* الصحابه رضي الله عنهم بين جهلِ المحّبين وبين جفاء المبغضين *

مجتمع رجيم / شبهات وردود
كتبت : * أم أحمد *
-
الصحابه المحّبين المبغضين biph1olmvcg1ihvffkr.







الصحابه المحّبين المبغضين kzum6ra32azy4uocn22.





الصَّحابةُ بين جهلِ المحبِّين و بين جَفَاءِ المبغضين



فضيلة الشيخ عثمان الخميس حفظه الله



الحمدُ لله نحمدُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله مِنْ شُرُورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِهِ الله فهو المهتدي ، و مَنْ يُضْلِلْهُ فلنْ تجدَ له وليّاً مُرْشِداً ، و أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شريكَ له ، و أشهدُ أنَّ محمَّداً عَبْدُهُ و رسولُه ، أمَّا بعد


فإنَّ خيرَ الكلامِ كَلامُ الله و خيرَ الهَدْي هَدْيُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و إنَّ شَرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُها ، و كلّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة ، و كلّ بِدْعَةٍ ضَلالة ، و كلّ ضَلالةٍ في النَّار

أمَّا بعد :

فإنَّ الله سبحانه وتعالى بفضلهِ و مَنِّهِ وكَرَمِهِ جعلَ هذه الأمَّةَ آخرَ الأممِ وخيرَ الأمم وهمُ الشُّهودُ على الأممِ ، كما قالَ سبحانه وتعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ....(143)" سورة البقرة .

قالَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : " الوَسَطُ العَدْلُ " .

فهي أمَّةٌ عُدُولٌ ، ولذلك أخبرَ صلواتُ الله وسلامُه عليه : " أنَّ قومَ نوحٍ يأتون يومَ القيامةِ فيسألُهمُ الله تباركَ وتعالى هل جاءَكم رسولٌ ؟؟


هل بُلِّغْتم ؟؟

فيقولون : ما جاءَنا مِنْ رسولٍ .

فيُسألُ نوحٌ صلواتُ الله وسلامُه عليه فيقالُ له : هل بَلَّغْتَ ؟؟

فيقولُ : نعم يا ربِّي بَلَّغْتُ .

فيقالُ له : مَنْ يشهدُ لكَ ؟؟

فيقولُ : محمَّد وأمَّته . "

قالَ صلواتُ الله وسلامُه عليه : " عند ذلك تشهدون " ، أي لنوحٍ عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ أنَّه بلَّغ أمَّته كما أخبرَنا الله جلَّ و علا وكما أخبرَنا الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ثم قرأ صلواتُ الله وسلامُه عليه : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً "، فقالَ : " الوَسَطُ العَدْلُ " .

هذه الأمَّةُ لا شكَّ أنَّها خيرُ الأمم ، و آلُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه أفضلُ الآلِ وأفضلُ الأصحابِ ، وفضَّل الله سبحانه وتعالى أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على سائرِ البشرِ بعد الأنبياءِ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين ، وفضَّل الصَّحابةَ بعضَهم على بعضٍ ، فلأهلِ بيعةِ العقبةِ ما ليسَ لغيرِهم ، وكذا لأهلِ بدر و لأهلِ بيعةِ الرّضوان فضلٌ عظيمٌ كما قالَ سبحانه وتعالى : " .... لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 10)"سورة الحديد.



فذكرَ جَلَّ و علا فضلَ بعضِهم على بعضٍ ، ثم بيَّن أنه وَعَدَ الجميعَ جنَّاتِ النَّعيم ، والمقصودُ بيان أنَّ حِكْمَتَه سبحانه وتعالى اقتضتِ اجتباءَ واصطفاءَ هذه الخلاصة منْ بني آدم صحابةً لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم ، السَّابقين ومَنْ بعدَهم .. منْ قبلِ الفتح ومِنْ بعدهِ .. منَ المهاجرين والأنصار وغيرهم ، وهذا الاجتباءُ وهذا الاختيارُ ناشئٌ عن عِلْمٍ و حِكْمَةٍ و رحمةٍ ، وكما أنه سبحانه وتعالى منفردٌ بالخَلْقِ فهو منفردٌ بالاختيار لا شريكَ له في ذلك ؛ كما قالَ تعالى مُنَزِّهاً غيرَه عن مشاركتهِ : " ..... سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) " سورة القصص .


إنَّ عدالةَ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أهلِ السُّنةِ والجماعةِ منْ مسائلِ العقيدةِ القطعيَّة أو مما هو معلومٌ مِنَ الدِّين بالضَّرورة ، ويستدلُّون على ذلك بأدلَّةٍ كثيرةٍ منَ الكتابِ والسُّنةِ ، كلّها تبيِّن مكانةَ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم .


قالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) " سورة الفتح


وجاءَ في صحيح البخاري عن جابرِ بن ِعبدِ الله قالَ : " كُنَّا ألفاً و أربعمئة ".

كلّ هؤلاء قالَ الله سبحانه وتعالى : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ - أي مِنَ الإيمانِ والخيرِ والتَّقوى - فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " .



ولذلك جاءَ في الحديثِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " لنْ يدخلَ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشَّجرةِ " .

ومَنْ رضيَ الله تعالى عنه لا يمكنُ أبداً أنْ يموتَ على الكُفْرِ ؛ لأنَّ العِبرةَ بالوفاةِ على الإسلامِ ، فلا يقعُ الرِّضَا منه سبحانه وتعالى إلا على مَنْ عَلِمَ موتَه على الإسلامِ ، ومما يُؤَكِّدُ هذا ما ثبتَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم - كما قلنا - في صحيح مسلم :" لنْ يدخلَ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحت الشَّجرةِ " ، ولم يتخلَّفْ في هذه البيعةِ إلا رجلٌ مِنَ المنافقين لم يبايعِ النبيَّ صلواتُ الله وسلامُه عليه

قالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة رحمه الله تعالى : و الرِّضَا مِنَ الله صفةٌ قديمةٌ فلا يرضى إلا عن عبدٍ عَلِمَ أنه يُوافيهِ على مُوجباتِ الرِّضَا ، ومَنْ رضيَ الله عنه لم يسخطْ عليه أبداً ، فكلُّ مَنْ أخبرَ الله أنه رضيَ عنه فإنه مِنْ أهلِ الجنَّة ، وإنْ كانَ رِضَاهُ عنه بعد إيمانهِ وعملهِ الصَّالحِ فإنَّه يذكرُ ذلك في مَعْرِضِ الثَّناءِ عليه والمدحِ له ، فلو عَلِمَ أنه يتعقَّب ذلك بما يُسْخِطُ الرَّبَّ لم يكنْ منْ أهلِ ذلك المديحِ .


وقالَ ابنُ حزم رحمه الله تعالى : فَمَنْ أخبرَنا الله عزَّ وجلَّ أنه عَلِمَ ما في قلبهِ و رضيَ عنه وأنزلَ السَّكينةَ عليه فلا يحلُّ لأحدٍ التَّوقُّف في أمرهِ أو الشَّكّ فيه .


وهذا في الفِصَلِ ، الجزء الرَّابع ، صفحة ثمان وأربعين ومئة ، وكلام شيخ الإسلام في الصَّارم المسلول ، صفحة اثنتين وسبعين وخمس مئة .


وقالَ جلَّ ذِكْرُهُ : " مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29) "سورة الفتح .


قالَ الإمام مالك رحمه الله ( مالك بن أنس ) : بلغني أنَّ النَّصارى كانوا إذا رَأَوا الصَّحابةَ رضيَ الله عنهم الذين فتحوا الشَّامَ يقولون : " والله لهؤلاء خيرٌ منَ الحواريِّين فيما بلغَنا "، و صدقوا في ذلك .


فإنَّ هذه الأمَّةَ معظَّمةٌ في الكُتُبِ المتقدِّمة ، وأعظمُها و أفضلُها أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقد نَوَّهَ الله تبارك وتعالى بذِكْرِهم في الكُتُبِ المنزَّلة والأخبارِ المتداولَة ، ولهذا قالَ سبحانه وتعالى هنا : " ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ " ثم قال :" وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ " ، فكذلك أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم آزروه وأيَّدوه ونصروه فهو معهم كالشَّطْءِ مع الزَّراع " لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ".

