قدوتي هو (محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم )

مجتمع رجيم / السيرة النبوية ( محمد صلى الله عليه وسلم )
كتبت : ام البنات المؤدبات
-
لا إله إلا الله كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88] لا إله إلا الله كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ [الرحمن:26-27] لا إله إلا الله كتب الفناء على كل مخلوق واستأثر بالبقاء
:: تــنــبــيــه ::
- لقد نبهنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على عظم مصيبة موته في الحديث الذي يرويه ابن عباس وسابط الجمحي رضي الله عنهما قالا: قال صلى الله عليه وسلم: " إذا أصيب أحدكم بمصيبة، فليتذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب "(أخرجه الطبراني وابن سعد والدارمي ومالك وغيرهم كما في السلسلة الصحيحة برقم 1106)

اليكن يامن أصبتن باي مصيبة في الدنيا الى من فقدت أباأو أما أو أختا أو أبنة أو عمةأو جدة أو أي عزيز عليها
اليك خاصة حبيبتي أفنان

أمَّا بَعْد:

فو الله إني لمتحيرة كيف أدخل إلى هذا الموضوع، ومن أنا أمام هذا الموضوع المدهش المحير المبكي؟! إنه موضوع وفاته عليه الصلاة والسلام، إنه موضوع انتقاله إلى الرفيق الأعلى عليه أفضل الصلاة والسلام، وإني لأتقاصر حقارة أن أتحدث في هذا الموضوع، ولكن لا جدوى إلا بحديث يذكرنا بذاك الحدث الجلل، وكل حدث بعد وفاته هين سهل بسيط يسير.

قال الله عز وجل: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] إطلاق لا تقييد فيه، وعموم لا خصوص فيه كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] فليبن أهل البغي والعدوان بروجاً من التحسين إن شاءوا، فو الله ليموتن ولو كانوا في بروج مشيدة، والموت وما أدراك ما الموت؟!

مذهل، سماه الله مصيبة فقال: إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة:106] وكان السلف إذا آنسوا من قلوبهم قسوة تذكروا الموت والقدوم على الله وما بعد الموت، فمات كل عضو من أعضائهم مكانه، وأثر عن ابن سيرين رضي الله عنه وأرضاه أنه كان إذا ذكر الموت وسأله سائل قال: والله ما أدري ماذا تقول، طاش عقلي من ذكر الموت. وقال الحسن البصري رحمه الله: [[فضح الموت الدنيا، فلم يدع لذي لب فرحاً ]].


فإذا كان الموت هو مصيبة، وإذا كان الانتقال إلى الله هو رزية؛ فما بالكم يا أجيال محمد صلى الله عليه وسلم، ويا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بحادث وفاته عليه الصلاة والسلام؟!

وحدّث أصحابه بقرب أجله فلم يفقه ذلك إلا أبا بكر .

فعن أبي سعيد قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن الله خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله)) فبكى أبو بكر ، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ، إن يكن الله خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله؟ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، ثم قال : ((يا أبا بكر لا تبك، إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته، لا يبقيّن في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر)) [متفق عليه].
فلما انتهى من ذلك صلى بهم الظهر، ثم رجع إلى بيته يزداد عليه المرض شيئًا فشيئًا، ثم دخلت عليه فاطمة رضي الله عنها فسارّها بشيء فبكت، ثم سارّها بشيء فضحكت، ثم سئلت عن ذلك بعد فأخبرها في الأولى أنه سيموت في مرضه هذا فبكت، ثم أخبرها أنها أول أهله لحوقًا به وأنها سيدة نساء أهل الجنة فضحكت رضي الله عنها.

وكان يدور على نسائه، فشق ذلك عليه لاشتداد المرض، فجعل يسألهن: ((أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟)) ففهمن مراده، فأذنّ له أن يكون حيث شاء.

فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن عباس وعليّ بن أبي طالب عاصباً رأسه، تخط قدماه في الأرض حتى دخل بيت عائشة.

وكان يوعك وعكاً شديداً، حتى قال ابن مسعود دخلت على رسول الله وهو يوعك، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً، فقال: ((أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم)).

وكان يشكو من أثر السم الذي أصابه من شاة اليهودية يوم خيبر، فقد قال لعائشة: ((يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهري من ذلك السم)) [متفق عليه].

كان مبدؤها غدرةً من غدرات يهود؛ فإن النبي لما فتح خيبر واطمأن بها أهدت له زينب بنت الحارث شاة مصلية، وقد سألتْ: أي عضوٍ أحبُّ إلى محمد؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيه من السم، ثم سمَّتْ سائر الشاة، ثم جاءت بها، فتناول النبي الذراعَ فلاكَ منها مُضغة، فلم يُسغها ولفظها، ثم قال: ((ارفعوا أيديَكم؛ فإن هذا العظم ليُخبِرُني أنه مسموم))، ثم مات بالسُّم بِشرُ بنُ البراء، فدعا بها فاعترفت، فقال: ((ما حملكِ على ما صنعتِ؟)) فقالت: قلتُ إن كنتَ ملكًا استرحنا منك، وإن كنتَ نبيًا فستُخبرُ، ثم أمر بها فقُتلتْ ببشر بن البراء.
وقفة
اليهود اكملوا تاريخهم بقتلهم حبيبي وقدوتي لم يكفهم ما فعل اباؤهم من قتل الانبياء
ولم يكتفوا بل مازالوا يكيدون لنا المكائد
اللهم انصرنا عليهم نصرا مؤيدا



رجعة


فلمَّا حضرت صلاة العشاء وجاءه بلال يؤذنه بالصلاة وكان قد ثقل واشتدَّ به الوجع فقال: ((أصلَّى الناس؟)) قالت عائشة: فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: ((ضعوا لي ماء في المخضب))، قالت: ففعلنا فاغتسل ـ أي: يتبرَّد بذلك من الحمَّى ـ، ثمَّ ذهب لينهض فأغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال: ((أصلَّى الناس؟)) فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: ((ضعوا لي ماء في المخضب))، قالت: فاغتسل، ثمَّ ذهب لينهض فأغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال: ((أصلَّى الناس؟)) فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: ((ضعوا لي ماء في المخضب))، قالت: فاغتسل، ثمَّ ذهب لينهض فأغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال: ((أصلَّى الناس؟)) فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قالت عائشة: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسولَ الله لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله إلى أبي بكر أن يصلِّي بالناس، فصلَّى بهم أبو بكر تلك الأيام، فلمَّا أصبح رسول الله يوم الخميس كان الناس يسألون عن حاله، فخرج من عنده عليّ فقال له الناس: كيف أصبح رسول الله؟ قال: أصبح بحمد الله بارئًا، وكان قد خفَّ به بعض ألمه. روى ذلك البخاري.
ثم إنه قبل وفاته بأربعة أيام أعتق غلمانه وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده، ثم مكث المرض يشتدّ عليه فكان يغيب أحيانًا ويفيق أحيانًا من شدة الحمى التي كانت تصيبه، فلما عرف أنه لا يقدر أن يصلي بالناس أرسل إلى أبي بكر أن يصلي، فخافت عائشة أن يتشاءم الناس بأبيها في أن يقف في مقام رسول الله فقالت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف لا يملك دمعته، فأوصت من يدعو عمر أن يصلي بهم، فصلى بهم عمر فسمع ذلك رسول الله فقال: ((يأبى الله ذلك والمؤمنون، لا يصلينّ بالناس إلا أبا بكر)) كالإشارة إلى استخلافه من بعده. ثم ثقل عليه المرض وبقي أبو بكر يصلي بهم حتى خرج عليهم رسول الله ذات يوم ووجدهم يصلون خلف أبي بكر، فأشار إلى أبي بكر أن ابق مكانك، فلم يقبل فرجع أبو بكر، فلما فرغ من الصلاة قال لأبي بكر: ((ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟)) فقال أبو بكر: ما كان لأبي بكر أن يتقدم بين يدي رسول الله ، ثم عاد إلى بيته يشتدّ عليه الوجع ويرى من الكرب ما الله به عليم.

