رمضان هبة الرحمن لأهل الإيمان

مجتمع رجيم / رمضان
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
رمضان هبة الرحمن لأهل الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)). (1)
وفي رواية: (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)). (2)
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما -: " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء"..
وعن الشعبي قال: " قال عمر ليس الصيام من الطعام والشراب وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو والحلف".
عن جعفر قال: " سمعت ميموناً يقول إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب".
عن الشعبي عن علي: " أن الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب والباطل واللغو".
عن مجاهد قال: " خصلتان من حفطهما سلم له صومه الغيبة والكذب". (3)
قول العلامة ابن باز - رحمه الله -: " وفي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة:
منها: تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الخلاق السيئة والصفات الذميمة، كالأشر والبطر والبخل، وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه. (4)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)). (5)
يقول فضيلة العلامة ابن باز - رحمه الله -: " فبين النبي - عليه الصلاة والسلام - أن الصوم وجاء للصائم، ووسيلة لطهارته وعفافه، وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والصوم يضيق تلك المجاري ويذكر بالله وعظمته، فيضعف سلطان الشيطان ويقوى سلطان الإيمان وتكثر بسببه الطاعات من المؤمنين، وتقل به المعاصي". (6)
وَعَنْ عُثْمَانَ بن أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (( الصِّيَامُ جُنَّةٌ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ)). (7)
استجابة الله - تعالى- لدعاء عبده الصائم:
قال - تعالى-: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة: 185-186.
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ)). (8)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ شَكَّ يَعْنِي الْأَعْمَشَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ)). (9)
وعنه - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم)). (10)
صلاة الله - تعالى- وملائكته - عليهم السلام - على العبد المسلم حين سحوره:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)). (11)
فرحة المسلم بصيامه في الدنيا والآخرة:
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِين يَلْقَى رَبَّهُ...)) "الحديث(12)
أيها المسلمون: إنكم في شهر عظيم مبارك ألا وهو شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه - سبحانه - على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطايات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس بصيامه، وأخبر - عليه الصلاة والسلام - أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حًرم، فعظموه رحمكم الله بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والسيئات، واجتهدوا في التناصح بينكم، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى كل خير؛ لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم.
ومن فوائد الصوم أيضًا: أنه يطهر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة، اعترف بذلك الكثير من الأطباء، وعالجوا به كثيرًا من الأمراض. (13)
اعتكاف العشر الأواخر من رمضان:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ ازْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ". (14)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. (15)
وعن عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ". (16)
وعنها - رضي الله عنها - قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. (17)
فضل من صام رمضان وأتبعه ستة أيام من شوال:
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)). (18)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (( صِيَامٌ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سَتَّةِ أيَّامِ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ، فَذلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ)). (19)
وعن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لا يقولن أحدكم: إني صمت رمضان كله وقمته)) قال: لا أدري أكره التزكية أم قال: لا بد من رقدة أو غفلة. (20)
التحذير من الإساءة في رمضان:
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ" قَالَ رِبْعِيٌّ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ قَالَ: " أَوْ أَحَدُهُمَا)). (21)
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذ بضبعي فأتيا بي جبلا فقالا لي: اصعد فقلت إني لا أطيق فقالا: إنا سنسهله لك فصعدت حتى كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذه هو عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما فقلت: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء يفطرون قبل تحلة صومهم)). (22)
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ)). (23)
واحذروا رحمكم الله كل ما يجرح الصوم، وينقص الأجر، ويغضب الرب - عز وجل -، من سائر المعاصي، كالربا، والزنا، والسرقة، وقتل النفس بغير حق، وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم في النفس والمال والعرض، والغش في المعاملات، والخيانة للأمانات، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والشحناء، والتهاجر في غير حق الله - سبحانه-، وشرب المسكرات، وأنواع المخدرات كالقات، والدخان، والغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والدعاوى الباطلة، والأيمان الكاذبة، وحلق اللحى، وتقصيرها، وإطالة الشوارب، والتكبر، وإسبال الملابس، واستماع الأغاني وآلات الملاهي، وتبرج النساء، وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وهذه المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريمًا، وأعظم إثمًا لفضل الزمان وحرمته.
فاتقوا الله أيها المسلمون -، واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله، واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره، وتواصوا بذلك، وتعاونوا عليه، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة، والله المسئول أن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من أسباب غضبه وأن يتقبل منا جميعًا صيامنا وقيامنا، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين، وأن ينصر بهم دينه، ويخذل بهم أعداه، وأن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه، والحكم به والتحاكم إليه في كل شيء، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (24)
ــــــــــــــــــــ
(1)البخاري(1903)، وأبو داود(2362)، والترمذي(707).
(2)البخاري(6057)، وأحمد(9838)، وابن ماجة(1689).
(3)ذكره ابن أبي شيبة في "مصنفه" (8981
(4) "الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة-ابن باز - رحمه الله -.
(5)البخاري(1905)، مسلم(1400)، وأحمد(3592)، وأبوداود(2046).
(6) "الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة-ابن باز - رحمه الله -.
(7)صحيح: رواه أحمد(15839، 15844)، والنسائي(2230، وابن ماجة(1639)
، وصححه الألباني، وابن حبان(3649)، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(8)البخاري(1899).
(9)رواه أحمد(7443)تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في"صحيح الجامع"(2169).
(10)صحيح: رواه البيهقي في"شعب الإيمان"(3594، 7463)، وانظر"صحيح الجامع"(3030)، و"(3032)عن أنس - رضي الله عنه -.
(11) رواه الطبراني في الأوسط، وابن حبان في "صحيحه"(3467) قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، وحسنه الألباني في" الصحيحة"(1654، 3409)، و"صحيح الترغيب"(1066)، و" مشكاة المصابيح "(1960).
(12)البخاري(1894، 1904، 5927)، ومسلم(1151)، وأحمد(7154، 7441). وأبوداود(2363)، والنسائي (2213، 2214)، والترمذي(776)، وابن ماجة(1638، 1691).
(13)"الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة-ابن باز - رحمه الله -.
(14) البخاري(2026)مسلم(1172)
(15)البخاري(2025).
(16)مسلم(1175)، وأحمد(24572)، والترمذي(796).
(17)البخاري(2024)، ومسلم(1174)، وأبو داود(1376)، والنسائي(1639)
(18) مسلم [1164]، أبو داود [2433]، تعليق الألباني "صحيح"، أحمد [23607]، تعليق شعيب الأرنؤوط "حديث صحيح. "
(19)صحيح: رواه أحمد، والنسائي، وابن حبان، وصححه الألباني في" صحيح الجامع" (3851).
(20)رواه ابن حبان في "صحيحه "(3439)قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(21)حسن صحيح: رواه أحمد في "المسند"(7444) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد حسن
، والترمذي(3545) قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
(22) رواه الحاكم في "المستدرك"(1568)، والنسائي في"الكبرى"(3286)، وابن حبان في"صحيحه"(7491)، وابن خزيمة في"صحيحه"(1986) قال الأعظمي: إسناده صحيح، وصححه الألباني في"صحيح الترغيب"(1005، 2393)، و"السلسلة الصحيحة"(3951).
(23) حسن صحيح: رواه أحمد(9683) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن، وابن ماجة(1690)، قال الشيخ الألباني: حسن صحيح، والدارمي(2720)، وابن خزيمة(1997)، والحاكم في"المستدرك"(1571).
(24)"الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة-ابن باز - رحمه الله -.

