مذكرات لورا المميتة

مجتمع رجيم / القصص والروايات الادبية
كتبت : عمر الورد
-
كل منا امنيات

ولكل منا طريقته في التعبير عن ما يتمناه

منا من يغمض عينه ويسبح في عوالم خيالية

يقوم بكل الاشياء التي يتمنى فعلها ولا يستطيع ذلك

ومنا من يدونها على اوراق بيض ودائما يقوم بتمزيقها في النهاية

ومنا ايضا من يدون مذكراته وتفاصيل حياته

كانه يحكي لشخص ما قد رحل بعيدا بلا رجعة

مثل بطلتنا لورا

تلك الفتات التي لم تتجاوز عمر الزهور

وقد غارت الجروح في اعماقها

وتوالت ضربات الزمن لها الى ان افقدتها كل شيء

مشاعرها وطهارة روحها

وحتى عقلها






كانت الورود تملأ المكان، وأمي مزينة كعروس في ليلة عرسها، ترقد داخل ذلك الصندوق الأسود اللامع، وعيناها مقفلتان وتلك الابتسامة المعتادة لم تفارق شفتيها، كل شيء هادئ ولا يسمع غير همس المعزين ونحيب من كانوا يحبونها، كنت أقف بجانب أبي أمام الصندوق وأحاول إشباع عيني من النظر لذلك الوجه الذي لن أراه مجددا، مرت اللحظات كأنها أجيال وأنا لازلت لا استوعب ماذا حصل، لا استطيع تصديق أن أمي انتحرت، كيف تفعل هذا وهي كانت في منتهى الحيوية؟ كانت تحب الحياة وتغني لها، لا استطيع محو صورتها من مخيلتي وهي مرمية على الأرض ودماءها تسيل حولها،
نظرت إلى والدي بعد أن وضع آخر وردة فوق قبرها وقلت له:
هل استرحت؟ لقد رحلت وتركت لك العالم بأسره، تستطيع الآن أن تفعل ما يحلو لك، تستطيع خيانتها والذهاب مع نساء أخريات فلن يلومك احد،
نظر إلي نظرة ناقمة وقال:
ما هذا الكلام الذي تقولينه يا فتاة؟ كيف تتجرئين على التكلم معي بهذه الطريقة؟
رفع يده ليضربني ولكن من أناديها بعمتي والتي هي ابنة عم أبي كانت في الاستماع وأمسكت يده التي كانت ستسقط على وجهي وقالت:
هل أنت مجنون يا برنارد؟ إن الناس ينظرون إلينا، ماذا سيقولون عنك إذا رأوك تضرب ابنتك وأمها قد دفنت للتو؟
أجابها بغضب:
ألا تسمعين ما تقوله؟ إنها تتعمد استفزازي،
أجابته ببرود قائلة: امسك أعصابك إلى أن نعود للمنزل، وأنا سأتعامل معها بطريقتي الخاصة،
جثوت على قبر أمي بعد ما سمعت ما دار بينها من حديث وأجهشت بالبكاء لأنني كنت أتوقع ماذا ينتظرني،
رحل الجميع تاركين ذلك الجسد البارد، لا أنيس له سوى ذلك الصندوق المقفل، وأنا أيضا كنت من بين المغادرين ولكن جسد بلا روح، فروحي بقيت هناك بجانب أمي،
دخلت غرفتي مباشرة فورما وصلنا للمنزل ارتميت على السرير ولم أتوقف عن البكاء، مرت ساعات وأنا على نفس الوضع لم أتحرك من مكاني، سمعت طرقا على باب غرفتي بعدما استطاعت جفوني الالتقاء أخيرا لتسدل ستارة التعب وتمنحني بعضا من الراحة، دخلت عمتي فانيسا بوجهها العابس وبدون أن آذن لها بالدخول وقالت:
ألن تنهضي لتتناولي العشاء؟
قلت لها:
لا أريد الأكل لقد كنت على وشك النوم،
اقتربت مني وقالت:
اخبريني يا لورا لماذا تكرهين والدك؟
قلت لها بدون أن انظر لوجهها الذي أمقته:
نعم أنا اكرهه ، واكره أفعاله، هو السبب في موت أمي، لقد قادها للانتحار بتصرفاته، وحرمني منها في سني هذا، ألا تكفي هذه الأسباب لكرهه؟ لن أسامحه أبدا،
أجابتني قائلة:
ماذا تقولين؟ والدتك انتحرت بمحض إرادتها، هو كان يحبها ويعاملها جيدا، لقد أصابها الجنون بسبب غيرتها العمياء، لا تحملي والدك مسؤولية موتها فهو لم يفعل شيء،هناك شيء آخر يجب أن تعرفينه، سوف نرسلك آخر هذا الأسبوع إلى مدرسة داخلية لكي تكملي دراستك هناك بهدوء،
رمقتها بكره وقلت:
حسنا هذا أفضل لي، على الأقل سأرتاح من رؤية وجهك الخبيث، وأيضا سأنجو من الجنون الذي ستتهمانني به أنتي وبيرنارد كما فعلتما مع أمي،
أمسكتني من شعري وأسقطتني على الأرض وقالت:
تبا لك أيتها الشقية، كيف تتجرئين على التفوه بهذا الكلام؟ إذا كان هذا ما تعتقدينه، نعم نحن من جعلناها تجن، نحن من كنا نعطيها حبوب الهلوسة، ونحن من كنا نجعلها تصدق أنها تتخيل أشياء ليس لها وجود مع أنها فعلا موجودة، أتعلمين لماذا؟ لأنني أحب والدك منذ زمن طويل قبل أن تتعرف عليه هي وتأخذه مني، ولكنني صممت على استرجاعه منها ثانية، وهذا ما استطعت فعله بعد أن أقنعته بأنها تخونه وجعلته يكرهها، وأنت أيضا سأجعله يكرهك وسأتخلص منك قريبا جدا، دفعتني ليلتطم راسي على الأرض وأضافت قائلة: ليكن في علمك أن والدتك انتحرت لأننا نحن من جعلناها تقطع شريانها وتترك دمائها تنزف بتهاد إلى أن نشفت عروقها، وذلك بإرسال لها رسائل تقول أن جنونها سيقودها لقتلك، ففضلت الموت على أن تقتل فلذة كبدها، وكل ذلك كان من تخطيطي وتفكيري، ووالدك كان كالأبله يفعل كل ما آمره به، والآن أصبح كل شيء تحت سيطرتي، وبقي لي الانتقام من والدك عقابا على تركه لي،
قلت لها باشمئزاز:
يا لك من متوحشة، أنا كنت اشك بك طوال الوقت، لم تنطوي علي خدعك كما انطوت على أمي المسكينة، كنت أحس انك تمثلين عليها دور الصديقة الوفية بينما أنت تحيكين لها شباكك لتوقعها في فخك،
اتجهت نحو باب الغرفة وقالت بدون أن تلتفت إلي:
إن كنت تريدين الأكل ستجدينه في المطبخ،
خرجت تاركة بركانا يغلي بداخلي، أبي فعل بأمي كل هذا من اجل تلك الماكرة؟ لا استطيع التصديق، جلست على مكتبي الصغير وأخرجت دفتر مذكراتي من الدرج، وفتحته على الصفحة التي تلي آخر يوم في حياة أمي.