وقالَ سبحانه وتعالى : " لِلْفُقَرَاءِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْيَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ... "(8)،سورة الحشر ، هؤلاء المهاجرون يخبرُ الله سبحانه وتعالى عنهم أنهم يبتغون فضلاً مِنْ ربِّهم سبحانه وتعالى ويبتغون الرِّضوان منه جَلَّ وعلا : " ... وَيَنْصُرُونَ اللَّهَوَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8)،سورة الحشر .

ثم قالَ : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) " ، سورة الحشر


ثم قالَ جَلَّ وعلا : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) " ، سورة الحشر


بيَّن سبحانه وتعالى في هذه الآياتِ أحوالَ وصفاتِ المستحقِّين لِلفَيْءِ وهم ثلاثةُ أقسامٍ :-

*- القسم الأوَّل : الفقراء المهاجرون

*-والقسم الثَّاني : الذين تبوَّؤوا الدَّارَ والإيمانَ مِنْ قبلِهم ، وهم الأنصار .
*-والقسم الثَّالث : الذين جاؤوا مِنْ بعدِهم .

وما أحسنَ ما استنبطَه الإمامُ مالك رحمه الله تعالى مِنْ هذه الآيةِ أنَّ الذي يَسُبُّ الصَّحابةَ ليسَ له مِنْ مَالِ الفَيْءِ نصيبٌ لِعَدَمِ اتِّصافهِ بما مدحَ الله به هؤلاء ( أي القسم الثالث ) .

قالَ سعدُ بنُ أبي وقَّاص رضيَ الله عنه : النَّاسُ على ثلاثةِ منازلَ ، فمضتْ منزلتان و بقيتْ واحدة ، فأحسن ما أنتم عليه أنْ تكونوا بهذه المنزلةِ التي بقيتْ ثم قرأ : " " لِلْفُقَرَاءِالْمُهَاجِرِينَ ... " إلى قولهِ :" وَرِضْوَانًا " فهؤلاء المهاجرون ، وهذه منزلةٌ قد مضتْ .

" وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ " إلى قوله تعالى : " وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " ، قالَ : هؤلاء الأنصار ، وهذه منزلةٌ قد مضتْ .

ثم قرأ : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ " إلى قوله : " رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " قالَ : مضتْ هاتان وبقيتْ هذه المنزلةُ ، فأحسنُ ما أنتم كائنون عليه أنْ تكونوا بهذه المنزلةِ التي بقيتْ .

يقولُ : أنْ تستغفروا لهم .

وهذا ذَكَرَهُ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في الصَّارم المسلول في صفحة أربع و سبعين و خمس مئة .

وقالَ جَلَّ ذِكْرُهُ في كتابهِ العزيزِ : " وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ ....(75) " سورة الأنفال .

فهكذا نجدُ أنَّ الله سبحانه وتعالى يمدح المؤمنين ويُثني عليهم وهم أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم

وقد قالَ الله : " ... لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ...(10) " سورة الحديد

فقولُه سبحانه وتعالى : " وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى " أي الذين أنفقوا وقاتلوا منْ قبلِ الفتحِ ، والذين أنفقوا أو قاتلوا مِنْ بعدِ الفتحِ ، وإنْ كانوا لا يستوون عند الله تعالى ولكنْ مع هذا فإنَّ الله جَلَّ وعلا ذَكَرَ أنَّ الجميعَ قد وعدَهمُ الحسنى سبحانه وتعالى .

وقالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)" سورة الأنبياء ، أي نار جهنَّم .

وتُوجدُ آياتٌ أخرى ولكنْ بما ذكرناه كفاية إنْ شاءَ الله تعالى .


وأمَّا الأحاديثُ فمنها:

قول ابن عبَّاس رضيَ الله عنه : لا تسبُّوا أصحابَ محمَّدٍ فإنَّ الله سبحانه و تعالى قد أمرَ بالاستغفار لهم وقد عَلِمَ أنهم سيقتتلون .

كذلك جاءَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قالَ : " لا تسبُّوا أصحابي فإنَّ أحدَكم لو أنفقَ مِثْلَ أحُدٍ ذهباً ما أدركَ أحدِهم ولا نَصِيفه "

وجاءَ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قالَ لعمرَ لما تكلَّم في حاطبِ بنِ أبي بلتعة : " وما يُدريكَ لعلَّ الله اطَّلعَ على أهلِ بدرٍ فقالَ اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم " ، وهذا أخرجَه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما .



قالَ الإمامُ ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى : " إنَّ هذا الخطابَ لقومٍ قد عَلِمَ الله سبحانه وتعالى أنهم لا يُفارقون دينَهم بل يموتون على الإسلامِ ، وأنهم قد يُقارفون بعضَ ما يُقارفُه غيرُهم مِنَ الذُّنوبِ ، ولكنْ لا يتركُهم سبحانه وتعالى مُصِرِّين عليها بل يُوَفِّقهم لتوبةٍ نصوحٍ واستغفارٍ وحسناتٍ تمحو أثرَ ذلك ، و يكونُ تخصيصُهم بهذا دون غيرِهم لأنه قد تحقَّق ذلك فيهم وأنهم مغفورٌ لهم ، ولا يمنعُ ذلك كَوْنَ المغفرة حصلتْ لأسبابٍ تقومُ بهم ، كما لا يقتضي ذلك أنْ يعطِّلوا الفرائضَ وُثُوقاً بالمغفرةِ .







وجاءَ عنه صلواتُ الله وسلامُه عليه مِنْ حديثِ عمران أنه قالَ:" خيرُ أمَّتي قَرْنِي ثم الذين يَلُونَهم ثم الذين يَلُونَهم ) ، أخرجَه الإمامان البخاريّ ومسلم .




وكذلك جاءَ في الحديثِ عنه صلواتُ الله وسلامُه عليه أنه قالَ :" النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي ، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي ، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .







وجاءَ عنه صلواتُ الله وسلامُه عليه كما في الصَّحيحين : " آيةُ الإيمانِ حُبُّ الأنصارِ ، وآيةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنصارِ " .





مِنْ هذه الآياتِ والأحاديثِ التي ذكرناها يظهرُ لنا أنَّ الله سبحانه وتعالى زكَّى ظاهرَ المؤمنين - أعني أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم - وزكَّى بواطنَهم.







*-فَمِنْ تزكيةِ ظواهرِهم وصفُهم بأعظمِ الأخلاقِ ، منها قولُه سبحانه وتعالى : " أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ "





وقالَ : " وَيَنْصُرُونَ اللَّهَوَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ".






وقالَ : " وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ".








*- أمَّا بواطنُهم فلا يعلمُها إلا الله سبحانه وتعالى ، ومع هذا زكَّاها سبحانه وتعالى فأذهبَ عنهم ما يزعمُه البعضُ مِنَ النِّفاقِ






فقالَ : " فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ "







وقالَ : " يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ " .





وقالَ : " يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا " .





وقالَ : " لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ...(117)" سورة التوبة .





لا شكَّ أنَّ هؤلاء الذين مدحَهم الله سبحانه وتعالى كلَّ هذا المدحِ ومدحَهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يمكنُ أبداً أنْ يكونوا بعد ذلك مِنَ المرتدِّين أو يكونوا منَ المنافقين .








ولو سألتَ الآن عاقلاً فقلتَ له : هل للحجرِ الأسودِ فضيلةٌ ؟





لقالَ : نعم ، فضيلتُه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وضعَه بيديهِ الشَّريفتين وأنه صلواتُ الله وسلامهُ عليه قبَّله بفمهِ الطَّاهر ، فيكفيهِ ذلك شرفاً .





وكذلك ثياب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما فضيلتُها ؟




قالوا فضيلتُها أنها مَسَّتْ جسدَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم .






فكيف بالله عليكم بمنْ صَحِبَهُ وجالسَه وصلَّى خلفَه وربما عانقَه يوماً أو دافعَ عنه بنفسهِ وأهلهِ ومالهِ ، هؤلاء عند علماءِ الشِّيعةِ بهائمُ ومنافقون ومرتدُّون .





وقد ذكرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم حديثاً عظيماً يدلُّ على فضلِهم منه أنه قالَ : "يأتي على النَّاسِ زمانٌ يغزو فئامٌ منَ النَّاسِ فيقالُ لهم : فيكم مَنْ رأى رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ؟ فيقولون : نعم ، فيُفتحُ لهم ، ثم يغزو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فيقالُ لهم : هل فيكم مَنْ رأى مَنْ صَحِبَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ؟ فيقولون : نعم . فيُفتحُ لهم ، فيغزو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فيقالُ لهم : هل فيكم مَنْ رأى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ؟ فيقولون : نعم . فيفتح لهم " ، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .


إننا عندما نقولُ بعدالةِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم إنما نطلقُ العدالةَ ولا نريدُ منها العِصْمَةَ ، وإنما نريدُ منها أنهم عدولٌ في نَقْلِهم كتابَ الله تعالى وفي نَقْلِهم سنَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .


قالَ اللكنويّ رحمه الله تعالى : وقد تُطْلَقُ العدالةُ على التجنُّب عن تعمُّد الكذب في الرِّوايةِ والانحرافِ فيها بارتكابِ ما يُوجبُ عدمَ قبولِها ، وهذا المعنى هو مُرَادُ المحدِّثين مِنْ قولِهم : الصَّحابةُ عُدُولٌ .


وقالَ السَّخاويّ : قالَ ابنُ الأنباريّ : ليسَ المرادُ بعدالتِهم ثبوت العِصْمَة لهم واستحالة المعصية منهم ؛ وإنما المرادُ قبول رواياتهم مِنْ غيرِ تكلُّفِ البحثِ عن أسبابِ العدالةِ وطلبِ التَّزكيةِ ؛ إلا أنْ يثبتَ ارتكابُ قادحٍ ، ولم يثبتْ ذلك .


ولذلك تجدُ أنَّ عقيدةَ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ في أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عقيدةٌ واضحةٌ راسخةٌ رسوخ الجبالِ .


روى اللالكائيّ رحمه الله تعالى منْ طريقِ حمَّاد بنِ سلمةَ عن أيوب السَّخْتَيَانيّ أنه قالَ : مَنْ أحبَّ أبا بكر الصِّدِّيق فقد أقامَ الدِّينَ ، ومَنْ أحبَّ عمرَ فقد أوضحَ السَّبيلَ ، ومَنْ أحبَّ عثمانَ فقد استنارَ بنورِ الدِّينِ ، ومَنْ أحبَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ فقدِ استمسكَ بالعُروةِ الوثقى ، ومَنْ قالَ الحسنى في أصحابِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم فقد برئَ منَ المنافقين . ذكره اللالكائي في أصول الاعتقاد .


وقالَ الإمام الطَّحاويّ رحمه الله تعالى : ونحبُّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولا نفرط في حبِّ أحدٍ منهم ، ولا نتبرَّأ مِنْ أحدٍ منهم ، ونُبغضُ مَنْ يُبغضُهم وبغيرِ الخيرِ يذكرُهم ، ولا نذكرُهم إلا بخيرٍ ، وحبُّهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ ، وبُغضُهم كُفْرٌ ونِفَاقٌ وطغيانٌ .


وقالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة : ومِنْ أصولِ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ سلامةُ قلوبِهم وألسنتِهم لأصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كما وصفَهم الله به في قولهِ تعالى : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ".




قالَ الإمامُ الحافظُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله تعالى : "والصَّحابةُ كلُّهم عُدُولٌ عند أهلِ السُّنةِ والجماعةِ لما أثنى الله عليهم في كتابهِ العزيزِ ، وبما نطقتْ به السُّنةُ النبويَّةُ في المدحِ لهم في جميعِ أخلاقِهم وأفعالِهم ، وما بذلوه مِنَ الأموالِ والأرواحِ بين يدي رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رغبةً فيما عند الله مِنَ الثَّوابِ الجزيلِ والجزاءِ الجميلِ .








وقالَ الإمامُ النَّوويُّ رحمَه الله تعالى : " ولهذا اتَّفقَ أهلُ الحقِّ ومَنْ يُعتدُّ به في الإجماعِ على قبولِ شهاداتِهم ورواياتِهم وكمالِ عدالتِهم رضيَ الله عنهم أجمعين .











إنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم طعنَ الرَّوافضُ في عدالتِهم وماذا وراء ذلك ، عندما يطرحُ علماءُ الشِّيعةِ الاثني عشريَّة موضوعَ عدالةِ الصَّحابةِ فإنهم لا يُريدون أعرابيّاً أسلمَ ولم يُذكرْ في كُتُبِ الحديثِ ، ولا يُريدون الغامديَّة التي زَنَتْ زمنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثم تابتْ ، لا يُريدون هؤلاء ولكنَّهم يُريدون كبارَ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كأبي بكر وعمرَ وعثمانَ وطلحةَ والزُّبير وعائشةَ ... وهَلُمَّ جَرّاً .







يُريدون تمهيدَ الطَّريقِ لضربِ هؤلاء الأعلامِ لكسرِ حاجزِ العدالةِ فحينما يتحطَّم الجدارُ و يجوزُ الطَّعْنُ في صحابيٍّ مِنْ هؤلاء الكرام يصبحُ الطَّعنُ بأبرزِ الصَّحابةِ وأكثرِهم ثُقْلاً أمراً سهلاً للغايةِ ، و بالذَّاتِ إذا جاءَ هذا الطَّعنُ وهذا الشَّتمُ والتنقُّص تحت مُسَمَّى الاعتدالِ أو الموضوعيَّةِ والمنهجيَّةِ العلميَّةِ .







لو نظرنا في حالِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مع أصحابهِ







وأنا أخاطبُ عقلاءَ الشِّيعةِ ، أقولُ : لو كتبَ الله سبحانه وتعالى أنْ يُريَكم رجلاً قياديّاً قد آتاهُ الله سبحانه وتعالى مِنَ الصَّلاح والتَّقوى والإيمان ما فيه خيرٌ وبركةٌ ، ثم علمنا أنَّ هذا الرَّجُلَ يتولَّى أناساً بعضُهم مؤمنٌ وبعضُهم منافقٌ ، وأنه لفضلِ الله عليه يعرفُ أهلَ النِّفاقَ مِنْ لحنِ قولِهم ، ثم علمنا أنَّ ذلك الرَّجلَ الصَّالحَ قد تركَ أهلَ الصَّلاح وابتعدَ عنهم ؛ واختارَ أهلَ النِّفاقِ وأعطاهمُ المناصبَ القياديَّةَ وسوَّدَهم على النَّاسِ في حياتهِ ، وكلَّمنا كذلك أنه لم يكتفِ بذلك بل قرَّبهم إليه فصاهرَهم وتزوَّج منهم وزوَّجهم بناته .







إنَّ الشِّيعةَ الاثني عشريَّة يرون أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد صاهرَ منافقين أمثال أبي بكرٍ وعمرَ وأبي سفيان ، وزوَّج ابنتيه إلى منافقٍ وهو عثمان ، وتزوَّج منافقاتٍ وهما عائشة وحفصة اللتان سُمِّيَتا في كتابِ الله تعالى بأمَّهاتِ المؤمنين في قولهِ : ".... وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ... (6) " سورة الأحزاب ، وتولَّى غيرَهم مِنَ الصَّحابةِ فأعطى خالدَ بنَ الوليدِ وعمرَ بنَ العاصِ قيادةَ الجيشِ لما أسلما ، وهكذا دواليك يأتي المنافقون ويقرَّبون مِنْ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم








ولنا أنْ نسألَ :






هل أخطأ الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم بالزَّواجِ مِنْ عائشةَ ؟؟






هل أخطأ في اختيارِ رفيقِ دَرْبِه إلى المدينة و في الغارِ ؟؟






هل أخطأ في مصاهرةِ عمرَ ومصاهرةِ عثمانَ ؟؟






هل كانَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ينهى المسلمَ عن جُلَسَاءِ السُّوءِ وزوجةِ السُّوءِ ثم يختارُ هو أهلَ النِّفاقِ وأهلَ الرِّدَّةِ والضَّلالِ فيكونون أقرب النَّاس إليه ؟؟!!








