زينب رضى الله عنها بنت رسول صلى الله عليه وسلم

مجتمع رجيم / بهم نقتدى
كتبت : || (أفنان) l|
-
زينب رضى الله عنها بنت رسول صلى الله عليه وسلم زينب رضى الله عنها : هي أكبر بنات الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولدت ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثون سنة .

تزوجت من أبي العاص بن الربيع ، وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالاً وأمانة وتجارة وكانت أُمّه هَالَة بِنْت خُوَيْلِد أُخْت خَدِيجَة
ـ فَكَانَ اِبْن أُخْتهَا ـ

وكانت خديجة هي التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها زينب ، وكان لا يخالفها وذلك قبل الوحي .[1]

فَتَزَوَّجَ زَيْنَب قَبْل الْبَعْثَة ، ولما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة قالت له قريش طلقها ونزوجك غيرها فأبى .[2]

ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تركها بمكة ، وَقَدْ أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ بِبَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَفَدَتْهُ زَيْنَب

فَشَرَطَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرْسِلهَا إِلَيْهِ فَوَفَى لَهُ بِذَلِكَ

00 فَهَذَا مَعْنَى قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي آخِر الْحَدِيث " وَوَعَدَنِي فوَفَى لِي " ؛

ثُمَّ أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ مَرَّة أُخْرَى فَأَجَارَتْهُ زَيْنَب فَأَسْلَمَ ، فَرَدَّهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى نِكَاحه .

أبو العاص شهد بدرًا مع المشركين فأسره عبدالله بن جبير الأنصاري[3] ،
فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمرو بن الربيع ، وبعثت معه زينب عليها السلام و هي يومئذ بمكة بقلادة لها كانت لخديجة بنت خويلد ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها ، ورَقَ لها وذكر خديجة وترحم عليها ،
وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا إليها متاعها فعلتم قال الصحابة : نعم يا رسول الله
فأطلقوا أبا العاص وردوا على زينب قلادتها وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل[4] .
وخرجت زينب مع كنانة بن الربيع فخرجت قريش في طلبها ، فأدركها هبار بن الأسود فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها وألقت ما في بطنها ، و هريقت دمًا

واشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ليجيء بها و أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه كأمارة
فتلطف زيد في الدخول إلى مكة ، وأرسل إليها بالخاتم فخرجت إليه فحملها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم [5]

وقيل أن الذي خرج بها كنانة و سلمها إلى زيد بن حارثة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( هي أفضل بناتي أصيبت فيّ )) .[6]
وقال الحافظ في الفتح : وقد أخرج الطحاوي والحاكم بسند جيد عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَقّ زَيْنَب اِبْنَته لَمَّا أُوذِيَتْ عِنْد خُرُوجهَا مِنْ مَكَّة :
((هِيَ أَفْضَل بَنَاتِي , أُصِيبَتْ فِيَّ )) .[7]
قال الحافظ ابن حجر : وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن إِسْحَاق إِنْ وَجَدْتُمْ هَبَّار اِبْن الأَسْوَد وَالرَّجُل الَّذِي سَبَقَ مِنْهُ إِلَى زَيْنَب مَا سَبَقَ فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ
" يَعْنِي زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَكَانَ زَوْجهَا أَبُو الْعَاصِ بْن الرَّبِيع لَمَّا أَسَرَهُ الصَّحَابَة ثُمَّ أَطْلَقَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمَدِينَة شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُجَهِّز لَهُ لِبِنْتِهِ زَيْنَب فَجَهَّزَهَا , فَتَبِعَهَا هَبَّار بْن الأَسْوَد وَرَفِيقه فَنَخَسَا بَعِيرهَا فَأُسْقِطَتْ وَمَرِضَتْ مِنْ ذَلِكَ , وَالْقِصَّة مَشْهُورَة عِنْد اِبْن إِسْحَاق وَغَيْره , وَقَالَ فِي رِوَايَته "

