محاولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإنتحار (الرد على الشبهه)

مجتمع رجيم / شبهات وردود
كتبت : فوفو الرشيقه
-
محاولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الانتحار



منقوله عن أ.د محمود حمدي زقزوق

الرد على الشبهة:

الحق الذي يجب أن يقال.. أن هذه الرواية التي استندتم إليها ـ يا خصوم الإسلام ـ ليست صحيحة رغم ورودها في صحيح البخاري ـ رضي الله عنه ـ؛

لأنه أوردها لا على أنها واقعة صحيحة، ولكن أوردها تحت عنوان "البلاغات" يعني أنه بلغه هذا الخبر مجرد بلاغ،

ومعروف أن البلاغات في مصطلح علماء الحديث: إنما هي مجرد أخبار وليست أحاديث صحيحة السند أو المتن(1).

وقد علق الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري(2) بقوله: "إن القائل بلغنا كذا هو الزهري، وعنه حكى البخاري هذا البلاغ،

وليس هذا البلاغ موصولاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الكرماني: وهذا هو الظاهر".

هذا هو الصواب، وحاشا أن يُقدم رسول الله ـ وهو إمام المؤمنين ـ على الانتحار، أو حتى على مجرد التفكير فيه.

وعلى كلٍ فإن محمداً صلى الله عليه وسلم كان بشراً من البشر ولم يكن ملكاً ولا مدعيًا للألوهية.

والجانب البشرى فيه يعتبر ميزة كان صلى الله عليه وسلم يعتني بها، وقد قال القرآن الكريم في ذلك:

ومن ثم فإذا أصابه بعض الحزن أو الإحساس بمشاعر ما نسميه - في علوم عصرنا - بالإحباط أو الضيق فهذا أمر عادى لا غبار عليه؛ لأنه من أعراض بشريته صلى الله عليه وسلم.

وحين فتر (تأخّر) الوحي بعد أن تعلق به الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذهب إلى المكان الذي كان ينزل عليه الوحي فيه يستشرف لقاء جبريل،

فهو محبّ للمكان الذي جمع بينه وبين حبيبه بشيء من بعض السكن والطمأنينة،

فماذا في ذلك أيها الظالمون دائماً لمحمد صلى الله عليه وسلم في كل ما يأتي وما يدع؟

وإذا كان أعداء محمد صلى الله عليه وسلم يستندون إلى الآية الكريمة: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً) (4).

فالآية لا تشير أبداً إلى معنى الانتحار، ولكنها تعبير أدبي عن حزن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بسبب صدود قومه عن الإسلام،

وإعراضهم عن الإيمان بالقرآن العظيم؛ فتصور كيف كان اهتمام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدعوة الناس إلى الله، وحرصه الشديد على إخراج الكافرين من الظلمات إلى النور.

وهذا خاطر طبيعي للنبي الإنسان البشر الذي يعلن القرآن على لسانه صلى الله عليه وسلم اعترافه واعتزازه بأنه بشر في قوله - رداً على ما طلبه منه بعض المشركين-

: (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً *

أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتى بالله والملائكة قبيلاً * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه).

فكان رده: (سبحان ربى) متعجباً مما طلبوه ومؤكداً أنه بشرٌ لا يملك تنفيذ مطلبهم: (هل كنت إلا بشراً رسولاً)(5).

أما قولهم على محمد صلى الله عليه وسلم أنه ليست له معجزة فهو قول يعبر عن الجهل والحمق جميعاً.

حيث ثبت في صحيح الأخبار معجزات حسية تمثل معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاءت الرسل بالمعجزات من عند ربها؛

منها نبع الماء من بين أصابعه، ومنها سماع حنين الجذع أمام الناس يوم الجمعة، ومنها تكثير الطعام حتى يكفي الجم الغفير،

وله معجزة دائمة هي معجزة الرسالة وهى القرآن الكريم الذي وعد الله بحفظه فَحُفِظَ، ووعد ببيانه؛ لذا يظهر بيانه في كل جيل بما يكتشفه الإنسان ويعرفه.

(1) انظر صحيح البخاري ج9 ص 38، طبعة التعاون.