أين العِصْمَةُ ؟؟






إنَّ الشِّيعةَ يُزكُّون الرَّجلَ بمجرَّد أنه رأى الإمامَ الحُجَّةَ !!! أفلا يُزكَّى هؤلاء بأنهم رأوا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وتزوَّجوا مِنْ بناتهِ وتزوَّج مِنْ بناتِهم صلواتُ الله وسلامُه عليه ؟؟!!







لو قيلَ لأيِّ شيعيٍّ الآن : أترضى أنْ تكونَ امرأةٌ لك كمثلِ عائشةَ ؟؟







لقالَ : أعوذُ بالله مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ .






ولكنَّه يرضى ذلك لرسولِ الله صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم !!!!







إنه لا يعيبُ الإنسانَ أبداً أنْ يفكِّر بهدوءٍ ، وأنْ يحكِّمَ عقلَه وقلبَه ، وأنْ ينظرَ في آياتِ كتابِ الله جَلَّ وعلا وفي سنَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأنْ يبقى وحيداً بعيداً عن النَّاسٍ جميعاً ، يصلِّي ركعتين ويسأل الله جَلَّ وعلا صادقاً مِنْ قلبهِ أنْ يُرِيَه الحقَّ حَقّاً ويرزقه اتِّباعه ، ويبتعد عن البطانةِ التي يقودُها التَّعصُّبُ والهوى والتي إنما تقولُ ذلك في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم عن عِنَادٍ وكِبْرٍ ، والعياذُ بالله .




جاءَ عن الإمامِ الصَّادقِ رضيَ الله عنه أنه روى عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قالَ :" أولى النَّاس بالتُّهمةِ مَنْ جالسَ أهلَ التُّهمةِ" وهذا في البحار ، في الجزء الثاني والسبعين ، في الصفحة 90








" أولى النَّاس بالتُّهمةِ مَنْ جَالسَ أهلَ التُّهمةِ"









ما أثرُ هذه الكلماتِ في نفسِك وأنتَ ترى صحابةَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في قفصِ الاتِّهام ؟؟







و ليتَه كانَ اتِّهاماً فحسب بل هو اتِّهامٌ بالكُفْرِ والرِّدَّةِ والنِّفاقِ ، والعياذُ بالله .







الرَّجلُ الذي أنارَ الله به بصائرَ الخَلْقِ وهو رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كيف يُبقي على ذِمَّتهِ عائشةَ وحفصةَ ويُصاهر أبا بكر وعمر ويزوِّج ابنتيهِ لعثمانَ ؛ ويكون طلحة والزُّبير وسعد وسعيد وأبو عبيدة منْ أخصِّ أصحابهِ وأكثرهم قُرْباً إليه وهم كما يزعمُ أهلُ الشِّيعةِ الاثني عشرية أهل رِدَّةٍ ونفاقٍ أو على الأقلّ أهل فُسُوق ؟؟؟!!!!









لعلََّ قائلاً أنْ يقولَ هذا نوحٌ ولوطٌ عليهما السَّلامُ قالَ الله عن زوجتيهما : " كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا (10) "سورة التحريم ، فلمَ لا تخونُ زوجتا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟!!









فنقولُ : إنَّ الله سبحانه وتعالى نزَّه نوحاً ولوطاً عن هاتين المرأتين في حياتهما فشهدَ هذان النبيَّان الكريمان عقابَ الله لتينك المرأتين وطهَّرهما الله سبحانه وتعالى منهما فتبيَّن مِنْ ذلك أنه لو كانَ في زوجةٍ مِنْ زوجاتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما يُوجبُ تنزيهَ رسولِ الله عنها أو التبرُّؤ منها لحصلَ ذلك في حياةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .







كيف وقد قالَ الله سبحانه وتعالى آمراً المؤمنين : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (10) " سورة الممتحنة .





إنَّ سَبَّ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كما قالَ الإمامُ مالك : إنما هؤلاء أقوامٌ أرادوا القدحَ في النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلم يمكنْهم ذلك فقدحوا في أصحابهِ حتى يقال : رجل سُوٍء ولو كانَ رجلاً صالحاً لكانَ أصحابُه صالحين .








وقالَ الإمامُ أحمد : إذا رأيتَ رجلاً يذكرُ أحداً منَ الصَّحابةِ بِسُوْءٍ فاتَّهِمه على الإسلام .

















وقالَ أبو زرعةَ الرَّازي : إذا رأيتَ الرَّجلَ ينتقصُ أحداً منْ أصحا ب رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاعلمْ أنه زنديقٌ ؛ وذلك أنَّ الرَّسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم عندنا حقٌّ والقرآن حقٌّ ، و إنما أدَّى إلينا هذا - القرآن والسُّنة - أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، و إنما يريدون أن يجرِّحوا شهودَنا ليُبطلوا الكتابَ والسُّنة ، والجرحُ بهم أولى وهم زنادقةٌ .









وقالَ الإمامُ أبو نُعَيم رحمه الله تعالى : لا يبسطُ لسانَه فيهم - أي أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم - إلا مِنْ سُوءِ طويَّتهِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وصحابتهِ والإسلامِ والمسلمين .








لماذا نتشدَّد عندما يُذكرُ أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِسُوْءٍ ؟








نقولُ :







* - إنه يترتَّب على القولِ بكفرِ و ارتدادِ معظمِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أو فِسْقِهم إلا نفراً يسيراً ؛ يترتَّب على ذلك الشَّكّ في القرآن الكريم و الأحاديث النَّبويَّة ، وذلك لأنَّ الطَّعنَ في النَّقَلَةِ طعنٌ في المنقولِ .









* - ثانياً : هذا القولُ يقتضي أنَّ هذه الأمَّةَ - والعياذُ بالله - شَرُّ أمَّةٍ أُخرِجتْ للنَّاسِ لا كما قالَ الله تباركَ وتعالى : " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ... (110) " سورة آل عمران ، لأنَّ سابقي هذه الأمَّةِ شِرَارُها وخيرُها القرنُ الأوَّل وكانَ عامَّتهم كُفَّاراً فُسَّاقاً والعياذُ بالله .









*- ثم يلزمُ كذلك منْ هذا القولِ أحدُ أمرين : إمَّا نسبةُ الجهلِ إلى الله - تعالى عمَّا يصفون - أو العبثُ في هذه النُّصوص التي أثنى فيها الله سبحانه وتعالى على الصَّحابةِ ، فإنْ كانَ الله عَزَّ و جَلَّ غيرَ عالمٍ بأنهم سيكفرون ومع ذلك أثنى عليهم و وعدَهم الحسنى فهو جهلٌ ، والجهلُ عليه تعالى محالٌ ، ومَنْ نسبَ الجهلَ إلى الله فقد كفرَ ، وإنْ كانَ الله عَزَّ و جَلَّ عالماً أنهم سيكفرون فيكونُ وعدَهم الحسنى و رضيَ عنهم عبثاً ، والعبثُ في حقِّه تعالى محالٌ ولا يمكنُ أنْ يكونَ .









*- ثم يتبعُ ذلك أنه طعنٌ في حكمتهِ عزَّ و جلَّ حيثُ اختارَ هؤلاء القوم واصطفاهم لِصُحْبَةِ نبيِّه محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم .









*- ثم كذلك يقالُ : لقد بذلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم جهوداً خارقةً في تربيةِ الصَّحابةِ على مدى ثلاثٍ وعشرين سنةً حتى تكوَّنَ بفضلِ الله سبحانه وتعالى المجتمعُ المثاليُّ الذي تحلمُ به الإنسانيَّةُ جمعاء وذلك في خُلُقِهِ و تضحياتهِ وزُهْدِهِ و ورعهِ و تقواه و دينه ، فكانَ صلَّى الله عليه وسلَّم أعظمَ مُرَبٍّ في التَّاريخِ ، و لكنْ نجدُ أنَّ هذا القولَ يُفضي إلى العكسِ ، إذْ يُثبتُ له إخفاقاً لم يُواجهه أيُّ مصلحٍ أو مُرَبٍّ خبيرٍ مخلصٍ لم يكنْ مأموراً منَ الله ، فكيفَ وهذا رسولُ الله صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم ؟؟!!!!





يتبع بإذن الله ...








إنَّ الشِّيعةَ الاثني عشريَّة وجَّهوا سهامَهم نحو أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فَحَكَمُوا عليهم بالرِّدَّةِ والضَّلالِ والانقلابِ على الأعقابِ ، واستثنَوا فئةً قليلةً منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهم ثلاثة ، ثم زادوا عليهم أربعة ، فاستثنَوا المقدادَ و أبا ذرٍّ و سلمانَ الفارسيَّ ، ثم زادوا بعد ذلك عمَّار بن ياسر و أبا ساسان و شتيرة و أبا عَمْرَة ، والثَّلاثةُ الأخيرون غير معروفين بجهادٍ و علمٍ ونشرٍ للدَّعوةِ كما يُعرفُ كبارُ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، بل لعلَّ الكثيرين ممنْ يحضرون الآنَ لا يعلمون هل هؤلاء منَ الصَّحابةِ أو لا ( أبو ساسان ، و شتيرة ، و أبو عَمْرَة ) .












كانتْ فئةٌ منَ المنافقين مفضوحةً مخزيَّةً علمَ صلواتُ الله وسلامُه بعضَها بعينهِ وعرفَ البعضَ الآخرَ بالأوصاف ؛ كما قالَ الله سبحانه وتعالى : " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) " سورة محمد .









إنهم يزعمون أنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانوا منافقين ولم يعلمْ بهم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .








إنَّ منَ المعلومِ المتواترِ أنَّ المهاجرين خرجوا منْ مكَّة وغيرها إلى المدينةِ فِراراً بدينِهم ، وهاجرَ بعضُهم قبل ذلك الى الحبشةِ ثم إلى المدينةِ ، وكانَ الإسلامُ إذْ ذاكَ قليلاً ، وكانَ الكُفَّارُ مستولين على عامَّة الأرضِ ، وكانوا يُؤْذَون - أعني أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم - كانوا يُؤْذَون بمكَّة ويلقون منْ أقاربهم وغيرِهم منَ المشركين منَ الأذى ما الله به عليم ، وهم صابرون على الأذى متجرِّعون مرارةَ البلوى .. فارقوا الأوطانَ .. هجروا الخِلَّان .. محبَّةً في الله ورسولهِ صلواتُ الله وسلامُه عليه ؛ كما قالَ جَلَّ وعلا : " لِلْفُقَرَاءِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْيَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "(8)،سورة الحشر.








ولهذا إنما ذُكِرَ النِّفاقُ في السُّورِ المدنيَّة ، أمَّا السُّورُ المكِّيَّةُ فلا ذِكْرَ فيها للمنافقين .









وإذا كانَ الأمرُ كذلك فإنَّ رميَ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كلّهم أو أغلبهم بالنِّفاق كما يقولُه الشِّيعةُ الاثني عشريَّة لا شكَّ أنَّ هذا منْ أعظمِ البُهتان ، وكذلك دعواهم عليهم بالرِّدَّةِ منْ أعظمِ الأقوالِ زُوراً وظُلْماً .











فإنَّ المرتدَّ إنما يرتدُّ لِشُبْهَةٍ أو شهوةٍ ، ومعلومٌ أنَّ الشُّبهاتِ والشَّهواتِ في أوائلِ الإسلامِ كانتْ أقوى ، فمَنْ كانَ إيمانُهم مثلَ الجبالِ في حالِ ضَعْفِ الإسلامِ كيف يكونُ إيمانُهم بعد ظهورِ آياتهِ وانتشارِ أعلامهِ ؟؟!!










وجريمتُهم التي لا تُغتفرُ هي أخذُ الخلافةِ منْ عليٍّ كما يزعمُ الشِّيعةُ الاثنا عشريَّة ، وإذا جئتَ تُناظرُهم في هذا لا تجدُ عندهم منَ الأدلَّة ما يُثبتُ أنَّ الخلافةَ لعليٍّ قبلَ غيرِه بل منْ دون غيرهِ إلا ما كانَ منْ أولادهِ ، فهي دعاوى باطلةٌ في رِدَّةِ هؤلاء الصَّحابةِ ، وكلُّ الجريمةِ التي فعلوها هي أخذُ الخلافةِ منْ عليٍّ .










ولذلك ذكرَ نعمةُ الله الجزائريّ في كتابهِ الأنوار النُّعمانيَّة - كما سيأتي تفصيلُ ذلك إنْ شاء الله تعالى - ذكرَ :أنَّ الشَّيطانَ يأتي يومَ القيامةِ وقد غُلَّ بسبعين غلّا ، ويأتي رجلٌ قد غُلَّ بمئةٍ وعشرين غِلاً فيقولُ له الشَّيطانُ : ويحكَ ماذا صنعتَ في حياتِك ؟ فيقولُ عمرُ : ما صنعتُ إلا أني أخذتُ الخلافةَ منْ عليٍّ" .









هكذا يزعمون أنَّ عمرَ يُغَلُّ بمئةٍ وعشرين غِلّا لجريمةٍ عظيمةٍ لا تُغتفرُ ألا وهي أخذُ الخلافةِ منْ عليٍّ .







فهل يستنكرُ الشِّيعةُ على أهلِ السُّنةِ إثباتَ العدالةِ للذين زكَّاهمُ الله سبحانه في كتابهِ العزيزِ ، وزكَّاهمُ الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم في سنَّتهِ ، وبذلوا الغالي والنَّفيسَ في سبيلِ هذا الدِّينِ ، يُشنِّعون عليهم أشدَّ التَّشنيعِ ، ويعدُّون القولَ بعدالتِهم تقديساً لا يستحقُّونه .







همُ الذين تركوا المالَ والأولادَ .. قاتلوا جنباً إلى جنبٍ مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم..قاتلَ الرَّجلُ منهم قومَه وعشيرتَه..منهم مَنْ قاتلَ أباهُ وأخاهُ أو ابنَه ، واسترخصَ دمَه منْ أجلِ رِفْعَةِ هذا الدِّينِ ونُصْرَةِ هذا الرَّسولِ ، ولا يخافُ في هذا لومةَ لائمٍ أو كلمةً منْ عائبٍ .







فلا يمكنُ أبداً أنْ نجعلَ أبا بكرٍ وعمرَ وخالداً وغيرَهم ممن نصرَ الله ورسولَه كَمَنْ أظهرَ الرِّدَّةَ وحاربَ الإسلامَ والمسلمين كأمثالِ مسليمة وطُلَيْحة الأسديّ والأسود العنسيّ وسجاحاً وغير أولئك القومِ منَ الذين ارتدُّوا على أدبارِهم .








ثم ما الذي سيجنيهِ الصَّحابةُ إنْ هم سلَّموا الخلافةَ لأبي بكرٍ بدلاً منْ عليّ بنِ أبي طالب ؟؟!!







أهيَ الأموالُ ؟؟








هم تركوا أموالَهم وأهليهم في سبيلِ الله سبحانه وتعالى .. تركوا ديارَهم .. تركوا أموالَهم .. تركوا بيوتَهم في سبيلِ الله .. بل وأنفقوا كلَّ ما ملكوه في سبيلِ الله سبحانه وتعالى .








