الحكمة في مشروعية الزكاة

مجتمع رجيم / الموضوعات الاسلامية المميزة .. لا للمنقول
كتبت : أم رائد
-

13878114505.gif
13854921793.gif

13878079141.gif


الحكمة في مشروعية الزكاة

الزكاة يؤديها المسلم امتثالا لأمر الله وطلبًا لمرضاته ورغبة في ثوابه وخوفًا من عقابه ومواساة لإخوانه المحتاجين من الفقراء والمساكين ونحوهم، فأداؤها من باب إعانة الضعيف وإغاثة اللهيف وإقدار العاجز وتقويته على أداء ما افترض الله عليه من التوحيد والعبادات.


والزكاة تطهر نفس المؤدي من أنجاس الذنوب وتزكي أخلاقه بتخلق الجود والكرم وترك الشح إذ أن النفوس مجبولة على محبة المال وإمساكه فتتعود السماحة وترتاض لأداء الأمانات وإيصال الحقوق إلى مستحقيها وقد تضمن ذلك كله قوله تعالى:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا } (التوبة/ 103).


وقد أنعم الله على الأغنياء وفضلهم بصنوف النعم وبالأموال الفاضلة عن الحوائج الأصلية وخصهم بها فيتمتعون. ويتنعمون بلذيذ العيش فأداء الزكاة من باب شكر نعمة المال فكان فرضًا


فالزكاة طهارة لنفس الغني من الشح البغيض تلك الآفة النفسية الخطرة التي قد تدفع من اتصف بها إلى الدم فيسفكه أو العرض فيبذله أو الوطن فيبيعه ولن يفلح فرد أو مجتمع سيطر عليه الشح قال تعالى { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (سورة الحشر 9) (وسورة التغابن 16).


وقال صلى الله عليه وسلم : «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» رواه مسلم .


والزكاة في الجانب الآخر طهارة لنفس الفقير من الحسد والحقد على ذلك الغني الكانز لمال الله عن عباد الله الذي { جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } (سورة الهمزة 2 – 3).
ومن شأن الإحسان أن يستميل قلب الإنسان وقد جبلت القلوب على محبة من أحسن إليها. وبغض من أساء إليها.


والزكاة طهارة للمجتمع كله أغنيائه وفقرائه من عوامل الهدم والتفرقة والصراع والفتن ثم هي طهارة للمال فإن تعلق حق الفقير بالمال جعله ملوثًا لا يطهر إلا بإخراجه منه.


ثم هي نماء لشخصية الغني وكيانه لمعنوي فإن الإِنسان الذي يسدي الخير ويصنع المعروف ويبذل من ذات نفسه ويده لينهض بإخوانه في الدين والإنسانية وليقوم بحق الله عليه يشعر بامتداد في نفسه وانشراح واتساع في صدره ويحس بما يحس به من انتصر في معركة وهو فعلا قد انتصر على نفسه.


13878114502.gif



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما همَّ بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها. قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعه هكذا في جيبه فلو رأيته يوسعها ولا تتوسع رواه البخاري ومسلم


( قوله «وتراقيهما» جمع ترقوة: وهو: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق «انبسطت عنه» أي انتشرت عنه الجبة، «تغشى» تغطي، «وتعفو أثره» أي أثر مشيه لسبوغها. «قلصت» أي: تأخرت وانضمت وارتفعت، «وأخذت كل حلقة بمكانها» أي من الجبة «يقول بإصبعه» فيه التعبير بالقول عن الفعل «فلو رأيته يوسعها ولا تتوسع» أي لتعجبت. اهـ. من تعليق محمد فؤاد عبد الباقي على اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان.. ).


والزكاة أيضًا نماء لشخصية الفقير حيث يحس أنه ليس ضائعًا في المجتمع ولا متروكا لضعفه وفقره حتى يوديا به ويعجلا بهلاكه كلا إن مجتمعه المسلم ليعمل على إقالة عثرته وحمل أثقاله عنه فيمد له يد المعونة بكل ما يستطيع


والزكاة بعد ذلك نماء للمال وبركة فيه فإن هذا الجزء القليل الذي يدفعه يعود عليه أضعافه في الدنيا بالبركة والخلف العاجل وفي الآخرة بالثواب العظيم قال الله تعالى { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }. (سورة سبأ 39).


