هدية إلي كل مبتلي ...أبشر (سماء الابداع)
مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت :
*بنت الإسلام*
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي الحبيبات
كثير منا يقع في بعض الابتلائات
ولكن يقع اسير الهم والغم وينسي ان الابتلاء اختبار من الله وتنقية من الذنوب
وقد يكون بداية لمنحة من الله وفرصة للتقرب من الله جل في علاه وزيادة درجتك ومنزلتك
لهذا هيا بنا ناخذ زهرة من بستان كتاب ابن القيم عدة الصابرين لنستفد منها ونتعلم الصبر مع الابتلاء
فكثير منا ستتغير نظرته الي الدنيا بعد ان يعلم قول الامام ابن القيم ان الصبر نصف الايمان
نعم الصبر نصف الايمان فهل ستضيع فرصتك في الصبر علي كل شئ مما تتعرض له في الحياة
علي الابتلاء وعلي الطاعة وعلي جهاد النفس
فهيا بنا لنري كيف بين ابن القيم ان الصبر نصف الايمان
الصبر نصف الإيمان
الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر
قال غير واحد من السلف (( الصبر نصف الإيمان ))
وقال عبد الله ابن مسعود :((الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ولهذاجمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله:إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
وقد ذكر لهذا التصنيف اعتبارات
أحدها
: أن الإيمان اسم لمجموع القول والعمل والنية وهي ترجع إلي شطرين وهي ترجع إلي شطرين فعل وترك
فالفعل هو: العمل بطاعة الله وهو حقيقة الشكر
والترك هو : الصبر عن المعصية
والدين كله في هذين الشيئين فعل المأمور وترك المحظور
الاعتبار الثاني
:أن الإيمان مبني علي ركنيين يقين وصبر وهما الركنان المذكوران في قوله تعالي:((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))
فباليقين يعلم حقيقة الامر والنهي والثواب والعقاب . وبالصبر ينفذ ماأمر به ويكف نفسه عما نهي عنه , ولا يحصل له التصديق بالأمر أنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين
ولا يمكنه الدوام علي فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر
فصار الصبر نصف الإيمان والنصف الثاني الشكر بفعل ما أمر به وبترك ما نهي عنه
الاعتبار الثالث
أن الإيمان قول وعمل , والقول قول اللسان والقلب والعمل عمل القلب والجوارح وبيان ذلك أن من عرف الله بقلبه ولم يقر بلسانه لم يكن مؤمنا كما قال عن قوم فرعون((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))
وكما قال عن قوم عاد وصالح ((وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ))
وقال موسي لفرعون((قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْـزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ))
فهؤلاء حصل قول القلب وهو العلم والمعرفة ولم يكونو بذلك مؤمنين
وكذلك من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمنا بل كان من المنافقين وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه لم يكن بمجرد ذلك مؤمنا حتي يأتي بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة فيحب الله ورسوله ويوالي أولياء الله ويعادي أعداءه ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام تشريعه ظاهرا وباطنا
الاعتبار الرابع
أن النفس لها قوتان : قوة الإقدام وقوة الإحجام وهي دائما تتردد بين إحكام هاتين القوتين فتقدم علي ما تحبه وتحجم عما تكرهه
والدين كله إقدام وإحجام
إقدام علي الطاعة وإحجام عن المعصية وكل هذا لا يمكن حصوله إلا بالصبر
الاعتبار الخامس
أن الدين كله رغبة ورهبة فالمؤمن هو الراغب الراهب قال تعالي ((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))
وفي الدعء عند النوم الذي رواه البخاري في الصحيح((اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول . فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت . قال : لا ، وبنبيك الذي أرسلت
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6311
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ))
فلا تجد المؤمن أبدا إلا راغبا وراهبا والرغبة والرهبة لا تقوم الا علي ساق الصبر فرهبته تحمله علي الصبر ورغبته تقوده الي الشكر
الاعتبار السادس
ال جميع ما يباشره العبد في هذه الدار لا يخرج عما ينفعه أو يضره في الدنيا والاخرة أو ينفعه في أحد الدارين ويضره في الأخري واشرف الأقسام أن يفعل ما ينفعه في الاخرة ويترك ما يضره فيها وهو حقيقة الايمان ففعل ما ينفعه هو الشكر وترك ما يضره هو الصبر
الاعتبار السابع
أن العبد لا ينفك عن أمر يفعل ونهي يتركه وقدر يجري عليه وفرضه في الثلاثة الصبر والشكر ففعل المأمور هو الشكر وترك المحظور والصبر علي المقدور هو الصبر
الاعتبار الثامن
ان العبد فيه داعيان داع يدعو إلي الدنيا وشهواتها ولذاتها وداع يدعو إلي الله والدار الأخرة وما أعد فيها لأوليائه من النعيم المقيم فعصيان داعي الشهوة والهوي هو الصبر وغجابة داعي الله والدار الأخرة هو الشكر
الاعتبار التاسع
أن الدين مداره علي أصلين: العزم والثبات وهما الأصلان المذكوران في الحديث((يا شداد بن أوس ! إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة ؛ فأكثر هؤلاء الكلمات : اللهم ! إني أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم ؛ إنك أنت علام الغيوب
الراوي: شداد بن أوس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 3228
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وأصل الشكر صحة العزيمة وأصل الصبر قوة الثبات فمتي أيد العبد بعزيمة وثبات فقد أيد بالمعونة والتوفيق
الاعتبار العاشر
أن الدين مبني علي اصلين الحق والصبر وهما المذكوران في قوله تعالي((إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ))
ولما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه وتنفيذه في الناس وكان هذا هو حقيقة الشكر لم يمكنه ذلك إلا بالصبر عليه فكان الصبر نصف الايمان والله سبحانه وتعالي اعلم
من كتاب عدة الصابرين لابن القيم الجوزية
اتمني ان يكون الموضوع نال رضاكم
اختكم في الله
بنت الاسلام