** نشأة التسمية بأهل السنة والجماعة **

مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
كتبت : * أم أحمد *
-




كيف نشأت التسمية ؟



إنما قلنا نشأة التسمية ، ولم نقل نشأة أهل السنة ، لأن مذهب أهل السنة هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأصحابه،فليسوا ممن ابتدع بدعة فنسبت إلى فرد أوطائفة حتى يقال: إنه نشأ في عام كذا.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم ، معروف ، قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد ، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم ،ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة ،فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة ، ومتنازعون في إجماع من بعدهم ) - منهاج السنة -.

ثم يبين ابن تيمية لماذا نسب مذهب أهل السنة إلى الإمام أحمد . فيقول :
( وأحمد بن حنبل وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة والصبر والمحنة ، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا ، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها ، وصبر على من امتحنه ليفارقها ، وكان الأئمة قبله قد ماتوا قبل المحنة ،فلما وقعت محنة الجهمية ،نفاة الصفات ،في أوائل المائة الثالثة - على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق - ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله - تعالى - ، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخروا الرافضة ،وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من ولاة الأمور ،فلم يوافقهم أهل السنة حتى تهددوا ( وفي نسخة هددوا ) بعضهم بالقتل ، وقيدوا بعضهم وعاقبوهم ،وأخذوا بالرهبة والرغبة ،وثبت الإمام أحمد بن حنبل على ذلك الأمرحتى حبسوه مدة ،ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته ،فانقطعوا معه في المناظرة يوما بعد يوم...( وذكر محنته )
ثم قال : ( ثم صارت هذه الأمور سببا في البحث عن مسائل الصفات وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة، وصنف الناس في ذلك مصنفات ، وأحمد وغيره من علماء السنة والحديث ما زالوا يعرفون فساد مذهب الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة ،ولكن بسبب المحنة كثر الكلام ،ورفع الله قدر هذا الإمام ،فصار إماما من أئمة السنة ، وعلما من أعلامها لقيامه بإعلامها وإظهارها، واطلاعه على نصوصها وآثارها. وبيانه لخفي أسرارها ، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا.
ولهذا قال بعض شيوخ المغرب : (المذهب لمالك والشافعي والظهور لأحمد يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول مذهب واحد وهو كما قال ).
فمن هذا النص المتين يتبين أن أهل لسنة والجماعة ، إنما هم امتداد لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأصحابه ،فإذا ما قام إمام - في زمن البدع أو غربة أهل السنة - بالدعوة إلى العقيدة السليمة ومحاربة ما يخالفها فهو لم يأت بجديد ، وإنما جدّد ما اندرس من مذهب أهل السنة ، وأحيا ما مات منه ، وإلا فالعقيدة لم تتغير والمنهج في العقيدة لم يتغير ، فإذا ما وقع في بعض الأزمان أو الأمكنة نسبة مذهب أهل السنة إلى عالم من العلماء أو مجدّد من المجددين ، فلأنه دعا إليه ، لا لأنه ابتدعه أو اخترعه.
أما عن التسمية بأهل السنة والجماعة ، أو أهل الحديث فكانت له بداية ، لأنالافتراق لما حصل ، وتعددت هذه الفرق وكثرت البدع والانحرافات ن كان لا بد لأهل لسنة أن يتميزوا عن غيرهم في اعتقادهم وفي منهجهم ، وكانوا فيالحقيقة امتدادا طبيعيا لما كان عليه الرسول وأصحابه.


تعريفات ضرورية :


أولا :تعريف السُنّة :


السنة في الغة العربية : هي الطريقة ، محمودة كانت أم مذمومة ،وهي مأخوذة من السنن وهي الطريق .

ومنه الحديث " من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجردا وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" .

قال القاضي عياض : ( وقوله : لتتبعن سنن من كان قيلبكم . بفتح السين والنون ، رويناه هنا ، أي طريقهم. وسنن الطريق : نهجه. ويقال سُننه - بضمهما - وسننه - بفتح السين وضم النون - جمع سنه وهي الطريقة أيضا ) .