أمي الحبيبة، بعد أن توفيت أحس أن لا رغبة لي في الحياة، إن الحياة بدونك موحشة، لقد كنت كالنسمة الطرية التي تجعلني أعيش، سأشتاق كثيرا لحنانك ولمساتك، وأيضا لأنفاسك التي كانت تدفئني، سأشتاق للتكلم معك ولسماع صوتك العذب، وإذا كنت لا زلت متمسكة بالحياة فلأبقيك حية بداخلي، لقد فرحت عندما علمت انك لم تكوني مجنونة فعلا، لأنني لم أكن اصدق هذا، وفي نفس الوقت حزنت لان والدي من فعل بك هذا، أنا اكرهه يا أمي، واكره الحقيرة فانيسا، أتمنى لو أني استطيع قتلها، لقد خدعتك وخانتك وحرمتني منك، نعم أريدها أن تموت، أتمنى أن أراها معلقة ومشنوقة من عنقها، هذا اقل ما يمكن أن يشفي غليلي بها، ولكن للأسف أنا لا استطيع فعل هذا بمفردي، قد تشعرين أن قلبي قد أصبح قاس، ولكن أنت تعلمين أن كثر البكاء يسود القلب، وأنا قد بكيت إلى درجة انه لم يعد لدي دموع.
توقفت عن الكتابة في تلك اللحظة لأنه لم يعد لدي ما أقوله، تركت الدفتر فوق المكتب وذهبت إلى السرير للنوم، كان نومي عميقا في تلك الليلة لدرجة أنني لم أحس بشيء إلا عند الصباح،
خرجت من غرفتي متجهة إلى المطبخ باحثة عن شيء أسد به جوعي، وكانت الصدمة عندما فتحت باب المطبخ ووجدت فانيسا معلقة في السقف من عنقها مشنوقة،
صرخت بأعلى صوتي حتى استيقظ الجميع، وأغمي علي حالما دخل أبي والخادمة إلى المطبخ،
عندما استفقت وجدت نفسي على سريري وأبي بجانبي، قلت له بذعر:
ماذا حصل يا أبي؟ هل ما رأيته حقيقة أم أنني كنت أتخيل؟ هل فانيسا ماتت؟
ضمني إلى صدره بشدة كما لم يفعل منذ زمن وقال:
نعم يا ابنتي، يبدوا أنها انتحرت، لا تخافي أنا بجانبك ولن أتركك أبدا،
استغربت لتصرف والدي الغير اعتيادي، فانا قد نسيت كيف هو حنان الأب من كثر قسوته، هل يا ترى موت فانيسا اثر عليه؟ هكذا قلت وأنا بين أحضانه،
اقتنع الجميع بانتحار فانيسا لأنه وجد تحت أرجلها كرسي كانت تقف عليه قبل أن تدفعه لتشنق، وأيضا وجد بجانبها ورقة مكتوب عليها (وداعا أيتها الحياة لم اعد أطيق المكوث بك لذلك سأرحل)،
أعاد اليوم نفسه، معزين، وبكاء، وصندوق اسود وجثة هامدة بداخله، وفي الآخر قبر يضم الجثة وورود ترمى فوقه بعد أن يوارى الميت التثرى، دفنت فانيسا وعدت للمنزل كما ليلة البارحة، ولكن هناك اختلاف بسيط هو أنني سعيدة هذه الليلة،
اتجهت مباشرة إلى دفتر مذكراتي الذي وجدته في نفس المكان الذي تركته به، فتحته على أول ورقة فارغة بدون أن أشاهد الورقة السابقة وبدأت بالكتابة،

