الوسطية والاعتدال *~*حملة سماء الابداع*~*

مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت : كلمة صدق
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة ابنة الحدباء:

جميل ما قدمتي لنا
جزاكِ الله خيرا على موضوعكِ الجميل
سلمت يمنياكِ
مبروووووك لك الوسام
لاحرمنا من مواضيعك الرائعة

لي اضافة

مفهوم الوسطية والاعتدال


أ - مفهوم الاعتدال: الاعتدال لغة: قال في القاموس المحيط: (العدل: ضد
الجور، وما قام في النفس أنه مستقيم)، و(عدل الحكم تعديلا: أقامه، و(عدل)
فلانا: زكّاه، و(عدل) الميزان (سواه)، و(الاعتدال توسط حال بين حالين في كم
أو كيف، وكل ما تناسب فقد اعتدل، وكل ما أقمته فقد عدَلته وعدّلته)،
والعدول: هم الخيار.

وذكر في القاموس المحيط من معاني العدل والاعتدال: الحكم بالعدل،
والاستقامة، والتقويم، والتسوية، والمماثلة، والموازنة، والتزكية،
والمساواة، والإنصاف، والتوسط.
أما اصطلاحا فالاعتدال: هو التزام المنهج العدل الأقوم، والحق الذي هو وسط
بين الغلو والتنطع، وبين التفريط والتقصير، فالاعتدال والاستقامة وسط بين
طرفين هما: الإفراط والتفريط.
والاعتدال هو: الاستقامة والتزكية، والتوسط والخيرية.
فالاعتدال يرادف الوسطية التي ميز الله بها هذه الأمة، قال تعالى {
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا
الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ
الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِنْ كَانَتْ
لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
(143)} .
وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا بقوله: (والوسط: العدل) ومن معاني
العدل والوسط: الخيار.
ولا يتحقق الاعتدال في الاعتقاد والعمل والعلم والدعوة وغيرهما إلا بالتزام
الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين.
ب - مفهوم الوسطية: الوسطية في اللغة: قال في المعجم الوسيط الصحيح:
(وسط) الشيء - (يسطه) وسطا، وسِطة: صار في وسطه ويقال: وسط القوم، ووسط
المكان. فهو واسط. و - القوم، وفيهم وساطة: توسط بينهم بالحق والعدل.
(وسُط) الرجل - (يوسُط) وساطة، وسِطة: صار شريفا وحسيبا. فهو وسيط.
(أوسط) القومَ: صار في وسطهم.
(توسط) فلان: أخذ الوسط بين الجيد والرديء. و - بينهم: وسط فيهم بالحق
والعدل. و- الشيءَ: صار في وسطه. يقال: توسط القومَ.
(الأوسط): المعتدل من كل شيء، وأوسط الشيء: ما بين طرفيه. وهو من أوسط
قومه: من خيارهم.
(الوسَط) وسط الشيء: ما بين طرفيه، وهو منه. والمعتدل من كل شيء. يقال: شيء
وسط: بين الجيد والرديء. وما يكتنفه أطرافه ولو من غير تساو. والعدل.
والخير: (يوصف به المفرد وغيره). وفي التنزيل العزيز: { وَكَذَٰلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}: عدولا أو خيارا. وهو من وسط قومه: من
خيارهم.
والصلاة الوسطى: العصر، لتوسطها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، وقيل
الصلاة الوسطى: الفضلى، وفسرها بعضهم بالجمعة. (ج) وُسَط.
(الوَسوط): المتوسط. وبيت من بيوت الشَّعْر أكبر من المظلة وأصغر من الخباء
أو هو أصغرها. (ج) وسط.
الوُسوط: وُسوط الشمس، توسطها السماء.
(الوسيط): المتوسط بين المتخاصمين، و- المتوسط بين المتبايعين أو
المتعاملين. و-المعتدل بين شيئين. وهي وسيطة. (ج) وسطاء، ويقال هو وسيط
فيهم: أوسطهم نسبا وأرفعهم مجدا.
فالوسطية تأتي بمعنى: التوسط بين شيئين، وبمعنى العدل، والخيار، والأجود،
والأفضل، وما بين الجيد والرديء، والمعتدل، وبمعنى الحسب والشرف.
ونجد أهل السنة والسلف الصالح - بحمد الله - تحققت فيهم هذه المعاني
الفاضلة، كما سيأتي بيانه.
الوسطية في الشرع والاصطلاح: وردت الوسطية في القرآن الكريم في أكثر من آية
وفي السنة في أكثر من حديث على المعاني التالية:
(1) بمعنى العدل والخيرية والتوسط بين الإفراط والتفريط، ومن ذلك قوله جل
وعلا { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي، عدلا [سورة البقرة
- آية 143]. وبهذا المعنى فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي
سعيد الخدري فقال: (الوسط: العدل)
(صحيح البخاري ك التفسير ح 4487).
(2) وفسرها ابن جرير الطبري (3 / 242) بمعنى التوسط بين الإفراط والتفريط.
(3) وكذلك ابن كثير ( 1 / 275) فسرها: بالخيار الأجود.
(4) وتأتي الوسطية في السنة كذلك بمعنى الأوسط والأعلى كما وصف النبي 
الفردوس بأنه { أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ } . [البخاري ك
الجهاد ح 2790].
(5) ويأتي معنى الوسطية على اعتبار الشيء بين الجيد والرديء، كما قال ابن
عباس - في رواية عنه - { كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا دُونًا،
وَبَعْضُهُمْ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ، فَقَالَ اللَّهُ: { من أوسط ماتطعمون به
أهليكم } [المائدة: 89]. الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ }.
(6) وفسر بعضهم: (أوسط) في الآية بأنه: الأعدل والأمثل، فتكون الآية على
هذا التفسير مندرجة تحت المعنى الأول الذي هو (العدالة والخيار والأجود).
(7) كما تأتي الوسطية بمعنى: ما بين طرفي الشيء وحافتيه.
ومن ذلك قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَىٰ} [البقرة: 238]، والصلاة الوسطى صلاة العصر، وسميت الوسطى؛ لأن
قبلها صلاتين، على اختلاف في تحديد أي الصلوات هي .
ومن ذلك ما جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ
النَّبِيِّ النبي صلى الله عليه وسلم { أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا،
وَخَطًّا وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الْخَطِّ
الَّذِي وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَخَطًّا خَارِجًا مِنَ الْخَطِّ
الْمُرَبَّعِ، وَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: هَذَا الْإِنْسَانُ الْخَطُّ الْأَوْسَطُ،
وَهَذِهِ الْخُطُوطُ إِلَى جَانِبِهِ الْأَعْرَاضُ تَنْهَشُهُ } ( ) ( ).
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { وَسِّطُوا الإِمَامَ وَسُدُّوا
الْخَلَلَ .
(8) وتأتي الوسطية بمعنى التوسط الظرفي. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ } ضعفه الألباني: ضعيف سنن
أبي داود (393).
وتأتي الوسطية مقابل:
- الغلو: وهو مجاوزة الحد. قال تعالى: {لا تغلوا في دينكم} [النساء: 171،
المائدة: 77]. وقال صلى الله عليه وسلم{ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي
الدِّينِ } .
- والإفراط: وهو بمعنى الغلو، وهو تجاوز القدر في الأمور.
- والتفريط: وهو بمعنى التقصير.
فمنهج أهل السنة وسط في ذلك بين غلو الخوارج وتفريط المرجئة.
- والجفاء: خلاف البر والصلة. قال صلى الله عليه وسلم في حق القرآن: { وَلا
تَجْفُوا عَنْهُ } . أي: لا تنقطعوا عن تلاوته.
فأهل السنة وسط بين جفاء الأعراب، وتقعر العجم.
- والظلم: وهو مجاوزة الحق. ولذلك سمى الله الشرك ظلما {إن الشرك لظلم
عظيم} [لقمان: 13].
فأهل السنة هم الوسط في العدل والإنصاف. وعليه؛ فالوسطية، والاعتدال معنيان
مترادفان في المفهوم اللغوي، والشرعي الاصطلاحي، فهما: العدل والاستقامة
والخيرية والاعتدال والقصد والفضل والجودة.
فالاعتدال والوسطية منهج الحق ومنهج الأنبياء وأتباعهم، ويتمثل ذلك
بالإسلام بعد مبعث النبي  وبالسنة، ومنهج السلف بعد ظهور الأهواء
والافتراق، فأهل السنة والجماعة هم العدول الأخيار في العقيدة والعبادة
والأخلاق والمواقف.
هذا، ونسأل الله أن يجعلنا من أهل الحق والعدل والاستقامة، وأن يجمع كلمة
المسلمين على الحق والهدى، ويقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن

غاليتي ..
جزاك الله خيرا على هذه الاضافة القيمة ..
والله ما منعني من المشاركة في حملة الابداع في القسم الاسلامي الا خوفي من التقصير في طرح موضوع او مسألة ..
ولا يُسأل ومالك في المدينة ..
بارك الله فيك ومبروك الوسام يا غالية



class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة ام البنات المؤدبات:
كم هو مميز منك الحديث عن عقيدة اهل السنة والحماعة
بشكل مبسط جميل

اختي كلمة
اعتدنا الابداع من بين اناملك الراقية وليس جديد عليك هذا التمييز والابداع
كل شيء يبتسم ويتوهج لروعة اختيارك..
كل شيء ينمق عبارات تبين تمييزك..
كل شي ءينتظر مشاركاتك القادمة...
وقلمك الرائع وابداعك
تقبلي مروري
اسعدني مرورك العطر يا ام المؤدبات
واخجلتني كلماتك الرقيقة ..
بوركت يا غالية ودمت بكل الود


class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة رسولي قدوتي:

" إن الإسلام يتمشى مع مقتضيات الحاجات الظاهرة
فهو يستطيع أن يتطور دون أن يتضاءل
خلال القرون ويبقى محتفظاً بكل ما لديه من قوة الحياة
والمرونة . فهو الذي أعطا العالم أرسخ الشرائع ثباتاً
فالتشريع الإسلامي بعيد عن الجمود
رغم تخرصات الكثير من الحاقدين ..
وتحمل ذاتيته قوة التجدد لما يمتلكه من
مرونة في استيعاب التحولات الاجتماعية
فقد ثبتت مكانته العالية ورفعة شأنه ...




غاليتي كلمة صدق

تتساقط كلمات الشكر والثناء متتابعة

امام المجهود الراائع الذي بذلتيه ،،،
فـ لكِ مني كل التقدير والاحترام



جوزيتي جنة الفردوس أيتها الحبيبه
غاليتي اشكر لك مداخلتك الفياضة ..
والاسلام دين كل الازمان والعصور الى ان يشاء الله ..
والحمد لله على نعمة الاسلام ..
اسعدني تواجدك الرقيق
تقبلي خالص التحية والتقدير ودمت بكل الود

class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة طالبة الفردوس:
ما شاء الله تبارك الرحمن
سلِمت يداكِ
أختيار قيّم ورائع
سلمت من كل شر طالبة الفردوس ..
اسعدني مرورك الكريم ..
دمت بكل الود يا غالية


class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة عراقيه انا:
بارك الله فيكِ
وبارك الله في طرحكِ المبدع
وقال تعالى ( وجعلناكم أمةً وسطا)
الحمد لله على نعمة الإسلام
والحمد لله الذي جعلنا مسلمين
نحن نفتخر بكِ أختي الغاليه
زادكِ الله علماً ونفعا
تقبلي ودي وحبي



شكرا لمرورك الكريم يا غالية
والفخر لي انا ان اكون وسط هذه المجموعة الرائعة من خير اخوات ..
جزاكن الله الجنة


كتبت : um rawan
-
موضوع جيد بارك الله فيك
وسدد الله علي طريق الخير خطاك
نسال الله ان يجمعنا وياكم مع سيد الوجود - سيدنا ونبينا محمد صل الله عليه وسلم في الفردوس الاعلي وما ذلك علي الله بعزيز
كتبت : || (أفنان) l|
-




طرح رائع بمعنى الكلمة

واسلوب شيق يشد القارئ
وكلمات تدعونا لنقف وقفة مع انفسنا
ونتدارك أمرنا قبل فوات الآوان
جزاك الله خير أختي الحبيبة
ربنا يسعدكِ دنيا وآخرة

[glint]
دمتي مبدعة في انتقائك
[/glint]



وإسمحي لي بهذه الإضافة يالغالية



الوسطية والاعتدال بين النظرية والتطبيق

د. عيسى الغيث
كل يدعي الوسطية ويزعم الاعتدال، لأنهما محل مدح وحمد، ورغبة يسعى لتحقيق مناطها الجميع، وهي في الغالب من الناحية النظرية
محل اتفاق أو وفاق، لكن عند التطبيق؛ تطيش الصحف وتختل الموازين، وكل يدعي وصلا بليلى، وليلى (قد) لا تقر لهم بذاكا.