موته

وفي فجر يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول عام أحد عشر من الهجرة أقبل المؤمنون إلى مسجد رسول الله ، واصطفوا لصلاتهم خلف أبي بكر رضي الله عنه، فبينا هم كذلك رفع رسول الله الستر المضروب على منزل عائشة، وبرز للناس، فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم ابتهاجًا برؤيته ، فأخذوا يفسحون له مكانًا، فأشار بيده أن اثبتوا على صلاتكم، وتبسم فرحًا بهم. ونظر إليهم نظرة مودع، إنها النظرة الأخيرة التي لن يراها أصحابه وأحباؤه بعدها في الدنيا، إنها طلّة الفراق لن ينعموا بعدها برؤية هذا الوجه الكريم في الدنيا أبدًا بعد هذا اليوم

.

قال أنس رضي الله عنه: ما رأيت رسول الله أحسن هيئة منه في تلك الساعة، ثم رجع وأرخى الستر، وانصرف الناس وهم يظنون أن رسول الله قد أفاق من وجعه وبرأ، إلا أن الأمر كان بخلاف ذلك حيث لم يأت على النبي وقت صلاة أخرى، بل اشتد المرض عليه ونزل به في صباح يوم الاثنين، فطفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: ((لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز (1265)، يحذر ما صنعوا، فكانت هذه إحدى وصاياه عند موته، وكان يقول: ((اللهم أعني على سكرات الموت))[أخرجه الحاكم في المستدرك (3731) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه".] من شدة ما نزل به، وكان يردد وهو في تلك الحال: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم))، قال أنس: حتى جعل يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه[أخرجه أحمد (12190)، وابن ماجه كتاب الوصايا (2697) من حديث أنس رضي الله عنه.
]، وكان مما أوصى به عند موته أن أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، فلما ثقل رسول الله جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها لما رأت ما نزل بأبيها: وآكرب أبتاه! فقال : ((ليس على أبيك كرب بعد اليوم))[أخرجه البخاري في كتاب المغازي (4193) من حديث أنس رضي الله عنه.]، فلما ارتفع ضحى ذلك اليوم نزل برسول الله، فأسندته عائشة رضي الله عنها إلى صدرها، قالت رضي الله عنها: إن من نعم الله علي أن رسول الله توفي في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته؛ وذلك أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل وبيده سواك يستاك به، فنظر إليه رسول الله، قالت عائشة: فعلمت أنه يريده، فأخذته فقضمته وطيبته ثم دفعته إليه، تقول عائشة رضي الله عنها: فاستن به أحسن ما كان استنانًا، فما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو إصبعه، ثم قال: ((في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى))، ثم قضى رسول الله أخرجه البخاري في المغازي (4438)، ومسلم في فضائل الصحابة (2444) من حديث عائشة رضي الله عنها

إنا لله وإنا إليه راجعون، مات الشفيق الرحيم بأمته، مات شمس الحياة وبدرها، مات الداعية الناصح، مات صاحب القلب الكبير الذي وسع المؤمن والكافر والبر والفاجر والصغير والكبير، مات من كان للأيتام أبا، مات من كان للأرامل عونًا وسندا، مات نبي الأمة وقدوة الخلق، مات الذي نعمت برؤياه الأبصار وتشنفت بسماع صوته وجميل حديثه الأسماع والآذان، قال تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر: 30، 31].