(2) فتح الباري ج12 ص 376.

(3) الإسراء: 93.

(4) الشعراء: 3.

(5) الإسراء: 93
.
كتبت : || (أفنان) l|
-
نفع الله بك وبعلمك
طرح رآئع وقيم الله يجعله في موازين حسناتك




class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة :
قال (1/55):
((و جزع النبي صلى الله عليه و سلم بسبب ذلك جزعاً عظيماً حتى أنه كان يحاول – كما يروي الإمام البخاري – أن يتردى من شواهق الجبال)).

قلت: هذا العزو للبخاري خطأ فاحش، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري، و ليس كذلك،
وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي الذي ساقه الدكتور (1/51 – 53)
وهو عند البخاري في أول ((التعبير)) (12/297 – 304 فتح) من طريق معمر:

قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة … فساق الحديث إلى قوله: ((و فتر الوحي))
وزاد الزهري:
((حتى حزن النبي صلى الله عليه و سلم - فيما بلغنا – حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك،
فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك)).

و هكذا أخرجه بـهذه الزيادة أحمد (6/232 – 233) و أبو نعيم في ((الدلائل)) (ص 68 – 69) و البيهقي في ((الدلائل)) (1/393 – 395)
من طريق عبد الرزاق عن معمر به.

و من هذه الطريق أخرجه مسلم (1/98) لكنه لم يسق لفظه، و إنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب، و ليس فيه الزيادة، و كذلك أخرجه مسلم و أحمد (6/223) من طريق عقيل بن خالد: قال ابن شهاب به دون الزيادة، و كذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به.

قلت: و نستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين:
الأولى: تفرد معمر بـها دون يونس و عقيل، فهي شاذة.
الأخرى: أنـها مرسلة معضلة، فإن القائل: ((فيما بلغنا)) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق،
وبذلك جزم الحافظ في ((الفتح)) (12/302) و قال: ((و هو من بلاغات الزهري و ليس موصولاً))

قلت: وهذا مما غفل عنه الدكتور أوجهله، فظن أن كل حرف في ((صحيح البخاري)) هو على شرطه في الصحة!
ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه و المعلق!
كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه و الحديث المرسل الذي جاء فيه عرضاً كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة.

واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بـها، كما بينته في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) برقم (4858)
وأشرت إلى ذلك في التعليق على ((مختصري لصحيح البخاري)) (1/5) يسر الله تمام طبعه.

و إذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة فلنا الحق أن نقول إنـها زيادة منكرة من حيث المعنى؛ لأنه لا يليق بالنبي صلى الله عليه و سلم المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك
وهو القائل:
((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً))
أخرجه الشيخان و غيرهما، و قد خرجته في ((تخريج الحلال و الحرام)) برقم (447).

ولقد أشار الحافظ بن حجر الى طريقين ، إحداهما عزاها الى ابن مردويه من طريق محمد بن كثير ، عن معمر بإسقاط قوله : ( فيما بلغنا )،
والأخرى عن ابن عباس ، ولقد نبّه العلامة الألباني للطرق الأخرى وذلك بقوله فيما نقله الأخ الفاضل الدكتور هشام
( و اعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بـها، كما بينته في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) برقم (4858) ) .



رداً بقلم علي رضا يقول فيه :

((( أصل الحديث في ( صحيح البخاري ) - مع فتح الباري برقم ( 6982 ) ،
كتاب : التعبير ؛ باب : أول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة :
حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ؛ ح؛ وحدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ،
قال الزهري : فأخبرني عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : فذكرت حديثاً طويلاً فيه بيان كيفية نزول الوحي في بدايته على رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفيه قول الزهري رحمه الله :
( حتى حزن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال )

قال أخونا السائل من كلية الحديث : هل لبلاغ الزهري هذا ما يشهد له أو يقويه من الروايات ؟
فأجبت : بلاغ الزهري هذا حكمه الضعف سنداً ؛ لأنه سقط من إسناده اثنان على الأقل ، وبلاغات الزهري ليست بشيء كما هو الحال في مرسلاته ؛ فهي شبه الريح - أي لاأساس لها بمنزلة الريح لاتثبت -
فقد قال يحيى القطان : ( مرسل الزهري شر من مرسل غيره ؛ لأنه حافظ ، وكلما يقدر أن يسمي سمى ؛ وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه ! )
انظر ( شرح علل الترمذي ) لابن رجب 1 / 284