وَكَانَا نَخَسَا بِزَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم حِين خَرَجَتْ مِنْ مَكَّة " وَقَدْ أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح "
أَنَّ هَبَّار بْن الأَسْوَد أَصَابَ زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ وَهِيَ فِي خِدْرهَا فَأُسْقِطَتْ , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة
فَقَالَ : إِنْ وَجَدْتُمُوهُ فَاجْعَلُوهُ بَيْن حُزْمَتَيْ حَطَبٍ ثُمَّ أَشْعِلُوا فِيهِ النَّار " ثُمَّ قَالَ " إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّه , لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّب بِعَذَابِ اللَّه " الْحَدِيث
, فَكَأَنَّ إِفْرَاد هَبَّار بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ كَانَ الأَصْل فِي ذَلِكَ وَالآخَر كَانَ تَبَعًا لَهُ .
وَسَمَّى اِبْن السَّكَن فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق الرَّجُل الآخَر نَافِع بْن عَبْد قَيْس , وَبِهِ جَزَمَ اِبْن هِشَام فِي " زَوَائِد السِّيرَة " عَلَيْهِ , وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ مُسْنَد الْبَزَّار أَنَّهُ خَالِد بْن عَبْد قَيْس فَلَعَلَّهُ تَصَحُّف عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا هُوَ نَافِع , كَذَلِكَ هُوَ فِي النُّسَخ الْمُعْتَمَدَة مِنْ مُسْنَد الْبَزَّار , وَكَذَلِكَ أَوْرَدَهُ اِبْن بَشْكُوَالٍ مِنْ مُسْنَد الْبَزَّار , وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة فِي تَارِيخه مِنْ طَرِيق اِبْن لَهِيعَة كَذَلِكَ .
قُلْت : وَقَدْ أَسْلَمَ هَبَّار هَذَا , فَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي نَجِيح " فَلَمْ تُصِبْهُ السَّرِيَّة وَأَصَابَهُ الإِسْلام فَهَاجَرَ " فَذَكَر قِصَّة إِسْلامه , وَلَهُ حَدِيث عِنْد الطَّبَرَانِيِّ وَآخَر عِنْد اِبْن مَنْدَهْ , وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه لِسُلَيْمَان بْن يَسَار عَنْهُ رِوَايَة فِي قِصَّة جَرَتْ لَهُ مَعَ عُمَر فِي الْحَجّ , وَعَاشَ هَبَّار هَذَا إِلَى خِلافَة مُعَاوِيَة , وَلَمْ أَقِف لِرَفِيقِهِ عَلَى ذِكْر فِي الصَّحَابَة فَلَعَلَّهُ مَاتَ قَبْل أَنْ يُسْلِم .[8]

وفي السنة السادسة من الهجرة خرج أبو العاص في عير لقريش فخرج عليهم الصحابة فكان ممن أسر ، فلما وصل المدينة تسلل إلى زينب وهي زوجته فاستجار بها .

فلما خرج الرسول صلى الله عليه وسلمإلى صلاة الفجر قامت زينب بعد أن دخل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة في الصلاة

فقالت : ( إني أجرت أبا العاص بن الربيع ) .