أمي الحبيبة لقد ماتت فانيسا اليوم، ونحن عائدون من جنازتها الآن، كل مخططاتها ذهبت سدا فهي لم تعش بعدك إلا يوم واحد فقط، ولم تهنئ بما سلبته منك، بل إنها بالكاد حضرت جنازتك، ولكن هناك شيء غريب لم استطع تفسيره، لقد ماتت بنفس الطريقة التي تمنيت أن تموت بها، كأنها قرأت ما كتبته، أتراها قرأته وقتلت نفسها؟ لا استطيع الاقتناع بهذا، فهي كانت من اشد المتشبثين بالحياة، هناك شيء آخر استغرب له، اليوم عاملني أبي بطريقة جيدة جدا ويبدوا عليه حزن كبير، هل تأثر بموت فانيسا؟ هل كان يحبها بكل هذا القدر؟ هذا لا يهم، المهم الآن أنني تخلصت منها، وفي مدة لم أكن أتوقعها، ليت هذا حصل قبل أن تموتي أمي، سأحاول الاستمرار في الحياة مع أنها أصبحت مرة وسأكتب لكي دائما.
أقفلت دفتري وقصدت السرير وما لبثت أن وضعت راسي على الوسادة حتى غفوت على الفور، استيقظت في الصباح على صوت الخادمة المزعج، أخبرتني بأن أبي ينتظرني على الإفطار، اتجهت نحو غرفة الأكل فوجدته يجلس فوق كرسيه المعتاد ونظرة الم وحزن تنبعث من عينيه،
قلت له:
صباح الخير أبي،
أجابني بدون أن ينظر إلي قائلا:
صباح الخير يا ابنتي،
جلست على الكرسي المقابل له وبدأت بالأكل بدون أن انطق بكلمة،
نظر إلي وأردف قائلا:
إن المنزل أصبح الآن فارغا بعد أن ماتت أمك وفانيسا، لا أظن أن الخادمة سوف تستطيع تسيير هذا المنزل الكبير بمفردها، وأنت أيضا تحتاجين لمن يهتم بك،
قاطعته بغضب بعد أن توقعت ما يرمي إليه وقلت:
أنا لا احتاج لمراعاة احد، استطيع الاهتمام بنفسي، وأيضا استطيع مساعدة الخادمة في تسيير المنزل، إذا كنت تريد أن تحضر امرأة إلى هنا وتتزوجها ابحث عن مبررات أخرى غير هذه،
قال لي بنفس الهدوء بعد أن نظر إلى الفراغ:
لا يا ابنتي أنا لن احضر إلى هنا أي امرأة، ولا أريد الزواج فقد كرهت كل النساء، أنت لا تستطيعين الاهتمام بالمنزل لأنك صغيرة، عمرك لم يتجاوز السادسة عشرة بعد، انك لازلت طفلة يا صغيرتي، على كل حال لا تقلقي أنا أفكر في إحضار مربية تهتم بك وبالمنزل،
قلت بعد ان نهضت من الكرسي وضربت بيدي على الطاولة :
أنا لم اعد طفلة ولا أريد غرباء بمنزلنا ثانية، أما إذا كنت مصر ففعل ما يحلوا لك،
خرجت بعد هذه الكلمات وعدت إلى غرفتي وما هي إلا دقائق حتى حضرت الخادمة لتخبرني أن أستاذتي قد وصلت،
جلسنا أنا وهي في الصالة وبدأت بإعطائي الدرس، ولكنني كنت شاردة ولا استطيع التركيز، لاحظت الأستاذة شرودي وقالت:
أنا آسفة يا لورا على موت والدتك، يجب أن ترضي بما أراده الله، وعليك أن تستمري بحياتك،
في تلك اللحظة دخل والدي الصالة، اقترب من الأستاذة وسلم عليها، نهضت هي من مكانها حالما رأته وبادلته السلام، رأيت في عيونها نفس نظرات فانيسا لوالدي، وقد فهمت ما كان هدفها.