كاتبه صلاح عامر

فضلاً للموضوع تكملة


كتبت : ~ عبير الزهور ~
-
رمضان شهر نزول القرآن إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، وأشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
قال - تعالى -: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].
ولقوله - تعالى -: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[القدر: 1-5].
وقوله - تعالى -: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)[الدخان: 1-3].
فالحمد لله -تعالى- الذي اصطفانا بالإسلامِ، لقوله - تعالى - عن وصيةِ إبراهيمَ ويعقوبَ عليهما الصلاة والسلام؛ كُلٌّ مِنْهُمَا لبنيه: (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[البقرة: 132].
واصطفانا - سبحانه وتعالى - لمتابعة خير الأنام رسوله محمد صلى الله عليه ةسلم الذي بعثه الله إلى جميع خلقه بوحيه القرآن والسنة، لقوله - تعالى -: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)[البقرة: 151-152].
واصطفانا الله - تعالى - بالقرآن الكريم الذي جعله الله مهيمنًا على كل الكتب التي قبله، لقوله - تعالى -: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ)[فاطر: 32-35].
ولقوله - تعالى -: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)[المائدة: 48].
وهو المعجزةُ الخالدةُ عبرَ العصورِ والأزمانِ، فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ))[1].
ودعا الله - تعالى - به جميعَ خلقه من مؤمنين وكفار ليهتدوا به من ظلماتِ الشركِ والأهواءِ إلى نورِ التوحيدِ، والفرائضِ، وكافةِ الطاعاتِ، لقوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).
ولقوله - تعالى -: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
ويقول الإمامُ ابنُ كثيرٍ –رحمه الله - في تفسيره: "هذا مثل ضربه الله - تعالى - للمؤمنِ الذي كان ميتًا، أي: في الضلالة، هالكًا حائرًا، فأحياه الله، أي: أحيا قلبه بالإيمان، وهداه له ووفقه لاتباع رسله.
(وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) أي: يهتدي كيف يسلك، وكيف يتصرف به.
والنور هو: القرآن، كما رواه العَوْفي وابن أبي طلحة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وقال السُّدِّي: الإسلام. والكل صحيح. وقال - تعالى -: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[الزمر: 22-23].
ولقوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)[النساء: 184].
وقوله - تعالى - لأهل الكتاب ولعموم الكفار: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[المائدة: 15-16].
وكذلك دعا به وإليه رسول الله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)[الشورى: 7].
وهو الكتاب الذي هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا هداية لنا إلا بما هدى الله - تعالى - به رسولَه، فعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ حِينَ بَايَعَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ وَاسْتَوَى عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَكُمْ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا، وَإِنَّمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ[2].
ولقوله: "كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، مَنْ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ) [3].
وقوله: (كِتَابُ الله هُوَ حَبْلُ الله المَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ)[4].
والقرآنُ الكريمُ من أهمِّ أسبابِ معافاةِ القلبِ من شرورِ الشهواتِ والشبهاتِ التي تعصفُ بقلوبِ ضعافِ الإيمانِ من أمثالِنا، لقولِه – تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[يونس: 57].
وقوله - تعالى -: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[فصلت: 44].
قال ابنُ القيمِّ: "جماعُ أمراضِِ القلبِ الشبهاتُ والشهواتُ، والقرآنُ شفاءٌ لهما، ففيه من البينات والبراهين القاطعة والدلالة على المطالب العالية ما لم يتضمنه كتاب سواه، فهو الشفاء بالحقيقة، لكن ذلك موقوف على فهمه وتقريره المراد فيه. ومن ثمرات وفضل كتاب الله - تعالى - ما يَحُثُّنَا جميعًا بأن نعتني بالقيام بحقه علينا حق قيام: من تَعَلُّمِهِ، وتعليمِه، وتلاوته، والعمل به، والدعوة، والتحاكم إليه، والنصيحة له، وذلك مما لا أحصي سرده في هذه المقدمة إلا على سبيل الإشارة إلى ذلك، لقوله - تعالى -: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)[الأعراف: 170].
وقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)[فاطر: 29-30].
وَعن عُثْمَانَ: عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرآنَ وَعَلَّمَهُ)[5].
وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرآنَ وَعَلَّمَهُ) [6].
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: ((إِنَّ للهِ أَهْلِينَ[2] مِنَ النَّاسِ)) قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: ((هُمْ أَهْلُ الْقُرآنِ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَتُهُ))[7].
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ فَلْيَقْرَأ فِي الْمُصْحَفِ))[8].
وَعنه قال: لا يسأل أحدٌ عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحبُّ القرآنَ، فإنه يحب اللهَ ورسولَه". (9) وعن فروة بن نوفل الأشجعي، قال: كنت جارا لخباب بن الأرَتِّ رضى الله عنه فقال: يا هناه! تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، فإنَك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامِه[10].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ الْقُرْآنَ فَلْيُبْشِرْ[11].
وَعَنْهً قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَة، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ ألم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيْمٌ حَرْفٌ"[12].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ - عز وجل -: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ وَكَانَ اللَّهُ - عز وجل - يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضَهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ، فَقَالَ اللَّهُ - عز وجل -: (وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاَ)[13].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ، فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يُنْزِلُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلا[14].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[القدر: 1]، قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً حَتَّى وُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَنَزَّلَهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِجَوَابِ كَلامِ الْعِبَادِ، وَأَعْمَالِهِمْ[15].
وَعَنْه - رضي الله عنهما - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ[16] وأسأل الله -تعالى- أن يجعله سببًا في هدايتنا وأن يوفقنا للاعتناء بكتابه - جل وعلا - بالمزيد من الجهد والوقت والمال، حتى يكون لنا ولكل المسلمين منهجَ حياةَ لسلوكِ صراطِهِ المستقيمِ، والوقوف جميعًا متكاتفين للتمسك به لكي نكون حائطَ صَدٍّ منيعًا لنقطع الطريق على المغرضين من الكافرين والمنافقين وأهل الأهواء، لكي يُحال بينهم وبين أن يعزلوه عن الأمة، أو يعزلوا الأمة عنه، مصداقًا لقوله - تعالى -: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103].
ولقوله - تعالى -: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[الأنعام: 26].
__________________________________________________ __
[1] البخاري(4981، 7274)، ومسلم(152).
[2] البخاري(7269).
[3] مسلم(2408) عن زيد بن أرقم.
[4] صحيح: رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، عن أبي سعيد?، وصححه الألباني في"صحيح الجامع" (4473).
[5] البخاري (5027).
[6] البخاري (5028)، وابن ماجة(212) وقال الألباني: حسن صحيح. أهلين: بكسر اللام جمع أهل، وإنما يجمع تنبيهًا على كثرتهم.
[7] صحيح: رواه ابن ماجه (215) وصححه الألباني.
[8] حسن: رواه أبو نُعيم في"حلية الأولياء" (7 / 209) وحسنه الألباني في" صحيح الجامع" (6289)، و" الصحيحة" (2342).
[9] " فضائل القرآن للقزويني (6).
[10] صحيح: "الإبانة "لابن بطة(2033، 2034) والأسماء والصفات للبيهقي (498) والرد على الجهمية" للدارمي (159).
[11] صحيح: سنن الدارمى (3386) والتفسير من سنن سعيد بن منصور(3) وأمالي ابن سمعون (171) وحلية الأولياء (3 / 284/ 296).
[12] صحيح: رواه الترمذي (2910) وصححه الألباني في" الصحيحة" (3327).
[13] رواه الحاكم في" المستدرك"(2878، 3959) وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما و لم يخرجاه، وعلق عليه الذهبي في "التلخيص"فقال: على شرط البخاري ومسلم، والنسائي في " الكبرى (7989، 7990)، والبيهقي في" شعب الإيمان"(2249).
[14] رواه الحاكم في"المستدرك"(2881، 4216) هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه تعليق الذهبي قي التلخيص: صحيح، والطبراني في "المجمع الكبير" (12381)، والنسائي في "الكبرى"(7991)، وابن أبي شيبة" في" مصنفه"(4، )3019).
[15] رواه الطبراني في"المعجم الكبير"(12213).
[16] البخاري(1803) واللفظ له، ومسلم(2308).



