في التاسع من شهر ديسمبر2009 ظهرت أحدث دراسة لـ"باتريك فاجان" وهو مدير أحد مراكز بحوث الزواج والدين التابع لمركز البحوث الأسرية في الولايات المتحدة عن تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الأفراد والزواج والأسرة والمجتمع.
يرى"فاجان" بداية أن "المواد الإباحية" هي تصوير مشوه ينحرف بمفهوم الفرد عن طبيعة العلاقات الجنسية السليمة بين الزوجين، ويصل بمشاهدي هذه المواد إلى ما يسمى بـ"صدأ أو تآكل الضمير" الذي يؤدى بدوره إلى تغيير السلوك والاتجاهات المرتبطة بالجنس مما يشكل تهديدا خطيرا للزواج، والأسرة، والأطفال، والسعادة العائلية، ويعمل على تقويض الزواج تبعا لذلك، وتقويض الزواج هو أحد أهم العوامل التي تؤدى إلى تقويض الاستقرار الاجتماعي.
أشار"فاجان"إلى أن العلماء الاجتماعيين، وعلماء النفس الاكلينيكى بدؤوا في توضيح الآثار الاجتماعية والنفسية لمشاهدة المواد الإباحية. أما علماء الأعصاب فقد بدؤوا في محاولة تحديد الآليات البيولوجية التي تنتج الآثار السلبية القوية لهذه المشاهدة.
انتهى"فاجان"من دراسته إلى بعض النتائج الهامة التي عرضها على النحو التالي:-
أولا: تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الأسرة
1- تؤثر مشاهدة المواد الإباحية على درجة الود والاتصال والارتباط العاطفي بين الزوجين، وإلى اهتزاز الثقة بينهما، وهذا يؤثر بدوره على درجة تركيز الزوجين على حياتهما الزوجية، كما تقضى تدريجيا على حرارة الحياة الأسرية والحب الذي يربط بين أفرادها، وهى المادة المغذية لنمو الأطفال. يضاف إلى ذلك أن هذه التطورات من شأنها أن تقدم للأطفال نموذجا مدمرا عن طبيعة الحياة الأسرية.
2- الأزواج الذين يشاهدون هذه المواد لا يجدون إشباعا كافيا لرغباتهم الجنسية مع زوجاتهم، كما يقل اهتمام الزوج أو الزوجة بالعلاقة الجنسية مع شريكه أو شريكها بإدمان مشاهدة هذه المواد.
3- لا تفرق الكثيرات من الزوجات بين مشاهدة أزواجهن للمواد الإباحية والزنا، وتنظرن لهذه المشاهدة على أنها خيانة زوجية كاملة، وإن كانت خيانة قلبية دون استجابة متبادلة.
4- مشاهدة المواد الإباحية تمهد الطريق للخيانة الزوجية والطلاق، وهى بالتالي عامل قوى في الكوارث العائلية التي تمر بها العائلة.
5- هناك عامل هام آخر يشجع على مشاهدة المواد الإباحية وهو الضغوط والصراعات الزواجية، والتي منها ما يطلق عليه الخبراء بعامل"الشعور بالعزلة الزوجية".
قد يحب الزوجان أحدهما الآخر، لكنهما مبتعدان عن بعضهما داخل المنزل، كل منهما في غرفة منفصلة أو في طابق منفصل ولا يقبل أحدهما على الآخر خاصة في المساء.
6- تهبط مشاهدة الرجال للمواد الإباحية بقيمة المرأة إلى درجة بعيدة، وتقوى عند الرجل فكرة أن المرأة ليست إلا سلعة وموضوعا للجنس.
ثانيا:تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الفرد:-
1- تؤدى مشاهدة المواد الإباحية إلى الإدمان على المشاهدة، وقد بدأ علماء الأعصاب في محاولة وضع خريطة لكشف الأبعاد البيولوجية لهذا الإدمان.
2- يؤدى تكرار مشاهدة المواد الإباحية إلى الملل من النوعية المشاهدة، ومن ثم يبحث المشاهد عن نوعيات أخرى أشد جاذبية تكون أشد انحرافا تدفع المشاهد إلى سلوكيات غير مشروعة مثل التعامل مع البغايا أو الالتحاق بنوادي رجالية، أوالاستمتاع بمتابعة أي عملية جنسية، أو النظر إلى الأعضاء التناسلية أو الانتهاك الجنسي للآخرين.
3- تنمى مشاهدة المواد الإباحية عند الرجال درجة قوية من التسامح في مسائل العلاقات الجنسية المنحرفة مثل الاغتصاب، والعنف الجنسي، والعلاقات الجنسية المشتركة. وبصفة عامة تؤدى هذه المشاهدة إلى توليد نظرة مشوهة للجنس، والرغبة في المجازفة التي قد تدفع إلى سلوك جنسي إجرامي. كما تزيد مشاهدة المواد الإباحية من فرص العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، ويترتب على ذلك وهن وضعف جسدي بالإضافة إلى احتمالات الإنجاب غير الشرعي. ومن المعروف أن الأطفال غير الشرعيين يعانون من الفقر، واعتلال الصحة، ويواجهون العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
4- فئة المعتدين على الأطفال جنسيا هم أكثر الفئات التي تشاهد المواد الإباحية بانتظام، كما أنهم من أكثر الفئات توزيعا لهذه المواد.
1- يكتنف المراهقون الذين يشاهدون المواد الإباحية في المراحل الأولى الشعور بالخجل، وعدم احترام الذات، وعدم الثقة في أنفسهم جنسيا، ولكن سرعان ما تتحول هذه المشاعر بتكرار المشاهدة إلى شعور باللذة والمتعة.
2- رؤوس الأموال الموجهة للمتاجرة بالمواد الإباحية تضر بشدة بالمجتمعات المحلية، وتؤدى إلى زيادة نسبة الجريمة بها.
انتهى"فاجان" من دراسته إلى القول بأن: "خط الدفاع الأول ضد مشاهدة المواد الإباحية هو إحكام قوة الرابطة بين الزوجين وتقوية العلاقة بين الوالدين والآباء مع مراقبة الوالدين المستمرة لاستخدام الأبناء لشبكة الإنترنت. كما بَيَّن أن الدولة وإن كانت تضع حظرا قويا على تجارة الجنس ومشروعاته، لكنها لا تفعل شيئا لمواجهة مخاطر مشاهدة المواد الإباحية، لهذا يجب على المواطنين، والمحليات، والحكومة أن تضع قيودا على حرية استخدام المواد الإباحية.