أمي الحبيبة لقد اشتقت لك كثيرا، إنني أحس بك هنا معي، واشم رائحتك، اشعر بروحك تجول في غرفتي وتراقبني، أتمنى ان يكون هذا صحيحا وتكونين معي بالفعل لأنني احتاجك، أنا غاضبة وقلقة لان تلك الأستاذة الخبيثة التي تعطيني الدروس الخصوصية تنصب شباكها لأبي، يبدوا أنها طامعة بأمواله وتريد الزواج به، لقد قضت معنا اليوم كله، ولم تذهب إلا بعد العشاء، وما زاد غضبي هو أن أبي طلب منها المكوث معنا كمربية لي ولتهتم بالمنزل، وهي وافقت على الفور وبدون تردد كأنها كانت تنتظر ذلك الطلب، وما زاد الطين بلة هو أنهما اتفقا على أن تحضر حاجيتها غدا لتقيم معنا، أنا اكرهها وأتمنى ألا تعود إلى هنا، ليتها تموت كما ماتت فانيسا، ولكن من الممكن أن تكون ميتتها أسهل بعض الشيء، أن تسقط من شرفة بيتها مثلا، اعلم أنني أصبحت بقلب قاس ولكنني لا أريد أن تحل أي امرأة مكانك يا أمي.
استيقظت في صباح اليوم التالي على صوت الخادمة كالعادة وهي تقول لي:
انهضي آنستي إنها الثامنة صباحا، سوف تصل حافلة المدرسة بعد قليل،
فتحت عيني بصعوبة وقلت لها:
اذهبي أنا أريد النوم قليلا بعد،
أزاحت عني الغطاء وقالت:
لم تذهبي إلى المدرسة منذ ثلاثة أيام، يجب أن تذهبي اليوم وإلا فاتك دروس كثيرة،
نهضت من مكاني بتكاسل وقلت:
حسنا حضري لي الإفطار بينما ارتدي ملابسي.
كنت اجلس في الصف شاردة كعادتي عندما دخل بيل وجلس بجانبي وقال:
لقد علمت بوفاة والدتك، أنا آسف جدا،
قلت له وأنا لا أحس بشيء سوى نبضات قلبي المتسارعة من وقع اقترابه مني: أشكرك على مشاعرك النبيلة،
قال لي بعد أن وضع يده على يدي:
لقد سألت عنك ماجي صديقتك وقالت لي انك متأثرة جدا بموت أمك، هل أصبحت بخير الآن؟
قلت له بتوتر:
نعم لقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة إلي، ولكنني بدأت أتعود على أن أمي رحلت عني، وأنني أصبحت وحيدة في هذا العالم،
قال لي:
لا تقولي هذا كلنا هنا نحبك، وتستطيعين الاعتماد علي واعتباري صديقك،
كان قلبي يكاد يطير من السعادة، فانا لطالما كنت أحب بيل ولكنه لم يكلمني بهذه الطريقة من قبل، هل هو يحبني يا ترى؟
قضينا طوال اليوم مع بعضنا نتحدث، لقد شعرت بأنه اسعد يوم في حياتي، وأحسست أن السعادة تدق بابي أخيرا،
عدت إلى المنزل مساءا وأنا كلي فرح فلم أجد سيارة أبي في باب المنزل، اتجهت إلى المطبخ وسالت الخادمة قائلة:
أين هو أبي؟ الم يأتي من العمل بعد؟
ـ بلا لقد جاء ولكن اتصل به شخص ما وخرج ثانية، اتصلي به واسأليه أين هو،
ـ ولما اتصل به؟ أنا لا يهمني أن اعرف مكانه، فليذهب إلى الجحيم إذا أراد، وتلك الأستاذة الغبية الم تأتي بعد؟
ـ لا لم تأتي اعتقد أنها هي من اتصلت بوالدك ليذهب لإحضارها لقد سمعتهما يتفقا على هذا بالأمس،
هززت كتفي بعدم اكتراث وذهبت إلى غرفتي وما لبثت أن غيرت ملابسي حتى رن هاتفي حملته وأجبت قائلة:
مرحبا من معي؟
ـ هذه أنا ماجي،
ـ أهلا ماجي كيف حالك؟
ـ أنا بخير شكرا، هل علمت بما حدث؟
ـ لا ماذا حدث؟
ـ إن الأستاذة التي تعطيك دروس خصوصية وجدت ميتة صباح اليوم،
ـ ماذا تقولين؟ كيف حصل هذا؟
ـ لقد وجدوها مرمية في الشارع أسفل منزلها بعد أن سقطت من شرفنه، يشكون بأن أحدا ما قتلها،
لم استطع التفوه بكلمة واحدة، لقد كانت هذه كالصاعقة بالنسبة لي، يا الهي لقد ماتت بالطريقة التي تمنيتها، أهذا يعقل؟
قطعت ماجي أفكاري بقولها:
لورا ما بك؟ لما سكتي؟
أجبتها قائلة:
ليس هناك شيء، فقط اشعر ببعض الصداع وأريد النوم، سأقفل الآن أراك غدا في المدرسة،
أنهيت المكالمة وات فوق السرير مستغربة مما حصل، سمعت طرقا على الباب فأذنت للطارق بالدخول،
دخل أبي واقترب مني وجلس بجانبي على طرف السرير وقال:
أنا آسف يا ابنتي لقد توفيت أستاذتك هذا الصباح،
ابتعدت عنه قليلا وقلت:
اعلم هذا لقد أخبرتني صديقتي ماجي،
قال لي: أنا اعلم انك كنت تحبينها،
قلت له بغضب بعد أن نظرت لوجهه: أنا لا أحب احد،
قال لي: وأنا ألا تحبيني؟
أجبته باستنكار:
حاليا لا احبك لأنك عذبت أمي وحولت حياتنا لجحيم لا يطاق،
قال لي وعيناه قد ترقرقتا بالدموع:
وهل من الممكن أن تحبيني إذا تغيرت وعوضتك عن ما مضى؟ أنا والدك يا ابنتي ولم يتبقى لي سواك، إنني فعلا محتاج لحبك،
نظرت إلى الفراغ وقلت:
وهل ستستطيع تعويضي عن أمي التي قتلتها؟
سادت لحظات من الصمت في المكان ثم قطعتها قائلة:
على كل حال لا تيأس من إمكانية عودة حبي لك في يوم من الأيام، من يدري، لا يوجد مستحيل في هذه الحياة،
نهض من مكانه وقال:
إذا أنا في انتظار ذلك اليوم، وتأكدي أنني لن أعيش إن لم يأتي،
خرج أبي وتركني في إعصار من الأفكار، وكعادتي في كل ليلة، اتجهت إلى دفتر مذكراتي لأحكي لأمي التي اشعر بروحها ترافقني في كل مكان،

