مدة الحيض والطهر
لا يكون الدم حيضاً إلا إذا كان بالألوان السابقة، وأن يتقدمه أقل مدة الطهر (وهي خمسة عشر يوماً عند جمهور الفقهاء).
وأن يبلغ أقل مدة الحيض، وهي مختلف فيها بين الفقهاء .
وما نقص عن مدة الحيض أو زاد على أكثرها فهو استحاضة.
يرى الحنفية:
أن أقل الحيض: ثلاثة أيام ولياليها، وما نقص عن ذلك، فليس بحيض، وإنما هو استحاض
وأوسطه خمسة أيام.
وأكثره عشرة أيام ولياليها، والزائد عن ذلك: استحاضة.
ودليلهم:
حديث «أقل الحيض للجارية البكر والثيب: ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام» (2) وما زاد على ذلك استحاضة؛ لأن تقدير الشرع يمنع إلحاق غيره به.
ويرى المالكية:
ألا حد لأقل الحيض بالنسبة للعبادات، فأقله دَفْقه أو دَفعة في لحظة، فتعتبر حائضاً وتغتسل بانقطاعه، ويبطل صومها وتقضي ذلك اليوم. وأما بالنسبة للعدة والاستبراء، فأقله يوم أو بعض يوم له بال.
وأكثر الحيض يختلف باختلاف النساء وهن أربع:
مبتدأة، ومعتادة
وحامل،ومختلطة
( المبتدأة: هي التي أول ما ابتدأها الدم في بدء الحيض عند الصغر، والمعتادة: هي التي اعتادت أن ترى الدم.) أما المبتدأة: فيقدر بخمسة عشر يوماً، وما زاد فهو دم علة وفساد. وأما المعتادة: فيقدر بزيادة ثلاثة أيام على أكثر عادتها ـ والعادة تثبت بمرة ـ استظهاراً، مالم تجاوز نصف الشهر. ( وأما الحامل فيما بعد شهرين من بدء الحمل: فيقدر أكثر الحيض بعشرين يوماً.) وما بعد ستة أشهر فأكثر: فيقدر له ثلاثون يوماً. وأما المختلطة: وهي التي ترى الدم يوماً أو أياماً، والطهر يوماً أو أياماً، حتى لا يحصل لها طهر كامل، فإنها تلفق أيام الدم، فتعدها حتى يكمل لها مقدار أكثر أيام الحيض (15 يوماً)، وتلغي أيام الطهر التي بينها، فلا تعدها. فما زاد عن مدة أكثر الحيض يكون استحاضة. وتغتسل في كل يوم لا ترى فيه الدم، رجاء أن يكون طهراً كاملاً. وتكون حائضاً في كل يوم ترى فيه الدم، وتجتنب ما تجتنبه الحائض. ويرى الشافعية والحنابلة: أن أقل زمن الحيض يوم وليلة: وهو أربع وعشرون ساعة، على الاتصال المعتاد في الحيض، بحيث لو وضعت قطنة لتلوثت، فلا يشترط نزوله بشدة دائماً حتى يوجد الاتصال. وعلى هذا فقد يتصل في الظاهر أو ينقطع في الظاهر، ولكنه موجود في الواقع، ويعرف بتلوث قطنة أو نحوها، فإن رأت الدم أقل من يوم وليلة، فهو دم استحاضة، لا دم حيض. وغالبه: ست أو سبع، لقوله صلّى الله عليه وسلم لِحَمْنة بنت جحش لما سألته: « تَحَيَّضي في علم الله ستة أيام أو سبعة، ثم اغتسلي وصلي أربعاً وعشرين ليلة وأيامها، أو ثلاثاً وعشرين ليلة، فإن ذلك يجزيك » (رواه أبو داود والنسائي وأحمد والترمذي وصححاه، وحسنه البخاري) . وأكثره: خمسة عشر يوماً بلياليها، فإن زاد عليها فهو استحاضة. ويتميز دم الحيض عن دم الاستحاضة بلونه وشدته ورائحته الكريهة. ودليلهم: الاستقراء (السؤال والتتبع لأحوال بعض النساء في زمان ما) الذي قام به في زمانه الإمام الشافعي رضي الله عنه وغيره؛ إذ لا ضابط