لو كان الايمان بالله وباليوم الآخر قد خالط القلوب وتمكن من القلوب لما غفلت عن ربها تبارك وتعالى. اسمع الشدائد والاهوال ان كان لك قلب (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ) (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)) طه.
اسمع يرعاك الله..اسمع فالحديث (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37.
من سره ان يرى القيامة رؤيا العين فليسمع هذه الآيات ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)) التكوير.
نعم فى سياق الحديث حياة (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37.
بنفخة بدأت القيامة, وبنفخةٍ أخرى يبدأ البعث والنشور. فبعد النفخة الثانية (فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) الزمر 68.
إنه الخروج من القبور والسير إلى أرض المحشر (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)) المعارج.
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)) طه.
وقال سبحانه: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)) طه.
يسعون الى محشرهم فى سكون وخشوع. لا تسمع منهم الا صوت الاقدام والهمسات. ثم يقبض الجبار السماوات بيمينه والاراضين بيده الاخرى, ثم يقول: أنا الملك..أين الجبارون..أين المتكبرون (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)) الزمر.
عن عبيد الله بن مقسم: (أنه نظر إلى عبدالله بنعمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه . فيقول : أنا الله . (ويقبض أصابعه ويبسطها)أنا الملك" حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه . حتى إني لأقول : أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟) صحيح مسلم.
أما أرض المحشر أحبتى فأرض غير هذه الارض. وأما سماؤه فسماءُ غير هذه السماء. قال سبحانه: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)) ابراهيم.
أحوال الناس (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)) ابراهيم.
نعم أولوا الالباب (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37.
عن سهل بن سعد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء ، عفراء –يعنى مائلة الى الحمره- ، كقرصة النقي ، ليس فيها علم لأحد) رواه مسلم. قرصة النقى يعنى كقرص الدقيق.
أما حال الناس فحفاة عراه. عن عائشة رضى الله عنها قالت: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يحشرالناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا –يعنى غير مختونين- . قلت : يا رسول الله ! النساء والرجال جميعا ، ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض .) متفق عليه.
ومن الناس من يحشر على وجهه كما قال سبحانه: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا) الاسراء 97.
عن أنس بن مالك رضى الله عنه: (أن رجل قال: يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم يوم القيامة؟. قال: قال بأبى هو وأمى: أليس الذى أمشاه على رجليه فى الدنيا قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة. قال قتادة: بلى وعزة ربى.) متفق عليه.
ثم تزداد الاهوال..ثم تزداد الكرب. فتدنى الشمس من رؤوس العباد فيغرقون فى العرق. عن المقداد بن الاسود رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تدني الشمس، يوم القيامة، من الخلق ، حتى تكون منهم كمقدار ميل . قال سليم بن عامر : فوالله ! ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين . قال : فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق . فمنهم من يكون إلى كعبيه . ومنهم من يكون إلى ركبتيه . ومنهم من يكون إلى حقويه . ومنهم من يلجمه العرق إلجاما) صحيح مسلم.
عبد الله..عبدالله أما تتفكر وتتدبر فى الموقف وشدته, فى ذل الخلق وانكسارهم. فى ذلك اليوم الطويل الافكار خاشعة والقلوب وجلة, وانا وانت والجميع فى انتظار كيف تكون النهاية؟ واين يكون المصير؟ تفكر ومثل .
مثل لقلبك أيها المغـــــرور * يوم القيامة والسماء تمـور
قد كورت شمس النهار وأضـعفت * حر أعلى روس العباد تفور
وإذا الجبال تعلقت بأصـــولها * فرأيتها مثل السحـاب تسير
وإذا النجوم تساقطــت وتناثرت*وتبدلت بعد الضياء كـدور
واذا العشار تعطلت عن أهلهــا * خلت الديار فما بها معمـور
وإذا الوحوش لدى القيامة أحضرت * وتقول للأملاك أين نسير
فيقال سيروا تشهدون فصائــحا* وعجائبا قد أحضرت وأمور
واذا الجنـــــين بأمه متعلق * خوف الحساب وقلبه مذعور
هذا بلا ذنـــب يخاف لهوله * كيف المقيم على الذنوب دهور