وحينما نأتي لدراسة هذه القضية من ناحيتي التاريخ والجغرافيا، نجد أنها وردت بعدة مصطلحات وسياقات خلال القرون الماضية
وظهرت بشكل أوضح خلال القرن الأخير، كما نجد الاهتمام بهذا الموضوع في جميع أنحاء العالم الإسلامي وجميع الأقليات خارجه،
ومنطلقه قوله تعالى «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا»
فالوسطية هي المبتغى في كل شأن، ولا أعني هنا سوى الوسطية الفكرية والفقهية، ليس سواهما، لكونهما محل اختلاف سائغ
ولكل مجتهد فيهما نصيب، وليس كل مجتهد فيهما مصيبا، فقد يكون الحق معه، أو مع الطرف الآخرأو لا يكون مع أحد منهما؛
وإنما مع غيرهما،وربما يكون الحق مشتركا بينهما، وبالتالي وجب التعاذر وعدم الإنكار، وهما سر التعايش والحياة

ولا أبالغ إذا قلت إن أغلب هذه المسائل الخلافية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية هو من باب الأجر والأجرين، ومما يجوز الاختلاف فيه
لكن المشكلة تكمن في طريقة تعاطي الأطراف تجاه بعضها، ولو تم تربية النفوس وتوطينها على قبول تعدد الاجتهادات، وتقبل الاختلافات
لانتهت غالبية المشكلات والخلافات، التي تصل في بعض الأحيان إلى مشاحنات ومنازعات، ولو رجعنا إلى أي بلد لنضعه كنموذج للدراسة
فسنجد أن الجميع متفقون على الثوابت العقدية، حتى الفقهية، ويبقى التعدد الفكري والفقهي في الجزئيات والفرعيات والمتغيرات
ولذا فلا مبرر يسوغ لتلك النزاعات سوى ضيق الأفق وقصر النفس وقلة العلم، فالتضييق لا يأتي إلا من ضيق الباع وقلة الاطلاع.

وهنا لا يعني الاعتدال التنازل عن «الأصالة»، وفي الحين نفسه لا يعني التمسك بالثوابت النكوص عن «التجديد»، لأن من لوازم الأصول مرونة الفروع، ومن مقتضيات الكليات وجود الجزئيات، ومن نتائج المعاصرة تحقق المتغيرات، وإلا فلن يكون الأمر متساوقا مع المسلمات التي سبرت وقسمت، وجمعت وفرقت، وإنما التعدد الاجتهادي كامن في الحدود الفاصلة بين نهاية الأصول وبداية الفروع، التي يسوغ لأهله الغوص فيها وصيد الرأي بالذمم والأمانات، وهن في جميع الحالات في شأن ديني أخروي لا يعلم بواطنه إلا الله، والأصل براءة الذمة وحسن الطوية.

وكدليل تاريخي يمكن تأمله بشأن تقبل الاختلافات من عدمها، أذكر هنا الاختلافات التي غدت خلافات بين المذاهب الفقهية الأربعة
خلال القرون السابقة وما حصل فيها من نزاع في بعض الحالات على مسائل اجتهادية يسوغ فيها الاختلاف
لكن ظهرت بعض الممارسات التي جعلت المذاهب الفقهية كأنها مذاهب عقدية،
فمثلا وجدنا سابقا في المسجد الحرام بمكة المكرمة عدة جماعات بتعدد المذاهب الفقهية،فالحنفي يصلي مع جماعته،والمالكي والشافعي
والحنبلي كذلك،

حتى قامت الدولة السعودية المعاصرة بتعديل هذا الأمر المنكر،
وجمعت المصلين على جماعة واحدة، والآن في جميع العالم لا أعلم امتناع متمذهب من الصلاة خلف إمام من مذهب فقهي آخر،
وهذا دليل على تطور إيجابي في عصرنا الحاضر، وما دام قد تحقق هذا فهو دليل على إمكانية حصوله، وكما يقرر الأصوليون
أن الوقوع دليل الجواز، فقد وقع في زماننا هذا الأمر بحمد الله، وهو حجة على من لم يجزه أو لم يتفاءل به في عهد سابق،
وهذا التطور يشجعنا ويدفع بنا إلى التفاؤل بإمكانية التوافق، عند عدم الاتفاق بين المذاهب على إعذار كل متمذهب للمتمذهب الآخر.

لكن لا يعني التمذهب عدم الترجيح لرأي خارج المذهب حال قناعته ديانة بالدليل، وهنا جاء ما سمي بالفقه المقارن،
الذي قارن بين الأقوال في المذاهب الأربعة عند أهل السنة والجماعة ورجح ما تعزر دليله، وهذه الروح الفقهية رشدت العصبية الفقهية السائدة في قرون مضت،
وأحيانا عند البحث والدراسة الفقهية تضاف أربعة مذاهب أخرى كالظاهرية من أهل السنة والفقه الجعفري والزيدي والإباضي.