وتسرب النبأ الفادح، وأظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وآفاقها، كيف لا؟! وقد انطفأ ضياؤها وخبأ سراجها، قال أنس: فما رأيت يومًا قط أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله ، وما رأيت يومًا كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله .
وقفة
اهتزت المدينة بارجائها لكن ليس بقدومه هذه المرة بل بتوديعه ووفاتة
للحديث المؤلم بقية







كتبت : بنت الكروم
-
اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ
كتبت : فرفوووشه
-
جزاك الله خيرا عزيزتي
ونعم القدوة
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبت : ام البنات المؤدبات
-
لمَّا قويت معرفة رسول الله بربِّه ازداد حبُّه له وشوقه إلى لقائه، فلمَّا خيَّره الله بين البقاء في الدنيا وبين لقائه اختار لقاء ربِّه على خزائن الدنيا
ضجت المدينة بالبكاء، وكان موته قاصمة الظهر ومصيبة العمر، فاشتدت الرزية بموته وعظم الخطب وجل الأمر وأصيب المسلمون بنبيهم، فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، وقام عمر في الناس وأنكر موته، وماج الناس واضطربوا،

ومن ذلك ما كان من موقف عمر بن الخطاب، يقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي! وإن رسول الله ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل: قد مات، والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال يزعمون أنه مات.

وأقبل أبو بكر من بيته بالسنح، فدخل المسجد ولم يكلم أحدًا، حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله وهو مسجى، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه، فقبّله وبكى وقال: وا صفياه، ثم قبله أخرى وقال: وا خليلاه، ثم قبله وقال: طبت حيًا وميتًا يا رسول الله، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد مُتها. ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد: من كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِينَ [آل عمران: 144]. قال ابن عباس: والله، لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها، فأهوى إلى الأرض، وعلم أن رسول الله قد مات


وقال عمر رضي الله عنه وفي صدره من غُصَص الأسى ما يُذهِبُ الحَشا:
(والله، ما هو إلا أنْ سمعت أبا بكرٍ تلاها فعُقِرتُ [حتى] ما تُقلُّني رِجلاي، وحتى أهويتُ إلى الأرض، وعلِمتُ أن النبيَّ قد مات) أخرجه البخاريّ.

وفي هذا الموقف الحاسم دليلٌ على شجاعةِ الصدِّيق رضي الله عنه ورباطة جأشِه عند حلولِ المصائب، وهو الأسيفُ الرقيق، وبرهانُ وَفرة علمه رضي الله عنه وأرضاه؛ حيث كشف اضطرابَ الصحابة بنور الوحي والإصابة.

اغبَرَّ آفاقُ السماءِ و كُوِّرَت شمسُ النهار وأظلَم العَصرَان

والأرض من بعدِ النبيّ كئيبةٌ أسفًا عليه كثيرةُ الرُّجْفـان

تغسيله
وفي يوم الثلاثاء غسلوا رسول الله من غير أن يجردوه من ثيابه، وغسله العباس وعليّ والفضل وقُثَم ابنا العباس وشُقْران مولى رسول الله وأسامة بن زيد، ثم كفنوه وهو سيد ولد آدم وخير خلق الله، وأقسم الله له بأنه ما ودعه وما قلاه، ومع ذلك كفِّن كما كفِّن الموتى، فحفروا تحت فراشه وجعلوه لحدًا، حفره أبو طلحة، ودخل الناس الحجرة أرسالاً، عشرة عشرة، يصلون على رسول الله ولا يؤمهم أحد، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم النساء، ثم الصبيان، ثم وضعوه في قبره وحثوا التراب على ذلك القبر الشريف الطاهر.
ودُفن يوم الثلاثاء في مكانه الذي توفي فيه؛ لقوله : ((ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض))
[رواه البزار في مسنده (3) من حديث أبي بكر رضي الله عنه


يـا خير من دفنت في القاع أعظمه فطـاب من طيبهن القاع والأكم

نفسـي الفداء لقبْر أنت سـاكنه فيـه العفاف وفيه الطهر والكرم

وقالت فاطمة رضي الله عنها قولاً هَطَل مِن سُحُب الحزن الآلمة، ولكن في صبرٍ واحتساب:
(يا أبتاه، أجاب ربًّا دعاه، يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه، جنّة الفردوس مأواه)،
ثم قالت: يا أنس، أطابَت أنفسُكم أن تحثُوا على رسولِ الله الترابَ؟!