أمي الحبيبة أنا مشتاقة لك كالعادة، إنني سعيدة لموت الأستاذة، لقد تخلصت منها بسرعة مذهلة، ولكنني متوترة جدا، لأن الاستغراب يملؤني، لقد ماتت كما تمنيت لها بالضبط، أليس هذا غريب يا أمي؟ هل من المعقول أن تكون قد انتحرت أيضا كما فعلت فانيسا؟ أم أن هناك قوى خفية تحقق لي ما أتمناه؟ لا اعلم فانا أحس كأنني في حلم سأستيقظ منه لأجدك حية بجانبي، حتى بيل بدأ يتقرب مني، أنا لم احكي لكي عنه من قبل لأنه لم يكن يعيرني أي أهمية، ولأنك كنت دائما مريضة وليس لديك وقت لسماعي، أما الآن فسوف احكي لك عن قصة حبي السرية، بيل شاب يدرس معي، انه وسيم وجذاب جدا يا أمي، أنا أحبه منذ سنة ولكنه لم يبادلني ذلك الشعور أبدا، أما اليوم فقد كلمني وواساني واخبرني انه بإمكاني الاعتماد عليه في أي شيء، أليس هذا بشيء مشجع؟
ذهبت للنوم بدون أن أضع نقطة في آخر السطر لأنني لم أكمل كلامي بعد، ولا اعتقد أنني سأكمله، بل سأظل اخبر أمي بكل شيء يحدث معي لأنني متأكدة تماما أن روحها موجودة هنا بجانبي،
كان صباح اليوم التالي كصباح كل يوم، صوت الخادمة المزعج، وأبي غير موجود، وحافلة المدرسة تنتظرني في الخارج، مرت الأيام على هذه الحال، وبدأت بنسيان ما حصل معي وجرفني تيار حب بيل، فقد كان يثبت لي كل يوم انه يحبني فعلا، وهذا جعلني انفض غبار الماضي والأحزان، واستعد لحياة جديدة خالية من الموت والدماء، ولكن كان هناك شيء صغير يقض مضجعي وهو عدم مقدرتي على حب أبي، ورؤيتي له يتعذب بدون أن يرق قلبي لحاله، ليتني استطيع الغفران له للمضي في حياتي بكامل السعادة. وليتني استطيع التخلص من ذلك الشر الذي أكسبتني إياه الأيام بقسوتها علي.
كان كل شيء على ما يرام والأيام تمر هادئة، إلى أن أتى اليوم الذي ذكرني باني لست سوى مجرد بائسة، لا مكان للسعادة في حياتها،
علمت أن ذلك الهدوء لم يكن سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة عندما دخلت إلى الصف ووجدت بيل يجلس هو وصديقته التي لطالما كنت أراهما معا واحترق من داخلي، ولكنها كانت غائبة لفترة وها هي عادت لتنغص على حياتي مجددا، حاولت تمالك نفسي وذهبت لأول طاولة وجلست، أتى إلي بيل بعد دقائق وجلس بجانبي وقال مبتسما:
كيف حالك يا لورا؟ لقد اشتقت لكي،
ـ أحقا اشتقت إلي؟
ـ بكل تأكيد اشتقت إليك، وأنت تعلمين أنني اشتاق لك دائما، ولكن ما بك؟ ما هذه النظرة الحزينة في عينيك؟
ـ من تلك الفتاة يا بيل؟
ـ إنها حبيبتي ليندا، لقد كانت مسافرة وعادت بالأمس، يجب أن أعرفكما على بعضكما، أتمنى أن تصبحا صديقتين، حبيبتي وصديقتي الحميمة، إنكما بالفعل أغلى شخصين على قلبي،
ذهب واحضرها إلي سلمت علي وبقيا يتكلمان، وأنا بقيت مشدوهة مجمدة لا استوعب ما يحصل، اشعر كأنني في بئر عميق لا اسمع سوى دقات قلبي ولا أرى سوى ظلام دامس يغلف عيني، استفقت من غيبوبتي على صوت ضحكاتهما، فرأيته يعانقها كأنه خائف من أن تفلت من بين ذراعيه، أمسكت دموعي بصعوبة ونهضت متجهة إلى الباب، ناداني بيل عدة مرات ولكنني لم أرد عليه، ولم التفت ناحيته حتى، كنت امشي واشعر بخطواتي كأنني امشي فوق سجادة من الأشواك، نزيف أحسه داخلي ونار تجتاح مشاعري، تابعت خطواتي المبعثرة إلى أن خرجت من المدرسة ورميت بنفسي في أول سيارة أجرة وجدتها أمامي،
وصلت إلى المنزل وتوجهت لغرفتي مباشرة، دخلت إلى الحمام وفكرت أن انهي حياتي كما فعلت أمي، لقد فهمت الآن لما اختارت أمي تلك النهاية الرهيبة، وشعرت بإحساس الحب عندما ينكسر، لماذا أوهمني بحبه؟ لماذا جعلني أعيش ذلك الحلم لأستفيق على كابوس يسقطني من أعلى سماء لقيعان الأرض، بكيت حتى نشفت دموعي وذهبت لملاذي الوحيد، دفتر مذكراتي الذي لم أتجرأ يوما على قراءة ما كتبته من قبل كأنني أتهرب من تذكر ما فات، وبدأت بنثر كلماتي المجروحة.