فضلاً للموضوع تكملة

كتبت : سناء مصطفى
-
جزاك الله خير الجزاء اختي
وجعله في ميزان حسناتك
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

من الأعمال الصالحة في شهر رمضان وبيان ثوابها

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -
المسارعة بالتوبة إلى الله - تعالى -: لقوله - تعالى -: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور: 31].
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً))[1].
وفي رواية: ((إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ))[2].
حب الله - تعالى - وفرحه لتوبة عبده: لقوله - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222].
عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ؛مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ))[3].
وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا))[4].
والحفاظ على الصلاة في جماعة: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِى الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا))[5].
وعنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا))[6].
وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- : "كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلاثًا، وَلِلثَّانِي مَرَّةً"[7].
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَخَلَّلُ الصُّفُوفَ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ، يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا وَصُدُورَنَا، وَيَقُولُ: ((لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْمُتَقَدِّمَةِ)).
وفي رواية: "كَانَ النَّبِيُّ يَمْسَحُ صُدُورَنَا فِي الصَّلاَةِ، مِنْ هَا هُنَا إِلَى هَا هُنَا، فَيَقُولُ: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، لاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، أَوْ قَالَ: الصُّفُوفِ))[8].
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَي الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا)) قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أي؟، قَالَ: ((بِرُّ الْوَالِدَيْنِ)) قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أي؟، قَالَ: ((الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))[9].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ)) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ! قَالَ: ((إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ))[10].
وعَنْه عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ))[11].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوَ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ))[12].
الحفاظ على الترديد خلف المؤذن والدعاء بعده: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [13].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ))[14].
ولقوله: ((الدُّعاءُ بَيْنَ الأَذانِ والإِقامَةِ مُسْتَجابٌ، فادْعُوا)) [15].
ولقوله: ((الدُّعاءُ مُسْتَجابٌ بيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ)) [16].
ولقوله: ((الدُّعَاءُ لا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ)) [17].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا)) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ)) [18].
المكث في المسجد بعد صلاة الفجر إلى بعد طلوع الشمس: عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا[19].
وعن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ)) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ))[20].
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((لَأَنْ أَقْعُدَ أَذْكُرُ اللَّهَ وَأُكَبِّرُهُ وَأَحْمَدُهُ وَأُسَبِّحُهُ وَأُهَلِّلُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَمِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ))[21].
الحفاظ على السنن الرواتب وغيرها للصلوات الخمس وبيان فضلها: عدد السنن الرواتب: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَع رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ))[22].
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَطَوُّعِهِ؟
فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّى فِى بَيْتِى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّى بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِى فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ،...".

وَكَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّى لَيْلاً طَوِيلاً قَائِمًا، وَلَيْلاً طَوِيلاً قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ[23].
وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ"[24].
وعنها - رضي الله عنها -: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، صَلَّاهُنَّ بَعْدَهُ[25].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: ((إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ))[26].
استحباب ركعتي بعد المغرب في البيت: عنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ نَاسٌ يَتَنَفَّلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ)) [27].
فضل ركعتا الفجر: عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))[28].
وفي رواية: ((لَهُمَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا)).
وَعَنْ بِلاَلٍ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِيُؤْذِنَهُ بِصَلاَةِ الْغَدَاةِ، فَشَغَلَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - بِلاَلاً بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ، حَتَّى فَضَحَهُ الصُّبْحُ فَأَصْبَحَ جِدًّا، قَالَ: فَقَامَ بِلاَلٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاَةِ، وَتَابَعَ أَذَانَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا خَرَجَ صَلَّى بِالنَّاسِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ شَغَلَتْهُ بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى أَصْبَحَ جِدًّا، وَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ فَقَالَ: ((إِنِّي كُنْتُ رَكَعْتُ رَكْعَتَىِ الْفَجْرِ)) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ! إِنَّكَ أَصْبَحْتَ جِدًّا.
قَالَ: ((لَوْ أَصْبَحْتُ أَكْثَرَ مِمَّا أَصْبَحْتُ، لَرَكَعْتُهُمَا، وَأَحْسَنْتُهُمَا، وَأَجْمَلْتُهُمَا))[29].

وَعَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لاَ يُصَلِّى إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ[30].
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ[31].
وفي رواية: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَسْرَعَ مِنْهُ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ.
النافلة لصلاة الجمعة: صلاة أربع ركعات في المسجد أو ركعتين في المنزل: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا))[32].
وقي رواية عند مسلم وأحمد: زَادَ عَمْرٌو فِي رِوَايَتِهِ قَالَ: ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ سُهَيْلٌ: فَإِنْ عَجِلَ بِكَ شَيءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكْعَتَيْنِ إِذَا رَجَعْتَ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصْنَعُ ذَلِكَ[33].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ -: ((مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا)) وَتَمَّ حَدِيثُهُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: ((إِذَا صَلَّيْتُمُ الْجُمُعَةَ فَصَلُّوا بَعْدَهَا أَرْبَعًا)) قَالَ: فَقَالَ لِي أَبِى: يَا بُنَي فَإِنْ صَلَّيْتَ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ أَوِ الْبَيْتَ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ"[34].
من السنن غير الرواتب: ركعتين بعد الظهر غير ركعتي السنة الراتبة: عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرُمَ عَلَى النَّارِ))[35].
صلاة ما قبل العصر والمغرب والعشاء: أربع ركعات قبل العصر: عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ[36].
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ((رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا))[37].
ركعتين ما قبل المغرب: فإنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصليهما، وصح عنه أقر أصحابه عليهما، وكان يراهم يصلونهما، فلم يأمرهم ولم ينهاهم، وهذا هو الصواب في هاتين الركعتين، أنهما مستحبتان مندوب إليهما، وليستا بسنة راتبة كسائر السنن الرواتب. وعن عبد الله المزني، عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: ((لِمَنْ شَاءَ)) كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً))[38].
وَعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ الْمُؤذِّنُ إِذَا أَذَّنَ، قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ كَذلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ شَيْءٌ[39].
وعن يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيَّ قَالَ: أَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ، فَقُلْتُ: أَلَا أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ عُقْبَةُ: إِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قُلْتُ: فَمَا يَمْنَعُكَ الْآنَ؟ قَالَ: الشُّغْلُ[40].
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ، لِمَنْ شَاءَ))[41].
وهذا يشمل ما قبل صلاة العصر والمغرب والعشاء فإن هؤلاء الصلوات ليس لهم سنة راتبة قبلية. صلاة الضحى وبيان أقلها وأوسطها وأكثرها وفضلها: ركعتين بعد المكث في المسجد من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس: عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ))[42].
وَعن أَنَس بْن سِيرِينَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ وَكَانَ رَجُلًا ضَخْمًا فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا وَنَضَحَ طَرَفَ الْحَصِيرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الْجَارُودِ لِأَنَسٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ. مَا رَأَيْتُهُ صَلَّاهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ[43].
صلاة الضحى ليس لها حد معين: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ[44].
وعن أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَتيت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى غُسْلِهِ فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ، ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى[45].
وَعَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِىِّ: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلاَةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ))[46].
لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يُحَافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى إِلا أَوَّابٌ))[47].
وعنه - رضي الله عنه -، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثاً، فأعظموا الغنيمة، وأسرعوا الكرة، فقال رجل: يا رسول الله! ما رأينا بعثا قط أسرع كرة، ولا أعظم غنيمة من هذا البعث.
فقال: ((ألا أخبركم بأسرع كرة منهم، وأعظم غنيمة، رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة، ثم عقب بصلاة الضحى، فقد أسرع الكرة، وأعظم الغنيمة))[48].

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا، كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ))[49].
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى))[50].
وعن عائشة - رضي الله عنها -: أنها كانت تصلى الضحى ثمان ركعات، ثم تقول: لو نُشر لي أبواي ما تركتُها[51].
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثٍ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ[52].
وفي رواية عند أحمد: "وَبِصَلَاةِ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ".
وَعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي- صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ، بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ[53].
العمرة في رمضان وبيان أنها أجر حجة:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سِنَانٍ: ((مَا مَنَعَكِ أَنْ تَكُونِي حَجَجْتِ مَعَنَا)) قَالَتْ: نَاضِحَانِ كَانَا لِأَبِي فُلَانٍ زَوْجِهَا حَجَّ هُوَ وَابْنُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَكَانَ الْآخَرُ يَسْقِي عَلَيْهِ غُلَامُنَا. قَالَ: ((فَعُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ، تَقْضِي حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي))[54].

رمضان شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر: لقوله - تعالى -: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[القدر: 1-5].
لقوله - تعالى -: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الدخان: 1-6].
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا، أُرَاهُ قَالَ: إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ))[55].
وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))[56]
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهَا: يُجَاوِرُ يَعْنِي يَعْتَكِفُ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَلَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، وَآخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ " قَالَ أَبُو عِيسَى قَالَ الشَّافِعِيُّ كَأَنَّ هَذَا عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُجِيبُ عَلَى نَحْوِ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يُقَالُ لَهُ نَلْتَمِسُهَا فِي لَيْلَةِ كَذَا فَيَقُولُ الْتَمِسُوهَا فِي لَيْلَةِ كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَقْوَى الرِّوَايَاتِ عِنْدِي فِيهَا لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَانَ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَيَقُولُ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلَامَتِهَا فَعَدَدْنَا وَحَفِظْنَا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.

وعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي، فِي الْوِتْرِ مِنْهَا))[57].
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((تَحَيَّنُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ)) أَوْ قَالَ: ((فِي التِّسْعِ الأَوَاخِرِ))[58].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِى بَعْضُ أَهْلِى فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ)) وَقَالَ حَرْمَلَةُ: ((فَنَسِيتُهَا)) [59].
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ - عز وجل - عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ))[60].
رمضان شهر الصدقات والإيثار وزكاة الفطر: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ"[61].
أجر من فطر صائمًا: عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه -: عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ فَطَّرَ صَائِماً، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أُجْرِهِ لا يَنْقُصَ مِنْ أُجْرِهِ شَيءٌ))[62].
إخراج زكاة الفطر: عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ، وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ"[63].
وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ"[64].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((فَرَضَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَهً لِلْمَسَاكِيْنِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَهٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ))[65].
اعتكاف العشر الأواخر من رمضان:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ ازْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ"[66].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ[67].
وعن عَائِشَةُ -رضى الله عنها- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِى غَيْرِهِ[68].
وعنها - رضي الله عنها - قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ[69].
الإكثار من تلاوة كتاب الله - تعالى - لقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)[فاطر: 29-30].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ[70].
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَرْحَبًا بِابْنَتِي، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَيَّ: " إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ و، لَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي،... ))الحديث[71].
قال ابن رجب: وفي حديث فاطمة - رضي الله عنها - عن أبيها - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبرها: "أنّ جبريل - عليه السلام - كان يعارضه القرآن كل عام مرةً وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين" وفي حديث ابن عباس: "أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً" فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال - تعالى -: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)[المزمل: 6][72].
حال السلف الصالح مع القرآن في شهر رمضان:
حرص السلف - رحمهم الله - على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان كما بيد ذلك الإمام الذهبي في" أعلام النبلاء" فمن ذلك: كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ.


وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.
وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.
وكان زبيد اليامي: إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه.
كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه، قال أبي عوانة: شهدت قتادة يدرس القرآن في رمضان.
كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ. وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة.
كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة وقال القاسم بن علي يصف أباه ابن عساكر صاحب [تاريخ دمشق]: وكان مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة أو يختم في رمضان كل يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية وكان الإمام مالك بن انس لا يفتي ولا يدرس في رمضان ويقول هذا شهر القرآن وكان الإمام أحمد يغلق الكتب ويقول هذا شهر القرآن.
وقال ابن رجب الحنبلي: وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصًا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنام للزمان والمكان وهذا قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأمة وعليه يدل عمل غيرهم[73].
وقال ابنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -: ينبغي لقارئ القرآنِ أنْ يُعْرفَ بليلهِ إذا النَّاسُ يَنامُون، وبنَهَارِهِ إذا الناسُ يُفطِرُون، وببُكائِه إذا الناسُ يَضْحَكون، وبوَرَعِهِ إذا الناسُ يخلطون، وبِصَمْتِهِ إذا الناسُ يَخُوضون، وبِخشُوعِهِ إذا الناسُ يَخْتالُون، وبحْزْنِهِ إذا الناسُ يَفْرحون[74].
كثرة ذكر الله - تعالى -: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ)) قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ((ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))[75].
كثرة الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ)) قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟
فَقَالَ: ((مَا شِئْتَ)) قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)) قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)) قَالَ قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)) قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: ((إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ))[76].

كثرة الاستغفار:
عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ فَرُّوخَ؛ انَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي ادَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلاثِمَائَةِ مَفْصِلٍ. فَمَنْ كَبَّرَ اللَّه، وَحَمِدَ اللَّه، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبَّحَ اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ شَوْكَةً أوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلاثِمِائَةِ السُّلامَى فَإِنَّهُ يَمْشِى يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ. قَالَ أبُو تَوْبَةَ: وَرُبَّمَا قَالَ يُمْسِى))[77].

يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن بار - رحمه الله -: أيها المسلمون إنكم في شهر عظيم مبارك ألا وهو شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه - سبحانه - على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطايات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس بصيامه، وأخبر - عليه الصلاة والسلام - أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حًرم، فعظموه رحمكم الله بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والسيئات، واجتهدوا في التناصح بينكم، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى كل خير؛ لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم[78].
والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبيه وخير خلقه في الدنيا، ومن بعد الممات وعلى آله وصحبه الصالحين والصالحات.
_____________________________________________________
[1] البخاري(6307)، وأحمد(7780).
[2] أحمد(9806)، وابن ماجة(3815).
[3] البخاري(6309)، ومسلم(2747) واللفظ له.
[4] مسلم(2759)، وأحمد في "المسند"(19547).
[5] البخاري(615)، مسلم (437)، والنسائي(540، 671) وصححه الألباني. قال في القاموس: التهجير في الهاجرة، والتهجير في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه)) بمعنى التبكير إلى الصلوات، وهو المضي في أوائل وقتها، وليس من الهاجرة. أ. هـ ذكره الألباني في المشكاة (1/198) ط. المكتب الإسلامي.
[6] مسلم (440)، وأحمد(8409، 8629)، وأبو داود(678) والترمذي(224)، وابن ماجة (1000). [7] صحيح: رواه أحمد(17181) تعليق شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد منقطع خالد بن معدان إنما يرويه عن جبير بن نفير عن العرباض وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى أصحاب السنن، وابن ماجة(996)، وابن حبان(2159) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، وابن خزيمة(1558) قال الأعظمي: إسناده صحيح، والحاكم في" المستدرك"(788) وصححه الألباني في" صحيح الجامع" (4952)، و" صحيح الترغيب" (490). [8] صحيح: رواه أحمد(18541، 18669) وصححه شعيب الأرنؤوط، وأبو داود(664)، وابن ماجة(997) وصححه الألباني.
[9] البخاري (527، 7534)، ومسلم (85)، وأحمد (3973)، والترمذي(173، 1898)، والنسائي (611).
[10] مسلم(251)، وابن حبان(1038) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[11] البخاري (660، 1423)، مسلم (1031).
[12] البخاري (662)، مسلم (669).
[13] البخاري(614)، وأحمد(14859)، وأبو داود(529)، والترمذي(211)، وابن ماجة(722)، والنسائي(680).
[14] مسلم (384)، وأبو داود (523)، والنسائي (678).
[15] صحيح: أخرجه أبو يعلى، عن أنس - رضي الله عنه -، انظر " صحيح الجامع " (3405). [16] حسن: أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن أنس - رضي الله عنه -، انظر "صحيح الجامع " (3406).
[17] صحيح: أخرجه أحمد(12221)، وأبو داود(521)، الترمذي(212)، والنسائي، ابن حبان(1696) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، عن أنس - رضي الله عنه -، انظر "صحيح الجامع" (3408).
[18] صحيح: رواه أبو داود(524)، والنسائي، وابن حبان في " صحيحه"(1695)، وصححه الألباني. [19] مسلم(670).
[20] حسن: رواه الترمذي(586)وحسنه الألباني.
[21] حسن لغيره: رواه أحمد(22248)، و"صحيح الترغيب والترهيب"للألباني(466) وقال: حسن لغيره.
[22] صحيح: رواه الترمذي (414)، وابن ماجة(1140)، والنسائي (1794)، وصححه الألباني. [23] مسلم (730)، وأحمد(24065)، وأبو داود (1251).
[24] البخاري(1182)، وأبو داود (1253)، والنسائي(1758) وصححه الألباني.
[25] حسن: أخرجه الترمذي: (426)، وحسنه الألباني - رحمه الله - في " صحيح الجامع" (4759). [26] صحيح: أخرجه التِّرْمِذِيّ" (478)، وفي "الشمائل" (295) و"النَّسَائي" في "الكبرى"(331) وصححه الألباني.
[27] صحيح: رواه النسائي (1600) وصححه الألباني.
[28] مسلم (725).
[29] رواه أحمد(23956) تعليق شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين عبيد الله بن زيادة وبلال بن رباح، وما وقع في هذه الرواية من التصريح بالسماع بينهما فهو وهم، وأبو داود(1257)، وصححه الألباني - رحمه الله -.
[30] مسلم(723).
[31] مسلم(724).
[32] مسلم (881)، وأحمد(9697)، وأبو داود(1131)، والنسائي(1426)، وابن ماجة(1132).
[33] مسلم (882)، وأبو داود(1127)، والترمذي(521).
[34] صحيح: رواه أبو داود(1131) وصححه الألباني.