فقال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا : نعم . قال صلى الله عليه وسلم : فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت الذي سمعتم ، المؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم ، وقد أجرنا من أجارت . فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله دخلت عليه زينب ، فسألته أن يرد على أبي العاص ما أخذ منه ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأمرها أن لا يقربها فإنها لا تحل له ما دام مشركًا .
ورجع أبو العاص إلى مكة فأدي إلى كل ذي حق حقه ، ثم أسلم و رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فرد إليه زينب مرة أخرى .[9]
ولدت زينب غلامًأ اسمه علي ، و توفي رضي الله عنه وقد ناهز الاحتلام ، و كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح .
وولدت أيضًا بنتًا اسمها أمامة ولدتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .[10] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويحملها في الصلاة .
قال الحافظ : وَتَزَوَّجَ – ابن العاص - زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَبْل الْبَعْثَة وَهِيَ أَكْبَر بَنَات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ بِبَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَفَدَتْهُ زَيْنَب فَشَرَطَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرْسِلهَا إِلَيْهِ فَوَفَى لَهُ بِذَلِكَ , فَهَذَا مَعْنَى قَوْله فِي آخِر الْحَدِيث " وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي " , ثُمَّ أُسِرَ أَبُو الْعَاصِ مَرَّة أُخْرَى فَأَجَارَتْهُ زَيْنَب فَأَسْلَمَ , فَرَدَّهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى نِكَاحه , وَوَلَدَتْ أُمَامَةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحْمِلهَا وَهُوَ يُصَلِّي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلاة , وَوَلَدَتْ لَهُ أَيْضًا اِبْنًا اِسْمه عَلِيّ كَانَ فِي زَمَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُرَاهِقًا , فَيُقَال إِنَّهُ مَاتَ قَبْل وَفَاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم , وَأَمَّا أَبُو الْعَاصِ فَمَاتَ سَنَة اِثْنَتَيْ عَشْرَة .[11]

روى البخاري عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَلأبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا ))[12].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : (( قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم حِلْيَةٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ أَهْدَاهَا لَهُ ، فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ قَالَتْ : فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مُعْرِضًا عَنْهُ ، أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ ، ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي الْعَاصِ ابْنَةَ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ ، فَقَالَ : تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ )).[13]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
(( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُهْدِيَتْ لَهُ قِلادَةُ جَزْعٍ ، فَقَالَ : لأدْفَعَنَّهَا إِلَى أَحَبِّ أَهْلِي إِلَيَّ .
فَقَالَتْ النِّسَاءُ : ذَهَبَتْ بِهَا ابْنَةُ أَبِي قُحَافَةَ .فَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم )).[14]

ولما كبرت أمامة تزوجها علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة رضي الله عنها ، وكانت فاطمة أوصت عليًا أن يتزوجها ، فلما توفيت فاطمة تزوجها ، زوجها الزبير بن العوام لأن أباها قد أوصاه بها ، فلما جرح علي خاف أن يتزوجها معاوية ، فأمر المغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبدالمطلب أن يتزوجها بعده ، فلما توفي علي وقضت العدة تزوجها المغيرة ، فولدت له يحيى وبه كان يكنى فماتت عند المغيرة ، و قيل أنها لم تلد لعلي و لا المغيرة )).[15]


ابنة أخرى لزينب و هي أميمة إن لم تكن أمامة هي أميمة :

وقد قال الحافظ أن أميمة تصغير لأمامة ، وأن أهل العلم اتفقوا أنها لم تلد سوى علي وأمامة ويأتي كلامه .

روى أحمد بسند متصل رواته ثقات عَنْ أُسَامَة بْنِ زَيْدٍ قَالَ : (( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأُمَيْمَةَ ابْنَةِ زَيْنَبَ وَنَفْسُهَا تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلِلَّهِ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ . 0 فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَبْكِي ! ، أَوَلَمْ تَنْهَ عَنْ الْبُكَاءِ ؟0 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )).[16]

وعند البخاري عن أُسَامَة بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :(( أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وهي زينب) إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا .0 فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ وَيَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ .0 فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا .0 فَقَامَ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَرِجَالٌ فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ .
0 فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا ‍!؟0 فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )).[17]
قال الحافظ في الفتح : قَوْله ( إِنَّ اِبْنًا لِي ) قِيلَ هُوَ عَلِيّ بْن أَبِي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع ، وَهُوَ مِنْ زَيْنَب كَذَا كَتَبَ الدِّمْيَاطِيّ بِخَطِّهِ فِي الْحَاشِيَة ،
وَفِيهِ نَظَر لأَنَّهُ لَمْ يَقَع مُسَمًّى فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث

وَأَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار وَغَيْره مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالأَخْبَارِ أَنَّ عَلِيًّا الْمَذْكُور عَاشَ حَتَّى نَاهَزَ الْحُلُم ، وَأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَهُ عَلَى رَاحِلَته يَوْم فَتْح مَكَّة ،
وَمِثْل هَذَا لا يُقَال فِي حَقّه صَبِيّ عُرْفًا وَإِنْ جَازَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَة .
وقال :لَكِنَّ الصَّوَاب فِي حَدِيث الْبَاب أَنَّ الْمُرْسِلَة زَيْنَب وَأَنَّ الْوَلَد صَبِيَّة كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْنَد أَحْمَد عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة بِالسَّنَدِ الْمَذْكُو
ر وَلَفْظه " أُتِيَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِأُمَامَةَ بِنْت زَيْنَب " زَادَ سَعْدَان بْن نَصْر فِي الثَّانِي مِنْ حَدِيثه عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة بِهَذَا الإِسْنَاد "

وَهِيَ لأَبِي الْعَاصِ بْن الرَّبِيع وَنَفْسهَا تَقَعْقَع كَأَنَّهَا فِي شَنّ " فَذَكَرَ حَدِيث الْبَاب ، وَفِيهِ مُرَاجَعَة سَعْد بْن عُبَادَة .

وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيد بْن الأَعْرَابِيّ فِي مُعْجَمه عَنْ سَعْدَان ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بَعْضهمْ أُمَيْمَة بِالتَّصْغِيرِ ، وَهِيَ أُمَامَةُ الْمَذْكُورَة .
فَقَدْ اِتَّفَقَ أَهْل الْعِلْم بِالنَّسَبِ أَنَّ زَيْنَب لَمْ تَلِد لأَبِي الْعَاصِ إِلا عَلِيًّا وَأُمَامَة فَقَطْ .
وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ أَهْل الْعِلْم بِالأَخْبَارِ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أُمَامَةَ بِنْت أَبِي الْعَاصِ مِنْ زَيْنَب بِنْت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَاشَتْ بَعْد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
حَتَّى تَزَوَّجَهَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب بَعْد وَفَاة فَاطِمَة ، ثُمَّ عَاشَتْ عِنْد عَلِيّ حَتَّى قُتِلَ عَنْهَا .
وَيُجَاب بِأَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث الْبَاب " أَنَّ اِبْنًا لِي قُبِضَ " أَيْ قَارَبَ أَنْ يُقْبَض وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَة حَمَّاد " أَرْسَلَتْ تَدْعُوهُ إِلَى اِبْنهَا فِي الْمَوْت "

وَفِي رِوَايَة شُعْبَة " أَنَّ اِبْنَتِي قَدْ حَضَرَتْ " وَهُوَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقه أَنَّ اِبْنِي أَوْ اِبْنَتِي وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ اِبْنَتِي لا اِبْنِي .
وَمُؤَيِّده مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف قَالَ " اُسْتُعِزَّ بِأُمَامَةَ بِنْت أَبِي الْعَاصِ فَبَعَثَتْ زَيْنَب بِنْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ
تَقُول لَهُ " فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أُسَامَة وَفِيهِ مُرَاجَعَة سَعْد فِي الْبُكَاء وَغَيْر ذَلِكَ ،
وَقَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " اُسْتُعِزَّ "
بِضَمِّ الْمُثَنَّاة وَكَسْر الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الزَّاي أَيْ اِشْتَدَّ بِهَا الْمَرَض وَأَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْت .
وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَكْرَمَ نَبِيّه صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَلَّمَ لأَمْرِ رَبّه وَصَبَّرَ اِبْنَته وَلَمْ يَمْلِك مَعَ ذَلِكَ عَيْنَيْهِ مِنْ الرَّحْمَة وَالشَّفَقَة بِأَنْ عَافَى اللَّه اِبْنَة اِبْنَته فِي ذَلِكَ الْوَقْت فَخَلَصَتْ مِنْ تِلْكَ الشِّدَّة وَعَاشَتْ تِلْكَ الْمُدَّة ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَر فِي دَلائِل النُّبُوَّة وَاَللَّه الْمُسْتَعَان .