أيُريدون المكانةَ الاجتماعيَّةَ ؟؟






فما الذي تغيَّر في خلافةِ أبي بكرٍ حتى يبيعَ الرَّجلُ منهم دينَه ويشتري في المقابلِ تلك المكانةَ الاجتماعيَّةَ في مجتمعٍ يرى التَّقوى ميزاناً لِعُلُوِّ الشَّخصِ أو دونه ؟؟!!








هذه قريش بعزَّتها وجبروتِها تحاولُ أنْ تُغريَ النَّاسَ أنْ يتركوا هذا الدِّينَ إمَّا ترغيباً وإمَّا ترهيباً ، لم تستطعْ أنْ تُزحزحَ صحابةَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن مواقفِهم ، بل زادتْ في ثباتِهم وإيمانِهم ، فما الذي تغيَّر اليوم حتى تستطيع سقيفة بني ساعدة الصَّغيرة في مكانِها .. الصَّغيرة في حضورها .. الصَّغيرة في وقتِها ؟؟؟







كيف استطاعتْ أنْ تغيِّر هؤلاء الرِّجالِ .. هؤلاء الذين نصروا الله ورسولَه ؟؟؟







انقلبوا مئةً وثمانين درجةً رأساً على عَقِبٍ !!







لأيِّ شيءٍ ؟؟






لا شيءَ .







لماذا لم يُسلِّموا الخلافةَ لعليٍّ وسلَّموها لأبي بكر ؟؟!!







لنْ تجدَ إجابةً مقنعةً ولو كنتَ تريدُ أنْ تسلِّي بها نفسَك .








لقد كانتْ هذه الفئةُ المؤمنةُ تفرِّق بين الخلافةِ وبين الارتباطِ العاطفيِّ مع قرابةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .







إنَّ هؤلاء الذين تنعتُهمُ الكتبُ بالرِّدَّةِ والانقلابِ على الأعقابِ في حادثةِ السَّقيفةِ ؛ هؤلاء هم الذين يُثني عليهم آلُ بيتِ النبيِّ صلواتُ الله وسلامُه عليه .








هذا عليُّ بنُ أبي طالب رضيَ الله عنه - وأنا أذكرُ هذه الرِّوايات مِنْ كُتُبِ الشِّيعةِ -






هذا عليُّ بنُ أبي طالب يخاطبُ عمرَ بنَ الخطَّاب كما في نهجِ البلاغةِ في الخطبةِ رقم أربعٍ وثلاثين ومئة






يقولُ عليُّ بنُ أبي طالب لعمرَ بنِ الخطَّاب لما استشارَه في غزوِ الرُّومِ ، أيْ يريدُ أنْ يذهبَ بنفسهِ







* - فقالَ له عليٌّ :إنك متى سِرْتَ إلى هذا العدوِّ بنفسِك فتلقاهم فتُنكب لا تكنْ للمسلمين كانفة دون أقصى بلادِهم ، ليس بعدَك مرجعٌ يرجعون إليه ، فابعثْ إليهم رجلاً مجرِّباً ، و احفزْ معه أهلَ البلاءِ والنَّصيحةِ ، فإنْ أظهرَ الله فذاك ما تحبُّ ، وإنْ تكنِ الأخرى كنتَ رِدْءاً للنَّاسِ ومثابةً للمسلمين .








* - ويخاطبُه أيضاً قائلاً :فكنْ قُطْباً واستدرِ الرَّحى بالعرب ، و اصلهم دونك نارَ الحربِ ، فإنك إنْ شخصتَ منْ هذه الأرضِ انتقضتْ عليك العربُ منْ أطرافِها وأقطارِها حتى يكون ما تدعُ وراءَك منَ العوراتِ أهمّ إليك مما بين يديك ، إنَّ الأعاجمَ إنْ ينظروا إليك غداً يقولون : هذا أصل العرب فإذا اقتطعتموه استرحمتم ، فيكونُ ذلك أشدّ لِكَلَبِهِمْ عليك وطمعِهم فيك . وهذا في نهجِ البلاغة أيضاً ، في خطبة رقم ستٍ وأربعين و مئة .




* - ويقولُ كذلك مادحاً له :لله بلاءُ فلانٍ ..







وفي روايةٍ : بلاد فلان ، فلقد قوَّم الأوَد ، و داوى العَمَد ..







( قوَّم الأَوَد : يعني الاعوجاج )







لقد قوَّم الأَوَد و داوى العمد ، وأقامَ السُّنة ، وخلَّف الفتنة ، وذهبَ نقيَّ الثَّوبِ ، قليلَ العيبِ ، أصابَ خيرَها و سبقَ شرَّها ، أدَّى إلى الله طاعتَه ، واتَّقاه بحقِّه ، رحلَ وتركَهم في طُرُقٍ متشعِّبةٍ لا يهتدي بها الضَّالُّ ولا يستيقن المهتدي . وهذا في خطبة رقم ثمان و عشرين ومئتين .








أ مِثْلُ هذا يُغَلُّ بمئةٍ وعشرين غِلّا و يُغَلُّ إبليسُ في سبعين غِلّا ؟؟!!








* - وكذا يقولُ رضيَ الله عنه وأرضاه - أعني عليّاً - يقولُ وهو يصوِّر أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :لقد رأيتُ أصحابَ محمَّدٍ فما أرى أحداً يُشبهُهم ، لقد كانوا يُصبحون شُعْثاً غُبْراً وقد باتوا سُجَّداً وقياماً ، يُراوحون بين جباهِهم وخدودِهم ، يقفون على مِثْلِ الجمرِ منْ ذِكْرِ مَعَادِهم ، كأنَّ بين أعينِهم رُكَبَ المِعْزَى منْ طولِ سجودِهم ، إذا ذُكِرَ الله هملتْ أعينُهم حتى تبلّ جيوبهم ، و مادُوا كما يميدُ الشَّجرُ يومَ الرِّيحِ العاصفِ خوفاً منَ العقابِ و رجاءَ الثَّوابِ .








* - وهو كذلك يتحسَّر على فِراقِهم ، ويَرثيهم بعد موتِهم كحالِ أيِّ محبٍّ فارقَ مَنْ يحبُّ فيقولُ : أين القومُ الذين دُعُوا إلى الإسلامِ فَقَبِلُوهُ ، و قَرَؤُوا القرآنَ فأحكموه ، و سَلَبُوا السُّيوفَ أغمادَها ، وأخذوا بأطرافِ الأرض زحفاً زحفاً و صفّاً صفّاً ، مُرْهُ العيون منَ البكاءِ ، خُمْص البطونِ منَ الصِّيام ، ذُبْل الشِّفاه منَ الدُّعاء ، صُفْر الألوانِ منَ السَّهر ، على وجوهِهم غبرةُ الخاشعين ، أولئك إخواني الذَّاهبون ، فحقٌّ لنا أنْ نظمأَ إليهم ، و نعضّ الأيدي على فراقِهم . وهذا في نهج البلاغة ، صفحة اثنتين وثمانين ومئة.








* -وهذا صاحبُ البحار في الجزء الثاني والعشرين يروي عن أبي أمامةَ قالَ : قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : طوبى لمنْ رآني وآمنَ بي ، وطوبى ، ثم طوبى - يقولُها سبعَ مرَّاتٍ - لمنْ لم يرني وآمنَ بي .








* - وكذلك عن أبي عبدِ الله قالَ : كانَ أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم اثني عشرَ ألفاً : ثمانية آلاف منَ المدينة ، و ألفان منْ أهلِ مكَّة ، و ألفان منَ الطُّلقاء ، لم يُرَ فيهم قدريّ و لا مُرْجِيء ولا حَرُورِيّ ولا معتزليّ ولا صاحب رأي ، كانوا يبكون اللَّيلَ والنَّهارَ ويقولونَ : اقبضْ أرواحَنا منْ قبلِ أنْ نأكلَ خبزَ الخمير .








ويقولون ارتدَّ الصَّحابةُ كلُّهم إلا سبعة !!!!