[35] صحيح: رواه أحمد(26807) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح، وأبو داود(1269)، والترمذي(428)، والنسائي(1812، 1815، 1816، 1817)، وابن ماجة(1160) وصححه الألباني في" صحيح الجامع" (6195)، و"صحيح الترغيب "(583)، و"مشكاة المصابيح "(1152).
[36] حسن: رواه الترمذي(429)، وقال: حديث حسن، وابن ماجة(1161) وحسنه الألباني.
[37] حسن: رواه أبو داود(1271)، والترمذي (430)، وقال: حديث حسن، وانظر" صحيح الجامع" (3493)، "صحيح أبي داود" (1154)، و" صحيح الترغيب" (586) للألباني.
[38] البخاري (1183)، وأحمد (20571) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو داود (1281).
[39] البخاري(625) ومسلم(837)، وأحمد(14015).
[40] البخاري(1148).
[41] البخاري (624، 627)، ومسلم (838).
[42] حسن: رواه الترمذي (586) وحسنه الألباني في " الصحيحة"(3403).
[43] البخاري (670).
[44] مسلم (719)، وأحمد(24682، 24933) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، والترمذي في "الشمائل " (274)، وابن ماجة (1381).
[45] البخاري(3171، 6158)، ومسلم(336) واللفظ له.
[46] مسلم (748)، وأحمد في "المسند"(19338، 19366) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده على شرط مسلم، والدارمي (1457).
[47] حسن: رواه الحاكم في " المستدرك " (1182) هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه بهذا اللفظ، وابن خزيمة (1224)، والحديث حسنه الألباني في " صحيح الجامع "(7628).
[48] حسن صحيح: أخرجه أبو يعلى (6559) قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح، والبزار، وابن حبان في"صحيحه"(2535) وقال الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب" (669): حسن صحيح. [49] حسن: أخرجه أحمد (22358) تعليق شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن رجاله ثقات غير إسماعيل بن عياش الحمصي فهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وأبو داود (558) وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(6556).
[50] مسلم (720)، وأحمد(21588) وأبو داود (1285، 1286، 5243).
[51] رواه مالك في " الموطأ " (1/153/ 30) وصحح إسناده الألباني في"مشكاة المصابيح" (1319). [52] البخاري(1178)، ومسلم (721)، وأحمد(7586) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح. [53] البخاري (1178، 1981)، ومسلم (721).
[54] رواه البخاري(1782)، ومسلم(1256)، والنسائي(2110) وصححه الألباني في" صحيح الجامع" (766).
[55] البخاري(1910)، ومسلم(760)واللفظ له.
[56] البخاري(2017)، ومسلم(1169)، والترمذي(792).
[57] مسلم(1165)، وأحمد (4547) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
[58] مسلم(1165).
[59] مسلم(1166)، وابن حبان في "صحيحه"(3678) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن خزيمة (2197).
[60] رواه أحمد(7148) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد رجاله رجال الشيخين وأبو قلابة روايته عن أبي هريرة مرسلة، والنسائي (2106) قال الشيخ الألباني: صحيح.
[61] البخاري(1803) واللفظ له، ومسلم(2308).
[62] صحيح: رواه الترمذي [807]، وابن ماجه [1746] وصححه الألباني في "صحيح الجامع" للألباني (6415).
[63] البخاري(1503) واللفظ له، ومسلم(984)، وأحمد(6214)، وأبو داود(1611).
[64] البخاري(1506)، ومسلم(985).
[65] حسن: أخرجه أبو داود (1609) و"ابن ماجة"(1827)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1427) وقال: إسناده حسن، و" صحيح الجامع" (3570)، وحسنه ابن قد امة والنووي. [66] البخاري(2026)، ومسلم(1172).
[67] البخاري(2025).
[68] مسلم(1175)، وأحمد(24572)، والترمذي(796).
[69] البخاري(2024)، ومسلم(1174)، وأبو داود(1376)، والنسائي(1639).
[70] البخاري(6)، ومسلم(2308).
[71] البخاري(3623-3624)، ومسلم(2450)، وأحمد(26456).
[72] "لطائف المعارف" (ص315).
[73] "لطائف المعارف" (ص/183).
[74] " منتدى مكتبة المسجد النبوي"لأ بو فريحان جمال بن فريحان نقلاً عن الدرر السنية. [75] صحيح: رواه أحمد في "المسند"(21750) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله رجال الصحيح غير أبي بحرية، والترمذي(3377)، وابن ماجة(3790) وصححه الألباني.
[76] حسن صحيح: أخرجه الترمذي(2457) وقال حديث حسن صحيح، والحاكم في "المستدرك" (3578) وصححه ووافقه الذهبي، "مشكاة المصابيح" (929)، و" فضل الصلاة على النبي" رقم(14). [77] مسلم (1007).
[78] الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة -ابن باز - رحمه الله -.

