الحيل الفقهية

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : راجيه عفو ربها
-
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحيل الفقهية
الأستاذ محمد الفقيه


أكرم الله تعالى الإنسان بالعقل، فبه شُرّف وبه ساد على الأرض وتميز عن سائر المخلوقات فيها، مع أن بعضها يفوقه حجماً وقوة، لكن بعقله الذي وهبه الله تعالى إياه استطاع أن يكون هو الأقوى والمتمكن في أكثر مقدرات الأرض، ولا يقف أمامه عسير إلا واستخدم الحيلة في إزالته، ولا صعب إلا واستخدم الحيلة في الحصول عليه، على أن هذه القدرة العقلية ربما وجهت نحو الشر فاستخدم الحيلة فيما يضر به غيره، ويحقق به مصالحه الشخصية،والأدهى من ذلك لو حاول استخدام الحيلة في التلاعب بالشرع؛ فيبقي صورة الشرع على مظهرها بينما يتلاعب في المعنى؛ ليحصل على ما يريد من مطامع؛ فيحصل على الحرام في صورة الحلال؛ لذلك وردت آيات وأحاديث تحذر من هذا التلاعب، وتبين عقوبة صاحبه عند الله تعالى، كما أن علماء الإسلام وقفوا أمام هذه الحيل وعروها، وحذروا منها، وسنحاول في هذه المقالة الموجزة توضيح المقصود بالحيل وحكمها مع ذكر نماذج عليها.

تعريف الحيل:

الحيل في اللغة:
جمع حيلة وهي اسم من الاحتيال.
ومعناها الحذق، وجودة النظر، والقدرة على التصرف في الأمور والتخلص من المعضلات(1).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "ثم غلب عليها بالعرف استعمالها في سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها الرجل إلى حصول غرضه، بحيث لا يتفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة؛
فهذا أخص من موضوعها في أصل اللغة، وسواء كان المقصود أمراً جائزاً أو محرماً، وأخص من هذا استعمالها في التوصل إلى الغرض الممنوع منه شرعاً، أو عقلاً، أو عادة، فهذا هو الغالب عليها في عرف الناس؛ فإنهم يقولون: فلان من أرباب الحيل، ولا تعاملوه فإنه متحيل، وفلان يعلم الناس الحيل، وهذا من استعمال المطلق في بعض أنواعه كالدابة والحيوان وغيرهما"(2).

الحيلة في الاصطلاح:
قال الشاطبي رحمه الله: "حقيقتها المشهورة، تقديم عمل ظاهره الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر".

عناية العلماء بموضوع الحيل

اعتنى العلماء قديماً وحديثاً بموضوع الحيل؛ فمنهم من أفرد "الحيل" بمؤلف مستقل، ومنهم من جعله فصلاً أو باباً في تأليفه، وسنحاول استعراض بعضها:
1- صحيح البخاري: أفرد الإمام البخاري كتاباً في صحيحه وترجم له باسم "كتاب الحيل".
2- بيان الدليل على بطلان التحليل لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو أوسع وأجمع ما كتب في الحيل، وقد يفهم من عنوانه أنه خاص بالكلام على بطلان التحليل، إلا أن ابن تيمية رحمه الله جعل هذه المسألة مدخلاً للكلام على الحيل، وربما اختارها لأنها أشهر الحيل.
3- شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل لمحمد بن علي البعلي وهو اختصار لبيان الدليل لشيخ الإسلام ابن تيمية.
4- إعلام الين عن رب العالمين للإمام ابن القيم، وقد أفرد في كتابه الفريد قسماً كبيراً في الكلام عن الحيل، ومعظم ما فيه مستجد من كلام شيخه ابن تيمية في بيان الدليل، لكنه تميز بمزيد ترتيب وتنسيق.
5- الموافقات للإمام الشاطبي، أفرد قسماً من كتابه للكلام عن الحيل.
6- كشف النقاب عن الحيل من السنة والكتاب لمحمد عبدالوهاب بحيري، استعرض فيه أدلة الحيل من الكتاب والسنة.
7- الحيل الفقهية في المعاملات المالية، لمحمد بن إبراهيم، والكتاب على قسمين: قسم تكلم فيه عن الحيل بوجه عام. وفصل فيه تفصيلاً جيداً.
والقسم الثاني: تطبيقات للحيل في باب المعاملات. وهو من أحسن البحوث المعاصرة في الحيل.
8- الحيل المحظور منها والمشروع، للدكتور- عبدالسلام دهني، وقد تكلم عن الحيل بوجه عام، وتطرق في بحثه للحيل في القوانين قديماً وحديثاً.
9- الحيل الشرعية بين الحظر والإباحة، لنشوة العلواني، وجل الكتاب مأخوذ من كتاب محمد بن إبراهيم.
10- الحيل وأحكامها في الشريعة الإسلامية، للدكتور- سعد بن غرير السلمي، وقد نشر ضمن مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد (39)، وفي المقابل هناك كتب جمعت الحيل والمخارج من المآزق التي يقع فيها الإنسان، وهذه الكتب كانت موضع نقد كبير من العلماء وقد وصلنا ثلاثة منها:
أ- المخارج في الحيل، للإمام محمد بن الحسن الشيباني الحنفي، وقد حصل خلاف في نسبة الكتاب لمحمد بن الحسن رحمه الله تعالى.
ب - الحيل والمخارج للحصاف الحنفي.
ج - الحيل في الفقه للقزميني الشافعي.

