الرياء والسمعة
مجتمع رجيم / عــــام الإسلاميات
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2985
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهكذا ينتهي الرياء أو السمعة بصاحبه إلى بطلان العمل ورده وعدم قبوله .
9- العذاب الشديد في الآخرة :
وأخيراً ... فإن من حبط عمله على النحو الذي قدمنا ، ليس له من جزاء إلا العذاب الشديد في الآخرة ، ولذلك العذاب صور أبرزها صورتان :
الأولى : أنه يكون أول من تسعر بهم النار ، فإن وقودها كما قال الله في كتابه ، الناس و الحجارة ، { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة } ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم - إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة ، رجل استشهد ، فأتى به فعرَّفه نعمته فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت ، قال كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال : جرئ ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ، ورجل تعلم العلم و علَّمه وقرأ القرآن ، فأتى به فعرَّفه نعمته فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال إنك عالم ، وقرأت القرآن ليقال : قارئ ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرَّفه نعمته فعرفها ، فقال : ما عملت فيها ؟ قال :ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال كذبت ، ولكنك فعلت ليقال : هو جواد ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقى به في النار ).
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1905
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الأخرى : الإلقاء في النار بحيث تخلع مفاصله وتتفكك أوصاله ، وتسقط أمعاؤه ، ويدور بها على مشهد ومرأى من أهل النار جميعاً ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع عليه أهل النار ، فيقولون يا فلان مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ؟ فيقول : بلى ، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهي عن المنكر وآتيه ).
الراوي: أسامة بن زيد المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2989
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ب- آثار الرياء على العمل الإسلامي :
وإذا كان للرياء أو للسمعة تلك الآثار التي قدمنا على العاملين ، فإنها بدورها تنعكس على العمل الإسلامي ، وتتلخص هذه الآثار المتعلقة بالعمل الإسلامي فيما يأتي :
طول الطريق وكثيرة التكاليف :
ذلك أن قوماً أخلاقهم الرياء ، وصفاتهم التسمّع لا يمكن أن يُمَكَّن لهم إلا بعد طول ابتلاء وكثرة تمحيص :
{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ... } ، { ... أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين }، { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون } .
خامساً : طريق علاج الرياء و السمعة
هذا ... و الطريق لعلاج الرياء أو السمعة تتلخص في :
1- تذكر عواقب الرياء أو السمعة الدنيوية والأخروية على النحو الذي قدمنا آنفاً ، فإن ذلك له أثر كبير في تحريك القلوب ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ثم إقلاعها عن هذه الآفة ، أو عن هذا الداء الخطير .
2- الانسلاخ من الصحبة المعروفين بالرياء أو بالسمعة ، ثم الارتماء في أحضان المخلصين الصادقين ، فإن ذلك له دوره في إقلاع النفس عن هذه الآفة حتى تبرأ منها تماماً .
3- معرفة الله - عز وجل - حق المعرفة ، فإن هذه المعرفة تعين على تقدير الله حق قدره ، الأمر الذي يؤدى إلى التخلص من الرياء أو السمعة ، ثم التحلي بالإخلاص ، وسبيل ذلك معايشة الكتاب و السنة .
4- مجاهدة النفس ، حتى تهذب من الغرائز التي تملى على الإنسان الرياء أو السمعة و التي من جملتها الرغبة في الصدارة أو المنصب ، وكذلك الطمع فيما في أيدي الناس ، وحب الثناء أو المحمدة .
5- رفق ذوى المسئولية في المحاسبة ، فإن الرفق ما كان في شئ إلا زانه ، وما نزع من شئ إلا شانه .
6- الالتزام بأدب الإسلام في المعاملة فلا غلو في الاحترام و التقدير ، ولا إهمال ولا تقصير ، وإنما هو الأمر الوسط ، وخير الأمور أوساطها .
7- الوقوف على أخبار المرائين ، ومعرفة عواقبهم ، فإن ذلك مما يساعد على تجنب هذا الداء ، أو هذه الآفة ، لئلا تكون العاقبة كعاقبة هؤلاء .
8- دوام النظر أو السماع للنصوص المرغبة في الإخلاص ، و المحذرة من الرياء ، فإن بداية الإقلاع عن الأخطاء والالتزام بالصواب تكون بوضوح الرؤية ، ودقة التصور ، إذ من جهل شيئاً عاداه ، كما قال الله عز وجل{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله } .
9- محاسبة النفس أولاً بأول للوقوف على عيوبها ، ثم التخلص من هذه العيوب .
10- اللجوء التام إلى الله ، والاستعانة به ، فإن من لجأ إلى الله واستعان به ، وكان صادقاً في ذلك ، أيده الله ، وأعانه ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خطب ذات يوم فقال :
( أيها الناس اتقوا هذا الشرك ، فإنه أخفي من دبيب النمل ، فقال له من شاء أن يقول ، وكيف نتقيه ، وهو أخفي من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال : ( قولوا اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه ).
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 10/226
خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح غير أبي علي ووثقه ابن حبان
11- التذكر بأن كل شئ يجرى في هذا الكون بقضاء وقدر :
{ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير } ، وأن الخلق مهما كانت قوتهم ، ومهما كان سلطانهم فإنهم عاجزون عن أن يجلبوا لأنفسهم نفعاً أو يدفعوا عنها ضراً فضلاً عن أن يملكون هذا لغيرهم { إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين } ، { إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً }.
الشيخ محمد نوح رحمه الله