ويقول ابن الأثير: ( وقد تكرّر في الحديث ذكر(السنة) وما تصرف منها،والأصل فيها الطريقة والسيرة ) .


وأما السّنة في الإصطلاح الشرعي :

فهي عند المحدثين ( ما أثر عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من قول أو فعل أو تقرير ،أو صفة خِلقية ، أو خُلقية أو سرية ، سواء كان قبل البعثة أو بعدها ، وهي بهذا ترادف الحديث عند بعضهم) .

وعند الأصوليين ( ما جاء منقولا عن النبي ،صلى الله عليه وسلم ،وعلى الخصوص مما لم ينص عليه في الكتاب العزيز ، بل إنما نص عليه من جهته ،عليه الصلاة والسلام ،وكان بيانا لما في الكتاب أولا ) .

وهي عند الفقهاء ( ما ثبت عن النبي ،صلى الله عليه وسلم ، من غير افتراض ولا وجوب ) .


وبعد افتراق الفرق ، ونشوء البدع ،وتشعب الأهواء ،صار لفظ السنة حين يقال : فلان من أهل السنة ،أو فلان متبع للسنة ، يطلق على ما يقابل البدعة.

( فيقال : فلان على السنة،إذا عمل على وفق ما عمل به النبي،صلى الله عليه وسلم) .وعلى كل ما دلّ عليه دليل شرعي ، سواء كان ذلك في الكتاب العزيزأوعن النبي ،صلى الله عليه وسلم، أو اجتهد فيه الصحابة - رضي الله عنهم - كجمع المصحف ،وحمل الناس على القراءة بحرف واحد ،وتدوين الدواوين.

ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم : السنةعبارة عما سلم من الشبهات في الاعتقادات ، خاصة في مسائل الإيمان بالله، وملائكته ،وكتبه ،ورسله ، واليوم الآخر ، وكذلك في مسائل القدر ، وفضائل الصحابة. وصنفوا في هذا العلم تصانيف وسموها ( كتب السنة) ، وإنما خصوا هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم ، والمخالف فيه على شفا هلكة) .

أي أنّ مصطلح السنة ، وإن اشتهر عند المتأخرين باختصاصه بجانب العقائد ، لعظم شأنها وخطورة المخالفة فيها ، فإن اللفظ إذا أطلق دلّ على طريقة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه - رضي الله عنهم - علما وعملا ، وخلقا وسلوكا وأدبا ، إلى كل ما يشمل نواحي الحياة المختلفة.

يقول ابن رجب : ' وعن سفيان الثوري ، قال : ( استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء) .ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة : طريقة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، التي كان عليها هو وأصحابه ، السالمة من الشبهات والشهوات. ولهذا كانالفضيل بن عياض يقول : ( أهل السنة : من عرف ما يدخل في بطنه من حلال ) .وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصال السنة التي كان عليها النبي ،صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم '.

ثانيا : تعريف الجماعة :


(1)

الإشتقاق اللغوي للجماعة واضح ، فهو مشتق من الاجتماع ، وضد الاجتماعالفرقة.
يقول ابن تيمية : ( الجماعة هي الاجتماع ، وضدها الفرقة ، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسما لنفس القوم المجتمعين ).
ولكن إذا ذكر لفظ الجماعة مع السنة فقيل : أهل السنة والجماعة ، وكان المراد بها ( سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين الذين اجتمعوا على الحق الصريح من كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم).
فما كان عليه الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه - رضي الله عنهم -فهو الحق الذي يجب الاقتداء بهم فيه واتباعه ، وكل من جاء بعدهم سالكا سبيلهم مقتفيا آثارهم فهو ( الجماعة ) سواء كان فردا أم أمة.
يقول أبو شامة : ( حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه ،وإن كان المتمسك بالحق قليلا والمخالف كثيرا ، لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه - رضي الله عنهم - ، ولا نظر إلى كثرة الباطل بعدهم).
ولما سئل عبد الله بن المبارك عن ( الجماعة) قال : ( أبو بكر وعمر) فقيل له : قد مات أبو بكر وعمر . قال ( ففلان وفلان ). فقيل له قد مات فلان وفلان. قالابن المبارك : (أبو حمزة السكري جماعة).
فابن المبارك أراد أن يفسر الجماعة بمن اجتمعت فيه صفات الاتباع الكامل لكتاب والسنة ، ولذلك ضرب المثل بمن يقتدي بهم من هؤلاء ، فلم يذكر في زمنه إلا أبا جمزة السكري الذي كان من أهل العلم والفضل والزهد.