ومما يدعو للاستغراب أن الذي اهتم بإحياء هذا النوع من التراث هو المستشرق اليهودي الألماني يوسف شخت، فقد نشر على مدار سبع سنوات الكتب الثلاثة السابقة بعد أن كانت في دار لفها النسيان، ودخلت دائرة الإهمال؛ لزهد الفقهاء فيها، وعدم اعتبارها من الفقه.

ويطرح الباحث محمد بن إبراهيم عدة تساؤلات حول اعتناء المستشرق اليهودي (شخت) بنشر كتب الحيل دون غيرها، أو على الأصح قبل غيرها من كتب الفقه.
هل هو المساهمة في إحياء التراث الإسلامي وتقديمه وخدمته خدمة علمية ونشر ما اندثر منه أوكاد؟
أم لأن في كتب الحيل طرافة وجودة رأي واستنباط؟
أم لأنه يريد أن يربط بين الفقه الإسلامي وماضي أجداده أصحاب السبت الذين أخبر الله تعالى عنهم بقوله سبحانه: إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون (163) {الأعراف: 163}، حيث ابتلاهم ربهم بسبب احتيالهم على حدود الله تعالى ونواهيه؛ إذ حضروا الحضائر يوم الجمعة لتقع فيها الحيتان يوم السبت، وتصاد يوم الأحد كذلك الذين حرمت عليهم شحوم البقر والغنم فأذابوها، وباعوها، وأكلوا ثمنها حتى ورد لعنهم على لسان صاحب الشرع؛ ليقول هذا المستشرق اليهودي للعالم: "هاهو الفقه الإسلامي، والدين الإسلامي، يسارعنا، ويتابعنا في التحيل على أحكام الله تعالى، والتملص من التكاليف الشرعية، وليس وحدنا المختصين بالحيل والخداع من بين الناس؟!(3)

قلت: الأخير هو الأقرب فهذا المستشرق مثله مثل أكثر المستشرقين - مع أن قلة منهم كانت منصفة - يهتمون بنشر الكتب التي كانت موضع نقد من العلماء، حتى أن بعضها قد نفي تماماً، فنقبوا عنها وأخرجوها، ومنها: كتب الفرق الضالة، كالمعتزلة وغيرهم؛ لمحاولة تشويه التراث الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى محاولة تجديد الفتنة التي عفى عليها الزمن وإحيائها من جديد.

ومن تأمل هذه الكتب وجدها أقرب إلى كتب الطرف والنوادر، من كتب التأصيل والتقعيد الفقهي.

متى ظهرت الحيل؟!

