايات المؤرخين)
ممن نقموا على عثمان بن عفان، ولم يباشر قتله على الرأي الصواب عند أهل السنة. ويبدو أنه أخطأ وجعل أم كلثوم ابنة أبي بكر من أسماء والمعروف أنها ابنته من زوجة أخرى سيأتي ذكرها.
(3) الفقرة منقولة بتمامها من (هامش إحقاق الحق وإزهاق الباطل) نور الله التستري، كتبها محقق الكتاب ج2 ص673 ط قديمة.
(4) راجع رأيه في الصحيح من سيرة النبي ج1 ص321 ـ 621 تحت عنوانين (زوجتا عثمان هل هما بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟!، هل زينب ابنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أم ربيبته.
(5) انظر (هوامش نقدية على كتاب مأساة الزهراء) السيد محمد الحسيني ص93 ـ 04. وهذا الكتاب على صغر حجمه إلا أنه من أفضل الكتب التي أوصي القارئ الكريم بمطالعتها ليدرك خزعبلات وخرافات السيد جعفر مرتضى في التاريخ بشكل خاص.
(6) انظر المرجع نفسه ص01.
(7) المرجع السابق ص362 نقلاً من ابن حجر في الإصابة4/964.
(8) على ذلك كتب التاريخ وإن وجد اختلافات فهي طفيفة جداً. راجع تاريخ الإسلام، د. حسن إبراهيم ج1 ص051.
(9) هذه كلها افتراضات يحتمها العقل مع أننا مؤمنين لما ثبت عندنا من سير وتواريخ رواه الثقات أن عمر بن الخطاب تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وليس أم كلثوم بنت أبي بكر، ولكن هذه الافتراضات الجدلية لمجاراة الخصم في فكره وعناده.
(10) أعظم رجل، نقلاً من الإصابة 4/962.
(11) نساء من عصر التابعين ج2 ص21 نقلاً من الطبقات (3/013)، تاريخ الإسلام للذهبي (3/021).
(12) أعظم رجل، مرجع سابق ص362 نقلاً من وفيات الأعيان 3/07.
(13) نور الأبصار ص701 نقلاً من ابن قتيبة وغيره.
(14) المعارف ص571.
(15) المرجع السابق ص332.
(16) الروضة الفيحاء في تواريخ النساء ص072.
(17) المنتظم لابن الجوزي ص65 ج4.
(18) تاريخ الإسلام للذهبي ص625 عهد الخلفاء الراشدين. والرواية نفسها في سير أعلام النبلاء 1/13 وتهذيب تاريخ دمشق 7/48 وفيه <موفقة بنت موفق<.
(19) استعنت في عمل الجدول (الشكل) بكتب الأنساب المختلفة، وكذلك كتاب (أطلس تاريخ الإسلام) د. حسين مؤنس، وقد أضفت للشكل الذي رسمه ص98 بعض الإضافات حسب الحاجة.
(20) تاريخ الطبري ص 85، أحداث سنة ثلاث وعشرين تحت ذكر أسماء ولده ونسائه (أي عمر ابن الخطاب)
(21) انظر الرواية في البداية والنهاية جـ5 ص 022.
(22) أبو الفرج الأصفهاني مختلف فيه هل ولاؤه لبني أمية أم أنه شيعي، وقد صنف من الكتب ما يجعل العلماء يشكون في ولائه ومذهبه فقد ألف في أنساب الأمويين وصنف <مقاتل الطالبيين> وعدَّه بعض علماء الرجال عند الشيعة من الشيعة بينما ينفي الخوانساري كونه شيعياً، وقد امتلأ كتابه (الأغاني) بالكثير من المجون والسخف والتصريح بشرب الخمور واللهو مما يقدح في عدالته.
أما ابن عبدربه الأندلسي فقد اتهمه ابن كثير وغيره بالتشيع لموقفه من عبدالله القسري ولما سبق أعرضنا عما ذكره الرجلان من روايات فهما مقدوحان عند كلا الفريقين.
(23) ميزان الاعتدال، الذهبي جـ3، ص 351، ترجمة رقم 1295


منقول


lge7t9ms1sc7rx18uyh.
كتبت : رسولي قدوتي
-
بارك الله فيكِ أختي الغالية

كتاب قيم ورائع

يكفيه شرفا أنه يتكلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الذي يعد بطل من أبطال التاريخ وأسطوره من أساطيره

والذي جاهد حتى أطفأ نيران دولة المجوس

رضي الله عنه وأرضـــــــــــاه



كتبت : سنبلة الخير .
-
كتاب غاية في الروعة
فهو يرد على اباطيل الرافضة الذين يتطاولون على صحابتنا الكرام
اذلهم الله
جزاكِ الله خيرا
سلمت يمنياكِ
كتبت : * أم أحمد *
-
اللهم أنصر الأسلام والمسلمين
وأذل الشرك والمشركين
ودمر أعداء الدين
كان أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب إذا مشى في طريق
سلك الشيطان طريقا ثانيا
رضي الله عن سيدنا عمر بن الخطاب
وهل الذين يعتدون بالكلام على أمير المؤمنين ويسيئون له
سمعوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (الله الله في اصحابي)
هل في أعظم من وصية الرسول الكريم في أصحابه
جزى الله عنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب خير الجزاء
بارك الله فيكِ أختنا الغاليه
وجعله الله في ميزان حسناتكِ
سلمت يداكِ
كتبت : || (أفنان) l|
-
أشكر كل من رد علي موضوعي ودعي لي
بارك الله فيكن جميعاً
وكتب الله لنا جنة الفردوس أجمعين
إني أحبكن في الله
أسال الله أن أقدم لكن ما فيه النفع
كتبت : ღ♥ بسمة الحياة ღ♥
-

عمر بن الخطاب رضي الله عنه


من الشخصيات التي تثير اعجابي

بارك الله فيك غاليتي الحبيبة
على روعة ماتطرحيه دوماااا
أسأل الله أن ينفع بها
دمتي لنا


</B></I>
الصفحات 1 2 

التالي

كتاب الكتروني رائع تعظيم السنة وموقف السلف ممن عارضها

السابق

حملي الكتاب : لمحات من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

كلمات ذات علاقة
أم , أبي , الخطاب , بن , توب , زواج , على , عمر , طالب , كلثوم , كتاب