قَوْله ( فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِم ) وَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف أَنَّهَا رَاجَعَتْهُ مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَامَ فِي ثَالِث مَرَّة ، وَكَأَنَّهَا أَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يَظُنّهُ بَعْض أَهْل الْجَهْل أَنَّهَا نَاقِصَة الْمَكَانَة عِنْده ، أَوْ أَلْهَمَهَا اللَّه تَعَالَى أَنَّ حُضُور نَبِيّه عِنْدهَا يَدْفَع عَنْهَا مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الأَلَم بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ وَحُضُوره ، فَحَقَّقَ اللَّه ظَنّهَا .
وَالظَّاهِر أَنَّهُ اِمْتَنَعَ أَوَّلاً مُبَالَغَة فِي إِظْهَار التَّسْلِيم لِرَبِّهِ أَوْ لِيُبَيِّن الْجَوَاز فِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ لِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تَجِب عَلَيْهِ الإِجَابَة بِخِلَافِ الْوَلِيمَة مَثَلاً )) .ا.هـ[18]
عَنْ أَنَسٍ قَالَ (( رَأَيْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ ))[19] أي مخططة

وفاتها :
ماتت زينب رضي الله عنها في بداية السنة الثامنة من الهجرة[20] .
وقامت على غسلها أم عطية رضي الله عنها ، وقد أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم إزاره لتجعله في كفنها.
روى مسلم : عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ :
(( لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلاثًا أَوْ خَمْسًا وَاجْعَلْنَ فِي الْخَامِسَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا غَسَلْتُنَّهَا فَأَعْلِمْنَنِي قَالَتْ فَأَعْلَمْنَاهُ فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ وَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ )) .[21]
0 الحقو هو الإزار ، أشعرنها إياه أي اجعلنه الثوب الذي يلي جسدها .

وعنها رضي الله عنها أيضًا قَالَتْ :
(( أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ إِحْدَى بَنَاتِهِ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا وِتْرًا خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ وقَالَتْ : فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلاثَةَ أَثْلاثٍ قَرْنَيْهَا وَنَاصِيَتَهَا )) .[22]

وعند البخاري قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ : (( ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا )) .[23]
والذي قام بتغسيلها أم عطية وأسماء بنت عميس وصفية بنت عبدالمطلب .. ذكره الحافظ .
قال ابن كثير: وذكر حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أنها لما هاجرت دفعها رجل على صخرة فأسقطت حملها ، ثم لم تزل وجعة ختى ماتت ،
فكانوا يرونها ماتت شهيدة .
[24]
وفي أسد الغابة قال : توفيت زينب في السنة الثامنة من الهجرة ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها و هو مهموم ومحزون فلما خرج سري عنه وقال :
(( كنت ذكرت زينب و ضعفها ، فسألت الله تعالى أن يخفف عنها ضيق القبر و غمه،ففعل و هون عليها ))[25] ،وَأَمَّا أَبُو الْعَاصِ فَمَاتَ سَنَة اِثْنَتَيْ عَشْرَة .

ويستفاد مما سبق معنا من الأحاديث

رحمة النبي صلى الله عليه وسلموشفقته ورأفته ، وذلك حين بكى لرؤية حفيدته وهي تحتضر ، وحرصه على حضور غسل ابنته رضي الله عنها وتكفينها بحقوه ، ونزوله صلى الله عليه وسلم في قبرها .
محبته صلى الله عليه وسلم للبنات وحسن معاملته لهن ، وإكرامهن ،وذلك من حمله أمامة في الصلاة ، وإعطاءها القلادة ، وحسن معاملته لزينب ،
وهذا عكس ما يدعيه دعاة تحرير المرأة من أن الإسلام أساء لها وأهانها .

إبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من كرههم للبنات والإساءة إليهن ودفنهن وهن أحياء.
تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كيفية الاهتمام بأمور النساء .


رقة قلب النبي صلى الله عليه وسلم وصفاءه ، ووفاءه ، وذلك من رقته عندما رأى قلادة خديجة.

المصادر

[1] البداية والنهاية 3/244
[2]
سيرة ابن هشام 2/651
[3]
وقيل أسره أبو أيوب خالد بن زيد ، نقله ابن كثير عن ابن هشام ، البداية والنهاية 3/245
[4]
سيرة ابن هشام 2/653
[5]
القصة رواها الطبري في الكبير ، والأوسط ، ورواه البزار ورجاله رجال الصحيح (كتاب الآحاد والمثاني 5/372)
[6]
المصدر السابق
[7]
الفتح (7/136) .
[8]
فتح الباري (6/174) .
[9]
سيرة ابن هشام 2/657ـ658،، وذكر القصة ابن قتيبة في المعارف ص 83ـ84.
[10]
أسد الغابة 5/467 ، والبداية والنهاية 5/223
[11]
فتح الباري (7/107) .
[12]
صجيج البخاري حديث رقم 486، ومسلم 844،والنسائي 1189،وأبو داود 782، وأحمد 21534، ومالك في الموطأ 372، والدارمي 1326.
[13]
رواه أبو داود 3697 وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ، ورواه ابن ماجه3634 ، وأحمد 23734
[14]
رواه أحمد 23563.
[15]
أسد الغابة 5/400
[16]
مسند أحمد 20780
[17]
البخاري 1204 ، ومسلم 1531 ، والنسائي 1845، وأبو داود 2718،وابن ماجه1577
[18]
فتح الباري باختصار ج3/200-203
[19]
رواه النسائي 5201 ، وابن ماجه 3588
[20]
البداية والنهاية 5/234
[21]
صحيح مسلم 1559
[22]
البخاري 1181، مسلم 1559 واللفظ له ، والنسائي 1860.
[23]
البخاري 1177، ومسلم 1560، النسائي 1861، وأبو داود 2735،
[24]
البداية والنهاية 5/234
[25] أسد الغابة 5/468



zsl8r6i38qgpl7jtntql

كتبت : كلمة صدق
-
اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الكرام الاطهار
شكرا لك يا غالية على هذا الطرح ..
قد جعلتي عيناي تدمعان .. بموضوعك الرائع ..
جزيتي خيرا
دمت بكل الود
كتبت : || (أفنان) l|
-
كلمـآت عانقة السمـآء بروعتهآ أسعدتني كثيرآ
الثنـآء لشخصكـ الكريم ع الاطلـآله الرـآقيه
أنرتي بمروركـ وذووقكـ في الرد
كوني بقربي دومـآ لا عدمنـآكـ
لكِـ مني أجمل تحيه
دمتي بخيــر
كتبت : * أم أحمد *
-
رضي الله تعالى عنها وأرضاه
ما شاء الله تبارك الرحمن
ما شاء الله لاقوة إلا بالله
أستمتعت بموضوعكِ
فهو نعم الموضوع

كتبت : || (أفنان) l|
-
نورتو صفحتي واترتو اعجابي بردودكن
فياهلا بكن
كتبت : سنبلة الخير .
-
ما شاء الله
رضى الله عنها وارضاها

موضوع رائع
جزاكِ الله خيرا على طرحك المميز
والتي استمعنا ونحن نقرا سيرة الصحابية الجليلة زينب " رضي الله عنها "
اثابك الله

التالي

كفـــ وقفة مع الصديق وربيعة رضي الله عنهما ــــى ....

السابق

اُبَي بن كعب

كلمات ذات علاقة
الله , توب , رسول , رضي , صلى , سيئة , عليه , عنها , وسلم