لم تعرف الحيل في عهد الرسول {، ولا في عهد صحابته الكرام رضي الله عنهم؛ بل إن النبي { أقفل بابها بمثل قوله {: "لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة"(4).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وهذا نص في تحريم الحيلة المفضية إلى إسقاط الزكاة، أو التنقيص منها بسبب الجمع والتفريق، فإذا باع بعض النصاب قبل تمام الحول تحيلاً على إسقاط الزكاة أو التنقيص منها بسبب الجمع أو التفريق، فقد فرق بين المجتمع فلا تسقط الزكاة عنه بالفرار منها(5).
ومثل: لعنه { للمحلل والمحلل له وإذا رجعنا إلى القرآن، الكريم نجد أن الله تعالى حذر منها بقوله تعالى: ولا تمنن تستكثر 6 {المدثر: 6}.
ونقل القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معنى الآية: "لا تعطي الهدية تلتمس بها أكثر منها"(6).
فالآية تدل على تحريم الهدية إذا قصد بها مهديها أخذ أكثر منها. وهي هدية الثواب فاعتبر ذلك القصد حيلة للربا أو لأخذ أموال الناس بالباطل أي: بالتحيل، إلا أن يكون على سبيل التبرع.
أما الصحابة رضي الله عنهم فقد كرهوا الحيل، ونفّروا منها، ونقل عن كثير منهم التحذير منها، والقول ببطلانها.
وقد سار التابعون في هذا على سير الصحابة، وكذلك من أتى بعدهم من تابعي التابعين وتابعيهم، أنكروا الحيل إنكاراً شديداً، واشتد قولهم على من أفتى بجوازها.

فمتى ظهرت الحيل إذن؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"أما الإفتاء بها وتعليمها للناس، وإنفاذها في الحكم، واعتقاد جوازها؛ فأول ما حدث في الإسلام في أواخر عصر صغار التابعين بعد المائة الأولى بسنين كثيرة، وليس فيها ولله الحمد حيلة واحدة تؤثر عن أصحاب رسول الله {، بل المستفيض عن الصحابة أنهم كانوا إذا سئلوا عن فعل شيء من ذلك أعظموه وزجروا عنه(7)أ.ه.
وأشار ابن القيم إلى أن أكثرها من وضع وراقي بغداد، وقد سبقه لهذا الحكم الجوزجاني عندما أنكر نسبة كتاب الحيل لمحمد بن الحسن وقال: "من قال إن محمداً رحمه الله صنف كتاباً في الحيل فلا تصدقه، وما في أيدي الناس فإنما جمعه وراقو بغداد"(8).
والذي يظهر أن بعض علماء الحنفية(9) هم أول من تكلم بها؛ ولكن في البدايات لم يكن فيها التوسع الذي عرف لدى المتأخرين(10).
الحنفية والحيل:

اشتهر الحنفية بالقول بالحيل واعتبارها، وأنهم أول من أفتى بها، وأول مدونات عرفت في الحيل كانت لعلماء من الحنيفة، وقد نقلوا عن أبي حنيفة عدة فتاوى استخدم فيها الحيلة لإخراج المستفتي من مأزق وقع فيه، والذي ساعد الإمام على هذا قوة ذكائه، وحسن فهمه، ودقة استنباطه؛ مما جعله قادراً على إيجاد مخارج شرعية، وإن كنا لا نستطيع أن نثق بكل ما يروى عنه.

ومما ينبغي التنبيه له أن الإمام أبا حنيفة كان يطوع الواقع ليتوافق مع الشريعة، ولم يكن يطوع الشريعة لتتوافق مع الواقع، كما أنه لم يكن يستخدمها إلا في حالات محدودة جداً، وربما لو علم بما أحدث بعده من توسع في الحيل ما أفتى بها أصلاً.