أمي الحبيبة انه أسوء يوم في حياتي، لقد اكتشفت أن لبيل حبيبة، انه لا يحبني بل يعتبرني صديقة له، لقد كنت أتخيل أشياء لا وجود لها، إني أتمزق أمي، وأحس بان قلبي يضخ آلاما بدلا من الدماء، كيف سأعيش الآن بعد أن ضاع مني آخر أمل كنت أحيى لأجله؟ ليتني مت قبل أن اكتشف هذا، ليتني بقيت أعيش على ذلك الزيف ولا جرحت هذا الجرح الدامي، أمي إن الحياة لم تعد تسعنا معا، يجب أن يرحل منها احدنا، أما أنا أو هو، تتذكرين كيف ماتت فانيسا وأستاذتي؟ لقد ماتتا كما تمنيت بالضبط، الآن أيضا سأفكر في ميتة تكون أقسى وأفظع، ما رأيك في الحرق؟ إحراق جسدي أو جسده، إحراق كل الذكريات وكل العذابات، سأتوقف الآن وسأنتظر النهاية، نهايتي أو نهايته، ومن الأفضل أن تكون نهايتنا معا، لأنني اقسم لكي أمي أني لن أحب ولن أعيش بعد الآن،
تركت ذلك الدفتر وأنا أحس برهبة منه، أحس انه ملعون ويملأه الموت، توجهت لغرفة الطعام فوجدت والدي يجلس في انتظاري لنتعشى، مر الوقت وكان الهدوء سيد المكان، ليتكون خليط من الأحاسيس، الخوف، الحزن، البؤس، والموت، أخيرا تكلم أبي قائلا:
ألا ترين أننا أصبحنا مثل الأموات؟
أجبته وأنا انظر للصحن وأحرك الشوكة في أرجائه قائلة:
لسنا مثل الأموات بل إننا أموات فعلا،
ابتسم بحزن وقال:
معك حق إننا أموات، أتعلمين؟ اشعر أحيانا أن روح والدتك هنا، تجول بيننا وتراقبنا، لقد اشتقت لها كثيرا،
ـ اشتقت لها؟ لا داعي للكذب من يقتل شخصا لا يشتاق له،
ـ : أنا لم اقتلها، وأنت تعلمين هذا،
قلت وأنا انهض من مكاني: حسنا حسنا، أنت لم تقتلها، فقط جعلتها تنتحر هذا مختلف بالتأكيد، سأذهب لأنام طابت ليلتك،
خرجت من غرفة الطعام تاركة أبي يتكلم بدون أن اكترث لما يقوله، ذهبت إلى غرفتي شربت مهدئ ونمت وأنا أتوقع ألا استيقظ مجددا،
استفقت في صباح اليوم التالي وأنا عازمة على عدم الذهاب للمدرسة، أخبرت الخادمة بهذا وأمرتها أن تحضر لي الإفطار للسرير، مر الوقت ببطء وأنا في انتظار، موت بيل أو موتي، رن هاتفي أخيرا في آخر اليوم وكان المتصل بيل نفسه، فرحت في داخلي لأنني أحبه ولا أريد أذيته، ولكن العذاب الذي عشته أمات قلبي وجعلني أقسى من الحجر، ضغطت على زر الإجابة بدون أن أتكلم فسمعت صوته يقول:
أهلا لورا، أين أنت؟ لما لم تأتي للمدرسة اليوم؟
أجبته بكل هدوء:
إنني في البيت متعبة قليلا، لم استطع التحرك من السرير،
قال لي باهتمام:
ما بك؟ هل أنت مريضة؟
قلت له:
لا انه إرهاق فقط، سأكون بخير غدا وسأذهب للمدرسة، أين أنت؟
أجابني بمزاحه المعتاد:
إنني فوق السحب وسآتي لآخذك معي،
ابتسمت من كل قلبي فانا لا ابتسم هكذا إلا معه وقلت:
أنا أتكلم بجدية يا بيل، أين أنت؟
قال لي:
أنا في سيارة أبي أجول في الشوارع، لقد سرقتها منه كالمعتاد، سأذهب للبيت بعد قليل، لقد اشتقت لك جدا يا لورا، لم أكن اعلم أنني تعودت عليك لهذه الدرجة، اليوم كان سيء جدا بدونك، أريد أن اعترف لك بشيء لم أكن أتوقع حدوثه أبدا،
قفز قلبي المحروق من مكانه كأنني شعرت بما يريد قوله، ولكنني خبأت هذا وحافظت على هدوئي وقلت:
بماذا تريد الاعتراف لي أيها المجنون؟ أهي جريمة جديدة من جرائمك المعتادة؟
ضحك بصوت عال وقال:
لا لا إنها ليست جريمة بكل المعنى، تستطيعين اعتبارها أجمل حقيقة في حياتي، أنا احبك يا لورا، احبك جدا ولم اعلم بهذا إلا بعد أن غبت عني،
أبكمتني كلماته وعقد لساني، كان هناك صوت من داخلي يقول لقد تأخرت جدا بالاعتراف، فات الأوان الآن، وقد كتب قدرنا على ورق دفتر مذكراتي،
أردف قائلا:
لماذا لا تجيبيني يا لورا؟ ألا تحبينني أيضا؟
خنقتني دموعي فلم استطع التكلم، وفجأة سمعت انفجارا دوى كأنه بركان وانقطع الاتصال، كان صوت الانفجار قريبا، نهضت من السرير مسرعة إلى النافذة، فوجدت أنها سيارة بيل التي ركبتها معه عدة مرات، وشهدت على ذكرياتنا معا، تحترق وتحرق معها بيل الذي كان بداخلها.

