أيهما أعجب ؟

مجتمع رجيم / الأخبار المصورة
كتبت : عـبق التفـاؤل
-
تلك هي قصة يرويها صاحب شرطة المأمون ؛ قال صاحب الشرطة :كنت ذات يوم مع المأمون و جيئ بشخص مكبل ، قال لي خذ هذا إلى دارك و احضره صباحا لاقطع رأسه ، فأمرت الشرطة بنقله إلى داري ، و أمضيت بقية وقتي مع المأمون ثم انصرفت إلى داري لأنام ، و حين وصلت البيت قلت لأرى من يكون هذا الشخص ..و جئته و قلت من تكون أيها الرجل ؟ قال انا من الشام و أهلها خير ..فقلت أتعرف فلان ابن فلان ؟ ..قال و من أين تعرفه ؟ قلت لي معه قصة ..قال لا أخبرك عنه إلا اذا قصصت لي قصتك معه ..قلت كنت صاحب شرطة في الشام و حصلت ثورة فقتل الوالي و تدليت من الدار ..و حين وصلت الأرض فريت و التجأت الى دار شخص لا أعرفه ..فبقيت عنده اربعة شهور يقدم لي كل يوم طعاما شهيا وملابس نظيفة و أنا لا أعرفه و هو لا يعرفني .. ذات يوم قلت له أريد أهلي في العراق ، قال إن القافلة ستبحر بعد ثلاثة ايام و أنا أخبرك ..و بعد ثلاث أيام جاءني و قال هيئ نفسك فالقافلة على أهبة السفر ..بدأت أفكر كيف لي بالسفر و أنا لا أحمل مالا و لا نقيرا ..و بينما أنا أفكر جاءني و هو يحمل حزاما يسمى هميان و فيه سيف مدلى ، قال هذا الهميان فيه خمسمائة دينار هي مصرفك للطريق ، و هذا الحسام سلاح لك و هذه الفرس لتركبها و هذا الخادم لخدمتك و هذا البغل محمل من نفائس الشام هدية منا لاهلك ، و تلك والله منة و أنا أتعقب أثره لعلي أثيب بعض هذه المنة ..قال أنا هو
فأبصرت في وجهه فإذا هو بصاحبي فأرسلت إلى حداد كسر قيده و أدخلته الحمام و اغتسل و ألبسته ملابس نظيفة و قلت له هذه ألف دينار و هذه فرسي خذها و اذهب و دعني أصارع المأمون ..
قال والله لن أفعله ! قلت لماذا ؟ قال ذنبي عند المأمون عظيم و هو قاتلي لا محالة ..فإن ذهبت قتلك مكاني فلا أبرح !
و ألححت عليه فلم يفعل قلت إذا تبقى هنا و أنا أذهب الى المأمون ألتمسها فإن أجابني فبها و إلا أرسلت أليك ليقطع رأسك ، قال هذه قبلت بها
و ذهبت إلى البزاز و اشتريت منه كفنا و أبقيت الكفن معي إلى الصباح و الصباح صليت الصبح و جاءني رسول المأمون يطلب الرجل .. فأخذت الكفن و ذهبت ..جئت إلى المأمون وجدته يتمشى في حديقة الدار قال أين الرجل ؟ قلت اسمع مني يا أمير المؤمنين ..قال علي عهد الله إن قلت فر لقطعت رأسك مكانه ..قلت اسمع مني يا أمير المؤمنين و لك أن تفعل بعدها ما تشاء ..قال قل ..فقصصت قصتي من أولها إلى آخرها ..فلما سمع المأمون القصة بكى ! قال والله لا أعلم أيكما أكرم ..أهو الذي آواك و كرمك دون معرفة ؟ أم أنت الذي أردت أن تفتديه بروحك بعد المعرفة ؟ و أنا لا اريد أن أكون ألأمكما فقد عفوت عن الرجل أحضره ..
و الآن طمعت فيه قلت يا أمير المؤمنين ذلك لا يكفي .. قال بل ! ..قلت صله ..قال وصلناه بخمسين ألف درهم ..قلت ذلك لا يكفي ..قال لم ؟! قلت لأن ذنب الشخص كبير و هدايا الملوك على قدر ذنب الرعية فأجزل له العطاء ..قال وصلناه بمئة ألف و ولاية الشام و عفونا عنه احضره ..
فلما حضر الرجل قبل العفو و صفح عن المال و الولاية قال المال عندي ما يكفيني منه و الولاية يكفيني ما صرت إليه !