"يتبع"




كتبت : * أم أحمد *
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .




(2)



...وأما الأحاديث التي أوجبت الالتزام بالجماعة وعدم الخروج عليها ،فقد اختلف العلماء في المقصود بالجماعة الواردة في الأحاديث خلاف تنوع لا تضاد ولا تعارض فيه فيما نرى :



1/ فذهب البعض إلى أن الجماعة هنا هم الصحابة دون من بعدهم ،(فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وأرسوا أوتاده ،وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أبدا).وهذا القول المروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.


فعلى هذا القول فلفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى في قوله عليه الصلاة والسلام : " ما أنا عليه اليوم وأصحابي ". فكأنه راجع إلى ما قالوه وما سنّوه ،وما اجتهدوا فيه ،فهو حجة على الإطلاق بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لهم بذلك خصوصا في قوله : " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين..." الحديث . وأشباهه.


2/ وقيل : هم أهل العلم والفقه والحديث من الأئمة المجتهدين ،( لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين ). وهذا قول البخاري فإنه قال : ( باب " وكذلك جعلناكم أمة وسطا ". وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة ، وهم : أهل العلم ).


وقال الترمذي : ( وتفسير الجماعة عند أهل العلم : هم أهل الفقه والعلم و الحديث ،ثم ساق روايته عن ابن المبارك حين قال : أبو بكر وعمر - لما سئل عن الجماعة -).


وقال ابن سنان : ( هم أهل العلم وأصحاب الآثار).


وعلى هذا فالجماعة هم أهل السنة العالمون العارفون المجتهدون. فيخرج من هؤلاء المبتدعة. كما يخرج منهم العامة المقلدون ،فإنهم لا يقتدى بهم ،وإنما الغالب فيهم أنهم يكونون تبعا للعلماء.



3/ وقيل : الجماعة هم جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر من أمور الشرع .( أي أهل الإجماع إذا أجمعوا على مسألة أو حكم سواء كان في الشرع أو الاعتقاد .وهذا قول مأخوذ من الحديث: " لا تجتمع أمتي على ضلالة".


يقول ابن حجر تعليقا على قول البخاري - وهم أهل العلم - : ( والمراد بالجماعةأهل الحل والعقد من كل عصر ).


وقال الكرماني : (مقتضى الأمر بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلّف متابعة ما أجمع عليه المجتهدون ،وهو المراد بقوله - وهم أهل العلم - والآية التي ترجم لها ( أي البخاري)،احتج بها أهل الأصول لكون الإجماع حجة ،لأنهم عدلوا بقوله تعالى : " جعلناكم أمة وسطا " أي عدولا. ومقتضى ذلك أنهم عُصموا من الخطأ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا ) .وهذا القول راجع إلى القول الثاني.


(3)



4/ وقيل : هم السواد الأعظم . وعليه تُحمل رواية (وهم السواد الأعظم). قال في النهاية : ( وفيه : عليكم بالسواد الأعظم : أي جماعة الناس ومعظمهم الذين يجتمعون على طاعة السلطان وسلوك النهج القويم ).


وهذا قول مروي عن أبي غالب الذي قال : ( إن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق ،فما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق ، ومن خالفهم مات ميتة جاهلية،سواء خالفهم في شيء من الشريعة أو في إمامهم وسلطانهم ،فهو مخالف للحق). وممن قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود.