يقول أحمد أمين: "فترى من مجموع هذا أن الحيل التي أفتى بها أبو حنيفة ليست من نوع التحايل على إبطال الحق، أو أكل الأموال بالباطل، وإنما هي استخراج فقهي للخروج من مأزق مع عدم التعدي على أحد في ماله ونفسه(11)

يقول الشيخ أبو زهرة رحمه الله تعالى:
"فالحيلة في نظر هؤلاء المستشرقين عمل يوافق في شكله ومظهره مطلب الشرع، وهو في نتيجته احتيال على الخروج من سلطان الشرع، وتفويت أحكامه، هذه نظرة أولئك العلماء الأوربيين إلى الحيلة، وهي تتفق إلى حد كبير مع الحيل التي ابتدعها المتأخرون للتخلص من الأحكام الشرعية مع اتفاقها في ظاهر الأمر، ولكنها لا تنطبق على الحيل المأثورة عن أبي حنيفة وأصحابه الأولين؛ فإن حيلهم كانت للوصول إلى الحق أحياناً، ولتتفق مع قيودهم التي قيدوا بها العقود، ولتتفق أحكامها مع المقاصد الشرعية لا لتجافيها، وتنأى عنها، وللتيسير على الناس، ومنع الحرج إذا ضيقوا على أنفسهم بأيمان أقسموها، وكانت لإرشاد الناس إلى الشروط الشرعية التي يحتاطون بها لحقوقهم وحمايتها من العبث"(12).
على أن بقية المذاهب لم تسلم من تجاوزات واضحة في باب الحيل، خاصة عند المتأخرين منهم، وليس هذا خاصاً بالحنفية فقط.

الحيل وضغوط الواقع:

الحياة بطبيعتها مليئة بالتعقيدات، والتقلبات، والمفاجآت، فهي لا تسير على نمط واحد، تتداخل فيها أمزجة الناس وأهوائهم، وتتقاطع مع أفكارهم ومبادئهم المختلفة والمتناثرة؛ لذلك قد نجد من يحتج بصعوبة تطبيق الشريعة في حياة طبيعتها التعقيد والاختلاف والتغير، وأنه لابد من تحوير الشريعة وتطويعها وتليينها لتتوافق مع الواقع المعاش، وأفضل طريق لهذا هو الحيل".

فنقول جواباً على هذه الشبهة: إن المشكلة ليست في الشريعة، ولا في توافقها مع الواقع المعاش؛ إنما المشكلة تكمن في أفهام الناس، وإدراكاتهم القاصرة، وهزيمتهم العقلية والنفسية أمام الواقع المعاش؛ فالشريعة أنزلها الله تعالى الذي خلق الحياة والناس، وهو أعلم بما يصلح لهم، وإن كان هناك شيء يجب أن يكيف تجاه الآخر،
فالواقع هو الذي يجب أن يكيف ليتوافق مع الشريعة لا العكس؛ لأن في هذا صلاحاً للواقع، أما تكييف الشريعة لتتوافق مع الواقع ففي هذا ضياع للشريعة وللواقع معاً، كما أن هذا القول ينطوي على غمزٍ في الشريعة الإسلامية بأنها قاصرة، وغير صالحة لكل زمان ومكان، وأنها دين عسر ومشقة" وهذا قول جاهل، أو حاقد، والناظر في الكتاب والسنة وفتاوى الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم، وهذا التراث الفقهي العظيم؛ يجد فيه الملاذ و الملجأ والمخرج من كل حادثة مهما صعبت وتعقدت.
أقسام الحيل:

قسم ابن القيم رحمه الله تعالى الحيل إلى خمسة أقسام تبعاً للأحكام الخمسة: الواجب، المندوب، والمباح، والمكروه، والمحرم.

قال رحمه الله تعالى: وإذا قسمت باعتبارها لغة انقسمت إلى الأحكام الخمسة؛ فإن مباشرة الأسباب الواجبة حيلة على حصول مسبباتها؛ فالأكل والشرب واللبس والسفر الواجب حيلة على المقصود منه، والعقود الشرعية واجبها ومستحبها ومباحها كلها حيلة على حصول المعقود عليه، والأسباب المحرمة كلها حيلة على حصول مقاصدها منها، وليس كلامنا في الحيلة بهذا الاعتبار العام الذي هو مورد التقسيم إلى مباح ومحظور؛ فالحيلة جنس تحته التوصل إلى فعل الواجب، وترك المحرم، وتخليص الحق، ونصر المظلوم، وقهر الظالم وعقوبة المعتدي، وتحته التوصل إلى استحلال المحرم، وإبطال الحقوق، وإسقاط الواجبات)(13).
إذاً فحكم الحيلة يأخذ حكم مقصدها ووسيلتها، وإن كان الأعم الأغلب استخدام الحيل في الشر، وتعطيل الشريعة، والتنصل من أحكامها.