أمي الحبيبة، ها أنا الآن بقايا إنسانة بروح مشوهة، لقد مات بيل كما تمنيت، ولكن اخذ معه كل ما كان متبقي لي من مشاعر، أنا الآن لا أحس بشيء، لا وقت ولا أيام ولا أماكن ولا حتى أنفاسي المتقطعة، لم يعد يؤنسني شيء سوى هذا السواد الذي يغلف كل شيء حولي، لقد كان اعتراف بيل بحبه لي متأخرا جدا، لم استطع قول له أنني أحبه وانه يسري في دمائي، أنا لازلت في انتظار نهايتي التي تمنيتها، حرق جثتي فلم يعد هناك ما يحرق غيرها، فبداخلي لا يوجد شيء غير رماد ما كان يسمى بقلبي، ولكن لا تزال لدي أمنية واحدة أريد تحقيقها قبل موتي، الانتقام لكي أمي، لقد ماتت فانيسا ولكن أبي لا يزال حيا، حتى وان كان يعيش في بؤس، فانا لا أريده أن يبقى في هذا العالم، لأنني اعلم جيدا أن الزمن سيشفي جراحه وسيستطيع العودة لحياته الطبيعية خصوصا بعد موتي، فانا فقط من أنغص عليه حياته، أريده أن يموت أيضا، وبالطبع سأتمنى له ميتة ما، أريده أن يموت مسموما، أليست فكرة جيدة؟ إذا فلينفذها من ينفذ لي جميع رغباتي، ومن الأفضل أن تكون ساعته قبل ساعتي، لأنني أريد الاستمتاع بالنظر إليه وهو في نعشه.
كنا نجلس أنا وأبي على مائدة العشاء عندما قلت:
أين هي الخادمة؟
ـ إن والدتها مريضة وقد طلبت مني أن تذهب إليها للاطمئنان عليها،
ـ ومتى ذهبت؟
ـ بعد الظهر،
ـ ومن الذي حضر العشاء؟
ـ أنا حضرته ألا يعجبك؟
ـ لا باس انه جيد، ولكن ليس مثل طعام الخادمة بالتأكيد،
ـ ألا تلاحظين يا لورا أننا نجتمع على طاولة الأكل فقط؟
ـ نعم هذا لأنك دائما مشغول، ولا تمكث في البيت إلا قليلا، ولأكون صادقة معك أنا لا أحب الجلوس معك كثيرا،
ـ يا لصراحتك يا لورا، اطمئني ستستريحين مني قريبا جدا،
ـ هل ستسافر؟
ـ نعم ولكنها رحلة طويلة جدا،
ـ حسنا اتمنى لك رحلة ممتعة،
تابعنا الأكل ونحن نتكلم كما لم نفعل من قبل، وعندما انتهينا ذهب كل واحد منا إلى غرفته للنوم،
نظرت لمكتبي فرأيت فوقه ملف احمر، اقتربت منه وفتحت الملف فوجدت أوراق بداخله، حملت تلك الأوراق فوجدت أنها أوراق مذكراتي التي كنت اكتبها لأمي، وتحتها أوراق أخرى مكتوب على أول واحدة منها (إلى ابنتي الغالية لورا) حملت الأوراق وجلست وبدأت القراءة،
ابنتي الغالية، في هذا الوقت الذي تقرئين فيه اعترافي هذا، سأكون ميت أو أنازع الموت، هذه كانت رغبتك أليس كذلك؟ أتذكرين اليوم الذي أخبرتك فانيسا أننا أنا وهي من جعلنا والدتك تجن وتنتحر؟ إنني كنت أتنصت على حديثكما، وسمعتها تخبرك بأنها هي من أوهمتني بان والدتك تخونني، لقد الفت قصة حب بين والدتك وصديقي الحميم وحبكت أحداثها إلى أن جعلتني أصدقها، وجعلتني ارتمي في أحضانها واكره والدتك بقدر ما كنت أحبها، نعم أنا كنت مجنون بحب أمك، وحبي لها من قادني لفعل ما فعلته، غيرتي العمياء جعلتني اصدق أكاذيب فانيسا بان لديها رجل آخر في حياتها، وأنت بالتأكيد تعرفين جيدا ذلك الشعور لأنك جربته مع بيل، لقد تمنيت له الموت بقدر ما أحببته، وفضلت أن يحضنه التراب من أن تحضنه امرأة أخرى، في ذلك اليوم ابنتي عرفت كيف تكون مكائد المرأة فظيعة عندما يتحول ذكاءها إلى دهاء، وعرفت أن فانيسا قد خدعتني وأفقدتني المرأة التي كنت اعشقها، حينها أقسمت أنني سأعوضك عن موت أمك، وسأحقق لك كل رغباتك، دخلت غرفتك بعد أن نمت لأبكي بجانب سريرك ندما على ما فات، فلمحت دفترك وقرأت ما مذكراتك، عندها صممت على تحقيق جميع أمنياتك، ذهبت فورا لفانيسا وأعطيتها مخدرا وعلقتها في سقيفة المطبخ ورتبت كل شيء ليعتقد الجميع أنها انتحرت، وحتى تلك الورقة التي وجدت بجانبها أنا من كتبتها، فانا استطيع تقليد خط فانيسا جيدا لأنها كانت تبعث لي رسائل كثيرة، ومنذ تلك الليلة بقيت ازور غرفتك بعد أن تنامي لأقرأ مذكراتك،