وراحوا بحزنٍ ليس فيهم نَبيُّهم وقَد ذهبَت منهم ظهورٌ وأعضُدُ

و هل عدَلَت يومًا رزيَّةُ هالكٍ رزيَّةَ يومٍ مـات فيه مُحمّـدُ؟!

وقفة
قدوتي هو صلى الله عليه وسلم حيا وميتا بل حتي في سكرات الموت كان يعلمنا

علمنا وإن كان منا من يظن أنه من المخلدون، أو نتوهم أنا مع سوء أفعالنا عند الله مكرمون، هيهات هيهات". فأعدوا ـ عباد الله ـ عدة الرحيل قبل فوات الأوان، فإن الآجال تنزل بلا استئذان، وتحل بلا إعلان، فأكثروا ـ عباد الله ـ من ذكر هادم اللذات، فليس بعد موت نبينا محمد خالد، ولا في البقاء مطمع، بل الأمر كما قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
تكـدَّر مـن بعدِ النبيّ محمدٍ عليه سلامٌ كلُّ ما كان صافيا

فلو أنّ ربَّ العرشِ أبقاك بينَنا سعِدنا ولكن أمرُه كان ماضيا



علمنا الحرص على ما فيه الخير للامة بحرصه على أمته حتى وهو في آخر لحظات حياته، يوصي وينصح، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فما أصدق ما قاله الله تعالى فيه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

تعلمت منه عظمة التوحيد وذلك يتضح من أن النبي افتتح دعوته بالدعوة إلى عبادة الله وحده سبحانه، واختتم حياته بالتحذير من الشرك وتعظيم غير الله، فإن من آخر وصاياه قوله :
((لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).

ومن فوائد هذا النبأ عظم شأن الصلاة وخطرها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كرر الأمر بها وحث على الاهتمام بها وهو يعاني سكرات الموت، فالله الله بالصلاة يا عباد الله؛ فإنها عمود الإسلام ولا إسلام لمن لا صلاة له.
ومن فوائد هذا النبأ خطورة بقاء الكفار من المشركين واليهود والنصارى في جزيرة العرب، فإن النبي أوصى بإخراجهم في آخر حياته، وما ذلك إلا لخطر بقائهم في هذه الجزيرة، فإن هذه الجزيرة جزيرة الإسلام وحصنه الحصين.

ومن فوائد هذا الحدث العظيم عظم منزلة أبي بكر رضي الله عنه، فقد نصر الله به الدين، وثبت به المؤمنين، وليس في الناس بعد الأنبياء خير منه، فهو أعمق الصحابة إيمانًا، وأثبتهم يقينًا، وأعلمهم بالله ورسوله، وأحزمهم في دين الله، وأطوعهم لله ورسوله، رضي الله عنه وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

وكما تعلمت من هذا الموقف الجلل مكانة ام المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضى الله عنها وارضاها وما خصها الله به عند موته صلى الله عليه وسلم في بيتها دفنه في حجرتها وموته بين ذراعيها
الفوائد كثيرة في حياته وقبل موته وبموته


وقفة
أيها الأحبة في الله:

لقد مات رسول الله ولكن دعوته لم تمت، هذه هي بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

لم تصل إلينا بطول السباب، ولا بكسل النفوس.

ولكنه جهاد يتبعه جهاد، ودعوة تسخر لها الليالي والأيام.

فما أغفل النفوس حين تعرض عن هديها صفحاً، وتقابل أمرها بالمخالفة الظاهرة.