فإذا كان هذا حال المرسل ؛ فكيف يكون حال البلاغ ؟ أما رواية ابن مردوية التي ذكرها الحافظ في ( فتح الباري ) 12 / 359 - 360 ،
وأنها من طريق محمد بن كثير ، عن معمر بإسقاط قوله : ( فيما بلغنا ) فتصير الرواية كلها من الحديث الأصلي ؛ أقول :
هذه الرواية ضعيفة أيضاً لا يحتج بها ؛ لأن محمد بن كثير هذا هو المصيصي ، وهو كثير الغلط كما في ( التقريب ) 6291

وأما رواية ابن عباس رضي الله عنهما عند الطبري في ( التاريخ ) 2 / 300 - 302 ، والتي ذكرها ابن حجر في ( الفتح ) 12 / 361 ؛
فإنها واهية جداً بل موضوعة ، فالحمل فيها على محمد بن حميد الرازي ، وهو متهم بالكذب - بل كذبه صراحة بلديه أبو زرعة الرازي ،
وهو أعرف به من غيره - فلا قيمة لروايته أصلاً ؛
وقد روى ابن إسحاق في ( السيرة ) كما في ( سيرة ابن هشام ) 1 / 267 - 270 ؛ حديث ابن عباس هذا ، وليس فيه زيادة ابن حميد الكذاب.

والخلاصة :
لقد تبين لي بحمد الله تعالى أن رواية إقدامه عليه الصلاة والسلام على الانتحار من رؤوس الجبال ضعيفة سنداً ، باطلة متناً ؛
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أرفع قدراً ، وأجل مكانة ، وأكثر ثباتاً من أن يقدم على الانتحار بسبب فترة الوحي وانقطاعه عنه )))
... إنتهى كلام علي رضا .


قلت ( أي بلال ) : الرواية عن ابن عباس التي نقلها عن "الفتح" عزاها الشيخ علي رضا للطبري في تاريخه ، بينما التي في الفتح عزاها الحافظ لابن سعد في الطبقات ، وربما هو سهو من الشيخ علي رضا ، و راجعت الرواية في الطبقات لابن سعد فوجدتها
كما قال الحافظ ، وراجعت تاريخ تاريخ الطبري فلم أجد الرواية بنحو الإسناد الذي تحدث عنها الشيخ علي رضا ،
بل وجدتها من رواية محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ،
قال :
( فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فترة ، فخزن حزناً شديداً ، جعل يغدو إلى رءوس شواهق الجبال ليتردى منها .... الخ ) ،
والعلة هنا كالذي مرّ معنا سابقاً أن الزهري لم يسندها بل ارسلها ، فهي من بلاغاته .


وبقي الكلام على الرواية التي عند ابن سعد في الطبقات ، وهذا نص الرواية :

أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن بن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدو إلى ثبير مرة وإلى حراء مرة يريد أن يلقي نفسه منه فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامدا لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتا من السماء فوقف رسول الله
صلى الله عليه وسلم صعقا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه
يقول يا محمد أنت رسول الله حقا وأنا جبريل
قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه وربط جأشه ثم تتابع الوحي بعد وحمي .


قلت : هذه السند ضعيف جداً لأن فيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك .

قال البخاري : ( متروك ) .
قال ابن حجر : ( متروك مع سعة علمه ) .
قال الشافعي : ( كتب الواقدي كذب ) .
قال أحمد بن حنبل : ( كان الواقدي يقلب الأحاديث ) .
قال إسحاق بن راهويه : ( - هو - عندي ممن يضيع الحديث ) .
قال يحيى بن معين : ( لا يكتب حديث الواقدي ، الواقدي ليس بشيء ) .
قال أبو حاتم : ( متروك الحديث ) .
قال أبو زرعة : ( ضعيف ) .
قال ابن حبان : ( كان أحمد بن حنبل يكذبه ) .
قال علي بن المديني : ( الواقدي يضع الحديث ) .