يقول الشاطبي معقبا : ( فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدوا الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها.ومن سواهم داخلون في حكمهم ،لأنهم تابعون لهم ،مقتدون بهم. فكل من خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان .ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع ،لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة ،لم يدخلوا في سوادهم بحال.)



5/ وقيل : الجماعة هي جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير .وهذا رأيالطبري الذي ذكر الأقوال السابقة.ثم قال : ( والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره ،فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة).


( فأمر عليه الصلاة والسلام ،بلزومه ونهى عن فراق الأمة فيما اجتمعوا عليه من تقديمه عليهم). وقال : ( أما الجماعة التي إذا اجتمعت على الرضا بتقديم أمير، كان المفارق لها ميتا ميتة جاهلية ،فهي الجماعة التي وصفها أبو مسعود الأنصاري ،وهم معظم الناس وكافتهم من أهل العلم والدين وغيرهم وهم السواد الأعظم).


وحاصل هذا القول : ( إن الجماعة راجعة إلى اجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة ،وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة).




هذه أهم الأقوال في معنى الجماعة التي ورد الأمر بلزومها ،وحاصلها أنالجماعة ترجع إلى أمرين:


1) أنها الجماعة إذا اجتمعوا على إمام على مقتضى الشرع ، فيجب لزوم هذه الجماعة ويحرم الخروج عليها.


2) أنها ما عليه أهل السنة من الاتباع وترك الابتداع ،أو هي المذهب الحق. وهذا معنى تفسير الجماعة بالصحابة ،أو أهل العلم ، أو أهل الإجماع ، أو السواد الأعظم ، فهي كلها ترجع إلى معنى واحد، وهو : من كان على مثل ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأصحابه،سواء كان قليلا أو كثيرا ،بحسب أحوال الأمة واختلاف أمكنتها وأزمانها.


ولهذا قال عبد الله ابن مسعود : ( الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك) وفي لفظ : ( إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك ).




align="left">.....


ثالثا : تعريف أهل الحديث :


الحديث في اللغة : ضد القديم.

وفي الاصطلاح : ( ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خِلقي أو خُلقي ).

وأما علم الحديث فهو قسمان :

* علم الحديث رواية : وهو (علم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ،وأفعاله وتقريراته وصفاته ، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها).

* علم الحديث دراية : وهو ( علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن). وهو ما يعرف بمصطلح الحديث.

فإذا قيل ( أهل الحديث ) ، فالمقصود بهم الذين يعنون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواية ودراية ، باذلين جهدهم على مدارسة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وروايتها واتباع ما فيها علما وعملا ، ملتزمين بالسنة مجانبين للبدعة ، متميزين عن أهل الأهواء الذين يقدمون مقالات أهل الضلالة على أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقدّمون عقولهم الفاسدة ، ومنطقهم المتهافت ، وكلامهم المتناقض على ما جاء به الكتاب العزيز ، والسنة الشريفة.

فأهل الحديث إذن أولى الناس بالاعتقاد الحق ، والالتزام بالسنة والجماعة ، والفرقة الناجية .

ولذلك قال الإمام أحمد عن الجماعة : (إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم ؟).

وكذلك لما ذكر الشيخ أبو إسماعيل الصابوني صفات أهل الحديث في رسالته التي سماها ( عقيدة السلف أصحاب الحديث ) ، أو ( الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة). قال عنهم : ( ويقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبأصحابه الذين هم كالنجوم ..ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين ، وعلماء المسلمين ، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين ، والحق المبين ، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم).