أسباب الوقوع في الحيل:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى سببين للوقوع في الحيل(14):
1- إما ذنوب وقعوا فيها فجوزوا عليها بتضييق أمورهم، فلا يستطيع دفع هذا الضيق إلا بالحيل، كما جرى لأصحاب السبت من اليهود.
2- وإما مبالغة في التشدد؛ حيث ضيقوا على أنفسهم أموراً وسعها الشرع فاضطرهم هذا إلى الاستحلال بالحيل.
وهناك أسباب أخرى15)
3- عدم الإيمان بالله، وباليوم الآخر ممن يدين به ويتظاهر به أمام المؤمنين.
4- اتباع الهوى، والبحث عن مصلحته بأي طريق كان.
5- الجهل بأحكام الشرع، وعدم السؤال عما يحل ويحرم.
6- الخلط بين الحيل المباحة والحيل المحرمة، والاستدلال بهذه على هذه.

أدلة تحريم الحيل:

استدل العلماء على تحريم الحيل بأدلة منها:
1- قوله تعالى: ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين 65 فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين 66 {البقرة: 65، 66} .
وهؤلاء طائفة من اليهود ابتلاهم الله تعالى بأن حرم عليهم الصيد يوم السبت، وأباحه في بقية الأيام، وكان السمك يأتي يوم السبت كثيراً بعكس بقية الأيام فاحتالوا بحيلة؛ ليحافظوا على السمك يوم السبت ويصيدوه يوم الأحد بأن حفروا حفراً بجانب البحر فيدخلها السمك فلا يستطيع الخروج منه، فإذا جاء يوم الأحد استخرجوها وأكلوها فمسخهم الله تعالى قردة وخنازير.
2- قوله تعالى: إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين 17 ولا يستثنون 18 فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون 19 فأصبحت كالصريم 20 {القلم: 17 - 20}.
فقد كان من عادة الفقراء أنهم يلتقطون ما تساقط من الثمر بعد حصاده فاتفقوا على أن يحصدوا بساتينهم في الليل حتى يحرموا الفقراء من حقهم القليل الذي فرضه الله تعالى لهم، فعاقبهم الله تعالى بإتلاف جنتهم وضياع أموالهم؛ عقوبة لهم على احتيالهم لمنع الحق الذي كان للمساكين في مالهم.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ثم إن كانوا عوقبوا على ترك المستحب ففيه تنبيه على العقوبة على ترك الواجب"(16).
3- قوله {: "لعن الله المحلل والمحلل له"(17)، وسماه (التيس المستعار)(18).
إذا طلق الزوج زوجته ثلاثاً حرمت عليه حتى تتزوج غيره زواجاً حقيقاً عن رغبة، فإذا حصل بينهما طلاق؛ جاز رجوعها إلى زوجها الأول، وبعض الناس يحاول أن يحتال لتحل له زوجته، فيتفق مع شخص على أن يتزوجها ويطلقها لترجع إلى زوجها الأول، وقد لعن النبي { من فعل هذا، واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى فهذا دليل على عظم هذا الجرم عند الله تعالى؛ لذلك استحق صاحبه العقوبة عليه، بل زاد النبي { فشبه صاحبه بوصف لا يليق بالآدمي تحقيراً لهذا الفعل ولفاعله فسماه (التيس المستعار).