والخلاصة أن هذا السند ضعيف جداً ، وبه يتبين ضعف هذه الزيادة ...

قد جاءت أسانيد أخرى فيها ذِكر حكاية محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار أثناء انقطاع الوحي بعدما جاءه أول مرة ،
وكلها أسانيد مردودة ، ما بين ضعيف وموضوع .
ومنها :
1. إسناد ابن مردويه :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
ووقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله " فيما بلغنا " ، ولفظه : "

... فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزناً غدا منه " إلى آخره ،
فصار كله مدرجا على رواية الزهري عن عروة ، عن عائشة والأول هو المعتمد .

" فتح الباري " ( 12 / 359 ، 360 ) .
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة :

ومعنى قول الحافظ " والأول هو المعتمد " أي : أن رواية الزهري فيها لفظ " فيما بلغنا " وليست هي موصولة .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله – معلِّقاً على ترجيح الحافظ - :

ويؤيده أمران :

الأول : أن محمد بن كثير هذا ضعيف ؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي - .

قال الحافظ :" صدوق كثير الغلط " ، وليس هو محمد بن كثير العبدي البصري ؛ فإنه ثقة .

والآخر : أنه مخالف لرواية عبد الرزاق حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله ، فجعلته من بلاغات الزهري ... .
فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة ، وثبت ضعفها .

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 453 ) .

2. إسناد ابن سعد :
قال محمد بن سعد :
أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياماً لا يرى جبريل فحزن حزناً شديداً حتى كان يغدو إلى " ثبير " مرة وإلى " حراء "
مرة يريد أن يلقي نفسه منه فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامداً لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتاً من السماء فوقف رسول الله
صلى الله عليه وسلم صعقا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه
يقول : " يا محمد أنت رسول الله حقّاً وأنا جبريل "
قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرَّ الله عينه وربط جأشه ثم تتابع الوحي بعد وحمي .

" الطبقات الكبرى " ( 1 / 196 ) .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

وهذا إسناد موضوع ؛ آفته : إما محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ فإنه متهم بالوضع ،

وقال الحافظ في " التقريب " : " متروك مع سعة علمه " ، وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.

وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى - واسمه : سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني - ،

وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد ؛ قال فيه الحافظ أيضاً : " متروك " ،

وحكى في " التهذيب " أقوال الأئمة الطاعنين فيه ، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه ،

ومنها قول الحربي :" رغب المحدثون عن حديثه ، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع ، ولكن الواقدي تالف " .

وقوله في الإسناد : " ابن أبي موسى " أظنه محرَّفاً من " ابن أبي يحيى " ،ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه ؛ فقد دلس بغير ذلك ،

قال عبد الغني بن سعيد المصري : " هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج ،
وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية ، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج " .

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 451 ) .

3. إسناد الطبري :

قال ابن جرير الطبري :
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير
وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي : حدِّثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم
من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام

فقال عبيد - وأنا حاضر يحدث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس - : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهراً ...

جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ فغتني حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلي بمثل ما صنع بي قال ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) إلى قوله ( علَّم الإنسان ما لم يعلم )

قال : فقرأته ، قال : ثم انتهى ثم انصرف عني وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتاباً ،

قال : ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إليَّ من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما

قال : قلت : إن الأبعد - يعني نفسه ! - لَشاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبداً لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحنَّ نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن ،

قال : فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتاً من السماء

يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل

قال : فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ... ) .

" تاريخ الطبري " ( 1 / 532 ، 533 ) .
ومتن هذه الرواية منكر مخالف للروايات الصحيحة ؛ ففي هذا المتن أن لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل كان في المنام لا يقظة !
ثم إن فيه قوله صلى الله عليه وسلم ( ماذا أقرأ ) ! وكلاهما باطل ، فاللقاء بين الرسولين كان يقظة ،
والذي قاله صلى الله عليه وسلم ( ما أنا بقارئ ) نفياً عن نفسه أن يكون قارئاً والرواية المنكرة تثبت أن ليس أمِّيّاً ! .