تابع لتعريف (أهل الحديث ):


ويقول الشيخ الأصبهاني عن أهل الحديث : ( وجدنا سنته وعرفناها بهذهالآثارالمشهورة التي رويت بالأسانيد الصحاح المتصلة التي نقلها حفاظ العلماءبعضهم عن بعض ، فنظرنا إلى أهل هذه الفرقة - أعني أصحاب الحديث - وهم لها أطلب ،وفيها أرغب ،ولها أجمع ، ولصاحبها أتبع ،فعلمنا يقينا بالكتاب والسنة أنهم أهلها دون سواهم من جميع الفرق.. ورأينا أصحاب الحديث - يرحمهم الله - قديما وحديثا هم الذين رحلوا في طلب هذه الآثار التي تدل على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذوها من معادنها ،وجمعوها من مظانها ،وحفظوها ،فاغتبطوا بها ، ودعوا إلى اتباعها ،وعابوا من خالفها ،فكثرت عندهم وفي أيديهم حتى اشتهروا بها ).

وهكذا نلاحظ أن ( أهل الحديث ) و( أهل السنة) مصطلحان قريبان ،وبينهما عموم وخصوص ، أو إطلاق وتقييد . فإذا أطلق أحدهما دخل في الآخر ، وأصبح اللفظ دالا بمفرده على جميع طوائف الفرقة الناجية من فقهاء ومحدثين ،وعلماء وأمراء وزهاد ومقاتلين ،وأصوليين ونحاة ولغويين ، إلى آخر أنواع أهل الخير.

ويكون اللفظ هنا مرادفا ( لأهل الحق) أو ( أهل القرآن) وما إلى ذلك .وإذا اجتمع اللفظان دلّ الأول على أهل الفن وأصحابه من المتخصصين في علم الحديث ، ودلّ الآخر على بقية أهل الخير.

يقول ابن تيمية: ( ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته ، بل نعني بهم : كل من كان أحق بحفظه ومعرفته ، وفهمه ظاهرا وباطنا ، واتباعه باطنا وظاهرا ، وكذلك أهل القرآن. وأدنى خصلة في هؤلاء : محبة القرآن والحديث والبحث عنهما وعن معانيهما ، والعمل بما علموه من موجبهما.

ففقهاء الحديث أخبربالرسول من فقهاء غيرهم ، وصوفيتهم أتبع للرسول من صوفية غيرهم ، وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم ، وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم).

"يتبع"


align="left">.......





كتبت : *بنت الإسلام*
-
بارك الله فيك ِ اختاه
موضوع هام وفي وقته

متابعة معكي

كتبت : * أم أحمد *
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .





رابعا : تعريف السلف :


أما في اللغة : ( السلف - أيضا - من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل ). و( السلف : المتقدمون، وسلف الرجل : أبواه المتقدمان ).

أما في الاصطلاح : فتدور كل التعريفات للسلف حول الصحابة ، أو الصحابة والتابعين ، أو الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة الأعلام ، المشهود لهمبالإمامة والفضل ، واتباع الكتاب والسنّة.

يقول القلشاني : ( السلف الصالح ، هو الصدر الأول الرّاسخون في العلم ، المهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، الحافظون لسنته ،اختارهم تعالى لصحبة نبيّه ، وانتخبهم لإقامة دينه ورضيهم أئمة الأمة ، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ، وأفرغوا في نصح الأمة ونفعهم ، وبذلوا في مرضاة الله أنفسهم ، قد أثنى الله عليهم في كتابه..فيجب اتباعهم فيما نقلوه ، واقتفاءآثارهم فيما فعلوه ،والاستغفار لهم).

وقال أبو الحسن : ( وهم الصحابة في أقوالهم ، وفي ما تأولوه واستنبطوه عن اجتهادهم).

وقال العدوي في "الحاشية" : ( قصره على الصحابة ، لما قال ابن ناجي : السلف الصالح وصف لازم يختص عند الإطلاق بالصحابة ، ولا يشاركهم غيرهم فيه ).

وقال الغزالي عن السلف : ( أعني بالسلف مذهب الصحابة والتابعين).

وقال الباجوري : ( والمراد بمن سلف من تقدم من الأنبياء والصحابة ، والتابعين وتابعيهم ، خصوصا الأئمة الأربعة المجتهدين).