فضلاً للموضوع تكملة
كتبت : ~ عبير الزهور ~
-

قال - تعالى -: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)[فصلت: 46].
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ" قَالَ رِبْعِيٌّ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَدْ قَالَ: " أَوْ أَحَدُهُمَا))[1].
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذ بضبعي فأتيا بي جبلا فقالا لي: اصعد فقلت إني لا أطيق فقالا: إنا سنسهله لك فصعدت حتى كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذه هو عواء أهل النار ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما فقلت: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء يفطرون قبل تحلة صومهم))[2].
وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ))[3].
وعَنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[4].
وفي رواية: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[5].
ويقول العلامة ابن باز - رحمه الله -: واحذروا رحمكم الله كل ما يجرح الصوم، وينقص الأجر، ويغضب الرب - عز وجل -، من سائر المعاصي، كالربا، والزنا، والسرقة، وقتل النفس بغير حق، وأكل أموال اليتامى، وأنواع الظلم في النفس والمال والعرض، والغش في المعاملات، والخيانة للأمانات، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والشحناء، والتهاجر في غير حق الله - سبحانه -، وشرب المسكرات، وأنواع المخدرات كالقات، والدخان، والغيبة والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والدعاوى الباطلة، والأيمان الكاذبة، وحلق اللحى، وتقصيرها، وإطالة الشوارب، والتكبر، وإسبال الملابس، واستماع الأغاني وآلات الملاهي، وتبرج النساء، وعدم تسترهن من الرجال، والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب القصيرة، وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وهذه المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان، ولكنها في رمضان أشد تحريمًا، وأعظم إثمًا لفضل الزمان وحرمته. فاتقوا الله - أيها المسلمون -، واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله، واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره، وتواصوا بذلك، وتعاونوا عليه، وتآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، لتفوزوا بالكرامة والسعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة، والله المسئول أن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من أسباب غضبه وأن يتقبل منا جميعًا صيامنا وقيامنا، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين، وأن ينصر بهم دينه، ويخذل بهم أعداه، وأن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه، والحكم به والتحاكم إليه في كل شيء، إنه على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
___________________________________________________
[1] حسن صحيح: رواه أحمد في "المسند"(7444) تعليق شعيب الأرنؤوط: صحيح وهذا إسناد حسن، والترمذي(3545) قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
[2] رواه الحاكم في "المستدرك"(1568)، والنسائي في"الكبرى"(3286)، وابن حبان في "صحيحه" (7491)، وابن خزيمة في"صحيحه"(1986) قال الأعظمي: إسناده صحيح، وصححه الألباني في"صحيح الترغيب" (1005، 2393)، و"السلسلة الصحيحة"(3951).
[3] حسن صحيح: رواه أحمد(9683) تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن، وابن ماجة(1690)، قال الشيخ الألباني: حسن صحيح، والدارمي(2720)، وابن خزيمة(1997)، والحاكم في"المستدرك"(1571)
[4] البخاري(1397)، ومسلم(14).
[5] البخاري(3277) ومسلم(1079).
[6] الإملاءات " فضيلة الشيخ العلامة-ابن باز - رحمه الله -.
والحمد لله رب العالمين



كتبت : || (أفنان) l|
-


أختي الفاضلة
جزاك الله عنا خير الجزاء
بارك الله فيِك وأثابكِ ونفع بك ِ

ودام عطائكِ في كل خير

كـوٍني دآئمآً كـآلشٌمسٌ تبث نوٍرٍهآ فيٌ أًعٌينْنآ
أجٌمل آلأمنيآتٌ لكـِ ياقلبي
وٍدْيٌ قٌبْلٌ رٍدْيٌ مع تقييمي لكِ

الصفحات 1 2 

التالي

رمضان - ركاز الشهور والأيام

السابق

الأحكام المتعلقة بالهلال - الشيخ صالح اللحيدان

كلمات ذات علاقة
لأهل , الرحمن , الإيمان , رمضان , هبة