وأستاذتك التي كنت انوي إحضارها للعيش معنا لتهتم بك، قتلتها أيضا بعد أن قرأت انك تتمنين موتها، كان ذلك سهلا جدا، فقد ذهبت لمنزلها كأنني أزورها، وهي بالطبع كانت تتمنى زيارتي، أوجدت الفرصة وأنا معها في شقتها ودفعتها من الشرفة لتسقط أرضا، ولم يشك بي لأنه لم يرني احد ادخل بيتها،
أما بيل، فبعدما قرأت في مذكراتك القديمة انك تحبينه وهو لا يهتم لك، ذهبت إليه وترجيته أن يصادقك لأنك وحيدة وحزينة لموت والدتك، هو في الحقيقة لم يمانع واخبرني بأنه لا يكلمك لأنك دائما منعزلة ولا تخالطين احد ووعدني بأنه سيهتم بك، ولكن عندما قرأت انه يحب فتاة أخرى وتريدين موته، لم يكن أمامي سوى تنفيذ رغبتك، ذهبت إلى باب المدرسة ووضعت في سيارة والده قنبلة موقوتة، وأنت تعلمين الباقي، تألمت أيضا عندما علمت انه كان يحبك، ولكن كان الوقت قد فات،
أما آخر أمنياتك كانت موتي، وحتما يا ابنتي سأحققها لك، الم أخبرك قبلا أنني لن استمر في الحياة إن لم تحبيني؟ وأنا لا اخلف وعدي أبدا، إن الخادمة لم تطلب مني الذهاب لوالدتها، بل أنا من أرسلتها عمدا لنبقى وحدنا في آخر ليلة من حياتي، لقد ملأت طبق عشائي بالسم، سأموت كما أردتي، أنا راحل بنيتي، ولكن سأبقى في انتظار اليوم الذي ستأتي به إلى قبري وتخبريني بأنك سامحتني وتحبيني، اعذريني لأنني لن أحقق لكي أمنية واحدة وهي موتك، أنا أريدك أن تنسي كل ما مضى، وتستمرين في الحياة، فغدا يوم آخر، وتأكدي أن أجمل يوم في حياتك لا زلت لم تعيشينه،
نهضت من مكاني وجريت متجهة إلى غرفة أبي، كانت دموعي تغسل فستاني وقلبي يخفق بشدة، فتحت باب الغرفة التي لم ادخلها من زمن فوجدت أبي مرميا على الأرض وسائل ابيض يخرج من فمه، اقتربت منه وانحنيت إليه، كان يحتضر بألم، امسك بيدي ورمقني بنظرة بائسة وقال:
الحمد لله انك أتيت قبل أن تفيض روحي، وضعت رأسه على ركبتي وضممته بشدة،
تنهد بعمق حتى أحسست أن كل أنفاسه قد غادرت جسده وقال:
كم جميل أن أموت في حضنك ابنتي،
كانت هته آخر جملة نطق بها أبي قبل أن يفارق الحياة، تركني وحيدة ومضى،
وبقيت أنا هنا في هذا المنزل المليء بأرواح من قتلتهم أمنياتي،
أدون ما تبقى من مذكراتي،
والملم أحزاني وآهاتي
لست بحية ولكنني أتنفس وأتذكر عذاباتي،
ولست بميتة ومحررة من قسوة زفراتي،
هذه أنا المجروحة من الزمان ومن أوقاتي،
لم يبقى لي سوى ذلك الدفتر لقراءته وتذكر ذكرياتي،
وأتمنى بكلمات أخطها عليه لحظة مماتي.
كتبت : نور الامل
-
قصة حلوة اوى.......


كتبت : sa semsema
-
قصة رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووعةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة

تقبلي مرورى حبيبتى
كتبت : عمر الورد
-
بل أنا التي ممتنه لكم على حسن تقديركم لي لما أقدمه

التالي
السابق