* - وهذا الصَّادق عن آبائهِ عن عليّ قالَ : أوصيكم بأصحابِ نبيِّكم لا تسبُّوهم ، الذين لم يُحْدِثُوا بعدَه حَدَثاً ولم يُؤْووا مُحْدِثاً ، فإنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أوصى بهم .كلُّ هذا في بحار الأنوار ، في الجزء الثاني والعشرين ، صفحة خمسٍ وثلاثمئة .


* - وكذا قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :أنا أَمَنَةٌ لأصحابي ، فإذا قُبِضْتُ دنا منْ أصحابي ما يُوعدون ، وأصحابي أَمَنَةٌ لأمَّتي ، فإذا قُبِضَ أصحابي دنا منْ أمتي ما يُوعدون . وهذا في صفحة ثلاثمئة وتسعة







* - وكذلك يقولُ عليٌّ رضيَ الله عنه :فمشيتُ عند ذلك إلى أبي بكر فبايعتُه ، ونهضتُ في تلك الأحداث حتى زاغَ الباطلُ و زهقَ وكانتْ كلمةُ الله هي العليا ولو كرهَ الكافرون ، فتولَّى أبو بكر تلك الأمور فَيَسَّرَ و سدَّد وقاربَ واقتصدَ ، فصحبتُه مُنَاصِحاً ، وأطعتُه فيما أطاعَ الله فيه مجاهداً . وهذا في نهج البلاغة ، صفحة اثنتين وستين .








* - ولذلك يقولُ محمَّد حسين كاشف الغطاء معترفاً بهذا ، قالَ عن عليّ :وحين رأى أنَّ الخليفتين - أعني الأوَّل والثَّاني - بذلا أقصى الجهدِ في نشرِ كلمةِ التَّوحيدِ ، وتجهيزِ الجنودِ ، وتوسيعِ الفتوحِ ، ولم يستأثرا ، ولم يستبدَّا ، بايعَ وسالمَ . وهذا في أصلِ الشيعة وأصولها ، صفحة ثلاثٍ وعشرين ومئة .








* - وهذا الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين جاءَه رجلٌ فقالَ له : إني أبغضُ فلاناً و فلاناً منْ أصحابِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ .

فقالَ له الإمامُ زينُ العابدين :

-و زينُ العابدين هو الإمام الرَّابع عند الشِّيعة الاثني عشريَّة منَ الأئمَّة الاثني عشر -





فقالَ له : قالَ تعالى : "لِلْفُقَرَاءِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْيَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ " .

قالَ الإمامُ زينُ العابدين :أأنتَ مِنْ هؤلاء ؟؟



قالَ الرَّجلُ :لا .

لأنه يعرفُ أنها نزلتْ في المهاجرين منْ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .





ثم تلا عليه الآيةَ التي بعدَها : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ... ".




فقالَ له الإمامُ :أأنتَ مِنْ هؤلاء ؟



فقالَ الرَّجلُ :لا .



لأنه يعلمُ أنَّ هذه الآيةَ إنما نزلتْ في الأنصارِ .




ثم قالَ له الإمامُ زينُ العابدين : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"



فقالَ له زينُ العابدين :أأنتَ مِنْ هؤلاء ؟



قالَ :أرجو ذلك .



قالَ : ليسَ مِنْ هؤلاء مَنْ سَبَّ هؤلاء .



و هذا في كشف الغمَّة ، الجزء الثاني ، صفحة ثمان وسبعين .




*-وهذا الكُلَيْني يروي في كتابهِ الكافي أنَّ منصورَ بنَ حازم قالَ لأبي عبدِ الله جعفر الصَّادق :ما بالي أسألُك عن المسألةِ فتُجيبُني فيها بالجوابِ ثم يجيئُك غيري فتُجيبُه فيها بجوابٍ آخرَ ؟؟!!

قالَ :إنَّا نجيبُ النَّاسَ على الزِّيادةِ والنُّقصانِ .



قالَ : قلتُ :فأخبرني عن أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم صدقوا على محمَّد أم كذبوا ؟




قالَ : بل صدقوا .

قالَ : قلتُ :فما بالُهم اختلفوا .

قالَ :أمَا تعلم أنَّ الرَّجلَ كانَ يأتي رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيسألُه عن المسألةِ فيجيبُه فيها بالجوابِ ، ثم يجيبُه بعد ذلك ما ينسخُ ذلك الجواب ، فنسختِ الأحاديثُ بعضها بعضاً .



و هذا في أصولِ الكافي ، الجزء الأوَّل ، صفحة اثنتين و خمسين .



الآن نذكرُ المصاهراتِ التي وقعتْ بين أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وبين النبيِّ وآلِ بيتهِ صلواتُ الله وسلامُه عليه .




*- فهذا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم زوَّج ابنتيهِ أمَّ كلثوم ورقيَّة لعثمانَ بنِ عفَّان .

*- وزوَّج زينب للعاص بنِ الرَّبيع .



*- وكذا تزوَّج صلواتُ الله وسلامُه عليه عائشةَ ابنةَ أبي بكرٍ ، و حفصةَ بنتَ عمر ، و أمّ حبيبة بنت أبي سفيان .



*- وعليّ بن أبي طالب زوَّج ابنتَه أمَّ كثوم لعمرَ بنِ الخطَّاب .

*- وعليّ كذلك تزوَّج أسماءَ بنتَ عميس أرملةَ أبي بكر الصِّدِّيق .



*- وتزوَّج عليٌّ منْ أمامةَ بنتِ العاص بنِ الرَّبيع ، و محمَّد بن أبي بكر هو ربيب عليّ .

*- ومحمَّد بن عليّ بن الحسين تزوَّج أمَّ فَرْوَة بنتَ القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق .

وكانَ جعفر الصَّادق رحمه الله تعالى يقولُ : " وَلَدَني أبو بكر مرَّتين " .



أمُّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصِّدِّيق ، و أمُّها أسماء بنت عبد الرَّحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق .



*- وأبَان بن عثمان بن عفَّان تزوَّج أمَّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .




*- وسُكَيْنة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب تزوَّجها مصعب بن الزُّبير بن العوَّام .


و غير ذلك كثير .



وسمَّى آلُ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أولادَهم بأسماءِ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم




*-فهذا عليٌّ سمَّى أولادَه بأبي بكر وعمر وعثمان .



*- والحسن سمَّى ولدَه أبا بكر .



*- وعليّ بن الحسين سمَّى عمر .

*- وموسى بن جعفر سمَّى عمر و عائشة .



وغير ذلك كثير منَ المصاهراتِ التي تمَّت بينهم .



*- وهذه أمُّ الحسن بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب تزوَّجها عبدُ الله بنُ الزُّبير بنِ العوَّام .

*- وكذلك رقيَّة بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب تزوَّجها عمرو بن الزُّبير بنِ العوَّام .

*- ومُلَيْكَة بنت الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب تزوَّجها جعفر بن مصعب بن الزُّبير .

*- وموسى بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب تزوَّج عُبَيْدَةَ بنت الزبير بن هشام بن عروة بن الزُّبير بن العوَّام .

*- وجعفر بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب تزوَّج فاطمة بنت عروة بن هشام بن عروة بن الزُّبير بن العوَّام .



*- وعبد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب تزوَّج منْ أمِّ عمرو بنت عمرو بن الزُّبير بن عروة بن عمر بن الزُّبير بن العوَّام .



*- ومحمَّد بن عون بن عليّ بن محمَّد بن عليّ بن أبي طالب تزوَّج صفيَّة بنت محمد بن مصعب بن الزُّبير بن العوَّام .



*- وكذا محمَّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ( الذي يقال له النَّفس الزَّكيَّة ) تزوَّج فاختة بنت فليخ بن محمَّد بن المنذر بن الزبير بن العوَّام .

*- والحسين الأصغر بن عليّ زين العابدين تزوَّج بنت حمزة بن مصعب بن الزُّبير بن العوَّام .


وغير ذلك الكثير منَ المصاهرات التي تمت بين آلِ بيتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم و أصحابِ النبيِّ صلواتُ الله وسلامُه عليه

إنها عداواتٌ مُفْتَعَلَةٌ إذاً .. لا عداوات بين أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وآلِ بيتهِ رضيَ الله عنهم وأرضاهم .