تابع لتعريف السلف :


ويقول الشيخ محمود خفاجي : ( وليس هذا التحديد الزمني كافيا في ذلك ، بل لا بد أن يضاف إلى هذا السبق الزمني موافقة الرأي للكتاب والسنة وروحها ،فمنخالف رأيه الكتاب والسنة فليس بسلفي ،وإن عاش بين أظهر الصحابة والتابعين ، وتابعي التابعين ).

ويقول الشيخ ابن حجر القطري في كتابه:"العقائد السلفية ، بأدلتها العقلية والنقلية":

( وعلى ذلك فالمراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وأتباعهم ، وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة ،وعرف عظم شأنه في الدين ، وتلقى الناس كلامهم خلفا عن سلف ، كالأئمة الأربعة ، وسفيان الثوري ، والليث بن سعد ،وابن مبارك ، والنخعي ،والبخاري ،ومسلم ،وسائر أصحاب السنن دون من رمي ببدعة ،أوشهر بلقب غير مرضي . مثل : الخوارج ،والروافض ،والمرجئة ،والجبرية،والجهمية ،والمعتزلة).


فالسلف إذن مصطلح يطلق على الأئمة المتقدمين من أصحاب القرون الثلاثة الأولى المباركة ، من الصحابة والتابعين ،وتابعي التابعين المذكورين في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،:

" خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم .ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ".

فكل من التزم بعقائد وفقه وأصول هؤلاء الأئمة كان منسوبا إليهم ،وإن باعدت بينه وبينهم الأماكن والأزمان. وكل من خالفهم فليس منهم ، وإن عاش بين أظهرهم ،وجمعه بهم المكان والزمان نفسه.


خامسا : تعريف الطائفة المنصورة:



الطائفة المنصورة المذكورة في الأحاديث هي طائفة مجاهدة من أهل السنة،تجتمع فيها أسباب النصر المعنوية والمادية التي خلقها الله عزّ وجلّ : من علم صحيح ،وسلوك مستقيم ،مع سنن الله في كونه ، وأخذ بالمقدمات التي جعلها الله وسيلة موصلة إلى نتائجها المرجوة. وإلا فإن مجرد الإيمان والالتزام بعقائد أهل السنة دون الأخذ بأسباب النصر ومقدماته المادية ، ودون الالتزام بسنن الله الكونية الصارمة - التي لا تحابي أحدا على حساب أحد - لا يضمن النصر ،ولا يكفل الظهور والتمكين في الأرض الذي وعد الله به عباده المخلصين.

فالطائفة المنصورة إذن هي مجموعة من أهل السنة والجماعة ، هذه المجموعةتلتزم بالفقه الصحيح الثابت للسلف والأئمة ،فتأخذ بأسباب النصر ومقدماته الصحيحة ،فينصرها الله عزّ وجلّ ،فلا يضرها من خالفها ولا من خذلها.

والطائفة المنصورة شأنها شأن كل خلق الله - إلا من عصم ربك - يختلط فيهاالخير والشر، والعدل والبغي ،والطاعة والمعصية ، ولكنها على الجملة أرجحفي عموم الأحوال من غيرها ، وأحق بنصر الله من غيرها، وأقدرعلى تحمل مسؤولية هذا الدين والقيام بحق الأمانة التي يحمّلها إياهم ربهم من غيرهم .

يقول ابن تيمية : ( وقد كان معاوية والمغيرة وغيرهما يحتجون لرجحان الطائفة الشامية بما هو في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ،أنه قال : "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة " فقام مالك بن يخامر يذكر أنه سمع معاذا يقول : (وهمبالشام) .فقال معاوية : وهذا مالك بن يخامر يذكر أنه سمع معاذا يقول : وهم بالشام ، وهذا الذي في الصحيحين من حديث معاوية فيهما أيضا نحوه من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى لله عليه وسلم ، قال : "لاتزال من أمتي أمة ظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ".وهذا يحتجون به في رجحان أهل الشام بوجهين :

أحدهما : أنهم الذين ظهروا وانتصروا ،وصار الأمر إليهم بعد الاقتتال والفتنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ، "لا يضرهم من خالفهم" .وهذا يقتضي أنالطائفة القائمة بالحق من هذه الأمة هي الظاهرة المنصورة ،فلما انتصر هؤلاء كانوا أهل الحق.