وأما إسناد الرواية : فقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به ، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات ؛
وفيه علل:
الأولى : الإرسال ؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيّاً ، وإنما هو من كبار التابعين ، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
الثانية : سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -
قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " .

قلت : ومع ذلك فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي
وهو راوي كتاب " السيرة " عن ابن إسحاق ، ومن طريقه رواه ابن هشام ، وقال فيه الحافظ :" صدوق ثبت في المغازي " .

وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في " السيرة " ( 1 / 252 ، 253 )
عنه عن ابن إسحاق به دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [ ] ، وفيها قصة الهمّ المنكرة .

فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي ، فتكون منكرة من جهة أخرى ؛ وهي مخالفته للبكائي ؛
فإنه دونه في ابن إسحاق ؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما .

ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب ؛ لنكارة معناها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم
فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك ، فقال ( 1 / 4 ) :
" . وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر وأشياء بعضها يشنع الحديث به " .
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية ؛ وهي :
الثالثة : ابن حميد - واسمه محمد الرازي - ؛ وهو ضعيف جدّاً ، كذَّبه جماعة من الأئمة ، منهم أبو زرعة الرازي .

وجملة القول : أن الحديث ضعيف إسناداً ، منكر متناً ، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل ،
وهو القائل - فيما صح عنه - : ( من تردى من جبل فقتل نفسه ؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً )
متفق عليه - " الترغيب " ( 3 / 205 ) - لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 455 – 457 ) .

قد ثبت بما تقدم ضعف الأسانيد التي رويت في محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار ، بل وبطلان بعضها ،

ولا يخفى أن متنها أيضاً باطل منكر ، وذلك من وجوه :
1. أن فترة انقطاع الوحي كانت لإزالة الخوف الذي جاء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه الوحي ، وأنها للاستعداد لما بعده ،
فكيف يلتقي هذا مع همِّه صلى الله عليه وسلم بالانتحار ؟! .

قال ابن طولون الصالحي – رحمه الله - :
الحكمة في فترة الوحي - والله أعلم - : ليذهب عنه ما كان يجده صلى الله عليه وسلم من الروع وليحصل له التشوق إلى العود .
" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " ( 2 / 272 ) .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك للحظة في كونه نبيّاً ، فقد ثبَّت الله تعالى قلبه بالوحي ، وما وجده من الرهبة من نزول الوحي أول مرة فيدل على بشريته ، وعلى شدة الوحي ، وقد كان يعاني صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عند نزول الوحي في بعض صوره .

والخلاصة :
لم تصح رواية همِّ النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بالانتحار لتأخر الوحي عليه أول أمر الرسالة ،
والزيادة التي في البخاري ليست على شرطه فلا تنسب للصحيح ، وقد أثبتها البخاري رحمه الله أنها من قول الزهري لا غيره ،
فهي بلاغ مقطوع الإسناد لا يصح ،
وقد ذكرنا للحديث روايات أخرى كلها يؤكد عدم صحة القصة لا سنداً ولا متناً .
والله أعلم.

كتبت : LOVELYWIFE
-
جزاك الله خيرا موضوع رائع
كتبت : سنبلة الخير .
-
جزاك الله خير الجزاء
سلمت يمنياك على طرحك المميز
اثابك الله اعالي الجنان
كتبت : حنين للجنان
-
جزاك الله خير الجزاء

ووفقك الله لما يحب ويرضا



كتبت : رسولي قدوتي
-






جزاكِ الله خيرا أختي الحبيبه

و نفع بكِ وبما تقدمين الإســـــــلام والمسلمين


بوركتي



لا عدمناكِ
الصفحات 1 2 

التالي

هل الصلاه تجوز بعد شرب البيبسي !!!!!!

السابق

:: الإجابات الْجَلِيَّة عن الشُّبُهات الرافضية :: للشيخ عبدالرحمن السحيم

كلمات ذات علاقة
محمد , لدائمة , الله , الرد , الشبهه , الإنتحار , النبي , صلى , على , عليه , وسلم