له لغة ولا شرعاً، فرجع إلى المتعارف بالاستقراء، ويكون المعتمد فيه هو العرف والعادة، كما هو المقرر في القبض والإحراز والتفرق بين المتبايعين في العقود. ويؤيدهم قول علي: «أقل الحيض يوم وليلة، وما زاد على خمسة عشر استحاضة» . وقول عطاء: «رأيت من النساء من تحيض يوماً، وتحيض خمسة عشر» والقاعدة عند الشافعية كما قال النووي في المنهاج: رأت المرأة الدم لسنّ الحيض أقلّه، ولم يعبر أكثره، فكله حيض، سواء أكانت مبتدأة أم معتادة، تغيرت عادتها أم لا. فإذا رأت المرأة الدم أقل من يوم وليلة أو بعد أكثر من مدة الحيض (أي بعد 51 يوماً) كان دم استحاضة، لا دم حيض. أقل الطهر : قال الجمهور غير الحنابلة : إن أقل الطهر الفاصل بين الحيضتين: خمسة عشر يوماً؛ لأن الشهر غالباً لايخلو عن حيض وطهر، وإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر، لزم أن يكون أقل الطهر كذلك خمسة عشر يوماً. ولا حد لأكثره؛ لأنه قد يمتد سنة أو سنتين، وقد لا تحيض المرأة أصلاً، وقد تحيض في السنة مرة واحدة. وقال الحنابلة: أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً، لما روى أحمد عن علي: «أن امرأة جاءته ـ قد طلقها زوجها ـ فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حِيَض، فقال علي لشريح: قل فيها، فقال شريح: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرجى دينه وأمانته، فشهدت بذلك، وإلا فهي كاذبة. فقال علي: «قالون» أي جيد بالرومية. وهذا لا يقوله إلا توقيفاً، وهو قول صحابي اشتهر، ولم يعلم خلافه، ووجود ثلاث حيض في شهر، دليل على أن الثلاثة عشر طهر صحيح يقيناً (1) . ولا حد لأكثر الطهر باتفاق الفقهاء. والمراد بالطهر: هو زمان نقاء المرأة من دم الحيض والنفاس، وللطهر علامتان: جفاف الدم أو جفوفه، والقصة البيضاء: وهي ماء أبيض رقيق يأتي في آخر الحيض (2) . النقاء من الدم في أيام الحيض: النقاء: أي عدم الدم، ويحدث ذلك بأن تبدأ العادة الشهرية، ثم ينقطع الحيض مدة زمنية، ثم يعود، فهل تعد تلك المدة من أيام الحيض أو لا؟ هناك رأيان فقهيان، الأول للحنفية والشافعية، والثاني للمالكية والحنابلة . وأصحاب الرأي الأول يرون: أن النقاء من الدم في أيام الحيض يعتبر حيضاً، فلو رأت يوماً دماً، ويوماً نقاء، بحيث لو وضعت قطنة لم تتلوث، ويوماً بعد ذلك دماً وهكذا في مدة الحيض (أثناء العادة)، تعتبر حائضاً في كل تلك المدة. وأصحاب الرأي الثاني يأخذون بمبدأ التلفيق: وهو ضم الدم إلى الدم. واعتبار أيام النقاء طهراً صحيحاً، فلو رأت الحائض الدم يوماً أو يومين، ثم طهرت يوماً أو يومين، جمعت أيام الدم بعضها إلى بعض، واعتبر الباقي طهراً، واتفق الكل على أن الطهر (المتخلل) بين الدمين إذا كان خمسة عشر يوماً فأكثر يكون فاصلاً بين الدمين في الحيض، وما قبله وما بعده يعد حيضاً إذا بلغ أقل مدة الحيض. ========== *بداية المجتهد *فتح القدير *الشرح الصغير مغنى المحتاج *كشاف القناع *الفقه الإسلامى وأدلنه