اللهم إنا نشهدك أن نبينا قد بلغ الرسالة..

وقفة
- وما من عزيز أو قريب أو صديق فقدناه، إلا وذاق القلب من لوعة فراقه وحرقة وداعه، فهل شعرنا بشيء من هذا ونحن نتذكر فراق وموت الحبيب صلى الله عليه وسلم .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبنا فيقول:" أيها الناس، أيما أحد من المؤمنين أصيب بمصيبة، فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي "(أخرجه ابن ماجه 1300 من حديث عائشة رضي الله عنها) .

ولو تأملنا كلمة" فليتعز "لوجدنا فيها الدواء والعلاج، إن هذه الكلمة حروف يستطب بها الفؤاد .
كيف بنا نصاب بفقد النبي صلى الله عليه وسلم ولا نحس ؟
- إن المصيبة ينبغي أن تَعْظُمَ إذا سمعنا قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين "(أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه) .
وكأن المعنى بعد هذا النص سيكون:" لا يؤمن أحدكم حتى يكون موتي أعظم مصيبة من فقد والده وولده والناس أجمعين " . فأين هذا الأحساس وأين هذا الشعور ! فهذا هو إحساس المؤمن الصادق، أن يرى فقد النبي صلى الله عليه وسلم من مصائب الدين وأن أي إنسان فقدته ليهون أمام فقدان النبي صلى الله عليه وسلم .
هل فقدت أمك ؟ وهل تذكرت عند موتها أنها أخرجتك من ظلمات البطن إلى نور الدنيا، ورعتك وربتك ؟ لقد أخرجك الله تعالى بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى والتوحيد، وهذا بإذن الله تعالى إنقاذ لك من النار، فهل بلبن أمك وحنانها وعطفها تنقذ من النار !؟ .
- وكما قال أحد السلف: " فوالله، ثم والله، لو كان لي ألف أم بحنان أمي وعطفها ومِتْنَ في يوم واحد، ما ينبغي أن أحزن عليهن أكثر من حزني على رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

أفلا يستحق رسول الله صلى الله عليه وسلم منا أن نحزن على موته، ونذكره أشد مما نذكر من فقدناه من الأبناء والأولاد والأحباب .

- فإن أي حبيب أو عزيز أو قريب، مهما لمسنا منه ودا وعطفا وعناية ورعاية، فلن يبلغ شيئا يذكر أمام ود وعطف وعناية ورعاية النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على أسباب كل خير وسعادة، وحذرنا من كل سُبُل الشر والخسران في الدارين، تذكر هذا لتشعر بمصيبة فقده صلى الله عليه وسلم، تذكر هذا لتشعر بمصيبة موته صلى الله عليه وسلم كما استشعرها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم .
[

بابي انت وامي يا رسول الله

الى كل من تابعت ما كتبت اليك هديتي
فلاش : مع الحبيب

الى كل من لم تركز في ما كتبت اليك هذا مني لعل الاستماع يكون اقرب الي القلب

وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - المكتبة الإسلامية


كتبت : || (أفنان) l|
-
جزاكِ الله خير
وبارك الله فيكِ وإليك
على جميل طرحكِ واختياركِ لنا هذا الموضوع


نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
نسأل الله أن يجعلكِ من عباده الصالحين
ونسأل الله أن يجعل الفردوس الأعلى هي داركِ وقراركِ
ونسأل الله أن يغفر لكِ ويجعلكِ من السعداء
الفائزين في الدنيا والآخرة
كتبت : بنت الكروم
-

الصفحات 1  2  3 4  5 

التالي

نبذه عن سيد الخلق محمد عليه الصلاه والسلام

السابق

طاعة النبي "عليه الصلاة والسلام " ومحبته

كلمات ذات علاقة
محمد , الله , رسول , صلى , عليه , هو , وسلم , قدوتي