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى «يا ابن آدم أنفق أنفق عليك». رواه البخاري ومسلم
والجزاء من جنس العمل...


وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من ماله» رواه مسلم


وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا مكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًاخلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا» رواه البخاري ومسلم.


ودعاء الملائكة مستجاب وقال صلى الله عليه وسلم «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل» رواه البخاري ومسلم.




13878114502.gif

والزكاة بعد ذلك وسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي الذي جاء به الإِسلام فإن الإسلام يأبى أن يوجد في مجتمعه من لا يجد القوت الذي يكفيه، والثوب الذي يزينه ويستره ويواريه والمسكن الذي يؤويه فهذه ضروريات وحقوق يجب أن تتوفر لكل من يعيش في ظل الإسلام والمسلم مطالب بأن يحقق هذه الضرورات من جهده وكسبه فإن لم يستطع فالمجتمع المسلم يكفله ويضمنه ولا يدعه فريسة الجوع والعري والمسكنة هكذا علم الإِسلام المسلمين في أن يكونوا كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا.



عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» وشبك بين أصابعه – وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». رواهما البخاري ومسلم.




والزكاة مورد أساسي لهذه الكفالة الاجتماعية المعيشية التي فرضها الإِسلام للعاجزين والمحرومين.


فللزكاة حكم كثيرة وآثار واضحة في المال والفرد المزكى والمجتمع الإِسلامي. أما في المال فإنها تطهره وتزيده بركة وتحفظه من الآفات ويمنع الله عنه أسباب التلف والضياع بسببها.



وفي الحديث «ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة» رواه الطبراني في الأوسط.


وأما بالنسبة للفرد فإن الله يغفر ذنبه ويرفع درجاته ويضاعف حسناته ويشفيه من أمراض البخل والشح والطمع والأنانية والاستئثار قال صلى الله عليه وسلم - و «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» رواه الترمذي من حديث معاذ بن جبل وقال: حديث حسن صحيح



وأما بالنسبة للمجتمع فإن الزكاة تعالج جانبًا خطيرًا منه خصوصًا إذا عرفنا مصارف الزكاة وأدركنا أن الله تعالى سدَّ بهذه الزكاة جوانب عديدة في المجتمع الإِسلامي، فالفقراء والمساكين الذين لا يجدون ما يسد حاجتهم واليتيم الذي لا مال له ولا أهل ينفقون عليه والمديون الذي أعضلته الديون ولا سداد عنده والمسافر المنقطع الذي ليس معه ما يوصله إلى بلده كل هؤلاء ينظرون إلى أموال الأغنياء بنفوس حاقدة إذا لم يعطهم الأغنياء حقهم، أما حين توزع الزكاة على مستحقيها ويستغني الفقير والمسكين والمحروم وذو الحاجة فإن هؤلاء تصعد إلى دعواتهم من أجل هؤلاء الأغنياء الكرماء وقد قنعت نفوسهم ورضيت وطهرت قلوبهم من الحقد والحسد وصاروا عونًا للمجتمع الذي يرعاهم ويكفلهم



وقد قال الله تعالى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (سورة التوبة 103).



وقوله تعالى: { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } أي أدع لهم، وقد امتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر فكان يدعو لمن أتاه بالصدقة. عن عبد الله ابن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال «اللهم صل على آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى» رواه البخاري ومسلم.




13878114502.gif

ومن هنا استحب الدعاء عند دفع الزكاة من الآخذ والمعطي فيقول دافعها: الله اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا ويحمد الله على التوفيق لأدائها لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًتا ولا تجعلها مغرمًا» أخرجه ابن ماجه..


ويقول آخذها: آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورًا لما تقدم من الآية والحديث


قال ابن القيم رحمه الله تعالى في (زاد المعاد): وكان هديه صلى الله عليه وسلم في الزكاة أكمل هدي في وقتها وقدرها ونصابها ومن تجب عليه ومصرفها قد راعى فيها مصلحة أرباب الأموال ومصلحة المساكين وجعلها الله سبحانه وتعالى طهرة للمال ولصاحبه وقيَّد النعمة بها على الأغنياء فما زالت النعمة بالمال على من أدى زكاته بل يحفظه الله عليه وينميه له ويدفع عنه بها الآفات ويجعلها سورًا عليه وحصنًا له وحارسًا له.