نجد أن الجزء العشرين من مجموع ابن تيمية عن التمذهب،
حيث أجازه بضوابط، لكنه أكد على أنه لا تجب طاعة غير المعصوم،


وقال ابن القيم في «إعلام الين»
«ولا يلزم أحدا قط أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة بحيث يأخذ أقواله كلها ويدع أقوال غيره، وهذه بدعة قبيحة حدثت في الأمة، لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام، وهم أعلى رتبة، وأجل قدرا، وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك، وأبعد منه قول من قال: يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء، وأبعد منه قول من قال: يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة، فيا لله العجب! ماتت مذاهب أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام وبطلت جملة، إلا مذاهب أربعة أنفس فقط من بين سائر الأئمة والفقهاء،
وهل قال ذلك أحد من الأئمة أو دعا إليه أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟
والذي أوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة، لا يختلف الواجب ولا يتبدل».

إننا حينما نرتل ونتأمل قوله تعالى «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا»
نخرج بهدي إلهي وفتح رباني، بأن الوسطية هي المبتغى وإليها المرتجى، لكن حينما نقلب الطرف يمنة ويسرة،
نرى أن «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ»
ونرى؛ كلا يدعي وصلا بالاعتدال، وعند التحقيق بمناط الأصول والقواعد والمقاصد الشرعية،
نجد أن المحترزات قد طردت الكثير من الدعاوى وجردتها من مزاعمها.
فالجفاة المفرطون قد رفعوا راية الوسطية زاعمين ألا أحد سواهم يمثلها ويقتفي أثرها، وفي المقابل؛ الغلاة المفرطون يصادرون كل مخالف لهم وأنهم من دون غيرهم على الجادة المعتدلة، أما الآخرون فتغريبيون ومنافقون، في حين نجد أن أهل الهدى والحق مع كونهم الغالبية
إلا أنهم مغيبون عن موازين التحكيم، لا لشيء من العدل،
سوى أن أصواتهم هي الأخف في زمن أصبح الحق لصاحب الصوت الأشد بل الأعنف،


لكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ويبقي هداه «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ».

إن الوسطية ليست منتسبة لأحد من الناس، لكنهم هم المنتسبون إليها، وبقدر ما يحققون مناطها ويطبقون شروطها وينتهون عن موانعها؛ تعترف لهم بنسبتهم إليها، ولا يعني أن النسبة إليها شخصية وكلية، وإنما فرعية وجزئية، فقد يكون أحدهم وسطيا في مسألة وغير معتدل في أخرى، فالحق لا يعرف بالرجال، إنما هم الذين يعرفون به في الجملة، وكل يستدل لقوله،
ولا أحد يستدل بقوله، سوى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

والوسطية تعني التوسط والتعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين، حيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير ويطرد الطرف المقابل،
ولا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى على مقابله ويحيف عليه.
والحق أن الوسطية في مفهوم الإسلام منهج أصيل ووصف جميل ومفهوم جامع لمعاني العدل والخير والاستقامة،
فهي اعتدال بين طرفين، وحق بين باطلين، وعدل بين ظلمين.
فالذي يفرط في حق الله ويقصر في القيام به متطرف،
ومثله الذي يتطرف إلى جهة الغلو والتشدد والتزمت، فيوجب ما ليس بواجب، ويحرم ما ليس بمحرم، ويكفر المسلمين ويفسق الصالحين، فيستحل دماءهم وأموالهم، ويخرج على حكامهم وأمرائهم، فيثير الفوضى ويسعى في الأرض فسادا «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا».
كتبت : randoda
-


الله يكرمك حبيبتى موضوع رااااائع

و احنا بحاجه اليه فى ايامنا هذه لما نشاهد من افراط اولا و تفريط ثانيا


كتبت : ღ♥ بسمة الحياة ღ♥
-
سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنهـ
كلمآتـ كآنت ,, وسوف تزآل بآلقلبـ ,,
يــ ع ـطيكـ الــ ع ـآآفيهـ على مآطرحتي لنآآ يـآآلــ غـلآآآ,,
ولاتحرمينامن جديدكـ ,,,, لآعدمتي ,,,

الصفحات 1  2

التالي

تفريغ محاضرة " أسباب الضيق والقلق والحالات النفسية"

السابق

ماذا تعرفي عن جبل عرفة (حملة سماء الإبداع)

كلمات ذات علاقة
الابداع , الوسطية , حملة , سماء , والاعتدال