والثاني : أن النصوص عينت أنهم بالشام ،كقول معاذ ، وكما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :"لا يزال أهل الغرب ظاهرين".

قال الإمام أحمد : وأهل الغرب هم أهل الشام ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ،كان مقيما بالمدينة ،فما يغرب عنها فهو غربه ، وما يشرق عنها فهو شرقه ، وكان يسمي أهل نجد وما يشرق عنها أهل المشرق ، كما قال ابن عمر: قدم رجلان من أهل المشرق فخطبا ، فقال النبي ،صلى الله عليه وسلم : " إنمن البيان لسحرا".





تابع لتعريف الطائفة المنصورة :


والنصوص التي في كتاب الله ورسوله وأصحابه في فضل الشام وأهل الغرب على نجد والعراق وسائر أهل المشرق أكثر من أن تذكر هنا ، بل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من النصوص الصحيحة في ذم المشرق ، وإخباره "بأن الفتنة ورأس الكفر منه". ما ليس هذا موضعه ،وإنما كان فضل المشرق عليهم بوجود أمير المؤمنين علي ، وذلك كان أمرا عارضا ، ولهذا لما ذهب علي ظهر منهم الفتن والنفاق والردّة والبدع ما يعلم به أن أولئك كانوا أرجح.

وكذلك - أيضا - لاريب أن في أعيانهم من العلماء والصالحين من هو أفضل من كثير من أهل الشام، كما كان علي وابن مسعود وعماروحذيفة ونحوهم أفضل من أكثر من بالشام من الصحابة ،لكن مقابلة الجملة وترجيحها لا يمنع اختصاص الطائفة الأخرى بأمر راجح.

والنبي صلى الله عليه وسلم ، ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائما إلى آخر الدهر ، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر ، فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة ، وهذا الوصف ليس لغير الشام من أرض الإسلام ، فإنالحجاز ( التي هي أصل الإيمان ) نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان ، والنصر والجهاد ، وكذلك اليمن والعراق والمشرق.

وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان ،ومن يقاتل عليه منصورا مؤيدا في كل وقت ، فهذا هذا والله أعلم.وهذا يبين رجحان الطائفة الشامية من بعض الوجوه مع أنّ عليا كان أولى بالحق ممن فارقه ، ومع أن عمارا قتلته الفئة الباغية - كما جاءت به النصوص - فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ،ونقرّ بالحق كله ، ولا يكون لنا هوى ، ولا نتكلم بغير علم ،بل نسلك سبل العلم والعدل ، وذلك هو اتباع الكتاب والسنة. فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذامنشأ الفرقة والاختلاف). هنا انتهى كلام الشيخ ابن تيمية.

ويؤكد شيخ الإسلام على الكلام نفسه في عصره هو فيقر : ( أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما ، فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام ، وهم من أحق الناس دخولا في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، ...وقد جاء في حديث آخر في صفة الطائفة المنصورة ( أنهم بأكناف البيت المقدس) وهذه الطائفة هي التي بأكناف البيت المقدس اليوم).
يتبع بإذن الله






كتبت : * أم أحمد *
-
بارك الله فيكِ أختي الغاليه بنت الإسلام
مرور جميل ورائع كروعتكِ
أتمنى الفائده لكم جميعاً
كتبت : || (أفنان) l|
-
موضوع رائع أستفدت منه كثيراً سلمت يمينكِ
جزاك الله خير الجزاء
متابعة معكِ
الصفحات 1 2  3 

التالي

ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ

السابق

قالوا ان ديننا لا يناسب كل مكان وزمان ؟\!!!!

كلمات ذات علاقة
البصلية , السنة , تمهل , والجماعة , وصلة