فاقتضت حكمته أن جعل في الأموال قدرًا يحتمل المواساة ولا يجحف بها ويكفي المساكين ولا يحتاجون معه إلى شيء ففرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء فوقع الظلم من الطائفتين: الغني يمنع ما وجب عليه، والآخذ يأخذ ما لا يستحقه فتولد من بين الطائفتين ضرر عظيم على المساكين وفاقة شديدة أوجبت لهم أنواع الحيل والإلحاف في المسألة.


ففي مشروعية الزكاة ابتلاء مدعي محبة الله تعالى بإخراج محبوبه والتنزه عن صفة البخل المهلك وشكره نعمة المال


إنه بهذا النظام المالي في الإسلام وبهذه الفكرة الإِسلامية في ملكية الأموال والإنفاق منها في وجوه الخير يتحاب المؤمنون ويقوى بينهم شعور بالتكافل الاجتماعي والتضامن الإِسلامي الذي يحفظ لكل فرد من أفراد المجتمع الإِسلامي حقه في العمل والرزق الذي يجعله يحيا حياة إنسانية كريمة.

ومن هنا نستطيع أن نؤكد أن المسلمين لو عملوا بما شرعه الله من تحصيل فريضة الزكاة وإعطائها لمستحقيها لما بقي محتاج يمد يديه للسؤال
فالزكاة من أعظم شعائر الدين وأكبر براهين الإِيمان

فإنه صلى الله عليه وسلم قال «والصدقة برهان» رواه مسلم
أي دليل على إيمان صاحبها ودينه فمتى وضعت الزكاة في محلها اندفعت الحاجات والضرورات واستغنى الفقراء أو خف فقرهم وقامت المصالح الخاصة والعامة فلو أن الأغنياء أخرجوا زكاة أموالهم ووضعت في محلها لقامت المصالح الدينية والدنيوية وزالت الضرورات واندفعت شرور الفقراء وكان ذلك أعظم حاجز وسد يمنع عبث المفسدين ولهذا كانت الزكاة من أعظم محاسن الإِسلام لما اشتملت عليه من جلب المنافع ودفع المضار


مقتطفات من كتاب / مصارف الزكاة
تأليف /
عبدالله بن جار الله الجار الله

13878114502.gif




كتبت : Hayat Rjeem
-
جزاكِ الله خيرا وجعله فى موازين حسناتك ونفع بك
موضوع قيم تسلمى يالغلا
تقبلى مرورى وتقييمى
كتبت : * أم أحمد *
-
أختي عبق الزهر
بارك الله بكِ
وتقبلي ودي ومروري

كتبت : أم رائد
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة 3een el7yat:
جزاكِ الله خيرا وجعله فى موازين حسناتك ونفع بك
موضوع قيم تسلمى يالغلا
تقبلى مرورى وتقييمى
ما أعذب مرورك الجميل
شكرا من القلب لمرورك الرائع كروعة روحك
لك أرق التحايا واعذبها ودمت بكل خير وحب
دمت بحفظ الرحمن
كتبت : أم رائد
-
class="quote">اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة * أم أحمد *:
أختي عبق الزهر
بارك الله بكِ
وتقبلي ودي ومروري

اميرة الحضور
اشكركِ من قلبي على هذا التواجد العطر
وهذه النسمات الرائعة
دمتِ بحفظ الرحمن
كتبت : || (أفنان) l|
-
عزيزتي
جزاك الله خير الجزاء وبارك فيك
وأفاض عليك من نعمه ظاهرة وباطنة
وأسأل الله باسمه العظيم الأعظم أن ينير بصرك و بصيرتك بنور اليقين
وأن يجعله فى ميزان حسناتك

الصفحات 1 2  3 

التالي

فعل الزكاة من صفات المؤمنين المفلحين

السابق

فضائل الزكاة

كلمات ذات علاقة
مشروعية , الحكمة , الزكاة