لا والله ما ذهبوا وتزوَّجوا منَ العَجَمِ ، ولا ناسبوهم ، و إنما كانتْ أمة عند الحسين وأنجبتْ له عليَّ بنَ الحسين .



إنَّ صحابةَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم و طَعْنَ الشِّيعة الاثني عشريَّة فيهم نريدُ فقط أنْ يقفَ الشِّيعةُ موقفاً شجاعاً مما سأقولُه الآن .

إنَّ مَنْ طعنَ في أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه و آلهِ وسلَّم - وهم الشِّيعةُ - إنما طعنوا بهم في أشياءَ لم تكنْ منهم وإنما هي أكاذيبُ وادِّعاءاتٌ يدَّعيها الشِّيعةُ عليهم .

ولكنْ نقولُ لهم : إنَّ هناك مِنْ علمائِكم مَنْ طعنَ في كتابِ الله جَلَّ و علا مُدَّعِياً وقوعَ التَّحريفِ والتَّبديلِ فيه ، وعلى رأسِهم إمامكم

النوري الطبرسي صاحب فصل الخطاب في إثباتِ تحريفِ كتابِ ربِّ الأرباب ؛ الذي يقولُ عن آياتِ القرآنِ الكريمِ : إنَّ فيه آيات سخيفة.

وهذا نعمة الله الجزائري يقولُ :إنَّ القرآنَ وقعَ فيه التَّحريفُ كلاماً و مادَّةً و إعراباً .

ويقولُ عدنان البحراني : إنَّ الأخبارَ التي لا تُحصى كثرةً وقد تجاوزتْ حَدَّ التَّواترِ ولا في نقلِها فائدة كثيرة بعد شيوع القولِ بالتَّحريفِ والتَّغييرِ بين الفريقين ، وكَوْنِه منَ المسلَّماتِ عند الصَّحابةِ والتَّابعين ، بل و إجماع الفرقة المحقَّة ، وكَوْنِه منْ ضروريَّات مذهبِهم ، و به تضافرتْ أخبارُهم .

ويوسف البحراني الذي يقولُ : لا يخفى ما في هذه الأخبارِ منَ الدَّلالةِ الصَّريحةِ والمقالةِ الفصيحةِ على ما اخترناه و وضوح ما قلناه ، و لو تطرَّق الطَّعنُ إلى هذه الأخبار - يعني أخبار التَّحريف - على كَثْرَتِها وانتشارِها لأمكنَ الطَّعنُ في أخبارِ الشَّريعةِ كلِّها كما لا يخفى .




وهذا الفريقُ وغيرُهم كثيرٌ منْ علماءِ الشِّيعةِ ، ولا أريدُ أنْ أفصِّل كلامَهم في تحريفِ القرآنِ الكريمِ ، وإنْ شاءَ الله يكونُ له لقاءٌ خاصٌّ ، ولكنْ أقولُ هذا الفريق الذي تجاوزَ قنطرةَ الإسلامِ وذهبَ إلى قنطرةٍ أخرى وهي قنطرة الكُفْر ؛ نقولُ هذا الفريق الذي يُصَرِّحُ بتحريفِ القرآنِ للشِّيعةِ منهم موقفٌ و للشِّيعةِ منْ أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم موقفٌ آخر يختلفُ تماماً .

إنَّ هؤلاء الذين يقولون بالتَّحريفِ يعتذرُ لهم الشِّيعةُ اعتذاراً عجيباً ، ويقولون :أخطؤوا .. اجتهدوا و تأوَّلوا .. لا نوافقُهم على ما ذهبوا إليه ....



و ليتَ شِعْرِي متى صارتْ مسألةُ حفظِ كتابِ الله تباركَ وتعالى مناطاً للاجتهاد ؟؟!!


إنها والله الطَّامَّةُ الكبرى .



هذا النوري الطبرسي ماذا يقولُ عنه الميلاني ؟



يقولُ : النوري الطبرسي منْ كبارِ المحدِّثين

( هذا الذي يقولُ إنَّ القرآنَ فيه آياتٌ سخيفةٌ )

يقولُ :النوري الطبرسي منْ كبارِ المحدِّثين ، إنَّنا نحترمُ الميرزا النوري ، الميرزا نوري رجلٌ منْ كبارِ علمائِنا ، ولا نتمكَّن منَ الاعتداءِ عليه بأقلِّ شيءٍ ، ولا يجوزُ ، وهذا حرامٌ ، إنه محدِّث كبيرٌ منْ علمائِنا .

ولكنَّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يُغتفَرُ لهم شيءٌ و إنْ كانَ هذا الشَّيءُ أصلاً لم يقعْ منهم .

والآخرُ يعتذرُ لهم - وهو الأصفهاني – يقولُ : إنَّ القائلين بالتَّحريفِ أوقعَهم في ذلك كمالُ وَرَعِهم ، وجمودِهم على الأخبار ، وعدمِ دِقَّتهم في أسانيدها ودلالاتها ، و إلا فليسَ القولُ بالتَّحريفِ خرافةً


- يردُّ على الخُوئي الذي يقولُ إنَّ القولَ بالتَّحريفِ خرافةٌ -

يقولُ :و إلا فليسَ القولُ بالتَّحريفِ خرافةً ، إذْ هي لا أساسَ لها كالقصصِ الخياليَّةِ ، والأوهام المنسوجة ، والأحاديث المفتعلة الكاذبة .



بينما لا يجدُ علماءُ الشِّيعة الاثني عشريَّة أدنى حرجٍ في إطلاقِ الكفرِ و الرِّدَّةِ والنِّفاقِ على أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .

و أيّ جُرْمٍ فعلوه ؟!

إنهم أعطَوا الخلافةَ لأبي بكر الصِّدِّيق رضيَ الله عنه .

أَقِلُّوا عليهم لا أبا لأبيكمُ مِنَ اللوم *** أو سُدُّوا المكان الذي سَدُّوا


أقولُ قولي هذا و أستغفرُ الله منْ كلِّ خطأ وخَطَلٍ ، والله أعلى و أعلم وصلَّى الله وبارك على نبيِّنا محمَّد


































الصحابه المحّبين المبغضين crq3jsrr1sis2vjrars.
كتبت : || (أفنان) l|
-
جزاكِ الله خيراً في الدُنيا والآخرة ، وَرُزقتِ جنَّةَ الفردوس في الآخرة



القدح في الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لا يضرهم:
وأن القدح فيهم لا يضرهم شيئا بل يفيدهم كما في حديث المفلس ولا يضر القادح إلا نفسه

فمن وجد في قلبه محبة لهم وسلامة من الغل لهم وصان لسانه عن التعرض لهم إلا بخير

فليحمد الله على هذه النعمة وليسأل الله الثبات على هذا الهدى


ومن كان في قلبه غلٌّ لهم وأطلق لسانه بذكرهم بما لا يليق بهم
فليتق الله في نفسه وليقلع عن هذه الجرائم وليتب إلى الله ما دام باب التوبة مفتوحا أمامه قبل أن يندم حيث لا ينفعه الندم.


ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.

كتبت : * أم أحمد *
-
أهلا فيكِ يالغاليه
نورتي أختي بطلتك
حيّاكِ الله وبيّاكِ
كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاكِ الله خيرا اختي الغالية
رضى الله عنهم وارضاهم
سلمت يداكِ على الموضوع القيم

حفظك الله
كتبت : * أم أحمد *
-
كتبت : بنتـي دنيتـي
-
بارك الله فيكِ وفى نقلك القيم

الصفحات 1 2 

التالي

الرد على شبهة ... أن البخاري ومسلم لهم روايات في الصحيحين عن الشيعة

السابق

* شهادات ربانيه بوحدة آل البيت والصحابه رضي الله عنهم *

كلمات ذات علاقة
المبغضين , المحّبين , الله , الصحابه , بين , جفاء , جهلِ , رضي , عنهم , وبين