نماذج من الحيل المعاصرة:

1- ما يجري في حراج السيارات عند البيع بالمزايدة؛ حيث يتفق صاحب السيارة مع أصدقاء له ليزيدوا في سعر السيارة وهم لا يريدون شراءها، بحيث إذا وقفت على غيرهم بالمبلغ الذي يريده صاحب السيارة انسحبوا وحصل البيع، ولو وقفت على واحد منهم لا يحصل بيع، وإن سموه تعاوناً، فهو النجش الذي ورد النهي عنه في الحديث، وهو أن يزيد في السلعة من لايريد شراءها(19) وهذه الحيلة محرمة.
2- قد يرغب المورث أن يخص بعض الورثة بشييء من الميراث، ولا يستطيع؛ لأن الوصية للوارث لا تجوز، فإما أن يبيعه بعقد صوري، أي يقر له بدين في ذمته، أو يقول: كنت وهبت له هذا المال في صحتي وهذه الحيلة باطلة ومحرمة(20).
3- نكاح الشغار وهو أن ينكح الرجل ابنة الرجل وينكحه الآخر ابنته على أن تكون كل واحدة صداقاً للأخرى(21).
وهذا النكاح باطل، وفيه ظلم للبنت؛ حيث لا تأخذ مهرها، وتزوج بمن لا تريد غالباً.
4- الرشوة باسم الهدية.
5- بيع العينة: وهي ربا في صورة بيع.
فقد يحتاج شخص إلى السيولة ولا يجد من يقرضه؛ فيذهب لأحد التجار فيشتري منه سلعة قيمتها عشرة بثلاثة عشر مؤجل على أقساط، ثم يبيعها منه بعشرة معجلة (كاش).




الهوامش:
1- انظر: القاموس المحيط ص: (1278)، المصباح المنير (1-73)، مقتبس الأثر (17-94).
2- إعلام الين (5-188).
3- انظر: الحيل الفقهية في المعاملات المالية ص: (45-47).
4- أخرجه البخاري (1450) من حديث أبي بكر رضي الله عنه.
5- انظر: إعلام الين (3-222).
6- انظر: تفسير القرطبي (20-76).
7- بيان الدليل ص: (121).
8- المخارج في الحيل ص: (93).
9- انظر: تاريخ التشريع للخضري ص: (280).
10- انظر: الحيل الفقهية لمحمد إبراهيم ص: (29).
11- ضحى الإسلام (2-192).
12- أبو حنيفة ص: (434).
13- إعلام الين (5-188).
14- مجموع الفتاوى (29-245).
15- الحيل وأحكامها ص: (180).
16- بيان الدليل ص: (69).
17- أخرجه الترمذي (1120).
18- أخرجه ابن ماجه (1936).
19- الحيل وأحكامها ص: (200).
20- الحيل وأحكامها ص: (200).
21- انظر: الفتح (14-350).
منقول
لا تنسونى من الدعاء
أنا وصاحبة الموضوع
zyxr_0358.gif
كتبت : || (أفنان) l|
-
نور الله قلبك بذكره
ورزقك حبه وأعانك على طاعته
وأكرمك بجنته وبصحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
كتبت : سنبلة الخير .
-
موضوع مفيد وقيم
جزاكِ الله خيرا وبارك الله لك
سلمت يمنياكِ
ولاحرمتِ الأجر
كتبت : رسولي قدوتي
-


دائما مبدعهـ و لكِ وبصمه مميزه .

لاعدمنا طرحكِ الرآئع

تحيه لكِ من القلب معطره..~
ولكِ جزيل الشكر

على هذا التميز والإبدآع..




















كتبت : *بنت الإسلام*
-
كتبت : راجيه عفو ربها
-
[quote=طموحي داعية;1635987]نور الله قلبك بذكره
ورزقك حبه وأعانك على طاعته
وأكرمك بجنته وبصحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

اللهم آمين
و إياكى يا رب
ونكون صحبة بإذن الله
أسأل الله العظيم أن يحقق لكى كل ما تتمنين
محبيتى لكى
الصفحات 1 2 

التالي

بر الوالدين في الاسلام

السابق

تحذير الشيخ عبيد الجابري من المكالمات بين الإخوة و الأخوات بحجة العلم و الدعوة

كلمات ذات علاقة
الجيل , الفقهية